شعار الموقع

75- مختصر زاد المعاد

00:00
00:00
تحميل
8

(المتن)

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والسامعين.

فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السلام على أهل الكتاب.

ففِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ صَحَّ عَنْهُ: «لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ، وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ»، لَكِنْ قَدْ قِيلَ: إنه في قضية خاصة لما سار إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ قَالَ: «لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ».

(الشرح)

 سار إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ قَالَ: «لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ», فَإِذاْ مررت بمسلم فإنه يُستحب أن تُسلم على كل إن لقيت, إذا لقيت واحد أو اثنان أو عشرة تسلم, تقرأ السلام عليهم على من عرف وعلى من لم تعرف هذا من خصال الإسلام.

وكذلك الجماعة  إذا كانوا مسلمين وكذلك إذا كانوا أخلاط مسلمين وغير مسلمين كما ثبت عن النبي - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ–مر على خلاط من مسلمين وغيرهم فسلم عليهم, أما إذا كانوا كلهم كفار فلا تسلم عليهم لا تبدأ بالسلام.

لكن هم إذا هم سلموا ترد عليهم تحيتهم تقول: وعليكم, ترد عليهم تحيتهم ولا تكمل كما ثبت في الحديث أن اليهود كانوا يأتون إلى النبي r ويسلمون عليه وهم يضرمون يحذفون اللام يقولون: السلام عليك, السلام عليك.

فخطرت عائشة من وراء الحجاب وقالت: عليكم السم واللعنة, فقال النبي r: لفظ الوحشة والتوحش, هؤلاء يا رسول قالوا: يقولون: السم عليك, فقال: ألم تسمعي ما قلت؟ قلت: وعليكم, فإنها تكون منا ولا تكون منهم بدون إزعاج وبدون شدة رد عليهم تحيتهم, ولا يكون هناك فحشة ولا تفحش.

لكن عائشة من شدة غيرتها ردت عليهم بشدة.

(المتن)

والظاهر أن هذا عام. واختلف في الرد عليهم، والصواب وجوبه، والفرق بينهم، وبين أهل البدع أنا مأمورون بهجرهم، وثبت عنه أَنَّهُ مَرَّ عَلَى مَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلَاطٌ مِنَ المسلمين والمشركين، فسلم عليهم، وكتب إلى هرقل وغيره بـ: «السلام على من اتبع الهدى».

(الشرح)

أهل الكتاب رُد عليهم, وأهل البدع ما يُسلم عليهم هجرًا لهم.

   (المتن)

 ويذكر عنه: «تجزئ عَنِ الْجَمَاعَةِ إِذَا مَرُّوا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ، وَيُجْزِئُ عَنِ الْجُلُوسِ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمْ»، فَذَهَبَ إلى هذا من قال: الرد فرض كفاية، لَكِنْ مَا أَحْسَنَهُ لَوْ كَانَ ثَابِتًا! فَإِنَّ فيه سعيد بن خالد، قال أبو زرعة: ضعيف, وكذلك قال أبو حاتم.

 وكان من هديه إِذَا بَلَّغَهُ أَحَدٌ السَّلَامَ عَنْ غَيْرِهِ أَنْ يرد عليه وعلى المبلغ، ومن هَدْيِهِ تَرْكُ السَّلَامِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا عَلَى مَنْ أحدث حدثا حتى يتوب.

(الشرح)

يكون هذا هجرًا وهذا الهجر فيه استصلاح له والهجر كالدواء يُستعمل إذا كان مفيد يُستعمل وإذا لم يكن فإنه لا يُستعمل, لذلك المبتدعة إذا لم ترد عليه السلام وتنكر دعوته يرتدع وينزجر ويترك بدعته نعم تستعمله, وإذا كان لا يفيده وإنما يزيده شرًا فلا تستعمله, لأن النبي r هجر الثلاثة الذين تخلوا عنه في غزوة تبوك.

كعب بن مالك وصاحبيه هجرهم النبي لمدة خمسين ليلة ولم يظلوا منافقين, فالهجر علاج  كالدواء إذا كان مفيد ويرتعد المهجور فاستعمله لا تسلم عليه ولا تدعوه ولا تتحدث له حتى يتوب وإذا كان يزيده شرًا بعض الناس يزيده شر.

إذا كنت تكلمه يراعيك بعض الشيء يخفف من الشر وإذا هاجرته صار لا يبالي زاد شره هذا لا تحدثه ولا تهجره.

(المتن)

فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الاسْتِئْذَانِ.

فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الاستئذان صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الاستئذان ثلاثا، فَإِنْ أُذِنَ لَكَ، وَإِلَّا فَارْجِعْ», وَصَحَّ عَنْهُ: «إِنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ».

 وَصَحَّ عنه أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَفْقَأَ عَيْنَ الَّذِي نَظَرَ إليه من شق حُجْرَتِهِ، وَقَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ البصر» وَصَحَّ عَنْهُ التَّسْلِيمُ قَبْلَ الِاسْتِئْذَانِ فِعْلًا وَتَعْلِيمًا.

(الشرح)

هذا في قصة أبي موسى علم الرجل دخل واستأذن قال: قل له فقل السلام عليكم وأدخل فسمع الرجل فقال: السلام عليكم فأدخل, في قصة أبي موسى استأذن على عمر استأذن ثلاثً ولم يكن إلا عمر فأنصرف وكان مشغول, فقال: لم أسمع أبي موسى عليّ به, فجاء فقال: مالك..يقول الرسول r.

(المتن)

وَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: أَأَلِجُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ: «اخْرُجْ إلى هذا فعلمه الاستئذان، فقل لَهُ: قُلِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟».

(الشرح)

"أالج", يعني أدخل, والسنة يقول: السلام عليكم فأدخل.

(المتن)

 فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ، فقال ذلك، فأذن له، فدخل, وفيه رد على من قال: يقدم الاستئذان، وعلى مَنْ قَالَ: إِنْ وَقَعَتْ عَيْنُهُ عَلَى صَاحِبِ المنزل قبل دخوله بدأ بالسلام وإلا بالاستئذان. وكان من هديه أنه إذا استأذن ثلاثا ولم يؤذن، انْصَرَفَ، وَهُوَ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إِنْ ظن أنهم لم يسمعوه زاد على الثلاث، وعلى من قال: يعيده بلفظ آخر.

(الشرح)

فكما في قصة أبي موسى لما استأذن على عمر, وبعض الناس والعياذ بالله ما يستأذن ثلاث يستأذن عشرين مرة ويؤذيه, قد يكون صاحب البيت مشغول, قد يكون لا يستطيع, قد يكون مُتعب, قد يكون مريض, قد يكون في الحمام, قد يكون عنده عمل لابد منه, فينبغي للإنسان أن لا يؤذي يستمر بعد الناس ولا يبالي.

والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النور: 27], {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28)} [النور: 28].

حتى لو قال: لو خرج لك واحد من البيت وقال: ارجع ولو خرج إليك واحد من البيت وقال: ارجع مشهور صاحب البيت فارجع مطمئن القلب, لكن لو خرج بعض الناس بسبب الجهل يخرج مشهور راح يتكلم ويسبه ردًا إلى الباب هذا جهل بالسنة فضعف الإيمان يؤدي إلى هذا.

فالواجب عليه يُستأذن ثلاث وينصرف ولا يؤذي, صاحب البيت ما تدري عن حاله, ما تدري عن ظروفه ينبغي أن تحسن الظن وينبغي أن تنصرف وأنت مرتاح سليم الصدر: {وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28)} [النور: 28], هذا فيه زكاة لك ينبغي تعليم الناس.

الطالب: هذا ينطبق على الجوال؟

الشيخ:  نعم, إذا أعادت  ثلاث مرات يكفي.

الطالب: موعد.

الشيخ: إذا كان بينهم موعد ينتظر نعم.

الطالب: ...

الشيخ: ينتظر بعض الشيء لأنه سيأتيه.

(المتن)

ومن هَدْيِهِ أَنَّ الْمُسْتَأْذِنَ إِذَا قِيلَ لَهُ: مَنْ أنت؟ فيقول: فلان ابن فلان، أو يذكر كنيته، ولا يقول: أنا. وروى أبو داود عنه: «أن رسول الرجل إلى الرجل إذن له», وذكره البخاري تعليقا، ثم ذكر ما يدل على اعتبار الاستئذان بعد الدعوة.

(الشرح)

وهذا جاء في الحديث ابن جابر استأذن عن النبي, فقال: من؟ قال: أنا, فالنبي كرر قال: أنا, أنا كره هذا ليست للتعريف, إذا قيل من أنت؟ قل فلان, فلان ابن فلان أو فلان أبو فلان, أما كلمة أنا ليست لها تعريف, أنت تقل: فلان؟ محمد بن عبد الله بن فلان حتى يعرف.

أما أنا, أنا ليست تعريف, ولهذا كره النبي r لما قال: أنا, أنا.

(المتن)

   وهو حديث دعاء أهل الصفة، وفيه: فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا. وقالت طائفة: إن الحديثين على حالين، فإن جاء المدعو على الفور، لم يحتج للاستئذان، وإن تراخى احتاج إليه.

(الشرح)

يعني إذا دعاه وقال: أنا أروح وجاء في الحال هذا ليس استأذن وجدت الباب مفتوح, أما إذا تأخر فيحتاج للاستئذان.

(المتن)

  وَقَالَ آخَرُونَ: إِنْ كَانَ عِنْدَ الدَّاعِي مَنْ قَدْ أَذِنَ لَهُ قَبْلَ مَجِيءِ الْمَدْعُوِّ لَمْ يحتج للاستئذان وإلا استأذن.

(الشرح)

إذا كان عنده أحد  وُجد في المجلس هذا مسبوق.

(المتن)

وكان إِذَا دَخَلَ إِلَى مَكَانٍ يُحِبُّ الِانْفِرَادَ فِيهِ، أمر من يمسك الباب، فلا يدخل عليه أحد إلا بإذن.

(الشرح)

مثل لما أهل من نساءه كان في غرفة مشرفة مرتفعة صلى ببواب لا يدخل أحد إلا بإذنه, ..كان فيه البواب.

(المتن)

    وَأَمَّا الِاسْتِئْذَانُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الْمَمَالِيكَ، وَمَنْ لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ فِي الْعَوْرَاتِ الثَّلَاثِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَوَقْتَ الظَّهِيرَةِ وَعِنْدَ النَّوْمِ، فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَأْمُرُ بِهِ، وَيَقُولُ: تَرَكَ النَّاسُ العمل به. وقالت طَائِفَةٌ: الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ وَلَمْ تَأْتِ بِحُجَّةٍ، وَقَالَتْ طائفة: أمر ندب، وَلَيْسَ مَعَهَا مَا يَدُلُّ عَلَى صَرْفِ الْأَمْرِ عن ظاهره.

 وقالت طائفة: المأمور به النساء خاصة، وهذا ظاهر البطلان.

(الشرح)

لهذا قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور: 58].

(المتن)

 وقالت طائفة عكس هذا، نظروا إلى لفظ " الذين "، وَلَكِنْ سِيَاقُ الْآيَةِ يَأْبَاهُ، فَتَأَمَّلْهُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كان الأمر لعلة لعلة وزال بزوالها وهي الحاجة، فَرَوَى أبو داود فِي " سُنَنِهِ " أَنَّ نَفَرًا قالوا لابن عَبَّاسٍ: كَيْفَ تَرَى هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي أُمِرْنَا فِيهَا بِمَا أُمِرْنَا وَلَا يَعْمَلُ بِهَا أَحَدٌ؟ فقال ابن عباس: إن الله حكيم رءوف بِالْمُؤْمِنِينَ يُحِبُّ السِّتْرَ، وَكَانَ النَّاسُ لَيْسَ لِبُيُوتِهِمْ سُتُورٌ وَلَا حِجَالٌ، فَرُبَّمَا دَخَلَ الْخَادِمُ أَوِ الْوَلَدُ، أَوْ يَتِيمَةُ الرَّجُلِ، وَالرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ بِالِاسْتِئْذَانِ فِي تِلْكَ الْعَوْرَاتِ.

 فَجَاءَهُمُ الله تعالى بِالسُّتُورِ وَالْخَيْرِ، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَعْمَلُ بِذَلِكَ بعد. وقد أنكر بعضهم ثبوته، وَطَعَنَ فِي عكرمة، وَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا، وَطَعَنَ في عمرو بن أبي عمرو، وقد احتج به صاحبا الصحيح، فإنكاره تعنت لَا وَجْهَ لَهُ, وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْآيَةُ مُحْكَمَةٌ لا دافع لها.

 والصحيح أن الحكم معلل بعلة قد أشارت إليها الآية، فإن كَانَ هُنَاكَ مَا يَقُومُ مَقَامَ الِاسْتِئْذَانِ مِنْ فَتْحِ بَابٍ فَتْحُهُ دَلِيلٌ عَلَى الدُّخُولِ، أَوْ رَفْعِ سِتْرٍ، أَوْ تَرَدُّدِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ وَنَحْوِهِ - أَغْنَى ذَلِكَ عَنِ الِاسْتِئْذَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ما يقوم مقامه، فلا بد منه، فإذا وجدت العلة، وجد الحكم، وإذا انتفت انتفى.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد