بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين..
المتن
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمنا الله وإياه في العقيدة الوسطية: "وفيهم الأبدال، وفيهم أئمة الدين الذين أجمع المسلمون على هدايتهم".
قال الشارح رحمه الله تعالى: "وفيهم الأبدال" أي في أهل السنة والجماعة الأبدال، قال في النهاية هم الأولياء، والعُباد، سموا بذلك لأنهم كلما مات منهم واحدٌ أُبدل بآخر، انتهى.
قال في الآداب الشرعية، ونص أحمد رحمه الله على أن لله أبدالاً في الأرض، قيل من هم، قال: إن لم يكونوا أصحاب الحديث، فلا أعرف لله أبدالاً، وقال أيضاً عنهم: إن لم يكونوا هؤلاء أفلا لا أدري من الناس، انتهى.
وقال: "وقد ورد في الأبدال عدة أحاديثٍ، وكلها مُتكلمٌ فيها، وصنف السيوطي رحمه الله مصنفاً في الأبدال، وذكر الأحاديث الواردة فيهم، وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى: "كل حديثٍ يروى عن النبي r في عدة الأولياء والأبدال، والنقباء و النجباء والأوتاد والأقطاب ونحو ذلك، فليس في ذلك شيءٌ صحيح عن النبي r، ولم ينطق السلف بشيءٍ من هذه الألفاظ، إلا بلفظ الأبدال، روي فيهم حديثٌ أنهم أربعون، وأنهم في الشام، وهو في المسند من حديث عليٍ رضي الله عنه، وهو حديثٌ منقطع ليس بثابت" انتهى.
فإذا عرفت ما تقدم فيما يزعمه المخرفون، من أن مدد الخلائق ونصرهم ورزقهم، يكون بواسطة هؤلاء، لا شك في بطلانه، وأنه ليس من دين المسلمين، بل من دين المشركين، وقد ذكر الشيخ إجماع على أن من جعل بينه وبين الله واسطةً يدعوه، ويتوكل عليه أنه كافر، قال الله تعالى حاكياً عن المشركين، أنهم يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر:3]
، وقال عنهم أنهم يقولون: {هؤلاء شفعائنا عند الله} قال ابن القيم رحمه الله في النونية: "والشرك فهو توسلٌ مقصوده الزلفى إلى الرب العظيم الشاني" وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله بعد كلام: "والذين تكلموا باسم البدل أفردوه بمعاني، منها أنهم كلما مات منهم رجل أبدل بآخر، ومنها أنهم أبدلوا السيئات بأخلاقهم وأعمالهم، وعقائدهم بالحسنات، وهذه الصفات كلها لا تختص بأربعين ولا بأقل ولا بأكثر، ولا تحصر بأهل بقعةٍ من الأرض" إلى أن قال: "فالغرض أن هذه الأسماء تارةً تفسر بمعاني باطلة من الكتاب والسنة، وإجماع السلف، مثل تفسير بعضهم، بأن الغوث، هو الذي يغيث الله به أهل الأرض من رزقهم ونصرهم، فإن هذا نظير ما تعتقده النصارى في الباب، وهو معدوم العين والأثر، وتشبيه بحال المنتظر، وكذلك مفسر الأربعين الأبدال، بأن الناس إنما ينصرون، ويرزقون بهم، فذلك باطلٌ، بل النصر والرزق يحصل بأسبابٍ، من أوكدها دعاء المسلمين والمؤمنين، وصلاتهم وإخلاصهم، ولا يتقيد ذلك لا بأربعين ولا بأقل، وقد يكون للنصر والرزق أسبابٌ أخر" انتهى بتلخيص.
الشرح
الأبدال هم العلماء، والعُباد الذين يخلف بعضهم بعضا، لايزال في هذه الأمة علمائها يخلف بعضهم بعضاً، وكما جاء في الحديث أن هذه الأمة جعل العلماء بمنزلة الأنبياء في الأمم السابقة، فالأمم السابقة الله تعالى أرسل أنبياء كثيرون، والحديث كان بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإن هذه الأمة خاتمها محمد r فليس بعده نبي، وإنما بعده العلماء، والعلماء هم ورثة الأنبياء، يجددون للناس ويذكرون لهم دينهم، فالمقصود هنا بالأبدال، يعني العلماء والعُباد الذين يخلف بعضهم بعضا، ويأتي بعضهم بدل بعض، وأما الأحاديث التي ذكرتها فهي ضعيفة، وأما ما يزعمه المخرفون من المشركين، وغيرهم وعباد القبور، أنه هؤلاء الأبدال هم الواسطة بين الله وبين الناس، وأنهم يمدونهم بالرزق، وأنهم يسألون ويستغاث بهم، و يسألون، تطلب منهم تفريج الكربات واغاثة اللهفات، هذا كلامٌ باطل، هذا شرك، نسأل الله العافية.
الطالب/ تسمية شخص بالغائث
الشيخ/ يسمون أقطاب، وأوتاد، والنُجباء، والغوث، وسبعة وسبعون، إلى غير ذلك من الخرافات التي يزعمون أن هذا وتد، وأن هذا غوث يستغاث به، وأن هذا وتد وأن هذا قطب، يسمونهم الأقطاب، والنجباء، هذه كلها من الخرافات وأن الذي يصرف الكون أربعة أقطاب والعياذ بالله ، هذا شك في الربوبية وهو من أعظم الشرك، كذلك تعلق بعضهم بالمجاذيب، أو ضعفاء العقول، يقدرون ضعيف العقل أو مسلوب العقل، وكأن ضعيف العقل، أو مسلوب العقل، أو الخرف الذي يكون في مكان، وتكون مشققة ثيابه، ويكون على مزبلة، يقولون ما تدري هذا الشخص الذي مزقت ثيابه، وأشعاره، وأظافره، هذا وتد، يتصرف في الكون وأنت لا تدري، وهكذا يقولون ونعوذ بالله، وقد سألوا عن مسلوبي العقل، يقولون هم أولياء الله، المجانين ومساليب العقل هم أولياء الله، وهم الذين يصيرون الكون، ونعوذ بالله، من الشرك والتخريف عندهم.
نعم:
أحسن الله إليك
الطالب/ طلب الغوث من إنسان، هل يجوز هذا؟
الشيخ/ نعم يجوز، يستغاث بالإنسان في أشياء التي يقدر عليها، قال تعالى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}[القصص:15] الاستغاثة التي يقدر عليها لا بأس مثلاً انسان غريق يستغاث بسباح، هذا لا بأس، ينزل ويغيثون، في الأمور العادية بين الناس أما الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله، فهذه لا يستغاث فيها بأحد.
المتن
قال: "وفيهم أئمة الدين.. إلى أخره" إي في أهل السنة والجماعة، أئمة الدين، أي المقتدى بهم فيه، كالإمام أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وسفيان الثوري".
الشرح
هؤلاء الأئمة الأربعة، وغيرهم، سفيان الثوري والليث بن سعد له مذهب، وهناك أخرين لهم مذاهب، لكن لم يكن لهم تلاميذ، والأئمة كثيرون، الليث بن سعد إمام، وله تلاميذ، وسفيان بن عيينه وسفيان الثوري، لكن مذاهبهم ما انتشرت؛ لأن تلاميذهم ما اعتنوا بنقل أقوالهم، فاندثرت، أما الأئمة الأربعة، فقد هيأ الله لهم تلاميذ، وعلماء ينشرون مذاهبهم، ويدونونها، ويقارنون بينهم، ويجمعون الروايات، ويقارنون بينها، فانتشرت هذه المذاهب الأربعة، أبو حنيفة، ومالك، والشافعي وأحمد، في علماء أمثالهم، لكن ما انتشرت مذاهبهم، ولا دونت، فلهذا اشتهر هؤلاء الأئمة الأربعة، نعم.
المتن
قال: "وغيرهم، كالشيخ تقي الدين، وابن القيم، وكإمام هذه الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وغيرهم من أئمة الهدى، الذين اشتهرت أئمتهم، وأجمع المسلمون على هدايتهم، ودرايتهم، فلا يقبل فيهم قول جارحٍ، ولا طعن طاعنٍ".
الشرح
نعم الجارح والطاعن، هذا مشهور، اشتهرت عدالاتهم، وهدايتهم، إذا جرح واحد مثلاً فيهم، مثل أحمد بن حنبل، لا يهتز، فالقمر لا يضره شيء، والنجم لا يضره شيء ويأخذ الكلام ويضرب به عرض الحائط، ييجي واحد يسب الإمام كذا ولا كذا، أو يسب مالك، أو الشافعي، أو سفيان بن عيين، أو الليث بن سعد، أو شيخ الإسلام ابن تيمية أو ابن القيم، هذا ما يضره، كالسحاب لا يضرها نبح الكلاب، نعم.
أحسن الله إليك
المتن
"إذ من ظهرت إمامته، واشتهرت عدالته، فلا يلتفت فيه إلى قول قائل، وقد روي عن النبي r أنه قال: ((يحمل هذا العلم من كل خلفٍ عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبتلين، وتأويل الجاهلين))، قال ابن القيم رحمه الله: وهذا يتضمن تعديله r لحملة العلم".
نعم:
الشرح
نعم يحمل هذا العلم من كل خلفٍ عدوله، هذا تعديل منه r.
المتن
" لحملة العلم الذين بعث به، فلهذا اشتهر عند الأئمة عدالة نقالته، اشتهاراً، لا يقبل شكاً ولا امتراءاً، ولا ريب أن من عدله الرسول r لا يسمح فيه جرح جارح، فلهذا لا يقبل قدح بعضهم في بعض، وهذا بخلاف من اشتهر عند الأمة جرحه، والقدح فيه، كأئمة البدع، ومن جرى مجراهم من المتهمين، فإنهم ليس عند الأمة من حملة العلم" انتهى بتصرف.
الشرح
نعم مثل الجهمي الصفوان، عمرو بن عبيد، مشهورين بالبدع، وغيرهم من أئمة المعتزلة والأشاعرة، معروفين بالبدع، نعم.
الطالب/ ما معنى "فلهذا لا يقبل قدح بعضهم في بعض"؟
الشيخ/ يعني الأقران، أي يكون بينهم منافسة، ولهذا ما يقبل القدح الواحد في قرينه، قرينه زميله، ما عدا ذلك يكون بينهم تنافس، فلا يقبل منهم قدحهم في بعضهم، نعم.
أحسن الله إليك
المتن
قال: "وقد اشتهر عن هؤلاء الأئمة النهي عن التقليد والحث على اتباع الكتاب والسنة، كما روي عن الإمام أحمد أنه قال: "عجبت لقومٍ عرفوا الإسناد وصحته، يذهبون إلى رأي سفيان، والله جل وعلا يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النور:63] أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعل إذا رد قوله، أو بعض قوله، أن يقع في قوله شيءٌ من الزيغ، فيهلك".
الشرح
يعني الإمام أحمد يتعجب من قومٍ، يتركون السنة، ويأخذون بأقوال بعض العلماء، وأنه يخشى عليهم من الزيغ، وسفيان بن عيينة من هو؟ سفيان الإمام، يقول عجبت لقومٍ عرفوا الإسلام الصحيح، وعرفوا الحديث، وأنه صحيح، ثم يتركوا الحديث، ويأخذوا برأي سفيان، لو كان إمام، ما يؤخذ بقوله ويترك الحديث، وهذا يخشى عليه من الزيغ، عجبت لقومٍ عرفوا الإسناد وصحته، يذهبون إلى رأي سفيان، والله جل وعلا يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النور:63] أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعل إذا رد قوله r ، أو بعض قوله، أن يقع في قوله شيءٌ من الزيغ، فيهلك" إذا كان الذي يترك قول النبيr ويأخذ برأي سفيان، ومن هو؟! يخشى عليه من الزيغ، فكيف بقول غيره؟ ومثله قول ابن عباس رضي الله عنه، لما كان يفتي بالمتعة، والنبيr أمر أصحابه بالمتعة، وهو أن من أحرم بالحج، يتحلل، ثم يحرم بالحج، كانوا في الجاهلية يرون أن العمرة من أفجر الفجور في أشهر الحج، ما في عمرة أيام الحج، فالنبيr وحتم عليهم أن يتحللوا، فصار بعد ذلك الصديق وعمر رضي الله عنهم يقومون بعد ذلك بالإفراد بالحج، قالوا إن الناس عرفوا السنة، واستقرت الشريعة، وزال اعتقاد أهل الجاهلية، فاجتهد الخلفاء الثلاثة، الصديق، وعمر، وعثمان، وصوا الناس بالإفراد بالحج حتى لو تؤجل العمرة إلى وقتٍ أخر، حتى لا يزال حج ويعتمر، لكن جمع الصحابة صاروا يفتون بالمتعة التي أمر بها النبيr تمتعوا، صار يفتي بها علي رضي الله عنه، وموسى الأشعري، وجمعهم ابن عباس، كان يفتي بالمتعة، فعارض بعض الناس، قالوا أنت الآن تفتي بالمتعة، والصديق وعمر يفتون بالإفراد، فاشتد عليهم ابن عباس، قال توشك أن تنزل عليه الحجارة من السماء، فقال أقول قال رسول اللهr، تقولون قال أبو بكر و عمر؟! تعارضون السنة بقول أبو بكرٍ وعمر، كالذي عارض فأبو بكرٍ وعمر من هما؟ أفضل الناس بعد الأنبياء، يخشى عليهم من العقوبة، فكيف بغيرهما، بمعنى أنه يجب تفضيل السنة على كل حال، ومن اجتهد له اجتهاده، وله أجره على اجتهاده، لكن السنة مقدمة، على قول كل أحد.
نعم:
أحسن الله إليك
المتن
قال: "وقال مالك رحمه الله: "كلٌ يؤخذ من قوله ويترك، إلا صاحب هذا القبر"
الشرح
نعم كله يؤخذ ويترك من قوله إلا الرسول r، فاطمة رضي الله عنها، سيدة نساء أهل الجنة، غلطت، وجاءت إلى أبي بكر الصديق تطلب ميراثها من النبيr وغضبت عليه وهاجرته حتى ماتت بلا عطية، أعطيني ميراثي من الرسول؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: "سمعت النبي يقول: ((نحن معشر الأنبياء لا نورث)) ما تركناه لهم صدقة، الأنبياء ما يورثون، روى هذه عشرة من الصحابة، والحق مع أبي بكر، وهي غلطت، ما في أحد معصوم من الخطأ، الرسول r فقط هو اللي معصوم عن الخطأ فيما يبلغ عن الله، ومعصوم عن الكبائر، أما غيره يغلط، ما في أحد ما يغلط، نعم.
أحسن الله إليك
المتن
وقال الشافعي رحمه الله تعالى: "أجمع العلماء على أن من استبانت له سنة رسول الله r لم يكن له أن يدعها لقول أحد" إلى غير ذلك من كلام الأئمة في الحث على الإتباع، وذم التقليد، قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: "قد اتفق الأئمة اتفاقاً يقينياً على وجوب اتباع الرسول r وعلى أن كل أحدٍ يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله r، وإذا وجد لواحد منهم قولٌ، قد جاء الحديث الصحيح بخلافه، فلابد له من عذرٍ في تركه، وجميع الأعذار ثلاثة أصناف: أحدها عدم اعتقاد أن الرسول r قاله، والثاني عدم اعتقاده إرادة تلك المسألة بذلك القول، والثالث أن ذلك الحكم منسوخ" انتهى من كلام رفع الملام عن الأئمة الأعلام.
الشرح
رسالة جيدة من شيخ الإسلام، رفع الملام عن الأئمة الأعلام، ذكر فيه أعذار العلماء اللي بيخالفوا الأحاديث، يعني إذا خالف الإمام حديث، فله عذر، إما أنه ما بلغه الحديث، أو أنه بلغه، لكن اعتقد أن المسألة ما تدخل فيه، أو أنه اعتقد أن الحكم منسوخ، له عذر، الأئمة لهم أعذار، ما يتركوا الحديث إلا ولهم أعذار، لكن أنت الآن بلغك الحديث، فأنت لست بمعذوراً أن تترك الحديث وتأخذ بقول الإمام اللي خالف الحديث، الإمام كان له عذر، أما أنا الآن لما اتضح لك الأمر، ما لك عذر، ليس لك أن تدفع الإمام إذا أخطأ وغلط، عليك أن تأخذ بالحديث، نعم.
أحسن الله إليك
المتن
قوله: "والطائفة المنصورة" أي بالحجة والبيان، أو بالسيف والسنان"
بارك الله فيك
قف على بداية الفصل
وفق الله الجميع لطاعته