أحسن الله إليك
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين, أما بعد:
المتن
فيقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في العقيدة الواسطية : ويَعْلَمونَ أَنَّ أَصْدَقَ الكَلامِ كَلامُ اللهِ، وخَيْرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ويُؤثِرونَ كَلامَ اللهِ على غَيْرِهِ مِن كَلامِ أَخيار النَّاسِ, ويُقَدِّمونَ هَدْيَ محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على هَدْيِ كُلِّ أَحَدٍ.
قال الشيخ عبدالعزيز الرشيد رحمه الله: (ويَعلمون أنَّ أصْدَقَ) إلخ: فلا أحدٌ أَصْدقُ منه قُولا ولا خَبَرا، فكُلُّ ما أَخْبَرَ بِهِ -سُبْحَانَهُ- فهُوَ صِدقٌ وحَقٌّ لا مِرْيةَ فيه ولا شكَّ، قال تعالى: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً) و قال تعالى: (وَمَنْ أحسن مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا), وقال: (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً) وعن جابرٍ -رضي اللَّهُ عنه- قال: كان رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- إذا خَطبَ احمرَّتْ عيناهُ وعلا صَوتُه واشتدَّ غَضَبُه حتى كأنَّه مُنذِرُ جيشٍ يقولُ: «صبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ، ويقولُ: أَمَّا بَعْدُ فِإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» رواه مسلمٌ.
قولُه: (وخيرَ الهدْيِ هَدْيُ محمَّدٍ) الهَدْيُ بفتحِ الهاءِ وسُكونِ الدَّالِ: السَّمتُ والطريقةُ والسِّيرةُ، وقُرِئَ بالضَّمِّ أي: الدلالةُ والإرشادُ، والمرادُ تفضيلُ دِينِه وسُنَّتِه على سائرِ الأديانِ والسُّنَنِ، فدِينُه -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- أَكْملُ الأديانِ على الإطلاقِ، وشريعَتُه أفضلُ الشَّرائعِ اختارَها اللَّهُ لخِيرتِه مِن خَلقِه، ولأُمَّتِه خيرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للنَّاسِ، وجَعلَها حُجَّةً باقيةً إلى يومِ القيامةِ، لا يَتطرَّقُ إليها النَّسخُ، ولا يَعْترِيها التَّبدِيلُ والتَّغييرُ الذي وَقَعَ في الشرائعِ قَبْلَها، ولهَذَا المعنى الذي ذَكَرْناهُ كان كُلُّ عاقلٍ مِن اليهودِ والنَّصارى -كما قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ-: يَعترِفُ بأنَّ دِينَ الإسلامِ حقٌّ، وأنَّ محمَّداً رسولُ اللَّهِ، وأنَّ مَن أطاعَه منهم دخَلَ الجَنَّةَ، بل كثيرٌ منهم يَعترِفون بأنَّ دِينَ الإسلامِ خيرٌ مِن دِينِهم كما أطبقَتْ على ذَلِكَ الفلاسفةُ، كما قال ابنُ سِينا: أَجْمعَ فلاسِفةُ العالِمِ على أنَّه لم يَطْرُق العالَمَ ناموسٌ أَعْظمُ مِن هَذَا النَّاموسِ، ولا شكَّ أنَّ هَذِهِ الشَّريعةَ العظيمةَ الكامِلةَ مِن دلائلِ نُبوَّتِه -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-، وَكَذَلِكَ أخلاقُه وأقوالُه وأفعالُه وسِيرتُه -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- كُلُّها مِن آياتِه ودلائلِ نبوَّتِه، كما أشار إلى ذَلِكَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فقد جَبَلَه اللَّهُ -سُبْحَانَهُ وتعالَى- على أجملِ الأخلاقِ وأَزْكاها، واختارَ له أَفْضَلَها وأَوْلاَها، وأخلاقُه مُقتَبَسةٌ مِن القرآنِ، كما قال تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) قال العَوفيُّ عن ابنِ عبَّاسٍ: وإنَّكَ لعَلَى دِينٍ عظيمٍ وهُوَ دينُ الإسلامِ، وفي صحيحِ مسلمٍ عن سعدِ بنِ هشامٍ قال: «سَأَلْتُ عَائِشَةَ -رَضِيُ اللَّهُ عَنْهَا- عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- فَقَالَتْ: أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلَى، فَقَالَتْ: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنُ» ومعنى هَذَا أنَّه –صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- مَهْمَا أَمَرَهُ اللَّهِ بِهِ في القرآنِ امْتَثَلَه، ومَهْمَا نَهَاهُ عنه اجْتَنَبَه، هَذَا ما جَبَلَه اللَّهُ –سُبْحَانَهُ- عليه مِن الأخلاقِ الجِبِلِّيَّةِ الأصليَّةِ العظيمةِ، التي لم يكُنْ أحدٌ مِن البشرِ ولا يكونُ على أجملَ منها، فكانَ فيه –صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- مِن الحياءِ والكَرَمِ، والشَّجاعةِ، والحِلْمِ، والصَّفِحِ، وسائرِ الأخلاقِ الكاملةِ ما لا يُحَدُّ ولا يُمكِنُ وَصْفُه، وقد خرَّجَ الإمامُ أحمدُ في مسنَدِه مِن حديثِ أبي هريرةَ -رضي اللَّهُ عنه- أنَّ رسولَ اللَّهِ –صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: «بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ».
(ويُؤْثِرونَ كلامَ اللَّهِ) إلخ أي: يُقدِّمونَ كلامَ اللَّهِ على كلامِ غيرِه مِن خَلقِه كائِنا مَن كان، ولا يَعدِلون عنه ولا يُعارِضُونه بمعقولٍ ولا قولِ فلانٍ، فإنَّه الفُرْقانُ، المفَرِّقُ بين الحقِّ والباطِلِ، والنَّافعِ والضَّارِّ، وهُوَ الإمامُ الذي يَجِبُ اتِّباعُه والرُّجوعُ إليه عند التَّنازُعِ؛ إذْ لا سعادةَ في الدُّنْيَا والآخرةِ إلاَّ بالاعتصامِ بحَبْلِ اللَّهِ، ولا نجاةَ إلاَّ بالتَّمَسُّكِ بما جاء في كتابِه، فإنَّه الشِّفاءُ والنُّورُ والحياةُ الحقيقيَّةُ، قال اللَّهُ تعالى: «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ» قال قتادةُ والسُّدِّيُّ وكثيرٌ مِن أهلِ التَّفسيرِ: هُوَ القرآنُ، وقال عبدُ اللَّهِ بنُ مسعودٍ عن النَّبيِّ –صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-: إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ، وَهُوَ النُّورُ الْمُبِينُ، وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ، وَعِصْمَةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ، وَنَجَاةٌ لِمَنِ اتَّبَعَهَ، وقال عليُّ بنُ أبي طالبٍ عن النَّبيِّ –صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- في القرآنِ: هُوَ حَبلُ اللَّهِ المَتِينُ،، وهُوَ الذِّكرُ الحكيمُ، وهُوَ الصِّراطُ المستقيمُ، وهُوَ الذي لا تَزِيغُ بِهِ الأهواءُ، ولا تَختلِفُ بِهِ الألسِنةُ، ولا يَشبَعُ منه العُلماءُ، ولا يَخْلَقُ عن كثرةِ الرَّدِّ، ولا تَنْقضِي عجائِبُه، مَن قال بِهِ صَدَقَ، ومَن عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، ومَن حَكمَ بِهِ عَدَلَ، ومَن دَعى إليه هُدِي إلى صراطٍ مستقيمٍ.
المتن
هذا جاء في الحديث المروي عن الحارث بن الأعور عن علي, والحارث الأعور كذاب ويكون هذا أوصاف من القرآن ولكن ليست مقطوعة ما صحت عن النبي r.
نعم:
وعن عبدِ اللَّهِ بنِ عبَّاسٍ -رضي اللَّهُ عنهما- قال: جَمعَ اللَّهُ في هَذَا الكتابِ عِلمَ الأوَّلِين والآخِرين، وعِلمَ ما كان، وعِلمَ ما يكونُ، والعِلمَ بالخالِقِ أمْرَه وخَلْقَه. أَخرَجَه ابنُ رزينٍ، انتهى.
الشرح
الأمر هو الشرع والخلق علم الخالق قال: علم الخالق أي العلم بأمر وبخلقه لأنه في شرعه ومخلوقاته, كما قال: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}الأمر يكون بالكلام هو كلام الله وشرعه والخلق ما خلق سبحانه.
نعم:
أحسن الله إليك
المتن
وقد سمَّاه -سُبْحَانَهُ وتعالَى- رُوحًا لتَوَقُّفِ الحياةِ الحقيقيَّةِ عليه، ونُوراً لِتوقُّفِ الهدايةِ عليه، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ.
الشرح
سماها روحاً سمى القرآن روح وسماه نور روح لتوقف الحياة الحقيقة عليه ونور لتوقف الهداية عليه.
نعم:
المتن
وَلَـكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)، وقال: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنواْ هُدًى وَشِفَاءٌ}، وقال: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} وقال: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}، والرَّدُ إليه هُوَ الرَّدُ إلى كتابِه، والرَّدُ إلى الرَّسولِ هُوَ الرَّدُ إليه في حياتِه، والرُّجوعُ إلى سُنَّتِه بعد وفاتِه، هَذَا معناهُ بإجماعِ المفسِّرين، فيجِبُ الرُّجوعُ إلى كتابِ اللَّهِ وسُنَّةِ رسولِه، ولا يجوزُ العُدولُ عنهما ولا مُعارَضتُها ولا الاعتراضُ عليهما، ففيهما غايةُ البُغيَةِ وفَصْلُ النِّزاعِ، قال تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ}.
قولُه: (ويُقدِّمونَ هَدْيَ مُحَمَّدٍ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-) إلخ أي: يقدِّمونَ شَرْعَه ودِينَه، فدينُه أكملُ الأديانِ على الإطلاقِ، وشريعتُه أفضلُ الشَّرائعِ، فمَنِ ادَّعى أنَّ هَدْي غيرِ مُحَمَّدٍ أَفْضلُ مِن هدْيهِ، أو ادَّعى غِناهُ عن الرِّسالةِ بمُكاشفةٍ أو مخاطَبةٍ أو عِصمةٍ، سواءٌ ادَّعى ذَلِكَ لنَفْسِه أو لغيرِه فهُوَ مِن أضلِّ النَّاسِ، بل مَن اعتقد أنَّه يَجوزُ له أن يَخرُجَ من طاعةِ الرَّسولِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- وتصديقِه في شيءٍ مِن أمورِه الباطِنةِ والظَّاهرةِ فإنَّه يَجِبُ أنْ يُستتابَ، فإنْ تَابَ وإلاَّ قُتِلَ، كائناً مَن كان.
ذَكرَ ذَلِكَ شيخُ الإسلامِ تَقِيُّ الدِّينِ في كِتابِه الفُرقانُ، وَكَذَلِكَ مَن زَعَمَ أَنَّ الشَّريعةَ قاصِرةٌ، وأنَّها لا تُسايِرُ الزَّمَنَ، وأنَّه يُسَوَّغُ له سَنُّ النُّظُمِ والتَّعليماتِ لكُلِّ زمانٍ بما يُناسِبُه على زَعْمِه، أو زعَمِ أَنَّ النُّظُمَ الأفرنجيَّةَ أَحْسَنُ مِن نظامِ الشَّريعةِ، أو نحوِ ذَلِكَ مِن الأقوالِ فهُوَ زِنديقٌ.
قولُه: (ولهَذَا سُمُّوا أهلَ الكِتابِ والسُّنَّةِ) وَذَلِكَ لاتِّباعِهم للكتابِ والسُّنَّةِ الثَّابتةِ عن نَبِيِّهم في الأصولِ والفُروعِ، والأخْذِ بهما وتَحكِيمِهما في القليلِ والكثيرِ، والاستغناءِ بهما، وتقديمِهما على قولِ كُلِّ أحدٍ كائنا مَن كان، بخلافِ الخوارجِ والمعتزِلةِ والرَّوافضِ ومَن وافَقَهم في بعضِ أقوالِهم، فإنَّهم لا يَتَّبِعونَ الأحاديثَ التي رَواها الثِّقاتُ عن النَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-، فالمعتزِلَة يقولون هَذِهِ أخبارُ آحادٍ، والرَّافِضةُ يَطعَنونَ في الصَّحابةِ ونَقْلِهم، والخوارجُ يقولُ قائِلُهم: اعْدِلْ يا مُحَمَّدُ فِإنَّكَ لم تَعدِلْ، فيُجوِّزون على النَّبيِّ أنَّه يَظْلِمُ، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: السُّنَّةُ ما كان عليه رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- وأصْحَابُه في عَهدِه ممَّا أَمَرَهم بِهِ أو أَقَرَّهُم عليه أو فَعلَه هو.
(وسُمُّوا أهلَ الجماعةِ) إلخ: لاجتماعِهم على آثارِ الرَّسولِ، والاستضاءةِ بأنوارِه وتَحكِيمِه في القليلِ والكثيرِ، فالجماعةُ هم المجتمِعون الذين ما فَرَّقُوا دِينَهم وكانوا شِيعا، والذين فَرَّقُوا دِينَهم خارِجون عن الفِرقةِ النَّاجِيةِ، وقد برَّأَ اللَّهُ نبِيَّه منهم، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} الآيةَ، قال في المِرقاةِ: المرادُ بالجماعةِ أهلُ الفِقهِ والعِلمِ الذين اجتمَعُوا على اتِّباعِ آثارِه -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- في النَّقِيرِ والقِطْميرِ، ولم يَبتدِعوا بالتَّحريفِ والتَّغييرِ، وقال بعضُ العلماءِ: المرادُ بالجماعةِ مَن كان على الحقِّ وَلَوْ واحدًا، وَذَلِكَ لأنَّ الحقَّ هُوَ ما كان عليه الجماعةُ في الصَّدْرِ الأوَّلِ، وقد تكاثَرَت الأدِلَّةُ في الحثِّ على الاجتماعِ والنَّهْيِ عن التَّفرُّقِ والاختلافِ، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} وقال: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ} وقال تعالى: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} قال ابنُ عبَّاسٍ: تَبيضُّ وجوهُ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعَةِ، وتَسودُّ وجوهُ أهلِ البِدعةِ والفُرقةِ، وروى الإمامُ أحمدُ عن مُعاذِ بنِ جبلٍ -رضي اللَّهُ عنه- أَنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: «إِنَّ ذِئْبَ الإِنْسَانِ كِذِئْبِ الْغَنَمِ، يَأْخُذُ الشَّارِدَةَ الْقَاصِيَةَ، فَإِيَّاكُمْ وَالشِّعَابَ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَالْعَامَّةِ وَالْمَسْجِدِ» وورَدَ: «الجَماعةُ رحمةٌ والفُرقةُ عذابٌ» وورَدَ عن ابنِ مسعودٍ أنَّه قال: «الخِلافُ شَرٌّ» وحديثُ: «إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ الأمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلاَثَةٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً …»، يعني: الأهواءَ كُلَّها في النَّارِ إلا واحدةً، وَهِيَ الجماعةُ، إلى غيرِ ذَلِكَ من الأدِلَّةِ في الحثِّ على الاجتماعِ وذمِّ الاختلافِ والتَّفرُّقِ، وينقسمُ الاختلافُ إلى قسمين: اختلافُ تَنَوُّعٍ، واخِتلافُ تضادٍّ، فالأوَّلُ هُوَ ما يكونُ القَوْلانِ أو الفِعْلانِ مَشْروعينِ كما في أَنواعِ الاستفتاحاتِ، وأنواعِ القِراءاتِ، والأذانِ، ونحوِ ذَلِكَ ممَّا قد شُرِعَ جَميعُه،
الشيخ: والتشهد أيضا كلها من اختلاف التنوع
نعم:
وأمَّا اختلافُ التَّضادِّ فهما القولانِ المتنافِيانِ إمَّا في الأصولِ أو في الفُروعِ.
قال رحمه الله والإجماع هو الأصل الثالث
بارك الله فيك
الشيخ: رحمه الله كلام متواصل فنقف هنا
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك