بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين والسامعين.
(المتن)
قال المؤلف رحمه الله تعالى في "مختصر زاد المعاد":
وكره قوم من السلف الكنية بأبي عيسى، وأجازه آخَرُونَ، فَرَوَى أبو داود عَنْ زَيْدِ بْنِ أسلم أن عمر ضرب ابنا له تكنى بأبي عيسى، وكني المغيرة بأبي عيسى فقال عمر: أَمَا يَكْفِيكَ أَنْ تُكْنَى بأبي عبد الله؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كناني بذلك، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قد غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وإنا لفي جلجلتنا. فَلَمْ يَزَلْ يُكَنَّى بأبي عبد الله حَتَّى هلك.
(الشرح)
الأقرب والله أعلم أنه لا بأس في التكنية بأبي عيسى, ليس هناك مانع إنما المانع من التكنية بأبي القاسم في حياة النبي r قال: «سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي» أما ما عداه من الكُنى, أبي عيسى, أبي موسى, محمد, أبي إبراهيم الأصل فيها الجواز, إنما المنع جاء في التكنية بكنية النبي r في حياته, لما نادى رجل: أبا القاسم, فالتفت له النبي r فقال له: لم أعنك, فقال النبي r: «سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي» وهذا في حياته.
الطالب: وهل لعيسى أب؟.
الشيخ: ليس المراد عيسى هو, المراد الاسم هنا.
(المتن)
ونهى عَنْ تَسْمِيَةِ الْعِنَبِ كَرْمًا، وَقَالَ: «الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ».
(الشرح)
وهذا النهي للتنزيه لأنه جاء تسمية الكرم بالعنب, النهي يكون للتنزيه كما نُهي عن تسمية العشاء بالعتمة.
(المتن)
وَهَذَا لِأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ تَدُلُّ عَلَى كثرة الخير والمنافع، وقال: «لا يغلبنكم الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ، أَلَا وَإِنَّهَا الْعِشَاءُ، وإنهم يسمونها العتمة».
(الشرح)
لأنهم يعتمون بالإبل يعني يتأخرون, فهذا فيه دليل على أنه ينبغي ألا تسمى العشاء بالعتمة كثيرًا؛ لأن هذا فعل العرب, لكن إن سماها بعض الأحيان فلا بأس؛ لأنه جاء تسميتها بالعتمة, فينبغي أن تسمى العشاء بالعشاء كثيرًا, وإذا سماها بعضهم بالعتمة فلا حرج, ولهذا قال النبي r: «لا يغلبنكم الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ، أَلَا وَإِنَّهَا الْعِشَاءُ، وإنهم يسمونها العتمة» فتسميتها بالعتمة كثيرًا هذا تركه أولى, وتسميتها بالعتمة بعض الأحيان لا حرج.
(المتن)
وقال: «لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا ولو حبوا».
(الشرح)
هذا دليل على الجواز سماها العتمة.
(المتن)
والصواب أنه لم ينه عن إطلاق هذا الاسم بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ أَنْ يُهْجَرَ اسْمُ العشاء.
(الشرح)
يهجر فلا تُعرف إلا العتمة, فإذا سماها بعض الأحيان بالعتمة وسماها كثيرًا العشاء باسمها فلا حرج.
(المتن)
وهذا محافظة منه على الاسم الذي سمى به الْعِبَادَاتِ، فَلَا تُهْجَرُ وَيُؤَثِّرُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا.
(الشرح)
فلا يفضل عليها غيرها, فلا يفضل اسم العتمة على اسم العشاء.
(المتن)
كَمَا فَعَلَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ، وَنَشَأَ بِسَبَبِ هَذَا مِنَ الْجَهْلِ وَالْفَسَادِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ، وَهَذَا لمحافظته على تقديم ما قدمه الله.
(الشرح)
الله تعالى سماها العشاء.
(المتن)
وبدأ في العيد بالصلاة ثم نحر، وَبَدَأَ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِالْوَجْهِ، ثُمَّ الْيَدَيْنِ، ثم الرأس، ثم الرجلين، وقدم زكاة الفطر على صلاة العيد؛ لقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الْأَعْلَى/ 14 - 15] وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ.
(الشرح)
يعني يبدئ بما بدأ الله به.
الطالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 06:17)) –
الشيخ: هذا طيب فلا ينبغي هجر الألفاظ الشرعية كما فعل المتأخرون فإنهم يستعملون بعض مصطلحات الجاهلية, بعض الصحافيين الآن يسمون المدينة يثرب, الاسم الجاهلي يحافظون عليه, ولهم كثير من الأسماء التي يرجعون فيها إذا ما ذكر أهل الجاهلية, هذا هجر للألفاظ الشرعية وسماع الألفاظ الجاهلية والتي تُركت هو الذي نشأ بسببه من الفساد ما الله به عليم, ولم يكن من ذلك إلا مخالفة النبي r.
الطالب: اسمها المدينة المنورة؟.
الشيخ: اسمها كانت يثرب, بعض الصحفيين إلى الآن يسميها يثرب, أما مكة المكرمة هذه أحدثها المتأخرون, والمدينة المنورة أيضًا, فمكة اسمها مكة فقط, والمدين اسمها المدينة النبوية.
الطالب: والكعبة؟.
الشيخ: سماها الله تعالى البيت الحرام, والكعبة.
(المتن)
فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِفْظِ الْمَنْطِقِ وَاخْتِيَارِ الْأَلْفَاظِ.
كَانَ يَتَخَيَّرُ فِي خِطَابِهِ، وَيَخْتَارُ لِأُمَّتِهِ أَحْسَنَ الْأَلْفَاظِ وأبعدها من ألفاظ أهل الجفاء وَالْفُحْشِ، فَلَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَلَا صَخَّابًا وَلَا فَظًّا. وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ اللَّفْظِ الشَّرِيفِ فِي حَقِّ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ، وأن يستعمل اللفظ الْمَكْرُوهُ فِي حَقِّ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ. فمن الأول منعه أن يقال للمنافق: سيد.
(الشرح)
الآن الإذاعات يسمون كل من يستمع إلى كلامه سادة, أيها السادة, فساق ومنافقون وغيرهم, كذلك بعضهم يكتب في الخطاب السيد فلان وقد يكون منافق, وهذا من الأشياء المحظورة.
(المتن)
ومنعه أن يسمى العنب كرما، ومنعه من تَسْمِيَةَ أبي جهل بأبي الحكم، وَكَذَلِكَ تَغْيِيرُهُ لِاسْمِ أبي الحكم مِنَ الصَّحَابَةِ بأبي شريح.
(الشرح)
كان هذا في الجاهلية يقضي بين الناس ويقبلون حكمه ويلقب بالحكم, فلم أسلم قال له النبي r: لماذا سميت بالحكم؟ قال: يا رسول الله كنت أقضي بين المتخاصمين فيرضون, فقال: ما أحسن هذا, قال: كم لك من الولد؟ قال: مسلم, إبراهيم, شريح, وعبد الله, قال: من أكبرهم؟ قال: شريح, قال: فأنت أبو شريح.
(المتن)
وَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ» ومنه نهيه المملوك أن يقول لسيده: ربي، وللسيد أن يقول لمملوكه: عبدي وأمتي.
(الشرح)
وهذا النهي للتنزيه: «لا يقل أحدكم عبدي وأمتي ولكن ليقل: فتاي وفتاتي, ولا يقل العبد لسيده ربي, وليقل: سيدي ومولاي» لكن هذا النهي للتنزيه لأنه جاء ما يدل على الجواز.
(المتن)
وقال لمن ادعى أنه طبيب: «أنت رَفِيقٌ، وَطَبِيبُهَا الَّذِي خَلَقَهَا» وَالْجَاهِلُونَ يُسَمُّونَ الْكَافِرَ الَّذِي لَهُ عِلْمٌ بِشَيْءٍ مِنَ الطَّبِِ: حَكِيمًا، ومنه قوله للذي قال: وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى: «بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ».
(الشرح)
هذا من المنهيات منها تسمية الكافر الذي عنده شيء من الطب يسمونه حكيم وهذا ما ينبغي أن يسمى إلا للمؤمن, والخطيب الذي خطب في زمن النبي r قال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى, قال r: «بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ, قل: ومن يعصي الله ورسوله» اختلف العلماء في هذا وقيل: إن هذا كان أولًا ثم أُبيح؛ لأنه جاء ما يدل على الجمع بين الضميرين ضمير الرب وضمير الرسول, في حديث أنس: «ثلاثٌ من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواها» فجمع بينهما.
وقال آخرون من أهل العلم: إن هذا الخطيب, والخطيب يحتاج إلى أن يتوسع في الألفاظ ولا يحتاج إلى أن يُجمل ولهذا قال: «بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ».
(المتن)
ومنه قَوْلُهُ: «لَا تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فلان» وفي معناه قَوْلُ مَنْ لَا يَتَوَقَّى الشِّرْكَ.
(الشرح)
هذا ممنوع أن يشرك بين مشيئة الخالق ومشيئة المخلوق بالواو, هذا لا يجوز هذا وإنما يقول: ما شاء الله ثم شاء فلان؛ لأن مشيئة العبد تأتي بعد مشيئة الله, والواو فيها تشريك فليست مشيئة العبد مع مشيئة الله وإنما تأتي بعدها قال تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[التكوير/29], ولهذا يقول: ما شاء الله ثم شاء فلان, والأكمل أن يقول: ما شاء الله.
فالأحوال ثلاثة:
الحالة الأولى: أن يقول: ما شاء الله وشاء فلان وهذا ممنوع وشرك في الألفاظ.
الحالة الثانية: حالة جواز وهي أن يقول: ما شاء الله ثم شاء فلان.
الحالة الثالثة: حالة كمال وهي أن يقول: ما شاء الله وحده.
(المتن)
أَنَا بِاللَّهِ وَبِكَ، وَأَنَا فِي حَسْبِ اللَّهِ وَحَسْبِكَ.
(الشرح)
الحسب خاص بالله, قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ}[التوبة/59], فالإتيان لله وللرسول, والحسب خاص بالله ولا يقل: حسبنا الله والرسول, والرغبة خاصة بالله فيقل: إنا إلى الله راغبون, ولا يقل: إنا إلى الله ورسوله, فدل على أن الرغبة والحسب هذا خاص بالله, أما الإتيان فهو مشترك, الرسول يؤتي والله يؤتي, قال r: «أنا قاسم والله يعطي».
الطالب: بعض الناس يقول: توكلت على الله ثم عليك؟.
الشيخ: كذلك الأولى أن يكون هذا خاص بالله وإن كان بعضهم أجازه لكن التوكل خاص بالله, توكلت على الله فقط, لكن تقول: وكلت فلان, فالوكالة تختلف, توكلت على الله ووكلت فلانًا.
(المتن)
وَمَا لِي إِلَّا اللَّهُ وَأَنْتَ، وَأَنَا مُتَوَكِّلٌ عَلَى الله وعليك، وهذا من الله ومنك، ووالله وحياتك.
(الشرح)
الحلف بالحياة, اللحية, والشرف شرك بالله, وبالأمانة كما جاء في حديث ابن عباس, ولا تقول: لولا الله وفلان, وتقول: لولا كلبة هذا لأتى اللصوص.
(المتن)
وأمثال هذه الألفاظ التي يجعل قائلها المخلوق ندا لله، وَهِيَ أَشَدُّ مَنْعًا وَقُبْحًا مِنْ قَوْلِهِ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ.
(الشرح)
التنديد نوعان:
الأول: تنديد أكبر وهو أن يعبد غير الله مع الله.
الثاني: تنديد أصغر وهو أن يشرك المخلوق مع الخالق بالواو.
فهذا تنديد: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[البقرة/22], هذا تنديد أصغر لا يخرج من الملة, التنديد الأكبر أن يجعله ندًا لله في العبادة والمحبة.
(المتن)
فَأَمَّا إِذَا قَالَ: أَنَا بِاللَّهِ، ثُمَّ بِكَ، وَمَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شئت - فلا بأس، كَمَا فِي حَدِيثِ الثَّلَاثَةِ: «لَا بَلَاغَ لِيَ اليوم إلا بالله ثم بك».
(الشرح)
وهما الأبرص والأقرع والأعمى الذين جاءهم الملك واُبتلوا بالصحة ثم المال, اُبتلوا في الأول بالمرض ثم بعد ذلك بالصحة والعافية والمال, ثم جاءهم الملك في صورته, الأبرص جاءه الملك في صورة أبرص, والأقرع جاءه الملك في صورة أقرع, والأعمى جاءه في صورة أعمى, كل واحد يقول له الملك: «لَا بَلَاغَ لِيَ اليوم إلا بالله ثم بك» لو أعطيتني بعيرًا أتبلغ به, ويقول للأقرع: أعطني بقرة, ويقول للأعمى أعطني شاة أتبلغ بها, وهذا ابتلاء وامتحان, فاثنان جحدا نعمة الله وهم الأبرص والأقرع قالوا: الحقوق كثيرة إذا أعطيتك شيء انتهى المال, فقال: كأني أعرفك, ألم تكن أبرص يقذرك الناس, وقال للأقرع: ألم تكن أقرع يقذرك الناس, فقال كل منهما: ورثت هذا المال عن كابر, وأما الأعمى فقال: كنت أعمى فرد الله عليَ بصري فخذ ما شئت ودع ما شئت ووالله لا أحاسبك اليوم على شيء أخذته, فقال الملك للأعمى: امسك عليك مالك فإنما اُبتليتم فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك.
هذا يدل على أن النفوس تقبل الشر أكثر وأن أكثر الناس هالكون؛ هم ثلاثة اثنان هلكوا وواحد سلم, وهو شاهد لقوله تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ}[البقرة/243], {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ}[هود/17], {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}[سبأ/13].
(المتن)
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ تُطْلَقَ أَلْفَاظُ الذَّمِّ عَلَى مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، فَمِثْلُ نهيه عَنْ سَبِّ الدَّهْرِ، وَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الدهر».
(الشرح)
يعني مصرف الدهر وخالق الدهر ومدبر الدهر, والذم يعود إلى المدبر, ولهذا نُهي عن سب الدهر, قال r: «لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر» يعني: فإن الله خالق الدهر ومدبر الدهر ومسير الدهر, على تقدير المحذوف, وهذا هو اللي قرره العلماء, وغلط ابن حزم وقال: إن من أسماء الله الدهر, لقول النبي r: «فإن الله هو الدهر» هذا من أغلاطه رحمه الله.
(المتن)
وفيه ثلاث مفاسد، أحدها: سب من ليس بأهل أن يُسب.
(الشرح)
الدهر زمان, كيف يسب من ليس أهلًا أن يُسب, هو مسخر, النهار والليل والزمان مسخر كيف يُسب, فالسب هو سب لمسخره ومدبره.
(المتن)
الثانية: أن سبه متضمن للشرك، فإنه إنما سبه إلا لظنه أنه يضر وينفع، وأنه ظالم.
وأشعار هؤلاء فِي سَبِّهِ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَكَثِيرٌ مِنَ الْجُهَّالِ يصرح بلعنه.
(الشرح)
وهذا شرك, إذا سب الدهر على أن الدهر فاعل, وأنه مصرف, وان الليل والنهار والزمان له تصرف صار هذا شرك, والأشعار في الجاهلية وفي غيرها فيها سب للدهر ومنها قول الشاعر:
عذر الدهر بنابه *** ليت ما حل بنا به.
وبعضهم كذلك يلعن الساعة ويلعن اليوم وكل هذا من سب الدهر, وليس من السب أن يقال: هذا اليوم شديد البرد فهذا وصف له, قال تعالى: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا}[الحاقة/7].
{وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ}[الحاقة/6], هذا وصف.
الطالب: يوم عصيب؟.
الشيخ: هذا وصف أيضًا لليوم.
(المتن)
الثالثة: أن السب إنما يقع على فاعل هَذِهِ الْأَفْعَالَ الَّتِي لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ فِيهَا أهواءهم لفسدت السماوات والأرض، وإذا وافقت أهواءهم حمدوا الدهر، وأثنوا عليه.