شعار الموقع

شرح التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية 25

00:00
00:00
تحميل
12

بسم الله الرحمن الرحيم وصلي الله وسلم وبارك علي رسول الله وعلي اله وصحبه ومن استن بسنته واهتدي بهداه ما بعد فغفر الله لك قال الشيخ عبدالعزيز الرشيد-رحمه الله تعالي-علي قوله (وهو الذي في السماء اله وفي اﻷرض اله)  أي هو إله ومعبودُ أهل السماوات والأرض، كما تقولُ فلانٌ أميرٌ في خراسان وفي العراق، فلا يدل على أنه فيهما جميعًا , وكذلك قولُهُ: (وهُو الله في السماوات وفي الأرض) فسرهُ أئمةُ العلم كالإمام أحمد وغيره أنه المعبودُ في السماوات والأرض، فهذه الآياتُ لا تخالف الآيات التي فيها إثباتُ علوه -سُبحانهُ- واستوائه على عرشه.

يعني هذه الحجة الحلولية التي تقول ان الله حال في كل مكان تعالي الله يعني: معبودٌ في السماء، فهو معبودٌ في السماء كما هو معبودٌ في الأرض،(...)  يغني معبودٌ في السماء ومعبودٌ في الأرض،وهو فوق العرش-سبحانه وتعالي-، يعني: هو الله سبحانه يعلم سركم في السماوات ويعلم سركم في الأرض، هذا متعلق بالعلم، يعلم، ولهذا وقف بعضهم وقال:(وهو الله في السموات)ثم في الثاني يقول في الارض(يعلم سركم وجهركم)، نعم.

 فهذه الآياتُ لا تخالف الآيات التي فيها إثباتُ علوه -سُبحانهُ- واستوائه على عرشه؛ بل تُجامعُها،فإن قربهُ ومعيته كما يليقُ بجلاله وعظمته، (ليس كمثله شيءٌ وهُو السميعُ البصيرُ ).

وقال على قوله: (ومن أصدق قيلا): لفظةُ استفهام، ومعناه لا أحد أصدقُ من الله في حديثه وخبره ووعده ووعيده، وكان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في خُطبته: ((إن أصدق الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ مُحمد -صلى الله عليه وسلم-)).

(100) وقال على قوله: (ومن أصدقُ من الله قيلا): أي لا أحد أصدقُ من الله قولا ولا خبرًا.

وقال على قوله: (واذ قال الله يا عيسى بن مريم): أضافه إلى أمه لأنهُ لا أب له، فهو من أم بلا أب، ففي هذه الآيات إثباتُ القول لله -سُبحانهُ وتعالى- وأنهُ يقولُ متى شاء إذا شاء، وأن الكلام والقول المضاف إليه -سُبحانهُ- قديمُ النوع حادثُ الأحاد، وفيه دليلٌ على أنه -سُبحانهُ- يتكلمُ بحرف وصوت كما يليقُ بجلاله.

ﻷن الكلام هكذا لا يكون إلا بحرفٍ وصوت، كالرد على الاشاعرة الذيين يقولون كلام الله المعني النفسي ليس بحرف ولا صوت، والكُلابية وغيرهم ممن يُنكر الحرف والصوت، نعم.وفيهدليل علي انه سبحانه يتكلم بحرف وصوت كما يليق بجلاله

وفيه الرد على من زعم أن كلام الله هو المعنى النفسي، إذ المعنى المجردُ لا يُسمعُ 

قولُهُ: (صدقًا): أي صدقًا في الإخبار، وعدلا في الطلب.

(وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا)، كلمةٌ إثبات كلام الله، فهو صدقاً في الاخبار وعدلا في الأحكام، في الأوامر والنواهي، نعم

فكل ما أخبر به -سُبحانهُ- فهو حق لا مرية فيه ولا شك، فكل ما أمر به فهو العدلُ الذي لا عدل سواه، وكل ما نهى عنه فباطلٌ؛ لأنه لا ينهى إلا عن مفسدة، والمرادُ بالكلمة: أمرُه ونهيهُ ووعدُه ووعيدُه نعم.

(وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا)، المراد بالكلمة: الامر والنهي والوعد والوعيد والاخبار، كلمة تشمل خبرٌ وعطف، فالخبر يصدق والامرُ يُنفذ، والامر أمرٌ بالفعل وأمرٌ بالكسب، فالأمر بالفعل هذا يوجب الفعل، والأمر بالكف هذا يوجب الترك، نعم.

وكلماتُ الله نوعان: كونيةٌ ودينيةٌ.

فكلماتُ الله الكونيةُ: هي التي استعاذ النبي-صلى اللهعليه وسلم- بها في قوله: ((أعُوذُ بكلمات الله التامات التي لا يُجاوزُهُن بر ولا فاجرٌ)).(...)والكلمات الكونية التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر اما الكلمة الثانية فيجاوزها فاجر

الله تعالى يقول: أقم الصلاة واقيموا الصلاة، والفاجر يُجاوزها فلا يقيم الصلاة فالشاهد في الكلام انما امره اذا اراد شئ لا يجاوزه كن فيكون لا يمتنع منه شئ كما في الكونية، نعم.

 وكقوله: (وتمت كلمةُ ربك صدقًا وعدلا).

النوعُ الثاني: الكلماتُ الدينيةُ: وهي القرآنُ وشرعُ الله الذي بعث به رسوله، وهي أمرُه ونهيهُ، انتهى. من كلام الشيخ تقي الدين بن تيمية-رحمه الله-

وقال علي قولُهُ: (لا مُبدل لكلماته): أي ليس أحدٌ يعقبُ حكمه -سُبحانهُ- لا في الدُنيا ولا في الآخرة.

(وهو السميعُ العليمُ): الذي أحاط سمعُه بسائر الأصوات، وأحاط علمُه بالظواهر والخفيات.وقال علي

قولُهُ: (وكلم الله مُوسى تكليما): خصص الله نبيه موسى عليه السلامُ بهذه الصفة تشريفًا له، ولذا يُقالُ لموسى عليه السلامُ الكليمُ، وهذا دليلٌ على أن التكليم الذي حصل لموسى عليه السلامُ أخص من مطلق الوحي، ثم أكدهُ بالمصدر الحقيقي رفعًا لما توهمه المعطلةُ من أنه إلهامٌ أو إشارةٌ أو تعريفٌ للمعنى النفسي بشيء غير التكليم فأكدهُ بالمصدر المفيد تحقق النسبة ورفع توهم المجاز.

نعم.(وكلم الله موسي تكليما)، تأكيد بان المصدر يرفع المجاز، فيدل على انهُ كلام حقيقي لا مجال لتئويله، قال:(وكلم الله موسي تكليما)،فيرفع توهماً المراد بالكلام الالهام او الأشارة أو التعريف كما يقوله الأشاعرة وغيرهم،فأكد باللفظ ما فيه مجال للتأويل (وكلم الله موسي تكليما)، نعم.

وقال الفراءُ: إن الكلام إذا أُكد بالمصدر ارتفع المجازُ وثبتت الحقيقةُ، ويروى أن رجلا قال لأبي عمرو بن العلاء أريدُ أن تقرأ: (وكلم الله مُوسى تكليما)، بنصب لفظ الجلالة فقال له: هب أني قرأتُ ذلك فما تقولُ في قوله: (وكلمهُ ربهُ) فبُهت المعتزليُ.

يعنيي: يُريد أن يقرأ كلم الله حتى يكون الله الملكم، وموسى هو المتكلم، يُريد ان يُنكر كلام الله، قال: هب أني قرأت هذا فماذا تقول في الايات الأخرى التي هي صريحة (وكلمه ربه)، وفي لفظ أنهُ قال اولها قال: جرحهُ بأظافر الحكم، فالمراد بالكلم الجرح، ليس المراد به الكلام، نعم، كما يقولون: فُلان كلمُهُ يدمع، نعم.

(101)وقال علي قولُهُ: (منهُم من كلم الله): أي: كلمهُ الله، كموسى عليه السلامُ ومحمد وكذلك آدمُ.

نعم. كلم الله موسى من فوق الطور، وكلم الله محمد من فوق بيت المعراج، من دون اسطة، وكذلك كلم آدم اول الناس،(منهم من كلم الله) نعم.

كما ورد به الحديثُ المروي في صحيح ابن حبان عن أبي ذر رضي الله عنهُ.

وقال علي قولُهُ: (ولما جاء موسي لميقاتنا وكلمة ربه):اي لميقاتنا أي للوقت الذي ضربنا أن نُكلمه فيه.

قولُهُ: (وكلمهُ ربهُ): أي كلمهُ -سُبحانهُ وتعالى- بكلام حقيقي يليقُ بجلاله وعظمته، وكلمهُ بلا واسطة، فهذه الآياتُ أفادت إثبات صفة الكلام لله، وأنه تكلم ويتكلمُ -سُبحانهُ- وتعالى، والأدلةُ الدالةُ على أنه يتكلمُ أكثرُ من أن تُحصر، وفيها الرد على من زعم أن كلامه -سُبحانهُ- معنًى واحدٌ قائمٌ بالنفس لا يتصورُ أن يسمع.

وهذا كما يقولوه الأشاعرة، نعم.

وفيها دليلٌ على أن كلامه -سُبحانهُ وتعالى- حقيقةٌ لا مجازٌ، لأنه أكده بالمصدر، فقال: (وكلم الله مُوسى تكليما)، أكدهُ بالمصدر لنفي المجاز؛ لأن العرب لا تؤكدُ بالمصدر إلا إذا أرادت الحقيقة، وفيها دليلٌ على أن الله لم يزل مُتكلما إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء، وفيها دليلٌ على أن نوع الكلام قديمٌ، وإن لم يكن الصوتُ المعينُ قديمًا، فكلامُ الله -سُبحانهُ وتعالى- قديمُ النوع حادثُ الآحاد،-هذا هو مذهب اهل السنة والجماعة نعم- وتقدمت الإشارةُ إلى أن كلامهُ -سُبحانهُ وتعالى- نوعان: كوني قدري به توجدُ الأشياءُ، كما قال سُبحانهُ: (إنما أمرُهُ إذا أراد شيئًا أن يقُول لهُ كُن فيكُونُ). الثاني: كلامٌ ديني شرعي، ومنه كُتُبُه المنزلةُ على رسله، فهو الذي تكلم بها حقًا وليست مخلوقةً، بل هي من جملة صفاته، وصفاتُه -سُبحانهُ- غيرُ مخلوقة، كما تقدم في حديث خولة، وبه استدل الإمامُ أحمدُ وغيرُه على أن كلام الله غيرُ مخلوق؛ لأنه أمر بالاستعاذة بكلمات الله، والاستعاذة بالمخلوق شركٌ، فدل على أن كلام الله غيرُ مخلوق، وتكليمُه -سُبحانهُ وتعالى- لعباده نوعان:

الأولُ: بلا واسطة، كما كلم موسى بن عمران، وكما كلم الأبوين، وكذا نادى نبينا ليلة الإسراء.

الثاني: تكليمُه -سُبحانهُ- لعباده بواسطة، إما بالوحي الخاص للأنبياء، وإما بإرساله إليهم رسولا يكلمُهم من أمره بما شاء.

كما قال الله تعالى:(وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا او من ورائ حجاب او يرسل رسولا فيوحي بأذنه ما يشاء)، قد يكون وحي، يوحي الله في روعه أو في قلبه، أو يكلمه الله من وراء حجاب كما كلم موسى من  وراء حجاب، يعني نمره، كلم نبيه من وراء حجاب، حجاب الرؤية، لكن سمع كلام الله من زمان،او يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء مثل الملك نعم.

هذه انواع الوحي الثلاثة ذكرها، نعم.

وفي الآيات المتقدمة أيضًا دليلٌ على أن الكلام المضاف إليه -سُبحانهُ وتعالى- من صفاته الذاتية من حيثُ تعلقها بذاته واتصافُه بها، ومن صفاته الفعلية حيث كانت متعلقةً بقدرته ومشيئته.

نعم هذا الكلام يقال انه صفة ذاتية فعلية صفة الذاتية لكونه متعلق بذات الرب، وصفةٌ فعليه لكونه تتعلق بقدرته واختياره، ومن جهة النوع ذاتي، ومن جة الأفراد فعلي.

(102)وقال علي قولُهُ:(وناديناه من جانب الطور الايمن وقربناه نجيا) (وناديناهُ): أي نادينا موسى وكلمناه بقول: (يا موسى إني أنا الله)، وقولُهُ: (الطور): هو اسمُ جبل بين مصر ومدين، وقولُهُ: (الأيمن): أي الذي يلي يمين موسى حين أقبل من مدين، قولُهُ: (وقربناهُ نجيًا): أي مناجيًا.

وقال على قولُهُ: (وإذ نادى ربك مُوسى أن ائت القوم الظالمين)، وقولُهُ: (وناداهُما ربهُما ألم أنهكُما عن تلكُما الشجرة): أي نادى آدم وحواء.

وقولُهُ: (ويوم يُناديهم فيقولُ ماذا أجبتُمُ المُرسلين): قال بعضُ السلف: ما من فعلة وإن صغُرت إلا ويُنشرُ لها ديوانان لم وكيف، أي لم فعلت وكيف فعلت ؟.

يعني: لما فعلت وكيف فعلت؟ يعني الكيفية، كيفية الفعل سبب ، لما هذه سبب الفعل، وكيف صفة الفعل، نعم. لما فعلت هذا الفعل؟، وكيف فعلت هذه الصفة؟، هل عندك دليل؟ لابد من دليل، صليت هذه الصللاة في هذا  الوقت، لما صليت في هذا الوقت؟، الدليل: لأن الله فرضها في الاوقات، والكيف: لن الله تعالى فرضها على هذه الكيفية أو على هذ الصفة، نعم.

اي لما فعلت؟ وكيف فعلت؟

 فالأولُ سؤالٌ عن الإخلاص، والثاني سؤالٌ عن المتابعة.

عن الاخلاص، يعني: لما فعلت،كيف فعلت لابد أن تكون متابع للنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الفعل، هذا الكيفية، والثاني: لما، يعني: هل فعلتها لله أم لغير الله، هذا السبب، لله أم لغير الله؟ لما؟، فلابد أن تكون لله، والثاني الكيف، كيفيتها، هل الكفيفة التي فعلتها موافقة للشرع أم مخالفة للشرع، نعم.

 فإن الله لا يقبلُ عملا الا بهما، فطريقُ التخلص من السؤال الأول: بتجريد الإخلاص، وطريقُ التخلص من السؤال الثاني: بتحقيق المتابعة. انتهى. من الإغاثة، وقال بعضُ السلف: كلمتان يُسأل عنهما الأولون والآخرون: ماذا كنتم تعبدون وماذا أجبتُم المرسلين؟ فيُسألُ عن المعبود وعن العبادة.

هذا المعبود أن تعبد الله كانك تراه، وعند العبادة عن كيفيتها، هذا المتابعة، الاول والآخرون يوسئلون هذا السؤال، ماذا كنتم تعبدون؟، وماذا أجبتم المرسلين؟، يُسأل السؤال الاول والأخر، ماذا كنتم تعبدون؟ هل تعبدون الله ام تعبدون غيره؟ هذا خاصٌ بعباد الله، والثاني ماذا اجبتم المرسلين اي اتبعتم المرسلين به بما جائوا به؟ نعم.

 

أفادت هذه الآياتُ إثبات صفة الكلام لله، وأنه نادى وناجى، وقد جاء النداءُ في تسع آيات من القرآن، وكذلك النجاءُ جاء في عدة آيات , والنداءُ هو الصوتُ الرفيعُ، وضده النجاءُ، ففيها إثباتُ أن الله يتكلم بحرف وصوت يليقُ بجلاله.

نعم. النداء هو كلام من قرب، واالنجاء كلام من بعد، نعم.

 

ففيها إثباتُ أن الله يتكلم بحرف وصوت يليقُ بجلاله، إذ لا يعقلُ النداءُ والنجاءُ إلا ما كان حرفًا وصوتًا، وقد استفاضت الآثارُ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة السُنة بذلك، وقال ابنُ القيم رحمه الله في (النونية):

 

 

 

والله قد نادى الكليم وقبله
         

 

سمع الندا في الجنة الأبوان
 

وأتى الندا في تسع آيات له      
 

 

وصفًا فراجعها من القرآن
 

أيصح في عقل وفي نقل ندا  
     

 

ءٌ ليس مسموعًا لنا بأذان
 

أم أجمع العلماءُ والعقلاءُ من  
    

 

أهل اللسان وأهل كل لسان
 

إن الندا الصوتُ الرفيعُ وضده 
  

 

فهو النجاءُ كلاهما صوتان
 

 

وفي هذه الآيات أيضًا الرد على من زعم أن كلام الله هو المعنى النفسي، إذ المعنى المجردُ لا يُسمعُ.

وقد رد الشيخُ تقيُ الدين على من زعم ذلك من تسعين وجهًا

نعم. في رسالة تُسمى (( التسعينية))، رد على الأشاعرة بتسعين وجه، ثم سُمي الرسالة بـ(( التسعينية)) معروفة ، حققت هذه الرسالة في كلية أصول الدين، موجودة التسعينية، نعم.

 قال ابنُ القيم في (النُونية):

تسعون وجهًا بينت بطلانه        أعني كلام النفس ذي البطلان

تسعين وجهاً، بينت بطلان الكلام النفسي الذي يقوله الأشاعرة،اﻷشاعرة يقولون الكلام في النفس،ليس له حرف ولا صوت، قائم بنفس الرب، مثل العلم، العلم هو الكلام في شيءٌ واحد ولا يتكلم، (...)جعلوه ابكم تعالى الله عما يقولون، وقالوا: القرآن معنى فاذ هو قال نقرؤه هذا عبارة عبر به جبريل لمحمد، كيف جائت العبارة، قالوا أن الله أضطر جبريل أضطرار ففهم المعنى القائم بنفسه فعبر، فهذا عبر بيه جبريل، وقال: اخرون من الأشاعرة ان هذا عبر ب محمد وليس جبريل، وقال فرقة من الأشاعرة ان جبريل أخذ القرآن من اللوح المحفوظ، والله ما تكلم لا بحرف ولا بصوت، حتى غلا بعضهم قال: هذا القرآن ما هو بكلام الله،(...)ما فيه كلام الله،(...)نعوذ بالله، نعم.

قال بعضُ العلماء: من زعم أن كلام الله هو المعنى النفسي فقد زعم أن الله لم يُرسل رسولا ولم يُنزلُ كتابًا، وقال: من زعم أن كلام الله هو المعنى النفسي فقد زعم أن الله أخرس، وقال ابنُ حجر رحمه الله في شرح البخاري: ومن نفى الصوت فقد زعم أن الله لم يسمع أحدًا من ملائكته ولا رسله كلامًا.

هذا يدل علي ان الحافظ رحمه الله وإن كان احيانا يؤيد مذهب للأشاعرة فانهُ يثبت أحياناً انه يميل لبعض أهل السنة، وابن حجر رحمه الله، ما يُقال انو اشعري خالصوقد يميل احيانا لمذهب اﻷشاعرة لكونه لم واحيانا(...)ينتصر لمذهب اهل السنه كما في هذا

وقال ابنُ حجر رحمه الله في شرح البخاري: ومن نفى الصوت فقد زعم أن الله لم يسمع أحدًا من ملائكته ولا رسله كلامًا بل ألهمهم إياه إلهامًا، وفيها الرد على من زعم أن كلام الله هو معنى قائمٌ بذاته لا يتجزأ ولا يتبعضُ، فإن الأمر لو كان كما زعموا لكان موسى عليه السلامُ سمع جميع كلام الله، وفيها الرد على من زعم أن كلام الله مخلوقٌ.

وهم المعتزلة، يزعمون ان كلام الله مخلوق لفظه و معناه، المعتزلة احسن من الأشاعرة من جهة أنهم قالوا: الكلام لفظه ومعنى، لكن كله مخلوق، كلاهما مخلوق، والأشاعرة (...) المعتزلة، قالوا: الكلام معنى والمعنى غير مخلوق، وأما اللفظ فهو غير مخلوق، لكن اللفظ ليس من كلام الله.

س: أيهم أكثر ضلالة؟

ج: لاشك انهم المعتزلة، لكن الأشاعرة وافقوهم في نفس المنهج، نعم.

 وفيها الرد على من زعم أن كلام الله مخلوقٌ. فإن صفات الله داخلةٌ في مسمى اسمه، فليس الله اسمًا لذات لا سمع لها ولا بصر ولا حياة ولا كلام لها، فكلامُهُ وعلمُهُ وحياتُه وقدرتُه داخلةٌ في مسمى اسمه، فهو -سُبحانهُ- بصفاته الخالقُ وما سواهُ المخلوقُ، وفي إثبات الكلام إثباتُ الرسالة، فإذا انتفت صفةُ الكلام انتفت صفةُ الرسالة.

نعم لأن الله تعالى يُرسل رسلوه يُكلمهم، هل يلزم على هذا المتكلم انهُ لم يُرسل رسولاً.

 إذ حقيقةُ الرسالة تبليغُ كلام المرسل، ومن ها هنا قال السلفُ: من أنكر كون الله متكلمًا فقد أنكر رسالة الرسل كلهم، والرب -سُبحانهُ وتعالى- يخلقُ بقوله وبكلامه كما قال: (إذا أراد شيئًا أن يقُول لهُ كُن فيكُونُ)، فإذا انتفت حقيقةُ الكلام عنه فقد انتفى الخلقُ. بسم الله الرحمن الرحيم وصلي الله وسلم علي رسول الله

قال الشيخ عبد العزيز الرشيد -رحمه الله- على قوله تعالى:(وان احد من المشركين استجارك فأجره حتي يسمع كلام الله ثم ابلغه مأمنه)

(103) (وإن أحدٌ): أحدٌ مرفوعٌ بفعل يفسرهُ استجارك،والتقدير وان استجارك احد استجارك وقولُهُ: (فأجرهُ): أي أمنهُ، وقولُهُ: (حتى يسمع كلام الله): أي حتى يسمع القرآن مبلغًا إليه من قارئه، كما قال أبو بكر الصديقُ حين قرأ على قريش: (الم * غُلبت الرومُ ): فقالوا: هذا كلامُك أو كلامُ صاحبك، فقال: ليس بكلامي ولا بكلام صاحبي ولكنهُ كلامُ الله، وفي سنن أبي داود أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعرضُ نفسه على الناس بالموسم فيقولُ: ((ألا رجُلٌ يحملُني إلى قومه لأبلغ كلام ربي فإن قُريشًا منعُوني أن أُبلغ كلام ربي)).

فيه إثبات الكلام لله تعالى،ـ والرد على من انكره، حتى يسمع كلام الله، وان كلام الله يُسمع بحرف وصوت، والرد على الأشاعرة الذين يقولون ان الكلام إنما كلامٌ في النفس وليس بحرف ولا صوت على صوته، والرد على المعتزلة الذين يقولون أنهُ مخلوق، كلام الله بصوت وحرف ليس مخلوقاً، نعم.

 فبين أن ما يبلغُه ويتلوه هو كلامُ الله لا كلامُه، وفي الآية دليلٌ على أنه إذا استأمن مشركٌ ليسمع القرآن وجب تأمينُه ليُعلم دين الله وتنتشر الدعوةُ.

المشرك إذا طلب أنهُ يؤمن في بلاد المسلمين حتى يسمع كلام الله، تبين هذا الدين وقال: أعطوني الكتب وأعطوني كذا علي هذا الدين، يؤمن،يعني صار يؤمن (...) ويعطى مهلة يومين ثلاثة أربعة أسبوع شهر، ويُعطى مؤلفات لكتب وشروح تفسير القرآن حتي يتعلم دين الله، لعلهُ يُسلم،واذا كان غير عربي يترجم له يعطي كتب مترجمة نعم.

 ومنها أن رسول الله-صلي الله عليه وسلم- كان يعطي الأمان لمن جاءه مسترشدًا أو في رسالة كما جاء في الحديبية جماعةٌ من قريش وكذلك من قدم من دار الحرب إلى دار الإسلام في أداء رسالة أو تجارة أو طلب صلح أو مهادنة أو حمل جزية أو طلب من الإمام أو نائبه- أُعطي أمانًا ما دام مترددًا في دار الإسلام.

نعم. إذا جاء معه خطاب من دولته الرئيسة، او يكون صلح، او جاء يدفع خرائط(...) أو يبيع سلعه طعام تمور، يُعطى مهلة (...)، مثل ما كان الأنباط كانوا يسكنون في زمن عمر بن الخطاب في يومين ثلاثة، ولكن لا يمكن لهم من جزيرة العرب، هذا ما يجوز، يقول النبي (( اخرجوا اليهود والنصاررى من جزيرة العرب)) لا يبقى في جزيرة العرب دينان لا خادم ولا عامل ولا غيره، نعم.(...)

أُعطي أمانًا ما دام مترددًا في دار الإسلام حتى يرجع إلى مأمنه ووطنه، وفيها دليلٌ على إثبات صفة الكلام لله وأنه يتكلمُ وأن القرآن كلامُهُ، وفيها دليلٌ على أن الكلام إنما ينسبُ إلى من قاله ابتداءً لا إلى من قاله مبلغًا مؤديًا،

حتى يسمع كلام الله،(...) وان كان الذي يُبلغه يُبلغ كلام الله، لكن لكلام يُنسب إلى مبتدأ، هذا المبلغ إنما يُبلغ كلام غيره حتي يسمع كلام الله كلام الله الذي تكلم به  والذي يُبلغ هو يُبلغ كلام الله، نعم.

فإن القارئ يبلغُ كلام الله، وكلامُه -سُبحانهُ- صفةٌ من صفاته غيرُ مخلوق، وأما صوتُ القارئ وكذا المدادُ والورقُ فهي مخلوقةٌ، لهذه الآية ولحديث: ((بينُوا القُرآن بأصواتكُم)).

ولهذا إذا قرأ اثنان قصيدة، قصيدة أمرؤ القيس قفا لذكري حبيب ومنزل ، قال له هذا كلامك؟ قال: لا هذا كلام أمرؤ القيس، وليس بكلامي، وهو يقرأ بكلامه، ويُبلغ كلام غيره، فالقصيدة أمرؤ القيس وانت تقرئها من نفسك، فكذلك القارئ إذا قرأ كلام الله فإنه يبلغ كلام الله،فالكلام كلام الله، والصوت صوت القارئ، ولاكلام كلام الله، والقارئ يقرأ كلام الله يقرئه بالصوت صوت يضاف اليه كلام الله،، وكذلك الكافر يكتب كلام الله، مداد وورق وحبر وكتاب الكافر، فالكافر يكتب كلام الله في الورق، ولهذا المصحف فيه كلام الله وفيه الورق وفيه الحبر وفيه الكتابة وفيه الخط وفيه كلام الله، وكذلك القارئ يقرأ كلام الله، هذا الصوت منسوب إلى الأنسان، ولهذا قال: (( زينوا القرآن بأصواتكم))، بأصواتكم انتم، ﻷنه يقرأ القرآن بصوته، نعم.

 

فهي مخلوقةٌ، لهذه الآية ولحديث: ((بينُوا القُرآن بأصواتكُم))، فبين أن الأصوات التي يُقرأ بها القرآنُ أصواتُنا، والقرآن كلامُ الله، فالقرآنُ كلامُ الباري والصوتُ صوتُ القارئ، وفي هذه الآية دليلٌ على أن القرآن الذي هو سُورٌ وآياتٌ وحروفٌ وكلماتٌ هو عينُ كلامه -سُبحانهُ- حقًا لا تأليفُ ملك ولا بشر.

نعم. كما يقوله: الاشاعرة، الأشاعرة يقولون من طريق ملك، يعني: الفه جبريل، المعنى من الله والكلام من جبريل، هو الذي ألف القرآن وجمعه وتكلم به واوحاه وسمع النبي منه، فيقول: الكلام كلام الله، والتأليف تاليف جبريل، المعنى من الله والتأليف من جبريل ومنهم من قال التأليف من محمد ومن الأشاعرة من قال: أن جبريل أخذ من اللوح المحفوظ ولم يتكلم الله بكلمة، نعم. يقلون: هذا عبارة نعوذ بالله سُمي به كلام الله لأنه تأدى به مجاز الله وليس الحقيقة، نسأل الله العافية، نعم.

وأن حروفه ومعانيه عينُ كلامه.

يعني: القرآن حروف ومعاني،ليس كلام الله الحروف وحدها ولا المعاني وحدها، أشارة تدل  على ان كلام الله المعاني الحروف ليست من كلام الله،فالحروف من كلام جبريل أو من طريق محمد هذا باطل، الكلام معنى واحد، اللفظ حروف، نعم.

 

وأن حروفه ومعانيه عينُ كلامه.-سُبحانهُ- الذي تكلم به -سُبحانهُ- حقا، وبلغه جبريلُ إلى محمد -صلى الله عليه وسلم-، وبلغهُ محمدٌ -صلى اللهُعليه وسلم- فللرسولين منه مجردُ التبليغ والأداء لا الوضع و الإنشاء.

الرسولين اي جبريل ومحمد منهما التبليغ والاداء فجبربل بلغ كلام الله إلى محمد، ونبينا محمد بلغ كلام الله إلى الأمة، والأبتداء كلام الله، او هو الذي أبتدأ تكلم به، فالكلام كلام الله، وجبريل بلغ كلام الله إلى نبينا محمد، ونبيا محمد بلغ كلام الله،فللرسولين جبريل ومحمد التبليغ والاداء والله تعالى لهُ الكلام فهو المتكلم، نعم.

فإضافتُه إلى الرسول بقوله: (وإنهُ لقولُ رسُول كريم ) إضافةُ تبليغ وأداء لا إضافةُ وضع وإنشاء.

هذا شبهة المعتزلة يقولون:

: (إنهُ لقولُ رسُول كريم) اذن هو قول محمد فهو مخلوق وقول هذا قول تبليغ واداء لا ابتداء (...)المتكلم هو الله  إضافةُ تبليغ وأداء لا إضافةُ وضع وإنشاء، لا كما يقولُهُ أهلُ الزيغ والافتراء، وفيه الرد على من زعم أن هذا الموجود بين أيدينا هو عبارةٌ عن كلام الله

كما يقول الأشاعرة أو حكاية له كما يقول الكُلابية الكلابية يقولون حكاية والاشاعرة يقولون عبارة، والمعني واحد سبحان لله نعم.

 فإنه -سُبحانهُ- أخبر أن الذي يُسمعُ كلامُ الله، وعندهم أن الذي يُسمعُ ليس كلام الله على الحقيقة، وإنما هو مخلوقٌ حُكي به كلامُ الله على أحد قولهم وهو قول الكلابية، وعبارةٌ عُبر بها عن كلام الله على القول الآخر وهو قول اﻷشاعرة، وهي مخلوقةٌ على القولين يعني العبارة الحكاية مخلوقة نعم، فالمقروءُ ,المكتوبُ والمسموعُ والمحفوظُ ليس كلام الله.

يعنيي عندهم عند الكُلابية و الأشاعرة، نعم.

فالمقروءُ , المكتوبُ والمسموعُ والمحفوظُ ليس كلام الله، وإنما هو عبارةٌ عُبر بها عنه، كما يُعبر عن الذي لا ينطقُ ولا يتكلمُ من أخرس أو عاجز، تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا، وفيه دليلٌ على أن القرآن كلامُ الله وأنه يُسمعُ وأنه غيرُ مخلوق، وفيها الرد على من زعم أنه مخلوقٌ أو أنهُ كلامُ بشر أو ملك أو غير ذلك كما يقول المعتزلة ، وفيها أن من زعم أنه كلامُ غير الله فقد كفر أو زعم أنه مخلوق.

نعم لأنهُ كذب، كذب الله، نعم.

قال الشيخُ تقيُ الدين رحمه الله: ولم يقل أحدٌ من السلف إنه مخلوقٌ أو أنه قديمٌ، بل الآثارُ متواترةٌ عن السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان أنهم يقولون: القرآنُ كلامُ الله، وأولُ من عُرف عنه أنه قال مخلوقٌ الجعدُ بن درهم، وصاحبُه الجهمُ بنُ صفوان، وأولُ من عرف أنه قال: هو قديم عبدُ الله بنُ سعيد بن كلاب، أما السلفُ فلم يقُل أحدٌ منهم بواحد من القولين، ولم يقل أحدٌ من السلف: إن القرآن عبارةٌ عن كلام الله وحكاية له، ولا قال منهم أحدٌ إن لفظي بالقرآن قديمٌ أو مخلوقٌ، بل كانوا يقولون بما دل عليه الكتابُ والسُنةُ من أن هذا القرآن كلامُ الله، والناسُ يقرءُونه بأصواتهم ويكتبونه بمدادهم وما بين اللوحين كلامُ الله وكلامُ الله غيرُ مخلوق، والمدادُ الذي يُكتب به القرآنُ مخلوقٌ، والصوتُ الذي يُقرأ به هو صوتُ العبد، والعبدُ وصوتُه وحركاتُه وسائرُ صفاته مخلوقةٌ، فالقرآنُ الذي يقرؤه المسلمون كلامُ الباري، والصوتُ صوتُ القارئ، انتهى.

قال البخاري -رحمه الله -في كتاب (خلق أفعال العباد) بعد ذكر هذه الآية والآية التي بعدها، أي قولُهُ سُبحانهُ: (بل هُو قُرآن مجيد * في لوح محفُوظ) وقولُهُ تعالي: (والطور * وكتاب مسطُور * في رق منشُور ) قال: ذكر الله أن القرآن يُحفظ ويُسطر ، والقرآنُ الموعى في القلوب المسطورُ في المصاحف المتلو بالألسنة كلامُ الله ليس بمخلوق، وأما المدادُ والورقُ والجلدُ فإنه مخلوقٌ، انتهى. من (فتح الباري).

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد