شعار الموقع

شرح التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية 48

00:00
00:00
تحميل
18

بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلي اله واصحابه اجمعين اما بعد:

يقول شيخ الإسلام بن تيمية  -رحمه الله تعالى - فصل: ومن أُصُول  أهل السُنة والجماعة، أن الدين والإيمان قول وعمل، قولُ القلب واللسان، وعملُ القلب واللسان والجوارح وأن الإيمان يزيدُ بالطاعة، وينقُصُ بالمعصية

وهُم مع ذلك لا يُكفرون أهل القبلة بمُطلق المعاصي والكبائر؛ كما يفعلُهُ الخوارجُ.

بل الأخُوةُ الإيمانيةُ ثابتة مع المعاصي؛ كما قال سُبحانهُ  في آية القصاص : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ)

 وقال: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) ، (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ). ولا يسلُبُون الفاسق الملي الإسلام بالكُلية، ولا يُخلدونهُ في النار؛ كما تقُولُه المُعتزلةُ. بل الفاسقُ يدخُلُ في اسم الإيمان المطلق؛ كما في قوله: ( فتحريرُ رقبة مُؤمنة ) وقد لا يدخُلُ في اسم الإيمان المُطلق؛ كما في قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ).  وقوله صلى اللهُ عليه وسلم: (( لا يزني الزاني حين يزني وهُو مُؤمن، ولا يسرقُ السارقُ حين يسرقُ وهُو مُؤمن، ولا يشربُ الخمر حين يشربُها وهُو مُؤمنولا ينتهبُ نهبةً ذات شرف يرفعُ الناسُ إليه فيها أبصارهُم حين ينتهبُها وهُو مُؤمن )).

ونقولُ : هو مؤمن ناقصُ الإيمان، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، فلا يُعطى الاسم المُطلق، ولا يُسلبُ مُطلق الاسم).

قال الشارح الشيخ عبد العزيز  الرشيد -رحمه الله-: فصل قولُه: (أن الدين) معناه لغةً: الذُلُ، يُقالُ دنتُه فدان، أي أذللتُه فذل، وشرعا: هُو ما أمر اللهُ به على ألسنة رُسله، والإيمانُ لغةً: التصديقُ كما قال تعالى: (وما أنت بمُؤمن لنا) أي بمُصدق، وشرعا: الإيمانُ هُو ما ذكره المصنفُ.

قال الشيخ تقيُ الدين -رحمهُ اللهُ-: لفظُ الإيمان إذا أُطلق يُرادُ به ما يُرادُ بلفظ البر وبلفظ التقوى وبلفظ الدين، فكُلُ ما يُحبُه اللهُ ورسولُه يدخُلُ في اسم الإيمان. انتهى. وفي حديث جبريل: سمى النبيُ -صلى اللهُ عليه وسلم- الإسلام والإيمان والإحسان دينًا.

قولُه: (قولُ القلب) وهُو الاعتقادُ، كاعتقاد ما أخبر اللهُ به عن نفسه وأسمائه وصفاته وأفعاله وملائكته وكتُبه ورُسله.

قولُه: (قولُ اللسان) وهُو التكلُمُ بالشهادتين، والقيامُ بذكره -سُبحانهُ- وتبليغ أوامره والدعوة إليه والذب عن دينه ونحو ذلك. (وعملُ القلب) وهُو نيتُه وإخلاصُه والتوكُلُ والإنابةُ والمحبةُ والانقيادُ والخوفُ منه -سُبحانهُ- والرجاءُ وإخلاصُ الدين له والصبرُ ونحوُ ذلك من أعمال القلوب.

قولُه: (وعملُ اللسان والجوارح) كالصلاة والحج والجهاد ، فالإيمانُ عند أهل السُنة والجماعة هُو ما تقدم أنه قول واعتقاد، وحكى الشافعيُ على ذلك إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن أدركهم، وأنكر السلفُ على من أخرج الأعمال من الإيمان إنكاراً شديداً.

روى اللالكائيُ بإسناد صحيح عن البخاري قال: لقيتُ أكثر من ألف رجُل من العلماء بالأمصار، فما رأيتُ أحدًا منهم يختلفُ في أن الإيمان قول وعمل ويزيدُ وينقُصُ، وقال الأوزاعيُ: كان من مضى من السلف لا يُفرقُون بين العمل والإيمان، وفي صحيح البخاري أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عدي بن عدي أن للإيمان فرائض وشرائع وحُدودًا وسُنناً، فمن استكملها فقد استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان، فإن أعش فسأُبينُه لكم، وإن أمُت فما أنا على صُحبتكُم بحريص، وفي "الصحيحين" عن ابن عباس -رضي اللهُ عنه- عن النبي -صلى اللهُ عليه وسلم- أنه قال لوفد عبد القيس: ((آمُرُكُم بأربع: الإيمانُ بالله وحدهُ، وهل تدرُون ما الإيمانُ بالله؟ شهادةُ أن لا إله إلا اللهُ، وإقامُ الصلاة وإيتاءُ الزكاة، وصومُ رمضان، وأن تُؤدُوا الخُمُس من المغنم)). قال ابنُ القيم فيه أن الإيمان بالله .

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد