(المتن)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قال المصنف رحمه الله تعالى:
باب من الشرك الاستعاذة بغير الله
وقول الله تعالى: وَأنهُ كَأن رِجَالٌ مِنَ الإنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا
وعن خولة بنت حكيم رضي الله تعالى عنها قالت سمعت رسول الله ﷺ يقول: من نزل منزلا. فقال:أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك. رواه مسلم.
(الشرح)
قال محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه في كتاب التوحيد: باب من الشرك الاستعاذة بغير الله يعني من الشرك الأكبر وسبقه من الشرك النذر لغير الله فهذه الأبواب كلها في الشرك الأكبر وقبلها باب لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله لأنه وسيلة للشرك الأكبر وقبله باب ما جاء في الذبح لغير الله في الشرك الأكبر ذكر الشرك الأكبر وهو وسيلة إليه ثم عاد إلى بيان أنواع الشرك الأكبر النذر لغير الله شرك أكبر كذلك الاستعاذة بغير الله.
الاستعاذة معناها الالتجاء والاعتصام والعياذ واللجأ والهرب وإذا استعاذ بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فهو شرك أكبر وقد يكون أمرا عادياً كما إذا استعاذ بحي حاضر قادر كأن يقول يا فلان أعذني من شر أولادك أو أعذني من شر زوجتك إذا كانت سليطة اللسان أعذني من شر خادمك فيعيذه لأنه حي قادر فهذا من الأمور العادية لا يكون شركا لكن إذا استعاذ بميت أو بغائب أو بحي حاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله صار من الشرك استعاذ بحي حاضر ينصره على عدوه أو يشفيه من مرضه أو يعيذه من النار أواستعاذ بميت كلها من الشرك الأكبر لأنه لا يقدر عليها إلا الله الاستعاذة بالميت هذا شرك أكبر أو الاستعاذة بغائب أوبحي حاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله هذا هو الشرك أما إذا استعاذ بحي حاضر قادر فيما يقدر عليه فهذا من الأمور العادية كأن يستعيذ بحي حاضر في أن يعيذه مما يقدر عليه مما هو تحت تصرفه من شر أولاده وزوجته أو ما أشبه ذلك
قال الله تعالى: وَأنهُ كَأن رِجَالٌ مِّنَ الإنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا هذه الآية ساقها الله تعالى في ذم المشركين في الجاهلية وأنهم كانوا يستعيذون بالجن جاء في سبب نزولها أنه في الجاهلية كان إذا نزل أحدهم بواد قال: أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه فَزَادُوهُمْ رَهَقًا يعني فزاد الجن الإنس لما استعاذوا بهم رَهَقًا يعني خوفا وذعرا حتى يستمروا في الاستعاذة بهم لما استعاذ الإنس بالجن زادوهم رهقا. فَزَادُوهُمْ: الواو ضمير يعود إلى الجن والهاء تعود إلى الإنس والمعنى زاد الجن الإنس رهقاً يعني خوفا وذعرا زادوهم لما استعاذوا بهم زادوهم خوفا وذعراحتى يستمروا وقيل المعنى زادوهم يعني زاد الجن الإنس. زادوهم: تعود إلى الإنس الواو والهاء تعود إلى الجن والمعنى زاد الجن الإنس تكبرا وتعاظما لما استعاذوا بهم تكبروا الجن وقالوا ملكنا الجن وسدنا الإنس وَأنهُ كَأن رِجَالٌ مِّنَ الإنسِ يَعُوذُونَ والعياذ يكون في ما يستعاذ به من الشر واللياذ يكون في طلب الخير.كما قال الشاعر:
يا من أعوذ به فيما أحاذره | ومن ألوذ به فيما أؤمله |
فاللياذ يستعمل في الخير وفي طلب تأميل الخير والعياذ في الاستعاذة في طلب الإعاذة من الشر وَأنهُ كَأن رِجَالٌ مِّنَ الإنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا.
وعن خولة بنت حكيم رضي الله عنها قالت أن رسول الله ﷺ قال: من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ماخلق، لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك. رواه مسلم لم يضره بالنصب أو لم يضره بالاتباع بضم الراء اتباع للهاء قول لم يضره هذا هو الأصل المضعف.
وهذا الحديث فيه بيان الالتجاء والاعتصام بالله وطلب الحماية من الله أنه يستعيذ بهذه الاستعاذة يقول هذا الدعاء و هذا الذكر لأن هذا الذكر سبب في حمايته ودفع الشرور عنه ولهذا قال النبي ﷺ: من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ماخلق، لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك. هذا وعد من النبي ﷺ وهو لا ينطق عن الهوى وإنما هو يتكلم عن وحي من الله فهذا وعد كريم بأن من استعاذ بهذه الاستعاذة ودعا بهذا الدعاء فإنه يكون محفوظاً من الله حتى يرحل من منزله ذلك.
قال القرطبي رحمه الله وهو قد جربت هذا الدعاء وقد جربت هذا وقد كنت أدعوا بهذا الذكر فلم يصبني شيء ثم لدغتني عقرب وأنا في المهدية فنظرت فوجدت أني قد نسيت هذا الذكر أنساه الله ليقع ولينفذ القدر قال: كنت أذكر هذا الذكر فيحفظني الله ثم لدغتني عقرب فتفكرت فإذا أني قد نسيت هذا الذكر في هذا اليوم لدغته العقرب.
المقصود بأن هذا استعاذة واحتماء بالله وفيه أن هذا الذكر يفيد المسلم وينبغي للمسلم أن يحسن ظنه بالله وأن يأتي بهذا الذكر وأن يعتقد أنه مفيد وأنه محفوظ من الله إذا أتى بهذا الذكر صادقاً عن صدق وعن تصديق وعن إيمان وتصديق الرسول ﷺ ليحصل هذا الثواب.
والمراد بكلمات الله كلمات كونية ودينية عام يشمل كلماته الكونية إذا أراد الله شيئا يقول له كن فيكون كلماته الدينية القرآن والأوامر والنواهي.
وفيه أن كلام الله صفة من صفاته وليس بمخلوق لأن الاستعاذة بالمخلوق شرك هذا من أدلة أهل السنة والجماعة فهذا الحديث دليل على أن كلام الله ليس بمخلوق وحجة لأهل السنة والجماعة للرد على المعتزلة الذين يقولون أن كلام الله مخلوق وجه ذلك أن النبي ﷺ استعاذ بكلمات الله ولو كان كلام الله مخلوقا لما استعاذ به لأن الاستعاذة بمخلوق شرك فدل على أن كلام الله ليس بمخلوق وأنه منزل صفة من صفاته يستعيذ الإنسان بصفات الله.
والصفة مستعاذ بها، أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، أعوذ بعزة الله وقدرته، أعوذ برضاك من سخطك، أما دعاء الصفة فلا يدعى فلا يقول يا رحمة الله ارحميني، يا قدرة الله أنقذيني هذا لا يجوز حتى قال شيخ الإسلام أن هذا ردة، هذا كفر والعياذ بالله.
(سؤال)
هل ورد عدد معين لقول هذا الدعاء؟
(الجواب)
لا يوجد تكرار، مرة واحدة.
(سؤال)
يا شيخ بعض الناس يقول هذا الدعاء لكن يبدأ يلتفت يميناً ويساراً خائف،هل هذا مناقض لتوكله؟
(الجواب)
ينبغي الإنسان مثل ما سبق أن يقولها عن صدق وتصديق لرسوله ﷺ والإيمان وحسن الظن بالله .
(سؤال)
في قول وامعتصماه الاستغاثة بغائب غير موجود؟
(الجواب)
أولا ما ثبتت هذه القصة لكن إذا كان بحاكم حاضر أو أراد أن يبلغ يكون في الحاضر وعنده قدرة واستطاعة يمكن أراد أن يبلغ، يقال إن امرأة قالت وامعتصماه، بلغ معتصم وأنه أوصى الجيش وأغاثها الأصل المنع لكن إذا كان في حكم الحاضر مثل الهاتف تكلمه بالهاتف هذا يعتبر حاضر.
(المتن)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:
باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره.
وقول الله تعالى: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَالا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإن فَعَلْتَ فَإنكَ إذًا مِنَ الظَّالِمِينَ وَإن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ الا هُوَ وقوله تعالى: فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ
وقوله تعالى: وَمَنْ أضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وقوله تعالى :أَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ
روى الطبراني بإسناده أنه كان في زمن النبي ﷺ رجل منافق ويؤذي المؤمنين فقالوا قوموا بنا نستغيث برسول الله ﷺ فقال الرسول ﷺ: إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله.
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه في كتاب التوحيد: باب من الشرك أن يستغيث بغير الله وأن يدعو غيره، هذا وضح المقصود في بيان أن الدعاء عبادة وأن صرف الدعاء لغير الله شرك في أبوابه السابقة وهو ما جاء فيه النذر لغير الله والنذر عبادة وصرفه لغير الله.
وهذه الآية الترجمة فيها الدعاء عبادة وأن صرفها لغير الله شرك لأن العبادة محض حق الله تعالى لا يستحقها ملك مقرب ولا نبي مرسل فضلا عن غيرهم فمن صرف نوع من العبادة لغير الله فقد أشرك بالله ومن الشرك أن يستغيث بغير الله والاستغاثة نوع من الدعاء وهي دعاء من مكروب الذي وقع في كربة وشدة ثم يستغيث بمن ينقله من شدة كربه يسمى استغاثة كالاستنصار طلب النصر والاستغاثة طلب الغوث والاستنصار طلب النصر والاستنجاد طلب النجدة فكذلك الاستغاثة طلب الغوث.
وقوله يدعو غيره من عطف العام على الخاص من الشرك أن يستغيث بغير الله في الكربة والشدة أويدعو غيره حتى في حال الرخاء فعطف الدعاء الاستغاثة من عطف العام على الخاص لأن الاستغاثة نوع من الدعاء والدعاء عام فالاستغاثة هي دعاء المكروب والدعاء يكون من المكروب و من غير المكروب الدعاء يكون في حال الشدة وفي حال السعة والاستغاثة في حالة الشدة فالغريق إذا طلب من ينجده هذا يسمى غوثا و إذا طلب في حال السعة يسمى دعاء وكل استغاثة دعاء وليس كل دعاء استغاثة وكل مستغيث هو داع وليس كل داع مستغيث لأن الداعي في حال الشدة يكون مستغيثا وداعيا ويكون في حال الرخاء يسمى داعيا وليس مستغيثاً.
إذا استغاث بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فإنه يكون مشركا أما إذا استغاث بحي قادر حاضر فلا يكون شركا إذا استغاث غريق بسباح يجيد السباحة يقول يا فلان أنقذني أغثني هذا لا بأس به لا يسمى شركا لأنه حي حاضر قادر يستطيع ينزل ويخرجه أو استغاث من به حريق ممن يستطيع فأنه لا يسمى شركا أما إذا استغاث بميت أو بغائب أو بحي حاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله هذا شرك وكذلك الدعاء من دعا حيا حاضرا قادرا لا يسمى شركا أن تدعو إنسان أمامك يا فلان ساعدني على إصلاح سيارتي يا فلان أقرضني مالاً يا فلان ساعدني على إصلاح بيبتي على بناء بيتي هذا لا يسمى شركا لكن إذا دعاء غير الله إذا دعا ميتا أو غائبا أو بحي حاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله هذا شرك يدعو الميت ويدعو الغائب، يدعو الجن، يدعو الملائكة كل هذا من الشرك لهذا قال المصنف باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره.
وقول الله تعالى: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ وَلا تَدْعُ نهي تحريم وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ هذا وصف لكل مدعو من دون الله فهو لا ينفع ولا يضر وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَالا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإن فَعَلْتَ إذا دعوت غيره فَإنكَ إذًا مِنَ الظَّالِمِينَ المراد بالظلم هو الشرك كما قال الله سبحانه في الآيات الأخرى إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ فإن فعلت يعني أن دعوت غير الله فإنك من المشركين ففيه بيان عظم الشرك الشرك والخطاب موجه للنبي ﷺ وهو معصوم عن الشرك ولبيان عظم الشرك فمن عرف ثواب الشرك كما قال الله : لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ
وقال سبحانه: وَإن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إلا هُوَ وَإن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ فلا يكشف الضر إلا الله ولا يوجد الخير إلا الله كما قال الله تعالى في الآية الأخرى: مَا يَفْتَحِ اللّه لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ
قال سبحانه: إن الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ ۖ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ فيه أن ابتغاء الرزق لا يكون إلا من الله فابتغاء الرزق من غير الله أو دعاء غير الله فهو مشركا لذلك قال فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ قدم الظرف لبيان اختصاصه فخصوا الله في ابتغاء الرزق ولا تسألوا غيره فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.
قال سبحانه: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَمَنْ اسم استفهام بمعنى النفي والمعنى لا أحد أضل ممن في هذا الحال وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ هل هناك أضل من هذا يدعوا لشخص لا يستجيب له إلى يوم القيامة فمن دعا ميتا أو غائبا أوحيا حاضرا فيما لا يقدر عليه إلا الله فهو لا يستجيب له إلى يوم القيامة وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ لأنه ما دعا ميتا أو غائبا غافلا عنك كيف تدعوا ميت وهو في التراب لو كشفت القبر لوجدت ترابا وأنت تدعوا التراب وتنسى رب الأرباب لو كان يستطيع أن ينفع لنفع نفسه وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وهو غافل مشغول بنفسه وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانوا لَهُمْ أعْدَاءً إذا حشر الناس كانوا لهم أعداء يعاديه ويكون عدواً له حيث يظن أن الداعي ينفعه يوم القيامة وهو يعاديه يوم القيامة وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانوا لَهُمْ أعْدَاءً وَكَانوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِين كافرين أي منكرين لها.
وقال سبحانه أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ هذا من الاستدلال بتوحيد الربوبية على توحيد الألوهية هذا يقر به المشركون يقرون بأنه لا يجيب المضطر إلا الله ولهذا فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ يوحدون فإذا خرجوا من السفينة إلى البر أشركوا فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ قال سبحانه: وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا أَّمنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ يقرون بهذا ويَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأرْضِ أئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ يعني كما أنكم تقرون أنه لا يجيب المضطر إلا الله ولا يكشف السوء إلا الله تعترفون بهذا فكيف تجعلون معه آلهة أخرى وتعبدون معه غيره استدل عليهم على وجوب إفراده بالعبادة على ما يقرون به من إفرادهم إياه بتوحيد الربوبية فكما أنكم تقرون بهذا فأخلصوا له العبادة.
وروى الطبراني بإسناده أنه كان في زمن النبي ﷺ منافق يؤذي المؤمنين فقالوا بعضهم قوموا لنستغيث بالرسول ﷺ فقال النبيﷺ: أنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله هذا الحديث فيه لين فيه بعض الضعف لأنه من رواية ابن لهيعة لكن له شواهد وهذا المنافق هو عبد الله بن أبي رئيس المنافقين وهذا البعض الذي قال قوموا نستغيث بالرسول ﷺ هو أبو بكر قال قوموا لنستغيث برسول الله ﷺ فقال إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله يحتمل أن النبي ﷺ غير قادر على الإغاثة لأنه ممنوع من قتل المنافقين لئلا يقال أن محمد يقتل أصحابه فقال إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله لأني لا أقدر على قتله لأني ممنوع من قتل بشر ويحتمل أنه قادر عليه الصلاة والسلام على إغاثتهم ولكن منعهم من أن يقال أن يستغاث بي لمنع سد الذرائع سدا للذريعة لا يستغاث بي وإن كان قادرا على إغاثتهم ولكن أراد أن يسد الباب وأن يسد الذريعة والوسيلة إلى الشرك حتى لا يستعاث إلا بالله لأن هذه ذريعة فإذا استغاثوا به فيما يقدر عليه قد يستغيثوا به فيما لا يقدر عليه فسد الباب ومنعهم الإغاثة المقصود الإستغاثة بالحي الحاضر القادر لا بأس بها أما الذي معه أسباب أما الإستغاثة بميت أو بغائب أو بحي حاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله هذا هو الشرك نعم.
يحتمل أنه غير قادر على الإغاثة لأنه ممنوع شرعاً من قتل المنافقين لئلا يقال محمد يقتل أصحابه وعلى هذا يكون الحديث على ظاهره فالرسول ﷺ قال لا أقدر وإنما يستغاث بالله فهو القادر فلا يستغاث بي لأن القادر هو الله لا أقدر على هذا ليس بيدي ممنوع شرعاً ويحتمل أنه قادر على إغاثتهم لأنه يستطيع أن يأمر أحد أصحابه فيقتل عبد الله بن أبي فيكون منعهم من باب سد الذريعة لأنه وسيلة في الاستغاثة به فيما لا يقدر عليه إلا الله فمنعهم سدا للذريعة وحماية لجناب التوحيد.
(المتن)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال المصنف رحمه الله تعالى:
باب قول الله تعالى: أيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاأنفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ وقوله: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ
وفي الصحيح عن أنس قال: شُجَّ النبيُّ ﷺ يومَ أحُدٍ وكُسِرتْ رَباعيتُه فقال: كيف يفلح قومٌ شَجُّوا نبيَّهم فنزلت: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ.
وفيه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله ﷺ -إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر اللهم العن فلاناً وفلاناً بعدما يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد،فأنزل الله لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ.الآية وفي رواية: يدعو على صفوان بن أميَّة وسُهيل بن عمرو والحارث بن هشام فنزلت: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ.
وفيه عن أبي هريرة - قال: قام فينا رسول الله ﷺ حين أنزِل عليه وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ فقال: يا معشر قريش -أو كلمةً نحوها- اشتروا أنفسَكم، لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا عباسُ بنَ عبدِ المطلب لا أغني عنكَ من الله شيئاً، يا صفيَّةُ عمةَ رسول الله ﷺ لا أغني عنكِ من الله شيئاً، ويا فاطمةُ بنتَ محمد، سليني من مالي ما شئتِ لا أغني عنكِ من الله شيئاً.
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد:
باب قول الله تعالى أيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ هذه الترجمة معقودة لبيان بطلان عبادة غير الله وأن كل معبود سوى الله فعبادته باطلة لأن آية الترجمة بين الله تعالى فيها بطلان عبادة كل معبود سوى الله ببرهانين عظيمين.
البرهان الأول قوله : أيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ أن كل ما سوى الله فهو مخلوق للعبادة والعابد لا يكون معبودا إذا كان مخلوقا للعبادة فلا يكون العابد معبودا.
والبرهان الثاني: أن كل من سوى الله لا يستطيع أن ينصر نفسه فكيف يستطيع أن ينصر غيره وعاجز عن نفع نفسه فكيف يستطيع أن ينفع غيره فمن باب أولى أن لا ينفع غيره وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلا أنفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ.
فهذان برهانان ساطعان دليلان على بطلان كل معبود سوى الله فمن عبد أي شخص أي شيء من دون الله فينطبق عليه هذين الوصفين كل معبود سوى الله سواء ملكاً أو نبياً أو شجراً أو حجراً أو جنياً أو غير ذلك فوصفه أنه مخلوق مخلوق لعبادة الله فلا يكون العابد معبوداً ووصفه أنه لا يستطيع نصر نفسه ولا يستطيع نصر غيره فلا ينفع نفسه فلا ينفع غيره من باب أولى فتبين هذا بطلان كل معبود سوى الله.
وقول الله تعالى : وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ.
وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ بين ثلاثة أوصاف منتفية عن كل معبود سوى الله وهو أنه لا يملك ولا يسمع ولا يجيب ومن كانت هذه وصفه فلا يصح للعبادة فهو لا يملك فالمعبود يعبد كونه مالكاً و سامعاً و مستجيباً وقد نفيت هذه الأمور الثلاثة عن كل معبود سوى الله وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِير ما يملكون شيئاً ولا قطميرا والقطمير هو اللفافة والقشرة البيضاء التي تكون على نواة التمرة وهي أحقر شيء وأضعف شيء فإذا كان لا يملك هذا القطمير لماذا يعبد من دون الله. العابد إنما يعبد معبوده لكونه مالكاً لما يطلبه منه والله تعالى نفى الملك عنه إن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ نفى عنهم سماع الدعاء بأنهم لا يسمعون لأنهم بين ميت مشغول بنفسه وقد بلت عظامه فصارت تراباً وبين غائب فلا يسمع إن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ والأمر الثالث : وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ لو سمعوا على الفرض والتقدير لو حرف امتناع عن امتناع ليس لهم القدرة على الاستجابة إجابة الطلب وإذا كان هذه الأوصاف كلها موجودة في كل معبود سوى الله فإنه يتبين بطلان كل معبود سوى الله كل معبود سوى الله فعبادته باطلة كما قال الله : ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ .يوم القيامة يعادونكم وينكرون عبادتكم لهم إذا كانوا صالحين من الأنبياء وغيرهم فهم يكفرون بالعبادة ويكفرون بشرككم فسماه الله شركا تبين في هذا أن دعاء غير الله وأن من دعا غير الله فقد أشرك بنص القرآن وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ سماه الله شركاً يعني ينكرون عبادتكم ويعادونكم وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ يعني الله كما قال الله في الآية الأخرى : وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ.
وفي الصحيح عن أنس قال: شُجَّ النبيُّ ﷺ يومَ أحُدٍ وكُسِرتْ رَباعيتُه فقال: كيف يفلح قومٌ شَجُّوا نبيَّهم فنزلت: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ.هذا فيه بيان أن النبي ﷺ بشر يصيبه ما يصيب البشر يصيبه الأمراض والأسقام والبلايا والمحن ولهذا شج رأسه شجاً والشج يكون في الرأس شج رأسه عليه الصلاة والسلام حتى سال الدم فجاءت فاطمة رضي الله عنها فجعلت تغسله بالماء وعلي يصب عليه الماء وهي تغسل الشجة الدم فاستمر الدم في السيلان ولم يفيد فلما رأت فاطمة أن الدم لا ينقطع فجاءت بحصير وأحرقته وجعلته على مكان الجرح فاستمسك فإذا كان رسول الله ﷺ وهو أشرف الخلق تصيبه الأمراض والأسقام ولما قال: كيف يفلح قومٌ شَجُّوا نبيَّهم أنزل الله: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ.وهذا يدل على أنه لا يصلح للعبادة ليس رباً ولا إلهاً وإنما هو نبي كريم عليه الصلاة والسلام يطاع ويتبع ويحب أعظم من محبة النفس والمال والأهل والولد ولكنه لا يعبد فالعبادة حق لله فلا يصلح للعبادة والأمر بيد الله ليس له من الأمر شيء ولهذا لما قال: كيف يفلح قومٌ شَجُّوا نبيَّهم نزلت: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ الأمر بيد الله فهو سبحانه يتصرف بعباده وهو العليم بأحوالهم ومآلهم وأفعالهم.
وفيه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله ﷺ إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر اللهم العن فلاناً وفلاناً بعدما يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد،فأنزل الله لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأمرِ شَيْءٌ. الآية وفي رواية: يدعو على صفوان بن أميَّة وسُهيل بن عمرو والحارث بن هشام فنزلت: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ يدعو عليهم في صلاة الفجر وهو أشرف الخلق عليه الصلاة والسلام وخلفه سادة الناس وأفضل الناس بعد الأنبياء يأمنون فنزلت لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ وتاب الله عليهم وأسلموا فدل على أن الأمر بيد الله وأن الرسول ﷺ لا يستحق العبادة وإنما هو نبي كريم يطاع ويتبع ولا يعبد فالعبادة حق لله فيه الرد على من عبد الرسول عليه الصلاة والسلام وقال أنه يعلم الغيب وأنه مخلوق من نور وهو بشر مخلوق وهو بشر من أم وأب كغيره من آمنة بنت عبدالله بن وهب فليس إلهاً ولا جزءاً من الله كما يقول الكفرة والملاحدة أعوذ بالله قال الله تعالى: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ومن قال أنه جزء من الله أو أنه مخلوق من نور أو أنه يعلم الغيب فقد كفر أو أنه وصف للعبادة وهو ليس رباً ولا إلها ولكنه بشر تصيبه الأمراض والأسقام وليس له من الأمر شيء لا يتصرف في الكون ولا يتصرف في الخلق ولا يدبر مع الله ولهذا أنزل الله لما دعا على هؤلاء : لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ فتبين هذا بطلان عبادة كل معبود سوى الله إذا كان هذا أشرف الخلق لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ تصيبه الأمراض و الأسقام ويدعو على هؤلاء الذي آذوه واشتد أذاهم وينزل لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ دل على أنه لا يصلح للعبادة وليس ربا ولا إلهاً وليس له من التدبير شيء إنما الأمر بيد الله وغيره من باب أولى إذا كان هو أشرف الخلق فغيره ممن هو دونه مراتب أولى و أولى.
وفيه دليل على مشروعية الدعاء في النوازل وأنه إذا نزلت في المسلمين نازلة يدعوا في الصلاة في الفرائض جاء في صحيح البخاري ما يدل في جميع الفرائض ولكن في الغالب أغلب ما ثبت عن الرسول ﷺ في صلاة الفجر وفي صلاة المغرب وفيه أن الأفضل أن يكون الدعاء بعد ما يقول سمع الله لمن حمده وفيه جواز تسميتهم بأعيانهم وأن هذا لايكون إلا في الصلاة اللهم العن فلانا وفلانا يدعوا على سفيان بن أمية وسهيل بن عمر تسمية بأعيانهم فلا بأس كان أبو هريرة يقنت في الصلاة فيدعوا للمسلمين ويلعن العصاة والفاسقين فلا بأس بأن يسموا بأعيانهم وفي أنه ليس هناك إطالة وأنه يبدأ بالدعاء أولاً ولا يبدأ بدعاء القنوت في الوتر فبعض الناس يقول اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافينا فيمن عافيت أو يدعوا دعوات، يبدأ بالدعاء دعاء للمؤمنين ثم يدعوا على الكفرة وفيه أن تسمية الكفرة أو من اشتد أذاه على المسلمين بأعيانهم لا يكون بالصلاة كما فعل النبي ﷺ سماهم بعيانهم وكما دعا على ذكوان شهراً وفيه أن دعاء القنوت يكون في النوازل وقتاً ثم يترك لا يستمر أما ما يراه بعض العلماء كالشافعية القنوت مشروع في صلاة الفجر فهذا قول ضعيف استدلوا بحديث أنس ما زال النبي ﷺ يقنت حتى فارق الدنيا.والمراد بالقنوت: الطول طول في العبادة والطول في السجود وليس بالمقصود بالدعاء الذي يكون في النوازل الذي هو الدعاء في صلاة الفجر وهو اجتهاد من بعض العلماء لكن إذا صلى خلف من يقنت في صلاة الفجر يقنت ويؤمن كما كان الإمام أحمد بن حنبل لا يرى القنوت ومع ذلك كان إذا صلى خلف من يقنت يؤمن على دعائه محافظة على الجماعة والائتلاف ودرءاً لمفسدة الفرقة والاختلاف.
وفيه عن الصحيح أبي هريرة : قال لما نزلت قول الله تعالى: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ قام عليه الصلاة والسلام فعم وخص وقال: يا معشر قريش -أو كلمةً نحوها... فيه أن النبي ﷺ بلغ رسالة ربه وامتثل لأمره يا معشر قريش أو كلمةً نحوها اشتروا أنفسَكم، لا أغني عنكم من الله شيئاً.فعم وخص عم قريشا جميعاً هم قبائل كثيرة اشتروا أنفسكم أي اشتروا أنفسكم من النار بطاعة الله بتوحيد الله وترك الكفر والشرك والإيمان برسوله وإخلاص العبادة له والحذر من الشرك وترك الشرك وعبادة الأصنام اشتروا أنفسكم من النار اشتروها بطاعة الله وتوحيد الله وترك الكفر والشرك لا أغني عنكم من الله شيئاً بين أنه لا يغني عن الله ولا يدفع عن أحد عذاب الله من مات على الشرك فإن النبي ﷺ لا يغني عن الله شيئاً ولا يدفع الشرك عنه ولا يدفع النار عنه ولا يستطيع منعه ولهذا قال النبي ﷺ: اشتروا أنفسَكم، لا أغني عنكم من الله شيئاً. عم، ثم خص فقال يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئاً يعني عليك أن تعمل بتوحيد الله وطاعته ولا تقول إنك عم نبي الله فلك الله ولا أغني عن الله شيئاً. يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك عن الله شيئاً يعني اشتري نفسك من النار ولا تقولي أنا عمة رسول الله ثم قال: يا فاطمة بنت محمد سليني من مال ما شئت، لا أغني عنك من الله شيئاً يعني الدنيا أطلبي من الدنيا ما تريدين وأعطيك لكن الإنقاذ من النار لا أستطيع إنقاذك من النار اشتري نفسك من النار لا أغني عنك من الله شيئا وفيه الدليل على النبي ﷺ عندما يسأل ما يستطيعه من أمور الدنيا أما ما لا يستطيعه من النجاة من النار وإدخال الجنة ومغفرة الذنوب وتفريج الكروب هذا لا يقدر عليه إلا الله فلا يسأل إلا الله مايسأل النبي ﷺ شيئاً من ذلك إنما يسأل ما يستطيع وهو أمور الدنيا وهو الذي يستطيعه حين قال لابنته وهي أقرب الناس إليه وأحب الناس إليه سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً ما في الدنيا سليني أعطيك لكن الإنقاذ من النار لا أستطيع ولهذا قال لا أغني عنك من الله من شيئاً فقي نفسك من النار بتوحيد الله وعبادته وإخلاص الدين له والحذر من الشرك وهذا يدل على أنه عليه الصلاة والسلام لا يستحق العبادة لأنه قال لا أغني عنكم من الله شيئاً والذي لا يغني عن أحد شيئاً لا يستحق العبادة لأنه قال: لا أغني عنك من الله شيئاً والذي لا يغني من الله شيئا لا يستحق العبادة دل على أنه عليه الصلاة والسلام نبي كريم عبد ورسول مطاع ويتبع ولا يعبد ولا يستطيع دفع النار عن أحد ولا إنقاذ أحد من النار ممن مات على الشرك ولا إدخال أحد من أهل النار إلى الجنة ولا يستطيع أن يفرج الكربات إنما هذا من خصائص الله يتبين من هذا بطلان عبادة كل معبود سوى الله سواء كان نبياً أو ملكاً أو حجرًا أو شجراً أو بنية أو غير ذلك فالعبادة حق الله.
(سؤال)
دعاء القنوت مشروع حتى تزول النازلة؟
(الجواب)
نعم ،من وقت إلى وقت يدعو وقت ما يستمر، على حسب الاجتهاد.
(سؤال)
(45:22)
(الجواب)
نعم يتجاوز فعلا معينا إذا اشتد أذاه للمسلمين وإلا الصواب أنه لا يلعن معين بعينه فيه خلاف عند أهل العلم هل يلعن معين الكافر أوالفاسق على قول أهل العلم منهم من أجازه ومنهم من منعه والصواب المنع إلا إذا اشتد أذاه ويستثنى من هذا إذا كان فيه تحذير من بدعته وشركه إذا كان مبتدعا يحذر منه بعينه تحذير للأحياء أو من اشتد أذاهم يسمون بعينه، !. وإلا فالأصل ألا يعين والحديث: لا تسبوا الأموات فإنهم أفضوا إلى ما قدموا. ولكن يستثنى من اشتد أذاه.
(سؤال)
(46:22)
(الجواب)
هذا الأقرب فالأقرب ينبغي أن يدعوا للمسلمين إذا نزلت فيهم نازلة أولى من غيرهم يبدأ في الأقرب فالأقرب.
(سؤال)
(46:44)
(الجواب)
لا شك أن من يقول أن الرسول ﷺ خلق من نور خلق يكفر خلق من نطفة من ماء أبيه وأمه عليه الصلاة والسلام، كغيره من البشر هو عليه الصلاة والسلام نور بما أوحى الله إليه من الرسالة لكن من يقول أن الرسول ﷺ نور غير عن من يقول أن محمداً خلق من نور هذا كافر لكن من يقول محمد نور، نعم هو نور معنوي ولهذا لما كان يصلي في بيت عائشة في الليل وكانت تمد رجلها فكان إذا سجد غمزها فكفت رجلها قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح فلو كان فيه نور حسي كان أضاء لها ورأت ما تراه حجرة ظلمة وحجرة قصيرة فكانت تمد رجلها وهو يصلي في الليل فإذا أراد أن يسجد غمزها فكفت رجلها فإذا قام مدت رجلها فإذا أراد أن يسجد غمزها قالت عائشة: (والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح) فهذا فيه رد على من قال أن الرسول ﷺ نور حسي لو كان نورا كان أضاء لها ورأته ولا يحتاج يغمزها دل على النور المعنوي وليس نوراً حسياً كما أنه كغيره يمشي في الظلمة كذلك كما قال أبو هريرة في الصحيح أبو ذر قال: كنت أمشي في ظل القمر فرآني النبي ﷺ فقال: من هذا؟ قلت: أبو ذر.
المقصود بأنه نور معنوي بما أنزل الله عليه من النور من الكتاب والسنة التي هي نور لمن اهتدى بهما أما حسي فإنه يكون في المكان المظلم ولا يضاء.