بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
المتن
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في العقيدة الواسطية: وفيهِمُ الصِّدِّيقونَ؛ والشُّهَداءُ، والصَّالِحونَ؛ ومنهُمْ أَعلامُ الهُدَى، ومَصابيحُ الدُّجَى، أُولو المَناقِب المَأْثُورَةِ، والفَضائِلِ المَذْكورَةِ.
هذه الأمة فيهم هؤلاء الأمة المحمدية أهل السنة والجماعة فيهم هؤلاء.
الشيخ: وصديق هي مرتبة تلي مرتبة الأنبياء ثم الشهداء ثم الصالحين كما قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا}, وأفضل الصديقين أبوبكر الصديق صديق هذه الأمة t وأفضل الناس بعد الأنبياء.
نعم:
أحسن الله إليك
قولُه: (وفيهم الصِّدِّيقونَ والشُّهداءُ) إلخ: الصِّدِّيقونَ: الذين صَدَّقوا أقوالَهم بأفعالِهم، المبالِغونَ في الصِّدْقِ والتَّصديقِ.
نعم:
الشرح
صديق صفة مبالغة فعلية قوي ايمانه وتصديقه حتى أحرق الشبهات والشهوات فلا يصر على معصية, المعاصي إنما تأتي مع الغفلة إذا قوي الإيمان لا يمكن أن يصر على معصية, إذا ضعف الإيمان مع غفلة وإعراض جاءت المعاصي ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الأفعال تصدق الأقوال, أما الأقوال غالباً الإنسان قوله يكون أوسع من العمل, تجد الإنسان يتكلم وغيره يتكلم, لكن العمل ضعيف أقل فنقول القول تجد الأقوال أحسن من الأفعال في الغالب ولا حول ولا قوة إلا بالله.
المتن
قال في المختارِ: الصِّدِّيقُ بِوَزْن السِّكِّيتِ: الدَّائمُ التَّصديقِ، وهُوَ أيضًا الذي يُصَدِّقُ قولَه بالعَملِ، انتهى، وقد تقدَّمَ الكلامُ على هَذَا.
الشرح
الأعمال هي تصدق الأقوال, أصحاب الأقوال إذا لم يأتوا بدليل على أقوالهم فيكونون أدعياء, ولهذا ممكن أن يكونوا غير صادقين لما ادعى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ}.
نعم:
المتن
قولُه: (أعلامُ) جَمعُ عَلَمٍ، بفتحتَيْنِ العَلامةُ وهُوَ ما يُهتَدى بِهِ إلى الطَّريقِ مِن جَبلٍ أو غيرِه، على قَولِ الخنساءِ في أخيها صَخْرٍ.
وإنَّ صَخْرا لتأْتَمُّ الهُداةُ بِهِ كأنَّه عَلَمٌ في رَأْسِه نَارُ
الشيخ: يعني كأنه جبل ، في رأسه نار واضح لكل أحد
نعم:
عفا الله عنك
وسُمِّي العالِمُ عَلَمًا: لأنَّه يَهتَدِي النَّاسُ بعِلمِه، كما يقال: فلانٌ جبلٌ في العِلمِ.
الشرح
سمي العالم علم العالم يسمى علم لأنه يقتدى به مثل الجبل يهتدوا الناس به والله تعالى رب العالمين وسمي عالم لأنه علامة على خالقه سبحانه وتعالى وموجده ما سوى الله عالم.
نعم:
المتن
وسُمِّي العالِمُ عَلَمًا: لأنَّه يَهتَدِي النَّاسُ بعِلمِه، كما يقال: فلانٌ جبلٌ في العِلمِ. والهُدَى وهُوَ الدَّلالةُ والإرشادُ، والهادِي هُوَ الدَّالُّ والمُرشِدُ، فالعلماءُ هم الهُداةُ، أي المُرْشِدُونَ إلى طريقِ الخيرِ، هدايةَ دلالةٍ وإرشادٍ وتوضيحٍ وبَيانٍ،
الشيخ: نعم، أما هداية التوفيق والتسديد هذه بيد الله سبحانه وتعالى لا تكون لأي أحد فهو الموفق والمسدد
وأمَّا الهدايةُ المذكورةُ في قولِه -سُبْحَانَهُ-: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} فالمرادُ بها هدايةُ التوفيقِ والإلهامِ،
الشيخ: نعم، هذه خاصة بالله تعالى.
نعم:
فالرُّسُلُ وأتْباعُهم هم الأدِلَّةُ حقاًّ، واللَّهُ هُوَ الموَفِّقُ المُلْهِمُ الخالِقُ للهُدى في القلوبِ.
الشرح
يدلون الناس على الطريق الموصل لله U, يدلون الناس على الخير, وهذا سبب لدخول الجنة هم الأدلة المرشدون, والله تعالى هو الهادي والموفق وهو الملهم, الرسل يدلون الناس على هذا هذه وظيفتهم, بقي بعد ذلك من أراد الله هدايته وفقه وهداه وألهمه, ومن لم يرد الله خير لم يوفقه, { مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا}.
نعم:
المتن
واللَّهُ هُوَ الموَفِّقُ المُلْهِمُ الخالِقُ للهُدى في القلوبِ. قولُه: (مصابيحُ) جمع مِصباحٍ وهُوَ السِّراجُ، والدُّجَى الظُّلمةُ، أي يُستضاءُ بهم في ظُلماتِ الجهلِ، كما يُجلى ظلامُ اللَّيلِ بالسِّراجِ المنيرِ ويُهتدَى بِهِ فيه، أي مِن أهلِ السُّنَّةِ والجَماعَةِ أئمَّةُ الإسلامِ وهُداةُ الأنامِ، والدَّالُّون للأُمَّةِ على نَهْجِ الرَّسولِ، والكاشِفونَ لهم عن معاني الكِتابِ والسُّنَّةِ، والمستضاءُ بهم في ظُلماتِ الجهلِ وسَوادِ الشِّركِ والخُرافاتِ والوَثَنِيَّةِ، والذَّابُّونَ عن الشَّريعةِ، المدافِعون عنها تحريفَ الغالِينَ وانتحالَ المُبْطِلينَ وتأويلَ الظَّالِمينَ، الذين بهم قام الكتابُ وبِهِ قامُوا.
الشيخ: (....)
وعن أنسٍ مرفوعا: اتَّبِعُوا العلماءَ فإنَّهم سُرُجُ الدُّنْيَا ومصابيحُ الآخرةِ، أَخرجَه في مسنَدِ الفِرْدَوسِ بسندٍ ضعيفٍ.
الشرح
السند ضعيف لكن المعنى صحيح والمراد بالعلماء العلماء العاملون علماء الحق لا علماء الدنيا علماء الضلالة لأنهم قسمان: علماء أخرة, وعلماء دنيا علماء الحق أتباع الرسل.
نعم:
المتن
وفي مسنَدِ أحمدَ -رضي اللَّهُ عنه- عن النَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: «إِنَّ مَثَلَ الْعُلَمَاءِ فِي الأَرْضِ كَمَثَلِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ يُهْتَدَى بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، فَإِذَا انْطَمَسَتِ النُّجُومُ أَوْشَكَ أَنْ تَضِلَّ الْهُدَاةُ».
قولُه: (أُولو المناقِبِ المأثورةِ والفضائلِ المذكورةِ) أي: أصحابُ المناقِبِ، وَهِيَ جَمعُ مَنْقَبةٍ ضِدُّ المَثْلَبةِ، قال في القاموسِ: المَنْقَبةُ: المَفْخَرةُ، والمأثورةُ أي المذكورةُ، ومنه أَثَرَ الحديثَ، أي نَقَلَه عن غيرِه، والفضائِلُ جَمعُ فضيلةٍ، وَهِيَ ضِدُّ النَّقيصةِ، والفَضلُ: الخيرُ، (المذكورةِ)، أي الذَّائعةِ الصِّيتِ المتردِّدةِ على الألْسُنِ، والذِّكْرُ: هُوَ الصِّيتُ والشَّرفُ، قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ} وهَذَا الذِّكْرُ عُمْرٌ ثانٍ وحياةٌ أخرى، وَذَلِكَ أحقُّ ما تَنافَسَ بِهِ المتنافِسون ورَغِبَ بِهِ الرَّاغِبون، ومَن تأمَّلَ أحوالَ أئِمَّةِ الإسلامِ كَيْفَ هم تحتَ التُّرابِ، وهم في العالَمِين كأنَّهم أحياءُ بينهم لم يَفْقَدوا منهم إلا صُوَرَهم.
نعم:
الشرح
شيخ الإسلام بن تيميمة هذه كتبه نقرأها الأن, كان يعيش فين الإمام أحمد والإمام مالك وأبوحنيفة والشافعي وسفيان الثوري والمحدثون البخاري ومسلم والترمذي والنسائي الأن نترحم عليهم, عمر ثاني وعمل يجري بعد مماتهم, العلماء رضى الله عنهم لم يفقد إلا صورهم, العلماء الأن صورهم الأن موجود ابن عثيمين ابن باز الأن صورهم تشاهد الأن صارت الصور كأنهم يعيشون بيننا الأن, وسائل الإعلام تنقل أقوالهم وصورهم كأنه يعيش بيننا كأنه حاضر تشاهد صورته وتسمع كلامه مدة معينة – الله أكبر- وإن كانت الصور فيها كلام لكن هذا الواقع الآن.
شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله كتبه وأئمة الدعوة كلهم الأن نترحم عليهم, وأما غيرهم من التجار الغير معروفين والشعراء وغيرهم وعامة الناس ما أحد يعرفه ليس لهم ذكر ما يعرفون, والملوك وكذلك إلا أن تقرأ سيرهم في التاريخ منهم من يذم ومنهم من يمدح حسب أعمالهم, كثيراً ذكر بعضهم الظالمين قال لعنه الله, وذكر بعض الصالحين قال رحمه الله ترحم عليه شوف الألفاظ.
نعم:
أحسن الله إليك
المتن
وهم في العالَمِين كأنَّهم أحياءُ بينهم لم يَفْقَدوا منهم إلا صُوَرَهم.
وإلاَّ فَذِكْرُهم والثَّناءُ عليهم غيرُ منقطِعٍ، عَلِمَ أنَّ هَذِهِ الحياةُ حقاًّ كما قال المتَنَبِي:
ذِكْرُ الفَتَى عُمْرُه الثَّاني وحاجَتُه مافاتَه وفُضولُ العَيشِ إِشغالُ
الشرح
حياته الأولى قبل الموت وبعد الموت هذه حياته عمر ثاني يعني الفاضل في الحياة إشغاله يعني ما يبقى إلا الذكر والعمل وفضول العيش ومشاغل الحياة والأشغال هذه ذهبت.
نعم:
المتن
وقال ابنُ دُريدٍ:
وإنَّما المرءُ حديثٌ بعده فكُنْ حَدِيثا حَسَنا لمَنْ وَعَى
نعم:
الشرح
يعني بعد وفاته في حديث إما في حديث حسن أو في حديث سيء
المتن
وقال آخَرُ:
وفي الجَهلِ قبلَ الموتِ موتٌ لأهلِه فأجْسامُهُم قَبلَ القُبورِ قُبورُ
وأرْواحُهُم في وَحشةٍ مِن جُسومِهم وليس لَهُم حتَّى النُّشورِ نُشورُ
الشرح
والجهال هم من يكونون يعيشون بين الناس, والعلماء أحياء ولو ماتوا الجهال قبورهم أجسامهم.
نعم:
المتن
وقال آخر:
أخو العِلمِ حَيٌّ خالدٌ بعد مَوْتِه وأوصالُه تحت التُّرابِ رَميمُ
وذو الجهلِ مَيْتٌ وهُوَ يَمْشِي على الثَّرى يُعَدُّ مِن الأحياءِ وهُوَ عَديمُ
الشرح
لأنه لا فائدة منه مثل ما قال بعضهم " كُنْ عَالِمًا , أَوْ مُتَعَلِّمًا , أَوْ مُحِبًّا , أَوْ مجالسا , وَلا تَكُنِ الْخَامِسَ فَتَهْلِكَ ".
إذا صار نوعان ما يتعلم, ولا مجالس, ولا يحب وإيش تكون لا خير فيه, لكن المؤمن يكون محب لا شك عنده نوع من العلم, تعلم دينه لكن اللي ليس عنده شيء من العلم, ولا متعلم, ولا مُحب للعلماء, ولا مجالس هذا هالك كما قال بعضهم سائر الناس همل راع لا خير فيهم.
نعم:
أحسن الله إليك
المتن
وفي حديثِ عليٍّ -رضي اللَّهُ عنه- أنَّه قال: ماتَ خُزَّانُ الأموالِ وهم أحياءُ، والعلماءُ باقونَ ما بَقِيَ الدَّهرُ، أعيانُهم مفقودةٌ وأمثالُهم في القلوبِ مَوجودةٌ.
قال شيخ الإسلام رحمه الله وفيهم الأبدال
بارك الله فيك
وفق الله الجميع لطاعته