الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين, أما بعد:
المتن
فيقول شيخ الإسلام: فَصْلٌ: ثُمَّ هُمْ مَعَ هذه الأصولِ يَأْمُرونَ بالمَعْروفِ، ويَنْهَوْنَ عنِ المُنْكَرِ على مَا توجِبُهُ الشَّريعَةُ.
وَيَرَوْنَ إِقامَةَ الحَجِّ والجِهَادِ والجُمَعِ والأعْيادِ معَ الأمَراءِ أَبْراراً كانُوا أَو فُجَّاراً.
نعم:
الشرح
هذا معتقد أهل السنة والجماعة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, ويصلون خلف أئمة ولاة الأمور, وصلاة الجمعة والعيد وكذلك الحج و الجهاد يكون أمام الناس سواء كانوا أئمة أبراراً أو فجاراً يعني سواء كانوا عدولاً أو فساقاً وهؤلاء مسلمين.
نعم:
المتن
فصل قول الشيخ عبدالعزيز الراشد رحمه الله: (ثم هُمْ) أي: أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ.
قولُه: (مع هَذِهِ الأصولِ المتقدِّمةِ يأمُرونَ بالمعروفِ ويَنهوْن عن المُنْكَرِ) كما وَصَفَهم اللَّهُ بِذَلِكَ فقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، وقال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، وقال تعالى: {وَلْتَكُن مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وفي صحيحِ مسلمٍ والترمذيِّ وغيرِهما عن أبي سعيدٍ الخدريِّ -رضي اللَّهُ عنه- أنَّ رسولَ اللَّهِ –صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ» فما تقدَّمَ دَليلٌ على عِظَمِ شأْنِ الدَّعوةِ إلى اللَّهِ والأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكَرِ.
نعم:
الشرح
وهذا من أعمال أهل السنة والجماعة يأمرون بالمعروف, وينهون عن المنكر لا يسكتون عملاً بالآيات والأحاديث.
نعم:
المتن
وأنَّهما مِن أعظمِ الواجباتِ، وأصلٌ عظيمٌ مِن أصولِ الشَّريعةِ، ولولا الأمرُ بالمعروفِ والنَّهيُ عن المنكَرِ لهُدِمَ بُنْيانُ الشَّريعةِ وتداعَى، وعمَّت الفَوْضى وساءت البلادُ، نسألُ اللَّهَ العافيةَ.
الشيخ: نعم صحيح لولا الأمر بالمعروف تنتشر المنكرات ويتقوى الفساق والعصاة ويظنوا بعض الجهال أن هذه ليست محرمات وأن هذه معاصي إذا سكت الناس سكت الدعاة وأهل العلم ظن بعض الجهال أنها ليست معاصي فانتشر الفساد وصار المنكر معروفاً ولا حول ولا قوة إلا بالله, وعمت الفوضى وجاءت العقوبات (....).
نعم
المتن
والأدِلَّةُ على الحثِّ على الأمرِ بالمعروفِ والتَّرغيبِ فيه والوعيدِ الشَّديدِ في إهمالِه والتَّساهُلِ فيه كثيرةٌ جِداًّ. انتهى.
والمعروفُ: اسمٌ جامِعٌ لكُلِّ ما يُحبُّه اللَّهُ مِن الإيمانِ والعَملِ الصَّالِحِ، والمنكَرُ: اسمٌ جامعٌ لكُلِّ ما يَكرهُه اللَّهُ ونَهى عنه، انْتَهى اقتضاءُ الصِّراطِ المستقيمِ،وقد تطابَقَ على وجوبِهما الكِتابُ والسُّنَّةُ والإجماعُ، وهما أيضًا مِن النَّصيحةِ، ولم يُخالِفْ في ذَلِكَ إلاَّ بعضُ الرَّافِضةِ، كما ذَكرَه إمامُ الحرمَيْنِ، والأمرُ بالمعروفِ والنَّهيُ عن المنكَرِ فَرْضُ كفايةٍ.
الشرح
يعني ما خالف فيه إلا الرافضة يعني بعض أهل العلم يرى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
المتن
مُخْتصَّانِ بأهلِ العِلمِ والدِّينِ يَعرفِونَ كونَ ما يأَمُرونَ بِهِ وما يَنْهَوْن عنه مِن الدِّينِ، فإنْ كان الذي عَلِمَ بالمنكَرِ واحداً تَعيَّنَ عليه الإنكارُ، أو كانوا جماعةً لكن لا يَحصُلُ المقصودُ إلا بهم جميعًا تَعيَّنَ عليهم.
الشرح
يعني يدفع أحدهم إنه منكر إنكاره المنكر هذا فرض كفاية, فإن أمر بالمعروف واحد أو نهى عنه واحد سقط وإلا يجب على الأمة كلها, وإذا كان في مكان لا يعلمه غير أحد يتعين عليه أو جماعة ولا يُعرف ما كان بهم يتعين عليهم لابد من هذا والله المستعان على المنكرات؛ في هذا لأنها انتشرت والتبرج والاختلاط والسفور والمنكرات في القنوات الفضائية وشروع الفتنة والتشبه بالكفار إلى غير ذلك من المعاصي المنتشرات.
نعم:
المتن
ويُشترَطُ في وجوبِ الإنكارِ أنْ يَأْمَنَ المنكِرُ على نَفْسِه وأهلِه ومالِه، فإنْ خافَ على نَفسِه السَّيْفَ أو السَّوْطَ أو النَّفْيَ أو نحوَ ذَلِكَ مِن الأذى سَقَطَ عنه أَمْرُهم ونَهْيُهم، فإنْ خافَ السَّبَّ أو سماعَ الكلامِ السَّيِّئِ لم يَسقُطْ عنه الإنكارُ بِذَلِكَ، نصَّ عليه أحمدُ، فإنِ احتمَلَ الأذى وقَوِيَ عليه فَهُوَ أفضلُ.
الشرح
إنكار المنكر وجوب الإنكار مشروط بالقدرة إن كان عاجز يناله أذى في نفسه أو ماله أو أهله بأذي محقق فإذا لا يستطيع الرجوع, وإذا تحمل وصبر هذا أفضل, لكن يتحمل أفضل لكن لا يجب عليه أما سيكون يسمع السب والشتام, هذا ما يكون سبب لسقوط الواجب تتحمل.
المتن
فإنِ احتمَلَ الأذى وقَوِيَ عليه فَهُوَ أفضلُ.
نصَّ عليه أحمدُ أيضًا، وقيل له: أليس قد جاءَ عن النَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- أنَّه قال: «لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ» أي يُعرِّضَها مِن البلاءِ ما لا طاقةَ له به، قال: ليس هَذَا مِن ذَلِكَ، وهل يَجِبُ إنكارُ المنكَرِ على مَن عَلِمَ أنَّه لا يُقبلُ منه؟ فيه روايتانِ عن أحمدَ، وصحَّحَ القولَ بوجوبِه، وهُوَ قولُ أكثرِ الصَّحابةِ كما ذَكَرَه ابنُ رجبٍ.
الشرح
وقيل أنه إذا كان لا ينفع فلا ينكر استدلال بقوله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى}.
نعم:
المتن
والمنكَرُ الذي يجبُ إنكارُه ما كان مُجْمَعاً عليه، أمَّا المختلَفُ فيه، فمِن أصحابِنا مَن قال: لا يجبُ إنكارُه على مَن فعلَه مجتهِدا أو مقلِّدا لمجتهدٍ تقليداً سائغا،واسْتَثْنَى القاضي في الأحكامِ السُّلْطانِيَّةِ ما ضَعُفَ فيه الخلافُ.
الشرح
إذا كان الخلاف ضعيف لابد أن يكون الخلاف قوي له وجه, لكن المسألة خلافية فلا إنكار, لكن خلاف معتمد أما خلاف ضعيف الذي يعول عليه مخالف للأدلة فلا يعول عليه.
نعم:
المتن
ومَرَاتِبُ الإنكارِ ثلاثٌ كما تقدَّمَ مِن حديثِ أبي سعيدٍ، وفيه دليلٌ على أنَّ إنكارَ المنكَرِ يجِبُ بحسَبِ القُدرةِ عليه، وأنَّ إنكارَه بالقَلبِ لا بُدَّ منه بخلافِ الذي قَبْلَه، وأفادَ وُجوبَ تَغْييرِ المنكَرِ بكُلِّ طريقٍ، فلا يَكْفِي الوعظُ إنْ أَمْكَنَه إزالةُ المُنكَرِ باليَدِ، ولا يكفي بالقلبِ إذا أمْكنَ باللِّسانِ.
قولُه: (على ما تُوجِبُه الشَّريعةُ) أي: أنَّه يجبُ أنْ يكونَ الآمِرُ بالمعروفِ والنَّاهِي عن المنكَرِ مَتَبَصِّرا عالِما بما يأمُرُ به، وأنَّه مُطابِقٌ للأمْرِ، قال تعالى: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في المنهاجِ: ولا بدَّ مِن العِلمِ بالمعروفِ والمنكَرِ والتَّمييزِ بينهما، ولا بدَّ مِن العِلمِ بحالِ المأمورِ والمنْهِيِّ، ولا بدَّ في ذَلِكَ مِن الرِّفْقِ، ولا بدَّ أنْ يكونَ حَلِيماً صَبوراً على الأَذَى، فإنَّه لا بدَّ أنْ يَحصُلَ له أذًى، فإنْ لم يَحلُمْ وَيَصْبِرْ كان ما يُفِسدُ أكثرَ ممَّا يُصلِحُ، فلا بُدَّ مِن هَذِهِ الثلاثةِ: العِلمُ، والرِّفقُ، والصَّبرُ، العِلمُ قبلَ الأمْرِ والنَّهْيِ، والرِّفقُ معه، والصَّبرُ بعدَه، اهـ.
الشرح
لابد من هذه الأمور الثلاثة يكون عنده علم قبل أن يأمر علم بما يأمر به وعلم ما ينهى عنه يكون يعرف أن هذا منكر حتى ينهى عنه, أما إذا كان لا يعلم فلا, لكن الأمور الواجبات المعلومة من الدين بالضرورة كل أبوابها يأمر بها كصلاة وصياة وزكاة وحج هذه معروفة عند العام والخاص, والمحرمات الزنا وشرب الخمر والسرقة والزنا هذه محرمات يعرفها العام والخاص, أما المسائل الدقيقة فلا يأمر بها إلا إهل العلم ولابد من حلم ورفق في حال الدعوة ولابد من صبر بعد الدعوة.
نعم:
المتن
وقال سفيانُ الثَّوريُّ: لا يأمُرُ بالمعروفِ ولا يَنْهَى عن المنكَرِ إلاَّ مَن كان فيه ثلاثُ خصالٍ: رَفيقٌ بما يأمُرُ رَفيقٌ بما يَنْهى، عَدلٌ فيما يأمُرُ، عَدلٌ فيما يَنْهى، عالِمٌ بما يأمُرُ عالِمٌ بما يَنْهى. انتهى.
قال ابنُ القيِّمِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في الأعلامِ: وقد شَرَعَ النَّبيُّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- لأُمَّتِه إيجابَ إنكارِ المنكَرِ ليَحصُلَ بإنكارِه ما يُحبُّه اللَّهُ ورسولُه، فإذا كان إنكارُ المنكَرِ يَستلزِمُ ما هُوَ أنكَرُ مِنه وأَبْغضُ إلى اللَّهِ ورسولِه فإنَّه لا يُسوَّغُ إنكارُه، وإنْ كان اللَّهُ يُبغِضُه ويَمقُت أهلَه، وهَذَا كالإنكارِ على الملوكِ والولاةِ بالخروجِ عليهم فإنَّه أساس كُلِّ شرٍّ وفِتنةٍ إلى آخِرِ الدَّهرِ، وقد استأْذَنَ الصَّحابةُ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- في قتالِ الأُمراءِ الذين يؤخِّرونَ الصلاةَ عن وَقْتِها فقالوا: أفلا نقاتِلُهم؟ قال: «لاَ مَا أَقَامُوا الصَّلاَةَ»،، وقال: «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ مَا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ وَلاَ يَنْزِعَنَّ يَداً مِنْ طَاعَةٍ» إلى أنْ قال: فَإِنْكَارُ المنكَرِ أربعُ درجاتٍ:
الأُولى: أنْ يَزولَ ويخلُفُه ضِدُّه.
الشيخ: هذا من شيخ الإسلام؟
القارئ: كلام ابن القيم عفا الله عنك.
الشيخ: نعم
الثَّانيةُ: أنْ يَقِلَّ وإنْ لم يَزُلْ بجُملَتِه.
الثَّالثةُ: أن يَخْلُفُه ما هُوَ مِثلُه. الرَّابعةُ: أنْ يَخلُفُه ما هُوَ شَرٌّ مِنه فالدَّرجتانِ الأُولَيانِ مَشروعَتانِ، والثالثةُ موضعُ اجتهادٍ.
والرَّابِعةُ محرَّمةٌ, فإذا رأيتَ أهلَ الفُجورِ والفُسوقِ يَلعبونَ بالشَّطَرَنْجِ كان إنكارُها عليهم مِن عَدمِ الفِقهِ والبصيرةِ.
الشرح
يعني إذا كان المنكر يترتب عليه منكر أكبر منه هذا لا يجوز إنكاره وإذا كان المنكر يزول أو يخف هذا يجب عليك أن تنكر المنكر إذا كان إنكار المنكر يترتب عليه منكر أكبر هذا لا يجوز إنكاره إذا كان يزول المنكر وأنت تعلم أنه يزول هذا تنكره إذا تعلم أنه لا يزول ولكنه يخف هذا تنكره إذا كان المنكر يزول بمنكر مثله هذا محل اجتهاد يزول المنكر لكن المنكر ومثله هذا محل اجتهاد ولا ترك في هذه الحالة لأنه سيحدث منكر أكبر منه.
المتن
فإذا رأيتَ أهلَ الفُجورِ والفُسوقِ يَلعبونَ بالشَّطَرَنْجِ كان إنكارُها عليهم مِن عَدمِ الفِقهِ والبصيرةِ, إلاَّ إذا نَقَلْتَهُم مِنه إلى ما هُوَ أحبُّ إلى اللَّهِ ورسولِه، كرَمْيِ النشابِ، وسَبْقِ الخيلِ ونحوِ ذَلِكَ، انتهى مُلخَّصا، وقال بعضُهم:
ومَن أزالَ منكَرا بأنْكَرا كغاسِلِ الحيْضِ ببولٍ أَغْيَرا
وقال النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ثم إنَّه يَأْمُر ويَنهى مَن كان عالِما بما يأمُرُ بِهِ ويَنْهَى عنه، وَذَلِكَ يَختلِفُ باختلافِ الشَّيءِ، فإنْ كان مِن الواجباتِ الظَّاهرةِ والمحرَّماتِ المشهورةِ كالصَّلاةِ والصِّيامِ والزِّنا ونحوِها فكُلُّ المسلِمِينَ عُلماءُ بها،
الشيخ: نعم هذا معروف من الدين بالضرورة أما الأمور الدقيقة خاصة.
نعم:
وإنْ كان مِن دقائقِ الأفعالِ والأقوالِ، وما يَتعلَّقُ بالاجتهادِ لم يكُنْ للعَوامِّ مَدخَلٌ فيه، ولا لَهُم إنكارُه بل ذَلِكَ للعُلماءِ. انتهى.
الشيخ: هذا كلام النووي؟
القارئ: نعم
أحسن الله إليك
الشيخ: ذكر في أي مكان؟
القارئ: لم يعزه
أحسن الله إليك
قال عفا الله عنك على شرح ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع مع الأمراء أبرارا كانوا أو فجارا
الشيخ: بارك الله فيك ووفق الله الجميع لطاعته.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك