بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلي الله وسلم وبارك علي رسول الله واله وصحبه اجمعين اما بعد فغفر الله لك يقول شيخ الاسلام رحمه الله تعالي
وقولُهُ-صلي الله عليه سلم-: (( يقُولُ الله تعالى يا آدمُ، فيقولُ: لبيك وسعديك، فيُنادي بصوت: إن الله يأمُرُك أن تُخرج من ذُريتك بعثاً إلى النار )). متفق عليه
(الشرح)وهذا فيه إثبات صفة الكلام لله وإثبات النداء والنداء هو الكلام من بعد، والنجاء هو الكلام من قرب، وفيه إثبات الصوت وأن الله تعالى تكلم بكلام بصوت يُسمع، لأن النداء لابد فيه من صوت قال الله تعالى (وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا) أثبت النداء والنجاء، وفيه الرد على الأشاعرة والكُلابية الذين يقولون: ان الكلام معنى نفسي وليس بحرف ولا صوت، بل الكلام يكون بحرف وصوت يُسمع، نعم.
(المتن)قال الشيخ عبدالعزيز الرشيد-رحمه الله- قولُهُ: ((يقول الله)): إلى أخره هذا الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحهما، من حديث أبي سعيد الخدري، وتمامه: ((قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون، فذلك حين يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد)) فاشتد ذلك عليهم، فقالوا: يا رسول الله، أينا ذلك الرجل؟ قال: ((أبشروا فإن من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعون ومنكم واحد، أنتم في الأرض كالشعرة السوداء في جنب الثور الأبيض، أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود، إني لارجو أن تكونوا ربع أهل الجنة)) فكبرنا، ثم قال ((ثلث أهل الجنة)) فكبرنا، ثم قال: ((شطر أهل الجنة)) فكبرنا، وروى هذا المعنى جماعة من الصحابة.
قولُهُ: ((لبيك)): لبيك من ألب بالمكان إذا أقام به، أي أنا مقيم على طاعتك.
(الشرح)وهذا فيه إثبات صفة الكلام لله عز وجل، وفيه إثبات النداء، وفيه إثبات أن هذه الأمة نصف أهل الجنة، بل ثُلثي أهل الجنة، كما في الحديث الصحيح(ربع اهل الجنة نصف اهل الجنة) وكما في حديث اخر ان (( أهل الجنة مائة وعشرون صفًا،وأن هذه الأمة ثمانون صفًا)) فهم ثُلثي أهل الجنة، فيه إثبات التكبير عند حصول ما يُتعجب منه، أو التسبيح، الله اكبر كبرنا، لا كما يفعلُهُ الناس في اليوم من التصفيق اذا اعجبهم شئ يصفقوا، هذا غلط، التصفيق من خصائص النساء، ومن أفعال المُشركين، الله تعالى قال: (وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً)،وقال-صلي الله عليه وسلم-(انما التصفيق للنساء) نعم.
(المتن)قولُهُ:((وسعديك)): من المساعدة وهي المطاوعة، ومعناها إسعاد بعد إسعاد، قال ابن القيم رحمه الله: وقد اشتملت كلمات التلبية على فوائد عظيمة:
أولا: أن قولهُ لبيك يتضمن إجابة داع دعاك ومناد ناداك، ولا يصح في لغة ولا عقل إجابة من لا يتكلم ولا يدعو من أجابه.
(الشرح)يعني فيه الرد على من أنكر أن يكون الكلام بالصوت، أعد.
(المتن)قال ابن القيم رحمه الله: وقد اشتملت كلمات التلبية على فوائد عظيمة:
أولا: أن قولهُ لبيك يتضمن إجابة داع دعاك ومناد ناداك.
(الشرح)نعم. والنداء لابد فيه من الصوت والحرف والكلام، دل على ان الكلام بالحرف والصوت يُسمع، خلافًا لمن انكر ذلك من الأشاعرة والكُلابية، نعم.
(المتن)ولا يصح في لغة ولا عقل إجابة من لا يتكلم ولا يدعو من أجابه.
ثانيا: أنها تتضمنُ المحبة، ولا يقالُ لبيك إلا لمن تحبهُ وتعظمُه.
(الشرح)إثبات المحبة يعني: الكلام يكون بحرف و الصوت بأثبات المحبة، نعم.
(المتن)ثالثا: إنها تتضمنُ التزام دوام العبودية، ولهذا قيل من الإقامة، أي أنا مقيم على طاعتك.
رابعا: أنها تتضمنُ الخضوع والذل، أي خضوعا بعد خضوع من قولهم: أنا ملب بين يديك، أي خاضع ذليل.
خامسا: أنها تتضمنُ الإخلاص، ولهذا قيل: إنها من اللب وهو الخالص
سادسا: أنها تتضمن الإقرار بسمع الرب إذ يستحيل أن يقول الرجل لمن لا يسمع دعاؤه لبيك.
سابعا: أنها تتضمنُ التقرب من الله، ولهذا قيل: إنها من الألباب وهو التقربُ، انتهى.
قولُهُ: ((فينادي)): بكسر الدال، أي الله-سُبحانهُ- وتعالى.
قولُهُ: ((بصوت)): فيه إثبات الصوت حقيقة كما يليق بالله -سُبحانهُ وتعالى-، وصوته من صفات ذاته لا يشبه خلقهُ ولا حاجة أن يقيد النداء بصوت، فإنه بمعناه، فإذا انتفى الصوت انتفى النداء، ولهذا قيده بالصوت إيضاحا وتأكيدا كما قيد التكليم بالمصدر في قوله: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا).
قولُهُ: ((بعثا إلى النار)): البعث هنا هو بمعنى المبعوث الموجه إليها، ومعناه ميز أهل النار من غيرهم،(...) انتهى، وإنما خص آدم بذلك لكونه والد الجميع، ولكونه كان قد عرف أهل السعادة من أهل الشقاء، فقد رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة الإسراء، وعن يمينه أسودة وعن يساره أسودة، الحديث. انتهى.من (فتح الباري)، أفاد هذا الحديث إثبات صفة القول لله -سُبحانهُ وتعالى- وأنه قال ويقول متى شاء إذا شاء كما يليق بجلاله وأفاد إثبات النداء لله -سُبحانهُ وتعالى- وأنه نداء حقيقة بصوت.
وفيه أن النداء والقول يكون يوم القيامة، فهذا من أدلة الأفعال الاختيارية، وأفاد إثبات صفة الكلام، وأنها صفة ذات وفعل.
(الشرح)نعم صفة ذات وفعل، الفعل تكون أفرادُها، نوعُها قديم وإفرادُها حادثة، نعم.
(المتن)فإنه -سُبحانهُ- متصف بهذه الصفة ويتكلم متى شاء إذا شاء كيف شاء، فكلامه -سُبحانهُ- قديم النوع حادث الآحاد.
قال ابن القيم رحمه الله: وقد دل القرآن وصريح السنة والمعقول وكلام السلف على أن الله يتكلم بمشيئته، كما دل على أن كلامه صفة قائمة بذاته، وهي صفةُ ذات وفعل، كما قال تعالى: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ). انتهى، وفيه دليل على أن الله يتكلمُ بحرف وصوت، ولأن النداء لا يكونُ إلا بحرف وصوت بإجماع أهل اللغة، وكان أئمةُ السنة يعدون من أنكر تكلمه بصوت من الجهمية، كما قال الإمام أحمد لما سئل عمن قال إن الله لا يتكلم بصوت؟ فقال: هؤلاء إنما يدورون على التعطيل.
قال شيخُ الإسلام تقيُ الدين بنُ تيمية -رحمه الله-: أولُ ما ظهر إنكارُ أن الله يتكلمُ بصوت في أثناء المائة الثالثة لما ظهرت الجهميةُ والمعطلةُ، وقال عبدُ الله بنُ أحمد-رحمه الله- في كتاب (السنة): قلتُ لأبي: يا أبتي، إنهم يقولون: إن الله لا يتكلم بصوت، فقال: بلى يتكلم بصوت. وقال البخاري رحمه الله في كتاب (خلق أفعال العباد): ويذكرُ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يحبُ أن يكون الرجلُ خافضا من الصوت، ويكرهُ أن يكون رفيع الصوت، وأن الله ينادي بصوت يسمعهُ من بعد، كما يسمعهُ من قرب، وليس هذا لغير الله، قال: وفي هذا دليل على أن صوتهُ لا يشبهُ أصوات الخلق؛ لأن صوت الله يسمعهُ من بعُد كما يسمعه من قرب وأن الملائكة يصعقون من صوته، وساق حديث جابر أنه سمع عبد الله بن أنيس-رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك أنا الديان)) الحديث، ثم احتج بحديث أبي سعيد المتقدم، فهذان إماما أهل السنة على الإطلاق، أحمد بن حنبل، والبخاري وكل أهل السنة على قولهما وقد صرح بذلك وحكاه إجماعا حرب بن إسماعيل، صاحب الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق، وصرح به غيره، وقد احتج بحديث ابن مسعود وغيره، وأخبر أن المنكرين لذلك هم الجهمية، وقد روى في إثبات الحرف والصوت في كلام الله أكثر من أربعين حديثا، بعضها صحاح وبعضها حسان ويحتج بها، أخرجها الضياء المقدسي وغيره، وأخرج أحمد غالبها واحتج به، واحتج بها البخاري وغيره من أئمة الحديث، فقد صححوا رحمهم الله هذه الأحاديث واعتقدوها واعتمدوا عليها منزهين الله عما لا يليق بجلاله، كما قالوا في سائر الصفات من النزول والاستواء والمجيء والسمع والبصر والعين وغيرها، فأثبتوا هذه الصفات كما يليق بالله إثباتا بلا تمثيل وتنزيها بلا تعطيل، وفي الحديث دليل على أن الله نادى آدم وكلمه، وفيها الرد على من زعم أن كلام الله هو المعنى النفسي، فإن آدم عليه السلام سمع كلام الله، والمعنى المجرد لا يسمع، وفيه الرد على من زعم أن كلام الله شيء واحد لا يتجزأ ولا يتبعض.النداء مثل هذا الحديث مثل هذا الحديث يعني