بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين, أما بعد:
المتن
فيقول شيخ الإسلام: وطاعة النبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قَوْلِهِ: « لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ ».
قال الشيخ عبدالعزيز الرشيد:
حديثُ ((لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي» رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ وغيرُهما مِن حديثِ أبي سعيدٍ قال: كان بين خالدِ بنِ الوليدِ وعبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ شيءٌ فسَبَّهُ خالدٌ. فقال رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ» انفردَ مسلمٌ بذِكرِ سَبِّ خالدٍ لعبدِ الرحمنِ دُونَ البخاريِّ، فقولُه: «لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي» يعني عبدَ الرَّحمنِ بنَ عوفٍ وأمثالَه مِن السَّابِقين الأوَّلِين، فَهُم أَفْضلُ وأخصُّ بصُحْبَتِه ممَّن أَسْلَم بعدَ بيعةِ الرِّضوانِ، وبعدَ مُصالحةِ النَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- أهلَ مكةَ، ومنهم خالدُ بنُ الوليدِ، فنَهْيُ مَن له صحبةٌ أنْ يَسُبَّ مَن له صحبةٌ أَوْلى، لامتيازِهم عنهم مِن الصُّحبةِ بما لا يمكنُ أنْ يُشَارِكوُهم فيه، حتَّى لو أَنْفَقَ مِثلَ أُحدٍ ذَهباً مَا بَلَغَ مُدَّ أحدِهم ولا نَصيفَه، فإذا كان هَذَا حالُ الذين أَسْلَموا بعدَ الحديبيةِ فكَيْفَ حالُ مَن ليس مِن الصَّحابةِ بحالٍ.
الشرح
هذا في التفاوت بين الصحابة, تفاوت عظيم كلهم صحابة خالد وعبدالرحمن كلهم صحابة لكن عبدالرحمن بن عوف من السابقين الأولين له صحبة أولى أخلص في الصحبة له صحبة خاصة, وخالد ممن أسلم بعد صلح الحديبية له صحبة أولى أخص بالصحبة, وهناك أيضاً مسلمة الفتح الذين أسلموا بعد فتح مكة أقل أيضاً كمعاوية وأبو سفيان وابناه معاوية وكيزيد, حصل بين عبدالرحمن بن عوف وخالد بن الوليد شيء في النفس سواء تفاهم كما يقال فخالد سب عبدالرحمن بن عوف سمعه النبي r فقال مخاطباً لخالد «لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي» الخطاب لخالد «لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي» الذين تقدموا في صحبتهم «لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي» الذين هم أخص بالصحبة منك يا خالد كلهم صحابة, لكن «لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي» للمتقدمين الذين لهم خاصية في الصحبة « فَوَالَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ –الخطاب لخالد وهو صحابي- لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ», يعني لو أنفق خالد مثل أحد ذهباً وأنفق عبدالرحمن -مُد وهو مليء كفي الرجل المتوسط- أو نص مُد ما وصل خالد إلى عبدالرحمن كان عبدالرحمن أفضل، عبدالرحمن ينفق مُد والمُد مليء كفي الرجل أو نصف مُد وخالد يُنفق مثل جبل أحد ما يصل إليه, إذا كان هذا التفاوت بين الصحابة فكيف التفاوت بمن بعدهم الصحابة والتابعين.
وخالد أفضل من مسلمة الفتح الذين أسلموا بعد فتح مكة كأبو سفيان ومعاوية ويزيد والحج بين السابقين الأولين ومن بعدهم في صلح الحديبية على صحيح قول العلماء والله تعالى يقول في كتابه العظيم: { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ}, يعني ممن أنفق والمراد بالفتح صلح الحديبية سماه الله فتحاً لما يعقبه من النصر لأن هذا الصلح حصل فيه مصالح فوائد عظيمة اختلط المشركون بالمسلمين وسمعوا بالإسلام ودخل جماً غفير في الإسلام سماه الله صلحاً {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}, هو صلح الحديبية سئل عن الصح أفتح هو قال: نعم فهذا هو الحد الفاصل بين السابقين الأولين: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ}, ممن أنفق بعد الفتح لا يستوى من أنفق قبل صلح الحديبية ممن أنفق { أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا}, أولئك الذين قبل الصلح قبل الفتح أعظم درجة من الذين أنفقوا بعده ثم قال: {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}, كلهم موعود بالجنة الحسنى الجنة كل موعود بالجنة لكن الذين أنفقوا قبل الفتح أعظم درجة.
نعم:
أحسن الله إليك
المتن
قولُه: ((لا تَسُبُّوا)) أي: لا تَشْتُموا.
قولُه: ((أُحُدٍ)) هو جَبلٌ معروفٌ في المدينةِ سُمِّيَ بذلك لتَوحُّدِه مِن الجبالِ كما ذَكَره السُّهيليُّ.
قولُه: ((مُدَّ)) المُدُّ مِكيالٌ معروفٌ، وهو رطْلٌ وثُلُثٌ بالعِراقيِّ، والنَّصيفُ النِّصْفُ.
الشرح
المُد هو: مليء كفي الرجل المتوسط, والساع أربعة أمداد يعني أربعة حفنات كل حفنة مُد مليء كفي رجل متوسط التي ليست يده بالكبيرتان ولا بالصغيرتان.
نعم:
المتن
والمعنى أنَّ غيرَ الصَّحابةِ لو أَنْفَقَ في سَبيلِ اللَّهِ جَبلَ أُحدٍ ذَهَباً ما بَلَغَ مُدَّ أحدِهم ولا نَصيفَه في الثَّوابِ، وفي هذا دليلٌ على تحريمِ سبِّ أصحابِ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- وأنَّه مِن كبائرِ الذُنوبِ، وفيه دليلٌ على تحريمِ لعنِ أصحابِ رسولِ اللَّه -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- مِن بابِ أَوْلى، وأنَّه مِن كبائرِ الذُّنوبِ، فإنَّ الحديثَ صريحٌ في تحريمِ السَّبِّ، واللَّعنُ أَعظمُ مِن السَّبِّ، وفي الحديث أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: «لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ» وأصحابُه -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- خِيارُ المؤمنينَ، كما قال -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-: «خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِى» الحديثَ، وروى الترمذيُّ عن عبدِ اللَّه بنِ مغفَّلٍ -رضي اللَّهُ عنه- قال: قال رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-: «اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي لاَ تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضاً، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبُحِبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبُبْغِضِي أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ، وَمَنْ آذَى اللَّهَ يُوِشُكُ أَنْ يَأْخُذَهُ» قال الترمذيُّ: حديثٌ غريبٌ، إلى غيرِ ذَلِكَ مِن الأحاديثِ الدَّالَّةِ على وجوبِ احترامِهم وحِفظِ كرامَتِهم، وتحريمِ سَبِّهم والطَّعنِ فيهم ولَعْنِهم.
قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَن لَعَنَ أحدًا مِن أصحابِ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- فإنَّه يستحِقُّ العقوبةَ البالغةَ باتِّفاقِ المسلِمِينَ، وقد تَنازَعُوا هل يُعاقَبُ بالقَتلِ أوْ ما دُونَ القَتلِ.
واستدلوا بهذا الحديث
الشرح
يعني من سب الواحد والاثنين اختلفوا هو يعذر هل يُعذر بالقتل أو يكفي السجن والضرب هذا من سب الاثنين أما من سب الشيخان كما سيأتي في يوم أحد يكفر وسب الشيخين أبوبكر وعمر أو من كفرهما فقد كفر, كذلك من كفر الصحابة وفسقهم يكفر لأنه مُكذب لله ولرسوله؛ لأن الله زكاهم وأعد لهم ووعدهم بالجنة, لكن السب يختلف قد يكون للغيظ وقد يكون للتكفير إذا سبهم غيظاً هذا أسهل من كونه يسبهم تكفيرًا أو تفسيقًا.
نعم:
المتن
واستدلَّ بهَذَا الحديثِ على عدالةِ جميعِ الصَّحابةِ لِثَناءِ النَّبيِّ هَذَا الثَّناءَ العظيمَ الدَّالَّ على فَضلِهم وعدالَتِهم، وفيه دليلٌ على تَفضيلِ الصَّحابةِ كُلِّهم على جميعِ مَن بعدَهم، وهُوَ قولُ الجمهورِ.
قال بعضُ السَّلَفِ: - لَمَّا سُئِلَ عن عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ ومعاويةَ أيُّهما أَفْضَلُ؟
الشرح
يعني معنى هذا قد يكون هناك بعض الصحابة بعض الأحاد من الصحابة الذين صحبوا النبي r بعض الأعراب الذين صحبتهم لأول مرة فإنه يكون من بعدهم من العلماء أفضل منهم هذا قول لكن جمهور العلماء على أن الصحابة كلهم أفضل ممن بعدهم.
نعم:
الشيخ: في قول إيش؟
قول جمهور العلماء
وفيه دليلٌ على تَفضيلِ الصَّحابةِ كُلِّهم على جميعِ مَن بعدَهم،
نعم، وهُوَ قولُ الجمهورِ.
قال بعضُ السَّلَفِ: - لَمَّا سُئِلَ عن عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ ومعاويةَ أيُّهما أَفْضَلُ؟
المتن
قال: غُبارٌ في أَنْفِ معاويةَ مع رسولِ اللَّهِ –صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- أَفْضلُ مِن عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ.
الشرح
قال بعضهم: الغبار الذين دخل في أنف معاوية في جهاده مع النبي r يعدل بورع عمر بن عبدالعزيز في عدله هكذا قالوا بعض السلف.
نعم:
المتن
وسَببُ تفضيلِ نفقَتِهم أنَّها كانتْ في وقتِ الضَّنْكِ، والضِّيقِ بخلافِ غيرِهم.
الشرح
نعم: نفقاتهم في الجهاد في وقت الضنك والضيق وقت الشدة, ولهذا لما جهز عثمان جيش العسرة ثلاثمائة بعير بأحمالها وأقتابها قال صلى الله عليه وسلم: « مَا على عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ ، مَا على عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ، مَا على عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ » وقت الضنك والضيق والشدة, بخلاف الذي يكون عنده اليوم ملايين وينفق وما يدري عنها, عنده ملايين وينفق مليونين أو ثلاثة أو عشرة ما هو داري عنها ليس في وقت الشدة والضنك ينفق من العسر.
نعم:
أحسن الله إليك
المتن
ولأنَّ إنفاقَهم كان في نُصرَتِه –صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- وحمايَتِه، وَذَلِكَ معدومٌ بعدَه.
الشرح
نعم: يعني الصحابة امتازوا أنهم وقت الضيق والضنك والشدة والثاني في نصرة النبي r وحمايته والنبي r بين أظهرهم وهم يمتثلون أمره.
نعم:
وكذا جهادُهم وسائرُ طاعاتِهم
نعم: وكذلك أيضاً ينزل القرآن والنبي r يفسره لهم هذا لا يمكن أن يلحقهم من بعدهم أبداً لا كان ولا يكون مثله فهم خير الناس بعد الأنبياء.
نعم:
كما قال تعالى: {لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَـئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}.
الشرح
يعني كل وعد الله الجنة.
نعم:
أحسن الله إليك
المتن: يقول شيخ الإسلام ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم.
باررك الله فيك، وفق الله الجميع لطاعته
سائل: (....)
الشيخ:لا زالت كل بعد فتره ينظر فيها وتزاد على حسب تقدير الإبل.
السائل: كم الآن؟
الشيخ: لا أدري كم الآن على كل حال كل فترة تزاد
وفق الله الجميع.