(المتن)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آلهِ وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين والحاضرين.
فصلٌ فيما يقول من اشتد غضبه.
«وأمر صلى الله عليه وسلم من اشتد غضبه أن يطفئ جَمْرَةَ الْغَضَبِ بِالْوُضُوءِ وَالْقُعُودِ إِنْ كَانَ قَائِمًا، وَالِاضْطِجَاعِ إِنْ كَانَ قَاعِدًا، وَالِاسْتِعَاذَةِ بِاللَّهِ مِنَ الشيطان».
(الشرح)
يعني أمور لمن اشتد غضبه، الإنسان عليه أولاً أن يغير حاله، إن كان قائماً فيقعد، وإن كان قاعداً فليضطجع، وكذلك إن كان في البيت يخرج من البيت أحسن من النزاع والخصام بينه وبين زوجته أو غيرها، يخرج من البيت حتى تزول.
وهذا ما فعله علي رَضِيَ اَللَّهُ عَنْه لما غضب من زوجته فاطمة بنت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج إلى المسجد ونام في المسجد، فجاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألها عنه قالت: إنه غاضبني وإنه نائم في المسجد. فذهب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له في المسجد وجده نائماً عليه تراب، فجعل يقول: «قُم أبا تراب، قُم أبا تراب».
فهذه أمور ينبغي للإنسان أن يلاحظها، يعني ينبغي للإنسان أن يُغير حاله: إن كان قائماً يقعد، وإن كان قاعداً يقوم، حتى يزول الغضب.
وينبغي أن يخرج أَيْضًا من البيت إذا كان في البيت وفي خصام بينه وبين أهله.
وكذلك أَيْضًا مما يفعله الوضوء لأن الوضوء، الغضب جمرةٌ في قلب بني آدم من نار، والنار تُطفأ بالماء، وإذا صلى ركعتين أَيْضًا حسن.
(المتن)
وَلَمَّا كَانَ الْغَضَبُ وَالشَّهْوَةُ جَمْرَتَيْنِ مِنْ نَارٍ فِي قَلْبِ ابْنِ آدَمَ أَمَرَ أَنْ يُطْفِئَهُمَا بما ذكر، كقوله تَعَالَى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44] الآية، يحمل عليه شدة الشهوة، فأمرهم بما يطفئوا به جَمْرَتَهَا، وَهُوَ الِاسْتِعَانَةُ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ، وَأَمَرَ تَعَالَى بالاستعاذة من الشيطان عند نزغه.
(الشرح)
يعني يستعيذ بالله: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويتوضأ.
(المتن)
وَلَمَّا كَانَتِ الْمَعَاصِي كُلُّهَا تَتَوَلَّدُ مِنَ الْغَضَبِ وَالشَّهْوَةِ، وَكَانَ نِهَايَةُ قُوَّةِ الْغَضَبِ الْقَتْلَ، وَنِهَايَةُ قوة الشهوة الزنا، قرن بينهما في سورة " الأنعام " و " الإسراء " و " الفرقان ".
(الشرح)
نعم، لأن نهاية الغضب والشهوة. الغضب ينتهي إلى القتل. يعني النهاية يصل إلى القتل من شدة الغضب. والشهوة تؤدي إلى الفاحشة الزنا. قرن الله بالنهي عنهما، قال في سورة الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68]، سورة الأنعام في آية الوصايا العشر، قال: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الأنعام: 151].
(المتن)
وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ. وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ قَالَ: الحمد لله على كل حال» .
(الشرح)
إذا رأى ما يُحب قال: «الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. وإذا رأى ما يكره قال: الحمد لله على كل حال»، ذكر دليل.
الطالب: ....
الشيخ: الأول ولا الثاني؟ كلاهما.
(المتن)
وكان يدعو لمن تقرب إليه بما يحب، فَلَمَّا وَضَعَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا وَضُوءَهُ قَالَ: «اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل».
(الشرح)
لأنه قرب له ما يُحب، وهذه دعوة عظيمة استجابها الله، دُعاء نبيه لابن عباس، فاختار ابن عباس مرجع في التفسير. فكان يُرجعُ إليه، وكان مجاهد ممن أخذ عنه التفسير حتى اعتمد العلماء والأئمة على تفسير مجاهد، كالشافعي وأحمد، والبخاري اعتمد على تفسير مجاهد؛ لأن مجاهد لازم ابن عباس وقال: عرضتُ المصحف على ابن عباس ثلاث مرات من فاتحتهِ إلى خاتمته، أقفه عند كل آية وأسألهُ عنها.
ولهذا اعتمد الأئمة على تفسير مجاهد.
(المتن)
ودعا لأبي قتادة لما دعمه بالليل لما مال عن راحلته: «حَفِظَكَ اللَّهُ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ نَبِيَّهُ» .
(الشرح)
لأبي قتادة، وكان في الغزو، كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الغزو يمشي على راحلته، في كل مرة يغلب عليه النعاس فيكاد يسقط، فيدعمه أبو قتادة وكان خلفه، فيعتدل. قال: «حفظك الله بما حفظت به نبيه».
(المتن)
وَقَالَ: «مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ الله خيرا، فقد أبلغ في الثناء» .
(الشرح)
تخريجه؟ حكم عليه؟
قَالَ: «مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ الله خيرا، فقد أبلغ في الثناء» .
(المتن)
وقال للذي أقرضه لما وفاه: «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، إِنَّمَا جزاء السلف الحمد والأداء».
(الشرح)
إنما جزاء السلف الحمد والأداء. نعم.
(المتن)
وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُهْدِيَتْ له هدية كافأ بأكثر منها، وإن لم يردها اعتذر إلى مهديها.
(الشرح)
يعني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أُهدي له هدي قبلها وأثاب عليها. وإذا لم يقبلها اعتذر. الصعب بن جثامة كان مضيافاً وكان النبي محرماً فلما سمع بقدومه صاد له حماراً وحشياً، فرده النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما لم يقبله تأثر الصعب في وجهه، فاعتذر إليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: «إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ»، المحرم لا يأكل من الصيد.
(المتن)
كقوله للصعب: «إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ» . «وأمر أمته إذا سمعوا نهيق الحمار أن يستعيذوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَإِذَا سَمِعُوا صِيَاحَ الديك أن يسألوا الله من فضله» .
(الشرح)
وجاء ما يدل على أن الحمار يرى شيطاناً فلهذا يستعيذ، والديك يرى ملكاً، إذا سمع صياح الديك سأل الله من فضلهِ، وإذا سمع نهيق الحمار استعاذ بالله من الشيطان الرجيم.
تكلم عن تخريجه؟
في الصحيحين، نعم.
(المتن)
«ويروى أنه أمرهم بالتكبير عند الحريق» ، فإنه يطفئه.
(الشرح)
لأن النار فيها علو، والتكبير، اللهُ أكبر من كل شيء. فيطفئ الحريق لأن النار فيها علو وارتفاع، واللهُ تعالى أكبرُ من ذلك.
ويروى إيش؟
(المتن)
«ويروى أنه أمرهم بالتكبير عند الحريق» ، فإنه يطفئه.
(الشرح)
هذا بصيغة التمرير هذا، لكن ذكر فيه حديث؟ قال يروى بصيغة التمرير.
(المتن)
وكره لأهل المجلس أن يخلو مَجْلِسَهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالَ: «مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةٌ».
(الشرح)
يعني حسرة, الترة النقص.
لا بأس به في الحديث. ما جلس قوم يذكرون الله ويصلون على نبيه إلا كان عليهم ترة، يعني نقص، نقصاً في دينهم. إشكال عليه، تكلم عن الحديث؟ ساق الحديث؟
(المتن)
«وَمَنِ اضْطَجَعَ مضجعا لا يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ ترة».
(الشرح)
يعني نقص.
(المتن)
والترة: الحسرة.
(الشرح)
قيل النقص.
(المتن)
وقال: «مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ، فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ، وَأَتُوبُ إِلَيْكَ -إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ».
(الشرح)
هذا يُسمى كفارة المجلس، « سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ، وَأَتُوبُ إِلَيْكَ »، فجاء في الحديث أنها يُختمُ بها المجلس، إن كان مجلس خير كان كالطابع والختم، وإن كان مجلس فيه لغط كان كفارةً له.
تخريجه؟ هل حكم عليه؟ والظاهر والذي يظهر لي: لا بأس بسنده.
(المتن)
وَفِي سُنَنِ أبي داود أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ مِنَ الْمَجْلِسِ.
(الشرح)
كفارة المجلس.
(المتن)
فسئل عنه، فقال: «ذَلِكَ كَفَّارَةٌ لِمَا يَكُونُ فِي الْمَجْلِسِ».