نعم:
أحسن الله إليك
بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, أما بعد:
المتن
فعفا الله عنك يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في العقيدة الواسطية: واتِّباعُ وَصِيَّةِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حيثُ قال: « عَلَيْكُمْ بِسُنَّتي وَسُنَّةِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدي، تَمَسَّكُوا بِها، وَعَضُّوا عَلَيها بِالنَّواجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثاتِ الأُمُورِ؛ فإِنَّ كُلَّ [مُحْدَثٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ».
قولُه: (حَيْثُ قال) أي: في حديثِ العِرباضِ بنِ ساريةَ -رضي اللَّهُ عنه- أَنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ …» الحديثُ رواهُ الإمامُ أحمدُ، وأبو داودَ، والتِّرمذيُّ، وابنُ ماجهْ، وقال الترمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ، وقال الحافظُ أبو نُعيمٍ: جيِّدٌ صحيحٌ، وفي هَذَا الحديثِ: الحثُّ على التَّمَسُّكِ بسُنَّةِ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- ووجوبُ اتِّباعِها، وفيه قَرْنُ سُنَّةِ الخلفاءِ الرَّاشدينَ بِسُنَّتِه، ووجوبُ اتِّباعِها مع عَدمِ وجودِ سُنَّتِه.
نعم:
الشرح
هذه حديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشيدن هذه على الحث على العمل بسنة النبي وسنة الخلفاء الراشدين, وسنة الخلفاء الراشدين يُعمل بها إذا لم يوجد سنة النبي r إذا لم يوجد سنة للنبي r فإنه يُعمل بسنة الخلفاء الراشدين فتكون سنة, أما إذا وُجد سنة فسنة الرسول مقدمة مثل النبي r أمر أصحابه أن يُمتعوا في الحج فتمتعوا, والمتعة هي معناها التحلل من العمرة في أشهر الحج ثم يحرم الحج من عامه, وكانوا في الجاهلية لا يرون أن هذا في الحج بل يروون أنه أفجر الفجور, ويكون العمرة لها وقت غير وقت الحج شهور الحج خاصة بالحج شوال, وذو القعدة وذو الحجة والمحرم وصفر هذه خاصة بالحج ما تكون عمرة إلا بعد صفر النبي r
هذه جاهلية فالنبي خالفهم وأمر أصحابه ألزمهم بالتحلل من العمرة ثم اجتهد الصديق وعمر وعثمان فصاروا بعد وفاة النبي يأمرون الناس بالحج في أيام الحج في أشهر الحج بالإفراد واجتهدوا.
وقالوا: العمرة لها وقت آخر حتى يأمرون الناس بالحج ليأتي الناس بالعمرة في صفة أخرى فلا يزال هذا البيت يُحج ويعتمر اجتهاد من الخلفاء الثلاثة, لكن السنة التمتع ولهذا كان علي وأبي موسى الأشعري وابن عباس يروون بالمتعة والخلفاء الثلاثة اجتهدوا فكانوا يتمتعون بالحج لتكون العمرة في وقت آخر فهذا في سنة الرسول مقدمة سنة الرسول مقدمة, ولهذا لما نظر ابن عباس رضى الله عنهما قوماً بعض التابعين الذين أخذوا بسنة الخلفاء الراشدين قالوا: أنت يا ابن عباس تأمر بالمتعة وأبوبكر وعمر يأمرن بالإفراد فاشتد عليهم وقال: توشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله وتقولون قال أبوبكر وعمر أنا أخبركم عن السنة وأنت تعارض السنة بقول أبوبكر وعمر يعني أنا أخبركم عن السنة وتعارضون السنة بقول أبو بكر وعمر فإذا كان الذي يعارض السنة يقول قال أبوبكر وعمر فمن هما يخشى عليهم من العقوبة فكيف من العرب والسنة في غير قول الشيخين.
نعم:
أحسن الله إليك
المتن
وفيه أنَّ للخلفاءِ سُنَّةً، وأَنَّ الأخْذَ بها واتِّباعَها رشادٌ وهٌدًى، وفيه أنَّ ما سَنَّهُ الخلفاءُ الرَّاشِدُونَ أوْ أحَدُهُم حُجَّةٌ.
مثل الآذان الثاني الذي زاده عثمان رضي الله عنه يوم الجمعة كان على عهد النبي r وأبوبكر وعمر وصدر خلافة عثمان ليس هناك جمعة إلا آذان واحد بين يدي الخطيب فلما كثر الناس في زمن عثمان t أمر رجل يؤذن عند الزواق عند السوق حتى يسمعه الناس ويتأهبون للجمعة ويتقدمون هذه سنة خليفة راشد أخذ بها المسلمون أي يومنا هذا الأذان الأول في يوم الجمعة.
نعم:
المتن
وفيه أنَّ ما سَنَّهُ الخلفاءُ الرَّاشِدُونَ أوْ أحَدُهُم حُجَّةٌ, لا يَجوزُ العُدولُ عنها، بخلافِ غيرِهم مِن ولاةِ الأمورِ، ولحديثِ: «اقْتَدُوا بِاللَّذِينَ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ».
نعم:
لكن بعدهم لا في زمن معاوية وزمن يزيد لا يجب لأحد أن يسن شيء هذا خاص بالخلفاء الراشدين هذا خاص بالخلفاء الراشدين أبوبكر وعمر وعثمان وعلي.
نعم:
المتن
ولو لم تَقُم الحُجَّةُ بقولِهم لَمَا أُمِرْنَا باتِّباعِهم، وهَذَا القولُ هُوَ الحقُّ.
قولُه: (وسُنَّةِ الخلفاءِ الرَّاشدِينَ) وهم الخلفاءُ الأربعةُ: أبو بكرٍ، وعمرُ، وعثمانُ، وعليٌّ، كما في حديثِ سَفينةَ: «الْخِلاَفَةُ بَعْدِي ثَلاَثُونَ سَنَةً ثُمَّ يَكُونُ مُلْكاً» رواه أحمدُ وصحَّحهُ ورواه غيرُه، وإنَّما وُصِفَ الخلفاءُ بالرَّاشدِينَ؛ لأنَّهم عَرَفوا الحقَّ وقَضَوْا به، والرَّاشِدُ ضِدُّ الغاوي، والغاوي مَن عَرَفَ الحقَّ وعَمِلَ بِخِلافِه.
كاليهود ومن فسد من علماء هذه الأمة يقال غاوي, والذي لا يعرف الحق ويعمل بجهل يسمى ظالم كالنصارى والذي يعرف الحق ويحيد عنه يسمى غاوي, والذي يعرف الحق ويعمل به يسمى راشد, الناس بين راشد وغاوي وظالم ولهذا برأ الله نبيه الكريم من وصفي الضلال والغي والغواية في قوله: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}.
نعم:
أحسن الله إليكم
المتن
قولُه: (المَهْدِيِّينَ) يعني أَنَّ اللَّهَ -سُبْحَانَهُ- يَهدِيهم إلى الحقِّ ولا يُضِلُّهُم عنه، فالأقسامُ ثلاثةٌ: رَاشِدٌ وغاوٍ وضالٌّ، فالرَّاشِدُ عَرَف الحقَّ واتَّبعَه، والغاوي عَرَفه ولم يَتَّبِعْه، والضَّالُّ لم يَعْرِفْه بالكُلِّيَّةِ، انتهى مِن كلامِ ابنِ رجبٍ.
قولُه: (تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ) هَذَا كنايةٌ عن شِدَّةِ التَّمَسُّكِ بها، والنَّواجِذُ: آخِرُ الأضراسِ.
يتكلم عن التوسل قيل النواجذ آخر الأسنان قبل الأضراس النبي ضحك حتى بدت نواجذه الظاهر أن الأسنان قبل الأضراس.
نعم:
أحسن الله إليك
المتن
قولُه: (مُحْدَثَاتِ) بضمِّ الميمِ وسكونِ الحاءِ جمعُ مُحْدَثةٍ، والمرادُ بها البِدعُ، والبِدعةُ لغةً: كُلُّ شيءٍ عُمِلَ على غيرِ مِثالٍ سابِقٍ، وأمَّا البِدعةُ الشَّرعِيَّةُ فهي ما لم يَدُلَّ عليه دليلٌ شرعيٌّ، فلفظُ البدعةِ في اللُّغةِ أعمُّ مِن لفظِ البدعةِ في الشَّريعةِ.
ما عمل على غيره هذا ثابت هذ عام والبدعة في الشريعة هى الحدث في الدين في دين الإسلام فتكون البدعة في اللغة أعم.
نعم:
المتن
وهَذَا الحديثُ دلَّ على التَّحذيرِ مِن البدعِ، والرَّدِ على مَن زَعَم تقسيمَ البدعةِ إلى حسنةٍ وقبيحةٍ، وأما قولُ عُمرَ (نِعْمَتْ البِدْعَةُ) فالمرادُ بها البدعةُ اللُّغويةُ؛
بعض الناس يقسم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة, ويجعل من البدعة من البدعة الحسنة مثل جمع المصاحف جمع المصحف زمن أبو بكر وهذا خطأ والصواب أن البدع كلها سيئة وكل بدعة ضلالة وأما جمع المصحف هذا ليس من البدع هذا من صالح المسلمين.
نعم:
أحسن الله إليك
المتن
وأما قولُ عُمرَ (نِعْمَتْ البِدْعَةُ) فالمرادُ بها البدعةُ اللُّغويةُ؛ إذْ أَصْلُ صلاةِ التَّراويحِ مشروعةٌ: فقد صَلاَّهَا الرَّسولُ –صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- بأصحابِه ثم تَرَكَها لمَّا خَشِيَ أنْ تُفْرَضَ عليهم، وتَنقسِمُ البدعةُ إلى قسمَيْنِ: بدعةُ اعتقادٍ، وهُوَ اعتقادُ خلافِ ما أخبَرَ بِهِ الرَّسولُ –صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- كقولُه: «سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثِلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةٌ» قالوا: مَن هي يا رسولَ اللَّهِ؟ قال: «مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي» الثَّانيةُ: بدعةٌ عمليَّةٌ، وهُوَ التَّعبُّدُ بغيرِ ما شَرعَ اللَّهُ ورسولُه، فمَن تَعبَّدَ بغيرِ الشَّرعِ أو حَرَّمَ ما لم يُحرِّمْه الشَّارِعُ فهُوَ مبتدِعٌ، والبِدعتانِ غالباً
الشيخ: مثل بدعة المولد الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم هذه بدعة عملية
نعم:
متلازِمتانِ، قلَّ أنْ تَنفكَّ إحداهما عن الأُخرى.
يعين البدعة نشأة عن الإعتقاد متلازمتان وما يحدث في المولد هذا اعتقادهم يعتقدون أن هذا سنة أنه مشروع.
المتن
والبِدعتانِ غالباً متلازِمتانِ، قلَّ أنْ تَنفكَّ إحداهما عن الأُخرى.
قال ابنُ دقيقِ العِيدِ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اعلمْ أَنَّ المُحْدَثَ على قسمين: مُحْدَثٌ ليس له أصلٌ مِن الشَّريعةِ فهَذَا باطلٌ مذمومٌ، ومُحْدَثٌ يَحْمِلُ النَّظِيرَ على النَّظِيرِ فهَذَا ليس بمذمومٍ؛ لأنَّ البِدعةَ ولفظَ المُحْدَثِ لا يُذَّمانِ لمجرَّدِ الاسمِ، بل لمعنى مخالَفةِ السُّنَّةِ، والدَّاعي إلى الضَّلالةِ، ولا يُذَّمُ ذَلِكَ مُطلَقا، فقد قال -سُبْحَانَهُ-: {مَا يَأْتِيهِمْ مِن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُحْدَثٍ} الآيةَ، وقال عُمرُ: نِعْمَت البِدعةُ هَذِهِ – يعني التَّراويحَ.
قالَ الشَّيخُ تقيُّ الدِّينِ بنُ تيميةَ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وأَصْلُ ضَلالِ أهلِ الأرضِ إنَّما نشأ مِن هذين: إمَّا اتِّخاذُ دِينٍ لم يُشَرِّعْه اللَّهُ، أو تَحريمُ مالم يُحَرِّمْه اللَّهُ، ولهَذَا كان الأصلُ الذي بَنَى عليه الإمامُ أحمدُ وغيرُه مِن الأئمَّةِ مَذَاهِبَهم أنَّ أعمالَ الخَلقِ تَنقسِمُ إلى عِباداتٍ يتَّخِذُونها، وإلى عاداتٍ يَنْتَفِعون بها في معائِشِهم، فالأصلُ في العباداتِ أنْ لا يُشْرَعَ إلا ما شَرَعَه اللَّه ورسولُه، والأصلُ في العاداتِ أنْ لا يُحْظَرَ منها إلاَّ ما حَظَرَه اللَّهُ اهـ.
الشيخ: يحذر يعني يمنع
قال العلماءُ رَحِمَهُم اللَّهُ: العباداتُ مَبناهَا على التَّوقِيفِ والاتِّباعِ لا على الاختراعِ والابتداعِ، فالأصلُ في العباداتِ التَّحريمُ إلاَّ ما شَرَعَه اللَّهُ ورسولُه، ولهَذَا يُشترَطُ للعبادةِ شَرطانِ: الإخلاصُ والمتابعةُ، كما في الصَّحيحِ مِن حديثِ عائشةَ -رضي اللَّهُ عنها- عن النَّبيِّ –صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» أيْ: مَرْدُودٌ كائِنا ما كان، وفي صحيحِ مسلمٍ عن جابرٍ -رضي اللَّهُ عنه- أنَّه كان يقولُ في خُطبتِه: «إِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الهَدْي هَدْيُ مُحَمَّدٍ –صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» وفي روايةِ النَّسائيِّ: «وكُلَّ ضَلاَلَةٍ في النَّارِ» وقال عبدُ اللَّهِ بنُ مسعودٍ -رضي اللَّهُ عنه-: ((اتَّبِعُوا ولا تَبْتَدِعوا فقد كُفِيتُم»، وقال الأَوْزَاعِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: «عليكَ بآثارِ مَن سَلَفَ وإنْ رَفَضَكَ النَّاسُ، وإيَّاكَ وآراءَ الرِّجالِ وإنْ زَخْرَفُوه لكَ بالقولِ» إلى غيرِ ذَلِكَ من الأدِلَّةِ على تحذيرِ الأمَّةِ مِن اتِّباعِ الأمورِ المُحْدَثةِ المبتدَعَةِ، وتقدَّمَ أَنَّ المرادَ بالبِدعةِ ما أُحدِثَ ممَّا لا أصلَ له مِن الشَّرعِ يدلُّ عليه، وأمَّا ما كان له أصلٌ مِن الشَّرعِ يدلُّ عليه فليس ببدعةٍ شَرعا، وإنْ كان بدعةً لغةً.
مثل قول عمر نعمت البدعة هذه, هذه بدعة في اللغة يعني جمعهم بعد الانقطاع وإلا فالنبي r هو الذي سن التروايح فهي سنة نبوية فهي ليست سنة عمرية بل سنة نبوية, وعمر هو الذي جمعها فقال نعمت البدعة هذه يعني من جهة اللغة.
نعم:
أحسن الله إليك
قال شيخ الإسلام ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم
بارك الله فيك
أحسن الله إليك
وفق الله الجميع لطاعته
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك