بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين,
المتن
فصل قال شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه العقيدة الواسطية: ( فَصْلٌ: ومِنْ أُصولِ أَهْلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ سَلاَمَةُ قُلُوبِهِمْ وأَلْسِنَتِهمْ لأصْحابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
كَمَا وَصَفَهُمُ اللهُ بهِ في قَوْلِهِ تَعَالى: { وَالَّذِينَ جَاؤوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ولإِخْوانِنا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيْمانِ وَلاَ تَجْعَلْ في قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤوفٌ رَحِيمٌ }.
وطاعة النبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قَوْلِهِ: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ ».
ويَقْبَلُونَ مَا جَاءَ بهِ الكِتَابُ والسُّنَّةُ والإِجْماعُ
فَضائِلِهِمْ ومَراتِبِهِمْ ويُفَضِّلُونَ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الفَتْحِ – وهُو صُلْحُ الحُدَيْبِيَةِ – وقاتَلَ عَلى مَنْ أَنْفَقَ مِنْ بَعْدُ وقَاتَلَ، ويُقَدِّمُونَ المُهَاجِرينَ عَلى الأنْصارِ، ويُؤمِنُونَ بأَنَّ اللهَ قالَ لأهْلِ بَدْرٍ – وكَانُوا ثَلاثَ مئةٍ وبِضْعَةَ عَشَرَ -: «اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ ».
الشرح
أهل السنة من أصولهم سلامة قلوبهم وألسنتهم من تناول أصحاب رسول الله r القلوب تكون سليمة لا يكون فيها غل ولا حقد, والألسنة تكون سليمة وهذا خلاف أهل البدع الرافضة وغيرهم فإن قلوبهم ممتلئة بالحقد والغيظ وألسنتهم كذلك يسبون ويشتمون, كما تسمعون الأن بأصواتهم في التسجيلات هذا من شأن أهل البدع وهذا يدل على النفاق والزندقة, فإن الغل والحقد لأصحاب رسول الله r وكذلك التكفير والتفسيق والسب يدل على مرض في القلب, أكثر والزندقة في هؤلاء وفي أهل الكلام.
أما أهل السنة فإن قلوبهم سليمة ليس فيها غل ولا حقد وألسنتهم سليمة يترضون عنهم ويغضون عن مساوئهم ولا يتكلمون فيهم ويعتقدون إن ما صدر منهم من هفوات فلهم من الحسنات ما يغطي هذا بكثير من المرات ولهم من الفوائد, وما يكون فيه أفضل الناس فهم صحبوا رسول الله r, وسمعوا القرآن وهو ينزل سمعوا كلامه وتفسيره من النبي r, وجاهدوا مع رسول الله r, ونقلوا الشريعة ونشروا دين الله في مشارق الأرض ومغاربها لا كان ولا يكون مثلهم.
وهؤلاء الذين يسبونهم تمتلئ قلوبهم غيظ وحقد يريدون أن يبطلوا هذا الدين لأن الصحابة هم نقلة الدين, إذا كان نقلة الدين فسقة أو كفار فكيف نثق في دين ينقله الفساق والكفار نسأل الله السلامة والعافية.
فهم أفضل الناس بعد الأنبياء, لا كان ولا يكون مثلهم رضي الله عنهم وأرضاهم قوم اختارهم الله لنبيه فالواجب على كل مسلم أن يكون قلبه سليم ولسانه سليم لأصحاب رسول الله r ويعتقد أنهم أفضل الناس هم ليسوا معصومين ولكنهم أفضل الناس وما صدر منهم من هفوات لهم من الحسنات ما يغطيها, والأخبار التي تنقل عنهم كما ذكر شيخ الإسلام رحمه الله منها ما هو كاذب, الأخبار التي تُنقل في مساوئهم منها ما هو كذب لا أصل له من الصحة, ومنها ما له أصل لكن زيد فيه و نقص وغير عن وجهه, ومنها ما هو صحيح والصحيح هم فيه ما بين مجتهد مصيب له أجران وما بين مخطئ له أجر, والذنوب المحققة التي تصدر منهم هناك أسباب لمحوها منها التوبة من وفق للتوبة ومن لم يوفق للتوبة, فإن الحسنات الكثيرة تمحوها والمصائب, وإذا لم يكن هذا ولا هذا فهم أولى الناس بشفاعة النبي r.
نعم:
أحسن الله إليك
المتن
فَصلٌ قولُه: (ومِن أصولِ) جَمعُ أصلٍ وهُوَ لغةً: ما يُبْنَى عليه غيرُه، واصطِلاحا: ما له فرعٌ، ويُطلَقُ الأصلُ على أربعةِ أشياءَ: على الدَّليلِ غالِبا، كقولِهم: أصلُ هَذِهِ المسألَةِ الكِتابُ والسُّنَّةُ، أي دَليلُه، الثَّاني: على الرَّاجِحِ مِن الأمرَيْنِ كقولِهم: الأصلُ في الكلامِ الحقيقةُ دُونَ المجازِ. الثَّالِثُ: القاعِدةُ المستمِرَّةُ كقولِهم: أكْلُ الميْتَةِ على خلافِ الأصلِ. الرَّابعُ: المَقِيسُ عليه، وهُوَ ما يُقابِلُ الفَرْعَ في بابِ القياسِ، انتهى، مِن الكوكبِ المُنِيرِ.
نعم:
الشرح
فإذا مثلاً النبي r نص على أن البُر فيه ربا والرز ما نص عليه فيأتي الفقيه ويقيس الأرز على البُر فيقول الأرز كالبُر في جريان الربا في كل منهما بجامع الطعم وبجامع الكيل والوزن فيكون البُر أصل والأرز فرع يكون في هذا يطلق على المقيس عليه يسمى أصل.
نعم:
المتن
قولُه: (سَلامَةُ قُلوبِهم) أي: مِن الغِلِّ والحِقدِ والبُغضِ والعَداوةِ لأصحابِ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- وسلامةُ ألسنَتِهم مِن الطَّعنِ فيهم، واللَّعنِ، والوقيعةِ فيهم، كما يَفعَلُه الرَّافِضةُ والخوارِجُ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ اعتقادُ فَضْلهِم رِضوانُ اللَّهِ عليهم.
الشرح
الخوارج والنواصب ينصبون العدواة لأهل البيت وأهل البيت هم صحابة وهم أقارب النبي r.
المتن
وَكَذَلِكَ يَجِبُ اعتقادُ فَضْلهِم ومعرِفةُ سابِقَتِهم وذِكرُ محاسِنهِم والتَّرَحُّمُ عليهم، والاستغفارُ لهم، والكَفُّ عمَّا شَجَرَ بينهم، فإنَّهم خَيرُ القُرونِ وهم السَّابِقون الأوَّلون، وفي الكِتابِ والسُّنَّةِ مِن ذِكرِ فَضائِلِهم ومناقِبِهم ومَقاماتِهم الحميدةِ ما لا يَتَّسِعُ لذِكْرِه هَذَا المختصَرُ، فلا مَقامَ بعد مَقامِ النُّبوَّةِ أَعْظمُ مِن مقامِ قومٍ ارتضاهُم اللَّهُ لصُحبةِ نبِيِّه ونُصرةِ دِينِه، فهم أَسْعدُ الأمَّةِ بإصابةِ الصَّوابِ، وأجْدَرُ بفِقهِ السُّنَّةِ والكتابِ لفَوزِهم بصُحبةِ نَبِيِّه، فلا يُبارَوْن في فَهمِهم، ولا يُجارَوْن في عِلمِهم، فكُلُّ عِلمٍ وخيرٍ وصلَ فبِسبَبِهم.
الشيخ: هم الذين نقلوا الشريعة إلينا قال النبي r: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ يأتي قوم يحلفون ولا يستحلفون ويشهدون ولا يستشهدون ويظهر فيهم السمن » فهم أفضل الناس بنص النبي
الشرح
هم خير القرون قوم النبي هم الصحابة خير القرون في هذه الأمة هم الصحابة.
نعم:
أحسن الله إليك
المتن
قال اللَّهُ تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) الآيةَ، وفي هَذِهِ الآيةِ أَعْظَمُ رَدٍّ على الرَّافِضَةِ والخوارجِ.
نعم:
الشرح
هو وصفهم وأثنى عليهم قال: رحماء فيما بينهم أشداء ثم قال: ركعاً سُجداً عُباد يدعون من الله فضلاً ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود,
هذا وصف عظيم وفي أخرها يقول ليغيظ بهم الكفار استنبط الإمام مالك رحمه الله كفر من سب الصحابة كفار.
فقال: ليغيظ بهم الكفار فالذي يغيظ الصحابة فهو كافر هذا نص القرآن, هكذا استنبط الإمام مالك رحمه الله ورضى الله عنه.
ثم وأيضاً هؤلاء يسبون الصحابة ويثنون على النبي كيف الأن نفرق بين الصاحب وصاحبه فإذا كانوا يوالون النبي r ويسبون الصحابة كيف الله تعالى إذا كان الصحابة كفار وفساق كما يقولون كيف اختار الله لنبيه أصحاب كفار وفساق تعالى الله عما يقولون, الله اختار لنبيه أصحاب فساق وكفره ينقلون شريعته تعالى الله سب الصحابة سب للنبي r وطعن في الإسلام وطعن في هذا الدين.
نعم:
المتن
قولُه: (لأصحابِ …) إلخ، جَمعُ صَاحبٍ والصَّحابِيُّ هُوَ مَنِ اجتمعَ بالنَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- مُؤْمِناً بِهِ وماتَ على ذَلِكَ.
الشرح
هذا هو تعريف الصحابي الأصلي كما قال الحافظ: من لقي النبي r مؤمناً ومات على ذلك, إذا لقيه حتى يشمل العميان لقي النبي لكن ما رآه لأنه أعمى لكنه صحابي لقيه فالتعبير بلقي أحسن, من لقي النبي مؤمناً ومات على ذلك هذا هو الصحابي ولو لحظة, والصحابة يتفاوتون منهم قوي الصحبة ويشمل حتى صغار الصحابة الذين حنكهم النبي r ورآهم.
نعم:
المتن
مَنِ اجتمعَ بالنَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- مُؤْمِناً بِهِ وماتَ على ذَلِكَ.
قيل: ولو تخللته رِدَّةٌ،
نعم:
ولو تخللته رده بما أنه مات على الإسلام
نعم:
وقال البخاريُّ: مَن صَحِبَ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- أو رآه مِن المسلِمِينَ فَهُوَ مِن أصحابِه. انتهى.
وآخِرُ مَن ماتَ منهم -رضي اللَّهُ عنهم- هُوَ أبو الطُّفَيْلِ عامِرُ بنُ وِائلَةَ اللَّيْثِيُّ كما جَزَمَ بِهِ مُسْلِمٌ في "صحيحِه"، وكان مَوْتُه سَنةَ مائةٍ، وقيل: سَنَةَ مائةٍ وعشَرةَ، وأمَّا عددُ الصَّحابةِ فقيل مائةُ ألفٍ وأربعةٌ وعِشرون ألْفًا، كما قال السيوطيُّ:
والفَضْلُ فيما بينهم مَراتِبُ وَعَدُّهُمْ للأنْبِيا يُقارِبُ
الشيخ:يعني عدد الأنبياء، عددهم كم؟ ثلاثمائة
القارئ: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا.
الشيخ: أظن أن الحديث فيه ضعف.
نعم:
وكُلُّهم عُدولٌ ثِقاتٌ لا يُفَتَّشُ عن عدالةِ أحدٍ منهم بالإجماعِ، وحكى الإجماعَ ابنُ الصَّلاحِ وابنُ عبدِ البَرِّ، وحكاه إمامُ الحرمَيْنِ، وقال الشَّيخُ تقيُّ الدِّينِ: الذي عليه جمهورُ سَلَفِ الأمَّةِ وجمهورُ الخلَفِ أَنَّ الصَّحابةَ كُلُّهم عُدولٌ بتعديلِ اللَّهِ لهم فيما أَنْزَلَه على رسولِه بقولِه: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ}، اهـ.
الشرح
ولهذا العلماء المحدثون ما يسألون عن سيرة الصحابي لو ثبتت صحبته ما يُسأل عنه بخلاف من بعده يُسئل لا بد أن يكون عادل يكون ضابط, أما الصحابي لا يُسئل عنه إذا ثبت أنه صحابي فهو عادل بتعديل الله له, الصحابة كلهم عدول, لكن من بعدهم لا يقبل إلا إذا كان عدل ثقة حافظ.
نعم:
المتن
قولُه: كما وَصَفَهم اللَّهُ في قولِه: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} الآيةَ، أي كما وَصَفَ أتباعَهم بإحسانٍ بقولِه: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} وهم التَّابِعُونَ الذين يَجيئون بعد المهاجِرينَ والأنصارِ إلى يومِ القِيامةِ.
قولُه: {يَقُولونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا} أي: يَسأَلُونَ اللَّهَ المغفِرةَ لهم ولإِخْوانِهم في الدِّينِ الذين سَبَقُوهم بالإيمانِ، وهم أصحابُ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-.
قولُه: (وَلاَ تَجْعَلْ في قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا) أيْ: ولا تَجعَلْ في قلوبِنا بُغْضاً وحَسَداً وغِشًّاللذين آمَنوا، وفي حديثِ ابنِ مسعودٍ الذي رواه الترمذيُّ: «ثَلاَثٌ لاَ يُغَلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ»: إِخْلاصُ العَمَلِ لِلَّهِ، وَمُنَاصَحَةُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مَنْ وَرَاءَهُمْ))، أي أنَّ هَذِهِ الثَّلاثَ تَنْفِي الغِلَّ عن القلبِ.
الشيخ: «ثَلاَثٌ لاَ يُغَلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ» يعني أن هذه الثلاث تنفي وتزول عن القلب.
فلا يَبْقَى فيه معها غِلٌّ ولا غِشٌّ، فالإخلاصُ يَمنَعُ غِلَّ القلبِ وفسادَه، وَكَذَلِكَ النَّصيحةُ فإنَّها لا تُجامِعُ الغِلَّ، فمَن نَصحَ الأئِمَّةَ والأُمَّةَ فقد بَرِئَ مِن الغِلِّ، وهَذَا بخلافِ أهلِ البِدَعِ مِن الرَّافضةِ والخوارجِ والمعتزِلةِ وغيرِهم، فإنَّ قُلوبَهم ممتلئةٌ غِلاًّ وغِشاًّ، ولهَذَا تَجدُ الرَّافِضةَ أبعدَ النَّاسِ مِن الإخلاصِ، وأغَشَّهم للأئِمَّةِ والأُمَّةِ، وأشدَّهُم بُعداً عن جماعةِ المسلِمِينَ، وفي هَذِهِ الآيةِ الحثُّ على مَحبَّةِ جميعِ المؤمنينَ ومَوَدَّتِهم والدُّعاءِ لهم والاستغفارِ.
الشرح
{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ }, هذا مدح للتابعين الذين يستغفرون لمن سبقهم من الصحابة, هذا فيه دليل على أن الإنسان لا بد أن يكون صدره سليم وقلبه سليم جميع المسلمين ولا يسب الصحابة, واستنبط العلماء من هذه الآيات في سورة الحشر أن المسلمون ثلاثة أقسام القسم الأول: المهاجرون, والقسم الثاني: الأنصار, والقسم الثالث: الذين جاءوا من بعدهم يترحمون عليهم ويستغرون لهم, فمن لم يستغفر لهم فليس من المسلمين من هؤلاء الثلاثة فالذي يسبهم ليس منهم ليس من المهاجرين ولا من الأنصار ولا من الذين جاءوا من بعدهم يقولون: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ }.
نعم:
المتن
وفي هَذِهِ الآيةِ الحثُّ على مَحبَّةِ جميعِ المؤمنينَ ومَوَدَّتِهم والدُّعاءِ لهم والاستغفارِ.
وأنَّ مِن صفاتِ المؤمنينَ سلامةَ قلوبِهم مِن الغِلِّ والحِقدِ والبُغضِ لإخوانهم المؤمنينَ، كما في "الصَّحيحَيْنِ" من حديثِ النُّعمانِ بنِ بشيرٍ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سِائِرُ الأَعْضَاءِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ».
وعن أنسٍ -رضي اللَّهُ عنه- أَنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: «لاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَلاَ تَقَاطَعُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَاناً، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ». متَّفقٌ عليه.
قولُه: (رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) رَءُوفٌ أي: ذو رَأْفةٍ وَهِيَ أشدُّ الرَّحمةِ، وهُوَ أبلَغُ مِن الرَّحيمِ،
الشرح
هؤلاء اسمان من أسماء الله الرؤوف يقال عبد الرؤوف, والرحيم وكذلك عبدالرحيم اسمان.
نعم:
المتن
تَضمَّنَتْ هَذِهِ الآيةُ الثَّناءَ على المهاجِرينَ والأنصارِ.
وعلى الذين جَاءُوا مِن بعدِهم يَستغفِرون لهم ويَسألُونَ اللَّهَ أنْ لا يَجعَلَ في قُلوبِهم غِلاًّ لهم، وتضمَّنَتْ أنَّ هؤلاء الأصنافَ هم المستحِقُّون للفَيْءِ، ولا رَيْبَ أَنَّ الرَّافضةَ خارِجون مِن الأصنافِ الثَّلاثةِ فإنَّهم لم يَسْتَغفِروا للسَّابِقِينَ.
الشرح
لأن الله تعالى ما أفاء الله لرسوله فإنه لله ورسوله ذكر الغنيمة والفيء المال الذي يؤخذ من الكفار لثلاثة أصناف من الناس المهاجرين والأنصار والذين جاءوا من بعدهم الذي يسبهم ليسوا من هؤلاء الثلاثة فليس من المسلمين.
المتن
ولا رَيْبَ أَنَّ الرَّافضةَ خارِجون مِن الأصنافِ الثَّلاثةِ فإنَّهم لم يَسْتَغفِروا للسَّابِقِينَ.
وفي قُلوبِهم غِلٌّ عليهم، ففيها الثَّناءُ على الصَّحابةِ وعلى أهلِ السُّنَّةِ الذين يَتَوَلَّوْنَهم، وإخراجُ الرَّافِضةِ مِن ذَلِكَ، وروى ابنُ بَطَّةَ وغيرُه عن مالكِ بنِ أَنسٍ، قال: مَن سَبَّ السَّلَفَ فليس له منِ الفيءِ مِن نصيبٍ، واستدلَّ بالآية.
الشرح
والفيء الذي يؤخذ من الكفار من دون قتال, والغنيمة ما يؤخذ بالقتال, والعلماء أطلقوا هذا على هذا فالمال الذي يؤخذ من الكفار إن كان على قتال يسمى غنيمة, وإن كان هرب وتركه من دون قتال يسمى فيء هذا بالتفصيل.
نعم:
المتن
ورُوِيَ عن ابنِ عبَّاسٍ -رضي اللَّهُ عنه- أنَّه قال: أَمَرَ اللَّهُ بالاستغفارِ لأصحابِ مُحَمَّدٍ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- وهُوَ يَعلَمُ أنَّهم يَقْتَتِلون.
وعن عائشةَ -رضي اللَّهُ عنها-: أُمِرْتُمْ بالاستغفارِ لأصحابِ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- فسَببْتُموهُم، سَمِعْتُ نبيَّكُم يقولُ: «لاَ تَذْهَبُ هَذِهِ الأمَّةُ حَتَّى يَلْعَنَ آخِرُهَا أَوَّلَهَا»، ورواهُ البَغَويُّ.
قال العِمادُ بنُ كثيرٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيا وَيْلَ مَن سَبَّهم أو أبْغَضَهم أو أبْغَضَ أو سَبَّ بَعْضَهم، ولا سِيَّما سِيِّدُ الصَّحابةِ بعدَ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- وخَيْرُهم وأَفْضَلُهم – أعني الصِّدِّيقَ الأكبرَ والخليفةَ الأعظمَ أبا بكرِ بنَ قُحافةَ -رضي اللَّهُ عنه-.
الشرح
من سب الشيخين كفر أو من كفر الشيخين أبو بكر وعمر هذا عن الإمام أحمد.
نعم:
أحسن الله إليكم
المتن
فإنَّ الطَّائفةَ المخذولةَ مِن الرَّافِضةِ يعادُونَ أفضلَ الصَّحابةِ ويُبغِضونهم ويَسُبُّونهم – عِياذا باللَّهِ مِن ذَلِكَ –، وهَذَا يَدُلُّ على أنَّ عُقولَهم مَعكوسةٌ وقُلوبَهم مَنكُوسةٌ، فأَيْنَ هؤلاء مِن الإيمانِ بالقرآنِ؛ إذْ يَسبُّون مَن -رضي اللَّهُ عنهم-.
الشرح
رضى الله عنهم: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ }, فوعدهم الله بالجنة والحسنى, فمن سبهم فقد كذب الله, ومن كذبهم فقد كذب الله, ومن كفرهم فقد كذب الله لأن الله تعالى وعدهم وأثنى عليهم ورضى عنهم ووعدهم بالجنة فكيف يسب من وعدهم الجنة ورضي عنهم هذا يُكفر هذا تكذيب الإله نسأل الله العافية ومن كذب الله كفر.
نعم:
المتن
وأمَّا أهلُ السُّنَّةِ فإنَّهم يَتَرَضَّوْن عمَّن رضي اللَّهُ عنه، ويَسبُّون مَن سبَّهُ اللَّهُ ورسولُه، ويُوالُون مَن يُوالِي اللَّهَ، ويُعادُونَ مَن يُعادِي اللَّهَ، وهم متَّبِعون لا مُبتَدِعون، ومُقْتَدُونَ لا مُبتَدُونَ، ولهَذَا هُم حِزبُ اللَّهِ المفلِحونَ وعِبادُه المؤمنون. اهـ.
الشيخ:نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم منهم
القارئ: انتهى كلامه رحمه الله.
الشرح
هذا كلام الحافظ بن كثير رحمه الله.كلام جيد عظيم.
المتن
وقال مالكٌ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: مَن أصبحَ وفي قَلبِه بُغضٌ لأحدٍ مِن الصَّحابةِ فقد أصابَتْه هَذِهِ الآيةُ، يعني قولَه: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} الآيةَ، وقد ذَكَرَ بعضُ العلماءِ: أَنَّ الرَّافِضةَ ليسوا مِن فِرَقِ الأمَّةِ المحمَّدِيَّةِ، وباستقراءِ ما هم عليه الآنَ مِن الغُلُوِّ في أهلِ البَيْتِ، والبناءِ على قُبورِهم، وإظهارِ اللَّعْنِ والسَّبِّ لأصحابِ رسولِ اللَّهِ –صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- وسَفاهاتٍ أخرى يَمُجُّها العقلُ والدِّينُ، يَعلَمُ أنَّ هَذِهِ الطَّائِفةَ ليستْ مِن الإسلامِ في شيءٍ، ولذَلِكَ صَرَّحَ بعضُ العُلماءِ بتَكفيرِهم لسَبِّهم الصَّحابةَ، فقال صاحِبُ تبيينِ المحارمِ: واعلمْ أَنَّ الرَّوافِضَ كفارٌ عندنا؛ لأنَّهم يَسُبُّونَ أبا بكرٍ وعمرَ -رضي اللَّهُ عنهما-، وَكَذَلِكَ مَن أنْكَرَ خِلافَتَهُما يُكفَّرُ عندنا على الأصَحِّ، وإمامُ هَذِهِ الطَّائفةِ الخبيثةِ منافِقٌ معروفٌ يَهودِيُّ الأصلِ، وهُوَ عبدُ اللَّهِ بنُ سبأٍ ادَّعى الإسلامَ حِيلةً وسَعَى جَهدَه لتفريقِ وتشتيتِ الكلمةِ، وأَدْرَكَ بعضَ قَصدِه بقَتْلِ عثمانَ -رضي اللَّهُ عنه-، ثم أظْهَرَ الغُلُوَّ في عليِّ بنِ أبي طالِبٍ، وقِصَّتُه مشهورةٌ.
الشرح
دخل الإسلام نفاقاً ادعى الإسلام حتى يفسد الإسلام.
وفق الله الجميع.