شعار الموقع

شرح التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية 51

00:00
00:00
تحميل
6

أحسن الله إليك

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين, أما بعد:

المتن

فغفر الله لك انتهينا إلى قوله r: « لاَ يَزْني الزَّاني حينَ يَزْني وهُو مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ السَّارِقُ حينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، ولا يَنْتَهِبُ نَهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ النَّاسُ إِليهِ فِيها أَبْصارَهُمْ حِيْنَ يَنْتَهِبُها وَهُوَ مُؤمِنٌ ».

[ ونقولُ ]: هو مؤمِنٌ ناقِصُ الإِيمانِ، أَو مؤمِنٌ بإِيمانِهِ فَاسِقٌ بِكَبيرَتِهِ، فَلاَ يُعْطَى الاسْمَ المُطْلَقَ، ولا يُسْلَبُ مُطْلَقَ الاسمِ).

الشرح

يعني النفي هنا قول النبي r: لاَ يَزْني الزَّاني حينَ يَزْني وهُو مُؤْمِنٌ, ليس سلب للإيمان وإنما سلب إيمان الكامل الذي يستحق به دخول الجنة والنجاة من النار فالإيمان ناقص وضعيف فهو يعطى مطلق الاسم ولا يعطى الاسم المطلق هذا مسلم وليس كافر كالزني والسارق وقاطع الرحم, والمتعمد الربى ما يطلق عليه اسم الإيمان ولا يطلق عليه اسم الإيمان إذا قلت: الزاني مؤمن وسكت فهنا غلط, وإذا قلت: ليس بمؤمن تكون غلطان إذا ماذا أعمل قيد في الاسم تقول: مؤمن ناقص الإيمان مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته مؤمن ضعيف الإيمان, وفي النفي تقول: لا تقل اسم المؤمن تقول ليس بصادق الإيمان ليس بمؤمن حق لأنك إذا قلت بمؤمن وسكت وافقت المرجئة لأنهم يقولون: مؤمن بعيد عن المعاصي والذنوب وإذا قلت ليس بمؤمن وافقت الخوارج الذين ينفرون من أهل الإيمان فلابد من التقييد في النفي والإثبات.

نعم:

أحسن الله إليك

القارئ: وفي قولِه -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-: «لا يَزْنِى الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» الحديثُ دليلٌ على دخولِ الأعمالِ في مسمَّى الإيمانِ.

نعم:

هذا فيه رد على المرجئة اللي يقولون: لا معصية داخل مسمى الإيمان لأن النبي r نفى عنه الإيمان لما فعل الكبيرة فالكبائر تؤثر في الإيمان الواجبات واجبات المحرمات محرمات لابد من الإلتزام بها من يلتزم بها يؤدي الواجبات فهو مؤمن كامل الإيمان والذي ينتقص منها يكون ناقص الإيمان.

نعم:

المتن

فلولا أنَّ تَرْكَ هَذِهِ الكبائرِ مِن مسمَّى الإيمانِ لَمَا انْتَفَى اسمُ الإيمانِ عن مرتكِبِ شيءٍ منها؛ لأَنَّ الاسمَ لا يَنْتَفِى إلا بانتفاءِ بعضِ أركانِ المسمَّى أو واجباتِه، والمرادُ بنَفْيِ الإيمانِ نَفْيُ بلوغِ حقيقتِه ونهايتِه،

الشيخ: نفي الكمال الواجب يعني

نعم:

 وفي هَذَا الحديثِ الرَّدُّ على المُرْجِئةِ والجهميَّةِ ومَن اتَّبَعَهم الذين يقولون إنَّ مرتكِبَ الكبيرةِ مؤمنٌ كاملُ الإيمانِ، ويَزْعُمون أَنَّ الإيمانَ لا يَتفاضَلُ، وهُوَ إمَّا أنْ يَزُولَ بالكُلِّيَّةِ أو يَبْقَى كامِلا.

الشرح

هذا مذهب المرجئة والجهمية مرجئة ومذهبهم باطل فاسد وهو منتشر في هذا الوقت مذهب المرجئة.

نعم:

المتن

وقولُهم ظاهرُ البطلانِ، فقد دلَّ الحديثُ على أَنَّ الزَّانِيَ وشارِبَ الخمرِ ونحوَهم حين فِعلِهم المعصيةَ قد انْتَفَى الإيمانُ عنهم، وقد دلَّت النُّصوصُ الكثيرةُ مِن الكِتابِ والسُّنَّةِ على أنَّهمْ غيرُ مُرْتَدِّين بِذَلِكَ، فعُلِمَ أَنَّ الإيمانَ المَنْفِيَّ في هَذَا الحديثِ وغيرِه إنَّما هُوَ كمالُ الإيمانِ الواجِبِ، فإنَّ اللَّهَ ورسولَه لا يَنْفِي اسْمَ مُسمًّى شَرْعيٍّ إلاَّ بانتفاءِ بعضِ أركانِه أو واجباتِه.

قولُه: (نُهبةً) بضمِّ النُّونِ هُوَ ما يُنْهَبُ، والمرادُ: المأخوذُ جَهْراً قَهْرا.

الشرح

يعني الذي ينتهب نهبة يعني يختلس يسرق أمام الناس هذا يسمى منتهب السارق هو الذي يسرق بخفية, والمغتصب الذي يأخذ بقوة, والمنتهب هو الذي ينتهب النهبة ويحرق هذا من أسباب نقص الإيمان إذا انتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصاره هذا دليل على نقص الإيمان لا ينتهبها حين ينتهبها وهو مؤمن, لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن, ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن, ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصاره وهو مؤمن, ويخطفها بسرعة ويهرب ويسرق أمام الأعين السارق يسرق بخفية, والناهب ينهب ويحرق يأخذها بقوة ويهرب.

نعم:

المتن

قولُه: (ذاتَ شَرَفٍ) أي: ذاتَ قدْرٍ عظيمٍ.

قولُه: (يَرفَعُ النَّاسُ إليها أبصارَهم) أي: يَنْظُرونها لعِظَمِ قدْرِها.

قولُه: (ونقولُ هُوَ مؤمنٌ ناقِصُ الإيمانِ) فإنَّ اللَّهَ -سُبْحَانَهُ وتعالَى- أطْلَقَ عليه الإيمانَ، كما تقدَّمَ مِن قولِه: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} الآيةَ، وقولُه: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ} الآيةَ، وَكَذَلِكَ الرَّسولُ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- أَطلَقَ عليه الإيمانَ، كما ثَبَتَ في الصَّحيحِ أَنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: «مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ أَخِيهِ مَظْلِمَةٌ فَلْيَتَحَلَّلْ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ …»، الحديثَ إلى غيرِ ذَلِكَ مِن الأدِلَّةِ الدَّالَّةِ على إطلاقِ الإيمانِ على الفاسِقِ.

قولُه: (ونقولُ هُوَ مؤمنٌ ناقِصُ الإيمانِ) إلخ: خِلافاً للمُرجِئَةِ والجهميَّةِ ومَن اتَّبعَهم، فإنَّ الإيمانَ عندهم لا يَقْبَلُ الزِّيادةَ والنُّقصانَ، بل هُوَ شيءٌ واحدٌ يَستوي فيه جميعُ المؤمنينَ مِن الملائكةِ والمقتَصِدِينَ والمقرَّبِينَ والظالِمينَ، وقد سَبَقَ ذِكْرُ مَذهبِهم والرَّدُّ عليه.

الشرح

هم يقولون إيمان أهل الأرض وإيمان أهل السماء واحد لايزيد ولاينقص, هذا من الأقوال الباطلة ولهذا دخل الفساق فيأتي السكير العربيد فيقول أنا مؤمن كامل الإيمان إيماني كإيمان ميكائيل وجبريل وكإيمان أبوبكر وعمر فإذا قيل أبوبكر له أعمال عظيمة قال ما لها علاقة بالأعمال هذا مصدق وأبو بكر مصدق وهذا من أبطل الباطل التصديق يتفاوت هل تصديقه مثل تصديق أبى بكر الإيمان القوي إيمان الصديقين يحرق الشبهات والشهوات لا يصر على المعصية.

نعم:

المتن

قولُه: (فلا يُعْطَى الاسمَ المطلَقَ) أي: لا يُعْطَى الفاسِقَ اسمَ الإيمانِ المطلَقِ.

نعم:

الشرح

فلا يقال مؤمن وتسكت لابد من التقييد مؤمن وناقص ولا يسلب عنه صفة الإيمان فلا تقل ليس بمؤمن لأنه ليس بكافر فعنده أصل الإيمان.

نعم:

المتن

أي الكامِلِ الذي صاحِبُه يَستحِقُّ عليه دخولَ الجَنَّة والنَّجاةَ مِن النَّارِ، وهُوَ فِعلُ الواجباتِ وتَرْكُ المحرَّماتِ، وهُوَ الذي يُطلَقُ على مَن كان كذَلِكَ بلا قَيْدٍ فلا يُطلَقُ على الفاسِقِ: الإيمانُ إلاَّ مُقيَّدا، فيقالُ: مؤمنٌ بإيمانِه فاسقٌ بكبيرتِه، أو يقالُ: مؤمنٌ ناقِصُ الإيمانِ، فلا يُسمَّى مؤمِنا إلا بِقَيْدٍ، وهَذَا الذي يُسمِّيهِ العلماءُ مُطلَقَ الإيمانِ.

وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والتَّحقيقُ أنْ يقالَ: إنَّه مؤمنٌ ناقِصُ الإيمانِ، مؤمنٌ بإيمانِه فاسقٌ بكبيرتِه، فلا يُعْطَى الاسمَ المطلَقَ، فإنَّ الكِتابَ والسُّنَّةَ نَفَيَا عنه الاسمَ المطلَقَ، واسمَ الإيمانِ يتناولُه فيما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ ورسولُه؛ لأنَّ ذَلِكَ إيجابٌ عليه وتحريمٌ عليه.

الشرح

فيقال يا أيها الذين آمنوا يشمل الفاسق يشمل ضعيف الإيمان مأمور بامتثال الأوامر: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ }, {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا}, فيشمل هذا الفاسق داخل اسم الإيمان يشمل الفساق والمؤمنين.

نعم:

المتن

وهُوَ لازمٌ له كما يَلزَمُ غيرَه، وإنَّما الكلامُ في المدحِ المطلَقِ، اهـ.

قولُه: (ولا يُسْلَبُ مُطْلَقَ الاسمِ) كما تقدَّمَ إطلاقُ الإيمانِ في الآياتِ عليه، وَكَذَلِكَ رسولُه، فيُطلِقُ عليه الإيمانُ مُقيَّداً كما تقدَّمَ، فيُقالُ: مؤمنٌ بإيمانِه فاسقٌ بكبيرتِه، ويقالُ: مؤمنٌ ناقِصُ الإيمانِ، وعلى هَذَا يَدُلُّ الكِتابُ والسُّنَّةُ وإجماعُ سَلَفِ الأمَّةِ خِلافا للخَوارجِ والمعتزِلةِ.

أمَّا ما جاءَ في بعضِ الأحاديثِ مِن نَفْيِ الإيمانِ عن بعضِ العُصاةِ فالمرادُ بِهِ نَفْيُ الإيمانِ المُطْلَقِ لاَ مُطلَقَ الإيمانِ كما تقدَّمَ.

قال الشَّيخ تَقِيُّ الدِّينِ في كتابِ الإيمانِ: الإيمانُ إذا أُطْلِقَ في كلامِ اللَّهِ ورسولِه يَتَناوَلُ فِعلَ الواجباتِ وتَرْكَ المحرَّماتِ، ومَنْ نَفَى اللَّهُ ورسولُه عنه الإيمانَ فلا بدَّ أنْ يكونَ تَرَكَ واجِباً أو فَعَلَ محرَّما، فلا يَدخُلُ في الاسمِ الذي يستحِقُّ أهلُه الوَعْدَ دُونَ الوعيدِ. انتهى.

قال ابنُ القيِّم -رَحِمَهُ اللَّهُ- في بدائعِ الفوائدِ: الإيمانُ المطلَقُ لا يُطلَقُ إلا على الكامِلِ الكَمالَ المأمورَ به، ومُطلَقُ الإيمانِ يُطلَقُ على الكامِلِ والنَّاقِصِ، ولهَذَا نُفِيَ الإيمانُ المطلَقُ عن الزَّانِي وشاربِ الخمرِ والسَّارِقِ، ولم يُنْفَ عنه مُطلَقُ الإيمانِ، لئلا يَدخُلَ في قولِه: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} ولا في قولِه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} ولا في قولِه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} الآية، ويَدخُلُ في قولِه: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} وفي قولِه: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ} الآيةَ، فلهَذَا كان قولُه: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا} نَفْيا للإيمانِ المطلَقِ لا لمطلَقِ الإيمانِ لوُجوهٍ ساقَها.

نعم:

الشرح

يعني هذه الآية تؤدي بضعفاء الإيمان {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا}, قال بعض العلماء بأن من في هذه الآية المنافقين : {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} يعني استسلمنا وانقادنا للإسلام ظاهر النفاق, قال البخاري وجماعة: أنها في المنافقين، والقول الثاني اختاره الجمهور والمحققون أنها في ضعفاء هذا الزمان وليست المنافقين وهو الصواب أنها في ضعفاء الإيمان.

نعم:

المتن

فالإيمانُ المطلَقُ يَمنَعُ دخولَ النَّارِ، ومُطلَقُ الإيمانِ يَمنعُ الخلودَ فيها،

الشرح

الإيمان المطلق: الكامل يعني من مات على إيمان كامل لم يلطخه بالكبائر ولا بالمعاصي دخل الجنة من أول وهلة يمنع مطلق الإيمان, وأما مطلق الإيمان مع أصل الإيمان لكن معه كبائر يمنع الخلود في النار, ولكن لا يمنع دخولها هذا يدخله ثم يخرج منها, الإيمان المطلق يمنع دخول النار, ومطلق الإيمان يمنع الخلود فيها.

نعم:

المتن:

فإذا قيل الفاسِقُ: مؤمنٌ فهُوَ على هَذَا التَّفصيلِ. انتهى كلامه رحمه الله

الشيخ: كلام جيد، بعده

قال: فصل ومن أصول أل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الشيخ: بارك الله فيك، هذا بحث جيد ينبغي لطالب العلم أن يعتني به.

وفق الله الجميع لطاعته.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد