شعار الموقع

شرح التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية 65

00:00
00:00
تحميل
5

أحسن الله إليك

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين, أما بعد:

المتن

فغفر الله لكم وللسامعين يقول شيخ الإسلام رحمه الله في كتاب العقيدة الواسطية: ومَنْ نَظَرَ في سيرةِ القَوْمِ بِعلْمٍ وبَصيرةٍ، ومَا مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ بهِ مِن الفَضائِلِ عَلِمَ يَقيناً أَنَّهُم خَيْرُ الخَلْقِ بعدَ الأنبياءِ، لا كَانَ ولا يَكونُ مِثْلُهُم- هؤلاء الصحابة-، وأَنَّهُم الصَّفْوَةُ مِن قُرونِ هذهِ الأمَّةِ التَّي هِيَ خَيْرُ الأمَمِ وأَكْرَمُها عَلى اللهِ.

الشرح

والله لم يكن يختار لنبيه إلا الأفاضل والأصلح له.

نعم:

أحسن الله إليك

المتن

قولُه: (ومَن نَظَرَ) أي: تدبَّرَ وتفكَّرَ فيها، قولُه: (في سيرةِ القومِ) أي: خِطَّتِهم وعادَتِهم، وما كانوا عليه مِن الأحوالِ الفاضِلةِ والسِّيرةِ العادِلةِ، وجُمعُها سِيَرٌ، وهُوَ ما يعامَلُ بِهِ النَّاسُ مِن خيرٍ وشرٍّ، وأصلُ السِّيرةِ: هيئةُ فِعلِ السَّيْرِ وسَيْرُ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- هيئةُ أفعالِه حَيْثُ كانت.

قولُه: (بِعِلمٍ) العِلمُ هُوَ حصولُ صورةِ المعلومِ في الذِّهْنِ.

قولُه: (وبصيرةٍ) أي: معرفةٍ ويَقِينٍ، والبصيرةُ للقلبِ والبَصَرُ للعينِ، قال ابنُ القيِّمِ في المدارجِ بعد كلامٍ على قولِه: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} قال: يريدُ أنْ تَصِلَ باستدلالِكَ إلى أعلى درجاتِ العِلمِ، وَهِيَ البصيرةُ التي تكونُ نسبةُ المعلومِ فيها إلى القلبِ كنِسْبةِ المرئيِّ إلى البَصرِ، وَهَذِهِ الخِصِّيصةُ التي اختُصَّ بها الصَّحابةُ عن سائرِ الأمَّةِ، وَهِيَ أعلا درجاتِ العلماءِ. انتهى.

قولُه: (عَلِمَ يَقِيناً) أي: عِلماً لازماً لا يَدخُلُه شَكٌّ ولا شبهةٌ، فاليَقِينُ لغةً، طُمَأنِينَةُ القَلْبِ على حَقِيقةِ الشَّيءِ، يقالُ: يَقَنَ الماءُ في الحوضِ إذا استقرَّ فيه واصِطلاحًا هو: اعتقادٌ جازمٌ لا يَقْبَلُ التَّغييرَ، ومراتبُ اليقينِ ثلاثةٌ: حقُّ اليَقينِ، وعِلمُ اليَقينِ، وعَينُ اليَقينِ، فعِلمُ اليقينِ هُوَ التَّصديقُ التَّامُّ بِهِ بحَيْثُ لا يَعرِضُ له شكٌّ ولا شبهةٌ تَقدَحُ في تَصديقِه، وعينُ اليقينِ هي مرتبةُ الرُّؤْيَةِ والمشَّاهَدَةِ، وحقُّ اليقينِ هي مباشرةُ الشَّيءِ والإحساسُ به، قولُه: (لا كان ولا يكونُ مِثْلُهم) كان تامَّةٌ.

قولُه: (الصَّفوةُ) أي: الخيارُ، والصَّفوةُ مِن كُلِّ شيءٍ خالِصُه وخيارُه، فأصحابُ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- همُ خيرُ الخلقِ بعدَ الأنبياءِ، ومَن نَظَرَ في سِيرتِهم وتأمَّلَ أحوالَهم وما هم عليه مِن الدَّعوةِ إلى اللَّهِ والجهادِ في سبيلِه وبَذْلِ النَّفْسِ والنَّفِيسِ في سبيلِ إعلاءِ كلمتِه مع ما هم عليه مِن الصِّدقِ مع اللَّهِ والمسارَعةِ إلى الخيرِ مع العِلمِ النَّافِعِ – إلى غيرِ ذَلِكَ مِن صفاتِهم الفاضِلةِ عَلِمَ يقيناً أنَّهم خَيرُ الخَلقِ بعد الأنبياءِ، وأنَّهم أَكْملُ هَذِهِ الأمَّةِ عقلاً وعِلماً ودِيناً، كما قال فيهم عبدُ اللَّهِ بنُ مسعودٍ: مَن كان منكم مُسْتَناًّ فَليَسْتَنَّ بمَن قد مات، فإنَّ الحيَّ لا تؤمَنُ عليه الفتنةُ، أولئكَ أصحابُ مُحَمَّدٍ كانوا خيرَ هَذِهِ الأمَّةِ، وأَبَرَّها قُلُوبًا وأعْمَقَها عِلماً وأقَلَّها تَكلُّفا، قومٌ اختارَهم اللَّهُ لنَبِيِّه وإقامةِ دِينِه، فاعْرِفوا لهم فَضْلَهم واتَّبِعُوهم في آثارِهم، وتَمسَّكُوا بما استطعْتُم مِن أخلاقِهم ودينِهم، فإنَّهم كانوا على الهُدى المستقيمِ، رواه غيرُ واحدٍ، منهم ابنُ بطَّةَ عن قتادةَ، وروى هُوَ وغيرُه بالأسانيدِ إلى زِرِّ بنِ حُبيشٍ قال: قال عبدُ اللَّهِ بنُ مسعودٍ -رضي اللَّهُ عنه-: «إنَّ اللَّهَ -سُبْحَانَهُ- نَظَرَ في قلوبِ العِبادِ بعد قلبِ مُحَمَّدٍ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- فوجَدَ قلوبَ أصحابِه خيرَ قلوبِ العِبادِ، فجَعلهَم وراءَ نِبيِّه يقاتِلون على دِينِه، فما رآه المسلمونَ حَسَناً فهُوَ عندَ اللَّهِ حسَنٌ، وما رآه المسلمونَ سيِّئاً فهُوَ عندَ اللَّهِ سيِّئٌ» رواه أحمدُ وأبو داودَ الطَّيالسيُّ، وما قال عبدُ اللَّهِ بنُ مسعودٍ -رضي اللَّهُ عنه- فيهم حقٌّ، كما تواتَرَتْ بِذَلِكَ الأحاديثُ عن النَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- أنَّه قال: «خَيْرُ القُرونِ قَرْنِي» الحديثَ، وهُمْ أفضلُ الأمَّةِ الوسَطِ الشُّهداءِ على النَّاسِ، وهم الصَّفوةُ مِن قرونِ هَذِهِ الأمَّةِ وأَكْرَمِها على اللَّهِ -سُبْحَانَهُ- قال تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} قال طائفةٌ مِن السَّلَفِ هُم أصحابُ مُحَمَّدٍ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- ولا رَيْبَ أنَّهم أفضلُ المُصْطَفَيْنَ مِن هَذِهِ الأمَّةِ التي قال اللَّهُ فيها {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لَّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مَّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذُنِ اللَّهِ} فأمَّةُ مُحَمَّدٍ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- الذين أُورِثوا الكتابَ بعدَ الأمَّتَيْنِ قَبلَهم اليهودُ والنَّصارى، وقد أخبَرَ أنَّهم الذين اصْطَفى، فأصحابُ مُحَمَّدٍ هم المصطفَيْنَ مِن المصطفَيْنَ مِن عِبادِ اللَّهِ، فهم صَفوةُ الصَّفوةِ، رضوانُ اللَّهِ عليهم أجمعين، فأُمَّةُ مُحَمَّدٍ خيرُ الأممِ وأكْرَمُها على اللَّهِ كما قال -سُبْحَانَهُ-: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} وروى الإمامُ أحمدُ عن حكيمِ بنِ معاويةَ عن أبيه -رضي اللَّهُ عنه- أَنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: «أَنْتُمْ تُوَفُّونَ سَبْعِينَ أُمَّةً، أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ -سُبْحَانَهُ-» رواه الترمذيُّ وابنُ ماجهْ والحاكِمُ في مستدرَكِه، وأصحابُ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- خيرُ هَذِهِ الأمَّةِ، فهُمْ أفضلُ الخلقِ على الإطلاقِ بعد النَّبِيِّينَ والمُرْسَلِينَ.

رضى الله عنهم وأرضاهم ولا شك في هذا ولا يطعن فيهم إلا من في قلبه مرض نسأل الله السلامة والعافية.

نعم:

أحسن الله إليك

عفا الله عنك

قال فصل ومن أصول أهل السنة التصديق بكرامات الأولياء.

يكفي، بارك الله فيك

أحسن الله إليك

وفق الله الجميع لطاعته

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد