بسم الله الرحمن الرحيم وصلي الله وسلم وبارك علي رسول الله وعلي اله وصحبه ومن استن بسنته واهتدي بهداه اما بعد فغفر الله لك قال الشيخ عبدالعزيز الرشيد-رحمه الله تعالي- وقولُهُ: (ولقد نعلمُ أنهُم يقُولُون إنما يُعلمُهُ بشر لسانُ الذي يُلحدُون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مُبين) قال عفا الله عنك (ولقد نعلم انهم يقولون) أي كُفارُ مكة: (إنما يُعلمُهُ بشر) والبشرُ الإنسانُ ذكرًا كان أو أنثى، وهو في الأصل جمعُ بشرة، وهو ظاهرُ الجلد، سموه بشرًا لظهور أبشارهم خلافًا لغيرهم من الحيوان.
(الشرح)جسمهم مُغطاة بعض الحيوانات الشعر يُغطيها، أما الإنسان بشرتهُ ظاهرة، سُمي بشرة، نعم.
(المتن)أي إن الذي يُعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- آدمي، وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يجلسُ إلى رجل أعجمي في مكة، وكان ذلك الرجلُ يقرأ في الكتب السابقة، فقالت قريش: إن هذا الرجل كان يُعلمُ محمدًا، فأكذبهُمُ الله-سُبحانهُ وتعالى- بقوله: (لسانُ الذي يُلحدُون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مُبين).
قولُهُ: (لسانُ): أي لغةُ (الذي يُلحدُون إليه): أي يميلون ويُشيرون إليه أنه يُعلمُ محمدًا -صلى الله عليه وسلم- أعجمي أي لا يتكلمُ بالعربية، والعجميُ المنسوبُ إلى العجم وإن كان فصيحًا.
قولُهُ: (لسانُ): أي لغةُ، كما في هذه الآية، وفي قوله سُبحانهُ: (وما أرسلنا من رسُول إلا بلسان قومه) ويطلقُ اللسانُ ويرادُ به الذكرُ الحسنُ كما قال تعالى عن إبراهيم: (واجعل لي لسان صدق في الآخرين) ويُطلقُ ويرادُ به الجارحةُ، كما قال سُبحانهُ: (لا تُحرك به لسانك) الآية.
(الشرح)يعني: اللسان يُطلق على الذِكر الحسن، ويُطلق على الجارحة اللسان المعروف، وهذا فيه رد على المُشركين الذين طعنوا في النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: أنهُ تعلم من رجُل أعجمي، فالله تعالى قال: يعني: هذا الأعجمي الذي يُتعلم منهُ كيف؟!، الأعجمي ما يتكلم بالعربية، وهذا القرآن بلسان عربي مبين، فهذا الذي تقولون عنه انه يعلمه لسانه أعجمي كيف يسمع(...)، هل يمكن للعجم أن يُعلم العربية؟
(لسانُ الذي يُلحدُون) لسان يعني لُغته، لُغة الذي يُلحدون إليه، الإلحاد من الميل، أعجمي وهذا القرآن بلسان عربي مبين، فكيف يتفق هذا مع هذا؟ نعم.
(المتن)قولُهُ: (وهذا لسان عربي مبين): أي وهذا القرآنُ لسان عربي مبين، أي بين واضح فكيف يكونُ الذي يقولُهُ أعجمي؟!
(الشرح)وهذا فيه إثبات الكلام لله عز وجل، وأنه تكلم بهذا القرآن بالعربية، أخذ منه جبريل ونزل به على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، نعم.
(المتن)قال وقولُهُ تعالى: (وُجُوه يومئذ ناضرة*الي ربها ناظرة).
(الشرح)أنتقل إلى إثبات صفة النظر،والاستدلال بالنصوص التي أثبتت النظر لله عزوجل، طبعاً الكلام أطال فيه، صفة الكلام من الصفات التي أشتد فيها النزاع بين المخالفين وكذلك الرؤية، كذلك العلو، هذه الصفات الثلاث من الصفات التي أشتد فيها النزاع بين أهل السُنة وبين المخالفين، وهي من العلامات الفارقة، فمن أثبتها فهو من أهل السنة، ومن نفاها فهو من أهل البدعة، من نفى الكلام والعلو والاستواء والرؤية فهو من أهل البدعة، ومن أنكرها فهو من أهل البدعة،ولهذا صفة الكلام كلها ينكرُها الأشاعرة والمعتزلة والجهمية، الكلام يُثبته الجهمية لكن يُثبتون(...) النفسي والحرفي بلا صوت، نعم.
(المتن)قولُهُ تعالى: (وُجُوه يومئذ ناضرة): أي وجوهُ المؤمنين (يومئذ): أي يوم القيامة. (ناضرة): بالضاد من النضارة وهي البهاءُ والحسنُ، ومنه نضرةُ النعيم، وروى ابن مردويه بسند إلى ابن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: (وُجُوه يومئذ ناضرة) قال: من الحُسن والبهاء ( إلى ربها ناظرة) قال: في وجه الله.
(الشرح)ناضرة بالضاد(...) من البهاء والحُسن، والثانية ناظرة بالظاء(...) من النظر بالعين، يعني: تنظُر إلى ربها بعيونها، نعم.
(المتن)قولُهُ:(إلى ربها ناظرة):من النظر بالعين، فيرونهُ -سُبحانهُ- في عرصة القيامة،عرصتها المكان الواسع العرصة هي المكان المتسع يوم القيامة عرصه ما فيه بناء (لا تري فيها عوجا ولا امتا) ويراه المؤمنون في الجنة، ولا يجوزُ حملُ النظر هنا بمعنى الانتظار إلى ثواب الله.
(الشرح)كما يقول أهل البدع، أهل البدع يقولون: معنى (إلى ربها ناظرة) معناها: الأنتظار، أنتظار الثواب؟، وهذا لتعسُفهم،وانكارهم للرؤية الإنسان ينتظر وليس من النظر إصرارًا إلى إثبات النظر وجه الله الكريم، نعم.
(المتن)ولا يجوزُ حملُ النظر هنا بمعنى الانتظار إلى ثواب الله.، فإنه مُعدى بإلى، ولا يُعدى بإلي إلا إذا كان بمعنى النظر بالعين.
(الشرح)نعم. تعدى ب(إلى) أما إذا تعدى ب(في) فيكون معناه التفكر (أولم ينظُرُوا في ملكُوت السموات والأرض) فإذا عُدي ب(إلى) فإنهُ يكون معناه النظر، ولاسيما إذا أُضيف إلى الوجه قال:( وُجُوه يومئذ ناضرة)
(المتن)وأيضًا فالانتظارُ لا يليقُ في دار القرار.
(الشرح)القرار ما فيه إنتظار، الإنتظار معناه ألم وتعب، لما تأتي لمسؤل يقول: انتظر ساعة، هذا فيه ألم، والجنة ما فيه ألم ، كل شيء جاهز، تأخذ الثواب جاهز والنعيم تنعم جاهز، ما فيه أنتظار وتعلُق مثل ما في الدنيا، إذا أردت أن تشتري شيء(...) تنتظر، هذه من أتعاب الدنيا التي طُبعت عليها، أما الآخرة ما فيها تعب،الجنة ما فيها تعب،فيه نعيم كامل، والأنتظار فيه تعب، نعم.
(المتن)فهذه الآيةُ صريحة في أن الله يُرى عيانًا بالأبصار يوم القيامة، وفيها الرد على من زعم أن معنى (ناظرة): أي مُنتظرة ثواب ربها؛ لأن الأصل عدمُ التقدير، ولأن النظر المُعدى بإلى لا يكونُ إلا بمعنى النظر، لا سيما وقد ذُكر الوجهُ الذي هو محل النظر، وقد تواترت الأدلةُ في إثبات النظر إلى وجه الله -سُبحانهُ- وتعالى.
قال ابنُ القيم رحمه الله في (النُونية):
ويرونهُ -سُبحانهُ- من فوقهم |
|
نظر العيان كما يُرى القمران
|
هذا تواتر عن رسُول الله لم |
|
يُنكره إلا فاسدُ الإيمان
|
(الشرح)نعم. صدق -رحمه الله- أفادت الإيمان، والقمران الشمس والقمر، نعم.
وقال ابنُ حجر-رحمه الله-:
مما تواتر حديثُ من كذب |
|
ومن بنى للهُ بيتا واحتسب
|
ورُؤية شفاعة والحوضُ |
|
ومسحُ خُفين وهذي بعض
|
(الشرح)يعني: هذه اللي تواتر في السنة، لأن السُنة متواترة قليلا، تبلغ السُنة أربعة عشر حديث من أحاديث الرؤيا ومن أحاديث من بنا لله مسجد ومن أحاديث الشفاعة ومن أحاديث الحوض، والباقي السُنة كُلها تمت من خبر الأحاد،لكن خبر الأحاد إذا صح السند وعُدلت الرواة،(...) يُفعل العلم، يعمل به في العقائد وفي الأعمال، أعد.
قال ابن حجر مما تواتر حديث من كذب،حديث من كذب علي متعمدا فليتبؤ مقعده من النار ومن بني لله بيتا واحتسب،من بني لله بيتا ولو كمفحص قطاة بني الله له بيتا في الجنة هذا متواتر،ورؤية رؤية رؤية الله في الاخرة من اﻷحاديث المتواترة باﻷضافة الي الايات القرانية،شفاعة ،احاديث الشفاعة وان المؤمنون العصاة الموحدين يخرجون من النار(...)يخلدون فيها متواتر والحوض،كذلك الحوض،ومسح خفين،نعم ومسح الخفين من الاحاديث المتواترة وكذلك اشياء اخري تقرب من ثلاثة عشر او اثني عشر احاديث مثلا والباقي كلها احاد نعم(....)كلها متواترة نعم .
(المتن)وفي هذه الآية دليل على أن هذه الرؤية خاصة بالمؤمنين.
(الشرح)نعم.لا شك وفي حديث (( إنكم لترون ربكم كما ترون القمر))والخطاب خاصٌ بالمؤمنين، نعم.
(المتن)وفيها دليل على أن الرؤية تحصلُ للمؤمنين يوم القيامة دون الدُنيا.
(الشرح)في الدنيا ما يستطيع أحد أن يرى الله، أحتجب عن خلقه، نوره لو كشفه لحترق الخلق، لا يستطيعون الثبات رؤية الله في الدنيا، ولهذا لما سأل موسى عن الرؤية وهو كليمُ الله - عن رؤية الله، الله قال: (لن تراني) يعني: ما تستطيع لبشريتك الضعيفة، نعم.
(المتن)ولم يثبت أن أحدًا رآه -سُبحانهُ- في الدُنيا، قال الله في حق موسى عليه السلامُ: (قال رب أرني أنظُر إليك قال لن تراني ) أي في الدُنيا.
(الشـرح) وهذا مُجمع عليه بين أهل العلم ، إلا نبيُا محمد صلى الله عليه وسلم، ليلة المعراج، اجمعوا على أن الله لا يرى أي أحد في الدنيا، ولم يختلفوا إلا في نبيُنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأجمعوا على أن نبيُنا محمد صلى الله عليه وسلم لم يرى ربهُ في الأرض، واختلفوا في رؤيته في السماء ليلة المعراج على قولين:
قيل : أنهُ رآه بيعن رأسه، وقيل: أنهُ رآه بعين قلبه، والصواب أنهُ لم يراه بعين رأسه، لأنه محجوب، الله تعالى قال: (وما كان لبشر أن يُكلمهُ الله إلا وحيًا أو من وراء حجاب) كلمه الله، ولكن من وراء حجاب، هذا هو الصواب الذي عليه الجماهير، نعم.
(المتن)وفي صحيح مسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنكُم لن تروا ربكُم حتى تمُوتُوا)). واختُلف هل حصلت الرؤيةُ لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-؟ فالأكثرون على أنه لم يرهُ -سُبحانهُ- وحكاهُ عثمانُ بنُ سعيد الدارمي بإجماع الصحابة.
قال ابنُ القيم رحمهُ اللهُ: والناسُ في إثبات الرؤية وعدمها طرفان ووسط، فقسم غلوا في إثباتها حتى أثبتُوها في الدُنيا والآخرة.
(الشرح)وهم الصوفية الصوفية وأشباههم -قبحهم الله-، يقولون: يمكن أن يرى الله في الدنيا، كل خضرة اي خضرة لعل الله يكون فيها، هذا من جهلهم وضلالهم وكفرهم، نعم.
(المتن)وهم الصوفيةُ وأضرابُهم، وقسم نفوها في الدُنيا والآخرة وهم الجهميةُ والمعتزلةُ، والوسطُ هم أهلُ السُنة والجماعة الذين أثبتوها في الآخرة فقط حسبما تواترت به الأدلةُ. انتهى.
(الشرح)قال قسمان: قسم نفوها الجهمية والمعتزلة ما يرى الله لا في الدنيا ولا في الآخرة، وقسم غلوا قالوا: يُرى في الدنيا وهم الصوفية، وقسم توسطوا وهم أهل الحق على حسب النصوص لأنهُ يُرى في الآخر لا في الدُنيا، نعم.
(المتن)قولُهُ: (على الأرائك ينظُرُون): الأرائكُ جمع أريكة وهي: السرُرُ تحت الحجال.
بسم الله الرحمن الرحيم وصلي الله وسلم وبارك علي رسول الله وعلي اله وصحبه ومن والاه اما بعد فغفر الله لك فقال الشيخ عبدالعزيز الرشيد رحمه الله علي (المتن)قولُهُ: (على الأرائك ينظُرُون): الأرائكُ جمع أريكة وهي: السرُرُ تحت الحجال.
:(ينظُرُون): أي ينظرون إلى وجه الله، وهذا مقابل لما وُصف به أولئك الفجارُ في قوله: (كلا إنهُم عن ربهم يومئذ لمحجُوبُون)
(الشرح)يعني:الكفار محجوبون عن الله، والمؤمنون ينظرون إلى الله، نعم.
(المتن)فذُكر عن هؤلاء أنهم يُباحون النظر إلى الله، وهم على سررهم وفُرُشهم وعن أولئك الفجار.
(الشرح)يُباحون يعني: الله يُبيح لهم النظر وفيه إثبات الرؤية الله عز وجل، وأن يرون ربهم في موقف القيامة بعد دخولهم الجنة، وفيه الرد على من أنكر رؤية الله من المعتزلة والجهمية وغيرهم، والأشاعرة أثبتوا الرؤية ولكنهم نفوا الجهة، قالوا: يُرى ولكن من غير جهة، وهذا من جهلهم، قالوا: أن الله يُرى، ولكن من فوق؟ يقولون: لا ما ندري، من تحت؟ ما ندري، من أمام؟ ما ندري، من خلف ما ندري، شمال؟ ما ندري، قيل كيف يُرى؟ قالوا: لا في جهة وهذا من تناقضهم وجهلهم، ولهذا أنكر عليهم جميع الطوائف، قالوا: لابد أن تكون في جهة من رأي، لابد أن يكون الرأي رائي للمرئي، فهم أرادوا أن يكونوا مع أهل السنة في إثبات الرؤية، وأرادوا أن يكونوا مع المعتزلة في إنكار العلو، فتذبذبوا فصاروا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، نعم.
(المتن)فذُكر عن هؤلاء أنهم يُباحون النظر إلى الله، وهم على سررهم وفُرُشهم وعن أولئك الفجار، أنهم يُحجبون عن رؤيته، وقد استدل العلماءُ بهذه الآية، أي قوله: (كلا إنهُم عن ربهم يومئذ لمحجُوبُون).على إثبات رؤية الله، قالوا: لأنه لما حجب أعداءه عن رُؤيته دل على أن أولياءه يرونه.
(الشرح)وأهل السنة(...)، لما حُجب هؤلاء في السخط دل على أن أوليائه يرونه في الرضا، لما حُجب هؤلاء الكفرة في السخط دل على أن أوليائه يرونه في الرضا، ولو كان المؤمن لا يرونه لتساووا هم وأعدائه في الحجب، فلما حُجب عن هؤلاء دل على أن المؤمن لا يُحجبُ إلا يتساووا لتساوا الأعداء والأولياء في الحجب، نعم.
في موقف القيامة فيه خلاف فيه عدة أقوال بين أهل العلم، قيل أن رؤيته تكون العامة ثُم يحتجب عن الكفرة وقيل رؤية خاصة بالمؤمنين والمنافقين، لأن المنافقين كانوا مع المؤمنين في الدنيا، وقيل رؤية خاصة بالمؤمنين، والأقرب وظاهر الأحاديث أن المنافقين يرون مع المؤمنين، ولهذا جاء في الحديث أنهم يرونه ثُم يسجدون له فيسجد المنافق فيصير ظهره طبقا فلا يستطيع السجود، نعم.
(المتن)وقال على قوله تعالى:( للذين أحسنُوا الحُسنى وزيادة ).قولُهُ: (أحسنُوا): أي في أعمالهم، وقد تقدم الكلامُ على هذا الإحسان.
قولُهُ: (الحُسنى): أي الجنة(وزيادة) وهي النظرُ إلى وجه الله، كما فسرها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- والصحابةُ
(الشرح)جاء في التفسير تفسير الحُسنى بالجنة والزيادة النظرُ إلى وجه الله، نعم.
(المتن)ولما عطف الزيادة على (الحُسنى) دل على أنها جزاء آخرُ وراء الجنة وقدر زائد عليها، وثبت في صحيح مسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تفسيرُ الزيادة بالنظر إلى وجه الله الكريم.
قال ابنُ رجب رحمه الله: وهذا مناسب لجعله جزاءً لأهل الإحسان؛ لأن الإحسان هو أن يعبد المؤمنُ ربه على وجه الحضور والمُراقبة كأنه يراهُ بقلبه وينظرُ إليه في حال عبادته، فكان جزاءُ ذلك النظر إلى وجه الله تعالى عيانًا في الآخرة وعكسُ هذا ما أخبر به عن جزاء الكفار أنهم عن ربهم محجوبون، وذلك جزاء لحالهم في الدُنيا، وهو تراكُمُ الران على قلوبهم حتى حجبت عن معرفته في الدُنيا، فكان جزاهم على ذلك أن حُجبوا عن رؤيته في الآخرة. انتهى.
(الشرح)-نسأل الله العافية- نعم. في الدُنيا حُجبوا عن معرفته وحجبوا عن عبادته، فلم يعبدوا علي المشاهدة، فحجبوا في الآخرة، والمؤمنون تعبدوا لله وعبدوه على المشاهدة كأنهم يرونه فأباح لهم النظر إلى وجهه الكريم في الدار الآخرة، نعم.
(المتن)قولُهُ: (لهُم ما يشاءُون فيها ولدينا مزيد) (لهُم ما يشاءُون فيها): أي في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، كما في حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((قال اللهُ سُبحانهُ وتعالى: أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أُذُن سمعت ولا خطر على قلب بشر)) ثم قرأ: (فلا تعلمُ نفس ما أُخفي لهُم من قُرة أعيُن جزاءً بما كانُوا يعملُون ) رواه البخاري.
قولُهُ: (ولدينا مزيد): وهو النظرُ إلى وجه الله -سُبحانهُ وتعالى- كما قال ذلك علي بنُ أبي طالب وأنس وغيرُهم: أفادت الآياتُ إثبات الرؤية، وأنها خاصة بيوم القيامة، وأن رؤية الله -سُبحانهُ وتعالى- من أجل نعيم الجنة وأعظمه.انتهى.قال شيخ الاسلام وهذا الباب في كتاب الله كثير ومن تدبر القران للهدي منه تبين له طريق الحق.
قولُهُ: (وهذا البابُ): أي بابُ معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله وما يستحقه -سُبحانهُ- من إفراده بالعبادة وترك عبادة ما سواه.
قولُهُ: (في كتاب الله كثير): قد أفصح القرآنُ عنه كل الإفصاح، وأغلبُ سور القرآن مُتضمنة لذلك، بل كل سورة من القرآن، فإن القرآن إما خبر عن الله وأسمائه وصفاته، وهو التوحيدُ العلمي الخبري وإما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له، وخلع ما يُعبدُ من دونه وهو التوحيدُ الطلبي، وإما أمر ونهي وإلزام بطاعته، فذلك من حقوق التوحيد ومُكملاته، وإما خبر عن إكرامه لأهل توحيده وما فُعل بهم في الدُنيا وما يُكرمُهم به في الآخرة، فهو جزاؤه توحيدُه، وإما خبر عن أهل الشرك وما فُعل بهم في العقبى من العذاب، فهو جزاءُ من خرج من توحيده، والقرآنُ كله في التوحيد وحقوقه وجزائه وفي الشرك وأهله وجزائهم، فلا تجدُ كتابًا قد تضمن من البراهين والأدلة على هذه المطالب العالية كما تضمنه القرآنُ بأسلوب واضح جلي، فألفاظُ القرآن أفصحُ الألفاظ وأبينُها وأعظمُها مطابقةً لمعانيها المرادة منها، فلا تجدُ كلامًا أحسن تفسيرًا ولا أتم بيانًا من كلامه سُبحانهُ، ولهذا سماه بيانًا خلافًا لمن زعم أن كلام الله ورسوله لا يفيدُ العلم بشيء من أصول الدين ولا يجوزُ أن تُستفاد معرفةُ الله وأسمائه وصفاته وأفعاله منه، وعبر عن ذلك بقوله: الأدلةُ اللفظيةُ لا تُفيدُ اليقين.
(الشرح)هذا كلام أهل البدع أهل البدع يقولون: الأدلة اللفظية لا تُفيد اليقين، يُسمون القرآن والسُنة أدلة لفظية، يعني: لفظ، ويقولون: الأدلة العقلية هي المُعتمدة، يُسمونه براهين عقلية، وقواطع، يُسمون الأدلة العقلية قواطع عقلية، وبراهين يقينية، وأما النصوص الأخرى يُهولوا من شأنها يقولون: هذ ألفاظ، لا تُفيد اليقين، الدلالة اللفظية لا تُفيد اليقين، بخلاف الأدلة العقلية فإنها تُفيد اليقين وتُفيد القطع، يُسمونها براهين، وقواطع، وهذا من جهلهم وضلالهم، لأن الشريعة نصوص، والعقل تابع للشرع، نعم.
(المتن)قال الشيخُ تقيُ الدين بنُ تيمية رحمه الله: وزعم قوم من غالية أهل البدع أنه لا يصح الاستدلالُ بالقرآن أو الحديث على المسائل القطعية، بناءً على أن الدلالة اللفظية لا تفيدُ اليقين، كما زعموا وزعم كثير من أهل البدع أنه لا يُستدل بالأحاديث المُتلقاة بالقبول على مسائل الصفات والقدر ونحوهما مما يُطلبُ فيه القطعُ واليقين . انتهى.
قولُهُ: (من تدبر القرآن): أي تفكر فيه، والفكرُ: هو إعمالُ النظر في الشيء، وقد جاء في الكتاب والسُنة الحث على التدبر والتفكر، قال تعالى: (كتاب أنزلناهُ إليك مُبارك ليدبرُوا آياته وليتذكر أُولُوا الألباب)، وقال تعالى: (أفلا يتدبرُون القُرآن أم على قُلُوب أقفالُها) إلى غير ذلك من الآيات الحاثة على التدبر وتفهم معاني القرآن، وفيها الرد على من زعم أنه لا وصول إلى ذلك، وأن باب الفهم عن الله وعن رسوله قد أُغلق، وباب الاجتهاد قد سُد.
(الشرح)هكذا بعض أهل البدع يقول: لا تأخذ من الكتاب ولا السُنة ما تعرف الكتاب ولا السنة، ما تستطيع أن تأخذه ولكن تأخذ عن شيخ، تأتي إلى الشيخ وهو الذي يُخبرك، ويكون شيخ الضلالة، أغلقوا النصوص وجعلوها ما أحد يفهمها إلا العلماء والأكابر وغيرهم ما يفهم القرآن، والله تعالى قال (ان انزلنه قرانا عربيا): (بلسان عربي مُبين) (والعصر*ان الانسان لفي خسر*الا الذين امنو وعملو الصالحات وتواصو بالحق وتواصو بالصبر)مايعرف هذا كل عربي يعرف هذا كل انسان يعرف، أما بعض السور التي فيها إشكال يرجع فيها للتفسير، لكن أغلب القرآن واضح الان، وكذلك السُنة، صفات المؤمنين صفات المنافقين ما يعرفها أي واحد، وهم أرادوا أن يُغلقوا الرجوع إلى الكتاب والسُنة، قالوا: لا النصوص هذه ما يعرفها إلا المجتهد الذي بلغ من الاجتهاد شيء بعيداً، العلماء الكبار، أما عامة الناس لا ما يأخذون النصوص من الكتاب والسُنة،ما يأخذون الاحكام أسأل الشيخ، ويكون الشيخ من شيوخ الضلال، يُضله ونعوذ بالله، نعم وهذا قول باطل ترده ادلة الكتاب والسنة قوله: طالبا للهدى اي الرشاد تبين له اي اتضح طريق اي سبيل قوله الحق وهو ضد الباطل