(المتــن) وقولـُه: (وهُو الغفُورُ الرحيمُ)، وقولُه: (فاللهُ خيرٌ حافظًا وهُو أرحمُ الراحمين): أي أن حفظه -سُبحانهُ وتعالى- خيرٌ من حفظكُم، فمن توكل عليه -سُبحانهُ وتعالى- وفوض أمره إليه كفاهُ، ووقاه، وحفظه وحماهُ، فلا سبيل لأحد عليه ولا قدرة لأحد أن يصل إليه بما يُؤذيه.
ومن أسمائه -سُبحانهُ وتعالى- الحفيظُ وهو نوعان: أحدُهما: حفظُه على عباده جميع ما عملُوا من خير وشر وطاعة ومعصية. والثاني: أنه الحافظُ لعباده من جميع ما يكرهون، وهذا نوعان: أحدُهما: عامٌ. والثاني: خاصٌ.
فالأولُ: حفظُه لجميع المخلوقات بتيسير ما يقيتُها ونحو ذلك.
الثاني: حفظٌ خاصٌ، وهو حفظُه لأوليائه سوى ما تقدم عما يُزلزلُ إيمانهم، ويُضعفُ يقينهُم, وحفظُهم عما يضُرُهم في دينهم ودُنياهم. انتهى. من كلام ابن رجب.
(الشـرح) نعم. الحفيظ هذا نوعان: حفيظ بمعنى أنهُ يحفظ أعمل عباده من خير أو شر، ويعلمُها، وكتبها في اللوح المحفوظ، ووكل الملائكة الكرام بالكتابة، والثاني: حفيظ بمعنى حافظ، يحفظهم سبحانه وتعالى، وهو نوعان:
حفظٌ عام: بمعنى أنهُ يحفظهم سبحانه وتعالى، بما يقيم أجسادهم، تيسير رزقهم وطعامهم وشرابهم وهذا عام للمؤمن والكافر.
والثاني: حفظٌ خاص بالمؤمن وهو حفظه عن ما يُضعف إيمانه، ويُزلزل إيمانه من الشبهات والشهوات، وبعضُها أشدُ من الشرك والكُفر، فالمؤمن بنعمة دينية خاصة، كما قال الله تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ}[الحجرات: 7]، فالمؤمن لهُ نعمةٌ دينية خاصةٌ بها المؤمن والكافر، فهو سبحانه وتعالى حافظ العباد جميعاً مؤمن وكافر بتيسير أرزاقهم، وما يحفظُ حياتهم إلى وقت أجالهم، والثاني: حفظٌ خاصٌ بالمؤمنين عن المعاصي والشبهات والشهوات، نعم.
(المتــن) أفادت هذه الآيةُ كغيرها إثبات صفة الرحمة، وأنها أكملُ رحمةً، وأنها حقيقةٌ لا مجازٌ، وهذا عكسُ ما عليه الجهميةُ وأضرابُهُم الذين نفوا رحمته -سُبحانهُ-، وزعمُوا أنها مجازٌ، وأن رحمة المخلوق حقيقةٌ، ولا شك أن هذا من أعظم الإلحاد في أسماء الله وصفاته، فإن الله -سُبحانهُ وتعالى- أثبت لنفسه هذه الصفات ووصف نفسهُ بها، كما وصف بعض خلقه بهذه الصفات، ولكن ليست رحمتُه -سُبحانهُ وتعالى- كرحمة المخلوق، ولا سمعه، ولا بصره، فإن الله -سُبحانهُ وتعالى- ليس كمثله شيءٌ، فاتفاقُ الاسمين لا يقضي باتحاد المُسمى، فإنه -سُبحانهُ وتعالى- وصف نفسه بهذه الصفات ووصف بها بعض خلقه فأثبت -سُبحانهُ- الاسم ونفى المُماثلة، فقال: (ليس كمثله شيءٌ وهُو السميعُ البصيرُ).
(الشـرح) وهذا عام في جميع الصفات، ومنها الرحمة الله تعالى لهُ رحمة والمخلوق لهُ رحمة، والله تعالى ليس كأحد من خلقه له سمع وبصر ورحمة، ولكن ليست كصفات المخلوقين، في جميع الصفات سبحانه وتعالى وأسمائه، (...) فلا تضربوا له الامثال نعم.
(المتــن) قال ابنُ القيم رحمه اللهُ: وفي هذا أظهرُ دليل على أن أسماء الرب مُشتقةٌ من أوصاف ومعان قامت به، وأن كل اسم يناسبُ ما ذُكر معه واقترن به من فعله وأمره. انتهى.
(الشـرح) نعم. أسماء الله مشتقة وليست جامدة كما يقول أهل البدع، الرحمان مشتمل على صفة الرحمة، والعليم، صفة العلم، والقدير صفة القدرة والله صفة الألوهية، خلافاً المعتزلة يقولون: بأن الأسماء جامدة ليس لها معاني ولا صفات، أنكروا الصفات، نعم.
(المتــن) فهذه الآياتُ أفادت إثبات صفة الرحمة، وأنها حقيقةٌ لا مجازٌ، كما أفادت أن الرحمة المضافة إليه -سُبحانهُ وتعالى- تنقسمُ إلى قسمين: قسم يُضافُ إليه -سُبحانهُ وتعالى- من إضافة الصفة إلى الموصوف، كما قال سُبحانهُ: (ورحمتي وسعت كُل شيء) وكما في الحديث: ((برحمتك أستغيثُ)). والثاني: يُضافُ إليه -سُبحانهُ وتعالى- من باب إضافة المخلوق إلى خالقه، وهي الرحمةُ المخلُوقةُ كما في الحديث ((إن الله خلق مائة رحمة)) والحديثُ الآخرُ أنه قال -سُبحانهُ وتعالى- للجنة ((أنت رحمتي أرحمُ بك من أشاءُ)).
(الشـرح) يعني رحمتي المخلوقة، أنت رحمتي : الرحمة تُضاف إلى الله، إضافة الصفة إلى الموصوف كصفةٍ من الصفات، والثاني تُضاف إليه إضافة المخلوق إلى الخالق، الرحمان مخلوقة، كالأرض أرض الله، وسماء الله، رحمة الله مخلوقة، نعم.
(المتــن) قولـُه تعالي: (رضي اللهُ عنهُم ورضُوا عنهُ) لمـا ذكر أعمالهم الصـالحة ذكر أنه أثابهُم عليها رضاهُ الذي هو أعظمُ وأجلُ من كل نعيم.
(الشـرح) أقرأ المتن
(المتــن) وقولُه سُبحانهُ وتعالى: ( رضي اللهُ عنهُم ورضُوا عنهُ ) وقولُه سبحانه وتعالى: ( ومن يقتُل مُؤمنا مُتعمدا فجزاؤُهُ جهنمُ خالدا فيها وغضب اللهُ عليه ولعنهُ وأعد لهُ عذابا عظيما )، وقولُه سُبحانهُ وتعالى:(ذلك بأنهُمُ اتبعُوا ما أسخط الله وكرهُوا رضوانهُ)،وقولُهُ تعالى:(فلما آسفُونا انتقمنا منهُم)، وقولُهُ تعالي: ( ولكن كره اللهُ انبعاثهُم فثبطهُم). وقوله : (كبر مقتا عند الله ان تقولو ما لا تفعلون). وقوله تعالي: ( هل ينظرون الا ان يأتيهم الله
قال تعالى: (ورضوان من الله أكبرُ).
أفادت هذه الآيةُ إثبات صفة الرضا لله -سُبحانهُ وتعالى- كما يليقُ بجلاله، ولا يقالُ: الرضا إرادةُ الإحسان, والغضبُ إرادةُ الانتقام، كما تزعمُهُ المبتدعةُ.
(الشـرح) يعني كما تقول بها لأشاعرة، الأشاعرة تقول: الرضا إرادة الإحسان، والغضب إرادة الانتقام، فسروه بالإرادة، (...) صفة آخرى، لأنهم لا يريدون إثبات الصفات، يريدون نفي الصفات إلا الصفات السبع، وأحيانا يُفسرون الرضا بالثواب والغضب بالانتقام، يُفسرونه بالأثر، أثر الصفة، والثواب أثر الرضا وليس هو الرضا، والانتقام أثر الغضب وليس هو الغضب، نعم.
(المتــن) فإن هذا نفي للصفة وصرف للقرآن عن ظاهره وحقيقته، بغير مُوجب، وهذا لا يجوزُ. وفي هذه الآية دليل على إثبات أفعال الله الاختيارية وأدلةُ ذلك من الكتاب والسُنـة لا تُحصرُ.
(الشـرح) نعم. صرفٌ للقرآن عن ظاهره وحقيقته، بغير موجبٍ، الصفة الاختيارية كالرضا والغضب والنزول والكلام، نعم.
(المتــن) وفيها دليل على إثبات فعل العبد وأن له فعلا اختياريا، وفيها دليل على أن الجزاء من جنس العمل، وفيها فضلُ الرضا عن الله، والرضا لغة: ضدُ السخط والكراهة، وقال بعضُهُم: هو سُكونُ القلب تحت مجاري الأحكام، قال في ((فتح المجيد)): هو أن يُسلم العبدُ أمره إلى الله ويُحسن الظن به ويرضى عنه في ثوابه.
قال ابنُ القيم رحمه اللهُ: الرضا ينقسمُ إلى ثلاثة أقسام: الرضا بالله، والرضا عن الله، والرضا بقضاء الله، فالرضا بالله فرض، والرضا عنه وإن كان من أجل الأمور وأشرفها فلم يُطالب به العُمومُ لعجزهم عنه ومشقـتهُ عليهم، وأوجبهُ بعضُهم، وأما الرضا بكل مقضي فلا يجبُ، بل المقضيُ ينقسمُ إلى ما يجبُ الرضا به، وهو المقضيُ الدينيُ، قال تعالى: (فلا وربك لا يُؤمنُون حتى يُحكمُوك فيما شجر بينهُم) الآية، ومقضي كوني قدري، فإن كان فقرا أو مرضا ونحو ذلك استُحب الرضا به ولم يجب، وأوجبه بعضُهم، وإن كان كُفرا أو معصية حُرم الرضا به مخالفة لربه، فإنه -سُبحانهُ- لا يرضى بذلك ولا يُحبُهُ، قال تعالى: (ولا يرضى لعباده الكُفر) الآية، وأما القضاءُ الذي هو صفةُ الله وفعلُه فالرضا به واجب. انتهى بتصرُف.
وقال الشيخُ تقيُ الدين بنُ تيمية في ((تائيته)):
فنرضى من الوجه الذي هُو |
|
ونسخطُ من وجه اكتساب
|
وقال السفارينيُ في ((الدُرة المُضيئة)):
وليس واجبا على العبد الرضا |
|
بكُل مقضي ولكن بالقضاء
|
(الشـرح) القضاء يُرضى به، ليس الواجب أن يرضى بكل مقضي ولكن بالقضاء، القضاء فعل الله هذا نرضى به، أما المقضي منهم من يرضى به كالإيمان وتوفيقه للطاعة، ومنهم ما لا يُرضى به كالكُفر والمعاصي، هذا قال: مقضي، القضاء فعل الله، والمقضي المخلوق المنفصل، والمخلوق المنفصل نوعان: منهم ما يُرضى به ومنهم مالا يُرضى به، المقضي إذا كان طاعة فإنهُ يُرضى به، والمقضي إذا كان المقضي معصية وكفر فلا يُرضى به، أما القضاء الذي هو فعله هذا يُرضى به على كل حال، فرق بين القضاء والمقضي، القضاء فعل الله الواجب والمقضي المخلوق المنفصل، نعم.
(المتــن) قولُه تعالي: (ومن يقتُل مُؤمنا): احترز بذلك عن قتل الكافر (مُتعمدا) العمدُ لغة: القصدُ. وشرعا: أن يقصد من يعلمُه آدميا معصُوما فيقتُله بما يغلبُ على الظن موتُه به.
(الشـرح) هذه الآيات فيه إثبات صفاته الجلية، صفات الرضا والغضب {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ}[النساء: 93]، أقرأ الآيات من المتن، نعم.
(المتــن) قال سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}[النساء: 93]
وقولُه سُبحانهُ وتعالى:(ذلك بأنهُمُ اتبعُوا ما أسخط الله وكرهُوا رضوانهُ)،وقولُهُ تعالى:(فلما آسفُونا انتقمنا منهُم).
وقولُهُ تعالي : ( ولكن كره اللهُ انبعاثهُم فثبطهُم) وقولُهُ تعالي : ) كبـُر مقتا عند الله أن تقولُوا ما لا تفعلُون (
(الشـرح) نعم. هذه الآيات فيها إثبات الصفات الاختيارية، إثبات الغضب إثبات الكراهة، {كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ}[التوبة: 46]، إثبات الآسى {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ}[الزخرف: 55]، إثبات المقت {لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ}[غافر: 10]، نعم. فيه الرد على من أنكروا الصفات من الاشاعرة والمعتزلة والجهمية وغيرهم، نعم.
(المتــن) واحترز بقوله متعمدا عن قتل الخطأ.
وقولُه: (فجزاؤُهُ): أي عقابُه. قولُه: (جهنمُ): علم على طبقة من طبقات النار.
(الشـرح) النار طبقات ودرجات، فيه درجات تُسمى الحُطمى، ودرجات تُسمى جهنم -نعوذ بالله-، نعم.
(المتــن) قولُه: (خالدا فيها): أي مُقيما، والخلودُ: هو المُكثُ الطويلُ، قولُه: (ولعنهُ) أي طردهُ عن رحمته، فاللعنُ هو الطردُ والإبعادُ عن رحمة الله.
قولُه: (وأعد لهُ عذابا عظيما): أي هيأ له ذلك لعظيم ذنبه.
في هذه الآية الوعيدُ الشديدُ لمن تعاطى هذا الذنب العظيم.
(الشـرح) وهو القتل بغير الحق متعمدا، هذا الوعيد {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}[النساء: 93]، نعم. هيأ لهُ هذا لعظيم ذنبه، نعم.
(المتــن) ويُروى عن ابن عباس- رضي الله عنه -أنه قال: قاتلُ المُؤمن مُتعمدا لا تُقبلُ له توبة، ويقولُ: هذه الآيةُ من آخر ما نزل ولم ينسخها شيء، وممن ذهب إلى قوله: زيدُ بنُ ثابت، وأبو هريرة، وأبو سلمة بنُ عبد الرحمن، وعبيدُ بنُ عمير، والحسنُ، وقتادةُ، والضحاكُ، نقله ابنُ أبي حاتم، والذي عليه الجمهورُ سلفا وخلفا: أن القاتل له توبة فيما بينه وبين الله، فإن تاب وأناب وعمل صالحا بدل اللهُ سيئاته حسنات وعوض المقتُول عن ظلامته، قال تعالى: (قُل يا عبادي الذين أسرفُوا على أنفُسهم لا تقنطُوا من رحمة الله إن الله يغفرُ الذُنُوب جميعا )
(الشـرح) نعم. هذا هو الصواب، ابن عباس روي عنه أنه قال: أن القاتل لا توبة له، يقول: لا توبة له هذا أخر ما نزل، ومعنى لا توبة له أنه لابد أن يُعذب ولكن لا يُخلد خلود الكفار، يُعذب ثم يُخرج، والقول الثاني:انه لهُ توبة، من تاب تاب الله عليه، وهو الذي عليه الجماهير، وروي عن بن عباس أنهُ رجع عن هذا القول، لقول الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر: 53]
، هذه الآيات للتائبين، لأن الله عمم وأطلق، بخلاف قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء: 48]، هذه في غير التائبين، إن الله خص وعلق، خص الشرك بأنه لا يُغفر، وعلق ما دونه بالمشيئة، دل على أنهُ في غير التائبين، أما آية الزمر فقد عمم الله وأطلق، دل على أنه للتائبين، وهذا هو الصواب، أن كل ذنب، من تاب قبل الموت تاب الله عليه إذا وجدت شروط التوبة، وقد عرض الله التوبة على (...) النصارى الذين قالوا: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ 73 أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المائدة: 74]، والشرك أعظم من القتل، فإذا تاب القاتل.. لكن لابد للقاتلان ان (...) لثلاث حقوق،لابد من أداء الحقوق الثلاثة.
الحق الأول: يُسلم نفسه لأولياء القتيل لأن لهم حق، فإذا سلم نفسه فهم مُخيرون بين واحد من الأمور، إما أن يقتصوا منه بالقتل، أو يصفح عنه بالدية، أو يصفح عنه مجاني، فإذا سلم نفسه وأصطلح معهم على واحدة من الأمور سقط حقه.
الحق الثاني: حق الله: فإذا تاب فيما بينه وبين الله توبةً نصوح، ندم على ما مضى وأقلع وعزم على أن لا يعود سقط حق الله.
بقي حق القتيل، فالقتيل يرُجيه إلى يوم القيامة، إما يُعطيه من الثواب والحسنات فيسمحه، فإذا أتى بهذه الحقوق فإن التوبة مقبولة و صحيحة فيما بينه وبين الله، نعم.
(المتــن) وهذا عام في جميع الذنوب، وقوله تعالى: (إن الله لا يغفرُ أن يُشرك به ويغفرُ ما دُون ذلك لمن يشاءُ ) الآية، وهذه الآيةُ عامة في جميع الذُنوب، عدا الشرك بالله، إلى غير ذلك من الأدلة، وما يُروى عن ابن عباس وغيره فهو مبالغة وتشديد في بالزجر عن القتل.
(الشـرح) وروي عنه أنه رجع عن هذا القول، روي عن بن عباس أنهُ رجع عن قول الجمهور، نعم. مثل من قتل غيره، من قتل نفسًا بشيء عُذب به يوم القيامة، في الحديث ((من قتل نفسهُ بحديدة فحديدتُهُ في يده يتوجأُ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا فيها أبدًا، ومن شرب سمًا فقتل نفسهُ فهُو يتحساهُ في نار جهنم خالدًا مُخلدًا فيها أبدًا، ومن تردى من جبل فقتل نفسهُ فهُو يتردى في نار جهنم خالدًا مُخلدًا فيها أبدً)) هذا من باب الوعيد، عليه بالوعيد الشديد مثل قاتل غيره، الإنسان لا يملك نفسه كثيرا من كبائر الذنوب إذا لم يستحل أما إذا استحل قتل نفسه وقتل غيره فهذا يكون +، مثل: من استحل الزنا أو استحل الربا حلال أو الزنا حلال أو قتل النفس حلال أو القتل غير حلال، هذا ردة، أما إذا يعلم أن قتل النفس حرام ولكن غلبه الهوى، غلبه عدم الصبر وعدم التحمل فقتل نفسه أو قتل غيره، ضعف من الشيطان، ويعلم أنهُ حرام هذا عاصي، ضعيف الأيمان مرتكب لكبيرة على الصحيح ليس بكافر، هذا هو الذي عليه أهل السنة والجماعة، نعم.
(المتــن) وقال ابنُ القيم رحمه اللهُ تعالى: ((والتحقيقُ في المسألة أن القتل تتعلقُ به ثلاثةُ حقوق: حقُ الله، وحقُ المقتول، وحقُ الولي، فإذا سلم القاتلُ نفسهُ طوعا واختيارا ندما على ما فعلهُ وخوفا من الله وتوبة نصوحا سقط حقُ الله بالتوبة، وحقُ الأولياء بالاستيفاء أو الصُلح أو العفو، وبقي حقُ المقتول يُعوضُه اللهُ عنه يوم القيامة عن عبده التائب المُحسن، ويُصلحُ بينه وبينه، فلا يضيعُ حقُ هذا ولا يبطلُ حقُ هذا، انتهى.
(الشـرح) فلا يُضيع حق هذا لا يُضيع حق القتيل، ولا يُبطل توبة القاتل، بل الله تعالى يُرضي هذا حتى يسمح ويصطلح، نعم، وفيه من الثواب والغُرف، ثواب الجنة العظيم هو ما يستحق، نعم.
(المتــن) وبتقدير دخول القاتل النار فليس بمُخلد فيها أبدا، بل الخلودُ هو المكثُ الطويلُ،
(الشـرح) نعم. فالمراد لأبن عباس (ليس بمُخلد فيها)ليس المراد بمخلد المشرك ، لا بل المراد أنه لابد أن يُعذب، ثم يُخرج في النهاية، ما يبقى في النار إلا الكفرة والخلود خلود دائم، والخلود المؤبد لا نهاية له هذا خلود الكفر، خلود مؤمد له نهاية هذا خلود ببعض العُصاة الذين أشتد جرائمهم كالقاتل والزاني، نعم.
(المتــن) وقد تواترت الأحاديثُ عن رسول الله -صلى اللهُ عليه وسلم-: أنهُ ((يخرجُ من النار من كان في قلبه مثقالُ ذرة من إيمان))، فدخولُ النار على قسمين: دخول مطلق، ومطلقُ دُخول.
دخول مطلق يعني: مستمر هذا دخول الكفرة، ومطلق الدخول دخول العصاة يدخلون ثم يخرجون، بعد تطهيرهم صفة المؤمنين صفة الموحدين، نعم.
فالأولُ: هو دخولُ المُشركين والكفرة فهؤلاء يدخلونها ولا يخرجون منها أبدا.
والثاني: وهو دخولُ المُوحدين الذين عليهم ذنوب ومعاص، فهؤلاء يُعذبون فيها بقدر سيئاتهم ثم يخرُجون منها إن لم يحصل سبب للخروج منها قبل ذلك، من شفاعة، أو غيرها من الأسباب، فالناسُ ينقسمون بحسب ما تقدم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: المُشركون والكفارُ، كُفر يُخرج عن الملة الإسلامية، فهؤلاء يدخلون النار ويُخلدون فيها دائما، ولا يخرجون منها أبدا.
النوع الثاني: من مات على التوحيد وليس عليه ذنب فهذا يدخلُ الجنة من أول وهلة.
الثالث: من مات مُوحدا وعليه ذنوب ومعاصي، فهذا تحت مشيئة الله، إن شاء اللهُ عفا عنه وأدخله الجنة من أول وهلة، وإن شاء عذبه بقدر ذنوبه ثم أدخله الجنة، هذا ما عليه أهلُ السُنة والجماعة، وهو الذي تواترت به الأدلةُ من الكتاب والسُنـة، عكسُ ما عليه المرجئةُ والخوارجُ والمعتزلةُ.
قال الأمام السفارينيُ في ((الدُرة المُضيئة)):
ومن يمُت ولم يتُب من الخطا |
|
فأمرُهُ مفوض لذي العطا
|
فإن يشأ يعفُو وإن شاء انتقم |
|
وإن شاء أعطى وأجزل النعم
|
وفي هذه الآية دليل على إثبات الغضب، وأنه -سُبحانهُ- يغضبُ ويرضى كما يليقُ بجلاله وعظمته.
(الشـرح) وهذا هو الشاهد من الآية إثبات الغضب لله، لا يُماثل المخلوقين، نعم.
س (....)
ج: نعم. الصغائر تُكفر، تُكفر باجتناب الكبائر إذا أدى الإنسان الفرائض وترك الكبائر غُفرت الصغائر مكن دون كبائر، نعم.