شعار الموقع

شرح التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية 28

00:00
00:00
تحميل
18

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلي الله وسلم وبارك علي رسول الله وصحبه ومن استن بسنته واهتدي بهداه اما بعد فغفر الله لك   

(المتن)يقول شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله تعالى-: فصل في سنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، فالسُنةُ تُفسرُ القُرآن وتُبينُهُ، وتدُلُ عليه، وتُعبرُ عنهُ وما وصف الرسُولُ به ربهُ عز وجل من الأحاديث الصحاح التي تلقاها أهلُ المعرفة بالقبُول؛ وجب الإيمانُ بها كذلك.

(الشرح)نعم لأن السُنة وحيٌ ثاني، سماهُ وحيٌ من الله، قال الله تعالى:  (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى3 إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)، تُفسر القرآن وتوضحه وتُعبر عنه، فالسنة لها مع القران ثلاثة احوال، الحالة الأولى: أن تأتي بأحكامِ موافقة لما في القرآن، منها وجوب الصلاة في القرآن وفي السُنة، وجوب الزكاة في القرآن وفي السُنة،الثانية: هي تفصيل لما خُتم في القرآن تخصيص لما كان عامًا، فالسُنة تُخصص العام، وتُبين المجمل وتُقيد المطلق، والحالة الثالثة: أن تأتي بأحكام جديدة ليست في القرآن،كتحريم كل ذي ناب من السباع ، كتحريم كُل ذي مخلب من الطير، كتحريم الجمع بين المرأة وعمتها، والجمع بين المرأة وخالتها، هذه أحكامٌ جديدة جاء ت بها السُنة، وهي وحيٌ ثاني، والله تعالى أمر بالأخذ من السُنة، (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ) (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) ومن أنكر العمل بالسنة أو أنكر حُجية السُنة فقد كفر لأنهُ مُكذبٌ لله، ومن كذب الله كفر، الله أمرنا أن نأخذ بالسنة،  (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ) (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)، نعم.

(المتن)وما وصف الرسُولُ به ربهُ عز وجل من الأحاديث الصحاح التي تلقاها أهلُ المعرفة بالقبُول؛ وجب الإيمانُ بها كذلك، ثم ذكر قوله صلى الله عليه وسلم: (ينزلُ ربُنا إلى السماء الدُنيا كُل ليلة حين يبقى ثُلُثُ الليل الآخرُ، فيقُولُ: من يدعوني فأستجيب لهُ؟ من يسألُني فأُعطيهُ، من يستغفرُني فأغفر لهُ؟ )). متفق عليه.

(الشرح)نعم. وحديث النزول من الأحاديث المتواترة، ثبت في الصحاح والسُنة وبأسانيد، وفيه إثبات النزول لله عز وجل كما يليق بجلاله وعظمته، وفيه إثبات العلو لله، والله تعالى ينزل كما يشاء، لا يُماثل خلقه، وهو سبحانه وتعالى فوق العرش،ينزل بلا كيف يفعله سبحانه كما يشاء نعم.

 

(المتن)أحسن الله إليك. قال الشييخ عبد العزيز الرشيد -رحمه الله-: (الفصلُ): لغةً الحاجزُ بين الشيئين، واصطلاحًا: هو اسم لجملة من العلم تحته فروع ومسائلُ غالبًا، لما ذكر المؤلفُ أدلة الكتاب أتبعها بأدلة السُنة، جريًا على عادة السلف الصالح رحمهم الله وأتباعهم، فإنهم كانوا يذكرون الآيات في الباب ثم يتبعونها بالأحاديث الموافقة لها، كما فعل البخاري ومن قبله ومن بعده من المصنفين في السُنة يحتجون على أحاديث النزول والرؤية والتكلم والوجه واليدين والإتيان ونحو ذلك بما في القرآن، ويُثبتون بذلك اتفاق دلالة القرآن والسُنة عليها، وأنهما من مشكاة واحدة، ولا ينكرُ ذلك من له أدنى معرفة وإيمان، فإن السُنة كالكتاب في إفادة العلم واليقين، وفي وجوب القبول واعتقاد ما تضمنته.

(الشرح)نعم هذا الواجب، العمل بالسنة ويعتقد ما دلت عليه ، فهي تُفيد العلم واليقين، خلافًا لأهل البدع الذين يقولون أخبار الأحاد لا تُفيد إلا الظن، ولن تقبل في العقائد، الخبرُ الواحد إذا صح السند وكان رواته عدول ثقات يفيد به في العلم، ويعمل به في العقائد وفي غيرها، في الأحكام وفي العبادات وفي المعاملات وفي كل شيء، نعم.

  

(المتن)قال خلافا لما عليه اهل البدع الذين قالوا: لا يُحتج بكلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على شيء من الصفات، وقالوا في تلك الأدلة: إنها ظواهرُ لفظية لا تفيدُ اليقين.

(الشرح)فردوا، ردوا هذه النصوص، وقالوا ظواهر لفظية لا تُفيد اليقين وتأولوها تأويلات باطلة، بعضهم قال: النزول نزول الرحمة، وبعضهم قال النزول نزول الملك، وهذا باطل، الرسول-صلي الله عليه وسلم- هو أفصح الناس قال: ((وينزلُ ربُنا كل يوم إلى السماء الدُنيا)) كيف ينزل ملكان، أو يقال نزول الرحمة، الرحمة تنزل في كل وقت، النزول اﻷلهي في ثُلث الليل الأخر، الرسول-صلي الله عليه وسلم- أفصح الناس ويقول: ((ينزل ربُنا)) ولم يقل ينزل ملك، أو تنزل الرحمة، نعم.

(المتن)وزعموا أن الذي يفيدُ اليقين هو نُحاتةُ أفكارهم وسفالةُ أذهانهم، وهذا إبطال لدين الإسلام رأسًا.

(الشرح)لا حول ولا قوة الا بالله هذا يزعمون أن الادلة العقلية هي التي تُفيد اليقين، أهل البدع، وأما الذين(...)السنه لا تُفيد اليقين، هذه ظواهر أصلية لا تُفيد إلا الظن، والذي يُفيد اليقين عقولهم، نُحاتة الأفكار وزُبالة الأذهان، يصنعون أدلة من عند أنفسهم ويقولون هذه هي البدعة، هذه الأدلة العقلية تُفيد اليقين، سموها قواطع عقلية، وبراهين يقينية، نعم. 

(المتن)قولُهُ: (سنة رسول الله): السُنةُ لغةً: الطريقةُ، وعُرفًا: هي أقوالُ النبي -صلى الله عليه وسلم- وأفعالُه وتقريراتهُ، وتُطلقُ السُنةُ تارةً على ما يُقابلُ القرآن، كما هنا وكما في حديث: ((يؤُم القوم أقرؤهُم لكتاب الله، فإن كانُوا في القراءة سواء فأعلمُهُم بالسُنة))، وتُطلقُ تارةً على ما يُقابلُ الفرض وغيره من الأحكام الخمسة، وربما لا يُراد  بها إلا ما يقابلُ الفروض كفروض الوضوء وسننه، وتُطلقُ تارةً على ما يُقابلُ البدعة، فيُقالُ أهلُ السُنة والبدعة.

قولُهُ: (فالسُنةُ تفسرُ القرآن): أي تبينُه وتوضحُه، والتفسيرُ في الأصل هو الكشفُ والإيضاحُ، وفي الاصطلاح: توضيحُ معنى الآية وشأنها والسبب الذي أُنزلت فيه بلفظ يدل عليه دلالةً ظاهرةً. انتهى من التعريفات.

فتفسير اللفظ تبيينُ معناهُ وتوضيحُه، ويكون بذكر لفظ أوضح من المفسر، ويكون أيضًا بذكر ضد الشيء كما قيل:

والضد يُظهرُ حسنهُ الضدُ
    
      

 

وبضدها تتبينُ الأشياءُ
 

 

 

فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- بين لأصحابه القرآن، لفظه ومعناه، فبلغهم معانيه كما بلغهم ألفاظه، ولا يحصلُ البيانُ والبلاغُ المقصودُ إلا بذلك، كما قال -سُبحانهُ- وتعالى: (لتُبين للناس ما نُزل إليهم).

وأيضًا فإن الله أنزل على نبيه الحكمة كما أنزل القرآن، والحكمةُ هي: السُنةُ كما قاله غيرُ واحد من السلف، وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((ألا وإني أُوتيتُ الكتاب ومثلهُ معهُ)) رواه أصحابُ السنن من حديث المقدام بن معدي كرب، وقال سُبحانهُ: (وما ينطقُ عن الهوى * إن هُو إلا وحي يُوحى)، وإنما يحسنُ الاستدلالُ على معاني القرآن بما رواه الثقاتُ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم يتبعُ ذلك بما قالهُ الصحابة والتابعون وأئمةُ الهدى، ولا شك أن تفسير القرآن بهذه الطريقة خير مما هو مأخوذ عن أئمة الضلال وشيوخ التجهم والاعتزال، الذين أحدثوا في الإسلام بدعًا وضلالات وفرقوا دينهم وكانوا شيعًا، ونبذوا كتاب الله وسنة رسوله وراء ظهورهم.

(الشرح)نعم. القرآن يُفسر بالقرآن، فإذا لم يُجد يُفسر بالسُنة، ثم يُفسر بكلام الصحابة والتابعين، وما تحتمله اللغة وتدُلُ عليه، نعم.

(المتن)قولُهُ: (وتبينه): أي توضحُه وتكشفُ معناه، والبيانُ اصطلاحًا: قيل: هو إخراجُ المعنى من حيز الإشكال إلى حيز التجلي والوضوح، فالسُنةُ كما أشار إليها المؤلفُ تبينُ مجمل الكتاب، كما في الصلاة والصوم والحج والبيع، وغالب الأحكام التي جاء تفصيلُها في السُنة، والبيان يحصلُ بالقول وبالفعل وبالإقرار على الفعل.

قال ابنُ القيم رحمه الله: وبيانُ النبي -صلى الله عليه وسلم- أقسام، بيانُه لألفاظ الوحي ومعانيه بقوله أو فعله أو إقراره، بيان للقرآن، وبيان ابتدائي يبتدئُ الناسُ أو يسألونه، وبيانُه بالقول والفعل لمُجملات القرآن. انتهى.

قولُهُ: (وتدل عليه): من الدلالة بكسر الدال وفتحها، وهو ما يقتضيه اللفظُ عند إطلاقه، واسمُ الفاعل دال ودليل وهو المبينُ والكاشفُ، ودلالةُ اللفظ الوضعيةُ تنقسمُ إلى ثلاثة أقسام: دلالة مُطابقة، ودلالة تضمن، ودلالة التزام، فدلالةُ المطابقة: هي دلالةُ اللفظ على تمام المعنى الذي وُضع له، كدلالة الرجل على الإنسان الذكر ودلالة المرأة على الإنسان الأنثى، وسُميت مطابقة لتطابق الفهم والوضع فيها، ودلالةُ التضمن: هي دلالةُ اللفظ على جزء مُسماه، كدلالة لفظ الأربعة على الواحد رُبعها، وسُميت تضمنًا؛ لأن بعض المعنى مفهوم من ضمن كُله ضرورة، ودلالةُ الالتزام: هي دلالةُ اللفظ على خارج عن مُسماه ولازم المعنى، كلزوم الزوجية للفظ أربعة.

قولُهُ: (وتعبرُ عنه): أي تُبينُ وتُعرب، ويُقال: هو عبارة عن كذا أي بمعناه ومُساو له في الدلالة، فظهر مما تقدم أن السُنة تُفسرُ القرآن وتُبين مجمله وتُقيدُ مطلقه إلى غير ذلك.

قال ابنُ القيم رحمه اللهُ: السُنةُ مع القرآن على ثلاثة أوجه:

أحدها: أن تكون موافقةً له من كل وجه، فيكون توارُد الكتاب والسُنة على الحكم من باب توارد الأدلة وتضافرها.

الثاني: أن تكون بيانًا لما أُريد بالقرآن وتفسيرًا له.

الثالث: أن تكون مُوجبةً لحكم سكت القرآنُ عن إيجابه، أو تحريم ما سكت القرآنُ عن تحريمه، ولا تخرجُ عن هذه الأقسام.

وما وصف الرسول-صلي الله عليه وسلم-به ربه عز وجل من الأحاديث، جمع حديث وهو لغة: ضد القديم، واصطلاحًا: ما أضيف إلى النبي -صلى اللهُ عليه وسلم- قولا أو فعلا  أو تقريرًا.

قولُهُ: (الصحاح): من الصحة هو لغة: ضد السقم، واصطلاحًا: هو ما نقله العدل الضابط عن مثله من غير شذوذ ولا علة، فهو ما جمع خمسة شروط: عدالة الرواة وضبطهم، واتصال السند، وأن لا يكون فيه شذوذ، وأن لا يكون فيه علة، وهذه الشروط شروط الصحيح لذاته، أما الصحيح لغيره، فهو ما اختل فيه شرط من هذه الشروط، ولكن انجبر بمجيئه من طرق أخرى، وحكم الصحيح القبولُ.

قولُهُ:( تلقاها): أي قبلها وأخذها، يقال تلقى القول وتلقنه وتلقفه.

قولُهُ:(أهل المعرفة): أي أهل العلم بالحديث، وهم علماء الحديث العالمون بأحوال نبيهم الضابطون لأقواله وأفعاله، والمعتنون بها، ولا عبرة بمن عداهم من المتكلمين وغيرهم، فإن الاعتبار في كل علم بأهل العلم به دون غيرهم.

فهذه اﻷخبار تفيد العلم عند من له عناية بمعرفة ما جاء به الرسول-صلي الله عليه وسلم-ومعرفة احوال دعوته علي التفصيل فأن اهل الحديث لهم فقه خاص في الحديث مختصون بمعرفته كما يختص البصير في معرفة النقود جيدها ورديئها خالصها ومثوبها وقد امتحن غير واحد من هولاء العلماء في زمن ابي زرعة وابي حاتم فوجد الامر علي ذلك فقال السائل اشهد ان هذا العلم الهام قال الاعمش كان ابراهيم النخعي صيرفيا في الحديث 

(المتن)وما وصف الرسُولُ به ربهُ عز وجل من الأحاديث الصحاح التي تلقاها أهلُ المعرفة بالقبُول؛ وجب الإيمانُ بها كذلك

(الشرح)نعم يعني بمعني انه يجب على الإنسان إن يؤمن بما وصف به رسول الله نفسه وفي كتابه، فيجب عليه أن يؤمن بما وصف به النبي ربه في السُنة المُطهرة، لأن السُنة وحي ثاني، قال الله تعالى (إن هُو إلا وحي يُوحى)، نعم.

(المتن)قولُهُ:(تلقاها): أي قبلها وأخذها، يقال تلقى القول وتلقنه وتلقفه.

قولُهُ:(أهل المعرفة): أي أهل العلم بالحديث، وهم علماء الحديث العالمون بأحوال نبيهم الضابطون لأقواله وأفعاله، والمعتنون بها، ولا عبرة بمن عداهم من المتكلمين وغيرهم، فإن الاعتبار في كل علم بأهل العلم به دون غيرهم.

(الشرح)لا عبرة بالمحدثين وبالنصوص التي تلقاه المُحدثين في معرفة الحديث، لأنهم أهل النبي وخاصته، أما المتكلمون وأهل البدع فليسوا أهلا  لأن يؤخذ بكلامهم، نعم. نعم يؤخذ بكلام أهل الاختصاص، الاختصاص هم المُحدثون العارفون بسُنتة النبي صلى الله عليه وسلم، نعم.

فالاعتبار في السُنة بالمُحدثين والاعتبار في اللغة بأهل اللغة في النحو في النُحاة المتخصصين وهكذا ، كل علم ينظر أهل الاختصاص، نعم.

 (المتن)فهذه الأخبار تفيد العلم عند من له عناية بمعرفة ما جاء به الرسولُ-صلى الله عليه وسلم- ومعرفة أحوال دعوته على التفصيل.

(الشرح)فهذه الأخبار تُفيد العلم يعني: تُفيد اليقين، إذا صح السند وعُدلت الرواة ولاسيما إذا تعددت الطرق، ليستفيد العم واليقين، لفظاً كما يقولها كثير منهم، بعضهم يقول أن خبر الواحد يُفيد الظن، فهو يوجب العمل ولا يوجب العلم، قال في هذا النووي وابن عبد البر، قال:  خبر الأحاد يُفيد الظن، وهو يُجب العمل لن يُعمل به ولا يوجب العلم، والصواب أنهُ يُفيد العلم، يُفيد العلم، إذا صح السند وعُدلت الرواة فهو يُفيد العلم ولو كان خبر واحد، كما حقق ذلك العلامة بن القيم، نعم.

(المتن)فإن أهل الحديث لهم فقه خاص في الحديث مختصون بمعرفته، كما يختص البصير في معرفة النقود، جيدها ورديئها، خالصها ومشوبها.

(الشرح)يعني: الاختصاص بالنقود يعرف النقود فيها زيد والنقود السليمة، اختصاصه، تجده مجرد ما تُعطيه الذهب والفضة يُخبرك بهذا مغشوش، مجرد ما يرى ويسمع صوتها يقول: هذا مغشوش وبنسبة كذا وكذا الغش، يعرف الدراهم المغشوشة والغير المغشوشة، وكذلك أهل الحديث يعرفون الأحاديث المغشوشة من الضعيفة والباطلة، فهم أهل اختصاص، نعم.

(المتن)وقد امتحن غير واحد من هؤلاء العلماء في زمن أبي زرعة وأبي حاتم فوجد الأمر على ذلك، فقال السائل: أشهد أن هذا العلم إلهام، قال الأعمش كان إبراهيم النخعي صيرفيا في الحديث، كنت أسمع من الرجال فأعرض عليه ما سمعته، وقال الأوزاعي: كنا نسمع الحديث فنعرضه على أصحابنا كما نعرض الدرهم الزائف على الصيارف، فما عرفوا أخذنا وما أنكروا تركنا، وقد روي مثل هذا عن أحمد بن حنبل وغيره.

قولُهُ: (المعرفة): المعرفة في اللغة: بمعنى العلم، قال في شرح (مختصر التحرير): يطلق العلم ويراد به معنى المعرفة، ويراد بها العلم، وذكر ابن القيم رحمه الله فروقا بين العلم والمعرفة لفظية ومعنوية، فاللفظية أن فعل المعرفة يقع على مفعول واحد، تقول عرفت الدار، وفعل العلم يقتضي مفعولين، كقوله: (فإن علمتُمُوهُن مُؤمنات) الآية.

(الشرح)يعني: تعدى إلى قولين علموا،بخلاف عرف فإنهُ لا يتعدى، عرفتُ الدار، نعم. : (فإن علمتُمُوهُن مُؤمنات) فيها مفعولين المفعول الأول الهاء الضمير، الثاني مؤمنات نعم.

(المتن)وإن وقع على مفعول كان بمعنى المعرفة كقوله: (وآخرين من دُونهم لا تعلمُونهُمُ الله يعلمُهُم) وأما الفروق المعنوية فذكر عدة فروق، منها أن المعرفة تتعلق بذات الشيء، والعلم يتعلق بأحواله، فتقول عرفت أباك وعلمته صالحا.

(الشرح)عرفت أباك يعين: بذاته، وعلمتهُ يعني: أحواله وأنهُ صالح، نعم.

(المتن)وساق عدة فروق في (المدارج).

(الشرح)مدارج السالكين لأبن القيم ((شرح منازل السائرين في إياك نعبُد وإياك نستعين))منازل السائرين لعبدالله  بن محمد الهروي الصوفي الحنبلي، ألف كتاب سماه (منازل السائرين) يعني: الذين يسيرون إلى الله في العبادة، منازل السائرين بين إياك نعبُدُ وإياك نستعين، شرح بن القيم كتاب سماه (مدارج السالكين في منازل السائرين) مدارجهم يعني: ممشاهم الذين يدرجون عليه إلى الله، هذا يشرح كلمات شيخ الإسلام الأن في ((الواسطية))، نعم.

(المتن)قولُهُ: (بالقبول وجب الإيمان بها كذلك): أي كما يجب الإيمان بالقرآن، فإن الله أنزل على رسوله وحيين، فأوجب على عباده الإيمان بهما والعمل بما فيهما وهما الكتاب والسنة، قال تعالى: (وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة) والحكمة هي السنةُ باتفاق السلف، وما أخبر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن الله فهو في وجوب تصديقه والإيمان به كما أخبر به الرب على لسان رسوله، وهذا أصل متفق عليه بين علماء الإسلام لا ينكره إلا من ليس منهم.

وفي السنن من حديث المقدام بن معدي كرب أن رسول الله -صلى اللهُ عليه وسلم- قال: ((ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه)) فهذه الأخبار التي زعم هؤلاء أنه لا يستفاد منها علم نزل بها جبريل من عند الله كما نزل بالقرآن، قال تعالى: (وما ينطقُ عن الهوى * إن هُو إلا وحي يُوحى ). انتهى. من (الصواعق) باختصار.

والمقبول في هذا الباب من أنواع السنة أربعة أنواع، كما أشار إلى ذلك ابن القيم رحمه الله في (الصواعق): (الأول) ما تواتر لفظا ومعنى. (الثاني) ما تواتر معنى. (الثالث): أخبار مستفيضة متلقاة بالقبول يعني مشتهرة. (الرابع) أخبار آحاد ثبتت بنقل العدل الضابط عن مثله، فهذه الأنواع هي المقبولة في باب العلميات، فإن هذا الباب لا يبنى إلا على ما ثبت بطريق لا كلام فيه، فهذه الأنواع الأربعة مفيدة للعلم واليقين موجبة للعلم والعمل جميعا.

(الشرح)تُفيد العلم واليقين وهُنا خبر الواحد، المشهور عند أهل الكلام أن خبر الواحد يُفيد الظن ولا يُفيد العلم، قال بعضهُم: إلا ان يكون محتفا بالقرائن، كان يكون مُسلسل بالأئمة أو يكون في أحد الصحيحين، نعم.

(المتن)قال الشيخُ تقيُ الدين بنُ تيمية رحمه الله: الذي عليه الأصوليون من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد أن خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقا له وعملا به يوجب العلم، إلا فرقة قليلة اتبعوا طائفة من أهل الكلام أنكروا ذلك، وقال في (الكوكب المنير): ويعمل بآحاد الأحاديث في أصول الديانات، وحكى ذلك ابن عبد البر إجماعا.

(الشرح)هذا هو الصواب في العقائد والأعمال، خلافاً لأهل البدع الذين يقولون: لا يُعمل بخبر الأحاد في العقائد،(...) نعم.  

(المتن)قال الإمام أحمد رحمه الله: لا نتعدى القرآن والحديث، وقال العلامة ابن قاضي الجبل: مذهب الحنابلة أن أخبار الآحاد المتلقاة بالقبول تصلح لإثبات أصول الديانات، ذكره أبو يعلى والشيخ تقي الدين في عقيدته، والأدلة على قبول خبر الآحاد كثيرة جدا، وقد ذكر ابن القيم هذا القول في كتابه (الصواعق) وأفاض في ذكر الأدلة على ذلك، وكذلك ذكره في (النُونية)، وقال ابن القاص: لا خلاف بين أهل الفقه في قبول خبر الآحاد، انتهى.

مثل قوله ((مثل قوله ((ينزلُ ربُنا تبارك وتعالى كُل ليلة إلى السماء الدُنيا حين يبقى ثُلُثُ الليل الآخرُ يقُولُ: من يدعُوني فأستجيب لهُ من يسألُني فأُعطيهُ من يستغفرُني فأغفر لهُ)): مُتفق عليه.

س: ما حكم لبس الأحذية المصنوعة من جلد الخنزير وكذلك الشُنط.

ج: إذا كان الجلد مدبوغ فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، على قولين:

القول الأول: أن الدُباغ يُطهر الجلد إذا كان مأكول اللحم كالأبل والبقر والغنم، هذا بالأتفاق. في حديث: ((دباغ الأديم طهوره)) حديث شاة الميتة لأم سلمة لما قال: ((هلا اخذتم إهابها فانتفعتم به " ، فقالُوا : يا رسُول الله ، إنها ميتة ؟ فقال : طهُور الدباغُ والقرظ)) ماكول اللحم يُطهرها الدباغ، مأكول اللحم من الأبل او البقر أو الغنم، يُسلخ الجلد ويُدبغ وتكون الدباغ طهارة له، والدباغ طهارة الجلد، كما أن الذبح الحيوان يُطهر اللحم، وكذلك الدباغ يطهر، اما غير مأكول اللحم فمن العلماء من قال: انه يبطل أيضًا في عموم الاحاديث ((دباغ الأديم طهوره)) اختار هذا البُخاري والجماعة، وهو قول قوي، وقال اخرون  من أهل العلم أنه لا يطهر ولا يصح، دباغ غير ماكول اللحم الكلب او الخنزير أو السباع وغيرها أو جلد الحيات،المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، والقول بأنهُ يُطهرُها قول قوي،أذا ثبت أن تُدبغ لكن ما أدري الأن ماذا يعملون بالجلود التي يأخذونها، هل يدبغُونها أو لا يدبغونها، أو الجلد لا يصلح للدباغ، فإذا كان الجلد غير صالح للدباغ فلا تُدبغ فهذا غير صالح للاستعمال، أما إذا كانت تُدبغ فهذا على محل خلاف كما سبق فمأكول اللحم فيه خلاف، نعم.

س: في غسل الجنابة هل يلزم المرأة فك ضفائر شعرها أم يكفي ثلاث حثيات

ج: لابد من ادخل الماء إلى أصول الشعر، أما نقض الشعر فهذا أفضل مستحب، قال بعض العلماء أنها تُنقض الشعر في غُسل الحيض أما غُسل الجنابة فلا، مثل حديث أم سلمة: يا رسول الله، إني امرأة أشدُ ضفر رأسي، أفأنقُضُه لغسل الجنابة؟ وفي رواية: والحيضة، قال: ((لا، إنما يكفيك أن تفيض على رأسك ثلاث حثيات))  لكن غُسل الحيض أفضل بخلاف الجنابة فإنها تتكرر فيكون مُستحب مقبول وليس بواجب، ومن العلماء من أوجبه، نقض الشعر في الجنابة، والصواب أن النقض أفضل لحديث أم سلمة قالت: إني امرأة أشدُ شعر رأسي، أفأنقُضُه لغسل الجنابة؟ قال: ((لا)) نعم.

س: عفى الله عنك، يقول: أنا صاحب قُصصية فهل علي ذنب في بيع الأدوات المدرسية على الذين يدرسون في مدارس مُختلطة.

ج: إذا كان الإنسان لا يعلم فليس عليه شيء، لكن إذا كان يعلم، يعلم أنها في عالم لهم فالله تعالي يقول: (وتعاونُوا على البر والتقوى ولا تعاونُوا على الإثم والعُدوان) إذا كان امتناعه عن بيه يتسبب في عدم إقامة المدرسة المُختلطة فهذا ينبغي، يحتاج إلى تأمل، إذا كان يُعينهم على الاختلاط فلا ينبغي، أما إذا كان ليس فيه إعانة والمدرسة قائمة، لكن ينبغي أن يُنكر عليهم ينصحهم، لا تدرسوا في المدارس المختلطة، فإن أبوا فلا وزر عليه، إذا كان يعلمها، نعم.

س: وهذه رسالة تقول، لا أُحب أن أطُيل عليكم جزاكم الله خيرًا لكن المُشكلة التي أمُر بها طويلة وصعبة، تقول: جاءتني فتاة في حلقة حيثُ أني مُعلمة حلقة لتُخبرني بأن والدتها تستخدم السحر لزوجها بمساعدة امرأة تُدعى الشيخة، وأتتني الفتاةُ بأوراق على شكل بطاقات تعريفية، للشيخة المزعومة وحتى أنها تُريد(...) من الحجج، لكني رفضت حتى تيسير أحد، ماذا أفعل بالفتاة وأُمها؟ حيثُ أن الفتاة من حافظات كتاب الله والصالحات، أُريد مشورتكم ماذا أفعل وجزاكم الله خيرًا   

ج: تنصح هذه الفتاة،اين هي؟ وعلى كُل حال إذا كانت في البلاد الغربية هذه تتصل بالمركز الإسلامي وتستشيرهم ويُساعدونها في حل هذه المُشكلة، وإذا كانت في غيرها وكان لها أعمام أو إخوان أو كانوا من الدُعاة الطيبين، تقصص عليهم ويُساعدونها في حلها، هذا لا شك أن الأمر خطير، وفق الله الجميع

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد