(المتن)
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
باب من حقَّقَ التوحيدَ دخل الجنة بغير حساب
قال الله تعالى: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وقال الله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ.
وعن حصين بن عبد الرحمن قال: كنت عند سعيد بن جُبير فقال: أيُّكم رأى الكوكبَ الذي انقضَّ البارحة؟ فقلت: أنا. ثم قلتُ: أما إني لم أكن في صلاة ولكني لُدِغت. قال: فما صنعت؟ قلت: ارتقيت. قال: فما حملك على ذلك؟ قال: حديث حدثناه الشعبي. قال: وما حدّثكم؟ قال: حدثنا عن بُريدة بن الحصيب أنه قال: لا رُقية إلا من عين أو حُمة. قال: قد أحسن مَن انتهى إلى ما قد سمع. ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي ﷺ قال: عُرضت عليَّ الأمم، فرأيتُ النبيَّ ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد، إذ رُفع لي سوادٌ عظيم فظننت أنهم أمتي، فقيل: هذا موسى وقومه، فنظرتُ فإذا سواد عظيم، فقيل: هذه أُمّتُك ومعهم سبعون ألف يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ثم نهض فدخل منزله، فخاض الناس في أولئك فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسولَ الله ﷺ وقال بعضهم: فلَعلَّهُم الذين وُلدوا في الإسلام فلم يُشركوا بالله شيئاً، وذكروا أشياء. ثم خرج عليهم رسول الله ﷺ فأخبروه، فقال: هم الذين لا يَسْترْقُون، ولا يكتوون، ولا يتطيّرون، وعلى ربهم يتوكلون فقام عُكَّاشة بن مِحصَن فقال يا رسول الله: ادعُ الله أن يجعلني منهم فقال: أنت منهم. ثم قام رجلٌ آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم. فقال: سبقك بها عُكاشة. أخرجاه
(الشرح)
قال الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه في كتاب التوحيد:
باب من حقَّقَ التوحيدَ دخل الجنة بغير حساب ولا عذاب تحقيق التوحيد تخليصه وتنقيته من شوائب الشرك والبدع فمن خلص التوحيد من أخلص توحيده ونقاه وخلصه من شوائب الشرك والبدع فإنه يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب فضلاً من الله تعالى وإحسان أما من خلط توحيده بشيء من البدع والمعاصي وسلم من الشرك الأكبر فهذا تحت مشيئة الله فإن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له بتوحيده وإيمانه وإسلامه أما من حقق التوحيد وخلصه من شوائب الشرك والبدع والكبائر ومات على التوحيد الخالص سالم منقى مصفى من الشرك والبدع والكبائر فإنه يدخل الجنة بغير حساب فضلا من الله تعالى وإحسان
قال المصنف رحمه الله تعالى: و قول الله تعالى: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً يعني قدوة ومعلم للخير إمام يقتدى به قَانِتًا يعني مديم للطاعة مستمراً عليها حَنِيفًا مائلا عن الشرك إلى التوحيد وحنيف انحرافه وميله عن الشرك إلى التوحيد و مقبل على الله مقبل على توحيده وطاعته منحرف عن الشرك ولهذا تسمى هذه الملة تسمى بالملة الحنيفية لميلانها عن الشرك والبدع والمحدثات تسمى الملة العوجاء لكونها مائلة هي في نفسها مستقيمة ولكن كونها عوجاء بالنسبة لميلها عن الملل الأخرى وانحرافها عنها عن البدع عوجاء لأنها مائلة عن غيرها من الأديان وهي في نفسها مستقيمة وهذا الدين دين قيم ومستقيم هذا الحنفي في نفسها مستقيمة ولكنها منحرفة عن غيرها من الملل والبدع ولهذا قال الله تعالى وصفه الله بأنه حنيف يعني مائل عن الشرك و البدع إلى التوحيد مقبل على التوحيد مقبل على طاعة الله وتوحيده ثم وضح ذلك بقوله وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أي ليس من أهل الشرك في شيء بل هو من أهل التوحيد والإيمان وهذا الشاهد للترجمة وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لأن من حقق التوحيد وسلم من الشرك والبدع دخل الجنة بغير حساب ولا عذاب وإبراهيم ممن حقق التوحيد بل هو أمة يقتدى به قال الله تعالى: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ فهو أمة يعني قدوة ومعلم الناس للخير قدوة يقتدا به وقاطع أهل الشرك وأهل الأوثان جميعاً عاداهم في الله وبقي وحده حتى أباه وغيره قاطعهم جميعاً وعاداهم في الله فشكر الله له فجعله أمة قانتا أمة معلما قدوة يقتدى به في الخير فإبراهيم وآل إبراهيم هم أئمة أهل التوحيد وأئمة أهل الحنفاء وفرعون وآل فرعون أئمة أهل النار وأئمة أهل الضلال نعوذ بالله أمة قانتاً مديماً على طاعة الله مستمراً عليها حنيفا مائلا عن الشرك مقبل على التوحيد وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ هذه الصفات من حققها دخل الجنة بغير حساب ولا عذاب من كان معلما للخير مستمرا على طاعة الله مديما مقبلا على توحيد الله مائلا عن الشرك والبدع ولم يقع في عمله شرك فإنه يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب.
وقال سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ. في وصف عباده صفات المؤمنين إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ هم يشفقون من خشية الله يخافون الله ويخشونه ويؤمنون بآيات الله ولا يقع في عملهم شرك إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ فهنا[الشيخ1] هم المسابقون للخيرات والسابق للخيرات ممن يدخلون الجنة بلا حساب والذين هم بربهم لا يشركون فمن حقق التوحيد وابتعد عن الشرك والبدع والمحدثات والكبائر دخل الجنة بغير حساب ولا عذاب.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله حديث ابن عباس وهذا الحديث فيه أن حصين بن عبد الرحمن كان في مجلس سعيد بن الجبير فقال سعيد بن الجبير للحاضرين: أيُّكم رأى الكوكبَ الذي انقضَّ البارحة؟ الكوكب يعني النجم انقض: يعني سقط يكون يشع بالنور ثم يسقط أيُّكم رأى الكوكبَ الذي انقضَّ البارحة؟ كان في منتصف الليل فقال حصين: أنا رأيته ثم تذكر فخشي أن يظن الناس أنه يصلي وأنه يتهجد فأراد أن يزيل هذا حتى لا يتزين بما لا ليس فيه والصحابة أبعد ما يكونون عن التزين بما ليس فيه والتشبه بما ما ليس فيه خشي أن يظن الناس أنه يصلي وأنه يتهجد فيثنون عليه بما ما ليس فيه داخل في قول الله تعالى: لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فقال: أما إني لم أكن في صلاة ولكني لُدِغت. يعني السبب في كوني رأيت الكوكب الذي انقض في منتصف الليل أني سهرت بسبب لدغة الحية أو العقرب لا لأني أصلي أما إني لم أكن في صلاة ولكني لدغت حتى يبين للناس أنه ليس يتهجد ويصلي ولهذا رأى هذا الكوكب لكن رآه لأنه سهر من أجل اللدغة فقال له سعيد فماذا صنعت؟ لما لدغت قال: ارتقيت قال حصين ارتقيت يعني طلبت من يرقيني أو فعلت الرقية ارتقيت طلبت من يرقيني وأما لو فعل الرقية بنفسه ما فيه إشكال لو رقى نفسه ما فيه إشكال لكن ارتقيت لأن السين والتاء للطلب مثلا استقيت الماء أي طلبت من يسقيني استعنت بفلان أي طلبت من يعينني ارتقيت كذلك استرقيت وارتقيت طلبت من يرقيني فقال له سعيد: فما حملك على ذلك؟ هات الدليل هل عندك دليل على هذا العمل أنت الآن ارتقيت فعلت فعل هل عندك دليل على هذا؟ قال: نعم حديث حدثناه الشعبي. قال: وما حدّثكم؟ قال: حدثنا عن النبي ﷺ أنه قال: لا رُقية إلا من عين أو حُمة. عن بُريدة بن الحصيب أنه قال: لا رُقية إلا من عين أو حُمة.
العين: إصابة العائن غيره بعينه وهي أن تتكيف نفس بالخبث فيخرج من نفسه الشريرة نفس فتساعده الأرواح الشيطانية فيصاب المعين بإذن الله يأخذ من نفس مكتظ بالشر وتساعده الأرواح الشيطانية فيصاب بالعين هذه العين. والعين حق قال: قال الله تعالى: وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وفي الحديث لَوْ كَانَ شَيْءٌ يسبق الْقَدَرِ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ. ولكن ليس كل شيء يكون من العين كما يغلو في هذا بعض العامة لو يصاب بأي شيء قال هذا من العين إذا أصاب بوجع في رأسه قال هذا عين وإذا أصابه وجع في ضرسه قال هذا عين هذا غلو ليس كل شيء من العين , العين حق والعين إذا أصاب الإنسان بعين فإنه يرقى الرقية مفيدة كما في هذا الحديث من أفيد ما يكون الرقية للعين والحمة وكذلك إذا عرف العائن فإنه يطلب منه أن يغتسل له يطلب الاستغسال وهو أن يغسل قدميه وركبتيه وداخلة إزاره يصب عليه وكذلك أيضا كونه يؤخذ شيئا من آثاره هذا مجرب من آثار أكله أوشربه هذا يفيد وكذلك أيضاً كون العائن يأتي وينفث عليه أيضا هذا يفيد فتكون الرقية والعائن نفسه يأتي وينفث أو يستغسل يطلب منه الاستغسال وهو أن يغسل له أطرافه لو لم يأت يؤخذ من أطرافه يغسل قدميه وركبتيه وداخلة إزاره ويعطى المعين أو يصب عليه شيء ويصب عليه أو يأخذ شيء من آثاره اختلف العلماء فيما إذا عان شخص شخصا بعينه فقتله هل يقتص منه أو لا يقتص؟ من العلماء من قال يقتص منه إذا تعمد إذا كان متعمدا لأن بعض الناس قد تخرج منه العين باختياره وبعضهم تخرج بغير اختياره وهذا لا يعرف بغير الإقرار . فإذا أقر واعترف أنه قتله باختياره يقتص منه عند بعض العلماء أما إذا كان بغير اختياره وأقر يكون عليه الدية وهذا يوجد هناك أخبار قد تكون متواترة عن بعض الناس أنهم تخرج العين منه وأنه تخرج باختياره قد يمنعها يقال إن بعض الناس لولا أني أذكر الله لهلك كل من وقع عليه بصري أو كما قال نسأل الله السلامة والعافية يحكى أن بعض الناس الذين يعرفون بالعين أنهم كل واحد يتحالفون فيما بينهم أن لا يضر أحدهما الآخر.
فالمقصود أن العين حق و الحمة ذوات السموم لدغة الحية أو العقرب ومعنى الحديث لا رقية إلا من عين أو حمة أي لا رقية أشفى وأولى من رقية العين أو الحمة وإنما قلنا فيما معنى حديثه هذا متأول بهذا التأول جمعا بين النصوص لأنه جاء في الحديث الآخر عن النبي ﷺ لما سئل عن رقى يرقى بها وأدوية يتداوى بها قال: اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً. هذا دليل على أن الرقية جائزة في أي مرض أي مرض له رقية لكن الرقية في العين والحمة أشفى وأولى من غيرها لا رقية إلا من عين أو حمة فهذا دليل حصين بن عبد الرحمن هذا الدليل أتى به استدل به لما صنع.
فقال سعيد بن جبير: قد أحسن مَن انتهى إلى ما قد سمع. أحسنت لأنك عملت بالدليل عندك حجة ودليل عملت به ومن عمل بالدليل فقد أحسن إلى ما قد سمع ولكن حدثنا ابن عباس حديث آخر حديث عن النبي ﷺ قال: عُرضت عليَّ الأمم، فرأيتُ النبيَّ ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد وهذا العرض والله أعلم في النوم ورؤيا الأنبياء حق ورؤيا الأنبياء وحي كما قال الله تعالى في كتابه: قصة إبراهيم أنه قال لابنه إسماعيل قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ثم بعد ذلك لما نفذ الرؤيا قال الله : قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ فرؤيا الأنبياء وحي.
فرأيت النبي ومعه الرهط والرهط من ثلاثة إلى عشرة المعنى أنه رأى بعض الأنبياء رأى أتباعه رهط من ثلاثة إلى عشرة هذا أتباعه ما تبعهم إلا هذا العدد القليل والنبي ومعه الرجل والرجلان بعض الأنبياء ما معه إلا اثنين وبعضهم ما معه إلا واحد ما تبعه إلا واحد والنبي وليس معه أحد بعض الأنبياء ما تبعه أحد بل بعض الأنبياء قتلوا مثل زكريا ويحيى قتلوا قتلهم قومهم قال الله تعالى عن اليهود: فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ. بعض الأنبياء قتلوا وبعضهم ما تبعه أحد وبعضهم تبعه رجل واحد وبعضهم تبعهم رجلان وبعضهم الرهط وبعضهم لم يتبعه أحد نوح عليه الصلاة والسلم أول أولي العزم وأول رسول بعثه الله إلى الأرض لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عام قال الله تعالى: وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ بعد هذه المدة الطويلة ما آمن معه إلا قليل وهو لم يقصر عليه الصلاة والسلام بل بذل الجهود تلو الجهود واستغل جميع الأوقات كما قال الله تعالى: قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَاراً وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً دعا جهارا وإسرارا وليلا ونهارا ولكن الهداية بيد الله ما آمنوا معه إلا قليل كل الذين آمنوا ركبوا معه في السفينة هذا في دليل في تسلية للداعية على أن الداعية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا ييأس وليس عليه هداهم الهداية بيد الله كما قال الله: إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ. ليس الهداية بيدك إنك ترشد وتنصح وتعظ وتبين فإن استجيب لك فالحمد لله وإن لم يستجب فقد أديت ما عليك قال الله للنبي ﷺ: فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا هذا فيه تسلية دعاة ومرشدين ومصلحين وأنهم لا ييأسوا ولا يملوا ولا ينقطعوا إذا لم يستجب لهم فهؤلاء أفضل الناس الرسل عليهم الصلاة والسلام ومع ذلك هذه حالهم منهم من لم يتبعه واحد ومنهم من قتل ومنهم من تبعه الرجل ومنهم من تبعه الرجلان ومنهم من تبعه الرهط.
ثم قال الرسول ﷺ: إذ رُفع لي سوادٌ عظيم في الأفق فظننت أنه أمتي، فقيل: هذا موسى وقومه فيه دليل على كثرة أتباع موسى عليه الصلاة والسلام وأن أتباع موسى من بني إسرائيل كثيرون سواد عظيم، ثم رفع سواد عظيم يعني أعظم من الأول فقيل هذه أمتك ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب هذا فيه دليل على أتباع النبي ﷺ هم أكثر أتباع الأنبياء ويدل على ذلك حديث النبي ﷺ قال: ما بعث الله من نبي إلا أعطاه يعني من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي؛ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً عليه الصلاة والسلام.
وجاء في الحديث أن النبي ﷺ قال: أما ترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة فكبرنا فقال: أما ترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة فكبرنا فقال: أما ترضون أن تكونوا نصف أهل الجنة؟ فكبرنا. هذا في الصحيح.
وجاء في حديث آخر أن هذه الأمة ثلثي أهل الجنة أن أهل الجنة مائة وعشرون صفاً وهذه الأمة ثمانون صفاً. هذا فيه دليل على أن أتباع نبينا محمد ﷺ أكثر أتباع الأنبياء.
قال ومعهم سبعون ألف يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ثم نهض النبي ﷺ فدخل منزله فخاض الناس الصحابة في أولئك الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب صاروا يتحدثون يقولون: من هم؟ هذا فيه حرص الصحابة على الخير. يريدون أن يعرفوا أوصافهم حتى يعملوا بها فجعل الناس يخوضون في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب فقال بعضهم: فلَعلَّهُم الذين صحبوا النبي ﷺ وقال آخرون لَعلَّهُم الذين وُلدوا في الإسلام فلم يُشركوا بالله شيئاً، هكذا يتلمسون بعضهم من قال: أصحاب الرسول ﷺ وبعضهم من قال الذين ولدوا في الإسلام نحن أدركنا الجاهلية و أولادنا ولدوا في الإسلام وذكروا أشياء. فخرج عليهم رسول الله ﷺ فأخبروه، فقال: هم الذين لا يَسْترْقُون، ولا يكتوون، ولا يتطيّرون، وعلى ربهم يتوكلون هذه أربعة أصناف هذه أوصافهم هم الذين لا يَسْترْقُون، ولا يكتوون، ولا يتطيّرون، وعلى ربهم يتوكلون. وجاء في حديث آخر أن النبي ﷺ قال: إن الله أعطاني مع كل ألف سبعون ألفاً وهذا ثابت وجاء في حديث آخر مع كل واحد سبعون ألفاً لكن في ضعف الحديث.
وجاء في صحيح مسلم أنه قال: هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون لكن هذه الرواية وهم من بعض الرواة وكما حقق شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل التحقيق أنها وهم زيادة هم الذين لا يرقون ولا يسترقون الصواب أنه وهم وأن صواب الحديث كما ساقه المؤلف هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا فيه لا يرقون لأن الراقي والسبب في ذلك أن الراقي محسن بخلاف المسترقي فإن المسترقي يطلب غيره لكن الراقي محسن مع المسلمين فكيف يكون الراقي ليس منهم الراقي محسن يأتي الراقي يقرأ على الإنسان رقية شرعية من دون طلب الطالب هو المسترقي الذي مال إليه شعبة من قلبه أما الراقي محسن وهذا هو الصواب وحققه شيخ الإسلام وغيره أن هذه الرواية وهم وإن كان ابن الحاكم اعترض على شيخ الإسلام في هذا لكن المعتمد شيخ الإسلام أنها وهم الذين لا يرقون ولا يسترقون وإنما المعتمد هم الذين لا يسترقون يسترقون معناه الهمزة والسين والتاء للطلب يسترقون يعني يطلبون أحد يرقيهم والرقية معناها الرقية الشرعية الرقية هي القراءة على المريض يقرأ عليه آيات من القرآن يقرأ عليه آية الكرسي المعوذتين قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ،يرقيه بـ اللهم رب الناس أذهب الباس، اشف أنت الشافي يرقيه بـ بسم الله أرقيك، من كل شيء يأذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك هذه الرقية فالذي يسترقي يعني يطلب غيره أن يرقيه هذا إذا استرقى يخل بشرط السبعون ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب والمعنى هؤلاء الذين يدخلون الجنة بلا حساب هذه أوصافهم مع الإيمان بالله التوحيد والمؤمنون أدوا الفرائض وانتهوا عن المحارم وليس المراد أن يقتصروا على هذه الصفات ولا يؤدون الواجب لا المعلوم صفات أخرى أنهم مؤمنون موحدون آمنوا بالله بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وصاموا رمضان وحجوا بيت الله الحرام وأدوا الفرائض وانتهوا عن المحارم ومع ذلك ابتعدوا عن الأشياء التي هي خلاف الأولى من تحقيقهم التوحيد أنهم زادوا على أداء الفرائض وانتهوا عن المحارم والالتزام بما ألزم الله به زادوا على ذلك فتركوا الأشياء المكروهة أو الأشياء التي هي خلاف أولى بسبب تحقيقهم للتوحيد فصاروا لا يسترقون الرقية جائزة أو كما سمعنا لا رقية إلا من عين اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً مشروعة جائزة لكن هؤلاء السبعين ألفاً لا يميلون إلى غير الله في قلوبهم والراقي والمسترقي إذا طلب أحد يرقيه مالت إليه شعبة من قلبه مال إلى المخلوق ولو بالطلب مال إليه فبالتحقيق بالتوحيد أنهم لا يطلبون أحداً يرقيهم بل يعتمدون على الله ولا يطلبون أحداً يرقيهم وإن كانت الرقية مشروعة إلا أنهم لا يطلبون من المخلوق هذه الرقية وهذا خاص بالرقية وليس عاماً في جميع الأسباب العلاج عند الأطباء لا يدخل في هذا والأسباب الأخرى البيع والشراء والرقية سبب والبيع والشراء والأكل والشرب والمعاملات والعلاج عند الأطباء لا يدخل في هذا إنما هذا خاص بالرقية بما فيه من البيع هؤلاء السبعون ألفاً من تحقيقهم للتوحيد لا يسترقون حتى الأشياء التي هي خلاف أولى يتركونها تحقيقاً للتوحيد حتى لا يحتاجون إلى مخلوق.
ولا يكتوون لا يستعملون الكي والكي جائز قد يكون فيه الشفاء كما في الحديث البخاري قال الشفاء في ثلاث: شرطة محجم، وكية نار، أو شربة عسل، وما أحب أن أكتوي وفي لفظة وأنهى أمتي عن الكي والكي مكروه لما فيه من التعذيب فيه من التعذيب في النار وهو جائز لكن ينبغي أن يكون آخر شيء كما يقال آخر (آخر الطب الكي) إذا لم يوجد غيره فلا بأس إذا وجد غيره فيجب تركه فهؤلاء من تحقيقهم للتوحيد يتركون الأشياء المكروهة كالكي.
ولا يتطيرون والتطير هو فعل الطيرة التشاؤم والتشاؤم في المرئيات أو المسموعات بالطيور أو بالبقاع أو بالأشخاص أو بالألفاظ والطيرة من الشرك من الشرك الأصغر ومن عمل الجاهلية ومن عمل آل فرعون أعداء الرسل قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وآل فرعون قال الله تعالى: فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ وهي من إلقاء الشيطان ووسوسته وتخويفه فهم يتركون الأسباب الشركية ويتركون الأسباب المكروهة.
وعلى ربهم يتوكلون أي يعتمدون على الله بقلوبهم ويفوضون أمورهم إليه بحصول النتائج مع فعل الأسباب فهؤلاء السبعون ألفاً يتركون ما هو خلاف الأولى كالرقية ويتركون الأسباب المكروهة كالكي ويتركون الأسباب المحرمة كالطيرة وختام ذلك يتوكلون على الله يعتمدون على الله في حصول مطلوبهم التي يطلبونها.
ثم قام رجل يقال له عكاشة فقال: يا رسول الله ادعوا الله أن يجعلني منهم. فقال: اللهم اجعله منهم. قال: أنا منهم يا رسول الله. قال: نعم. فقام رجل آخر فقال: ادعوا الله أن يجعلني منهم فقال النبي ﷺ: سبقك بها عكاشة قال العلماء هذا سد للباب يحتمل أن الرجل الثاني منهم لكن النبي ﷺ سد الباب حتى لا يأتي أحد ليس منهم لأنه لو قال للثاني أنت منهم قام ثالث ورابع وخامس إلا ما لا نهاية كل الصحابة يودون هذا كل يود أن يكون منهم لكن النبي ﷺ سد الباب فقال: سبقك بها عكاشة فوقف القوم وهذا فيه منقبة لعكاشة بن محصن شهادة له أنه من الجنة ومن السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب.
ومناسبة الحديث والترجمة واضح بأن هؤلاء السبعون ألفاً من تحقيقهم للتوحيد أنه يتركون الأسباب التي من خلاف أولى يتركون الرقية ويتركون الأسباب المكروهة كالكي ويتركون الأسباب المحرمة كالطيرة وختام ذلك اعتمادهم على الله وتفويض أمورهم إليه وهذا بعد أداء الفرائض والانتهاء عن المحارم. نعم؟!
سؤال:
(29:12)
الجواب:
لا ما يدخل ما طلب من أحد شيء. نعم الرسول ﷺ كان يرقي نفسه في كل ليلة.
ما يدخل ما طلب أحد ما . الهمزة والسين والتاء للطلب الذي يطلب غيره يقول تعال يا فلان اقرأ علي هذا الذي يسترقي أما إذا جاء وقرأ عليه من دون طلب فلا يدخل في هذا نعم.
يدعو من هذا الشفاء قد يكون الشفاء فيه لكن لما فيه من تعذيب بالنار يكون آخر شيء إذا وجد غيره يستعمل وإذا لم يوجد غيره فلا بأس نعم؟!
سؤال:
.......
الجواب:
ظاهره يخرج من قال بعضهم يحتاج أو تعين الكي أو الطريقة أو الرقية أنه لا يخرج.
(المتن)
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
باب الخوف من الشرك
وقول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وقول الخليل : وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأصْنَامَ. وفي الحديث: أخوفُ ما أخاف عليكم الشركُ الأصغر. فسئل عنه. فقال: الرياء.
وعن ابن مسعود أن رسول الله ﷺ قال: مَنْ مات وهو يدعو لله نِدَّاً دخل النار. رواه البخاري
ولمسلم عن جابر أن رسول الله ﷺ قال: مَنْ لقي الله لا يُشرك به شيئاً دخل الجنة،ومن لقيه يُشرك به شيئاً دخل النار.
(الشرح)
قال الإمام الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد:
باب الخوف من الشرك هذا هو الباب الرابع من أبواب كتاب التوحيد العظيم إذا لم يؤلف كتاب مثله باب الخوف من الشرك هذا الباب عقده المؤلف رحمه الله لبيان أنه ينبغي للمسلم أن يخاف على نفسه من الوقوع في الشرك أن يخاف على نفسه من الشرك بالحذر من أسبابه وذرائعه الموصلة إليه حتى لا يقع في الشرك وهو لا يشعر الخوف من الشرك يلزم منه البعد عن الشرك الأكبر والشرك الأصغر وذرائعه ووسائله المؤدية إليه والتضرع إلى الله وصدق اللجوء إلى الله أن يجنبه الشرك وأسبابه وذرائعه.
وقول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ في هذه الآية الكريمة بيان أن الله لا يغفر الشرك وأما ما دونه فهو تحت المشيئة وهذا يفيد المسلم الخوف من الشرك الذي هذا شأنه أنه لا يغفر وذلك أن الله خص وعلق خص الشرك بأنه غير المغفور وعلق ما دون الشرك على المشيئة والذي يعلق هو الجائز وفي الآية الأخرى في آية الزمر قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ عمم و أطلق فهذا في التائبين عمم وأطلق فالتوبة عامة مطلقة كل من تاب من أي ذنب حتى الشرك تاب الله عليه قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا لمن تاب وفي هذه الآية الترجمة خصص وعلق خص وعلق فخص الشرك بأنه غير مغفور وعلق ما دونه تحت المشيئة فهي في غير في التائبين هذه الآية في غير التائبين وتلك في التائبين وهذا يفيد الحذر من الشرك الذي هذا شأنه أنه غير مغفور أنه من لقي الله به فإنه غير مغفور أما ما دونه فهو تحت المشيئة.
وفي الآية الثانية فقد قال الله تعالى عن الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه قال: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأصْنَامَ سأل الله أن يجنبه وبنيه من عبادة الأصنام والأوثان و أبناءه أنبياء عليهم الصلاة والسلام رزقه الله إسماعيل وقال هذا هو بكره من هاجر ثم رزق بعد مدة بعد اثني عشرة سنة إسحاق من زوجه سارة وهما نبيان كريمان ومن سلالة إسماعيل نبينا محمد ﷺ ومن سلالة إسحاق يعقوب ويعقوب هو إسرائيل وبنو إسرائيل كلهم من سلالته. آخرهم عيسى عليه الصلاة والسلام فأولاده أنبياء وهو نبي كريم أبو الأنبياء كسر الأصنام بيديه ومع ذلك يسأل الله أن يجنبه وبنيه أن يعبد الأصنام وهذا يدل على شدة خوفه من الله وصدق لجئه إلى الله وشدة حذره وإخلاصه إذا كان الخليل عليه الصلاة والسلام أبو الأنبياء ووالد الحنفاء والذي كسر الأصنام بيديه كسرها بيديه وقاطع الناس جميعاً حتى أباه من أجل الشرك قاطعهم إخلاصاً لله ومحبة ومولاة له ومقاطعة للمشركين ومع ذلك يخاف ويسأل الله أن يجنبه وبنيه أن يعبد الأصنام فكيف بغيره؟ ولهذا قال إبراهيم التيمي ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام إذا كان إبراهيم الخليل كسر الأصنام بيديه والمواقف العظيمة المشرفة فقد وصفه الله بأنه وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى يخاف فكيف بغيره؟
وفي الحديث يقول النبي ﷺ : أخوفُ ما أخاف عليكم الشركُ الأصغر. فسئل عنه. فقال: الرياء. هذا الحديث ذكره المصنف غير معزوم رواه أحمد الطبراني عن محمود ابن لبيد وهو من صغار الصحابة وهو مرسل لكنه مرسل صحابي ومراسيل الصحابة حجة.
وذكر المؤلف رحمه الله حديث ابن مسعود عن النبي ﷺ أي الذنب أعظم قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك. ثم قيل: أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك. ثم قال: أي؟. قال: أن تزاني بحليلة جارك هذا الحديث أولى لكن المؤلف ذكر هذا ذكر الحديث هذا وهو مرسل صحابي وفيه أن الرياء من الشرك وهو من الشرك الأصغر إذا صدر من المسلم أما المنافقون فيصدر منهم الرياء أكثر.
وعن ابن مسعود أن رسول الله ﷺ قال: مَنْ مات وهو يدعو من دون الله نِدَّاً دخل النار. رواه البخاري هذا الحديث فيه دليل على أن من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار (جعل لله ندا)ً يدعوه يحبه ويرجوه محبة العبادة أو يخافه أو ينذر له أو يذبحه له أو ينذر له ومثله لو جعل لله نداً في الربوبية أو في الأسماء والصفات فإذا جعل لله نداً في الربوبية أو في الأسماء والصفات أو في الأفعال أو جعل لله نداً في العبادة و الألوهية بأن يدعوه كما في هذا الحديث أن تجعلوا لله نداً يدعوه ويخافه ويرجوه فهذا هو الشرك.
والتنديد قد يكون أكبر أو قد يكون أصغر فالتنديد الأكبر هو أن يدعو من دون الله نداً والتنديد الأصغر هو الرياء والتشريك بين الخالق والمخلوق بالواو عن النبي ﷺ لما قال رجل للنبي ﷺ ما شاء الله وشئت قال: جعلت لله نداً، قل: ما شاء الله وحده هذا التنديد الأصغر قول ما شاء الله وشئت ما لي إلا الله وأنت لولا الله وفلان والحلف بغير الله كل هذا التنديد الأصغر أما إذا دعا غير الله وذبح لغير الله هذا من التنديد الأكبر وفي هذا الحديث الند الأكبر مَنْ مات وهو يدعو من دون الله نِدَّاً دخل النار يدخلها ويخلد فيها والعياذ بالله إذا مات وهو يدعو من دون الله نداً يدعو غير الله هذا هو التنديد الأكبر ومن أهل النار من المخلدين فيها والعياذ بالله
ولمسلم عن جابر أن النبي ﷺ قال: مَنْ لقي الله لا يُشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن لقيه يُشرك به شيئاً دخل النار. وهذا الحديث حديث فيه بيان أهل النار من أهل الجنة قال أن أهل الجنة من مات على التوحيد سالم من الشرك فإنه من أهل التوحيد مَنْ لقي الله لا يُشرك به شيئاً هو الموحد دخل الجنة لأن الذي لا يشرك بالله هو الموحد والموحد هو الذي لا يشرك بالله.
[الشيخ1]مراجعة الى هنا