شعار الموقع

شرح التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية 46

00:00
00:00
تحميل
6

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد فغفر الله لك.

(يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:ويغلو فيها قوم من أهل الإثبات حتى سلبوا العبد قدرته واختياره، ويخرجون عن أفعال الله وأحكامه حكمها ومصالحها)

ما ذهب إليه الجبرية يغلون في الإرادة ويقولون: إن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق عبده وخلق أفعاله ويغلون حتى سلبوا العبد قدرته واختياره وقالوا إن الله هو المصلي والصائم والأفعال أفعال الله والعباد وعاء تمر عليهم الأفعال وهذه أفعال الله، هذا من الغلو حتى قالوا: العبد ليس له قدرة ولا اختيار، وأفعاله كلها اضطرارية، سلبوا حكمة الله وأن الله ليس له حكمة ولا إرادة فيما يفعله ويقدره، وليس له حكمة فيما يقدره وهذا من أبطل الباطل؛ لأن الجبرية  نفوا الحكم والعلل والأسباب والغرائز كلها نفوها، وقالوا: إن الرب يفعل بمجرد المشيئة من دون حكمة وهذا من الجهل العظيم كما أن القدرية النفاة قالوا: إن العبد هو الذي يخلق أفعال نفسه غلوا في فعل العبد، حتى قالوا: إن الله تعالى لم يخلق أفعال العباد، العباد هم الذين خلقوا أفعالهم مستقلين، وقالوا: إن الله لا يقدر على خلق أفعال العباد، وقابلهم الجبرية فقالوا: فغلوا في خلق الله أفعال العباد حتى قالوا: العبد ليس له قدرة ولا اختيار.

وأهل السنة توسطوا هداهم الله للحق فقالوا: إن الله تعالى خلق العبد وخلق قدرته وفعله ولكن له قدرة واختيار، فالأفعال هي من الله خلقًا وإيجادًا وتقديرًا ومن العبد فعلاً وتسببًا وكسبًا ومباشرة وله قدرة واختيار، والله تعالى أعطاه القدرة والاختيار.

(يقول الشيخ عبد العزيز الرشيد رحمه الله: ويغلو فيها قومٌ إلى آخره، أشار المصنف بقوله هذا إلى المجبرة فإنهم غلوا في نفي أفعال العباد حتى سلبوا العباد قدرتهم واختيارهم)

نعم غلوا في نفي أفعال العباد وأولئك غلوا في فعل العبد حتى قالوا: العبد هو الذي يخلق فعل نفسه متقابلان، الجبرية غلوا في أفعال العبد حتى قالوا: أنها هي أفعال الله، وأولئك غلوا في نفي خلق الله لأفعال العباد حتى قالوا: إن العبد هو الذي يخلق فعل نفسه استقلالاً.

(فإنهم غلوا في نفي أفعال العباد حتى سلبوا العباد قدرتهم واختيارهم، وزعموا أنهم لا يفعلون شيئًا البتة، وإنما الله هو فاعل تلك الأفعال حقيقة فهي نفس فعله لا أفعالهم، والعبيد ليس لهم قدرة ولا إرادة ولا فعل البتة وأن أفعالهم بمنزلة حركة الجمادات لا قدرة له عليها وإمام هؤلاء الجهم بن صفوان الترمذي وقولهم باطل؛ لأننا نفرق بالضرورة بين حركة البطش وحركة المرتعش).

هذا واضح حركة البطش يعني الإنسان يتحرك باختياره وحركة المرتعش هذه حركة اضطرارية، حركة المرتعش وحركة الأشجار حينا تهب بها الرياح هذه كلها حركات اضطرارية  أما حركة البطش هذه يفعلها الإنسان باختياره.

(ونعلم بأن الأول باختياره دون الثاني؛ ولأنه لو لم يكن للعبد فعلٌ أصلاً لما صح تكليفه، ولا ترتب استحقاق الثواب والعقاب على أفعاله)

هذا واضح لو لم يكن له فعل كيف يكلف وهو ليس له فعل والأفعال أفعال الله ولو كان مجبورًا لما ترتب على فعله ثواب ولا عقاب، كيف يثاب على شيء على ما فعله اضطرارًا هذا من أبطل الباطل، دل على أنه له قدرة واختيار والأفعال أفعاله تنسب إليه وله قدرة على الفعل والترك، ولهذا يعاقب العاصي والمذنب ويثاب المطيع.

(ولا إسناد الأفعال التي تقتضي سابقة قصد إليه على سبيل الحقيقة مثل صلى وصام وكتب بخلاف مثل طال واسود لونه)

صلى وصام هذه أفعال باختياره، أنا طال واسود لونه هذا ليس باختياره، الطول ليس باختياره ولا اللون.

(والنصوص القطعية تنفي ذلك قال الله تعالى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:17]، وقال: )

حيث أن الله نسب أفعل العباد إليهم.

(فقال الله تعالى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:17])

بما كانوا يعملون اي نسب العمل إليهم.

(وقال: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف:29] إلى غير ذلك)

نسب المشيئة إليهم.

(قال ابن القيم: و هؤلاء خصماء الله الذين جاء فيهم الحديث "يقال يوم القيامة أين خصماء الله

فيأمر بهم إلى النار" وتقدم ما ذكره)

خصماء الله الذين قالوا إن العبد مجبور على الأفعال ومجبور على المعاصي قالوا: كيف يعذبنا على المعاصي ونحن مجبورون عليها، هؤلاء خصماء الله يساقون إلى النار كما قال شيخ الإسلام يساقون إلى النار (...) القدرية نسأل الله العافية.

(وتقدم ما ذكره الشيخ في تائيته)

شيخ الإسلام يعني.

( وقال ابن القيم سمعت الشيخ تقي الدين يقول: القدرية المذمومون في السنة وعلى لسان السلف هم هؤلاء الفرق الثلاثة نفاته وهم القدرية المجوسية)

نعم نفاة القدر يقولون: إن الله تعالى ما قدر أفعال العباد وما أراداها ولا شاءها والعبد هو الذي شاء فعله وخلق فعله هؤلاء يقال لهم قدرية نفاة هم مجوس هذه الأمة؛ لأنهم شاركوا المجوس في القول بتعدد الخالق، المجوس قالوا بخالقين، هم قالوا كل واحد يخلق فعل نفسه.

(وهم القدرية المجوسية والمعارضون به للشريعة الذين قالوا: لو شاء الله ما أشركنا وهم قدرية المشركية)

المعارضين للشريعة بالقدر حكى الله عن المشركين أنهم قالوا: لو شاء الله ما أشركنا، معارضين للشريعة بالقدر وقالوا: لا يستطيع العمل بالشريعة وقد قدر علينا خلاف ذلك.

(وهم القدرية المشركية والمخاصمون به للرب وهم أعداء الله وخصومه  وهم القدرية الإبليسية وشيخهم إبليس)

الثانية القدرية المشركية، والثالثة القدرية الإبليسية نسبة إلى إبليس.

(وهو أول من احتج على الله بالقدر فقال: بما أغويتني ولم يعترف بالذنب ويبوء به كما اعترف به آدم، فمن أقر بالذنب وباء به)

يقول القدرية ثلاثة، القدرية النفاة الذين ينفون القدر ويقولون أن الله لم يقدر أفعال العباد ولم يخلقها، والثاني: القدرية المشركية الذين يحتجون بالقدر على معاصيهم، يقولون: لو شاء الله ما أشركنا، والثالثة: القدرية الإبليسية الذي يقولون: إن الله قدر الأشياء وأمر ولكن الرب متناقض، تعالى الله، يأمر بالشيء ويقدر خلافه أعوذ بالله، هؤلاء هم القدرية الإبليسية شيخهم إبليس، إبليس خاصم الرب والعياذ بالله لما أمر الله بالسجود لآدم {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [ص:76] نسأل الله السلامة والعافية، وهم خصماء الله الذين يساقون إلى النار.

(فمن أقر بالذنب وباء به ونزه ربه فقد أشبه أباه آدم، ومن أشبه أباه فما ظلم)

نعم إذا أقر بالذنب وتاب منه، فمن تاب تاب الله عليه كما فعل آدم عليه السلام.

(ومن برأ نفسه واحتج على ربه بالقدر فقد أشبه إبليس)

برأ نفسه من الذنب واحتج بالقدر أشبه المشركين ومن قال إن الرب متناقض فقد أشبه إبليس.

(ولا ريب أن هؤلاء القدرية الإبليسية والمشركية شر من القدرية النفاة  والذي عليه)

القدرية النفاة  معظمون للشريعة، معظمون للأوامر والنواهي وإن قالوا أن العبد يخلق فعل نفسه، أما القدرية المشركية والقدرية الإبليسية  يعارضون الشرائع، الشريعة تعارض القدر أعوذ بالله، وعلى هذا تكون الشرائع عبث، هم اشر.

(والذي عليه أهل السنة والجماعة هو ما تقدم الإيمان بأن أفعال العباد مخلوقة لله، صادرة عن مشيئته وإرادته وهي أفعال لهم  وكسب لهم باختيارهم  فلذا ترتب عليها الثواب والعقاب كما تكاثرت بذلك الأدلة)

لأن الله خلقهم وخلق قدرتم وإرادتهم وأعطاهم القدرة فصاروا بها مختارين.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد