شعار الموقع

66- مختصر زاد المعاد

00:00
00:00
تحميل
15

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين, اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والسامعين.

(المتن)

[فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الأسماء والكنى]

وقال أبو داود: وغير النبي صلى الله عليه وسلم اسم العاص، وعزيز، وعتلة، وشيطان، والحكم، وغراب، وحباب، وشهاب، فسماه هشاما، وسمى حربا سلما، وسمى المضطجع المنبعث، وأرضا عفرة سماها خضرة، وشعب الضلالة سماه شعب الهداية، وبنو مغوية سماهم بني رشدة.

(الشرح)

وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب الفأل, سماها بأضداها, شعب الغواية سماه شعب الهداية.

(المتن)

 ولما كانت الأسماء قوالب للمعاني دالة عليها، اقتضت الحكمة أن يكون بينها وبينها ارتباط وتناسب.

(الشرح)

الأسماء قوالب المعاني, اقتضت الحكم أن يكون بينها تناسب.

(المتن)

 وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبي المحض.

(الشرح)

يعني الاسم له نسبة من مسماه.

(المتن)

 فإن الحكمة تأبى ذلك، والواقع يشهد بخلافه، بل للأسماء تأثير في المسميات، وللمسميات تأثر عن أسمائها في الحسن والقبح، والخفة والثقل، واللطافة والكثافة، كما قيل:

وقل أن أبصرت عيناك ذا لقب ... إلا ومعناه إن فكرت في لقبه

(الشرح)

يعني اللقب له تأثير في معناه.

(المتن)

وكان صلى الله عليه وسلم يحب الاسم الحسن، وأمر إذا أبردوا إليه بريدًا أن يكون حسن الاسم، حسن الوجه، وكان يأخذ المعاني من أسمائها في المنام واليقظة.

(الشرح)

حتى في تعبير الرؤيا, لما جاء سهيل للصلح قال: «سهل أمرنا», وكذلك لما رأى أنهم يأكلون من رطب وكذلك بني رافع وغيرها, كلها تأولها النبي صلى الله عليه وسلم تأويل حسن.

(المتن)

 كما رأى أنه هو وأصحابه في دار عقبة بن رافع، فأتوا برطب من رطب ابن طاب، فأوله أن العاقبة لهم في الدنيا، والرفعة في الآخرة.

(الشرح)

رفع من رافع والعاقبة من عقبة, هذا من باب التأويل الحسن.

(المتن)

 وأن الدين الذي اختاره الله لهم قد أرطب وطاب.

(الشرح)

الله أكبر الرطب طاب الدين.

(المتن)

 وتأول سهولة الأمر يوم الحديبية من مجيء سهيل، وندب جماعة إلى حلب شاة، فقام رجل يحلبها، فقال: «ما اسمك "؟ قال: مرة. فقال: " اجلس " فقام آخر، فقال: " ما اسمك "؟ قال- أظنه-: حرب. قال: " اجلس " فقام آخر، فقال: " ما اسمك "؟ قال: يعيش، قال: " احلبها» .

وكان يكره الأمكنة المنكرة الأسماء، ويكره العبور فيها.

(الشرح)

يعني كونه يعبر في الأمكنة المكروهة.

(المتن)

 كما مر بين جبلين، فسأل عن اسمهما، فقالوا: فاضح ومخزي. فعدل عنهما. ولما كان بين الأسماء والمسميات من الارتباط والتناسب والقرابة ما بين قوالب الأشياء وحقائقها، وما بين الأرواح والأجسام، عبر العقل من كل منهما إلى الآخر.

(الشرح)

يعبر العقل من الأمر الحسي إلى الأمر المعنوي, طريق فاضح ومخزي هذا يصير فيه شؤم فضيحة وخزي, ولهذا عدل ما مر بين الجبلين.

طالب: أليس هذا تشاؤهم؟

الشيخ: لا, من باب محبة الأسماء الحسنة والبعد عن الأسماء السيئة.

(المتن)

 كما كان إياس بن معاوية وغيره يرى الشخص، فيقول: ينبغي أن يكون اسمه كيت وكيت، فلا يكاد يخطئ، وضد هذا العبور من اسمه إلى مسماه، كما سأل عمر رجلاً عن اسمه، فقال: جمرة. فقال: واسم أبيك؟ فقال: شهاب. قال: فمنزلك؟ قال بحرة النار. قال: فأين مسكنك؟ قال: بذات لظى. قال: اذهب فقد احترق مسكنك.

(الشرح)

وفي لفظ, قال: من أي قبيلة؟ قال: من حرقة, اسمه لظى وأبوه شهاب, قال: اذهب إل أهلك فاحترقوا, كله نار في نار, نسأل الله العافية, دليل على أن الأسماء قوالب المعاني.

(المتن)

 قال: فذهب فوجد الأمر كذلك.

(الشرح)

ذهب فوجد أهله احترقوا نسأل الله العافية.

(المتن)

كما عبر النبي صلى الله عليه وسلم عن اسم سهيل إلى سهولة أمرهم، وأمر أمته بتحسين أسمائهم، وأخبر أنهم يدعون يوم القيامة بها، وتأمل كيف اشتق للنبي صلى الله عليه وسلم من وصفه اسمان مطابقان لمعناه وهما أحمد ومحمد، فهو لكثرة ما فيه من الصفات المحمودة وشرفها وفضلها على صفات غيره أحمد، وكذلك تكنيته لأبي الحكم بأبي جهل، وكذلك تكنية الله عز وجل لعبد العزى بأبي لهب لما كان مصيره إلى ذات لهب، ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، واسمها يثرب، سماها طيبة لما زال عنها من معنى التثريب.

(الشرح)

أبو الحكم سماه أبو جهل؛ لأنه كافر لخبثه وعداوة الإسلام والمسلمين, وأبو لهب كذلك, عبد العزى سمي أبو لهب لكفره وضلاله.

(المتن)

 ولما كان الاسم الحسن يقتضي مسماه قال صلى الله عليه وسلم لبعض العرب: «يا بني عبد الله، إن الله قد أحسن اسمكم واسم أبيكم» . فانظر كيف دعاهم إلى عبودية الله بذلك. وتأمل أيضا الستة المتبارزين يوم بدر، فالوليد له بداية الضعف، وشيبة له نهاية، وعتبة من العتب، وأقرانهم علي وأبو عبيدة والحارث، العلو والعبودية والسعي الذي هو الحرث؛ ولذلك كان أحب الأسماء إلى الله ما اقتضى أحب الأوصاف إليه، فإضافة العبودية إلى اسمه " الله " و " الرحمن " أحب إليه من إضافتها إلى " القادر " و " القاهر " وغيرها.

(الشرح)

يعني عبد الله وعبد الرحمن أفضل من التعبيد بعد القادر وعبد القاهر.

(المتن)

 وهذا لأن التعلق الذي بين العبد وربه إنما هو العبودية المحضة، والتعلق بين الله وبين العبد بالرحمة المحضة.

(الشرح)

الإنسان عبد الله, فمن الله الرحمة ومن العبد التعبد لله عز وجل.

(المتن)

فبرحمته كان وجوده وكماله، والغاية التي أوجده لأجلها أن يتألهه وحده محبة وخوفًا ورجاء. ولما والهم مبدأ الإرادة، وترتب على إرادته حرثه وكسبه، كان أصدق الأسماء اسم همام وحارث. ولما كان الملك الحق لله وحده، كان أخنع اسم عند الله وأغضبه له اسم " شاهان شاه " أي ملك الملوك.

(الشرح)

قف على ولما كان, وفق الله الجميع لطاعته.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد