شعار الموقع

شرح التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية 78

00:00
00:00
تحميل
28

أحسن الله إليك بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين..

المتن

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في العقيدة الوسطية: "قوله: "ويأمرون ببر الوالدين" أي طاعتهما والإحسان إليهما، بما لا يخالف الشرع، وخفض الجناح لهما، والشفقة عليهما، والتطلف بهما، وذلك لعظم حقهما، ولذلك قرن سبحانه حقه بحقهما، قال الله جل وعلا: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}[الإسراء:23] و قال جل وعلا: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}[لقمان:14]

و في الصحيح من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "قلت يارسول الله أي العمل أفضل؟ قال: ((الصلاة في أول وقتها)) قلت ثم أي؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله)) قال قلت ثم أي؟ قال: ((بر الوالدين))" والبر بكسر الراء هو التوسع في فعل الخير، وروى الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي r قال: ((رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف رجلٌ أدرك والديه، أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة)) وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله r : ((ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ قال قلنا بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وحده، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً، ثم جلس فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فمازال يكررها حتى قلنا: ليته سكت))" رواه البخاري ومسلم.

قوله: "وعقوق الوالدين" قال العلقمي، يقال عق والده عقوقاً فهو عاقٌ إذا أذاه وخرج عليه، وهو ضد البر بهما، والآيات والأحاديث في الأمر ببر الوالدين وتحريم عقوقهما كثيرةٌ جداً.

الشرح

نعم بر الوالدين من آكد الواجبات، وقد قرن الله سبحانه وتعالى بر الوالدين بحقه سبحانه في التوحيد، فدل على أنه من أعظم الحقوق، أعظم حقوق الآدميين حق الوالدين، أعظم الحقوق حق الله وهو التوحيد، ثم أعظم حقوق الآدميين حق الوالدين، وكذلك العقوق من الكبائر العظيمة التي قرنت بالشرك أيضاً، من أعظم الكبائر الشرك، ثم يليها في الكبائر عقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، وغيرها من الكبائر، نعم.

المتن

أحسن الله إليك قال: "وقوله: "وصلة الأرحام" أي الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار، والتعطف عليهم، والرفق بهم، ورعاية أحوالهم، وضد ذلك قطيعة الرحم، والأرحام جمع رحمٍ، هو من المرأة الفرج، قال الراغب: "ومنه استعير الرحم للقرابة، لكونهم خارجين من رحمٍ واحدة، وصلة الأرحام واجبةٌ، وقطيعتها حرام، والأدلة من الكتاب والسنة تشهد لذلك، قال جل وعلا: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}[محمد:22]

{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}[محمد:23]

 وفي هذه الآية وأشباهها أعظم وعيدٍ في قطيعة الرحم، وفيه أصرح دلالةٍ على حرمة قطيعة الرحم" وأنها كبيرة من الكبائر

الشرح

نعم، {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}[محمد:22]

أقل ما يقال فيه إن قطيعة الرحم من الفساد في الأرض، وهي من أعظم الكبائر، نعم.

المتن
أحسن الله إليك قال: "وفي الصحيحين من حديث جبير بن مطعم، عن أبيه مرفوعاً: "لا يدخل الجنة قاطع" يعني قاطع رحم، انتهى.

والقطيعة الهجر والصد، والرحم الأقارب كما تقدم،

نعم: والرحم من قبل الأب ومن قبل الأم، نعم، القرابة من جهة الأب ومن جهة الأم

 وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: "قال رسول اللهr: ((من أحب أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره؛ فليصل رحمه))" يقال وصل رحمه يصلها وصلاً، كأنه بالإحسان إليهم وصل ما بينه وبينهم من علاقة القرابة، قال في فتح الباري، قال القرطبي: "الرحم التي توصل خاصةً وعامة، فالعامة رحم الدين، وتجب مواصلتها بالتودد والتناصح، والعدل والإنصاف، والقيام بالحقوق الواجبة، والمستحبة، وأما الرحمة الخاصة، فبمزيد النفقة على القريب، وتفقد أحوالهم، والتغافل عن ذلاتهم، وتتفاوت مراتب استحقاقهم في ذلك" انتهى.

الشرح

نعم، صحيح يختلفون كل من قرب يكون حقه أعظم، وتكون بالسلام، وإبلاغ السلام وبالزيارة، وبالهدية، وبالسؤال عن الأحوال، كل هذه من أمور اتصال الرحم، ومنها الإتصال بالهاتف الجوال، بعض الأحيان، وبعض الأحيان يزورك، ما يكفي، لكن أحيانًا يكفي يكلمك  بالجوال ويزورك في وقت، ويشاركهم في آلامهم وآمالهم، نعم.

المتن

أحسن الله إليك قال: "وقوله: "وحسن الجوار" بإصال دروب الإحسان إليهم، بحسب الطاقة، كالهدية والسلام، والهدية وطلاقة الوجه عند لقائه، ومعاونته في ما يحتاج إليه، إلى ما غير ذلك، وكف أسباب الأذى عنه، على اختلاف أنواعه، وقد تكاثرت الأدلة في تعظيم حق الجار، وأن حفظ الجار من تمام الإيمان، و من أعظم مكارم الأخلاق، قال ربنا جل وعلا: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ}[النساء:36]

وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي r قال: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم جاره))، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، أنها سمعت رسول الله r يقول: ((ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه)) وأخرج الترمذي بسندٍ صحيح، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "قال رسول الله r: ((خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله، خيرهم لجاره))،

هذا فيه حث على الصلة صلة الأصحاب والجيران، نعم

أحسن الله إليك قال وفي صحيح  البخاري عن أبي شريح أن النبي r قال: ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن. قيل: من يا رسول الله؟ قال: من لا يأمن جاره بوائقه)).

الشرح

((من لا يأمن جاره بوائقه)) لا يأمن جارُه بوائِقه يعني لا يأمن شره، إذا كان لا يأمن هذا دليل على ضعف إيمانه. نعم

المتن

أحسن الله إليك "إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على عظم حق الجار، والحث على إكرامه، واحتمال أذاه، وأن ذلك من صفات المؤمنين، وفيه النهي عن أذى الجار، والدلالة على تحريمه، وأنه من كبائر الذنوب، فإن الأذى بغير حق، حرامٌ لكل أحد، ولكن في حق الجار أشد تحريماً، كما في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، أنه سأل النبي r :"أي الذنب أعظم؟ قال: ((أن تجعل لله نداً، وهو خلقك)) قال: قلت ثم أي؟ قال: ((أن تقتل ولد مخافة أن يطعم معك)) قال: ثم أي؟ قال: ((أن تزاني حريرة جارك))" والجار له مراتبٌ بعضها أعلى من بعض، فيعطى كلٌ بحسب حاله، كما وردت الإشارة إلى ذلك في الحديث المرفوع، الذي أخرجه الطبراني من حديث جابر رضي الله عنه مرفوعاً، "الجيران ثلاثة: جارٌ له حقٌ واحدٌ، وهو المشرك، له حق الجوار، وجارٌ له حقان، وهو مسلم، له حق الجوار، وحق الإسلام، وجارٌ له ثلاثة حقوق، وهو المسلم القريب، له حق الجوار، وحق الإسلام، وحق الرحم".

قال النووي رحمه الله، وغيره: "الجار يقع على أربعة: الساكن معك في البيت، قال الشاعر: أجارتنا في البيت! انكي طالق، و يقع على من لاصق بيتك، ويقع على أربعين داراً، من كل جانب، ويقع على الساكن في البلد، قال الله جل وعلا: {ولا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا}[الأحزاب:60]

قال شيخ الإسلام رحمه الله: "قوله: "والإحسان إلى اليتامى" قال: "اليتيم لغةً المنفرد، وشرعاً من مات أبوه قبل بلوغه، والإحسان لليتامى، هو رعاية أحوالهم، والتلطف بهم، وإكرامهم والشفقة عليهم، وفيه فضلٌ عظيم، كما في الصحيحين من حديث سهل بن سعدٍ رضي الله عنه، عن النبي r قال: ((أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا)) وقال بأصبعه السبابة والوسطى، وفي حديثٍ آخر: ((من مسح على رأس يتيمٍ، ولم يمسح إلا لله، كانت له بكل شعرةٌ تمره عليها يده، عشر حسنات، ومن أحسن في يتيمٍ، كنت أنا وهو في الجنة، كهاتين)) وقرن بين أصبعيه.

وروي أنه r قال: ((إذا أردت أن يلين قلبك، فأطعم المسكين، وامسح على رأس اليتيم)).

قوله: "والمساكين" جمع مسكين، وهو الذي يركبه ذل الفاقة، والفقر، فتمسكن لذلك، وإذا اطلق المسكين دخل فيه الفقير، وبالعكس، وإذا ذكرا معاً، فسر كل واحدٍ منهما بتفسير، كالإسلام والإيمان، إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا، والفقير في الإصطلاح: من وجد أقل من نصف كفايته، أو لم يجد شيئاً أصلًا والمسكين من وجد نصف كفايته فأكثر، فالفقير أشد حاجةً من المسكين عندنا، خلافاً لأبي حنيفةً ومالك، والمراد بالإحسان إلى المساكين: رعاية أحوالهم، وتقريبم، والتلطف بهم، وإكرامهم، قال جل وعلا: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ }[النساء:36]

 

وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "قال رسول اللهr : ((الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله)) وأحسبه قال: ((يشك القعنبي كالقائم لا يفتر، والصائم لا يفطر)) رواه البخاري ومسلم.

قوله: "وابن السبيل" وهو المسافر المنقطع به، والسبيل الطريق، وسمي بذلك لملازمته السفر، كما يقال ابن بالليل لمن يكثر الخروج في الليل، وقال بعض العلماء: المراد بابن السبيل الضيعف، يمر بك فتكرمه وتحسن ضيافته.

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رسول اللهr: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه))  وفي ما عنى أبو شريح العدوي، قال: "سمعت أذناي، وأبصرت عيناي، حين تكلم النبي r فقال: ((من كان يؤمن فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، جائزته، قال: وما جائزته؟ قال يومٌ وليلة، والضيافة ثلاثة أيام، وما كان وراء ذلك، فهو صدقةٌ عليه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً أو ليصمت)).

الشرح

يعني الضيف، إذا نزل بالإنسان له أن يكرمه ثلاثة أيام، وما زاد عن ذلك فهو صدقة، والأول واجب، والثاني إلى ثلاثة أيام، بعد الثالث فإنها صدقة من الصدقات، إن شاء أبقاه ، وإن شاء أمره بالإنصراف، نعم.

المتن

أحسن الله إليك قال: "وقوله: "والرفق بالمملوك"

الشيخ: كم باقي؟ كم صفحة؟

الطالب: على نهاية الكتاب؟

الشيخ: أخذنا قريب من النصف؟

الطالب: باقي ثلاثة عشر صفحة، قي الصفحة ثلاثة وأربعين وينتهي الكتاب في ست وخمسين.

الشيخ: طيب نقرأ صفحة أو صفحتين. أكمل

أحسن الله إليك

قوله: "والرفق بالمملوك" الرفق بكسر الراء، وسكون الفاء، وهو لين الجانب بالقول والفعل، والأخذ بالأسهل، وهو ضد العنف، وقد تكررت الأدلة في الحث على ذلك، فأوصى سبحانه بذلك، فقال جل وعلا: {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء:36]

وكذلك أوصى النبيr بهم كثيراً، وأمر بالإحسان إليهم، وروي أن أخر ما أوصى به عند موته: الصلاة، وما ملكت أيمانكم.

الشرح

نعم ما ملكت الأيمان، يعني ما ملكتموه بالشراء أو بالإرث من الأرقة والعبيد، كان هناك عبيد، لما كان الجهاد قائم، كان في عبيد، المسلمون إذا قاتلوا الكفار، جاهدوهم، سبوا نسائهم، وذراريهم، وصاروا عبيد يباعون ويملكهم الإنسان ويكونون مال وخدم، والإسلام فتح باب العتق، الآن ما في، ما في رق، ما في أرقة ولا عبيد، لا توجد رقة أو عبيد على قوة المسلمين، وعدم وجودها (....) ، الآن في خدم، الخدم والأجراء الآن كلهم يجب الرفق بهم والإحسان إليهم، وعدم ظلمهم وإعطائهم حقهم، فهؤلاء الخدم الآن، وكذلك أيضًا اليتيم الموكول إلينا يجب أن نتقي الله وأن نعطيه حقه ولا نحرمه من حقه و نحسن إليه، نعم

المتن

أحسن الله إليك قال: "فروى الإمام أحمد، والنسائي، وابن ماجة، وابن حبان، عن أنسٍ ومالك، وأحمد، وابن ماجة، عن أم سلمة، زوج النبي r ، وكذلك الطبراني، من حديث ابن عمر بأسانيد صحيحةٍ مرفوعة، أن النبي r قال: ((الصلاة وما ملكت أيمانكم)) فجعل يرددها في مرض موته، حتى ما يفيض بها لسانه"

وعن أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه، أن رسول اللهr قال: ((لا يدخل الجنة سيء الملكة)) أخرجه الترمذي.

الشرح

يعني سيء الخلق. نعم

المتن

قال: "قوله: "وينهون عن الفخر" أي المباهة بالكلام، والمناقب من حسبٍ ونسبٍ وغير ذلك، سواء كان فيه أو في أباءه" ذكره في المصباح، قال جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}[لقمان:18]

 والمختال هو المتكبر العظيم في نفسه، الذي لا يقوم بحقوق الناس، والفخور هو الذي يفخر على الناس، ويعدد مناقبه، تكبراً وتطاولاً على من دونه.

الشرح

والتفاخر من المحرمات، {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات:13] الأنساب لا تقدس أصحابها إنما المعول عليه العمل، قال تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} قال: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا}[سبأ:37]

الأموال والأولاد، والأنساب ما تنفع، ما ينفع إلا العمل، لكن إذا استخدمها في طاعة الله نفعته، وإذا استعملها في معصية الله أضرته. نعم

المتن

عفا الله عنك قال: "والفخور هو الذي يفخر على الناس، ويعدد مناقبه تكبراً و تطاولاً على من دونه، وينظر إلى غيره، نظر إذدراءٍ واحتقار، قال جل وعلا: {فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}[النجم:32]

في الحديث يقول: لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى، نعم

عفا الله عنك وروى مسلمٌ في صحيحه من حديث عياض بن حمارٍ رضي الله عنه، أن رسول الله r قال: ((إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحدٌ على أحد، ولا يفخر أحدٌ على أحد)) قال الشيخ تقي الدين في اقتضاء الصراط المستقيم على هذا الحديث: "فنهى سبحانه عن نوع الإستطالة على الخلق، وهو الفخر و البغي، لأن المستطيل، إن استطال بحقٍ فقد فخر، وإن كان بغير حقٍ فقد بغى" قال ابن القيم رحمه الله تعالى في المدارج: "والإفتخار نوعان: محمودٌ ومذموم، فالمذموم: إظهار مرتبته على أبناء جنسه ترفعاً عليهم، والمحمود: إظهار الأحوال السنية، والمقامات الرفيعة، لا على وجه الفخر، بل على وجه التعظيم للنعمة، والفرح بها، وذكرها والتحدث فيها، والترغيب فيها، وذلك من المقاصد في إظهارها، كما قال r: ((أنا سيد ولدي آدم، ولا فخر، وأنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، ولا فخر، وأنا أول شافعٍ وأول مُشفعٍ، ولا فخر)) وقال سعد: "أنا أول من رمى بسهمٍ في سبيل الله" انتهى.

قوله: "والخيلاء" قال جل وعلا: {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}[لقمان:18]

 

قوله: "ولا تسعر خدك" أي تميله، وتعرض عن الناس تكبراً، وقوله: "مختالاً فخورا" أي ذي خيلاء، يفخر على الناس، ولا يتواضع لهم.

قال المنذري: "الخيلاء، بضم الخاء المعجمة وبكسرها، الكبر والعجب،

وهو من كبائر الذنوب نعم

 والمخيلة بفتح الميم، وكسر المعجمة من الإختيال، وهو الكبر واستحقار الناس" انتهى.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: "قال رسول اللهr : ((لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء))" متفقٌ عليه، وفي البخاري، معلقاً عن ابن عباس رضي الله عنهما: "كل ما شئت، واشرب ما شئت، ما أخطأتك إثنتان، سرفٌ ومخيلة" وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسوله الله r قال: ((لا ينظر الله إلى من جر إذاره بطراً)) متفقٌ عليه.

وعنه أن رسول الله r قال: ((بينما رجلٌ يمشي في حلةٌ تعجبه نفسه، مرجلٌ جمته، يختال في مشيته، إذ خسف الله به الأرض، فهو يتجلجل إلى يوم القيامة)).

نسأل الله العافية، والخيلاء والكبر من كبائر الذنوب والذنوب العظيمة نعم

أحسن الله إليك قال: "قوله: "والبغي" وهو العدوان على الناس، قال العلقمي: "أصل البغي، مجاوزة الحد، قال جل وعلا: {إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ}[يونس:23]

أي أن إثم البغي، وعقوبة البغي على الباغي، إما عاجلاً، وإما آجلاً، وفي هذه الآية شؤم البغي، وسوء مصرع الباغي، قال جل وعلا:{إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[الشورى:42]، والفخر والخيلاء، كلها خصالٌ مذمومة، وردت الأحاديث بالنهي عنها، والتحذير منها، و وردت أحاديث في سرعة عقوبة الباغي، عن أبي بكر رضي الله عنه، قال: "قال رسول اللهr : ((ما من ذنبٍ أجدرُ، أو أحق من أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر الله له في الآخرة من البغي، وقطيعة الرحم)) رواه الترمذي والحاكم، وصححاه.

قوله: "والإستطالة على الخلق بحقٍ، وبغير حق" أي الترفع عليهم، واحتقارهم، والوقيعة فيهم، قال العلقمي: "يقال طال عليه، واستطال، وتطاول، إذا علاه وترفع عليه".

قوله: "ويأمرون بمكارم الأخلاق، وينهون عن سفسافها" أي يأمر أهل السنة

الشيخ: نقف على هذا؟ باقي كم؟ عشر صفحات؟

الطالب: بالتقريب نعم أحسن الله إليك

الشرح

وفق الله الجميع، ختم رحمه الله العقيدة ببيان معتقد السنة، وأنهم مع عقيدتهم الصحيحة السليمة، من شوائب الشرك والبدع، أيضاً كذلك، يؤدون ما أوجب الله عليهم، وينتهون عما حرم الله عليهم، ويفعلون ما يجملهم، ويزينهم، ويتركون ما يدنسهم ويشينهم، يفعلون مكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم، ويتركون سفاسفها، ورذائلها، فهم أهل السنة هم أحسن الناس اعتقاداً، و أحسن الناس أعمالاً، وأحسن الناس أخلاقاً، ومعاملة، وفقكم الله وإيانا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد