شعار الموقع

76- مختصر زاد المعاد

00:00
00:00
تحميل
12

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين, اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والسامعين.

(المتن)

فصل ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان» . ذكره البخاري.

(الشرح)

هذا فيه أن الله تعالى يحب العطاء ويكره التثاؤب, فإذا عطس الإنسان حق على كل من سمع أن يقول له: يرحمك الله, ثم يجيب هو ويقول: يهديكم ويصلح بالكم, هذا من حق المسلم على أخيه؛ إذا عطس فحمد الله أن يشمته, ومن حقه عليه أنه إذا لقيه أن يسلم عليه, وإما مرض عاده, وإما تبعه, وإذا دعاه أجاب دعوته, هذا من حق المسلم على المسلم.

ومن حقه عليه أن يشمته إذا عطس, قال العلماء: هذا من الآداب المستحبة, وظاهر الحديث أنه للوجوب, الظاهر أن كل أحد عليه أن يشمت العاطس, كان أبو داود صاحب السنن رحمه الله يرى وجوب تشميت العاطس, قالوا: إنه كان على ساحل البحر فعطس رجل في البحر, فذهب واستأجر قارب صغيرًا وذهب إليه وشمته ورجع, يرى وجوب تشميت العاطس.

العطاس حق على كل من سمعه أن يشمته ثم يقول هو: يهديكم الله ويصلح بالكم, قال بعض العلماء: يكفي أن يشمت بعض الناس, وكذلك السلام, إذا سلم واحد يكفي, وقال آخرون: يرد السلام أحدهم, وقيل: لابد أن يرد كل واحد, والأقرب أنه إذا رد البعض كفى.

(المتن)

 وفي " صحيحه " أيضًا: «إذا عطس أحدكم، فليقل: الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله. فإذا قال له: يرحمك الله. فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم» . وفي " صحيح مسلم «إذا عطس أحدكم فحمد الله، فشمتوه، وإن لم يحمد الله، فلا تشمتوه» . وفي " صحيحه ": «حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته، فسلم عليه».

(الشرح)

كان اليهود يأتون مجلس النبي صلى الله عليه وسلم ويتعاطسون, يرجون أن يقول لهم النبي: يرحمكم الله, فيقول: يهديكم الله, يدعو لهم بالهداية, وثبت أيضًا في الحديث الثاني أنه عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم, فشمت أحدها ولم يشمت الآخر, فقال الذي لم يشمته: يا رسول الله عطس هذا فشمته, وعطست فلم تشمتني, قال: «إن هذا حمد الله فشمته, وأنت لم تحمد الله فلا أشمتك».

إذًا ليس له حق أن يشمت إلا إذا حمد الله, إذا أسمعك الحمد لله فشمته, أما إذا قال بينه وبين نفسه ما يلزمك, لابد أن يسمعك الحمد لله, فإذا سمعته فشمته, أما إذا لم يحمد الله سقط حقه في التشميت, وكذلك إذا أسر بها ولم يسمع من حوله لم يجب عليه.

(المتن)

«وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك، فانصح له».

(الشرح)

هذه كلها من حق المسلم على المسلم, إذا عطس وحمد الله تشمته, إذا دعاك تجب دعوته, وإذا نصحك تنصح له, ومن ذلك دعوة وليمة العرس, قال العلماء: الجمهور على أنها واجبة, وأما عداها من الدعوات مستحب, إذا دعاك إلى وليمة غير العرس هذا مستحب وأما العرس فهو واجب, هذا تقرير الجمهور, ولكن ظاهر الحديث أنها كلها سواء, إذا دعاك تجيب, لكن إذا كنت مشغولًا تعتذر, تقول: أنا مشغول أو تعتذر تتصل عليه بالهاتف, وقد يكون لك عذر إذا مثلاً دعوة العرس فيها منكر ولا تستطيع إنكاره لك أن تنصرف, ولك ألا تحضر, وكذلك إذا كان على الإنسان ضرر, سهر طويل يؤدي إلى ترك صلاة الفجر أو تأخير ورده من الليل هذا عذر له, هذا عذر له أن يتخلف ولكن كونه يعتذر أولى, يقول: يا فلان اعذرني هذا يشق عليّ, فإذا سمح لك يكون هذا أولى.

(المتن)

«وإذا عطس وحمد الله فشمته، وإذا مات فاتبعه، وإذا مرض فعده» .

(الشرح)

كل هذا من حق المسلم على المسلم, إذا مات تتبعه, وإذا مرض تعوده, وإذا عطس وحمد الله تشمته, وإذا لقيته فسلم عليك ترد عليه السلام, إذا استنصحك تنصح له.

(المتن)

وللترمذي عن ابن عمر: «علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند العطاس أن نقول: الحمد لله على كل حال» . وذكر مالك عن نافع عن ابن عمر: إذا عطس أحدكم، فقيل له: يرحمك الله. فليقل: يرحمنا الله وإياكم، ويغفر لنا ولكم. وظاهر الحديث المبدوء به أن التشميت فرض عين.

(الشرح)

يعني كل واحد يشمت, يعني ما يكفي البعض.

(المتن)

 اختاره ابن أبي زيد، ولا دافع له.

(الشرح)

والجمهور على أنه فرض كفاية, إذا شمت البعض كفى, اختيار أبي زيد على أنه فرض عين على كل أحد ما يكفي أن يشمته البعض, قوله: والحمد لله على كل حال تكلم عليه في الحديث؟ يعني يقول: الحمد لله على كل حال, أو يقول: الحمد لله رب العالمين.

(المتن)

ولما كان العاطس قد حصل له بالعطاس نعمة ومنفعة بخروج الأبخرة المحتقنة، شرع له صلى الله عليه وسلم حمد الله على هذه النعمة.

(الشرح)

العطاس زلزلة للجسم كامل, تخرج الأبخرة المحتقنة, فشرع له أن يحمد الله على هذه النعمة؛ التي حصلت له ولم يحصل للجسم خلل, اهتزاز هزة عظيمة وزلزلة للجسم كامل, فشرع للمسلم أن يقول: الحمد لله رب العالمين, فيشمته أخوه يقول: يرحمك الله, فيجيب يهديكم الله ويصلح بالكم.

(المتن)

شرع له صلى الله عليه وسلم حمد الله على هذه النعمة مع بقاء أعضائه على هيئتها بعد هذه الزلزلة.

(الشرح)

نعم بقيت الأعضاء سليمة, هذه نعمة عظيمة؛ لأنها تؤثر أحيانًا إن كان العطاس شديد قد يختل بعض أعضائه, فلما حصلت هذه الزلزلة وخرجت الأبخرة المحتقنة وبقي جسمه سليمًا شرع له أن يحمد الله على هذه النعمة.

(المتن)

 حمد الله على هذه النعمة مع بقاء أعضائه على هيئتها بعد هذه الزلزلة التي هي للبدن كزلزلة الأرض لها.

(الشرح)

يعني العطاس زلزلة للجسم مثل زلزلة الأرض, الأرض يحصل لها زلال كيف يحصل؟ فهذه زلزلة في الأرض, وهذه زلزلة في الجسم, كلٌ منهما زلزلة.

(المتن)

 وكان إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه وخفض بها صوته.

(الشرح)

هذا مشروع أن يضع كذا أو يضع وجهه في الأرض أو يخمر وجهه ويخفض صوته؛ حتى لا يكون  هناك صوت مزعج, بعض الناس ما يخفض صوته, يخرج العطاس بصوت مزعج, ينبغي له أن يخمر وجهه ويخفص صوته بقدر الإمكان, الشيء الذي يغلب الإنسان لا يلام عليه.

(المتن)

ويذكر عنه: «أن التثاؤب الرفيع، والعطسة الشديدة من الشيطان» .

(الشرح)

التثاؤب بقوة وكذلك العطاس لكن هذا فيه ضعف.

(المتن)

 وصح عنه إنه «عطس عنده رجل، فقال: يرحمك الله، ثم عطس أخرى، فقال له: الرجل مزكوم» ، لفظ مسلم، ولفظ الترمذي أنه قال بعد العطسة الثالثة.

(الشرح)

بعد الثانية قال مزكوم, يعني شمته في الأول والثانية, وقال مزكوم, يدعى له بالعافية.

(المتن)

 وقال: حديث صحيح. ولأبي داود عن أبي هريرة موقوفًا: شمت أخاك ثلاثًا، فما زاد فهو زكام».

(الشرح)

موقوف على أي هريرة, شمت أخاك ثلاثًا الأولى يقول: يرحمك الله, والثانية يقول: يرحمك الله, والثالثة يقول: يرحمك الله, والرابعة يقول: عفاك الله, مرض.

(المتن)

 فإن قيل: الذي فيه زكام أولى أن يدعى له! قيل: يدعى له كما يدعى للمريض، وأما سنة العطاس الذي يحبه الله وهو نعمة، فإنه إلى تمام الثلاث.

(الشرح)

يعني الثالثة يدعى له بالعافية؛ لأنه مريض مزكوم, وأما الأولى والثانية إلى الثالثة هذا العطاس يشمت عليه.

(المتن)

 وقوله في هذا الحديث: «الرجل مزكوم» ، تنبيه على الدعاء له بالعافية، وفيه اعتذار من ترك تشميته بعد الثلاث. وإذا حمد الله فسمعه بعضهم دون بعض، فالصواب أن يشمته من لم يسمعه إذا تحقق أنه حمد الله، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «فإن حمد الله فشمتوه» ، وإذا نسي الحمد، فقال ابن العربي: لا يذكره.

(الشرح)

إذا نسي أن يحمد لا يقول له: قل الحمد لله رب العالمين.

(المتن)

وظاهر السنة يقوي هذا القول، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يذكره، وهو أولى بفعل السنة وتعليمها. وصح عنه «أن اليهود كانوا يتعاطسون عنده يرجون أن يقول لهم: يرحمكم الله، فيقول: يهديكم الله ويصلح بالكم».

(الشرح)

لأن اليهود ليسوا مسلمين فلا يدعى لهم بالرحمة بل يدعى لهم بالهداية, فالرحمة للمؤمن والهداية للكافر يدعى له بأن يهديه إلى الإسلام.

وفق الله الجميع لطاعته.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد