شعار الموقع

شرح التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية 40

00:00
00:00
تحميل
8

وفي قوله: (حقيقةً) رد على من زعم أن كلامه -سُبحانهُ- معنى واحد قام بذات الباري لم يُسمع منه.

(الشـرح)       وهذا كلام الأشاعرة والمعنى واحد، والكُلابية يقول: أربعة معاني الأمر والنهي والخبر والاستفهام، نعم.  

(المتــن) وإنما هُو الكلامُ النفسانيُ ولم يتكلم به حقيقةً؛ لأن لا يُقال لمن قام به الكلامُ النفسانيُ ولم يتكلم به إن هذا كلام حقيقةً، وإلا يلزمُ أن يكون الأخرسُ متكلما، ولزم أن لا يكون الذي في المصحف عند الإطلاق هُو القرآنُ، ولا كلامُ الله، ولكنه عبارة عنه، ليست كلام الله، كما لو أشار إلى شخص بإشارة مفهومة فكتب ذلك الشخصُ عبارةً عن المعنى الذي أوحاهُ إليه ذلك الأخرسُ، فالمكتوبُ هُو عبارةُ ذلك الشخص عن ذلك المعنى، فعندهم أن الملك فهم منه معنى قائماً بنفسه، لم يسمع منه حرفاً ولا صوتاً، بل فهم معنًى مجردا ثم عبر عنه، فهُو الذي أحدث نظم القرآن وتأليفه، وقد تقدم الكلامُ في الرد على من زعم.

يقول شيخ الإسلام -رحمه الله- تعالى: وأن الله تكلم به حقيقةً.

يقول الشيخ الرشيد وفي قوله: (حقيقةً) رد على من زعم أن كلامه -سُبحانهُ- معنى واحد قام بذات الباري لم يُسمع منه.

(الشـرح)       وهو مذهب الأشاعرة، فيه إثبات أن الله تعلى تكلم بالقرآن حقيقة، والأشاعرة يقولون أن الكلام معنى واحد لا يُسمع، وأن المعنى قائم بنفسه في تلك العلم، وكذلك الكُلابية يقولون: ان المعنى قائم بنفسه، إلا أن الكُلابية يقوقون: أربعة معاني في نفسه، الأمرُ والنهي والخبر والاستفهام، والأشاعرة يقولون معنى واحد، لا يتبعض ولا يتعدد ولا يتجزأ، فكل منهم يقول: أن الكلام ليس بحرف ولا بصوت، نعم.

(المتــن) وإنما هُو الكلامُ النفسيُ ولم يتكلم به حقيقةً؛ لأن لا يُقال لمن قام به الكلامُ النفسيُ ولم يتكلم به إن هذا كلام حقيقةً، وإلا يلزمُ أن يكون الأخرسُ متكلما.

(الشـرح)       نعم لأن الكلام قائم بنفسه، لو كان الكلام معنى بالنفس لكان الأخرس مُتكلم، لأن الكلام موجود في نفسه وقائم في نفسه، ولم يقُل أحدٌ أن الأخرس يُسمى مُتكلم، وهذا الأشاعرة والجهمية جعلوا الرب - والعياذُ بالله- شبهوه بالأخرس ولا يتكلم ولا يستطيع الكلام ليس بحرف ولا (...)، إنما الكلام معنى قائم في نفسه، كيف تكلم بالقرآن؟ قالوا: القرآن هذا ما تكلم الله به، ولكن أضطر جبريل ففهم المعنى، أضطر اضطرار ففهم المعنى قائم بنفسه فعبر عنه جبريل، ومنهم من قال: عبر به محمد، الكلام يُفيد المعنى اما اللفظ ما هو (...) اعوذ بالله مع أنهم أقرب المذاهب إلى أهل السُنة، منهم من قال: ان جبريل أخذ من اللوح المحفوظ والرب ما تكلم بالقرآن، نعم.   

(المتــن) وإلا يلزمُ أن يكون الأخرسُ متكلما، ولزم أن لا يكون الذي في المصحف عند الإطلاق هُو القرآنُ، ولا كلامُ الله، ولكنه عبارة عنه، ليست كلام الله، كما لو أشار إلى شخص بإشارة مفهومة فكتب ذلك الشخصُ عبارةً عن المعنى الذي أوحاهُ إليه ذلك الأخرسُ، فالمكتوبُ هُو عبارةُ ذلك الشخص عن ذلك المعنى، فعندهم أن الملك فهم منه معنى قائماً بنفسه، لم يسمع منه حرفاً ولا صوتاً، بل فهم معنًى مجردا ثم عبر عنه، فهو الذي أحدث نظم القرآن وتأليفه، وقد تقدم الكلامُ في الرد على من زعم.

أن كلام الله المعنى النفسيُ، وأن الشيخ تقي الدين رد ذلك من تسعين وجهًا، كُلُ واحد يدلُ على بطلانه بأدلة نقلية وعقلية.

(الشـرح)       يُسمى هذه (الرسالة التسعينية)، شيخ الإسلام لهُ رسالة تُسمى الرسالة التسعينية، رد فيها على الأشاعرة من تسعين وجه، وموجودة في رسالة دكتوراه في كلية أصول الدين محمد العجلان مطبوعة

(المتــن) وقال ابنُ القيم في (النُونية)

تسعون وجهًا بينت بُطلانه
 

 

أعني كلام النفس ذا البُطلان
 

 

قولُه - رحمه الله - : (وأن هذا القرآن الذي انزله علي محمد صلي الله عليه وسلم هو كلام الله حقيقة لا كلام غيره ولا يجوز اطلاق القول بانه حكاية عن الله او عبارة ) ، قال تعالى: (ونُنزلُ من القُرآن ما هُو شفاء) الآية. وقال: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ) وقال: (فأجرهُ حتى يسمع كلام الله) والأدلةُ على إثبات صفة الكلام كثيرة لا تنحصرُ، والوصفُ بالتكلُم من أوصاف الكمال، وضدُهُ من أوصاف النقص، قال تعالى: (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا) الآية. فعُلم أن عدم التكلُم نقص يُستدلُ به على عدم ألوهية العجل.

(الشـرح)       يعني: لما عبد بني إسرائيل العجل قال الله: (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا) يعني: كيف يتخذون إله وهو ما يتكلم، دل على أنه إذا ما تكلم ما تصح الألوهية، وهذا الأشاعرة -والعياذ بالله- جعلوا ألههم لا يتكلم، نعوذ بالله، فصاروا مشابهين لبني إسرائيل الذي يعبدون العجل، هؤلاء عبدوا عجل لا يتكلم، وهؤلاء قالوا: ربهم لا يتكلم، -نسأل الله العافية- نعم.

(المتــن) قال البخاريُ في صحيحه: ((بابُ كلام الرب تبارك وتعالى مع أهل الجنة)) وساق فيه عدة أحاديث، فأفضلُ نعيم الجنة رُؤيةُ وجهه -سُبحانهُ- وتكليمُه، وكم في الكتاب والسُنة من دليل على تكلُم الله لأهل الجنة وغيرهم، قال تعالى: (سلام قولاً من رب رحيم) وعن جابر -رضي اللهُ عنه- قال: قال رسولُ الله -صلى اللهُ عليه وسلم-: ((بينما أهلُ الجنة في نعيمهم إذ سطع لهُم نُور فرفعُوا أبصارهُم فإذا الربُ -جل جلالُهُ- قد أشرف عليهم من فوقهم، فقال: السلامُ عليكُم يا أهل الجنة)). وهُو قولُه -سُبحانهُ-: (سلام قولاً من رب رحيم).

(الشـرح)       هذا فيه إثبات ثلاث صفات: صفة الكلام، صفة الرؤية، صفة العلو، أشرف عليهم من فوقهم فقال: ((السلام عليكم)) ر سُبحانه، وهو -سبحانهُ-  فوقهم في العلو سمعوا كلامه، والحديث لهُ شواهد وإن كان فيه بعضُ اللين لكن لهُ شواهد، من النصوص والكتاب والسُنة كثيرة، نعم.

(المتــن) قولُه: (ولا يجوزُ إطلاقُ القول بأنه حكاية عن كلام الله أو عبارة) كما تقولُه الأشاعرةُ والكلابيةُ.

(الشـرح)       الكُلابية تقول: الحكاية، والأشاعرة تقول: عبارة، تقول: اللفظ عن عبارة عن كلام الله، والكلام هو عبارة عن معنى قائم بالنفس، وهذه دليل على الكلام، اللفظ دليل على الكلام، والكلام في النفس، يستدلون ببيت منسوب للأخضر النصراني:

إن الكلام لفي الفُؤاد وإنما


 

 

جُعل اللسان على الفُؤاد دليلا
 

 

(المتــن) فالأشاعرةُ يقولون: إن هذا الموجود المقروء عبارة عن كلام الله، والكلابيةُ يقولون: حكاية عن كلام الله، وبعضُ هؤلاء يقولُ: الخلافُ لفظي لا طائل تحته، فالأشاعرةُ والكلابيةُ يقولون: القرآنُ نوعان ألفاظ ومعاني، فالألفاظُ مخلوقة وهي هذه الألفاظُ الموجودةُ، والمعاني قديمة قائمة بالنفس، وهي معنى واحد لا تبعُض فيه ولا تعدُد، إن عُبر عنه بالعربية كان قرآنا، وإن عُبر عنه بالعبرانية كان توراةً، أو بالسُريانية كان إنجيلاً.

(الشـرح)       يعني: ما في فرق عند الأشاعرة القرآن كلام واحد لكن تختلف العبارات، إذا عبر باللغة العربية صار قرآن، وان عبر باللغة العبرانية لغة اليهود صار توراة، وإن عبر باللغة السريانية لغة النصارى صار إنجيل، وإن عبر بالدودية لغة داود صار زابور، فالمعنى واحد والعبارة تختلف، وقالوا: مثل الإنسان، الإنسان لهُ أوصاف باعتبارات، فأنت الآن بالنسبة لأبنائك تُسمى أب، وبالنسبة لأباءك وأجدادك تُسمى أبن، وبالنسبة إلى أولاد أخيك تُسمى عم، وبالنسبة إلى أولاد أُختك تُسمى خال، وأنت واحد، أوصاف، كذلك الكلام إن عُبر عنه بالعربية فهو القرآن، أو بالعبرانية فهو التوراة، أو بالسريانية فهو الإنجيل، أو بالداوودية فهو الزابور، والمعنى واحد، أوصاف، نعم. هذا كلام الأشاعرة وهذا باطل، نعم  

(المتــن) وهذا القولُ تصوُرُهُ كاف بمعرفة بُطلانه، وليس لهم دليل ولا شبهة إلا بيت يُنسبُ للأخطل النصراني وهُو قولُه:

إن الكلام لفي الفُؤاد وإنما


 

 

جُعل اللسان على الفُؤاد دليلا
 

 

(الشـرح)       وهذا البيت لا يوجد في حديث الأخضر، مصنوع مكذوب، ولو صُدر لقال: كيف يُحتج بقول نصراني، النصارى هل يُحتج بقوله، والنصارى ضلوا في معنى الكلام، وقالوا: أن عيسى جُزءٌ من الله، هذا مذهب النصارى، فكيف يُحتج بقول نصراني قد غلط في معنى الكلام!، على معنى الكلام النصارى غلطوا في معنى الكلام فكيف يُحتج بهم على الكلام، إذا كان النصارى غلطوا في الكلام وقالوا: أن عيسى جزء من الله -نعوذ بالله- فكيف يُحتج بقول نصراني  على معنى الكلام، ويُترك معنى الكلام المفهوم الذي دل عليه القرآن والسُنة، نعم.     

(المتــن) وهذا البيتُ إن ثبت فمعناه: إن الكلام يخرجُ من القلب ويُعبرُ عنه اللسانُ، وأما الكلامُ.

(الشـرح)       هذا لو صح، لو صح يُقال : له تأويل، يُقال أن المعنى الذي لهُ قيمة هو الذي يُقدره اللسان ويجيئه في نفسه، ويُذوقه في نفسه ويحضر في نفسه قبل أن يتكلم به، حتى في كل الوقت، تُحضر في نفسه وتُهيء ثُم يُتكلم به، هذا إذا صح، إذا صح البيت وصار هذا معناه ، لكنه لا يصح، هذا الكلام الذي لهُ قيمة، اما الكلام الذي يأتي به الإنسان على هواه من دون تفكير ومن دون تأمل لا قيمة له، مثل الكلام الذي يأتي على الإنسان النائم أو الهاذي، لكن الإنسان العاقل تجده يُهيئ ويُعد الخُطبة قبل أن يأتي ومثل المحاضر يُعد المحاضرة  قبل أن يُهيئه ويُحضر ثم بعد ذلك يتكلم هذا معناه لو صدق، نعم.

(المتــن) وأما الكلامُ الذي في اللسان فقط فهُو يُشبهُ كلام النائم والهاذي ونحوهما، وأدلةُ الكتاب والسُنة ترُدُ هذا القول، والذي يعقلُه العقلاءُ أن الكلام صفةُ المتكلم المسموع منه، وأن ما في النفس لا يُسمى كلامًا بوجه من الوجوه، كما في حديث: ((عُفي لأُمتي عن الخطأ، والنسيان، وما حدثت به أنفُسها ما لم تعمل به أو تتكلم)) فهذا صريح بأن ما حدثت به أنفُسها ليس بكلام.

إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على بطلانه، وأيضًا فإن الحكاية تُماثلُ المحكي، فمن قال: إن القرآن حكايةُ كلام الله بهذا المعنى فقد ضل ضلالاً مُبينًا، فإن القرآن لا يقدرُ أحد على أن يأتي بمثله، ولا يقدرُ أحد أن يأتي بما يحاكيه.

(الشـرح)       يجب منهُ المناسبة، فالمحكي يُماثل المحكي عنهُ وهذا معناه أن كلام الله له ما يُماثلهُ، هذا من أبطل الباطل، لأن كلام الله لي لهُ مثيل، نعم.  

(المتــن) وأولُ من قال إنه حكاية عن كلام الله عبدُ الله بنُ سعيد بن كلاب. وأما القولُ: بأنه عبارة عن كلام الله كما هُو قولُ الأشاعرة فإنه يلزمُ عليه أن كُل تال مُعبرا عما في نفس الله، والمعبرُ عن غيره هُو المُنشئ للعبارة، فيكونُ كُلُ قارئ هُو المُنشئُ لعبارة القرآن، وهذا معلومُ الفساد بالضرورة.

قال ابنُ القيم -رحمهُ اللهُ- في "الصواعق" وهذا المذهبُ مبني على مسألة إنكار قيام الأفعال الاختيارية بالله، ويُسمُونها مسألة حلول الحوادث، وحقيقتُها إنكارُ أفعاله -سبحانهُ - ورُبُوبيته ومشيئته. انتهى.

(الشـرح)       هذه المسألة -مسألة أن الله يتكلم- تُسمى مسألة (حلول الحوائج)، إذا قلنا أن الله يتكلم لحلت الحوائج، فأنكروا الكلام وأنكروا الفعل،  -نسأل لله العافية-، عطلوه من صفة الكمال، نعم.  

(المتــن) وأولُ من قال بالعبارة هُو الأشعري، وهُو قول باطل كالقول بالحكاية، فإن الأدلة دلت على أن القرآن لفظُه ومعناه كلامُ الله.

وأما القولُ بأن القرآن عبارة عن كلام الله أو حكاية فهُو قول مبتدع باطل تردُهُ الأدلةُ، ولم يقُل أحد من السلف بذلك. قال الإمامُ أحمدُ -رحمهُ اللهُ-: القرآنُ كيف تُصُرف فيه، فهُو غيرُ مخلوق ولا نرى القول بالحكاية والعبارة.

(الشـرح)       كيف تُصرف فيه يعني: سواء كان مكتوباً إن كُتب فهو كلامُ الله، وإن تكلم به المُتكلم فهو كلامُ الله، وإن حفظهُ الحفظة فهو كلامُ الله، وإن قرئهُ القارئ فهو كلامُ الله، كيف ما تصرف، إن قرئه القارئ فهو كلام، كيف ما تصرف، إن قرأ القارئ فالقارئ يقرأ كلامُ الله، وإن كتبه فالكاتب يكتُب كلامُ الله، وإن حفظهُ فالحافظ يحفظ كلامُ الله، نعم.   

(المتــن) قال الإمامُ أحمدُ -رحمهُ اللهُ-: القرآنُ كيف تُصُرف فيه، فهُو غيرُ مخلوق ولا نرى القول بالحكاية والعبارة. وغلط من قال بهما وجهله، وقال: هذه بدعة لم يقُل بها السلفُ.

قال الحافظُ ابنُ حجر العسقلانيُ في "الفتح" المنقولُ عن السلف اتفاقُهم على أن القرآن كلامُ الله غيرُ مخلوق، تلقاهُ جبريلُ عن الله وبلغهُ جبريلُ إلى مُحمد -صلى اللهُ عليه وسلم- وبلغه مُحمد إلى أُمته، انتهى. قال اللهُ -سُبحانهُ-: (فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ) ولم يقُل ما هُو عبارة عن كلام الله والأصلُ الحقيقةُ، ومن قال إن المكتوب في الصُحف عبارة عن كلام الله أو حكاية عن كلام الله وليس فيها كلامُ الله، فقد خالف الكتاب والسُنة وسلف الأمة، وكفى بذلك ضلالاً. قال ابنُ القيم في (النُونية):

زعمُوا القُرآن عبارةً وحكايةً
 

 

قُلنا كما زعموه قرآنان
 

هذا الذي نتلُوه مخلوق كما
 

 

قال الوليدُ وبعده الفئتان
 

والآخرُ المعنى القديمُ فقائم
 

 

بالنفس لم يُسمع من الديان
 

ودليلُهم في ذاك بيت قاله
 

 

فيما يُقالُ الأخطلُ النصراني
 

 

(الشـرح)       كما قال الوليد حينما قال في سورة المدثر: (ثم ادبر واستكبر فقال ان هذا الا سحر يؤثر إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) الوليد بن المُغيرة قال: إن القرآن هو قول البشر، والأشاعرة تقول الذي تقرئونه هذا كلامُ البشر ليس كلامُ الله، وهذا عبارة عن كلام الله، كلامُ الله معنى في نفسه ما يُسمع، أما هذا عبارة، عبره به جبريل إلى مُحمد، وكلام الأشاعرة والكُلابية مثل كلام الوليد بن المُغيرة الكافر، الذي أنكر كلام الله، وأخبر الله عنهُ في سورة المُدثر قال: (إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) وتوعدهُ الله بأن يُصليهُ سقر، (فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ *ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) هذا كلام بن القيم في النونية، يقول: كلام الأشاعرة من كلام الوليد بن المُغيرة الذي توعدهُ الله بأن يُصليهُ سقر، فالوليد قال هذا كلامُ بشر وهؤلاء قالوا: أن الكلام كلام جبريل أو محمد وليس كلامُ الله، نعم. أعد البيت.

قال:

زعمُوا القُرآن عبارةً وحكايةً
 

 

قُلنا كما زعموه قرآنان
 

 

(الشـرح)       قرآنان: يعني قرآن، القرآن الذي في نفس كلام الناس، والقرآن الذي يقرأه الناس، نعم.

هذا الذي نتلُوه مخلوق كما
 

 

قال الوليدُ وبعده الفئتان
 

 

 كما قال الوليدُ بن المغيره، لأنهم قالوا القرآن مخلوق وهو الذي نقراه الآن مثل ما قال الوليد، وقرآن أخر وهو في كلامك الله، في نفس الله، لا يُسمع، نعم.

والآخرُ المعنى القديمُ فقائم
 

 

بالنفس لم يُسمع من الديان
 

 

يعني: قرآنان، قرآنٌ قديم لم يُسمع في نفس الله، وقرآنٌ يُسمع على المخلوق وهو الذي يقرأه الناس، هذا قولهم.

 

ودليلُهم في ذاك بيت قاله
 

 

فيما يُقالُ الأخطلُ النصراني
 

 

استدلوا بقول الأخطل النصراني أن الكلام لفي الفؤاد وانما جُعل الكلام على اللسانُ دليلُ، هذا حُجة الأشاعرة، فالأخطل  نصراني ، كف يُستند بقول النصارى، ثُم أن النصارى ضلوا في معنى الكلام ، فقالوا: أن عيسى جُزءٌ من الله، عيسى هو الكلمة جُزءٌ من الله، فكيف يُستدل بقول نصراني والنصارى ضلوا في معنى الكلام، فالمسألة ضلوا فيها، يستدلوا بشيء ضلوا فيه، فيستدلون بقول نصراني في الكلام على معنى الكلام ويُترك معنى الكلام في النصوص وفي اللغة،

إن الكلام لفي الفُؤاد وإنما


 

 

جُعل اللسان على الفُؤاد دليلا
 

 

هذا منسوب للأخطل وإنما لم يُثبت عنه وليست في ديوانه، لكن هذه نسبة، لكن لو صح فهو قول نصراني، نعم.

(المتــن) قال ولو كان ما في المصحف عبارةً عن كلام الله، وليس هُو كلام الله لما حُرم على الجُنُب والمُحدث  مسُهُ؟ ولو كان ما يقرأُ القارئُ ليس هُو كلام الله لما حُرم على الجُنُب؟ بل القرآنُ كلامُ الله محفوظ في الصُدور، ومقروء بالألسُن، مكتوب في المصاحف كما قال أبو حنيفة في "الفقه الأكبر" وغيرُه.

(الشـرح)       يعني: لو كان - كم تقول الأشاعرة- عبارة عن كلام الله لجاز للإنسان أن يمسك المُصحف لأنه ما فيه كلام الله، ولجاز للقارئ الجُنب أن يقرأ القرآن لأنهُ لا يقرأ كلامُ الله، وهذا باطل، بل هو كلام الله، محفوظٌ في الصدور، مقروءٌ بالألسُن مكتوبٌ في المصاحف، نعم.  

(المتــن) كما قال أبو حنيفة في "الفقه الأكبر" وغيرُه، وهُو في هذه المواضع كُلها حقيقة لا يصحُ نفيُه، والمجازُ يصحُ نفيُه.

(الشـرح)       نعم. لو كان مجاز لكان ما قرأ القارئ كلام الله، ما كتب الكاتب كلامُ الله، وما حفظ الحافظ كلامُ الله، هذا باطل، نعم.  

(المتــن) فلا يجوزُ أن يُقال ليس في المصحف كلامُ الله ولا ما قرأ القارئُ كلام الله.

قال شيخ الإسلام -رحمهُ الله تعالى-: بل إذا قرأهُ الناسُ أو كتبُوهُ في المصاحف؛ لم يخرُج بذلك عن أن يكون كلام الله تعالى حقيقةً، فإن الكلام إنما يُضافُ حقيقةً إلى من قالهُ مُبتدئاً، لا إلى من قالهُ مُبلغاً مُؤدياً.

قال الشيخ عبد العزيز الرشيد، قال تعالى: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ)، وقال تعالى: (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) وقال تعالى: (يَتْلُوا صُحُفًا مُطَهَّرَةً *) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ وفي حديث ابن عمر قال: نهى رسولُ الله -صلى اللهُ عليه وسلم- أن يُسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يُنال بسُوء، وهذا الحديثُ رواهُ البخاريُ ومسلم، إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على أن القرآن كلامُ الله حقاً حيثُ تلاهُ التالُون أو حفظهُ الحافظون أو كتبه الكاتبون، وهُو المعجزةُ بلفظه ومعناه.

(الشـرح)       يعني: كلام الله حيثُ ما تفضل، إن قرأه القارئ، القارئ قرأ كلامُ الله، وإن كتبهُ الكاتب فكلامُ الله مكتوب، وإن سمعهُ السامع فكلامُ الله مسموع، وإن حفظه الحافظ فكلامُ الله محفوظ، وهو كلامُ الله حقيقة ليس مجازًا كما تقدم، نعم. 

(المتــن) قولُه: (فان الكلام إنما يُضافُ) إلخ. قال تعالى: (فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ) أي: من مُبلغه،

 

 فسماعُ كلام الرب وغيره ينقسمُ إلى قسمين: مُطلق ومقيد. فالمُطلقُ ما كان بغير واسطة، كما سمع موسى بنُ عمران كلام الرب، وكما يسمعُ جبريلُ وغيرُه كلامه -سُبحانهُ- وتكليمه، ومنه  قولُ الرسول: ((ما منكُم من أحد إلا سيُكلمُهُ ربُهُ ليس بينهُ وبينهُ ترجُمان)).

   وأما المُقيدُ: فالسمعُ بواسطة المبلغ كسماع الصحابة، وسماعنا لكلام الله حقيقةً بواسطة المبلغ عنه، ومنه قولُه: (فأجرهُ حتى يسمع كلام الله) وكما في الحديث المتقدم أن رسول الله -صلى اللهُ عليه وسلم- قال: ((ألا رجُل يحملُني حتى أُبلغ كلام ربي)) وكما قال أبو بكر الصديقُ لما خرج على قريش فقرأ: (الـم * غُلِبَتِ الرُّومُ) الآية، فقالوا: هذا كلامُك أو كلامُ صاحبك، فقال: ليس بكلامي ولا بكلام صاحبي، وإنما هُو كلامُ الله، فبين أن ما يُبلغُه ويتلوهُ هُو كلامُ الله، وإن كان يبلغُه بأفعاله وصوته، والناسُ إذا سمعوا من يروي قصيدةً أو كلاماً أو قرآناً قالوا: هذا كلامُ فلان.

قولُه: (وهُو كلامُ الله حروفٌ ومعانيه) قال الشيخ عبد العزيز رحمه الله : لأنه هُو الذي ألفه وأنشأهُ، وأما قولُه: (إنهُ لقولُ رسُول كريم) الآية، فإضافتُه إليه إضافةُ تبليغ لا إضافةُ إنشاء وابتداء، فإنه قال: قولُ رسول، ولم يقُل: قولُ ملك ولا نبي، فإن الرسول يُبلغُ كلام مُرسله، وأيضًا فقولُه: أمين دليل على أنه لا يزيدُ ولا يُنقصُ، بل هُو أمين على ما أُرسل به يبلغُه عن مُرسله، وأيضًا فإن الله كفر من جعله قول البشر، ومُحمد بشر، فمن جعله قول مُحمد بمعنى أن مُحمداً أو غيره أنشأهُ فقد كفر، وما ذكر اللهُ في القرآن عن موسى -عليه السلامُ- وغيره وعن فرعون وإبليس، فإن ذلك الكلام كلامُ الله إخباراً عنهم، وكلامُ موسى وغيره من المخلوقين مخلوق، والقرآنُ كلامُ الله لا كلامُهم.

قولُه: (وهُو كلامُ الله حُروفُه ومعانيه) ليس شيء منه كلاماً لغيره، لا لجبريل، ولا لمُحمد، ولا لغيرهما، بل قد كفر اللهُ من جعله قول البشر، ولم يقُل أحد من السلف إن جبريل أحدث ألفاظه، ولا مُحمد، ولا أن الله خلقها في الهواء أو غيره من المخلوقات.

(الشـرح)       كما تقوله المعتزلة، تقول: ان الله خلق الكلام في الهواء او في غيره فالله خلق الكلام في الشجرة والشجرة هي التي نادت موسى، هذا كُفرٌ وذلال، نعم.

(المتــن) ولا أن جبريل أخذها من اللوح المحفوظ.

(الشـرح)       هذا قول بعض الأشاعرة، قالوا: أن جبريل أخذ من اللوح المحفوظ، وبعضهم قال أن الكلام كلام محمد، وبعضهم قال: أن الكلام كلام جبريل هو الذي نشأ هذا القرآن، وقالوا: أن الله ما تكلم، ما يُسمع منه لا حرف ولا صوت، الكلام هذا قائم في نفسه مثل العلم، قالوا: لو كان تكلم بالحروف والأصوات لحلت الحوائج، قالوا: الكلام بالعلم في نفسه، كيف تكلم به؟ قالوا: أضطر الله جبريل أطرار ففهم المعنى قائم بنفسه فعبر بهذا القرآن فهذا عبارة عن كلام الله عبر به جبريل، وقال آخرون عبر به محمد، وإلا فالله لم يُسمع منهُ حرف ولا صوت، لا يُمكن منه لا حرف ولا صوت، فهذا حروف وألفاظ تأدي به كلامُ الله، وكلام الله معنى قائم في نفسه، ولهذا يرى بعض الأشاعرة التهويل من مس المصحف وأنهُ ليس فيه كلامُ الله، هذا معناه تأدي فيه كلام الله وليس كلامُ الله، هذا معنى قائمٌ بنفسه، -نعوذ بالله-هذا ما (...) وأهل السُنة، والأشاعرة قالوا: اللفظ والحروف مخلوق والمعنى هو كلامُ الله القائم بنفسه، ولكن المُعتزلة قالوا: اللفظ والمعنى كلاهُما مخلوق، قالوا: اللفظ والمعنى كُل كلام الله واللفظ مخلوق، والأشاعرة قالوا اللفظ مخلوق وليس من كلام الله، والمعنى غير مخلوق وهو كلامُ  الله قائم في نفسه، نعم.

(المتــن) إلى غير ذلك من الأقوال المبتدعة، بل أهلُ السُنة يقولون: إن القرآن عينُ كلام الله، حُروفُه ومعانيه، ليس كلامُ الله الحروف دُون المعاني، ولا المعاني دُون الحروف، عكسُ ما عليه أهلُ البدع من المعتزلة والأشاعرة والكلابية وغيرهم؛ لأن كلام المتكلم هُو عبارة عن ألفاظه ومعانيه، وعامةُ ما يُوجدُ في الكتاب والسُنة وكلام السلف فإنه عند إطلاقه يتناولُ اللفظ والمعنى جميعًا لشُموله لهما، فلفظُ القول والكلام وما تصرف منهما من فعل ماض ومضارع وأمر ونحو ذلك إنما يُعرفُ في القرآن وسائر كلام العرب إذا كان لفظًا ومعنًى.

قال الشيخُ تقيُ الدين بنُ تيمية -رحمهُ اللهُ-: والصوابُ الذي عليه السلفُ والأئمةُ: أن الكلام حقيقة في اللفظ والمعنى، كما أن الإنسان حقيقة في البدن والرُوح، فالنزاعُ في الناطق.

(الشـرح)       هذا النزاع في الناطق ونُطقه، الناطق أسم للجسد وهو المُتكلم، أسم للروح والجسد، والنُطق أسم للكلام والمعنى، كما أن الإنسان يُسمى إنسان أسمٌ للروح والجسد، ما يُقال أسم الأنسان للروح دون الجسد بل لهُما جميعا، فكذلك الكلام أسم للفظ والمعنى، لا يُقال للفظ ولا المعنى، خلافاً للأشاعرة يقولون: أسمٌ للمعنى، والمعتزلة تقول أسمُ اللفظ، نعم.  

(المتــن) والدليلُ على أنه حروف حديثُ ابن مسعود أن النبي -صلى اللهُ عليه وسلم- قال: ((من قرأ القُرآن فأعربهُ فلهُ بكُل حرف عشرُ حسنات)) وقال النبيُ -صلى اللهُ عليه وسلم-: ((اقرؤوا القرآن قبل أن يأتي قوم يُقيمُون حُرُوفهُ إقامة السهم لا يُجاوزُ تراقيهُم يتعجلُون آخرهُ ولا يتأجلُونهُ)).

(الشـرح)       هذا فيه الرد على الأشاعرة الذين يقولون: أن الكلام ليس بحرف ولا صوت، الأدلة ((من قرأ حرفا من كتاب الله فلهُ به حسنة))، ((اقرؤوا القرآن قبل أن يأتي قوم يُقيمُون حُرُوفهُ إقامة السهم))، هذا فيه الرد على الأشاعرة، الأشاعرة يقولون: الكلام ليس بحرف ولا صوت، الكلام يكون للمعنى، وأما الحروف والأصوات هذه مخلوقة، هذا باطل، هذا مما يرُدُ عليهم، من حديث بن مسعود: ((من قرأ حرفا من كتاب الله فلهُ به حسنة، والحسنةٌ بعشر أمثالهُا، لا أقُول: ألم حرف؛ ولكن ألف حرف , ولام حرف، وميمٌ حرف))، ((اقرؤوا القرآن قبل أن يأتي قوم يُقيمُون حُرُوفهُ إقامة السهم)) فبين ان القرآن حروف وألفاظ ومعاني، أسمٌ للحرف واللفظ والمعنى، نعم.

(المتــن) رواهُ بنحوه أحمدُ، وأبو داود، والبيهقيُ في سُننه والضياءُ المقدسيُ في المختارة عن جابر وقال أبو بكر وعمرُ -رضي اللهُ عنهما-: إعرابُ القرآن أحبُ إلينا من حفظ بعض حُروفه، وقال علي -رضي اللهُ عنه-: من كفر بحرف منه فقد كفر به كُله، واتفق المسلمونُ على عدد سُور القُرآن وآياته وكلماته وحروفه.

(الشـرح)       نعم. أتفق المسلمون على أن القرآن سور، وآيات، وحروف، حتى عدوا حروفه، وعدوا سوره، كل هذا يرُد على الأشاعرة والكُلابية الذين يقولون ليس بحرف، نعم.  

(المتــن) ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورةً أو آيةً أو كلمةً أو حرفاً، مُتفق عليه أنه كافر، وفي هذا حُجة قاطعة على أنه حروف. انتهى.

قولُه: (ليس كلامُ الله الحروفُ) إلخ. فالقرآنُ كلامُ الله، حروفُه ومعانيه، ليس كلامُ الله الحُروف دُون المعاني كما يقولُه بعضُ المعتزلة، ولا المعاني فقط دُون الحروف، كما هُو قولُ الأشاعرة ومن شابههُم.

(الشـرح)       المعتزلة يقولون: ألفاظ ، لأن عكس مذهب الأشاعرة، والمعتزلة يقولون: أسم اللفظ والمعنى لكنه مخلوق لفظه ومعناه، واللفظ حروف من الحروف، نعم.  

(المتــن) وكلا القولين باطل مخالف للكتاب والسُنة وما عليه سلفُ الأُمة، فإن الأدلة دلت على أن القرآن العزيز الذي هُو سُور وآيات وحروف وكلمات لا تأليف ملك ولا بشر.

(الشـرح)       لا تأليف ملك ولا بشر: كما تقوله الأشاعرة، الأشاعرة تقول: تأليف ملك وهو جبريل، أو قول بشر وهو قول سائر الأشاعرة، وهو من قال ألفه محمد أو ألفه جبريل وعبر به، نعم.

(المتــن) وكلمات عينُ كلامه -سُبحانهُ- لا تأليف ملك ولا بشر، وأن القرآن جميعه حروفه ومعانيهُ نفسُ كلامه، والذي تكلم به.

(الشـرح)       حروفه ومعانيه هو كلام اله هو الذي تكلم به، نعم.

(المتــن) وليس بمخلوق، ولا بعضه قديم.

(الشـرح)       وليس بمخلوق كما تقوله المعتزلة، يقولون: القرآن اللفظ والمعنى لكنهُ مخلوق، ولا بعضه قديم وهو المعاني والمعنى، وبعضهُ مُحدث وهو اللفظ كما تقوله: الأشاعرة، فالقرآن مكون من شيئين: المعنى وهذا في نفس الله، واللفظ وهذا مُحدث، وهو قول البشر تحدث به محمد أو جبريل، نعم. 

(المتــن) وهُو المعنى وبعضُه مخلوق وهُو الكلماتُ والحروفُ، بل القرآنُ جميعُه حروفُه ومعانيه تكلم اللهُ به حقيقةً، والقرآنُ اسم لهذا النظم العربي الذي بلغه الرسولُ عن جبريل عن رب العالمين، قال تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) وإنما يقرأُ القرآن العربي لا يقرأُ معانيه المحددة.

(الشـرح)       نعم. والنظم العربي لفظ ومعنى، نعم. الذي بلغهُ جبريل عن الله (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ) نزل بألفاظه وحروفه ومعانيه، نعم.

 (المتــن)        قال تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) وإنما يقرأُ القرآن العربي لا يقرأُ معانيه المحددة، وقال تعالى: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) الآية، فأبطل -سُبحانهُ- قول الكفار بأن لسان الذي يُلحدون إليه أعجمي والقرآنُ لسان عربي مُبين، فلو كان الكفارُ قالوا يعلمُه معانيه فقط لم يكُن هذا رداً لقولهم، فإن الإنسان قد يتعلمُ من الأعجمي شيئاً بلُغة ذلك العجمي ويُعبرُ عنه بعباراته، وإذا كان الكفارُ جعلوا الذي يُعلمُه بشر؛ فأبطل اللهُ ذلك بأن لسان ذلك أعجمي، وهذا لسان عربي مُبين على أن رُوح القُدُس نزل باللسان العربي المُبين وأن محمداً لم يؤلف نظم القرآن، بل سمعه من رُوح القُدُس، وإذا كان رُوحُ القُدُس نزل من الله عُلم أنه سمعه ولم يؤلفه هو. انتهى.

(الشـرح)       نعم. لأنهُ قال: (لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ) لو كان يُعلمون المعنى، عبر عنهُ بلسانه، نعم.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد