شعار الموقع

شرح التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية 10

00:00
00:00
تحميل
12

 

قال الشيخ الاسلام  بن تيمية -رحمه الله- في ( العقيدة الواسطية )

وقولُهُ تعالي :  {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}[الذاريات: 58]

 وقولُهُ: {إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}[النساء: 58]وقولُهُ {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا}[الكهف: 39]، وقولُهُ: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}[البقرة: 253] ، وقولُهُ: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ}[المائدة: 1]، وقولُهُ: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ}[الأنعام: 125].

 

(الشـرح)       وهذه الآيات فيها أثبات الأسماء والصفات التي وردت فيها، (إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرً) إثبات السمع والبصر، وأسماءُ الله مشتقة تضمن المعاني والصفات، هناك سميعاً إثبات صفة السمع، وصفة البصر، وكذلك (إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ) إثبات الإرادة، والإرادة نوعان: إرادة كونية قدرية وإرادة دينية شرعية، قوله: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)  متضمن صفة الرزق، نعم. فهذه الآيات كُلها فيها إثبات الأسماء والصفات لله عز وجل، وهي أسماء وصفات حقيقية، هذا كما يليق بجلاله وعظمته، خلافاً لأهل البدع الذين أولوا الصفات أو أنكروا الأسماء، المعتزلة أنكروا  الصفات، والجهمية أنكروا الأسماء والصفات، والأشاعرة أثبتوا الأسماء والصفات، وتأولوا الباقي، نعم.

(المتــن) قولـُه: (الرزاقُ): فعالٌ، من أبنية المبالغة، ومعناه الذي أعطى الخلائق أرزاقها وساقها إليهم، والرزقُ بالفتح: العطاءُ وبالكسر لغةً: الحظُ والنصيبُ، وشرعًا: "هو ما ينفعُ من حلال أو حرام".

(الشـرح)       يغني يُقال: فلان لهُ رزقٌ من بيت المال، يعني مرتب أو عطاء، أما الرِزقِ الحظ والنصيب، نعم.

(المتــن) وبالكسر لغةً: الحظُ والنصيبُ، وشرعًا: "هو ما ينفعُ من حلال أو حرام".

وينقسم الرزقُ إلى قسمين:

الأول: الرزقُ المطلقُ: وهو المستمرُ نفعُه في الدُنيا والآخرة، وهو رزقُ القلوب العلمُ والإيمانُ والرزقُ الحلالُ.

(الشـرح)       نعم. رزق القلوب العلم والإيمان، ورزق الأبدان الحلال، هذا الرزقُ الذي ينفع، نعم. والحرام يُسمى رزق، قد يرزق الله الأنسان حلالاً أو حراماً، فالذي يتعامل بالربا رزقهُ الله حراماً، فجعل مكسبه عن طريق الحرام، فهذا مُقدر، من الناس من لا يأكل إلا من حرام و من الناس من لا يأكل إلا حلال، هذا رزقه الله، وهذا رزقه الله، نعم.

العلم يُسمى رزق، علم القلوب، رزقه الله العم، علماً ورزقه مالاً حلالاً كل هذا يُسمى رزق، رزق قلوب يرزُقهُ الله علماً وتقاء، ورزق الأبدان يرزُقهُ الله مالاً حلالاً، نعم.

(المتــن) وينقسم الرزقُ إلى قسمين:

الأول: الرزقُ المطلقُ: وهو المستمرُ نفعُه في الدُنيا والآخرة، وهو رزقُ القلوب العلمُ والإيمانُ والرزقُ الحلالُ.

الثاني: مطلقُ الرزق: وهو الرزقُ العامُ لسائر الخليقة برها وفاجرها وبهائمها وغيرها، وهو سوقُ القوت لكل مخلوق، وهذا يكونُ من الحلال والحرام.

(الشـرح)       الله -تعالى- قدر لكل مخلوقٍ قوت يتقوت به، سواء أن كان من حلال أو من حرام، هذا الرزق العام، لكن المؤمن وفقه الله وجعل رزقه حلال، وغير المؤمن العاصي قد يسر الله له رزقاً حراماً فيكون هو الذي تسبب بسبب عدم تقواه، أو عدم إيمانه لا يُبالي، نعم.

س:++++

ج: المعتزلة هي التي تقول: أعمال الإنسان، حتى أفعال الأنسان كلها مخلوقة له، وليست مخلوقة لله، جميع أفعاله وليس خاص بالرزق، المعتزلة تقول: أفعال الإنسان مخلوقةُ له، حتى إذا عُذب عليها يكون عُذب على فعله، إذا قالوا: إن الله خلق الأفعال وعُذب عليها صار ظالماً ففروا من ذلك وقالوا: إن العبد هو الذي يخلق فعل نفسه، ومن ذلك الرزق، ومن ذلك ما يكسبه من الحرام يكون هذا فعله بنفسه، فالحرام يقول: ليس من رزق الله وإنما هو من كسب الإنسان وفعله، كما أن المعاصي التي يفعلها لم يُقدرها الله، نعم.

(المتــن) قولـُه: (ذُو القُوة): أي صاحبُ القوة التامة الذي لا يعتريه ضعفٌ، وهو بمعنى العزيز. انتهى. والقوةُ من صفات الذات، وهو بمعنى القدرة، لم يزل -سُبحانهُ- ذا قوة وقدرة، والمعنى في وصفه بالقوة أنه القادرُ البليغُ الاقتدار على كل شيء. انتهى. من ((الفتح)).

قولُه: (المتينُ): أي الذي له كمالُ القوة، قال البيهقيُ: القويُ: التامُ القدرة لا يُنسبُ إليه عجزٌ في حال من الأحوال. انتهى. فهذه الآيةُ فيها إثباتُ صفة الرزق، وهي من الصفات الفعلية، وفيها إثباتُ صفة القوة، وهي من الصفات الذاتية.

قوله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ردٌ على المشبهة، وهُو السميعُ البصيرُ): هذه الآيةُ قد تقدم الكلامُ عليها.

(الشـرح)       الرزاق أسم، والرزق صفة، نعم. تقدم الرد في قوله: رد على المعطلة ورد على المشبهة ، نعم.

 

قوله: (نعما يعظُكُم به): نعم من ألفاظ المدح و ((ما)) قيل نكرةٌ موصوفةٌ، كأنه قيل: نعم شيئًا يعظُكم به، أو موصولةٌ، أي نعم الشيءُ الذي يعظُكُم به.

قولُه: (يعظُكُم): أي يأمُركُم به من أداء الأمانات، والحُكم بين الناس بالعدل.

قولُه: (إن الله كان سميعًا بصيرًا): أي إنه -سُبحانهُ- سميعٌ لما تقولون، وبصيرٌ بما تفعلون، فهذه الآيةُ وما قبلها من الآيات تدلُ على إثبات السمع والبصر لله حقيقةً، كما يليقُ بجلال الله وعظمته، وفيه دليلٌ على أن صفة السمع غيرُ صفة البصر، إذ العطفُ يقتضي المغايرة، فالصفاتُ بالنظر إلى الذات مترادفةٌ.

(الشـرح)       نعم الصفات بالنظر إلى ذات الرب مترادفة لأن كُلها تدُل على الذات، وبالنظر إلى معناها مختلفة، فكل صفة لها معنى، نعم.

(المتــن) فالصفاتُ بالنظر إلى الذات مترادفةٌ، لأنها كلها صفاتٌ لذات واحدة، وبالنظر إلى الصفات متباينةٌ لأن كل صفة غيرُ الصفة الأخرى، فالسمعُ غيرُ البصر، وكذلك العلمُ وهلُم جرا.

عن أبي هريرة رضي اللهُ عنهُ أنه سمع النبي -صلى اللهُ عليه وسلم- يقرأُ هذه الآية ويضعُ إبهامهُ على أُذُنه والتي تليها علي عينه.

 

يضع أبهامه على أذنه هكذا..، وهي من باب تحقيق الصفة ، لإثبات أن الصفة محققة، ليس مراد التشبيه، نعم.

 

أنه سمع النبي -صلى اللهُ عليه وسلم- يقرأُ هذه الآية ويضعُ إبهامهُ على أُذُنه والتي تليها على عينه ويقُولُ: هكذا سمعتُ رسول الله -صلى اللهُ عليه وسلم- يقرؤُها ويضعُ إصبعيه، رواهُ أبو داود، وابنُ حبان في صحيحه، والحاكمُ في مستدركه. وعملُ النبي -صلى اللهُ عليه وسلم- هذا دليلٌ على إثبات هاتين الصفتين، وأنهما غيرُ صفة العلم، وإلا لأشار إلى صدره.

(الشـرح)       نعم. يعني: فيه رد على ممن قال أن السمع والبصر بمعنى العلم، لو ما كان بمعنى ما أشار إلى صدره، فلما أشار إلى صدره دل على أنهما صفتان غير صفة العلم، والمراد تحقيق الصفة وليس المراد التشبيه، نعم.

(المتــن) ووضعُه إبهاميه تحقيقًا لصفة السمع والبصر، وأنهما حقيقةٌ لا مجازٌ، خلافًا لأهل البدع.

قولـُه: (ولولا): أي وهلا، قولُه: (إذ دخلت جنتك) أي هلا قلت حين دخلت بُستانـك. قولُه: (ما شاء اللهُ): ((ما)) موصولةٌ، أي: الأمرُ ما شاء اللهُ إقرارًا بمشيئته، أي أنه إن شاء أبقاها، وإن شاء أفناها، واعترافًا بالعجز وأن القدرة لله سُبحانهُ.

قال بعضُ السلف: من أعجبهُ شيءٌ فليقل: ما شاء اللهُ لا قوة إلا بالله، وفي هذه الآية وصفُه -سُبحانهُ- بالقوة وإثباتُ المشيئة له الشاملة العامة، فما وقع من شيء فقد شاءه وأرادهُ، لا راد لأمره ولا مُعقب لحُكمه.

قولُه: (ولو شاء اللهُ ما اقتتلُوا ولكن الله يفعلُ ما يُريدُ): أي لو شاء -سُبحانهُ- عدم اقتتالهم لم يقتتلوا، إذ لا يجري في مُلكه إلا ما شاء سُبحانهُ، فهذه الآيةُ فيها إثباتُ المشيئة لله -سُبحانهُ- وتعالى، وأن ما شاءه لا بُد من وقوعه، فكلُ ما وجد فهو بمشيئته -سُبحانهُ- لا راد لأمره ولا مُعقب لحكمه، وهذا يُبطلُ قول المعتزلة، لأنه أخبر أنه لو شاء الا يقتتلوا لم يقتتلوا، وهم يقولون شاء ألا يقتتلوا فاقتتلوا.

(الشـرح)       لأنهم يرون أن أفعال العباد مخلوقةٌ له وليست مخلوقة لله، المعتزلة يقولون الله شاء أن لا يقتتلوا ولكنهم اقتتلوا، فوقعت مشيئتهم ولم تقع مشيئة الله، فقالوا: الله أراد من العبد الطاعة والعبد أراد المعصية، فوقعت أرادة العبد ولم تقع إرادة الله، نعم.

(المتــن) والأدلةُ على بُطلان قول المعتزلة كثيرةٌ جدًا، ومن أضلُ سبيلاً وأكفرُ ممن يزعمُ أن الله شاء الإيمان من الكافر، والكافر شاء الكُفر، فغلبت مشيئةُ الكافر مشيئة الله.

(الشـرح)       وكذلك العاصي، شاء الله المعصية للعبد فوقعت مشيئة العاصي ولم تقع مشيئة الله، نعم.

(المتــن) (تعالى اللهُ عن قولهم) وفيها إثباتُ الفعل حقيقةً لله، كما يليقُ بجلاله، وأن القدرة عليه صفةُ كمال، وأنه -سُبحانهُ- لم يزل فعالاً لما يريدُ ولم يزل ولا يزالُ موصوفًا بصفات الكمال، والفعلُ من لوازم الحياة، والربُ لم يزل حيًا فلم يزل فعالاً، وأفعالُه -سُبحانهُ- كصفاته قائمةٌ به، ولولا ذلك لم يكن فعالاً ولا موصوفًا بصفات الكمال، فأفعالُه -سُبحانهُ- نوعان: لازمةٌ، ومتعديةٌ كما دلت على ذلك النُصوصُ التي لا تُحصى وهي أفعالٌ حقيقةً وليست مجازًا، وليست كأفعال خلقه، فصفاتُه تليقُ به سُبحانهُ، انتهى. من كلام شيخ الإسلام باختصار.

(الشـرح)       نعم، فالاستواء على العرش هذه أفعالٌ لازمة، والرزق والخلق والإحياء والإماتة أفعالٌ متعدية، فالاستواء أفعالٌ لازمة، من النزول والرزق والإحياء والإماتة أفعالٌ متعدية لها أثر، نعم.

(المتــن) قال ابنُ القيم رحمهُ اللهُ: قولُه: (فعالٌ لما يُريدُ): دليلٌ على أمور. أحدها: أنه -سُبحانهُ- يفعلُ بإرادته ومشيئته. الثاني: أنه لم يزل كذلك، لأنه ساق ذلك في معرض المدح والثناء على نفسه، وأن ذلك من كماله، فلا يجوزُ في وقت من الأوقات أن يكون عادمًا لهذا الكمال، وما كان من أوصاف كماله ونعوت جلاله لم يكن حادثًا بعد أن لم يكن. الثالث: أنه إذا أراد شيئًا فعلهُ، فإن ((ما)) موصولةٌ عامةٌ، أي يفعلُ كل ما يريدُ أن يفعله، وهذا في إرادته المتعلقة بفعله، وأما إرادتُه المتعلقةُ بفعل العبد فلها شأنٌ آخرُ، فإن هنا إرادتين: إرادة أن يفعل العبدُ، وإرادة أن يجعلهُ الربُ فاعلاً، وليستا مُتلازمتين، وإن لزم من الثانية الأولى من غير عكس.

(الشـرح)       إذا أراد الله من العبد أن يفعل لابد أن يفعلها، والثاني لا، إذا أراد الله من العبد أن يفعل ولا يُريد له أن يفعل لا تحصل الإرادة، فالإرادة إرادة الله للعبد أن يفعل، والثاني إرادة الله أن يجعله فاعلاً، فإذا أراد الله أن يجعله فاعلاً لابد أن تقع إرادة العبد، وإذا لم يرد الله أن يجعله فعلاً فلا تقع إرادة العبد، قد يُريد العبد شيئاً ولا تقع إرادته، نعم.

(المتــن) الرابع: أن إرادته وفعله متلازمتان، فما أراد أن يفعلهُ فعله، وما فعله فقد أرادهُ، بخلاف المخلوق.

(الشـرح)       نعم. إذا أراد شيئاً فعله، وإذا فعل شيئاً فقد أراده، أما المخلوق فقد يفعل شيئاً وهو لا يُريدُه، وقد يُريدُ شيئاً وهو لا يفعله، نعم.

(المتــن) فما ثم فعالٌ لما يريدُ إلا اللهُ.

الخامس: إثباتُ إرادات متعددة بحسب الأفعال، وأن كل فعل له إرادةٌ تخُصُه، هذا هو المعقولُ في الفطر.

السادس: أن كل ما صلح أن تتعلق به إرادتُه جاز فعلُه.

قولـُه: (أُحلت) أي أُبيحت.

قولُه: (بهيمةُ الأنعام): أي الإبلُ والبقرُ والغنمُ سُميت بهيمةً؛ لأنها لا تتكلمُ وأما النعمُ فهي الإبلُ خاصةً.

قولُه: (إلا ما يُتلى عليكُم): أي إلا ما يُتلى عليكم تحريمُه في قوله سُبحانهُ: (حُرمت عليكُمُ الميتةُ والدمُ ولحمُ الخنزير) الآية.

قولُه: ((غير مُحلي الصيد وأنتُم حُرُمٌ): غير نصبٌ على الحال، ومعنى الآية: أُحلت لكم بهيمةُ الأنعام كلُها إلا ما كان منها وحشيًا، فإنه صيدٌ لا يحلُ لكم في حال الإحرام.

قولُه: (إن الله يحكُمُ ما يُريدُ): أي يحكُمُ ما يريدُ من التحليل والتحريم، لا اعتراض عليه، فهو الحكمُ -سُبحانهُ- الحكيمُ لا حاكم غيرُهُ، فكلُ حُكم سوى حكمه فهو باطلٌ ومردودٌ، وكلُ حاكم بغير حُكمه وحُكم رسوله فهو طاغوتٌ كافرٌ بالله، قال تعالى: (ومن لم يحكُم بما أنزل اللهُ فأُولـئك هُمُ الكافرُون) وهذا عامٌ شاملٌ فما من قضية إلا ولله فيها حُكمٌ: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) ولا شك أن من أعرض عن كتاب الله وسُنة رسوله واعتاض عنها بالقوانين الوضعية أنه كافرٌ بالله.

(المتــن) وكذلك من زعم أنه يسعُهُ الخروجُ عن شريعة محمد -صلى اللهُ عليه وسلم- كما وسع الخضر الخروجُ عن شريعة موسى، أو زعم أن هدي غير محمد أفضلُ من هديه -صلى اللهُ عليه وسلم- أو أحسنُ، أو زعم أنه لا يسعُ الناس في مثل هذه العصور إلا الخروجُ عن الشريعة وأنها كانت كافيةً في الزمان الأول فقط، وأما في هذه الأزمنة فالشريعةُ لا تُسايرُ الزمن ولا بُد من تنظيم قوانين بما يناسبُ الزمن، لا شك إن اعتقد هذا الاعتقاد أنه قد استهان بكتاب الله وسُنة رسوله، وتنقصهما فلا شك في كُفره وخروجه عن الدين، وكذلك من زعم أنه محتاجٌ للشريعة في علم الظاهر دون علم الباطن، أو في علم الشريعة دون علم الحقيقة، أو أن الإنسان حُرٌ في التديُن في أي دين شاء من يهودية أو نصرانية أو غير ذلك، أو أن هذه الشرائع غيرُ منسوخة بدين محمد، أو استهان بدين الإسلام أو تنقصهُ أو هزل به أو بشيء من شرائعه أو بمن جاء به، وكذلك ألحق بعضُ العُلماء الاستهانة بحملته لأجل حمله، فهذه الأمورُ كلُها كفرٌ، قال تعالى: (قُل أبالله وآياته ورسُوله كُنتُم تستهزءُون * لا تعتذرُوا قد كفرتُم بعد إيمانكُم) الآية.

 

 

 

                                                      

 

 

 

 

 

 

 

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد