بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين والسامعين.
(المتن)
قال المؤلف رحمه الله تعالى في "مختصر زاد المعاد":
فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الذكر وأنواعه.
وإذا دعي إلى طعام، وتبعه أحد، أعلم به رب المنزل، فقال: إِنَّ هَذَا تَبِعَنَا، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ، وَإِنْ شِئْتَ رَجَعَ، وَكَانَ يَتَحَدَّثُ عَلَى طعامه.
(الشرح)
وهذا ثابت عن النبي r أنه لما دُعي وتبعه إنسان قال لصاحب الطعام: «إن هذا تبعنا فإن شئت أذنت له وإن شئت انصرف, فقال: يا رسول الله بل آذن له» السنة هكذا.
(المتن)
كما قال لربيبه: «سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ», وَرُبَّمَا كَانَ يُكَرِّرُ عَلَى أَضْيَافِهِ عَرْضَ الْأَكْلِ عَلَيْهِمْ مِرَارًا كَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْكَرَمِ، كَمَا فِي حَدِيثِ أبي هريرة في اللبن.
(الشرح)
كان النبي r من هديه أنه يتحدث على الطعام ما يكون صامت, بعض الناس يقول: ينبغي أن أصمت, أن يكون الآكلون يصمتون, لا, النبي r كان يتحدث وقال لربيبه عمر بن سلمة ابن زوجته أم سلمة, قال: « يا غلام سَمِّ اللَّهَ، وكل بيمينك وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» هذا حديث, وفيه أنه ينبغي تعليم الصبيان, سم يعني قل: بسم الله, وكل بيمينك: أي بيدك اليمنى, وكل مما يليك, كان النبي r يتحدث ويحدث أصحابه في قصة ضيافة أبي أيوب لهم تحدث النبي r وقال: «لتُسألن عن هذا النعيم» وكذلك في قصة أبي هريرة كان النبي يعرض عليه اشرب اشرب, وهذه عادة أهل الكرم.
(المتن)
وَكَانَ إِذَا أَكَلَ عِنْدَ قَوْمٍ، لَمْ يَخْرُجْ حتى يدعو لهم.
(الشرح)
يدعو لهم يقول: أخلف الله عليكم, بارك الله فيكم, كل هذا ورد في السنة, اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم, وفيما رزقتهم.
(المتن)
وذكر أبو داود عنه في قصة أبي الهيثم: فَأَكَلُوا فَلَمَّا فَرَغُوا, قَالَ: «أَثِيبُوا أَخَاكُمْ, قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا إِثَابَتُهُ؟ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا دُخِلَ بَيْتُهُ، فَأُكِلَ طَعَامُهُ، وَشُرِبَ شَرَابُهُ، فَدَعَوْا لَهُ، فَذَلِكَ إِثَابَتُهُ».
(الشرح)
الإثابة يعني الدعاء, «أثيبوا أخاكم» يعني ادعوا له, مثلما سبق من الدعوات.
(المتن)
وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ دَخَلَ مَنْزِلَهُ لَيْلَةً، فَالْتَمَسَ طَعَامًا، فَلَمْ يَجِدْهُ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي، وَاسْقِ من سقاني» وَكَانَ يَدْعُو لِمَنْ يُضِيفُ الْمَسَاكِينَ، وَيُثْنِي عَلَيْهِمْ، وَكَانَ لَا يَأْنَفُ مِنْ مُؤَاكَلَةِ أَحَدٍ صَغِيرًا كان أو كبيرًا.
(الشرح)
كان r يدعو لمن أطعم المساكين, وكان لا يأنف, وكان يأكل مع الصغير ومع الكبير r بخلاف المتكبرين الذين يأنفون من جلوس الضعفاء والمساكين بجوارهم.
(المتن)
حرًا أو عبدًا، ويأمر بالأكل باليمنى، وينهى عن الشمال، وَيَقُولُ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ».
(الشرح)
وهذا يدل على وجوب الأكل باليمين, والأدلة في هذا قوية وبعض العلماء يقول: إن هذه من باب الآداب والأقرب أن الأكل باليمين مع الاستطاعة واجب, ولهذا قال النبي r لرجل أكل بشماله: «كل بيمينك, قال: لا أستطيع, فقال: لا استطعت» فشُلت يده في الحال, دعا عليه كأنه يقول: جعلك الله لا تستطيع فشُلت يده في الحال, عقوبة عاجلة, هو مستطيع لكن قال: لا أستطيع كبرًا.
(المتن)
ومقتضاه تحريم الأكل بها، وهو الصحيح.
(الشرح)
هذا هو الصواب خلافًا لمن قال: إن هذا من باب الآداب ويكون مستحب, فالصواب أنه واجب, لو كان مستحب لما دعا النبي r على هذا الرجل الذي امتنع من الأكل بيمينه.
(المتن)
وَأَمَرَ مَنْ شَكَوْا إِلَيْهِ أَنَّهُمْ لَا يَشْبَعُونَ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِهِمْ وَلَا يَتَفَرَّقُوا، وَأَنْ يذكروا اسم الله عليه.
(الشرح)
شَكَوْا إِلَيْهِ أَنَّهُمْ لَا يَشْبَعُونَ فأمرهم أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِهِمْ وَلَا يَتَفَرَّقُوا، وَأَنْ يذكروا اسم الله عليه, فإذا اجتمعوا وذكروا اسم الله فإنهم يشبعون ويُنزل الله البركة في الطعام.
(المتن)
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «أَذِيبُوا طَعَامَكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلَاةِ، وَلَا تَنَامُوا عَلَيْهِ فتقسوا قلوبكم» وأحرى به أن يكون صحيحًا، والتجربة تشهد بِهِ.
الشيخ: عليه تعليق؟.
الطالب: رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة وإسناده ضعيف والحديث غير ثابت.
الشيخ: المؤلف ما جزم بصحته وإنما قال: الأحرى به أن يكون صحيحًا, كتاب الزاد العظيم هذا كتبه في السفر رحمه الله ما عنده مراجع ومع ذلك من أحسن الكتب, وهو كتاب عظيم.
الطالب: -- ((@ كلمة غير مفهومة- 07:49)) –
الشيخ: الأقرب يكون ضعيف جدًا, لا يكون موضوع من كان فيه وضاء, وأما من كان فيه متهم فيكون ضعيف جدًا.
(المتن)
فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في السلام والاستئذان وتشميت العاطس.
وفي الصحيحين عنه: «إن أفضل الإسلام أن تطعم الطعام، وتقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف».
(الشرح)
هذا من أفضل خصال الإسلام: «إن أفضل الإسلام أن تطعم الطعام، وتقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» الإسلام له خصال متعددة وهذه من أفضل الخصال, «تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» بعض الناس لا يسلم إلا على من يعرف, والذي لا يعرفه ما يسلم عليه, وهذا خطأ, السنة إفشاء السلام وكل شخص تمر به تسلم عليه تعرفه أو لا تعرفه, وجاء في حديث: «أنه في آخر الزمان يكون السلام للمعرفة» وهذا في صحته نظر.
(المتن)
وفيهما: «إن آدم لَمَّا خَلَقَهُ اللَّهُ قَالَ لَهُ: اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فسلم عليهم، واستمع مَا يُحَيُّونَكَ، فِإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فَقَالَ: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليكم وَرَحْمَةُ اللَّهِ, فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ» وَفِيهِمَا: أَنَّهُ أمر بإفشاء السلام، وأنهم إذا أفشوا السلام تَحَابُّوا، وَأَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُؤْمِنُوا، ولا يؤمنوا حَتَّى يَتَحَابُّوا.
(الشرح)
وهذا فيه دليل على أن إفشاء السلام من علامة الإيمان ومن أسباب دخول الجنة, قال النبي r: «والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا, ولا تؤمنوا حتى تحابوا, أفلا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» فإفشاء السلام من أسباب المحبة, والمحبة دليل على الإيمان, والإيمان سببٌ في دخول الجنة, فينبغي إفشاء السلام.
(المتن)
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: قَالَ عمار: ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الْإِيمَانَ: الْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالِمِ، وَالْإِنْفَاقُ مِنَ الْإِقْتَارِ.
(الشرح)
هذا رواه البخاري معلقًا مجزومًا به عن عمار: "ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الْإِيمَانَ: الْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ" تنصف من نفسك وتقول الحق ولو على نفسك, بعض الناس ما ينصف من نفسه إنما يطلب حقه من الآخرين لكنه لا يعطي الحق, "وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالِمِ" يعني جميع من تراه, وجميع من تقابله, وجميع من تمر به ارمي السلام عليه لا يكون خاص بمن تعرف, "وَالْإِنْفَاقُ مِنَ الْإِقْتَارِ" يعني ينفق من المال الذي عنده ولو كان قليلًا, فإذا كان له درهمان درهم ينفقه ودرهم يكون له ولأولاده, هذه الثلاث من الإيمان رواها البخاري عن عمار معلقًا مجزومًا به, وفي الحديث الآخر: «سبق درهم ألف درهم» كيف ذلك؟ هذا واحد ليس عنده إلا درهمان أنفق درهم وأبقى درهم, واللي عنده ألف درهم أخرجه من ملايين, فيكون هذا الذين أنفق درهم سبق الذي أنفق الألف؛ لأن هذا أنفق نصف ماله وذاك ما أنفق ولا عشر ما معه.
(المتن)
وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ أُصُولَ الْخَيْرِ وَفُرُوعَهُ، فَإِنَّ الْإِنْصَافَ يُوجِبُ عَلَيْهِ أَدَاءَ حقوق الله كاملة، وأداء حقوق الناس كذلك.
(الشرح)
لأنه منصف من نفسه يؤدي حقوق الغير كاملة ولا يقصر.
(المتن)
ويعاملهم بما يحب أن يعاملوه به، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا إِنْصَافُهُ نَفْسَهُ مِنْ نَفْسِهِ، فَلَا يَدَّعِي لَهَا مَا لَيْسَ لَهَا.
(الشرح)
يعني ما يدعي لنفسه من الصفات أو من الحقوق ما ليس لها.
(المتن)
وَلَا يخبثها بتدنيسه لها بمعاصي الله.
(الشرح)
يعني يخفي ما تنطوي عليه نفسه من المعاصي.
(المتن)
والمقصود أن الإنصاف من نفسه يوجب عليه معرفة ربه، ومعرفة نفسه، ولا يزاحم بها مالكها، وهو الله سبحانه وتعالى, ولا يقسم مراده بين مراد سيده ومرادها، وَهِيَ قِسْمَةٌ ضِيزَى، مِثْلَ قِسْمَةِ الَّذِينَ قَالُوا: {هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا}[الْأَنْعَامِ/ 136].
(الشرح)
وهم المشركون الذين يقسمون الثمار والزروع قسمين: قسم لله, وقسم لأصنامهم, فإذا زاد الذي لله قالوا: الله غني عنه فأخذوه وأعطوه للأصنام, وإذا زاد الذي للأصنام أبقوه, قال الله تعالى ونوه عنهم في القرآن الكريم, هذا لله بزعمهم وهذا لشركائهم: {فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}[الْأَنْعَامِ/ 136].
{وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}[الأنعام/136].
(المتن)
مِثْلَ قِسْمَةِ الَّذِينَ قَالُوا: {هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}[الْأَنْعَامِ/ 136], فَلْيَنْظُرِ الْعَبْدُ لَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْقِسْمَةِ وهو لا يشعر.
(الشرح)
يعني ينبغي له أن يقدم مراد الله على مراد نفسه لا يكون قسمة ضيزى ويقدم مراد النفس على مراد الله: {تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى}[النجم/22] يعني قسمة جائرة.
(المتن)
فإنه خلق ظلومًا جهولًا، وكيف يَطْلُبُ الْإِنْصَافَ مِمَّنْ وَصْفُهُ الظُّلْمُ وَالْجَهْلُ!.
(الشرح)
إلا من سلمه الله ووفقه وهداه خرج عن هذا الوصف.
(المتن)
وَكَيْفَ يُنْصِفُ الْخَلْقَ مَنْ لَمْ يُنْصِفِ الْخَالِقَ، كَمَا في الأثر: «ابْنَ آدَمَ مَا أَنْصَفْتَنِي، خَلَقْتُكَ وَتَعْبُدُ غَيْرِي، وَأَرْزُقُكَ وَتَشْكُرُ سِوَايَ».
(الشرح)
هذا أثر إسرائيلي لا يعول عليه, ويكفي الآيات والنصوص الصحيحة.
(المتن)
ثُمَّ كَيْفَ يُنْصِفُ غَيْرَهُ مَنْ لَمْ يُنْصِفْ نَفْسَهُ بل قد ظلمها أقبح الظلم وهو يظن أنه يكرمها!.
(الشرح)
يظن أنه يكرمها وهو يُهينها بالمعاصي.
(المتن)
وبذل السلام للعالم يتضمن التواضع، وأنه لا يتكبر على أحد، والإنفاق من الإقتار لا يصدر إلا عن قوة ثقة بالله، وقوة يقين، وتوكل ورحمة.
(الشرح)
مع العسر, ما عنده إلا شيء يسير فيقتر على نفسه وينفق بعض هذه النفقة اليسيرة.
(المتن)
وزهد وسخاء نفس، وتكذيب بوعد من يعده الفقر، ويأمره بالفحشاء.
(الشرح)
وهو الشيطان, من يعده بالفقر هو الشيطان.
(المتن)
وَثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ «مر بصبيان فسلم عليهم».
(الشرح)
وهذا من تواضعه r.
(المتن)
وذكر الترمذي «أنه مر بِجَمَاعَةِ نِسْوَةٍ، فَأَلْوَى بِيَدِهِ بِالتَّسْلِيمِ» وَقَالَ أبو داود عَنْ أسماء بنت يزيد: «مَرَّ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَةٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْنَا» وَهِيَ رِوَايَةُ حَدِيثِ الترمذي، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ، وَأَنَّهُ سَلَّمَ عَلَيْهِنَّ بِيَدِهِ, وفي الْبُخَارِيِّ: أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَنْصَرِفُونَ مِنَ الْجُمُعَةِ، فَيَمُرُّونَ عَلَى عَجُوزٍ فِي طَرِيقِهِمْ، فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهَا، فَتُقَدِّمُ لَهُمْ طَعَامًا مِنْ أُصُولِ السَّلْقِ وَالشَّعِيرِ.
(الشرح)
أي من الأزهار والنباتات.
(المتن)
وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي مَسْأَلَةِ السَّلَامِ عَلَى النِّسَاءِ؛ يُسَلِّمُ عَلَى الْعَجُوزِ وَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ دُونَ غيرهن.
(الشرح)
والمعنى السلام بالكلام وليس المراد المصافحة ولا التقبيل, الأجنبية لا تُصافح ولا تُقبل, من بعيد فقط كيف الحال يا فلانة, يا أم فلان, ولا يكون هناك خلوة, يكون معها أحد من النساء, وتؤمن الفتنة.
الطالب: يشير للنساء باليد مع السلام بالكلام؟.
الشيخ: لابد, إذا كنت النساء بعيدات أو حتى الرجال يشير حتى يعلم ويتلفظ باللسان.
(المتن)
وفي " صحيح البخاري ": «يسلم الصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ، وَالْمَارِّ عَلَى الْقَاعِدِ، وَالرَّاكِبِ على الماشي، والقليل على الكثير» وفي الترمذي: «يُسَلِّمُ الْمَاشِي عَلَى الْقَائِمِ», وَفِي مُسْنَدِ البزار عنه: «وَالْمَاشِيَانِ أَيُّهُمَا بَدَأَ فَهُوَ أَفْضَلُ», وَفِي سُنَنِ أبي داود عَنْهُ: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ من بدأهم بالسلام» وكان من هديه السَّلَامُ عِنْدَ الْمَجِيءِ إِلَى الْقَوْمِ، وَالسَّلَامُ عِنْدَ الِانْصِرَافِ عَنْهُمْ.
(الشرح)
يعني إذا جاء سلم وإذا انصرف سلم.
(المتن)
وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا قعد أحدكم فليسلم، وإذا قام، فليسلم، فليست الأولى بأحق مِنَ الْآخِرَةِ», وَذَكَرَ أبو داود عَنْهُ: «إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ صَاحِبَهُ، فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَالَ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ جِدَارٌ ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ أَيْضًا» وَقَالَ أنس: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَمَاشَوْنَ، فَإِذَا لقيتهم شَجَرَةٌ أَوْ أَكَمَةٌ تَفَرَّقُوا يَمِينًا وَشِمَالًا، وَإِذَا الْتَقَوْا مِنْ وَرَائِهَا، سَلَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ, ومن هديه أن الداخل إلى المسجد يبتدئ بركعتين، ثم يجيء فيسلم، فَتَكُونُ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ قَبْلَ تَحِيَّةِ أَهْلِهِ، فَإِنَّ تلك حق الله، والسلام عليهم حق لهم، وحق الله تعالى في مثل هذا أولى بِالتَّقْدِيمِ بِخِلَافِ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ، فَإِنَّ فِيهَا نِزَاعًا، والفرق بينهما حاجة الآدمي، وعدم اتساع المال لأداء الحقين.