شعار الموقع

شرح التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية 26

00:00
00:00
تحميل
11

بسم الله الرحمن الرحيم وصلي الله وسلم وبارك علي رسول الله اما بعد فغفر الله لك قال الشيخ عبد العزيز الرشيد -رحمه الله- على قوله تعالى: {وقد كان فريق منهُم يسمعُون كلام الله ثُم يُحرفُونهُ من بعد ما عقلُوهُ وهُم يعلمُون}[البقرة: 75](يريدون ليبدلو كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل)

قولُهُ: (فريق): أي طائفة: (منهُم): أي أحبارهم (يسمُعون كلام الله): أي التوراة.

قولُهُ: (ثُم يُحرفُونهُ): أي يُغيرونه ويتأولونه على غير تأويله، (من بعد ما عقلُوهُ): أي فهمُوه (وهُم يعلمون): أي أنهم مُفترون، وإذ كان هذا حالُ علمائهم فكيف بجُهالهم.هذا حالهم يُحرفون الكلم من بعد ما عقلوه وهم يعلمون، يُحرفون اللفظ، ويتأولون المعنى على غير تأويله اذا كان هذا حال العلماء فالجهال اشد.

(المتن)وفي هذه الآية التأييسُ من إيمان اليهود الذين شاهد آباؤهم ما شاهدُوا، ثم قست قلوبُهم ولم ينفعهُم ما شاهدُوه، وفيها ذم للمُحرفين للكلم عن مواضعه، وأن التحريف من صفات اليهود، وأفادت هذه الآيةُ كغيرها إثبات صفة الكلام لله -سُبحانهُ وتعالى-، والرد على من زعم أن الله لا يتكلمُ أو أن كلامه مخلوق.

(الشرح)كما تقوله المعتزلة، وكما يقول الأشاعرة أن اللفظ مخلوق والمعنى من الله، كُل هذا باطل، يُريدون أن يُبدلوا كلام الله،(...)كلام الله، وأضاف الكلام إليه -سبحانه-، نعم.

(المتن)وفيها دليل على أن الكلام إنما يُنسب إلى من قاله مُبتدءًا لا إلى من قاله مُبلغا مُؤديا، فإن قولهُ: (يسمُعون كلام الله ): أي من قارئه ومُبلغه.

(الشرح)يسمعون من القارئ والمبلغ، لأن التبليغ والألتزام إنما هو من الله، نعم.

 (المتن)قولُهُ: (يُريدُون أن يُبدلُوا كلام الله): أي مواعيدهُ بغنائم خيبر، أهلُ الحديبية خاصةً، لا يشاركهم فيها غيرُهم من الأعراب والمُتخلفين، فلا يقعُ غيرُ ذلك شرعا ولا قدرًا، ولهذا قال: (يُريدُون أن يُبدلُوا كلام الله) وهو الوعدُ الذي وعد به أهل الحديبية، اختاره ابنُ جرير.

(الشرح)يعني: غنائم خيبر كانت للذين حضروا الحُديبية تكريما لهم، الذين حضروا الحديبية وبايعوا النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة لهم غنائم خبير، {وعدكُمُ الله مغانم كثيرةً تأخُذُونها فعجل لكُم هذه}[الفتح: 20]، دون من لم يشاركهم من العرب وغيرهم، نعم.

(المتن)قال علي قولُهُ: (قُل لن تتبعُونا): أي في خيبر، وهذا خبر بمعنى النهي.

قولُهُ: (كذلكُم قال الله من قبلُ): أي من قبل عودنا من قبل انصرافنا من مكة إلى المدينة أن غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية خاصةً دون غيرهم.

أفادت هذه الآيةُ –كغيرها- إثبات صفة الكلام، وإثبات القول لله -سُبحانهُ وتعالى-، وأنه قال ويقولُ متى شاء إذا شاء.

 وقال علي قولُهُ:(واتل ما اوحي اليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته) (واتلُ): أي اتبع، والتلاوةُ هي الاتباعُ، يُقالُ اتلُ أثر فلان وتلوتُ أثره وقفوتُه وقصصتُه بمعنى تبعتُ خلفهُ، ويُسمى تالي الكلام تاليا؛ لأنه يُتبعُ بعض الحروف بعضًا لا يُخرجُها جملةً واحدةً.

(الشرح)في الأول الاتباع ومنهُ الحديث للذي يُضرب في قبره يُقال: ((فيقال لا دريت ولا تليت))،  يعني: لا علمت الحق بنفسك ولا اتبعت من يقول الحق ويعمل به، فالتلاوة للإتباع، لا دريت ولا تليت ولا أتبعت، لا علمت الحق ولا تبعت من يعمل بالحق، أعد العبارة.

(المتن)قولُهُ: (واتلُ): أي اتبع، والتلاوةُ هي الاتباعُ، يُقالُ اتلُ أثر فلان وتلوتُ أثره وقفوتُه وقصصتُه بمعنى تبعتُ خلفهُ، ويُسمى تالي الكلام تاليا؛ لأنه يُتبعُ بعض الحروف بعضًا لا يُخرجُها جملةً واحدةً، وحقيقةُ التلاوة في هذا الموضع وغيره هي التلاوةُ المطلقةُ التامةُ، وهي تلاوةُ اللفظ والمعنى. انتهى. ملخصًا من كلام ابن القيم.

قولُهُ: (ما أُوحي إليك): الوحيُ: لغةً: الإعلامُ في خفاء، وفي الاصطلاح إعلامُ الله أنبياءه بالشيء، إما بكتاب أو رسالة ملك أو منام أو إلهام.

قولُهُ: (من كتاب ربك): أي القرآن بدليل قوله: (وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن يستمعُون القُرآن) – إلى قوله – (إنا سمعنا كتابًا أُنزل من بعد مُوسى) الآية والمسمُوعُ واحد، والكتابُ في الأصل جنس، ثم غلب على القرآن من بين الكتب. انتهى، ((الكوكبُ المُنير)) ملخصًا.

قولُهُ: (لا مُبدل لكلماته): أي لا تُغير ولا تُبدل، كما قال سُبحانهُ: (إنا نحنُ نزلنا الذكر وإنا لهُ لحافظُون) في هذه الآية -كغيرها- دليل على أن الكتاب هو القرآنُ، خلافًا للكلابية فإن الله -سُبحانهُ- سمى نفس مجموع اللفظ والمعنى قرآنًا وكتابًا وكلامًا، كما تقدم في قوله: (وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن) الآية فبين أن الذي سمعوه هو القرآنُ، وهو الكتابُ، وقال تعالى: (تلك آياتُ الكتاب وقُرآن مُبين) وفي الآية المتقدمة دليل على أن القرآن منزل من عند الله.

(الشرح)نعم. دل على ان الكتاب وهو القرآن لفظ ومعنى، بخلاف الكُلابية والأشاعرة الذين يقولون: المعنى من الله واللفظ من الرسول او من جبريل، (واتلُ ما أُوحي إليك من كتاب) أوحي إليه اوحي اليه الكتاب والكتاب لفظ ومعنى، حروف ومعاني، والكلابية يقولون لا، المعنى كلامُ الله، واللفظُ ما هو كلام الله، كلام جبريل او كلام محمد، -نعوذ بالله-، نعم. 

 (المتن)وفي الآية المتقدمة دليل على أن القرآن منزل من عند الله.وأنه كلامُه، وفيها الحث على تلاوته، وأنه -سُبحانهُ- ضمن حفظه من التغيير والتبديل.

قولُهُ: {إن هذا القُرآن يقُصُ على بني إسرائيل أكثر الذي هُم فيه يختلفُون}[النمل: 76]: مصدرُ قرأ، أي جمع لجمعه السور أو ما في الكتب السابقة.

قولُهُ (يقُص): أي يُبينُ (على بني إسرائيل) وهم حملةُ التوراة (أكثر الذي هُم فيه يختلفُون) وذلك كاختلافهم في أمر عيسى وتبايُنهم فيه، فجاء القرآنُ بالقول العدل الحق أنه عبد من عباد الله ونبي من أنبيائه، وفي الآية دليل على عظمة هذا الكتاب وهيمنته على الكتب السابقة، وتوضيحه لما وقع فيها من اشتباه، وإضافة القصص والتوضيح إليه متضمنة وجوب الرجوع إليه واتباعه.

{وهذا كتاب أنزلناهُ مُبارك}[الأنعام: 155] :(هذا كتاب) أي القرآنُ (مُبارك): أي كثيرُ المنافع والخير.

{لو أنزلنا هذا القُرآن على جبل لرأيتهُ خاشعًا مُتصدعًا من خشية الله وتلك الأمثالُ نضربُها للناس لعلهُم يتفكرُون}[الحشر: 21] (خاشعًا): أي مُتذللاً (مُتصدعًا): أي مُتشققًا، فإذا كان القرآنُ لو أُنزل على جبل لخشع وتصدع من خوف الله فكيف يليقُ بكم أيها الناسُ أن لا تلين قلوبُكُم وتخشع من خوف الله، وقد فهمتم عن الله أمره ونهيهُ وتدبرتُم كتابه، وفي الآية دليل على عظمة القرآن وأنه لو أُنزل على جبل لخشع وتصدع من خشية الله، وفيها دليل على أنه -سُبحانهُ- خلق في الجمادات إدراكًا بحيثُ تخشعُ وتسبحُ، وهذا حقيقة كما دلت على ذلك الأدلةُ ولا يعلمُ كيفيةُ ذلك إلا هو سُبحانهُ.

(الشرح){وإن من شيء إلا يُسبحُ بحمده}[الإسراء: 44]،  {سبح لله ما في السموات والأرض وهُو العزيزُ الحكيمُ}[الحديد: 1].

(المتن)وفيها حث على الخوف من الله والخشوع عند سماع كلامه، وأنه ينبغي أن يقرأ بتدبر وخشوع وإقبال قلب وأنه ينبغي الرقةُ عند سماع كلام الله والبكاء وتلاوته بحزن.

بسم الله الرحمن الرحيم وصلي الله وسلم وبارك علي رسول الله وعلي اله وصحبه ومن والاه اما بعد فغفر الله لك يقول الشيخ عبدالعزيز الرشيد رحمه الله تعالي علي قولُه تعالي: {وإذا بدلنا آيةً مكان آية والله أعلمُ بما يُنزلُ قالُوا إنما أنت مُفتر بل أكثرُهُم لا يعلمُون}[النحل: 101]: أي نسخناها وأنزلنا غيرها لمصلحة العباد.

وقال علي قولُهُ: ( والله أعلمُ بما يُنزلُ): أي هو -سُبحانهُ وتعالى- أعلمُ بما هو أصلحُ لخلقه فيما يُغيرُ وينسخُ من أحكامه، وفي الآية دليل على وقوع النسخ في القرآن.

(الشرح)نعم. وفيه دليل على إثبات صفة الكلام لله، وإثبات العلو ودل على أن التنزيل إنما يكون من الأعلى إلى الأسفل، فدل على أن الله في العلو، فيه الرد على من أنكر علو الله،ومن أنكر كلامه من الأشاعرة والمعتزلة وغيرهم، نعم.

 (المتن)وفي الآية دليل على وقوع النسخ في القرآن.

(الشرح)نعم. وقد أنكر اليهود النسخ، وقالوا: إن النسخ يدُلُ على البدع، يعني: إن الله كان لم يعلم ثُم علم، فلهذا أنكروا النسخ، قالوا: إنه فيه إثبات البدع على الله بالجهل وأنهُ كذا..، جاهلا بالأمور ثم نسخ، -تعالى الله عما يقولون-، الله تعالى بين الحكمة في هذا، قال: {ما ننسخ من آية أو نُنسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كُل شيء قدير}[البقرة: 106]

 (المتن)وأنه لحكمة ومصلحة يعلمُها سُبحانهُ، فهو أعلمُ بمصلحة عباده، وفيها دليل على إحاطة علمه -سُبحانهُ- بكل معلوم.

وقال علي قولُهُ: (قالُوا إنما أنت مُفتر): أي الكفارُ (إنما أنت مُفتر): أي كذاب (بل أكثرُهُم لا يعلمون): أي لا يعلمون الحكمة في ذلك.

وقال تعالى: (قُل نزلهُ رُوحُ القُدُس من ربك بالحق ليُثبت الذين آمنُوا وهُدًى وبُشرى للمُسلمين): أي القرآن، والتنزيلُ والإنزالُ هو مجيءُ الشيء من أعلى إلى أسفل، (رُوحُ القُدُس): أي جبريلُ عليه السلامُ، فجبريلُ سمعهُ من الله والنبي-صلى الله عليه وسلم- سمعه من جبريل، وهو الذي نزل بالقرآن على محمد-صلي الله عليه وسلم- ، كما نص على ذلك أحمدُ وغيرُه من الأئمة وجبريل هو الروح الامين المذكور في قوله سبحانه(نزل به الروح الامين علي قلبك)الاية.

(الشرح)وهي نفس الآية،(قُل نزلهُ رُوحُ القُدُس من ربك بالحق ليُثبت الذين آمنُوا وهُدًى وبُشرى للمُسلمين)، نعم.

(المتن)ولم يقل أحد من السلف: إن النبي -صلى الله عليه واله وسلم- سمعهُ من الله، وإنما قال ذلك بعضُ المتأخرين، والآيةُ ترُد عليه. قال ابنُ حجر رحمه الله في شرح (البخاري): والمنقولُ عن السلف اتفاقُهم أن القرآن كلامُ الله غيرُ مخلوق، تلقاهُ جبريلُ عن الله، وبلغه جبريلُ إلى محمد -صلى الله عليه وسلم-، وبلغه محمد إلى أمته. انتهى.

(الشرح)هذا يدُل عنه الحافظ -رحمه الله-، خالف الأشاعرة، الأشاعرة يرون أن القرآن لم يتكلم الله به، وإنما هو معنًي قائم بنفسه، ففهم جبريل المعنى القائم بنفسه فعبر به، وكان -رحمه الله- يُخالفهم في هذا وان كان يقارب مذهب اﻷشاعرة في بعض الصفات، نعم.

(المتن)ففي هذه الآيات دليل على أن القرآن منزل من عند الله، وأنه كلامُه، بدأ منه وظهر لا من غيره، وأنه الذي تكلم به لا غيره، وأما إضافتُه إلى الرسول في قوله: (إنهُ لقولُ رسُول كريم) فإضافةُ تبليغ لا إضافةُ إنشاء.

(الشرح)وهذا هو ما قاله السلف: القرآن نزل وغير مخلوق، منه نزل وإليه يعود، يعني: منه بدأ تلكم الله به، وإليه يعود في أخر الزمان حينما يترك الناس العمل بالقرآن يُرفع -والعياذُ بالله-من المصاحف ومن صدور الرجال هذا من أشراط الساعة الكبار يوم القيامة يُنزع القرآن من الصدر -نعوذ بالله- إذا ترك الناس العمل به نُزع، نعم.

(المتن)والرسالةُ تبليغُ كلام المُرسل، ولو لم يكن للمُرسل كلام يبلغُه الرسول لم يكن رسولا، ولهذا قال غيرُ واحد من السلف: من أنكر أن يكون اللهُ مُتكلمًا فقد أنكر رسالة رسله.

(الشرح)نعم لأن الرسالة كلام، -نسأل الله العافية-،نعم.

(المتن)فأن حقيقة رسالتهم تبليغ كلام المرسل وفيها دليل على علو الله على خلقه، والتنزيلُ والإنزالُ المذكورُ في القرآن ينقسمُ إلى ثلاثة أقسام:

إنزال مطلق كقوله: (وأنزلنا الحديد).

(الشرح)يعني: غير مُقيد بشيء، ما قُيد، والثاني مقُيد (وانزل لكم من الانعام) (وانزل من السحاب) (وأنزلنا من المُعصرات) المُقيد من المعصرات، وهُنا مُطلق، والنوع الثالث: مُنزل من عند الله، (تنزيلُ الكتاب من الله العزيز الحكيم)، هذا عليه كثير الفُقهاء، والصائب أنهُ من الله (تنزيلُ الكتاب من الله العزيز الحكيم)، (ولكن حق القول مني)، أما الإنزال المُطلق فإنه في الحديد مُطلق غير المُقيد، أو مُقيد بالسحاب (وأنزلنا من المُعصرات ماءً ثجاجًا)

 

(المتن)والتنزيلُ والإنزالُ المذكورُ في القرآن ينقسمُ إلى ثلاثة أقسام:إنزال مطلق كقوله: (وأنزلنا الحديد).الثاني: إنزال من السماء كقوله: (وأنزلنا من السماء ماءً طهُورًا).

الثالث: إنزال منه -سُبحانهُ- كقوله: (قُل نزلهُ رُوحُ القُدُس من ربك).

فأخبر أن القرآن منزل منه، والمطر منزل من السماء، والحديد منزل نزولا مطلقًا، ففرق -سُبحانهُ- بين النزول منه والنزول من السماء، وحُكمُ المجرور بمن في هذا الباب حكمُ المضاف، والمضافُ ينقسمُ إلى قسمين: إضافة أعيان وإضافة معان، فإضافةُ الأعيان إليه -سُبحانهُ- من باب إضافة المخلوق إلى خالقه، كبيت الله وناقة الله ونحو ذلك، أما إضافةُ المعاني إلى الله -سُبحانهُ وتعالى- فهي من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، كسمع الله وبصره وعلمه وقدرته.

(الشرح)السمع والبصر والكلام هذه إضافة معاني، إضافة الصفة إلى الموصوف، أما إضافة البيت والعبد والناقة والرسول والروح، بيت الله وعبد الله،رسول الله، ناقة الله،عيسي روح الله، هذه الروح مثبوتة إلى حالة التكريم، يعني: روح التي خلقها، عيسى روح الله يعني: روح من الأرواح التي خلقها،واﻷضافة اليه التشريف، كما للكعبة بيت الله، والعبدُ الله، ورسول الله، إضافة المخلوق إلى خالقه، نعم.

(المتن)فهذا يمتنعُ أن يكون المضافُ مخلوقًا، بل هو صفة قائمة به وهكذا حُكمُ المجرور بمن،

(الشرح)(تنزيلُ الكتاب من الله العزيز الحكيم) الإضفاة من، يعني: من حكمُها حكم الإضافة، فهذا التنزيل إضافة(...) الصفة إلى الموصوف، نعم.

(المتن)فإضافةُ القرآن إليه -سُبحانهُ- من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، لا من باب إضافة المخلوق إلى خالقه خلافًا للمبتدعة من المعتزلة والجهمية وأشباههم، وفي هذه الآية الرد على من زعم أن القرآن مخلوق، أو أنه كلامُ بشر وغيره.

(الشرح)أنهُ قال: (تنزيل) فأخبر بأنهُ منزل، نعم

(المتن)فمن زعم ذلك فهو كافر بالله العظيم، كما رُوي ذلك عن السلف، وفيها دليل على أن جبريل نزل به من عند الله، فإنه (رُوحُ القُدُس) وهو أيضا الروحُ الأمينُ، وفي قوله: (الأمينُ) دليل على أنه مُؤتمن على ما أُرسل به، فلا يزيدُ عليه ولا يُنقصُ، وفيها دليل على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- سمعهُ من جبريل وهو الذي نزل به عليه من عند الله، وجبريلُ سمعه من الله، والصحابةُ سمعُوه من النبي -صلى الله عليه وسلم,

(الشـرح)الرسول صلى الله عليه وسلم، سمع القرآن من جبريل وجبريل سمعه من الله، والصحابة سمعوه من الرسول عليه الصلاةُ والسلام، والرسول سمعه ن جبريل، وجبريل سعه من الله، نعم.

(المتن)وفيها الرد على من قال إن النبي -صلى الله عليه واله وسلم- سمع القرآن من الله، وفيها الدلالةُ على بُطلان قول من قال إنه مخلوق خلقهُ الله في جسم من الأجسام المخلوقة، كما هو قولُ الجهمية القائلين بخلق القرآن.

(الشرح)بعضهم يقول: خلقه في الهواء، وبعضهم يقول: خلقه في شجرة فالشجرة هي التي تكلمت في السورة قالت (إني أنا الله ربُ العالمين) هذه يقوله المعتزلة، (نُودي من شاطئ الواد الأيمن في البُقعة المُباركة من الشجرة أن يا مُوسى) هذا مخلوق في الشجرة كلام الله، قال باطل، الملائكة ما جاءت بالكلام من الشجرة، كما تقول: كلمت سيدًا من البيت، نعم.

 (المتن)وفيها الدلالةُ على بُطلان قول من قال إنه فاض على النبي -صلى الله عليه واله وسلم- من العقل الفعال او غيره. ما يسمعون معاني  أو غيره.

(الشرح)كما يقول الفلاسفة الملاحدة، يقول القرآن (...)، كثير من العقلاء الفعل (...)، نعم.

(المتن)كما يقولُهُ طوائفُ من الفلاسفة والصابئة، وهذا القولُ أشد كفرًا من الذي قبله، وفيها الدليلُ على بُطلان قول من يقولُ: إن القرآن العربي ليس مُنزلا من الله بل مخلوق.

(الشرح)نعم كما تقوله المعتزلة، نعم.الجرب في (...)والجرم الجسد  

(المتن)إما في جبريل أو محمد أو جرم آخر كالهواء، كما يقولُ ذلك اللابيةوالأشعريةُ القائلون بأن القرآن العربي ليس هو كلام الله، وإنما كلامُه المعنى القائمُ بذاته، والقرآنُ العربي خُلق ليدل على ذلك المعنى، وهذا يُوافقُ قول المعتزلة ونحوهم في إثبات خلق القرآن، وفيها أن السفير بين الله ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-

(الشـرح)       يعني: هذا موافقة المعتزلة، والمشهور عنهم أنهم يقولون هذا الكلام كلام جبريل أو كلام محمد كأنهم يقولون: أن الكلام خُلق في الهواء، نعم. يعني كلام جبريل أو كلام محمد مخلوق، نعم.

(المتن)وفيها أن السفير بين الله ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- هو جبريلُ عليه السلامُ، وفيها الرد على من زعم أن كلام الله هو المعنى النفسي كما يقول اﻷشاعرة فإن جبريل سمعه من الله والمعنى المُجردُ لا يُسمعُ، وفيها دليل أن القرآن نزل باللغة العربية وتكلم الله -سُبحانهُ- بالقرآن بها.

(الشرح)نعم باللغة العربية، يقول: نزل باللغة العربية وتكلم الله سُبحانه بها، هذا فيه دليل على شرف اللغة العربية، قال الله تعالى: {نزل به الروح اﻷمين*علي قلبك لتكون من المنذرين* بلسان عربي مُبين}[الشعراء: 195]، فالقرآن عربي، تكلم الله به، فيه يدل على العربية، فيه شرف اللغة العربية، وأنها أشرف اللغات، قال بعضهم: أنها لُغة أهلُ الجنة، والآن كثير من لناس زهدوا في اللغة العربية، وأقدموا على اللغة الأجنبية، وأصبحت اللغة العربية لا قيمة لها، وإذا عظم الناس القرآن والسُنة فإنهم يُعظمون اللغة العربية، ويجب العناية باللغة العربية ليُفهم كلامُ الله وكلام رسوله، ومن المؤسف أن الدول الإسلامية الآن أصبحت يدرسون باللغة الأجنبية أكثر من اللغة العربية، فتجد اللغة الأجنبية كل يوم درس، أما اللغة العربية فدرس واحد في الأسبوع، وبعضُها (...)، هذا جهل باللغة العربية، فالعناية باللغة العربية أكثر من اللغات الأجنبية، بعضهم يدرس عدة لغات، الإنجليزية والفرنسية وهكذا، واللغة العربية مُهملة، نعم.

 (المتن)وفيها الرد على من زعم أنه يجوزُ ترجمةُ القرآن باللغات الأعجمية.

(الشرح)نعم. وإنما يجوز الترجمة المعنوية، لا الترجمة الحرفية، يعني لا يجوز الترجمة الحرفية، ولا يمكن الترجمة الحرفية لا تؤدي لمعناها، ولهذا لما أراد بعضهم أن يُترجم ترجمة حرفية قوله تعالى: (هُن لباس لكُم وأنتُم لباس لهُن)قال الله تعالى(احل لكم ليلة الصيام الرفث الي نسائكم هن لباس لكم وانتم لباس لهن) بأن الله تعالي اباح للرجل وقع زوجته في ليالي رمضان، يسبب الأختلاط  والملابسة والأتصال، فأراد بعضهم ان يُترجم ترجمة حرفية فقال: هُن سروال لكم وأنتم سراويل لهم،قال ما اصلح، فسد المعنى، فلا تصلُح الترجمة الحرفية وإنما ترجم المعنى، فسر المعنى، ولهذا توجد تري كتب الان للمعني بلُغات مُتعددة تُعطى لمن يريد الدخول في الإسلام، ترجمة المعنى، لا بأس، أما الترجمة الحرفية ممنوع ولا يمكن يشرح يفسر المعني للعجم حتي يفهموه.

(المتن)لأن القرآن مُعجز بلفظه ومعناه.

قولُهُ: (بالحق): أي بالصدق والعدل: (ليُثبت الذين آمنُوا): أي يزيدهم يقينًا وإيمانًا.

قولُهُ: (وهُدًى): أي بيان ونور وبصيرة، ويُطلق الهدى ويُرادُ به ما يقرُ في القلب من الإيمان، وهذا لا يقدرُ على خلقه في قلوب العباد إلا الله، قال تعالى (إنك لا تهدي من أحببت) الآية، ويُطلقُ ويُرادُ به بيانُ الحق وتوضيحُه والدلالةُ عليه والإرشادُ إليه قال تعالى: (وإنك لتهدي إلى صراط مُستقيم). انتهى. من ابن كثير-رحمه الله- وخُصصت الهدايةُ بالمسلمين لاختصاصهم بالنفع بالقرآن وهدي (قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين امنو وهدي وبشري للمسلمين)

(الشرح)يعني: هم الذين ينتفعون، والهُدى لكل أحد، لكن لما كان الذين ينتفعون هم المُسلمون خُصصت الهدية، نعم.

 (المتن)لأنه هو بنفسه هدًى، ولكن لا ينالُه إلا الأبرارُ كما قال تعالى: (هُدًى للمُتقين).

قولُهُ: (وبُشرى): البُشرى والبشارةُ هو أولُ خبر سار، والبشرى يرادُ بها أمران:

 أحدُهما بشارةُ المُخبر، والثاني سرورُ المُخبر، قال تعالى: (لهُمُ البُشرى في الحياة الدُنيا وفي الآخرة) فُسرت البُشرى بهذا وبهذا، قيل وسميت بشرى؛ لأنها تُؤثر في بشرة الوجه، ولذلك كانت نوعين: بشرى سارة تُؤثر فيه نضارةً وبهجةً، وبشرى محزنة تُؤثر فيه سوءًا وعُبوسا، ولكن إذا أطلقت كانت للسُرور.

(الشرح)نعم النوع الثاني (فبشرهُم بعذاب أليم)هذه بشارة سيئة نعم.

(المتن)قال وإذا قُيدت كانت بحسب ما قُيدت به، أما البشارةُ بالفتح فهي نضارةُ الوجه وحسنُه، وأما البُشارة بالضم فهو ما يُعطاه المبشرُ بشارة ما يعطاه من المال والبشارة بشارة الوجه نضارة الوجه نعم.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد