(المتن)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد:
باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين
وقول الله تعالى: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ.
وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قول الله تعالى: وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا. قال : (هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم، ففعلوا ذلك، ولم تُعبد، حتى إذا هلك أولئك ونُسي العلم عُبدت).
وقال ابن القيم رحمه الله : قال غير واحد من السلف: لما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوَّروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمدُ فعبدوهم.
وعن عمر ر أن رسول الله ﷺ قال: لا تُطروني كما أطْرَت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبدٌ، فقولوا عبدُ الله ورسوله.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ:إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو.
ولمسلم عن ابن مسعود أن رسول الله ﷺ قال: هلك المتنطعون. قالها ثلاثاً.
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال المصنف الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه في كتاب التوحيد: باب بعض سبب ما جاء في كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين المعنى أن الغلو في الصالحين هو الغالب على كفر بني آدم أغلب كفر بني آدم هو الغلو في الصالحين وقد يكون كفر بغير الصالحين كدعاء الكواكب دعاء النجوم أو بالسحر أو إنكار معلوم من الدين للضرورة و بالاستكبار عن عبادة الله لكن الأغلب في سبب كفر بني آدم هو الغلو في الصالحين.
وقصد المؤلف رحمه الله بهذه الترجمة يبين أن الغلو في الصالحين يؤدي إلى الكفر بالله الذي هو أعظم ذنب يؤدي إلى الشرك بالله الذي هو أعظم ذنب في الأرض وهو الذي ينافي التوحيد وينافي الإخلاص والتوحيد الذي هو مدلول شهادة أن لا إله إلا الله.
وقول الله تعالى يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ الغلو هو الإفراط بالتعظيم بالقول والاعتقاد والله تعالى نهى أهل الكتاب عن الغلو وهو نهي لهذه الأمة وتحذير لهذه الأمة أن تسلك مسلك بني إسرائيل في أهل الكتاب الذين غلو في أنبيائهم فالنصارى غلو في عيسى حتى رفعوه إلى مقام الألوهية قالوا أنه ابن الله تعالى الله عن ما يقولون وكما غلت اليهود في العزير فنهى الله هذه الأمة أن تغلو في دينها أو في نبيها كما غلت النصارى في عيسى وكما غلت اليهود في العزير هو تحذير لهذه الأمة أن تسلك مسالك الظالمين والكافرين لهذا قال الله تعالى يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ فمحبة الصالحين دين وقربة فلا يجوز الغلو يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ عبد ورسول وَكَلِمَتُهُ أي مخلوق بكلمة الله أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ روح من الأرواح التي خلقها من باب التشريف فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا فالآية وإن كانت خطابا لأهل الكتاب المراد تحذير هذه الأمة كما قال النبي ﷺ: مضى القوم ولم يُعْنَ به سواكم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله : وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم، ففعلوا ذلك، ولم تُعبد، حتى إذا هلك أولئك ونُسي العلم عُبدت.
وعند البخاري في صحيح ابن عباس في تفسير هذه الآية وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا هذه أسماء رجال صالحين في قوم نوح ود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا أسماء رجال صالحين فماتوا وحزنوا عليهم فأوحى الشيطان أن انصبوا في مجالسهم أنصاباً يعني صوروا صورهم وانصبوها في مجالسهم ليتذكروا العبادة يتذكروا عبادتهم حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت في آيات أخرى لما هلك أولئك وجاء أبناءهم وأحفادهم دب الشيطان إليهم وقال إنما صور عوائلكم هؤلاء لأنهم يتوسلون إليهم ويستسقون بهم المطر فعبدوهم من دون الله حتى إذا نسي العلم عبدت و نسخ العلم إذا ذهب العلم والعلماء ذهب العلماء وجاء الجهال اختلط عليهم الحق والباطل ولم يميزوا بين الباطل والحق فوقعوا في الشرك. وظنوا أن الله يحب ذلك.
وقال ابن القيم رحمه الله: قال غير واحد من السلف: لما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوَّروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمدُ فعبدوهم. والعكوف على القبور قد يكون شركا أكبر نفس الأمر فالعكوف على القبر تقرب لصاحب القبر فإذا عكفوا على القبر يظنون أن الله يحب ذلك فذلك وسيلة وبدعة كما لو صلى عند القبر أو عكف عند القبر فعكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمدُ فعبدوهم فالغلو في قبور الصالحين وتصوير صورهم هو من أسباب الوقوع في الشرك في الكثير من الأمم.
وعن عمر عن رسول الله ﷺ قال: لا تُطروني كما أطْرَت النصارى ابن مريم ، إنما أنا عبدٌ، فقولوا عبدُ الله ورسوله. أخرجاه
قال المؤلف أخرجاه ولم يخرجه إلا مسلم رحمه الله في صحيح مسلم رحمه الله في صحيحه وهذا فيه نهي النبي ﷺ قال: لا تُطروني كما أطْرَت النصارى ابن مريم والإطراء هو مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه والفرق بينه وبين الغلو أن الإطراء يكون غلوا في الأقوال مجاوزة الحد في الأقوال والغلو مجاوزة الحد في الأفعال فهو أعم لا تطروني الإطراء مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه أي لا تمدحوني وتبالغوا في مدحي فترفعوني فوق المنزلة التي وضعني الله وهي منزلة الرسالة والعبودية إلى مقام الألوهية لا تُطروني كما أطْرَت النصارى ابن مريم لا تمدحوني ولا تتجاوزوا الحد في مدحي كما فعلت النصارى حيث أطرت النصارى ابن مريم عليه الصلاة والسلام فجعلوه إلها مع الله إنما أنا عبدٌ هذا أشرف مقام هو العبودية والرسالة ولهذا وصفه الله في أشرف مقاماته هو العبودية والرسالة في مقام التحدي وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا وفي مقام الإسراء سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ وفي مقام الدعوة لّمَا قَامَ عَبْدُ اللّهِ أشرف مقامات النبي ﷺ العبودية والرسالة لهذا قال: إنما أنا عبدٌ، فقولوا عبدُ الله ورسوله.
وقال رسول الله ﷺ : إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو هذا لم ينسبه المؤلف رحمه الله لأنه لم يعزو والحديث رواه الإمام أحمد في مسنده روى أن النسائي وابن ماجة و رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة والترمذي وأحمد والحديث له سبب وهو أن النبي ﷺ قال لابن عباس في حجة الوداع لما انصرف مزدلفة يوم العيد قال ابن عباس: (12:15) حصيات ليرمي بها جمرة العقبة وهو في الطريق قال ابن عباس: فلقطت له سبع حصيات هن حصى الخذف أي بقدر ما يخذف الإنسان صغيرات فلما وضعهن بيده عليه الصلاة والسلام قال: نعم، بأمثال هؤلاء فارموا، وإياكم والغلو في الدين؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو يعني لا تغلو فترموا بالحجارة الكبار بناء على أن الحجار الكبار هو من الغلو والحديث عام إذا رمى بالحجارة الكبار فهذا من الغلو ومثله من رمى بالنعال كما في بعض الجهال يظن أنه يريد أن يقتل الشيطان الشيطان لا يموت الشيطان منبع قال تعالى: (13:20) والرمي في الحجارة لإذلاله وإهانته فلا يجوز الغلو فالرمي بالحجارة الكبار أو النعال دليل على الغلو. والحديث عام أنه فيه نهي عن الغلو وهو مجاوزة الحد في الأقوال والأفعال والاعتقاد إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو تحذير إياكم تحذير بين أن هلاك الأولين هو بسبب الغلو إذا غلا الإنسان وجاوز الحد في قول أو فعل و أوصله للشرك بالله هلك.
ولمسلم عن ابن مسعود أن رسول الله ﷺ قال: هلك المتنطعون. قالها ثلاثاً. هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون والتنطع هو التعمق بالشيء والمبالغة في البحث عنه التنقيب والتفتيش على طريقة أهل الكلام الخائضين فيما لا يعنيهم الداخلين فيما لا تبلغه عقولهم ومن التنطع أيضاً ترك بعض المباحات تنطعاً يعني يترك أكل الحم بداعي الزهد هذا من التنطع أو يلبس القطن والكتان ولا يلبس الصوف بعض الزهاد والعباد لا يلبس إلا الصوف أو يترك الزواج كل هذا من التنطع هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون هذا الباب بهذه النصوص دليل على أنه فيه تحذير من الغلو في الصالحين والغلو بجميع أنواعه وفي الصالحين على سبيل الخصوص وأنه الغلو في الصالحين وأنه سبب عظيم من أسباب كفر بني آدم من أسباب كفر كثير من الأمم، أن من أسباب كفر كثير من الأمم الغلو في الصالحين والعكوف على قبورهم وتصوير صورهم فالواجب على كل إنسان أن يحذر من الغلو والإطراء وأن يبتعد عن الصور خصوصاً صور الصالحين وصور المعظمين وصور الرؤساء والملوك وصور الصالحين وكذلك صور النساء لما في ذلك من الفساد والشر فتصوير الصور والعكوف على القبور والغلو سبب كفر كثير من الأمم.
(سؤال)
أحسن الله إليكم حكم الصلاة أمام صورة أو تمثال؟
(الجواب)
يزيلها عنه لا تكون أمامه و الصلاة صحيحة يكون في مكان ليس فيه صور ولا نقوش حتى لا تشغله.
(سؤال)
وإن كانت منصوبة أمامه كتمثال؟
(الجواب)
ينبغي أن نزيلها لأن هذا يشبه مشابه بالعباد والصورة أمامه !
(سؤال)
(17:9)
جواب الشيخ:
فيها كلام جاء ما يدل على أنه تسامح في الأطفال والنبي ﷺ رخص لعائشة لعب للأطفال ولكنها ليست كهذه اللعب وهذه اللعب كانت من العهن و الصوف والقطن ومن خرق وعلى كل حال ينبغي ألا يكون صور لأنها صور واضحة وصور دقيقة ومؤثرة صور الأطفال الموجودة الآن ينبغي أن يختار للأطفال ألعاب ليس فيها صور هذا هو الأحوط. نعم
(سؤال)
(17:46)
(الجواب)
كذلك كل ما أمكن موجودة في العلب وفي الكراتين كل ما أمكن طمسه فهذا هو الذي ينبغي أن تطمس الصور قال علي بن أبي الهياج الأسدي قال لي علي بن أبي طالب ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ﷺ أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته والطمس يكون فيما لا ظل له ثم الطمس و الإزالة فهذا هو المطلوب لكن الذي في الكتب مغلقة أسهل من غيرها.
(المتن)
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:
باب ما جاء من التغليظ فيمن عَبَد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عَبَده؟
في الصحيح عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنَّ أمَّ سَلَمة رضي الله عنها ذكرتْ لرسول الله ﷺ كنيسةً رأتها بالحبشة وما فيها من الصور فقال عليه الصلاة والسلام: أولئكِ إذا مات فيهم الرجلُ الصالح أو العبدُ الصالح بنوْا على قبره مسجداً، وصوَّروا فيه تلك الصُّور، أولئكِ شرارُ الخلقِ عند الله فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين: فتنة القبور، وفتنة التماثيل.
ولهما عنها عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما نُزِلَ برسول الله ﷺ طَفِقَ يطرحُ خميصة له على وجهه، فإذا اغتمَّ بها كشَفَها، فقال وهو كذلك: لعنةُ الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد. يُحذِّر ما صنعُوا ، ولولا ذلك أُبرزَ قبرُه غير أنه خَشي أن يُتَّخذَ مسجداً. أخرجاه.
ولمسلم عن جُندَب بن عبد الله قال: سمعت رسول الله ﷺ قبل أنْ يموتَ بخمسٍ وهو يقول: إني أبرَأُ إلى الله أن يكون لي منكم خليلٌ، فإن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذتُ أبا بكر خليلاً أَلاَ وإنَّ مَنْ كان قبلكم كانوا يتخذون قبورَ أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبورَ مساجدَ، فإني أنهاكُم عن ذلك فقد نهى عنه في آخر حياته ثم إنه لعن - وهو في السياق - من فعله والصلاة عندها من ذلك، وإن لم يُبنَ مسجدٌ، وهو معنى قولها: «خُشي أن يتخذَ مسجداً»، فإن الصحابة لم يكونوا ليبنُوا حولَ قبره مسجداً، وكل موضع قُصدَتِ الصلاةُ فيه فقد اتُّخِذَ مسجداً، بل كل موضعٍ يُصَلَّى فيه يُسمَّى مسجداً، كما قال ﷺ: جُعلت ليَ الأرضُ مسجداً وطهوراً.
ولأحمد بسند جيّد عن ابن مسعود مرفوعاً إن من شِرار الناس من تُدركهم الساعة وهم أحياء؛ والذين يتخذون القبور مساجد. ورواه أبو حاتم في صحيحه.
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
قال المؤلف الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد: باب ما جاء من التغليظ فيمن عَبَد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عَبَده؟ المعنى أنه إذا كان الذي يعبد الله عند قبر رجل صالح يغلظ عليه ويلعن ويقرن بمن تقوم عليهم الساعة ويشدد عليه ويغلظ عليه وعمدوا الوسيلة إلى الشرك والذي يفعل الغاية والشرك أعظم وأعظم وأشد إذا كان النبي ﷺ يلعن الوسيلة لرجل يعبد الله ولكنه عند قبر عبد صالح فالذي يفعل الغاية إلى الشرك أعظم وأعظم إذا كان الذي يعبد الله عند قبر رجل صالح ويفعل هذه وسيلة إلى الشرك فالذي يفعل الشرك يغلظ عليه فالذي يفعل الغاية أعظم وأعظم يغلظ عليه إنما غلظ عليه لأنه وسيلة إلى الشرك أعظم وأعظم وأشد ولهذا قال باب التغليظ فيمن عبد الله حيث لعنه النبي ﷺ وغلظ عليه ولعنه في آخر حياته ونهى وأبدأ وأعاد وقرن بمن تقوم عليهم الساعة فكيف بمن يعبد غير الله فكيف بمن يعبد الرجل الصالح إذا كان الذي يعبد الله عند قبر رجل صالح غلظ عليه فالذي يعبد الرجل لصالح أعظم وأعظم وتغليظه أشد باب ما جاء من التغليظ فيمن عَبَد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عَبَده؟
في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنَّ أمَّ سَلَمة رضي الله عنها ذكرتْ للنبي ﷺ كنيسةً رأتها بالحبشة وما فيها من الصور فقال عليه الصلاة والسلام: أولئكِ إذا مات فيهم الرجلُ الصالح أو العبدُ الصالح بنوْا على قبره مسجداً، وصوَّروا فيه تلك الصُّور، أولئكِ شرارُ الخلقِ عند الله. وذلك لأن أم سلمة رضي الله عنها ممن هاجر إلى الحبشة كذلك أم حبيبة وفي قول آخر أن سلمة و أم حبيبة ذكرتا للنبي ﷺ كنيسة فيها صور فالنبي ﷺ أنكر هذا وبين ما هم فيه من الشرك فقال: أولئكِ الكاف خطاب لأم سلمة في الحبشة الذين صوروا هذه الصور والخطاب لأم سلمة أولئكِ إشارة للخطاب أولئك الذين صوروا هذه الصور خطاب لأم سلمة أولئكِ إذا مات فيهم الرجلُ الصالح أو العبدُ الصالح بنوْا على قبره مسجداً من باب التحري إذا مات فيهم الرجل الصالح ولهذا من باب التحري إذا مات الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصورا له تلك الصور.
قال المؤلف رحمه الله تعليقا عليهم: " فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين: فتنة القبور، وفتنة التماثيل " فتنة القبور: بنوا على قبرهم مسجداً وعظموه وصورا فيه تلك الصور فصارت تماثيل وجمعوا بين الشرين وكل هذا وسيلة إلى الشرك لأنه إذا بني على واحد مسجداً حتى يعظم ويعكف الناس عليه فصورا تلك الصور كل هذا وسيلة للشرك لأنه إذا بني عليه مسجدا صار هذا من أسباب عبادته هذا القبر وكذلك الصور إذا صورت من أسباب تعظيم أصحاب الشرك فجمعوا بين الشرين وبين الوسيلتين لقول المصنف فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين فتنة القبور حيث بنوا على قبرهم مسجدا وفتنة التماثيل حيث صوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله هؤلاء أشر الخلق عند الله هذا من تعبير النبي ﷺ دليل على أنه بين أنهم شرار الخلق ولعنهم وقرنهم بمن تقوم عليهم الساعة فالذي يفعل الوسيلة الذي يفعل الغاية فالذي يفعل الوسيلة يلعن ويغلظ عليه ويقرن وينسب إلى شرار الخلق ويقرن بمن تقوم عليهم الساعة لأنه فعل الوسيلة التي تؤدي إلى الشرك الذي يفعل الشرك فهو أعظم وأعظم لهذا قال النبي ﷺ: أولئكِ شرارُ الخلقِ عند الله يقول المؤلف جمعوا بين فتنتين فتنة القبور وفتنة التماثيل.
ولهما يعني الشيخين البخاري ومسلم رحمهما الله عنه عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما نُزِلَ برسول الله ﷺ نزل: أي لما نزل به الموت وعلامات الموت طَفِقَ يطرحُ خميصة طفق: يعني جعل الخميصة: الكسوة أي قطعة قماش له على وجهه، فإذا اغتمَّ بها كشَفَها، إذا احتبس بها نفسه كشفها ثم يعيدها مرة أخرى على وجهه فإذا احتبس نفسه كشفها فأزالها ثم يعيده فقال له في هذه الحالة في هذه الحالة الكشف والخميصة لعنةُ الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد. في هذه الحالة العصيبة نزل به الموت وهو يطرح الخميصة ويرفعها مرة يرفعها ومرة يضعها لاحتباس نفسه في هذه الحالة قال: لعنة الله على اليهود والنصارى قالت عائشة: " يُحذِّر ما صنعُوا" وإنما لعنهم في هذه الحالة في هذه الحالة العصيبة في وقت قرب أجله يحذر أمته لعنةُ الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد هذا خبر مراد به التحذير و مراد به النهي والمعنى احذروا أن تفعلوا مثل فعلهم فيصيبكم اللعن كما أصابتهم لعنةُ الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد لأن اتخاذ القبور مساجد من أسباب الشرك قالت عائشة: " يُحذِّر ما صنعُوا" إنما لعنهم في هذه الحالة يحذر أمته أن تصنع مثل صنيعهم قالت:"ولولا ذلك أبرز قبره"لولا أنه خشي أن يتخذ قبره مسجد ودفن في العراء لكن خشي أن يُتخذ مسجدا لذلك أمر أن يدفن في بيت عائشة قالت: "ولولا ذلك أُبرزَ قبرُه غير أنه خَشي أن يُتَّخذَ مسجداً". أخرجاه وهذا من إسناد عائشة رضي الله عنها.وقد جاء في الحديث أن كل نبي يدفن في المكان الذي يموت فيه وعائشة رضي الله عنها ظنت أن عندما دفن في بيتها خشية أن يتخذ مسجداً وهو إنما دفن للحديث أن كل نبي يدفن في المكان الذي يموت فيه.
ولمسلم عن جُندَب بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إني أبرَأُ إلى الله أن يكون لي منكم خليلٌ، فإن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذتُ أبا بكر خليلاً أَلاَ وإنَّ مَنْ كان قبلكم كانوا يتخذون قبورَ أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبورَ مساجدَ، فإني أنهاكُم عن ذلك
ولمسلم يعني رواه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله أن النبي ﷺ قال: إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل أبرأ: أنكر وأنفي أن يكون لي منكم خليل فإن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً والخليل هو المحبوب الذي بلغ الغاية في الحب والمعنى لا أستطيع أن أتخذ منكم خليلاً لأن قلبي قد امتلأ بخلة الله والخلة هي نهاية المحبة وكمالها ولا يتسع القلب لأكثر من خليل واحد فالخلة هي المحبة التي تصل إلى سويداء القلب تخلل إلى نهاية القلب فهي نهاية المحبة والكمال فالنبي ﷺ لا يستطيع أن يتخذ من البشر خليلاً لأنه قال لا يتسع لأكثر من خليل واحد وقد امتلأ قلبه بخلة الله فلا يستطيع أن يتخذ أحداً خليل ولو كان فيه متسع لكان لأبي بكر الصديق لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً يعني لو كان في قلبي متسع لخله لكان لأبي بكر لكن لا يتسع فالقلب لا يتسع لأكثر من خليل واحد لكن يتسع لأكثر من حبيب فلهذا كانت عائشة كان النبي ﷺ يحب عائشة وكان يحب أباها وأسامة وزيد وأسامة يحب رسول الله ﷺ الحب كثير لكن الخلة لا يستطيع أن يحب أحداً من البشر لأن قلبه امتلأ بخلة الله .
وفيه إثبات الخلة للنبي ﷺ وإثبات الخلة لإبراهيم عليه الصلاة والسلام وفضل الصديق فإنه أفضل الناس بعد الأنبياء ولو كان النبي ﷺ يستطيع أن يتخذ خليلاً لاتخذ أبا بكر خليلاً ولكنه خليل الله قد امتلأ قلبه بخلة الله إذاً ما يستطيع.
أما قول أبي هريرة :"أوصاني خليلي" فهذا لأن النبي ﷺ ما قال اتخذ أبا هريرة اتخذوه خليلا أوصاني خليلي وفيه إثبات الخلة لله ومن صفات الله وعظمته لا تشبه صفات المخلوقين فهو يوصف بالخلة والمحبة يوصف بالغضب والسخط والرضا وصفات الله ليست كصفات المخلوق الخلة بالنسبة للمخلوق لا يتسع القلب لأكثر من خليل واحد أما الله تعالى فالخلة هو وصف جار لا يشابه أحد من المخلوقين في صفاته وفي هذا رد على الجهمية الذين أنكروا الخلة والمحبة وقالوا أن المحبة لا تكون لله لمناسبة بين المحب والمحبوب ولا مناسبة بين الله والمخلوقين توجب تلك الخلة والمحبة أنكروا المحبة من الجانبين وقالوا أن المحبة يجب أن تكون مناسبة ومشاكلة بين المحب والمحبوب مناسبة ومشاكلة بين الخالق والمخلوق وهذا من جهلهم وضلالهم (فأي عارض يتناسب بين الرب والعبد؟) فالله تعالى هو الذي خلق عباده ورباهم بنعمه والعبيد عبيد الله يتألهونه ويعبدونه هذا رابط بين الرب والعبد ولكن هذا من جهلهم وضلالهم.
ثم قال مسلم مثل قوله قال: كانوا يتخذون قبورَ أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبورَ مساجد سقطت على المؤلف رحمه الله كلمة والصالحين في صحيح مسلم ألا من كان قبلكم كانوا يتخذون قبورَ أنبيائهم وصالحيهم مساجد سقطت كلمة صالحيهم على الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب وسقطت أيضاً على الشارح وهي موجودة في صحيح مسلم وهذه الكلمة مهمة في النهي عن اتخاذ القبور الصالحين اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين وكأن السبب والله أعلم أن الشيخ محمد رحمه الله بانشغاله بالدعوة إلى الله والكتابة والجهاد في سبيل الله نقل من كلام شيخ الإسلام رحمه الله من كتاب الصراط المستقيم نقل عنه هذا الحديث مع جلالة قدره وحفظه العظيم فاتت على شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الصراط المستقيم وأسقط كلمة وصالحيهم فقلد الإمام محمد بن عبد الوهاب ونقلها في كتاب الصراط المستقيم فسقطت كلمة وصالحيهم بسبب انشغاله بالدعوة والتأليف والجهاد وفي صحيح مسلم ألا من كان قبلكم كانوا يتخذون قبورَ أنبيائهم وصالحيهم مساجد وهذه الكلمة مهمة في النهي عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين لأن الأنبياء قبورهم غير معروفه الآن ما يعرف إلا قبر إبراهيم الخليل والنبي ﷺ والصالحين كثيرون الأرض ملأى بالصالحين وهذه الكلمة التي سقطت مهمة للنهي عن اتخاذ قبور الصالحين مساجد ألا من كان قبلكم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد.
وفيه الرد على الرافضة الذين اتخذوا قبور الصالحين والأنبياء مساجد وهم أسبق الناس إلى الشرك والعياذ بالله هذا الحديث فيه رد على الطائفتين الجهمية والرافضة، الجهمية في إنكار أمور المحبة والخلة. والرافضة في اتخاذهم قبور أنبيائهم والصالحين وأهل البيت مساجد وهاتان الطائفتان الرافضة والجهمية من أعظم الناس بدعة حتى إن بعض العلماء أخرجوهم من الاثنتين و سبعين فرقة وقال إنهم كفرة ليس من الاثنتين وسبعون فرقة قال فيهم النبي ﷺ : ستفترق هذه الأمة إلى واحد و سبعون فرقة كلها في النار إلا واحدة قال: هؤلاء خرجوا الرافضة كذلك القدرية الغلاة والجهمية أخرجهم المحققون من الاثنتين وسبعين فرقة لأن هذه الفرق مبتدعة كلها في النار إلا واحدة متوعدة بالنار وهؤلاء خرجوا من عبادتهم لأنهم كفره فالرافضة والجهمية والقدرية الغلاة ليسوا من الاثنتين وسبعين فرقة خارجون عنهم لكفرهم وضلالهم.
قال المؤلف رحمه الله فهذا الحديث فيه بيان عن النهي عن اتخاذ القبور مساجد بوجوه: الوجه الأول قال فلا تتخذوا القبور مساجد ألا وإن من كان قلبكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد فيه ذم الذم للسابقين ذم السابقين على اتخاذ القبور مساجد ثم النهي فلا تتخذوا القبور مساجد ثم تصريح بلفظ الفعل فإني أنهاكم عن ذلك فالنبي ﷺ شدد وحذر من اتخاذ القبور مساجد بثلاثة وجوه:
الوجه الأول أنه ذم من اتخذ عن قبور أنبيائهم مساجد وصالحيهم مساجد.
والأمر الثاني فلا تتخذوا القبور مساجد
والأمر الثالث أتى بأمر النهي فقال: فإني أنهاكم عن ذلك فهذه الوجوه التحريم ذم السابقين على اتخاذ القبور مساجد والنهي فلا تتخذوا القبور فإني أنهاكم عن ذلك.
ولهذا علق الإمام محمد بن عبدالوهاب على ذلك فقد قال: "فقد لعنوا في آخر حياته". نهى في آخر حياته نهى عن اتخاذ القبور مساجد في آخر حياته كيف ذلك؟ لأنه نهى عن ذلك قبل أن يموت بخمس ليال وينهى عن ذلك ثم أيضاً كذلك عند السياق سياق الموت أولا: نهى في آخر حياته قبل أن يموت بخمس ثم أنه لعنه وهو في سياق الموت وروحه تساق أي من البدن لما وضع الخميصة على وجهه قال وهو كذلك قال لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لعنهم وهو في سياق ذلك وكل موضع تقصد الصلاة فيه فهو مسجد فقد لعنهم بالسياق من فعل ذلك.
قال المؤلف والصلاة عندها من ذلك بل إذا الصلاة عند القبور ملعون فاعله ولو لم يبن مسجدا لا يشترط أن يبنى مسجدا وإذا صلى عند القبر فقد اتخذه مسجد ولهذا قال والصلاة عندها من ذلك ولو لم يبن مسجد وهو معنى قوله في الحديث السابق فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجدا لكمال علمهم بالله وكمال تقواهم وشدة ورعهم وبعدهم عن الشرك وأسبابه لم يكونوا يبنوا على قبره مسجدا.
ثم قال : (بل كل موضعٍ قصدت الصلاة فيه يُسمَّى مسجداً) كل موضع تقصده للصلاة فيه يسمى مسجد ولو لم يكن مسجد بل كل موضع يصلى فيه يسمى مسجدا يعني كل موضع يصلى فيه يسمى مسجدا كما قال النبي ﷺ في الصحيح: وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فإذا الصلاة عند القبر كاتخاذ القبور مساجد وكل موضع يقصد للصلاة فيه قصده الشخص للصلاة فيه اتخذه مسجدا بل كل موضع يصلى فيه يسمى مسجدا كما في الحديث وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً .
و قال المؤلف رحمه الله ولأحمد بسند جيّد عن ابن مسعود أن النبي ﷺ قال: إن من شِرار الناس من تُدركهم الساعة وهم أحياء؛ والذين يتخذون القبور مساجد. ورواه أبوحاتم في صحيحه.
بين النبي ﷺ في هذا الحديث أن شرار الناس صنفان:
الصنف الأول من تدركهم الساعة وهم أحياء.
والصنف الثاني الذين يتخذون القبور مساجد.
فالذين تدركهم الساعة وهم أحياء هم الكفرة لأن الساعة لا تقوم إلا على الكفرة كما جاء في الحديث الصحيح أنه في آخر الزمان تأتي ريح طيبة تقبض أرواح المؤمنين والمؤمنات وفي لفظ آخر حتى لو كان أحدكم في كبد جبل لدخلته الريح حتى تقبضه ثم يبقى شرار الناس ويتمثل لهم الشيطان أنه نبي فيقولون: ما تأمرنا ؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان وهم في ذلك دار رزقهم حسن عيشهم حتى تقوم الساعة، الساعة تقوم على من؟ تقوم على الكفرة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في حديث آخر لا تقوم القيامة حتى لا يقال في الأرض الله الله يعني إذا خلت من التوحيد والإيمان هذا القول لا يخلو وهو في التوحيد والإيمان لكن إذا زال التوحيد والإيمان وبقي الكفرة خرب الكون وقامة القيامة وانتثرت الكواكب وانشقت السماء وفجرت البحار وسجرت وقامت القيامة أمر الله إسرافيل: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فالصنف الأول شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء هذا هو الصواب.
وأما قول الشارح من واحد من تدركهم مقدماتها كخروج الدابة وخروج الشمس من مغربها هذا ليس بجيد ليس بصحيح وهو المحقق رحمه الله في فتح المجيد بخلاف الشارح تيسير العزيز الحميد فإنه حققها قال المراد نفسها نفس قيام الساعة لا مقدمات مقدمة الساعة قد لا يكون هناك بعض الخيار بعض المؤمنين، الدجال، الدابة، وطلوع الشمس من مغربها ثم إذا طلعت الشمس من مغربها يبقى المؤمن على إيمانه والكافر على كفره ثم بعد ذلك تأتي روح طيبة تقبض أرواح المؤمنين وقول تقبض أرواحهم بمقدماتها فهذا ليس صحيح فالمراد من تدركهم الساعة من تقوم عليهم الساعة.
والصنف الثاني الذين يتخذون القبور مساجد لأن اتخاذ القبور مساجد وسيلة قريبة للشرك فبين النبي ﷺ في هذا الحديث أن شرار الناس طائفتان الطائفة الأولى الكفرة الذين تقوم عليهم الساعة والطائفة الثانية الذين يتخذون القبور مساجد لإن اتخاذ القبور مساجد وسيلة إلى الشرك وهذا يدل على التغليظ التحذير ومناسبة التحذير واضحة لأن النبي ﷺ غلظ وشدد على من عبد الله على من اتخذ القبور مساجد لأنه وسيلة إلى الشرك الأكبر أسأل الله السلامة والعافية.
المتن:
السلام عليكم في الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:
باب ما جاء أن الغُلُوّ في قبور الصالحين يصيّرها أوثاناً تُعبَد من دون الله
روى مالكُ في الموطأ أن رسول الله ﷺ قال: لا تتخذوا قبري وثناً يُعبد، اشتدَّ غضبُ الله على قومٍ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
ولابن جرير بسنده عن سفيان عن منصور عن مجاهد أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى قال: كان يَلُتُّ السَّويق؛ فمات، فعكفواعلى قبره. وكذا قال أبو الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما كان يلُتُّ السويق للحاج
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله ﷺ لعن زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسُّرُج. رواه أهل السنن.
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وبارك على عبد الله ورسولنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
قال الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد: باب ما جاء أن الغُلُوّ في قبور الصالحين يصيّرها أوثاناً تُعبَد من دون الله هذه الترجمة أخذها من نصوص ولهذا قال بعض ما جاء في النصوص في أن الغلو في قبور الصالحين يصيّرها أوثاناً تُعبَد من دون الله والغلو يعني الزيادة. الزيادة في محبته ومحبة الصالحين قربة ودين فلا يجوز الغلو فيها والغلو فيها يوصل شرك ولهذا قال الله تعالى يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ والغلو هو الزيادة ومنه غلا القدر إذا زاد إذا زادت في الغليان إذا كانت على النار ثم زاد غليانها تجاوز في الحد قالوا غلا القدر فالزيادة في محبة الصالحين يوصل إلى الشرك محبة الصالحين دين وقربة فلا يجوز التجاوز بها الحد الشرعي.
روى مالكُ في الموطأ أن النبي ﷺ قال: اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد، اشتدَّ غضبُ الله على قومٍ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد فهذا الأثر رواه مالك مرسلا عن زيد بن ياسر عن عطاء و رواه أيضاً ابن أبي شيبة ولم يذكر عطاء ورواه البزار مرفوعاً عن أبي سعيد وله شاهد عند الإمام أحمد رحمه الله عن سويلم بن صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد اشتدَّ غضبُ الله على قومٍ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد فهو ثابت.
فيه تحذير من اتخاذ قبور الصالحين والنبي ﷺ قال ذلك تحذيراً للأمة أن تغلو فيه عليه الصلاة والسلام فيكون قبره وثناً.
وفيه أنهم لو غلو فيه ووصلوا إلى عبادته لصار قبره وثناً ولكن الله طهره وحماه واستجاب دعاءه كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
فأجاب ربُّ العالمين دعاءه | وأحاطه بثلاثة الجدران |
حتى غدت أرجاؤه بدعائه | في عزة وحماية وصيان |
والمعنى أنهم لم يصلوا إلى القبر فيعبدوه لأن الله حال بينهم وبينه في الجدران ولكنه وقع الشرك به ﷺ وبغيره من بعيد هناك من دعا النبي ﷺ واستغاث به وذبح له ونذر له كما دعي غيره لكن المراد لم يصلوا إلى قبره ليباشروا عبادته كما لو كان وثناً لهذا قال النبي ﷺ: اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد، اشتدَّ غضبُ الله على قومٍ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد تحذيرا من صنيعهم لعنةُ الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبورَ مساجدَ، فإني أنهاكُم عن ذلك اتخاذ القبور مساجد كالصلاة عندها والعكوف على القبور وقراءة القرآن والصلاة عندها وبناء القباب ووضع الرياحين والزهور والأطياب كل هذا من وسائل الشرك.
ولابن جرير بسنده عن سفيان عن منصور عن مجاهد أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى قال: كان يَلُتُّ السَّويق؛ فمات، فعكفوا على قبره. كان يلت السويق للحاج فمات فعكفوا على قبره قان ابن عباس كان يلت السويق للحاج يعني هذا الرجل اللات كان يلت السويق عن الحاج رجل يسمى اللات بالتشديد اسم لرجل أو اللات بالتخفيف من الفعل والسويق هو دقيق الحنطة والشعير واللت يبل بالسمن أو الماء فالمعنى أن هذا الرجل الصالح كان يطعم الحجيج السويق ويحسن إليهم فلما مات غلو فيه فعكفوا على قبره فعبدوه من دون الله فصار قبره وثناً يعبده أهل الطائف ولهذا أنزل الله تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى فيه التحذير من الغلو في الصالحين لأن هذا رجل صالح فالغلو في الصالحين يصيّرها أوثاناً تُعبَد من دون الله كما حصل لهذا الرجل الصالح الذي كان يطعم الحجيج ويسقيهم السويق فعكفوا على قبره وغلو فيه لصلاحه فعبدوه فصار قبره وثناً فالنبي ﷺ يحذر من ذلك قال: اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد، اشتدَّ غضبُ الله على قومٍ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله ﷺ زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسُّرُج.
متخذين عليها المساجد والسرج واللعن هو الطرد من رحمة الله والمتخذين عليها أي القبور.المساجد بمعنى يبنى عليها مسجد ولو لم يبن عليها فإذا صلى عندها ودعا عندها فقد اتخذها مسجدا وتشمله اللعنة وإذا بنى عليه مسجدا فهذا أعظم وأعظم وأشد فكل مكان يصلى فيه يسمى مسجدا.
وفيه دليل على أن لا يجوز زيارة النساء للقبور لعن زائرات القبور فلا يشمل النساء الرخصة لا يشمل قول النبي ﷺ: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فلا تشمل خاصة بالرجال ولو قال أنها عام فالجواب أنها عام مخصوص مخصوص بالنصوص التي دلت على أن النساء لا يزرن القبور كهذا الحديث وغيره والجمهور أنه لا بأس بالزيارة يرون أن الرخصة عامة و يستدلون بالأحاديث التي ظاهرها الجواز كحديث النبي ﷺ مر على امرأة تبكي على صبي لها فقال: اتقي الله واصبري فقالت: إليك عني فإنلم تصب بمصيبتي. رواه البخاري ومسلم ولم ينهاها عن ذلك إنما أمرها بالصبر هذه محمولة على أنها قبل النهي فالصواب في هذه المسألة وإن كان الجمهور يرون أنها لا بأس بزيارة النساء ولكن الأقرب أن الرخصة لا تشمل النساء وأن العموم عموم الرخصة مخصوص بالنساء مخصوص بأحاديث النهي نعم فدل هذا الحديث على تحريم زيارة النساء للقبور وتحريم اتخاذ المساجد عليها والسرج والإنارة والإضاءة عليها سرج لأن هذا من وسائل الشرك فيجعل سرج على المقبرة كالكهرباء والإنارة والقباب والرياحين وكتابة الأسماء عليها كل هذا من وسائل الشرك فالواجب الحذر من وسائل الشرك.
(سؤال)
أحسن الله إليكم جاء في الترمذي وابن ماجة الزوارات، لعن الزوارات!
(الجواب)
زوارات من باب المبالغة وليس المعنى أنها التي لا تكثر الزيارة أنها ليست ملعونة الأحاديث الأخرى التي جاءت في هذا الباب المراد بالزوارات الزائرات.
(سؤال)
...
(الجواب)
قول أن هذا جائز ولم يعزم علينا هذا إسناد منها لم يعزم علينا قولها لم يعزم عليها هذا من اجتهادها يعني ليس نهياً مؤكداً أما صلاة المرأة على الميت فلا بأس تصليها في المسجد المرأة لا بأس تصلي على الميت تصلي في المسجد إذا صلت مع رجال تصلي عليه لما طلبت عائشة بعض من توفي في المسجد صلت عليه فأنكر عليها البعض فقالت: ما أسرع ما نسي الناس ما صلي على أبي هريرة إلا في مسجد فصلاة المرأة لا بأس بها
لكن منهية عن اتباع الجنائز لما فيها من الضعف وعدم التحمل يفضي بها إلى البكاء والصياح ولعدم تحملها ولأنها تفتن الرجال بذهابها وصوتها فمنهية عن زيارة القبور ولكن تصلي عليه لا بأس وتدعو له في مكانها في بيتها!.
(سؤال)
إذا مرت غير قاصدة؟
(الجواب)
إذا مرت غير قاصدة فلا بأس
(سؤال)
إذا مرت على المقبرة ونظرت إلى القبور ووقفت على الباب.
(الجواب)
ما ينبغي أن تقف
(سؤال)
إذا دخلت أمة الله إلى المسجد تصلي وتسلم في مكانها
(الجواب)
نعم مثل ما قال: صلوا علي؛ فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم إذا صلت وسلمت عليه في أي مكان في أي مكان في الدنيا صلوا عليه فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم هذا للرجال والنساء.
(سؤال)
يعني هذا على نية المرأة؟
(الجواب)
المرأة والرجل إذا صلى في أي مكان لا بأس سواء في المسجد أو في غيره في مكانها لكن لا تذهب إلى القبر.