شعار الموقع

شرح التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية 43

00:00
00:00
تحميل
23

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن استن بسنته أما بعد فغفر الله لك.

(يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وهو سبحانه يحب المتقين والمحسنين والمقسطين، ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا يحب الكافرين ولا يرضى عن القوم الفاسقين ولا يأمر بالفحشاء ولا يرضى لعباده الكفر  ولا يحب الفساد)

هذه الصفات، صفة المحبة وصفة الرضا وصفة البغض والمقت كل هذا ورد في النصوص، يحب المحسنين والمتقين، ولا يرضى عن الفاسقين ويمقت الكافرين،{لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [غافر:10] .

(قال الشيخ عبد العزيز الرشيد رحمه الله: وهو يحب المتقين على قول شيخ الإسلام: وهو يحب المتقين إلى آخره هذا ردٌ على من زعم أن المشيئة والمحبة سواء أو متلازمان كما يقوله الجبرية والقدرية، وقد دل على الفرق بينهما الكتاب والسنة والإجماع والفطرة)

هما صفتان صفة المشيئة وصفة المحبة، الجبرية وكذا الأشاعرة يقولون، وكذلك القدرية والمعتزلة يقولون: صفة المشيئة والمحبة واحدة، والمشيئة وصفة الإرادة عند الجبرية وهم الأشاعرة والجهمية واحدة وهي الإرادة الكونية وقالوا: كل شيء أراده كونًا وقدرًا فهو يحبه، فإذا أراد المعاصي يلزم من ذلك أن يكون يحبها هذا غلط، والقدرية كذلك عندهم الإرادة هي المحبة لكن عندهم الإرادة نوع واحد وهي دينية وأنكروا الإرادة الكونية وكل شيء أراده فقد أحبه؛ لأنه ليس عندهم إرادة كونية المعتزلة والقدرية، والإرادة هي المحبة عند الجبرية وهم الأشاعرة والجهمية؛ لأن ليس عندهم إرادة دينية فالإرادة واحدة عند الأشاعرة وهي الكونية، والإرادة واحدة عند المعتزلة والقدرية وهي الدينية.

 وأهل السنة هداهم الله فقسموا الإرادة قسمين بحسب النصوص إرادة كونية خلقية قدرية ترادف المشيئة وإرادة دينية أمرية شرعية ترادف المحبة والرضا.

(وقد دل على الفرق بينهما الكتاب والسنة والإجماع والفطرة قال الله تعالى: )

يعني الفرق بين الإرادة والمحبة، الفرق بينهما المشيئة، الإرادة ترادف المشيئة الفرق بين المشيئة والمحبة نعم، فقد يشاء الله شيئًا ولا يحبه، وقد يحب شيئًا ولا يشاءه.

(قال الله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [النساء:108]، مع أن ذلك كله بمشيئته، قال تعالى: {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة:205] مع أنه واقع بمشيئته وقضائه وقدره)

لأنه لا يقع في ملك الله ما لا يريد، فهو يريد المعاصي والكفر كونًا وقدرًا لكن لا يريده دينًا وشرعًا يريده لما يترتب عليها من الحكم والأسرار، يترتب على إرادة الكفر والمعاصي العبودية المتنوعة كعبودية الجهاد في سبيل الله وعبودية الولاء والبراء وعبودية الدعوة إلى الله وعبودية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعبودية الصبر والتحمل إلى آخره، فهو يريدها كونًا وقدرًا ولا يريدها دينًا وشرعًا.

(وفي المسند "إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يكره أن تأتى معصيته"، فهذه المحبة والكراهة لأمرين اجتمعا في المشيئة وافترقا في المحبة والكراهة)

يعني يحب ويكره، يحب وإن كره سواء، يحب أن تأتى رخصه ويساءه كما وقع منها كونًا، ويكره أن تأتى معاصيه يعين دينًا وشرعًا، يحب أن تأتى رخصه دينًا وشرعًا، ويكره أن تأتى معصيته دينًا وشرعًا، وإن كان قد يشاء غير ذلك.

(وهذا أكثر من أن يحصر، والمشيئة والمحبة ليس مدلولهما واحدًا ولا  هما متلازمان بل قد يشاء الله ما لا يحبه ويحب ما لا يشاء كونه)

يشاء ما لا يحبه كالكفر والمعاصي يشاء وقوعه ولا يحبه، ويحب ما لا يشاء، يحب من المؤمن يحب أن يطيع الله ولكن قد يشاء الله يريد منك أن تفعل المعصية لحكمة، حتى يبتليك وحتى يوفقك للتوبة فيما بعد.

(فالأول كمشيئته لوجود إبليس وجنوده)

نعم هذا يشاءه ولا يحبه، شاء وجودهم كونًا وقدرًا.

(ومشيئته العامة لجميع ما في الكون مع بغضه لبعضه، الثاني: كمحبته لإيمان الكفار والفجار )

يحب الله إيمانهم لكن لم يقع منهم وقع منهم الكفر والفجور لحكم وأسرار

 ولو شاء ذلك لوجد كله فإن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فأهل الكتاب والسنة يقولون: الإرادة في كتاب الله نوعان: الأول: إرادة كونية قدرية، والثاني: إرادة دينية شرعية)

كما دلت على ذلك النصوص مثال الأول: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا } [الأنعام:125] ، هذه إرادة كونية قدرية ومثال قول الله {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} [المائدة:1]  ،ومثال الإرادة الدينية الشرعية {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:185]، يعني دينًا وشرعًا، {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة:6].

وأما الجبرية فإنهم لم يقسموا الإرادة إلى قسمين أما أثبتوا إلا واحدة وهي الكونية فضلوا والقدرية والمعتزلة أثبتوا نوعًا واحدًا وهي الدينية فضلوا، وحدها دون الكونية فضلوا.

(فالإرادة الشرعية هي المتضمنة للمحبة والرضا والكونية هي المشيئة الشاملة لجميع الحوادث)

هذه الإرادة الدينية المتضمنة للمحبة والرضا، والإرادة الكونية الشاملة لجميع الحوادث في هذا الكون.

(وقد تقدمت الإشارة  إلى ذلك في الكلام على الآيات بما فيه الكفاية إن شاء الله، قال شيخ الإسلام والعباد فاعلون حقيقة والله خالق أفعالهم والعبد هو المؤمن والكافر والبر والفاجر)

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد