شعار الموقع

كتاب التوحيد 3 من باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلاّ الله إلى باب ما جاء في الرقى والتمائم

00:00
00:00
تحميل
235

(المتن)

قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:

باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلاّ الله
وقوله تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال أن رسول الله ﷺ قال لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب؛ فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وفي رواية: إلى أن يوحدوا الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تُؤخذ من أغنيائهم فتُردّ على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب. أخرجاه

ولهما من حديث سهل بن سعد- رضي الله عنهما - أن رسول الله ﷺ  قال يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه فبات الناس يدوكون ليلتهم، أيهم يعطاها. فلما أصبحوا غدوا على رسول الله ﷺ كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: أين علي ابن أبي طالب؟ فقيل: هو يشتكي عينيه. قال: فأرسلوا إليه فأتي به، فبصق في عينيه ودعا له، فبرأ، كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية وقال: انفذ على رِسْلِك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام ، وأعلمهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فو الله لأن يهديَن الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمْر النَّعَم. يدوكون: أي يخوضون.

(الشرح)

قال الإمام الشيخ الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد: الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله هذا هو الباب الرابع من أبواب كتاب التوحيد ذكر في الباب الأول تفسير التوحيد وما هو التوحيد؟ وأن التوحيد هو إفراد الله تعالى بالعبادة ثم ذكر في الباب الثاني فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب ثم ذكر في الباب الثالث وهو تحقيق التوحيد وتخليصه وتنقيته من شوائب الشرك وفضل من حقق التوحيد وأن من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب ثم ذكر في الباب الرابع الخوف من ضده ومن ضده وهو الشرك والخوف ثم هذا الباب الخامس باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله بعد أن ذكر التوحيد  وحقيقته وذكر فضله وأنه يكفر الذنوب وذكر فضل تحقيقه وتخليصه وأن من حققه وخلصه من شوائب الشرك دخل الجنة من غير حساب وذكر الخوف من ضده ذكر الباب الرابع الدعاء إلى التوحيد وأن من منّ الله عليه بالتوحيد وحقق التوحيد وسلم من الشرك فعليه أن يدعو إلى هذا الخير الذي وفقه الله له لا ينبغي أن يقتصر على نفسه بل يدعو إلى التوحيد الذي وفقه الله له وهداه له لهذا بوب الباب الدعاء لشهادة أن لا إله إلا الله فالمسلم إذا وفقه الله ووحد الله وأخلص العمل يدعو إلى هذا الخير ولا يقتصر على نفسه بل يكون من الدعاة إلى الله اقتداء بالرسل عليهم الصلاة والسلام ولاسيما أفضلهم وخاتمهم نبينا محمد ﷺ.

ولهذا صدر المؤلف رحمه الله هذا الباب بآية يوسف قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. قُلْ هذه الدعوة سَبِيلِي طريقتي وطريقة أتباعي قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ لا إلى نفسي ولا إلى غرض من الأغراض أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ على علم وعلى بصيرة لا على جهل بصيرة هي العلم أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي المعنى أن هذه طريقته وطريقة أتباعه عليه الصلاة والسلام  وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. هذه الدعوة سبيلي طريقي إلى الله طريقتي أدعو إلى الله لا إلى غيره ولا إلى نفسي ولا إلى شيء من أمور الدنيا فالدعوة تكون إلى الله الدعاء يكون إلى الله  خالصة لله أدعو إلى الله عَلَى بَصِيرَةٍ  على علم لا على جهل أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي  يعني أنا وأتباعي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

دلت هذه الآية على أنه ينبغي للمسلم أن يكون من الدعاة إلى الله أن يدعو إلى الله لكن على بصيرة وعلى علم لا يدعو على جهل لا يدعو بشيء لا يعلمه إنما يدعو بالعلم والبصيرة الشيء الذي يعلمه يدعو إلى التوحيد ينهى عن الشرك يحذر من كبائر الذنوب، يحث على المحافظة على الصلوات الشيء الذي يعلمه أما الشيء الذي لا يعلمه فلا يدعو إليه لا يدعو على جهل يدعو على علم لهذا قال: أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ والبصيرة هي العلم والنور قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي فالدعوة إلى الله على بصيرة هي طريقة الرسول ﷺ وطريقة أتباعه وهذا هو مناسبة الترجمة أن الدعوة إلى الله على بصيرة هي طريقة الرسول ﷺ وطريقة أتباعه فالدعاة إلى الله هم الذين يدعون إلى الله على بصيرة يتبعون الرسل ولاسيما خاتمهم ونبينا محمد ﷺ وأعظم ما يدعى له التوحيد وهو أصل الدين وأساس الملة كما سيأتي في الأحاديث في النصوص الأخرى فهذه الآية واضحة في أنه ينبغي للمسلم أن يكون من الدعاة إلى الله وأن يكون دعوته على بصيرة وعلى علم مع الحلم والرفق ومع معرفة حال المدعوين.

ثم ذكر حديث ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أن رسول الله ﷺ لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وفي لفظه: إلى أن يوحدوا الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تُؤخذ من أغنيائهم فتُردّ على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب. أخرجاه
هذا الحديث أخرجه الشيخان وذلك أن النبي ﷺ بعث معاذا إلى اليمن مفتياً ومبلغاً وداعياً إلى الله وقاضياً حاكماً وكذلك أرسل أبا موسى الأشعري كل منهما على مخلاف اليمن على مخلافان اليمن مخلافان أبو موسى الأشعري على مخلاف و معاذ على مخلاف فأرسل النبي ﷺ معاذا يدعو إلى الله ويبلغ دعوة النبي ﷺم ويقضي بينهم ويفتيهم وقال له عليه الصلاة والسلام: إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى، لأنه كان في ذلك الوقت في ذلك الزمان كان في اليمن يهود قال: إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب يعني أهل علم ليسوا جهالاً  كمشركي العرب يعني فاستعد لمناضرتهم فيه دليل على أنه الإنسان ينبغي أن يعرف المدعوين حتى يستعد لهم ويتهيأ لهم بما يناسبهم من الحجج ولهذا قال له: إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب يعني فاستعد لمجادلتهم ومقارعتهم بالحجة حتى تقوم عليهم الحجة وأهل الكتاب ليسوا كالعرب الأميين الذين لا يعلمون أهل الكتاب أهل علم عندهم علم عندهم كتب منزلة وفيهم من انحرفوا فاستعد لمجادلتهم ومناظرتهم.

ثم قال له ﷺ : فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله فيه دليل على البدء بالأهم فالمهم  وأن أول ما يبدأ به الداعية الدعوة إلى التوحيد إلى شهادة أن لا إله إلا الله وفي لفظ إلى أن يوحدوا الله هذا تفسير لقوله فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله المراد دعوتهم إلى توحيد الله ليس المراد قول هذه الكلمة فقط لأنهم يؤمنون بالله ولكن ينكرون رسالة محمد ﷺ ولا يصح إيمانهم بالله وهم ينكرون نبوة النبي ﷺ ورسالته لأنه لا يصح لهم التوحيد إلا بالإيمان بالله ورسوله ولهذا نفا الله عنهم الإيمان وهم يدعون الإيمان لهذا قال عنهم الله سبحانه: قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ما نفعهم الإيمان بالله واليوم الآخر لأنهم لما لم يؤمنوا بالرسول ﷺ ما نفعهم إيمانهم بالله فدل على أن المراد المعنى والعمل ليس المراد قول لا إله إلا الله باللفظ ولهذا قال: فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وفي لفظة: إلى أن يوحدوا الله المراد يدعوهم إلى توحيد الله والإيمان به وبرسوله ﷺ وفي أن أول ما يبدأ به الداعية الدعوة إلى التوحيد أول واجب على الإنسان هو الإيمان بالله وتوحيد الله.

وفيه رد على المتكلمين كالأشاعرة وغيرهم أول واجب على الإنسان النظر أو الفصل أو الشك أول شيء تشك فيمن حولك ثم تنتقل من الشك إلى اليقين والتوحيد هذا باطل من أبطل الباطل دعوة الرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم توحيد الله قال الله تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرُهُ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ هذه دعوة الرسل دعوة إلى التوحيد هذا أول شيء ما قال ادعوهم إلى الشك أو النظر أو القص إلى النظر هذه أقوال باطلة الشك أن تشك فيمن حولك ثم تنتقل من الشك إلى اليقين أول واجب توحيد الله والإيمان به وبرسوله وهذا هو أصل الأصول وهو أصل الدين وأساس الملة وعليه تبنى الأعمال ينبغي للإنسان أن يبدأ به بالأهم فالمهم.

فإن هم أجابوك لذلك وحدوا وآمنوا وعملوا بذلك فأعلمهم أن الله افترض خمس صلوات في اليوم والليلة فيه دليل على أن الصلاة أوجب الواجبات وأفرض الفرائض بعد التوحيد والإيمان بالله ورسوله هي أوجب الواجبات بعد توحيد الله وتأتي في المرتبة الثانية.

فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تُؤخذ من أغنيائهم فتُردّ على فقرائهم هذه الزكاة وتأتي في المرتبة الثالثة بعد الصلاة وهذا فيه دليل على أن الداعي يبدأ بالأهم فالمهم فالصلاة هي حق الله والزكاة حق المال وإذا أحسن وإذا استجابوا وأدوا الصلاة وأقاموها فقد أحسنوا في عبادة الله وإذا استجابوا وأدوا الزكاة فقد أحسنوا إلى الخلق جمعوا بين الإحسان في عبادة الله والإحسان إلى الخلق. تُؤخذ من أغنيائهم فتُردّ على فقرائهم هذا نوع من أنواع من تجب فيهم الزكاة وذكرهم لأنهم هم المهم لأنهم أهم الأنواع الثمانية وإلا فإنها تصرف لأهل الأصناف الثمانية.

فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، يعني لا تأخذ من خيار المال وإنما تأخذ من الوسط تأخذ الزكاة من وسط المال لا تأخذ من خيارهم ولا من شرارهم من الوسط ولهذا قال: فإياك وكرائم أموالهم الكريمة الشريفة إنما تأخذ من الوسط إلا إذا سمح بها رب المال عن طيب نفس فلا بأس.

واتق دعوة المظلوم، فيه دليل على أن الأخذ من خيار الأموال ظلم لصاحب المال ولهذا قال: واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب فيه الحذر من الظلم وأن المظلوم تجاب دعوته ولو كان كافراً كما جاء في لفظ آخر أن الله يقول في دعوة المظلوم يقول الرب إذا صعدت دعوة المظلوم: لَأَنْصُرَنَّكِ، وَلَوْ بَعْدَ حينٍ. حتى ولو كان كافراً المظلوم الواجب الحذر من الظلم والبعد عن الظلم  ومن ذلك أخذ المتصدق من خيار المال كما أن  أخذه من شرار المال بخس لحق الفقراء وإنما يأخذ من الوسط لا يأخذ من خياره ولا شراره، أخرجاه.

ولهما عن سهل بن سعد أن النبي ﷺ قال يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه وفيه دليل على أن فيه مشروعية عقد الألوية وهذا مما يفعله النبي ﷺ في الجيوش فالراية يجتمع حولها الناس ويعرفونها ويرجعون إليها وتكون علامة عليهم ولهذا قال: لأعطينّ الراية غداً الراية وعقد الألوية هذا معروف في غزوات النبي ﷺ وسراياه وهذا معروف عند جميع طبقات الناس في الحروب يعرفون الرايات ولا يتركونها حتى يقتلوا على آخرهم يرجع تكون مأوى ومرجع لهم علامة لهم ولهذا قال النبي ﷺ: لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها يخوضون في تلك الليلة باتوا يدوكون ظاهرهم أنهم ما ناموا أنهم سهروا يبحثون كل يتمنى أن يعطاها يدوكون يخوضون من يعطاها من يأتيه بها فلما أصبحوا غدوا إلى رسول الله ﷺ كل يرجوا أن يعطاها كل واحد يتطلب لا محبة في الإمارة لكن محبة في هذا الوصف يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ومعلوم أن كل واحد من المؤمنين يحب الله ورسوله له هذا الوصف لكن كون النبي ﷺ ينص على شخص يحبه الله ورسوله هذه منقبة عظيمة كل يحرص عليها تتطلع إليها عمر بن الخطاب تطلعوا له الصعوبات من حرص الصحابة على الخير حرصوا على الخير من حرصهم على الخير أنهم باتوا يدوكون فلما أصبحوا غدوا على النبي ﷺ جاؤوا إلى النبي ﷺ كل يرجو أن يعطاها كلهم يتمنى لا محبة في الإمارة ولكن محبة في هذا المنقبة شهادة الرسول ﷺ بالعين بالنص يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله وإن كان كل مؤمن له أصل هذه المحبة من لا يحب الله ورسوله فليس بمؤمن كل مؤمن له هذا الوصف لكن كون النبي ﷺ ينص على شخص بعينه بأنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله هذه منقبة عظيمة هو يحب الله ورسوله يوالي الله ورسوله ويحبه الله ورسوله هذه منقبة عظيمة ولهذا حرص الصحابة وغدو فلما أتوا قال النبي ﷺ قال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: يا رسول الله أنه هو يشتكي عينيه أرمد فطلب النبي ﷺ الإتيان به فجاؤا  به  أرمد ما يبصر أعمى فلما جاء إلى النبي ﷺ تفل في عينيه فبرأ في الحال كأن لم يكن به وجع هذا دليل على إثبات القدر وأن قدر الله ماض وأن من قدر له شيء فلا بد من أن يحصل له حيث إن الراية أعطيت لمن لم يطلب ما طلبها علي ولا حرص عليها والذين حرصوا عليها وباتوا يدوكون ليلتهم يخوضون ما حصلت لهم لأن ما قدر لهم ذلك والأعمى الأرمد الذي يقاد بعيدا ولا يتوقع أنه يعطاها أعطيت له هذا فيه دليل على أن من قدر له شيء فلا بد أن يحصل له فيه إثبات القدر و كون النبي ﷺ تفل في عينيه وبرأ في الحال هذا أيضا دلالة عظيمة على قدرة الله وحدانيته وفيه إثبات شهادة أن لا إله إلا الله وأن الله تعالى هو مستحق أن يعبد وفي إثبات شهادة أن محمد رسول الله حيث أن الرسول ﷺ بشر وتفل فبرأ فهذه معجزة من معجزاته ففيه دليل على إثبات الشهادتين شهادة أن لا إله إلا الله حيث إن الله أبرأه في الحال وشهادة أن محمد رسول الله حيث جعل الله هذه المعجزة في نبيه ﷺ فما فيه عملية جراحية ولا قطرة ولا تداوي ولا عمل شيء أبدا في الحال تفل في عينه فبرأ كأن لم يكون به وجع وأخذ الراية.

فقال له النبي ﷺ: انفذ على رِسْلِك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام فيه دليل على مشروعية تكرار الدعوة الخير من مراتب الدعوة ثم ادعهم إلى الإسلام هذا من باب تكرار الدعوة هذا من باب الاستحباب وإلا فإنه يجوز قتالهم إذا لم يستجيبوا الدعوة ولو لم يبلغوا الدعوة مره ثانية كما ثبت أن النبي ﷺ أغار على بنو المصطلق وهم غارون أي غافلون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلهم و سبى جواريهم ولم يعد عليهم مرة ثانية لأن الدعوة بلغتهم فغار عليهم ولم يعد الدعوة مرة ثانية فغار على بني المصطلق قوم من العرب ومنهم جويرة بنت الحارثة أم المؤمنين فغار عليهم وهم غارون يعني غافلون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلتهم وسبى جواريهم وأهل خيبر أمرهم بأن يدعوهم إلى الإسلام من باب الاستحباب قال: ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه.

 ثم قال له: فو الله لأن يهديَ الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمْر النَّعَم. حلف عليه الصلاة والسلام وهو صادق وإن لم يحلف إن هدى الله على يدك واحدا يعني ادعهم إلى الإسلام ابدأ بالدعوة إن هدى الله على يديك واحدا خير لك من حمر النعم حمر النعم هي الإبل الحمر وهي أنفس أموال العرب وهذا مثال والمعنى خير من الدنيا وما فيها الدنيا  كلها لا تساوي شيئا لكن من باب المثال للشيء الذي يعرفونه والتقريب للأذهان والأفهام بما يعرفونه حمر النعم أنفس أموال العرب فيقول النبي ﷺ: والله لإن يهديَ الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من الإبل الحمر والمعنى خير لك من الدنيا وما فيها هذا فيه فضل عظيم لمن هدى الله على يديه شخص واحد .

فيه فضل الدعوة لله  حيث أن النبي ﷺ بعثه مبلغاً داعياً مفتياً قاضياً وكذلك علي عقد له اللواء فيه الدعوة إلى الله وأخبرهم بفضل الدعوة إلى الإسلام وأن من هدى الله على يديه شخص واحد فهو خير من الدنيا وما فيها اختصر على الصلاة والزكاة لأن من استقام عليهما استقام على بقية شرائع الإسلام قال بعضهم أن الصيام مشروع قبل ذلك لكن من استقام عليهما استقام على جميع شرائع الإسلام لأن هذه هي أصول الدين وهي أصل التوحيد وأساس الملة والصلاة والفرائض والزكاة حق المال من استقام عليها وأداها  أدى بقية الشرائع.

وفق الله الجميع لطاعته ووفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح اللهم صل على محمد.

(المتن)

باب تفسير التوحيد، وشهادة أن لا إله إلاّ الله

وقوله تعالى: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورً. وقوله تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ وقوله تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ وقوله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ

وفي الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله حَرُمَ ماله ودمه وحسابه على الله .

وشرح هذه الجملة يفسر ما بعدها من الأبواب

(الشرح)

ما يحصل لمن حققه وبيان الخوف من ضده وهو الشرك ثم لما ذكر هذه التراجم كأن النفوس اشتاقت إلى معرفة هذا الأمر هذا الأمر الذي هذا شأنه وما فيه من الفضل وما في تحقيقه من الأجر وما فيه من الخوف من ضده كأنها اشتاقت إلى بيانه فذكر هذه الترجمة قال باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله قوله شهادة أن لا إله إلا الله هذا عطف دال على المدلول و المدلول هو التوحيد والدال هي الشهادة التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله معناه هي التوحيد المراد بها توحيد الله وإخلاص العبادة له ولهذا لا يكفي قولها باللسان ولهذا قال باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله شهادة أن لا إله إلا الله هي التوحيد يقولها عن توحيد وإخلاص فإذا قالها عن غير إخلاص فإنه لا يكون موحدا هذه الكلمة لا إله إلا الله هي التوحيد مدلولها التوحيد وهي دالة عليه باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله أربع آيات في بيان الشرك وإنما ما ذكر هذه الآيات في بيان الشرك لأن الشرك ضد التوحيد وإذا تبين الضد تبين ضده كما قال الشاعر : والضد يظهر حسنه الضد... وبضدها تتميز الأشياء.

فسر التوحيد ببيان الشرك لأن من سلم من الشرك فهو موحد ومن وحد فلا بد أن يسلم من الشرك فلهذا فسر التوحيد ببيان الشرك الذي هو ضد التوحيد فذكر الآية الأولى وهي آية الإسراء أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا. وقبلها قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً. قُلِ يا محمد ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ أنهم يستحقون شيئاً من العبادة فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ الذي ينزل بالإنسان لايملك كشف الضر عن أحد إلا الله ولا يملك تحويلا من حال إلى حال نقله من حال إلى حال وتخفيفه أو كشفه لا يقدر عليه إلا الله أو الذين تدعونهم من دون الله وتصرفون لهم شيئا من أنواع العبادة ادعوهم هل يستطيعون كشف الضر عنكم؟ لا يستطيعون هل يستطيعون تحويله من حال إلى حال ونقله من مكان إلى مكان أو تخفيفه لا يستطيعون ثم قال: أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا هذه نزلت في قوم المشركين يعبدون أناسا صالحين قال الله سبحانه:  أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ هم هؤلاء المشركين يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ هم يطلبون الوسيلة والقرب إلى الله بطاعته واتباع مرضاته وتوحيده وإخلاصه هم يعبدونهم والمعبودون يبتغون إلى الله الوسيلة بشريعته والعمل بمراضيه أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ولهذا فإن الآية نزلت في قوم من الإنس عبدوا ناساً من الجن فأسلم الجن ولم يعلم بهم الإنس فأنزل الله أولئك الجن الذين يدعونهم الإنس يبتغون إلى الله لأنهم أسلموا يبتغون إلى الله الوسيلة ييبتغون القرب إلى الله بطاعته واتباع مرضاته وتوحيده وإخلاصه أيهم أقرب إلى الله وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ هذا هو التوحيد لا بد من الرجاء والخوف إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا  هؤلاء الذين يعبدون غير الله أشركوا مع الله الذين يدعونهم ويعبدونهم من دون الله يسرون لقضاء الحاجات هذا هو الشرك فإذا اجتنب الإنسان الشرك فإنه يكون موحداً هذا هو التوحيد التوحيد يتبين بضده وهو الشرك.

والآية الثانية آية الأحقاف ويقول تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ۝ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ إبراهيم الخليل قال: إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ تبرأ من معبوداتهم إلا من خالقه إِلا الَّذِي فَطَرَنِي وهذا معنى كلمة التوحيدإِنَّنِي بَرَاءٌ وهذا معنى كلمة لا إله إلا الذي فطرني هو معنى إلا الله وهو إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ۝ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي هو معنى لا إله إلا الله نفي وإثبات كلمة لا إله هذا النفي وهو البراءة مما يعبد من دون الله إِنَّنِي بَرَاءٌ هذا نفي إِلا الَّذِي فَطَرَنِي إثبات لتوحيد الله ومعنى إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ۝ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي هو معنى لا إله إلا الله وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ جعل إبراهيم هذه الكلمة باقية في عقبه لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ  أو جعلها الله باقية في عقبه وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ۝ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ  وجعلها هذه الكلمة جعلها الله باقية في ذريته ولا يزال فيهم من يقول لا إله إلا الله ويوحد الله كما قال : وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ وجعلها الكلمة كلمة التوحيد جعلها من الله أو من إبراهيم أي ورثهم إياها وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ  هذا فيه بيان التوحيد وأنه لا بد فيه من البراءة من المشركين وإثبات العبادة لله وحده.

والآية الثالثة آية براءة ويقول تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ  اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِيعني الأحبار هم العلماء والرهبان هم  العباد وهذه نزلت في أهل الكتاب اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ اتخذوا أحبارهم وعبادهم أرباباً من دون الله المعنى أنهم يحلون لهم الحرام فيحلونه ويحرمون عليهم الحلال ويحرمونه يعني يطيعونهم في التحليل والتحريم ومن أطاع الله في التحليل والتحريم فقد اتخذه رباً شاء أم أبى فمن اتخذ مخلوقاً غير الله يطيعه في التحليل والتحريم فقد اتخذه رباً من دون الله وجعله شريكاً مع الله في الطاعة في التحليل والتحريم من خصائص الله هو المحلل والمحرم والرسول عليه الصلاة والسلام هو مبلغ عن الله ولهذا جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد مسند ببعض الضعف أن النبي ﷺ كان يتلو هذه الآية وجاء عدي ابن ثابت وكان نصرانيا ثم أسلم والنبي ﷺ يقرأ هذه الآية اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فقال لرسول الله ﷺ: لسنا نعبدهم ظن عدي المراد لا نسجد لهم ولا نركع لهم فقال النبي ﷺ: أليس يحلون ما حرم الله فتستحلونه ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه؟ قال: بلى ، قال: فتلك هي عبادتهم. بين له النبي ﷺ أن طاعتهم في التحليل والتحريم هي العبادة عبادة لهم من دون الله.

الآية الرابعة آية البقرة وهي قول الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ المراد هنا هو محبة العبادة محبة خاصة وهي تحت الذل والخضوع والطاعة فمن يتخذ من دون الله نداً يحبهم كحب الله يذل له ويخضع له ويطيعه فقد اتخذه ربا من دون الله ولا يدخل في هذا المحبة الطبيعية محبة الطعام والشراب ومحبة الولد والوالد والزوجة محبة طبيعية لأن المراد بالمحبة محبة العبادة محبة خاصة تقتضي الذل والخضوع والطاعة فمن اتخذ نداً مع الله يحبه كحب الله فقد أشرك مع الله. فهذه الآيات الأربع كلها في بيان الشرك الذي هو ضد التوحيد وإذا تبين الشرك تبين المراد بالتوحيد.

وفي الصحيح أن النبي ﷺ قال: من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله لا بد من أمرين قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله نفي وإثبات ومعنى وكفر بما يعبد من دون الله تبرأ من كل معبود سوى الله فلا بد من البراءة كلمة التوحيد لا إله إلا الله فيها البراءة من كل معبود سوى الله لا إله إلا الله العبادة لله فلا بد من أمرين توحيد وبراءة من كل معبود سوى الله لا إله إلا الله إخلاص العبادة لله لا بد من الأمرين توحيد وبراءة من كل معبود سوى الله ما يكفي كما ذكر المصنف رحمه الله أن يقول الإنسان لا إله إلا الله بلسانه ولا يكفي أيضاً أن يقولها بلسانه ولا يعرف معناها ولو اجتمع على نفي وإثبات ولكن مع ذلك يكون مقراً بها ولكن مع ذلك كونه لا يعبد إلا الله لا بد أن يضيف أمراً خامساً وهو البراءة من كل معبود سوى الله هذه خمسة لا بد منها كلمة التوحيد لا إله إلا الله يقولها بلسانه لا بد أن يعرف معناها ولا بد أن يقر بها ولا بد أيضاً أن لا يعبد إلا الله ولا بد من البراءة من كل معبود سوى الله.

ولهذا قال المؤلف رحمه الله هذه المسألة مسألة عظيمة قل ما ينتبه لها فإنه لم يجعل التكلم بكلمة التوحيد عاصمة للدم والمال بل ولا معرفة معناها مع التكلم بها بل ولا إقرار بها بل ولا كونه لا يعبد إلا الله بل لا بد أن نضيف أمراً خامساً وهو البراءة من كل معبود سوى الله ما يكون معصوما للدم والمال إلا بهذه الأمور الخمسة قول لا إله إلا الله ويعرف معناها ويقر بها ولا يعبد إلا الله ويتبرأ من كل معبود سوى الله وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الأبواب.

(المتن)

الحمد لله رب العالمين وصلى الله عليه وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين>

قال الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:

 باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه 

وقول الله تعالى: قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ

وعن عِمران بن حصين أن النبي ﷺ رأى رجلاً وفي يده حلقة من صُفْرٍ. فقال: ما هذه؟ قال: من الواهنة. قال: انزعها، فإنها لا تزيدك إلا وهناً؛ فإنك لو مِت وهي عليك ما أفلحت أبداً. رواه الإمام أحمد بإسناد لا بأس به

وله عن عقبة بن عامر مرفوعاً: من تعلّق تميمةً فلا أتمَّ الله له، ومن تعلَّق وَدَعَةً فلا وَدَع الله له وفي رواية: من تعلق تميمة فقد أشرك

ولابن أبي حاتم من حديث حذيفة أن النبي ﷺ رأى رجلاً وفي يده خيط من الحُمَّى فقطعها وتلا قوله تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ

(الشرح)

 قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد: باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه يعني لرفع البلاء بعد نزوله أو دفعه قبل نزوله فإذا لبس حلقة أو خيطاً لهذا الغرض لدفع البلاء قبل أن ينزل أو رفعه بعد أن ينزل فهذا من الشرك.

 والأصل أنه من الشرك الأصغر إذا اعتقد أن لبس الحلقة و الخيط من الوسائل ومن الأسباب التي تدفع العين هذا هو الأصل وهذا هو الغالب فإن اعتقد أن الخيط والحلقة تدفع الضر بنفسها فهذا شرك أكبر إذا اعتقد أنها بنفسها تدفع الضر بذاتها ونفسها هذا شرك أكبر أما إذا اعتقد أنها من الوسائل أنها وسيلة وأنها سبب لشفاء بيد الله هذا من الشرك الأصغر هذا هو الغالب على الناس الغالب أن المسلم يعلم أن الذي يدفع الضر هو الله والذي يجلب النفع هو الله لكن يعتقد أنها وسيلة وأنها سبب هذا من الشرك الأصغر لأن الله لم يجعلها وسيلة ولا سبب وقول الله تعالى: قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ

قُلْ أَفَرَأَيْتُم خطاب للمشركين قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ تعبدونه كما تعبدون الأصنام والأوثان يذبحون لها وينذرون لها يريدون الشفاعة يقول الله للنبي ﷺ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ يعني هل تستطيع أن تكشف الضر هذه المعبودات لا تستطيع أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ هل تمسك الرحمة هل تجلب الخير لا تستطيع ذلك فإذا كانت المعبودات لا تكشف الضر ولا تجلب النفع فعبادتها باطلة الذي لا يستطيع أن يدفع ضره ولا يستطيع أن يجلب نفعاً فهو لا يستحق العبادة ولهذا قال قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ.

ولبس الحلقة والخيط على أنها وسيلة وأنها سبب وإن كان من الشرك الأصغر داخل في الآية لأن السلف يستدلون على الشرك الأصغر بما نزل في الشرك الأكبر وهذا الآية في الشرك الأكبر، الأصغر داخل في الآية لأن السلف يستدلون على الشرك الأصغر بما نزل في الشرك الأكبر وهذه الآية في الشرك الأكبر قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ يعني هذه المعبودات من الأصنام هم عبدوها من دون الله وأشركوا بالله شركا أكبر فالله يخاطبهم أنها لا تنفع ولا تجلب نفعاً ولا تدفع ضرا فهي ستكون عبادتها باطلة وكذلك من لبس الحلقة والخيط لرفع البلاء أو دفعه وإن كان يعتقد أنها وسيلة فهو داخل في ذلك إذا كانت لم يجعلها الله وسيلة فهي باطلة لأن الله لم يجعلها وسيلة و ليست سببا وإنما يعلق الإنسان رجاءه وأمله بالله فهو النافع الضار لهذا قال: قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ.

وعن عِمران بن حصين أن النبي ﷺ رأى رجلاً في يده حلقة من صُفْرٍ. فقال: ما هذه؟ قال: من الواهنة. استفهام يعني لماذا وضعتها؟ قال: من الواهنة وهو مرض يأخذ في العضد يصيب الرجال خاصة يعني جعلتها لدفع هذا المرض وهو الواهنة  فقال النبي ﷺ: انزعها، فإنها لا تزيدك إلا وهناً يعني لا تزيدك إلا مرضاً فإنك لو مِت وهي عليك ما أفلحت أبداً رواه أحمد بسند لا بأس به

وجاء في الحديث الآخر أنه لعمران وهو الذي وضع الحلقة فإذا كان الصحابي إذا وضعها لا يفلح أبداً فكيف بغيره.

والحديث وإن كان في سنده لين إلا أن له شواهد لهذا قال المؤلف: رواه الإمام أحمد بسند لا بأس به سنده لين  لكن الحديث له شواهد.

وفيها أن النبي ﷺ ما عذره في هذا ما يعذر بالجهالة لأنه يمكن أن يسأل النبي ﷺ في هذا فالجاهل إذا كان يستطيع أن يسأل فليس بمعذور.

وله عن عقبة بن عامر للإمام أحمد وله عن عقبة بن عامر مرفوعاً: من تعلّق تميمةً فلا أتمَّ الله له، ومن تعلَّق وَدَعَةً فلا وَدَع الله له هذا دعاء من النبي ﷺ على من تعلق تميمة والتميمة هو ما يعلق من الحروز أو الخيوط أو شعر الذئب أو العظام لأجل دفع العين يجعله الإنسان معلقة في رقبته أو في يده أو في أصبعه أو على الصبيان أو على النساء أما الذي يعلق على الحيوان فيسمى وترا وهي من وسائل الشرك ومن الشرك الأصغر إذا اعتقد أنها سبب والنبي ﷺ دعا عليه من تعلق تميمة فلا أتم الله له وهذا يدل على بطلانها يعني من تعلق تميمة فإن الله لا يتم له أموره ومن تعلق ودعة شيء من الودعة التي تستخرج من البحر أو من غيره لأجل أن يسكن المرض والألم دعا عليه النبي ﷺ بأن الله لا ودع الله له لا جعله في سكون وراحة ومن تعلق تميمة فلا أتم الله له أموره ومن تعلق ودعة لأجل أن يسكن الألم فلا ودع الله له فلا أسكن الله ألمه.

وفي رواية من تعلق تميمة فقد أشرك فدل على أن تعليق التمائم من الشرك الأصغر حتى ولو كان من القرآن على الصحيح كما سيأتي.

ولابن أبي حاتم عن حذيفة : أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحُمَّى يعني وضعه من أجل دفع الحمى للاعتقاد أن هذا الخيط وسيلة في دفع الحمى وسبب في دفع الحمى فقطعه حذيفة وتلا قوله تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ فيه إنكار المنكر باليد إن استطاع ذلك فإن كان الإنسان يستطيع إنكار المنكر باليد يغير المنكر باليد وإذا كان لا يستطيع وترتب على ذلك مفسدة أكبر يغير باللسان بالنصيحة، حذيفة يستطيع قطعه أنكر المنكر بيده وتلا قوله تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ وهذه الآية نزلت في المشركين الشرك الأكبر إيمانهم بالله توحيدهم الربوبية وشركهم شركهم في العبادة والمعنى أنهم جمعوا بين توحيد الربوبية وبين الشرك ولبس الخيط من الشرك الأصغر وحذيفة يستدل بالآية وهو الشرك الأكبر فهو دليل على أن الصحابة يستدلون على الشرك الأصغر بما نزل في الشرك لدخول الشرك الأصغر في عموم الشرك ولأنه من وسائله وهذا يدل على أنه لا يجوز للإنسان أن يعلق خيطاً من أجل أن يكون سبباً ولهذا أنكر الصحابي على هذا الرجل وقطعه فدل على أن تعليق الخيوط والحروز في اليد جعلها في اليد أو في الأصبع أو في الرقبة كل هذا من الشرك.

سؤال:

في قوله (44:21)

الجواب:

بعض العلماء رأى هذا دخوله في عموم الشرك ومعنى كونه لا يغفر أنه يؤاخذ به إن كانت له حسنات راجحة سقط من الحسنات ما يقابل الشرك وإن كان له سيئات راجحة عذب بهذا الشرك الأصغر ثم يخرج إلى الجنة بخلاف الشرك الأكبر فإنه يخلد في النار صاحبه.

وقال آخرون من أهل العلم أن حكمه حكم أهل الكبائر لكن ظاهر النصوص أن له حكم خاص بخلاف الكبائر فإنه من طاعة الهوى والشيطان.

سؤال:

(45:19)

الجواب:

لا هذا من التمائم أو حلقة معدن يضعها في يده يقول أنها تساعده من الروماتيزم كل هذا لا يجوز كل هذا من التمائم.

المتن:

قال المصنف رحمه الله تعالى:

باب ما جاء في الرقى والتمائم

في الصحيح عن أبي بشير الأنصاري أنه كان مع رسول الله ﷺ في بعض أسفاره فأرسل رسولاً: أَنْ لا يبقَيَن في رقبة بعيرٍ قلادة من وَتَر أو قلادة إلا قُطِعت.

وعن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن الرُّقَى والتمائم و التِوَلة شرك. رواه أحمد وأبو داود

وعن عبد الله بن عُكيم قال: من تعلق شيئاً وُكل إليه. رواه أحمد والترمذي

التمائم: شيء يُعلّق على الأولاد يتقون به العين، لكن إذا كان المُعلَّقُ من القرآن فرخص فيه بعض السلف ، وبعضهم لم يرخص فيه، ويجعله من المنهي عنه، منهم ابن مسعود .

الرُّقى: هي التي تسمى العزائم، وخصّ الدليل منها ما خلا من الشرك، فقد رخص فيه رسول الله ﷺ من العين والحُمَةِ .

والتِّوَلة: هي شيء يصنعونه، يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والرجل إلى امرأته .

وروى أحمد عن رويفع قال: قال لي رسول الله ﷺ: يا رُويفع لعلّ الحياة ستطول بك؛ فأخبر الناس أن من عقد لحيته، أو تقلَّد وتراً، أو استنجى برجيع دابة أو عَظم، فإن محمداً بَريءٌ منه.

وعن سعيد بن جُبير رحمه الله قال: «من قطع تميمة من إنسان كان كعَدْل رقبة». رواه وكيع

وله عن إبراهيم قال: كانوا يكرهون التمائمَ كلها، من القرآن وغير القرآن.

(الشرح)

 بسم الله الرحمن الرحيم قال المؤلف الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد:

باب ما جاء في الرقى والتمائم ما جاء فيها من الأحكام الشرعية وأن الرقى فيها من التفصيل والتمائم فيها على كل حال

في الصحيح عن أبي بشير الأنصاري أنه كان مع رسول الله ﷺ في بعض أسفاره فأرسل رسولاً: أَنْ لا يبقَيَن في رقبة بعيرٍ قلادة من وَتَر أو قلادة إلا قُطِعت. قوله قلادة من وتر أو قلادة هذا شك من الراوي يعني هل قال قلادة وتر أو قال قلادة فقط هذا من تحري الراوي وفي هذا دليل على وجوب قطع الأوتار والوتر وتر القوس وهو حبل يكون فيه القوس كانوا إذا بليت يعلقوها في رقبة الدواب من أجل دفع العين فإذا كان لدفع العين لا يجوز لأنه من التميمة يجب قطعه ولهذا أرسل النبي ﷺ في بعض أسفاره أن لا يبقى في رقبة بعير قلادة إلا قطعت لأنهم يضعونها دفعاً للعين واتقاء للعين أما إذا وضع قلادة للزينة أو من لأجل أن تقاد بها الدابة كما يفعل ظاهر بعض الناس يجعلون بعض الأشياء لها صوت قرقشة أو ما أشبه من ذلك للزينة أو للجمال أو شيء تقاد به الدابة فهذا لا بأس به أما من وضع من أجل دفع العين واتقاء العين فهذا هو الذي يجب قطعه وفيه إنكار المنكر باليد مع القدرة لأن النبي ﷺ أنكر المنكر وأمر بقطع هذه الأوتار لأنها من الشرك تدفع العين فإذا علق الإنسان التميمة في رقبة إنسان أو دابة وقصد بها دفع العين فإنها من الشرك الأصغر ويؤمنون بها أنها سبب لا الأصل فإن اعتقد تدفع بذاتها ونفسها صارت من الشرك الأكبر.

وعن عبد الله بن مسعود  قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن الرُّقَى والتمائم والتِوَلة شرك. رواه أحمد وأبو داود هذا الحديث فيه بيان حكم الرقى والتمائم والتولة وأنها من الشرك إن الرُّقَى والتمائم والتِوَلة شرك والرقى هي ما تسمى العزائم كما قال المؤلف رحمه الله خص منها الدليل ما خلا من الشرك كما جاء في الحديث الآخر قال: أن النبي ﷺ قال: اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً فإذا كانت الرقية ما فيها شرك فهي جائزة والرقية هي ما تسمى العزائم ترقي المريض تقرأ عليه تنفث عليه تقرأ عليه آيات من القرآن تقرأ اللهم رب الناس أذهب الباس أدعية نبوية اللهم رب الناس أذهب الباس اشف أنت الشافي شفاء لا يغادر سقماً تنفث أعيذك بكلمات الله التامات من شر ما خلق بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من كل شر نفس حاسدة هذه أدعية نبوية أو تقرأ عليه آية الكرسي أو الفاتحة كما رقى الصحابة الذي يقرأ الفاتحة أو تقرأ عليه المعوذتين قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ أو تقرأ آية البقرة آخر البقرة وهكذا تقرأ أول الصافات آخر سورة الحشر وهكذا.

فالرقية إذا كانت من القرآن أو كانت بأدعية نبوية شرعية أو بأدعية مباحة لا محذور فيها وكانت بلسان عربي واعتقدت أنها سبب مشروعة بهذا الشروط الثلاثة:

لا بد أن تكون من القرآن ومن الأدعية النبوية ومن الأدعية المباحة التي لا محذور فيها.

بلسان عربي باللغة بلغة أخرى لغة أجنبية تمتمة احتمال أن تكون الرقية بأسماء الشياطين وأسماء الجن لا بد أن تكون بلسان عربي معروف.

ولا بد أن تكون بسبب الشفاء الشافي هو الله.

إذا وجدت هذه الشروط صحت لا حرج يتمتم بعض المشعوذين يتمتم يقرأ بعضهم قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يجهر بها ثم يتمتم من أجل الشياطين ذر الرماد في العيون من أجل يطمأن إليه من يقرأ يجهر بالفاتحة ثم يتمتم فلا بد أن يكون بلسان عربي واضح ولا محذور فيه ولا بد أن يعتقد أنها سبب حينئذ تكون رقية شرعية.

وأما قوله ﷺ: لا رقية إلا من عين أو حمة. العين يعني تصيب الإنسان والحمة لدغة ذوات السموم عقرب والحية المعنى لا رقية أشفى وأولى من الرقية في العين وليس المراد أن الرقية لا تكون إلا بعين أو حمة بل المراد أنفع ما تكون وأشفى بالعين والحمة وإلا كل مرض يرقى فيه كما الحديث: اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً 

وأما التمائم فهي التي تعلق على الأطفال أو غيرهم لأجل دفع العين واتقاء العين وأصلها خروز وخرزات تعلقها العرب على الأطفال اتقاء العين فإذا علق في رقبة إنسان أو دابة إذا كانت دابة تسمى وتراً أو مثلا إنسان أو غيره وضعها من أجل دفع العين فهي من التميمة وسواء وضعت في الرقبة أو في اليد أو في الأصبع أو في الرجل بعضهم يجعل خيوطا خيط تميمة في يده أو في رجله أو في إصبعه أو يجعل في الغرفة أو في السيارة يعلق بها حتى المصحف يجعله يتقي به دفع العين أو المصائب يكون هذا من التميمة المصحف كله لو علقه كان من التمائم.

لكن التميمة مختلف فيها إذا  كانت من القرآن إذا كانت من القرآن أو بأدعية شرعية فرخص فيه بعض السلف ولهذا عبد الله بن عمرو بن العاص وعائشة رضي الله عنها وبعض لم يرخص فيه منهم عبد الله ابن مسعود كما سيأتي في آخر الباب أنه قال وله عن إبراهيم كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن ومن غير القرآن. أصحاب عبد الله ابن مسعود والصواب المنع كما الجمهور الصواب المنع سواء كان معلق من القرآن أو من غير القرآن لعموم الأدلة لأن الأدلة عامة إن الرُّقَى والتمائم والتِوَلة شرك الرقى جاء ما يخصصها اعرضوا علي رقاكم والتمائم ما جاء ما يخصصها التمائم من الشرك جاء ما يخصصها وهذا هو الصواب لأن الأدلة عامة ولأنها وسيلة لو أبيح تعليق تميمة القرآن لصار هذا وسيلة لتعليق ما لا يجوز ولأن التميمة من القرآن قد يمتهنها صاحبها فلا يدخل بها بيت الخلاء وفيها كلام الله، وفيها ذكر الله وهو ممنوع ولهذه الأسباب الثلاثة الصواب المنع.

وأما التولة فهي شيء يصنعونه يزعمون يحبب المرأة إلى زوجها يزعمون أنها حب وهذا نوع من السحر ضرب من السحر الصرف والعطف قد يفرق وقد يكون السحر سبب في التفريق أو في الجمع هذا من السحر.

وعن عبد الله بن عكيم  مرفوعا قال: من تعلق شيئاً وُكل إليه. من تعلق بالحروز يعلق شعر ذئب أو جلد من تعلق شيئا وكله الله له من تعلق بالله كفاه الله ما أهمه من دينه ودنياه رواه أحمد والترمذي.

وروى أحمد عن رويفع أن النبي ﷺ  قال: يا رُويفع، لعلّ الحياة ستطول بك؛ فأخبر الناس قد طالت الحياة به وهذا فيه علم من أعلام النبوة وهو من دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام لقول الرسول ﷺ لعلّ الحياة ستطول بك؛ فأخبر الناس أن من عقد لحيته، أو تقلَّد وتراً، أو استنجى برجيع دابة أو عَظم، فإن محمداً بَريءٌ منه من عقد لحيته قيل المعنى عقدها يعني يتزين بزي الأعاجم كما تفعل الأعاجم يعقدون لحاهم ويفتلونها تكبراً وعجباً من التكبر والعجب بالنفس فهو يفتلها على طريقة الأعاجم تكبراً وعجباً وقيل المعنى عقد لحيته يعني جعلها تتعقد و تتجعد على طريقة التأنث والخناثة تشبه بالتأنث والإناث قيل معنى هذا وقيل هذا وهو وعيد شديد أن من فعل هذا من عقد لحيته هذا الوجه تكبر وتعظم والتعظم هو للتأنث والتخلق بأخلاق الإناث فهو من كبائر الذنوب فإن محمداً بريء منه من تعلق وتراً من عقد لحيته أو تقلد وتراً الشاهد من الحديث تقلد وتراً يعني قلد الدابة وترا من أجل دفع العين فإن محمداً بريء منه دل على أنه من كبائر الذنوب من قلد وتراً أو عمل أو عقد لحيته تكبراً وعجباً أو تأنثاً فهو من كبائر الذنوب أو استنجى برجيع دابة أو عظم رجيع يعني بعرة الدواب والعظم معروف فإن محمداً بريء منه وذلك لأنه استنجى يعني استجمر برجيع الدابة أو بالعظم لأنه إذا استجمر بالعظم فإنه أولا لزج لا ينظف ولا يطهر وثانياً يفسده على إخواننا من الجن وكذلك أيضاً إذا استنجى برجيع الدابة بعرة الإبل من الغنم أو البقر من استنجى به يفسده على دواب الجن لأنه ثبت في الحديث أن الجن جاؤوا إلى النبي ﷺ وقرأ عليهم القرآن ووعظهم وذكرهم وسألوه الزاد فقال: لكم كل عظمٍ، ذكر اسم الله عليه يعود أوفر ما كان عليه لحماً وكل بعرة علف لداوبكم قال النبي ﷺ: فلا تستنجوا بالعظام ولا بالروث فإنه زاد لإخوانكم من الجن. فالعظم عظم الذبيحة التي ذكر اسم الله عليها إذا رمي عاد إليه لحمه الذي أكل فيكون طعاما للجن والبعرة يعود إليها حبها الذي أكل فتكون علفاً لدوابهم فإذا استنجى بالعظم استجمر بالعظم أو استجمر بالرجيع الدابة أفسدها على الجن أفسدها على إخواننا من الجن فالعظم يفسدها على الجن فلا يأكلون اللحم الذي فيه والبعرة يفسدها على دوابهم فيكون علة النهي إفسادها إفساد على إخواننا من الجن وجاء علة أخرى قال: لا تستنجوا بالعظم ولابالروث؛ فإنهما لا يطهران لأن العظم لزج فلا يطهر فتكون العلتين فإنهما لا ينقيان ولا يطهران ولأنهم زاد لإخواننا من الجن وفي دليل على هذه الأمور التي ذكرت في الحديث من كبائر الذنوب فإن محمداً بريء منه إذا جاء في الحديث ليس منا أو برئ النبي ﷺ من الحالقة والصالقة والشاقة أو فإن محمداً بريء منه يدل على أنه من كبائر الذنوب إذا نفي عن صاحب الإيمان فإذا قيل فيه ليس منا فإن محمداً بريء منه دل على أنه من كبائر الذنوب فتكون من عقد لحيته تكبراً أو تأنثاً كبيرة من تقلد وتراً يجده كبيرة من كبائر الذنوب وإذا استنجى برجيع دابة أو عظم قد فعل كبيرة.

 قال: وعن سعيد بن جُبير رحمه الله قال: «من قطع تميمة من إنسان كان كعَدْل رقبة». رواه وكيع وسعيد تابعي لكن مثل هذا لا يقابل بالرأي محمول على أنه أخذه من الصحابة والصحابة أخذوه من النبي ﷺ فله حكم الرفع لأن مثل هذا لا يقول الإنسان برأيه والمعنى أن من قطع تميمة والتميمة خيط أو شيء يعلق في رقبة إنسان ثم قطعه كان كعدل رقبة في الأجر والثواب فمن أعتق رقبة بل أنه أفضل لأن من قطع تميمة من إنسان حرر رقبة أعتقه من الرق ومن قطع التميمة أعتقه من الشرك والإعتاق من الشرك أفضل من الإعتاق من الرق فيكون من قطع إنسان من الشرك أفضل من أعتق رقبة إذا حسنت نيته خالصة عمله لله لأنه أعتقه من الشرك ولمن حرر رقبة أعتقه من الرق وإذا قطع التميمة أعتقه من الشرك.

وله عن إبراهيم وكيع  يعني وله عن وكيع كانوا يكرهون التمائم كلها سواء من القرآن أو غير القرآن إبراهيم هو إبراهيم بن يزيد النخعي كانوا يعني أصحاب عبد الله ابن مسعود لأنه من أصحاب عبد الله بن مسعود مثل المسروق والربيع بن خثيم وعبيدة بن عمر السلماني وغيرهم من أصحاب عبد الله بن مسعود كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن يعني التميمة التي تعلق سواء كانت من القرآن أو من غير القرآن يكرهون وأغلب الكره التحريم  يحرمون وهذا هو الصواب أن التميمة محرمة من القرآن ومن غير القرآن ممنوعة وأنها من الشرك لعموم الأدلة إن الرقى والتمائم من غير تخصيص ولأنها وسيلة إلى تعليق ما ليس من القرآن ولأنها وسيلة إلى امتهانها والدخول بها الحمام وبيت الخلاء ولهذا الأمور الثلاثة الصواب الذي عليه المحققون والذي عليه الجمهور المنع منع التمائم مطلقا من القرآن أو من غير القرآن أما بعض السلف فرخصوا التميمة من القرآن لأنه القرآن ولا محذور فيه

(الطالب)

الودعة المحرمة تخرج من البحر بيضاء (1:02:35)

(الجواب)

الودعة أي الراجح السكون والبدعة ويحرك هذا القول الثاني فيكون مقدم السكون ودعة و ودعة ,

الطالب

(...)

الجواب

لا هذا بشرط أن لا يترتب على هذا مفسدة معروف هذا سوء الشر الهيئة يناصحونه ويقطعونها أما إذا كان لا يترتب على هذا مفسدة كما فعل سيدنا نوح لا بأس يقطعها أما إذا كان يترتب بها مفسدة أكبر مضاربة أو يحصل عليه ضرر في بدنه وماله فلا يفعل هذا معروف في نصوص الشريعة نعم والجمع بين النصوص ولا بد أن يضعها لدفع العين لا بد أن يعرف يعلمها قد وضعها لشيء آخر مثل ما الوتر الذي يوضع في أحد الدواب هذه للزينة يعلقون شيئا لأجل الزينة أو لأجل الزمام الذي يقاد به الدابة ما يشمله الوعيد ولكن وضع قلادة في رقبة البعير ومن ثم لدفع العين هذا هو الذي فيه المحذور وهو الممنوع.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد