شعار الموقع

شرح التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية 77

00:00
00:00
تحميل
22

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين..

المتن

قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمنا الله وإياه في عقيدة الوسطية: "ويدعونا إلى مكارم الأخلاق"، قال الشارح رحمه الله: "المكارم جمع مكرُمةٌ بضم الراء، وهي من الكرم، وكل فائقٍ في بابه يقال له كريم".

قوله: "ومحاسن الأعمال" أي جميلها، وقال الراغب: "الحسن عبارةٌ عن كل مرغوبٍ فيه" أي أن أهل السنة والجماعة يحثون ويرغبون في مكارم الأخلاق، و محاسن الأعمال، كالكرم والشجاعة والصدق والأمانة، ونحو ذلك، مما تكاثرت به الأدلة، من الحث على ذلك والترغيب فيه، وأن ذلك من صفات المؤمنين، بل من أخص علامات الإيمان، كما في حديث أبى هريرةt مرفوعاً: "خصلتان لا يجتمعان في منافق: حسن سمتٍ، وفقهٍ في الدين" رواه الترمذي، وقال جل وعلا لنبيه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم:4]، قالت عائشةُ رضي الله عنها: "كان خلقه القرآن، يأتمر بأوامره، وينزجر عن زواجره، ويرضى لرضاه، ويغضب لغضبه" أي كان r متمسكاً بآدابه وأوامره ونواهيه، وما اشتمل عليه من المكارم والمحاسن والألطاف.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى في المدارج: "وقد جمع الله له مكارم الأخلاق بقوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف:199]".

قال جعفر بن محمد: "أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق، وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية" انتهى.

الشرح

وهي آية {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف:199]

نعم:

المتن

وفي الصحيح أن أبى ذر رضي الله عنه قال لأخيه، لما بلغه مبعث النبيy : "اركب إلى هذا الوادي، فاسمع من قوله" فرجع فقال: "رأيته يأمر بمكارم الأخلاق" وفي الحديث أن رسول الله r قال: ((بعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق)) رواه أحمد والبذار، و رواه أحمد في الموطأ، ولفظه قال: بلغني أن رسول الله r قال: ((بعثتُ لأتمم حسن الأخلاق)) قال القرطبي في المفهم: "الأخلاق أوصاف الإنسان التي يعامل فيها غيره، وهي محمودة ومذمومة، فالمحمودة على الإجمال، أن تكون مع غيرك على نفسك، فتنصف منها، ولا تنصف لها، وعلى تفصل العفو و الحلم، والجود والصبر، وتحمل الأذى، والرحمة والشفقة، وقضاء الحوائج، ونحو ذلك، والمذموم ضد ذلك" انتهى.

وقال الحسن: "حقيقة حسن الخلق، بذل المعروف وكف الأذى، وطلاقة الوجه" رواه الترمذي عن عبد الله بن مبارك"

الشرح

بذل المعروف، وكف الأذى، وطلاقة الوجه، يعني يبذل المعروف في الناس، ومعروف سواء شفاعة في بدنه، أو صدقة في ماله، أو غير ذلك من المعروف، وكف الأذى، يكف الأذى عن الناس، قال وطلاقة الوجه، يعني انبساط الوجه، الحديث الآن يقول: ((لن تسعون الناس بأموالكم، ولكن تسعوهم بأخلاقكم)) أو كما جاء عن النبيr.

المتن

قال ابن القيم رحمه الله تعالى في المدارج: "الدين كله خلق، فما زاد عليك في الخلق؛ زاد عليك في الدين، وحسن الخلق أربعة أركان: الصبر، والعفة، والشجاعة، والعدل، فالصبر يحمله على الإحتمال، وكظم الغيظ"

الشرح

"فما زاد عليك في الخلق؛ زاد عليك في الدين" يعني الشخص اللي يزيد عليك في الخلق؛ يزيد عليك في الدين، لأن الدين هو الخلق، نعم.

المتن

"وحسن الخلق أربعة أركان: الصبر، والعفة، والشجاعة، والعدل، فالصبر يحمله على الإحتمال، وكظم الغيظ، والحلم، والآناة، والرفق، وعدم الطيش، والعفة تحمله على إجتناب الرذائل والقبائح من القول والفعل، والشجاعة تحمله على عزة النفس، وقوته على إخراج المحبوب، وتحمله على كظم الغيظ والحلم، والعدل يحمله على اعتدال الأخلاق، وتوسطه بين طرفي الإفراط والتفريط، فمنشأ جميع الأخلاق الفاضلة من هذه الأربعة، ومنشأ جميع الأخلاق السافلة وبنائها على أربعة أركان: الجهل، والظلم، والشهوة، والغضب" انتهى.

قوله: "ويعتقدون معنى قوله r: ((أكمل المؤمنين إيماناً، أحسنهم أخلاقا)) هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد والترمذي، وقال حسنٌ صحيح من حديث أبى هريرة رضي الله عنه، وتمامه خياركم خياركم لنسائهم، واقتصر أبو داود على قوله: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا" وأخرجه أبو يعلى عن أنس، فهذا الحديث كغيره، فيه حث على حسن الخلق، فإنها من صفات المؤمنين، فحسن الخلق هو إحتياز الفضائل، وإجتناب الرذائل، وقال النووي رحمه الله: "حسن الخلق كلمةٌ جامعةٌ للإحسان إلى الناس، وكف الأذى عنهم" انتهى.

وتقدم كلام الحسن في حقيقة حسن الخلق، والخلقُ بالضم، صورة الإنسان الباطنة، وبالفتح صورته الظاهرة، وقد تكررت الأحاديث في مدح حسن الخلق، وذم سوء الخلق، فعن أبى هريرة رضي الله عنه مرفوعاً، أنه سؤل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فقال: "تقوى الله وحسن الخلق" رواه جماعة، منهم الترمذي، وصححه، ولأبى داود من حديث عائشة رضي الله عنه مرفوعاً: "إن الرجل ليبلغ من حسن خلقه درجة الصائم القائم" وعن أبى هريرة رضي الله عنه، أن رسول اللهr قال: ((إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، ولكن سعوهم ببسط الوجه، وحسن الخلق)) أخرجه أبو يعلى، وصححه الحاكم، وأخبر النبي r أن حسن الخلق أثقل ما يوضع في الميزان، وإن صاحبه أحب الناس إلى الله، وأقربهم من النبيين مجلساً، وخرج الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، من حديث أبى الدرداء رضي الله عنه، عن النبي r قال: ((ما من شيءٍ يوضع في ميزان العبد أثقل من حسن الخلق، وأن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة)) وأخرج ابن حبان في صحيحه، من حديث عبد الله بن عمرو على النبي r: ((ألا أخبركم بأحبكم إلي إلى الله، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة؟! قالوا: بلى، قال: أحسنكم إخلاصا)) انتهى.

"وفي الحديث المذكور فوائد منها: مدح حسن الخلق، والثناء على أهله، والحث على التخلق بأحسن الأخلاق، وفيه أن حسن الخلق من خصال الإيمان، وفيه دليلٌ على أن الأعمال داخلةٌ  في مسمى الإيمان، وفيه تفاضل الناس في الإيمان، والرد على من زعم أن الإيمان لا يتفاضل، وأن الناس فيه سواء".

الشرح

" والرد على من زعم أن الإيمان لا يتفاضل، وأن الناس فيه سواء" وهم المُرجئة، الرد على المُرجئة، نعم.

أحسن الله إليك

المتن

قوله: "يندبون إلى أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، أي يدعون ويحثون ويرغبون، في صلة من قطعك، والندب لغةً الدعاء، والمنتدب المدعو، كما قيل: لا يسألون أخاهم حين يندبهم، في النائبات على ما قال برهانا"

الشرح

هذا مذهب بعضهم، حين يدعوهم يعني، وهذا في الجاهلية، قيل في الجاهلية، لكن استشهد بها للنداء والدعاء، قال هذا دعاء، يمدحهم "لا يسألون أخاهم حين يندبهم، في النائبات على ما قال برهاناً" فإذا دعاهم جاءوا علطول، ولا يسألونه ويقولون له أيش السبب؟ أو لماذا؟ علطول يناديهم فيلبون الطلب ولا يسألون أيش دليلك ولا أيش اللي حصل؟ لا، يمدحهم هذا كان في الجاهلية، لكن المقصود بالإستشهاد بها هنا أن نتبع الدعاء، نعم.

أحسن الله إليك

 

المتن

قال: "واصطلاحاً، المندوب هو ما أثيب فاعله، ولم يعاقب تاركه"

الشرح

نعم هذا المندوب، والواجب ما أثيب فاعله، وعوقب تاركه، والمحرم ما عوقب فاعله، وأثيب تاركه، والمندب ما أثيب فاعله، ولم يعاقب تاركه، المندوب، المستحب، الإنسان السنة إذا فعلتها تثاب، وإذا تركتها ليس عليك حرج، نعم.

المتن

"ويسمى المندوب سنةً وتطوعاً ومستحباً ونفلا، وقربةً، ومرغباً فيه، وإحساناً، أي أن أهل السنة يندبون إلى أن تصل من قطعك، لما رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه، قال: "قال رسول الله r: ((أفضل الفضائل: أن تصل من قطعك، وأن تعطي من حرمك، وتصفح عمن شتمك))".

الشرح

الله أكبر، وهذه أخلاق فضيلة هذه، لا يوفق لها إلا أخلص عباد الله، قال تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[فصلت:34]

{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}[فصلت:35] نعم.

أحسن الله إليك

المتن

قال: "وخرج الحاكم من حديث عقبة بن عامر الجهني، قال: "قال رسول الله r: ((يا عقبة! ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والأخرة؟! تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك))" وروي أن جبريل قد قال للنبيr  حين نزل: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف199]، قال في تفسير ذلك أن تعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، وتعطي من حرمك، قوله: "تعفو عمن ظلمك" العفو هو الصفح، والتجاوز عن الذنب، أي تصفح عمن ظلمك، وتتجاوز عن ذنبه، ولا تؤاخذه بما نال منك، فإن ذلك من خصال الإيمان، وسببٌ للرفعة والعزة، كما روى ابن عمر مرفوعاً: "ابتغوا الرفعة عند الله، تحلم عمن جهل عليك، وتعطي من حرمك" أخرجه ابن عدي، وعن أنسٍ الجهني، عن أبيه، أن رسول الله r قال: ((من كظم غيظاً، ويستطيع أن ينفذه، دعاه الله على رؤس الخلائق، حتى يخيره في أي الحور شاء)) رواه أبو داود والترمذي.

قوله: "وتصل من قطعك" أي تصل رحمك، وإن قطعك، كما في الصحيح: ((ليس الواصل بالمكافيء، ولكن الواصل، الذي إذا قطعت رحمه وصلها))، وروى عبد الرزاق عن عمر رضي الله عنه موقفاً: "ليس الواصل أن تصل من وصلك، ذلك القصاص، ولكن الوصل أن تصل من قطعك" في حديث أبي ذر، "وأوصاني أن أصل رحمي، وإن أدبرت"

الشرح

أدبرت يعني وإن انقطعوا، أدبرت يعني تركت الشيء، يعني أن أصلهم، ولو كانوا تاركين للصلة، نعم.

أحسن الله إليك

المتن

قوله: "وتعطي من حرمك" أي منعك ما هو لك، لأن مقام الإحسان إلى المسيء، ومقابلة الإساءة بإحسان، من كمال الإيمان، قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى: "وجماع حسن الخلق مع الناس، أن تصل من قطعك بالسلام والإكرام، والدعاء له، والثناء والإستغفار عليه، والزيارة له، وتعطي من حرمك من التعليم والمنفعة والمال، وتعفو عمن ظلمك في دمٍ أو مالٍ أو عرض، وبعض هذا واجبٌ، وبعضه مستحب، انتهى.

في هذه الأحاديث الحث على العفو والصفح، وأن ذلك من أفضل الأعمال، وأشرف الأخلاق، قال جل وعلا: والعافين عن الناس_ وقال جل و علا: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ}[الشورى:37] وروى الحاكم من حديث ابن مسعود رضي الله مرفوعا: "إن الله عفوٌ يحب العفو" وفي حديث أبى هريرة رضي الله عنه: أن النبي r قال: ((ما نقصت صدقةٌ من مال، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزا، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه)) أخرجه مسلم في صحيحه، وفيه حث على الصلة للأقارب والأرحام، وإن عاملوك بالقطيعة، فلا تقطع عنه الصلة، مجازاةً لهم، بالأدلة الحاثة على ذلك، والمصرحة بتحريم القطيعة، وأنها من كبائر الذنوب، وأن هذا من أشرف أخلاق المؤمن.

قال شيخ الإسلام: "ويأمرون ببر الوالدين، وصلة الأرحام، أي طاعتهما والإحسان إليهما".

الشرح

الطالب/ شيخنا! بالنسبة إلى الصلة، هل هي خاصة بالرحم، أم بكل المسلمين؟

الشيخ/ صلة الرحم، هذه يجب أن تصلهم، ولو قطعوك، وتحسن إليهم ولو أساءوا، وتعفوا عنهم، ولو ظلموا، جاء رجل إلى النبي r فقال للنبي r إن لي قرابة أصلهم فيقطعوني، وأحسن إليهم ويسئون إلى، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: ((إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم البل، وما زال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك))" هذه هي الصلة، صلة الرحم، أما إذا كان تصلهم إذا وصلوك، وتغضب إذا قطعوك، هذه غير هذه الحالة، ولذلك قال: "ليس الواصل بالمكافيء" لأن الواصل هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها، إذا كنت تصل إذا وصلوك، وتقطع إذا قطعوك، فهذه مكافأة، حتى البعيد، إذا وصلوا تصل، وإذا قطعوا تقطع، هذه مع البعيد تكون، لكن مع القريب، لأه، تصله حتى لو قطعك، وتحسن إليه وتعفو عنه، أما البعيد نعم، هو بالمكافأة، تكافيء البعيد، ما يضرك، لكنك لا تسيء إليه إن أساء لا تسيء.

الطالب/ ما هي صلة الرحم التي تجب عليك شرعاً؟

الشيخ/ الرحم القرابة من جهة الأب ومن جهة الأم، وأعظم الرحم الوالدان، الأب والأم، ثم القرابة من جهة الأب، الأخوة، والأخوات، وأبناء الأخوة، وأبناء الأخوات، والأعمام، والعمات، وأبناء الأعمام، وأبناء العمات، ثم جهة الأم، الأم، ثم الأخوة أيضاً من الأم، الأخوة والأخوات، وأبنائهم، والخالات والأخوال، وأبنائهم، وما قرب عظم حقه، كلما قرب زاد حقه، هذه ناحية القرابة من جهة الأب و من جهة الأم، ابن العم، كذلك له قرابة، ابن ابن العم، أبو طلحة لما تصدق ببستانه، وقال له النبي ذاك مال رابح قال يا رسول الله هذه صدقه ضعها يا رسول الله حيث أراك الله قال النبي بخ بخ ذاك مال رابح، أرى أن تضعها في الأقربين، فقسمها أبو طلحة في أقاربه، وبني عمه، هذه من الأقربين، بني عمومته وأقاربه.نعم.

الطالب/ والزوجة إذا منعها زوجها من الذهاب إلى أهلها، هل تصله رغماً عن زوجها، وتذهب إليه؟

الشيخ/ لا، تصله بما تستطيع، لكن لا تخرج إلا بإذنه، لكن تستطيع أن تبلغ السلام، وأيضاً ترسل إليهم المال، وبالهدية، أما الخروج ما تخرج من البيت، حتى لوالدها إلا بإذنه، لكن إذا كانت تستطيع في أوقات يأذن له، تفعل ما تستطيع.

 

تمت بحمد الله

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد