شعار الموقع

شرح التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية 50

00:00
00:00
تحميل
20

شرح الوسطية

أحسن الله إليك

نعم:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين, أما بعد:

المتن

فغفر الله لك يقول شيخ الإسلام: ( وَلاَ يَسْلُبُونَ الفَاسِقَ المِلِّيَّ [ الإِيمان  بالكُلِّيَّةِ، ولا يُخَلِّدونَهُ في النَّارِ؛ كَما تَقُولُ المُعْتَزِلَةُ.

الشرح

هذا مذهب أهل السنة والجماعة لا يسلبون الفاسق الملي نسبة إلى الإسلام, ولا يخلدونهم في النار, والفاسق الذي ارتكب كبيرة كالزنى والسرقة وشرب الخمر هذا أصر على كبيرة, الملي يعني داخل في ملة الإسلام شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ويصلي ولكنه فاسق فأهل السنة والجماعة لا يمسحون عنه اسم الإسلام فيقول: ليس بمسلم ولا يسمع عن اسم الإيمان فنقول: ليس بمؤمن.

كما أنهم لا يعطونه اسم الإيمان فلا يقولون عنه الفاسق أنه مؤمن ولا يقول  أنه ليس بمؤمن عند أهل السنة, إذا قلت فاسق مؤمن سكت بإطلاق يكون غلطان أخطأت, ولو قلت ليس بمؤمن تكون غلطان ماذا أعمل قيد فإثبات تقول مؤمن فاسق في إيمانه مؤمن ضعيف, الإيمان مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته مؤمن في ذاته ولا ليس بمؤمن تقول: ليس بمؤمن حقاً ليس صادق الإيمان؛ لأنك إذا قلت مؤمن وسكت وافقت المرجئة, وإذا قلت ليس بمؤمن وافقت الخوارج والمعتزلة, ومذهب أهل السنة وسط حق بين باطلين المرجئة يقولون خرج من الصفة يقولون: ليس بمؤمن (....) يكفرونه والمرجئة يعطونه صفة الإيمان, وأهل السنة وسط لا ينسبون له الإيمان ولا يعطونه الإيمان المطلق بل يقيدون.

نعم:

أحسن الله إليك

المتن

قولُه: (الفاسِقَ) الفِسقُ لغةً: الخروجُ عن الاستقامةِ والجَوْرُ، وبِهِ سُمِّيَ الفاسِقُ فاسِقاً، وشَرْعا: الفاسِقُ مَن فَعَلَ كبيرةً أوْ أَصرَّ على صغيرةٍ ويَنْقَسِمُ إلى قسمَيْنِ:

الشرح

نعم:

فعل كبيرة كالزنا أو السرقة أو أصر على صغيرة وداوم عليها, هذا مثل الصغيرة أنه يداوم على حلق اللحية صار فاسق, إن داوم على صغيرة أو داوم على شرب الدخان صار فاسق هذا فسق من فعل كبيرة ولا مرة إذا لم يتب أو داوم على صغيرة.

المتن

الأوَّلُ: فِسقُ اعتقادٍ كالرَّفضِ والاعتزالِ ونحوِهما.

الشرح

الرفض هذا الرافضة يكون رافضي يعتنق مذهب الرافضة يسب الصحابة هذا فسق وهذا الأقرب للرفض الكفر أنه يصير كفر كفر يصير للكفر؛ لأنه إذا اعتقد كفر الصحابة كلهم فقد كذب الله؛ لأن الله قد زكاهم وعداهم, أو اعتقد أن القرآن غير محفوظ كذب الله, أو عبد آل البيت, أو قال: أنهم يتصرفون في الكون هذا ردة عن الإسلام, أما إذا كان لا يصير إلى هذا الحد فيكون فسق وهذا كفر, وأهل الإعتزال يعتنقون مذهب المعتزلة وهو القول بأن اثبات الصفات اثبات الأسمى من الصفات.

نعم:

المتن

الثَّاني: فِسقُ عملٍ كالزِّنا واللُّواطِ وشُربِ الخمرِ ونحوِ ذَلِكَ.

قولُه: (المِلِّيَّ) أي: الذي على مِلَّةِ الإسلامِ ولم يرتكِبْ مِن الذُّنوبِ ما يُوجِبُ كُفرَه،

الرافضي ارتكب من الذنوب ما يوجب كفره إذا كفر الصحابة معناها كذب الله أو قال إن (....) محفوظ كذب الله.

نعم:

 فأهلُ السُّنَّةِ والجَماعَةِ متَّفِقون كُلُّهم على أنَّ مرتكِبَ الكبيرةِ لا يُكفَّرُ كُفْراً يَنْقُلُ عن المِلَّةِ بالكُلِّيَّةِ.

الشرح

هذا مذهب الخوارج هم يقولون بأن الفاسق يخرج عن الملة بالكبيرة.

نعم:

أحسن الله إليك

المتن

فأهلُ السُّنَّةِ والجَماعَةِ متَّفِقون كُلُّهم على أنَّ مرتكِبَ الكبيرةِ لا يُكفَّرُ كُفْراً يَنْقُلُ عن المِلَّةِ بالكُلِّيَّةِ.

وعلى أنَّه لا يَخرُجُ مِن الإيمانِ والإسلامِ، ويَدخُلُ في الكُفرِ، ومتَّفِقون على أنَّه لا يستحِقُّ الخلودَ مع الكافرين، وأنَّ مَن ماتَ على التَّوحيدِ فلا بدَّ له مِن دخولِ الجَنَّةِ، خِلافًا للخَوارِجِ والمعتزِلةِ، فإنَّ الخوارجَ أَخرجوهم مِن الإيمانِ وحَكموا عليهم بالخلودِ في النَّارِ، والمعتزِلةُ وافَقوا الخوارجَ في الحُكمِ عليهم في الآخرةِ دُونَ الدُّنْيَا، فلم يَستَحِلُّوا منهم ما استحَلَّتْه الخوارجُ، وأمَّا في الأسماءِ فأَحدَثوا المنـزلةَ بين المنـزلتَيْنِ، وَهَذِهِ خاصيَّةُ المعتزِلةِ التي انْفَرَدوا بها.

الشرح

نعم:

من قالوا بأن الفاسق خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر, مرتكب الكبيرة خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر يسمونه فاسق لا مؤمن ولا كافر منزلة بين المنزلتين هذه أحكام المعتزلة والخوارج يقولن خرج من الإيمان ودخل في الكفر, والفرق بينهما أن الخوارج يستحلون دمه وماله؛ لأنه كافر, والمعتزلة لا يستحلون دمه وماله لأنه خرج من الإسلام ولم يدخل الكفر, لكن يتفقون جميعاً على أنه في النار مخلد الخوارج والمعتزلة يتفقون لكن في الدنيا اختلفوا.

نعم:

المتن

وسائرُ أقوالِهم قد شارَكهم فيها غيرُهم، وهَذَا الخلافُ فيما ذُكِرَ أوَّلُ خلافٍ حَدَثَ في المِلَّةِ.

قال ابنُ عبدِ الهادي في مَناقِبِ الشَّيخ تَقيِّ الدِّينِ: أوَّلُ خلافٍ حَدَثَ في المِلَّةِ في الفاسِقِ المِلِّيِّ هَلْ هُوَ كافرٌ أو مؤمنٌ، فقالت الخوارجُ: إنه كافرٌ، وقالت الجماعةُ: إنَّه مؤمنٌ، وقالت طائفةُ المعتزِلةِ: هُوَ لا مؤمنٌ ولا كافرٌ، منْزِلةٌ بين المَنْزِلتَيْنِ وخلَّدُوه في النَّارِ، واعتزلوا حَلْقةَ الحسَنِ البَصْريِّ فسُمُّوا معتزلةً. اهـ.

والأدِلَّةُ على بطلانِ مذهبِ الخوارجِ والمعتزِلةِ كثيرةٌ جِداًّ، وقد تقدَّمَ ذِكرُ بعضِها كقولِه تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}.

وكقولِه: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ}.  

نعم:                           

الشرح

وجدد أنه سمى القاتل أخا للمقتول وهذه أخوة الإسلام {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ} فلو كان كافر أو خرج من الإيمان لما أثبت له الإخوة.

نعم:

أحسن الله إليك

المتن

وكقولِه: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ}.

الشرح

وجه الدلالة أنه سماهم مؤمنين مع وجود الاقتتال, والاقتتال فسق والقتال فسق ما يجوز المسلمين أن يتقاتلوا فإذا تقاتلوا هم مؤمنون لا يخرجون من الإيمان.

نعم:

المتن

فسمَّاهُم مؤمِنيَن مع وجودِ القتلِ والاقتتالِ، وسمَّاهم إخوةً مع وجودِ ذَلِكَ.

قال الشيخ: قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}, الإخوة متقاتلين سماهم أخوة وهم يتقاتلون.

القارئ: والمرادُ إخوةُ الدِّينِ كما تقدَّمَ، وقد تقدَّمَ ذِكرُ انقسامِ المؤمنينَ إلى ثلاثةِ أقسامٍ سابِقِينَ ومقتَصِدِينَ وظالِمينَ لأنْفُسِهم.

وقد تواتَرَ في الأحاديثِ: «أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ».

نعم:

الشرح

وهذا يدل على أن الإيمان يتفاوت, وأنه لا يخرج من الإيمان بالمعاصي, ولهذا خرج من النار بالإيمان الذي معه.

نعم:

أحسن الله إليك

المتن

وحديثِ «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً فَأَعْلاهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ».

الشرح

وهذا الإيمان يتبعض خلاف الخوارج والمعتزلة الإيمان يذهب كله بالكبيرة.

نعم:

المتن

فعُلِمَ أَنَّ الإيمانَ يَقبلُ التَّبعِيضَ والتَّجزِئةَ، وأنَّ قليلَه يَخرُجُ بِهِ صاحبُه مِن النَّارِ إنْ دَخَلَها.

نعم:

الشرح

خرج بمثقال حبة من خردل من إيمان خرج من النار وهذا هو التوحيد والإيمان.

نعم:

المتن

وأيضاً فلو كانَ العاصِي كافِراً كفراً يَنْقُلُ عن الملَّةِ بالكُلِّيَّةِ لكان مُرتداًّ ولا يُقبلُ عَفْوُ وليِّ القِصاصِ,

نعم:

 الشرح

لو كان يخرج من الإيمان لكان مرتد يقتل ولا يقل عفواً للقصاص ولا خُلد في النار.

نعم:

أحسن الله إليك

إقامة الحدود دليل على أنه مسلم ولو كان كافراً لقتل.

المتن

ولا تُجرى الحُدودُ في الزِّنا وَالسَّرِقَةِ وشُربِ الخمرِ، وهَذَا القولُ معلومٌ بطلانُه وفسادُه بالضَّرورةِ مِن دينِ الإسلامِ،

قول الخوارج والمعتزلة بأنه خرج من الإيمان.

نعم:

 ونُصوصُ الكِتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ تدلُّ على أَنَّ الزَّانِيَ والسَّارِقَ وشارِبَ الخمرِ والقاذِفَ لايُقتلُ بل يُقامُ عليه الحدُّ، فدلَّ على أنَّه ليس بمرتَدٍّ.

وقال ابنُ القيِّمِ في المدارِجِ: والفُسوقُ أيضًا يَنْقسِمُ إلى قسمَيْنِ: فُسوقٌ مِن جهةِ العملِ وفِسقٌ مِن جهةِ الاعتقادِ – إلى أنْ قال – وفِسقُ الاعتقادِ كفِسقِ أهلِ البِدَعِ الذين يؤمنون باللَّهِ ورسولِه ويُحرِّمونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ ورسولُه ويُوجِبون ما أوجَبَه ولكنْ يَنْفُون كثيرًا ممَّا أَثْبَت اللَّهُ ورسولُه جَهْلاً وتأويلاً وتَقْليدًا للشُّيوخِ، ويُثبِتون ما لم يُثْبِتْه اللَّهُ ورسولُه كذَلِكَ.

الشرح

هذا من باب الجهل والتأويل والتقييد أما لو كان جحود لكان كفر.

المتن

وهؤلاء كالخوارجِ المارقةِ وكثيرٍ مِن الرَّوافضِ والقدَريَّةِ والمعتزِلةِ، وكثيرٍ من الجهميَّةِ الذين ليسوا غُلاةً في التَّجهُّمِ.

وأمَّا غَاليةُ الجهميَّةِ وغُلاةُ الرَّافِضةِ فليس للطَّائفتَيْنِ في الإسلامِ نَصيبٌ، ولذَلِكَ أَخْرجَهُم جماعةٌ مِن السَّلَفِ مِن الثِّنْتَيْنِ والسَّبعِيَن فِرقةً، وقالوا: هم مُبايِنونَ للمِلَّةِ.

الشرح

هذا هو الصواب غلاة الجهمية وغلاة الرافضة ليسوا مؤمنين, الجهمية تنكر الأسماء والصفات, والرافضة ارتكبوا أعمال كفرية يكفرون الصحابة, لكن هؤلاء الرافضة ينقسموا الى قسمين: غالية وغير غالية, قال هذا الغلاة هم الذين ينكرون ولا تراهم يسبون الصحابة, وغير الغلاة لا يسبون الصحابة, لكن لو كان هناك رافضة لا يسبون الصحابة ما يكفرون ولا يقولون بأن القرآن غير محفوظ يعني هذا قول الغلاة, لكن الأن الموجود الرافضة فرقة واحدة ليس هناك غلاة وغير غلاة مذهبهم واحد, الرافضة الموجودن الأن يسبون الصحابة يقولون الأئمة يتصرفون في الكون ويكفرون الصحابة, ويقولون: القرآن غير محفوظ.

نعم:

أحسن الله إليكم

هذا غير الغلاة لكن لو كان المراد عوامهم أي عوام الرافضة في السابقة وعلمائهم غلاتهم كفار.

نعم:

المتن

فالتَّوبةُ مِن هَذَا الفُسوقِ بإثباتِ ما أَثْبَتَه اللَّهُ ورسولُه مِن غيرِ تَشبيهٍ ولا تعطيلٍ، وتَنْزيهُه عمَّا نَزَّهَ بِهِ نَفْسَه ونَزَّهَه بِهِ رسولُه مِن غير تشبيهٍ ولا تعطيلٍ، وتَلَقِّي الإثباتِ والنَّفْيِ من مِشكاةِ الوحيِ لا مِن آراءِ الرِّجالِ ونتائجِ أفكارِهم، فتوبةُ هؤلاء الفُسَّاقِ مِن جهةِ الاعتقاداتِ الفاسدةِ بمحْضِ اتِّباعِ السُّنَّةِ، ولا يُكتفى أيضًا منهم حتى يُبَيِّنُوا فسادَ ما كانوا عليه مِن البِدعةِ.

يقول شيخ الإسلام: بل الفاسِقُ يَدخُلُ في اسم الإيمان المطلق كما في قوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ } وقد لا يدخل في اسم الإيمان المطلق كما في قوله تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}

قول الشارح: (بل الفاسِقُ يَدخُلُ) … إلخ فإنْ أَعْتقَ رقبةً مؤمنةً فيما يُشترَطُ في العِتقِ إيمانُ الرَّقبةِ، أَجْزأَت الرَّقبةُ الفاسقةُ، فقد دخَلَتْ في اسمِ الإيمانِ المطلَقِ، وإنْ لم تكن مِن أهلِ الإيمانِ الكاملِ، فالفاسِقُ يَدخُلُ في جملةِ أهلِ الإيمانِ على سَبيلِ إطلاقِ أهلِ الإيمانِ، وقد لا يَدخُلُ في اسمِ الإيمانِ المطلَقِ، كما في قولِه: {إِنَّمَا المُؤمِنُونَ الَّذينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} الآيةَ، فالفاسِقُ لا يُسلَبُ عنه اسمُ الإيمانِ على الإطلاقِ ولا يُثبَتُ له على الإطلاقِ، بل يقالُ مؤمنٌ ناقِصُ الإيمانِ، أو مؤمنٌ بإيمانِه فاسِقٌ بكبيرتِه، وحقيقةُ الأمرِ أنَّ مَن لم يكُنْ مِن المؤمِنيَن حقاًّ يقالُ فيه إنَّه مسلمٌ ومعه إيمانٌ يَمنَعُه مِن الخلودِ في النَّارِ.

قولُه: (إِنَّمَا) أداةُ حصرٍ تُثْبِتُ المذكورَ وتَنْفى ما عَداهُ.

قولُه: (المُؤمِنُونَ) أي: الإيمانَ الكاملَ المأمورَ به.

قولُه: {وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} أي: خافَتْ. قولُه: {زَادَتْهُمْ إِيْمانًا} فيها دليلٌ على أَنَّ الإيمانَ يَزيدُ ويَنْقُصُ.

قولُه: (يَتوكَّلُون) أي: يُفوِّضون أمْرَهم إلى اللَّهِ، ففيها فَضْلُ التَّوكُّلِ، وأنَّه مِن أجلِّ أعمالِ القلوبِ، وفيها دليلٌ على أَنَّ الأعمالَ الظَّاهِرةَ والباطنةَ داخلةٌ في مسمَّى الإيمانِ شَرْعا، فكُلُّ ما نَقَصَ مِن الأعمالِ التي لا يُخرِجُ نَقْصُها مِن الإسلامِ فهُوَ نَقْصٌ في كمالِ الإيمانِ الواجِبِ، كما في حديثِ أبي هريرةَ المتَّفَقِ عليه: «لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وهُوَ مُؤْمِنٌ» الحديثَ، فالمنفيُّ في هَذَا الحديثِ كمالُ الإيمانِ الواجبِ، فلا يُطلَقُ الإيمانُ على مِثلِ أهلِ هَذِهِ الأعمالِ إلاَّ مقيَّدًا بالمعصيةِ أو الفسوقِ، فيقالُ مؤمنٌ بإيمانِه فاسِقٌ بكبيرتِه، فيكونُ معه مِن الإيمانِ بقَدْرِ ما معه مِن الأعمالِ الباطنةِ والظَّاهرةِ، فيَدخُلُ في أهلِ الإيمانِ على سبيلِ إطلاقِ أهلِ الإيمانِ، كما تقدَّمَ في قولِه: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمنَةٍ}.

وأمَّا المؤمِنُ الإيمانَ المطلَقَ الذي لا يَتقَيَّدُ بمعصيةٍ ولا فسوقٍ ونحوِ ذَلِكَ فهُوَ الذي أَتَى بما يَستطِيعُه مِن الواجِباتِ مَع تَرْكِه لجميعِ المحرَّماتِ، فهُوَ الذي يُطْلَقُ عليه اسْمُ الإيمانِ مِن غيرِ تَقْييدٍ، فهَذَا هُوَ الفَرْقُ بين مُطلَقِ الإيمانِ والإيمانِ المطلَقِ.

الثَّاني: هُوَ الذي لا يُصِرُّ صاحبُه على ذَنْبٍ، والأوَّل: هُوَ المُصِرُّ على بعضِ الذُّنوبِ، فمُطلَقُ الإيمانِ هُوَ وَصْفُ المسلمِ الذي معه أصلُ الإيمانِ الذي لا يَتِمُّ الإسلامُ إلاَّ بِهِ فلا يَصِحُّ إلاَّ به.

والمرتبةُ الثَّانيةُ: مرتبةُ أهلِ الإيمانِ المطلَقِ الذين كَمُلَ إسلامُهم وإيمانُهم بإتيانِهم بما وَجَبَ عليهم، وتَرْكِهم ما حرَّمَ اللَّهُ عليهم، وعَدَمِ إصرارِهم على الذُّنوبِ، فَهِذِهِ المرتبةُ الثَّانيةُ الذي وعدَ اللَّهُ أهلَها بدخولِ الجَنَّةِ والنَّجاةِ مِن النَّارِ. انتهى.

وقوله صلى الله عليه وسلم

توقف

أحسن الله إليك

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد