المتن:
قال الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد:
باب بيان شيء من أنواع السحر
قال أحمد رحمه الله حدثنا محمد بن جعفر قال ، قال حدثنا عوف عن حيان بن العلاء قال حدثنا قطن بن قصيبة عن أبيه أنه سمع النبي ﷺ يقول إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت.
قال عوف العيافة زجر الطير والطرق الخط يخط بالأرض والجبت قال الحسن رنة الشيطان. وإسناده جيد ولأبي داود والنسائي وابن حبان في"صحيحه"المسند منه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ، قال رسول الله ﷺ من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد رواه أبو داود بإسناد جيد.
وللنسائي من حديث أبي هريرة من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك ومن تعلق شيئا وكل إليه.
وعن ابن مسعود أن رسول الله ﷺ قال: ألا أنبئكم ما العضة هي النميمة القالة بين الناس. رواه المسلم.
ولهما من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله ﷺ قال إن من البيان لسحراً.
الشيخ:
قال الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه في كتاب التوحيد: باب بيان شيء من أنواع السحر. هذا الباب عقده المؤلف رحمه الله لبيان شيء من الأنواع التي تدخل في مسمى السحر:
قال أحمد حدثنا محمد بن جعفر الهذلي البصري المعروف يسمى (..) قال حدثنا عوف ،عوف الأعرابي عن حيان بن العلاء قال حدثنا قطن بن قبيصة بن مخارق الهلالي عن أبيه أن رسول الله ﷺ قال: إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت العيافة هي زجر الطير كما قال عوف العيافة هي زجر الطير والطرق الخط يخط بالأرض والجبت قال الحسن رنة الشيطان وإسناده جيد.
ولأبي داود والنسائي وابن حبان في صحيحه المسند منه يعني روى أبو داود والنسائي وابن حبان المسند وهو قوله: إن العيافة والطرق والطيرة ولم يرو تفسير عوف وروي بعض التفسير عن الإمام أحمد لما بقية التفسير عوف فصل العيافة بأنها زجر الطير كانوا العرب يزجرون الطير إذا أرادوا سفرا أو شيئا تجارة أو غيرها فإنه يزجر الطير فإن ذهبت جهة اليمين تيامن وإن ذهبت جهة الشمال تشاءم وهكذا ولهم مع الطيور أحوال الذي يأتي من الأمام يسمونها الناطح والنطيح والتي تأتي من الخلف يسمونها القاعد والقعيد يسمونها السوارح والبوارح كان بعض العرب لهم اهتمام بزجر الطير ومن لم يعرف زجر الطير يأتي إليهم يزجرون له الطير ولهذا يقول الشاعر:
خبير بنو لهب فلا تك ملغيا | مقالة لهبيّ إذا الطير مرّت |
يعني عندهم خبرة في زجر الطير فلا تلغي (..).
فالعيافة زجر الطير والتشاؤم بها ليس له من الأمر شيء إن ذهب جهة اليمين أو جهة الشمال الإنسان ليس له من الأمر شيء العيافة زجر الطير يعني التشاؤم والتيمن بزجرها وذهابها يمينا وشمالا والطرق الخط يخط بالأرض يستدلون به على شيء من المغيبات وقيل الطرق الضرب بالحصى يضربون بالحصى وهي صفة مخصوصة (...) والجبت أصله (..) الذي لا خير فيه يطلق على السحر والساحر فمعنى أن هذه الأمور العيافة والطرق والطيرة تشاؤم بالطيور بأسمائها وبذهابها وبإيابها ويدخل في هذا التشاؤم بالمرئيات والمسموعات حتى (..) الطيور وبالبقاع بالأشخاص كلها تدخل في الطيرة التشاؤم بالبقاع وبالأشخاص وبالألفاظ وبالأسماء وأسوأ التشاؤم بالطيور فالعيافة هي الزجر بالطير والطرق والخط هي الخط بالأرض أو الضرب بالحصى والطيرة إن هذا من الجبت يعني نوع من السحر نوع من دعوى علم الغيب وأصل السحر المادة السين والحاء والراء تدل على الخفاء والسحر عبارة عما خفي ولطف سببه فهذه الأمور تشترك في السحر من جهة الخفاء لما فيها من دعوى علم الغيب ولما فيها من الدعاوي الكاذبة ولما فيها من التمويه على السامع بحيث لا يتبين له ففيها نوع من الخفاء وهي تشترك مع السحر لأن السحر أصله الشيء الخفي ولهذا فإن هذه الأمور تدخل في السحر من هذا الباب العيافة والطرق والطيرة والجبت والاقتباس من النجوم وغيرها إذا اعتقد أنها مؤثرة بذاتها فهذا شرك أكبر بل صاحبها كافر مخلد في النار نعوذ بالله وإذا اعتقد أنها سبب فهذا شرك أصغر العيافة إذا اعتقد أنها هي بذاتها مؤثرة فهذا شرك أكبر وإذا اعتقد أنها سبب فهذا شرك أصغر دخلت في السحر من جهة الخفاء مثلا دعوى علم الغيب من جهة الخفاء كما أن السحر فيه خفاء عبارة عما خفي ولطف سببه من العزائم والرقى والعقد فكذلك أيضا العيافة والطرق والطيرة هو في دعوى الغيب عن طريق الخفاء.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد رواه أبو داود بإسناد صحيح اقتبس يعني تعلم شيئا من السحر وأصل القبس أخذ القليل من الماء والاستدفاء به قال الله تعالى عن موسى عليه الصلاة والسلام إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى والمراد يعني تعلم ،شعبة طائفة وهي جزء الحياء شعبة من الإيمان وهي شيء من السحر مثل النجوم من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد يعني كلما زاد في تعلمه للنجوم كلما زاد في الإثم فإذا تعلم النجوم واستدل بها على دعوى علم الغيب فهذا نوع من السحر وهو فيه من الخفاء وهو علم من جهة الخفاء فهو نوع من السحر صرح النبي ﷺ بأن تعلم النجوم نوع من السحر لما فيه من الخفاء فلا يجوز للإنسان أن يتعلم علم النجوم ويستدل بها على المغيبات.
قال ابن عباس (..) ويأمرون في النجوم (..) عند الله من خلاق يعني يستدلون بها بعلم الغيب بالحروف الأبجدية أبجد هوز حطي كلم (..) هذه الحروف الأبجدية يستدلون بها على دعوى علم الغيب هذا نوع من التنجيم أما إذا استعملها في حساب وفي ضبط الوفيات بعض العلماء والأئمة فلا حرج في ذلك لكن إذا ادعى بها علم الغيب نظر في النجوم هذا هو المحظور.
وللنسائي من حديث أبي هريرة من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئاً وكل إليه. من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحره فوق السحرة يعقدون العقد وينفثون فيها وتتكيف نفس السحرة بالخبث فيخرج من نفس الخبيثة نفسا ملازم بالشر والأذى فيصاب بإذن الله الكوني القدري إذا قدر الله ذلك فمن عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك صريح أن الساحر مشرك لكن الحديث فيه بعض الضعف لكن فيه شواهد والصواب أن الساحر الذي يتصل بالشياطين مشرك كافر لا بد أن يقع الشرك أما الساحر الذي سحره من فوق الأدوية والتدخينات واستخدم شيئا يضر فهذا ليس فيه شرك لكن إذا استحله فإنه يكفر استحل إيذاء الناس وأكل أموالهم بالباطل كفر لأنه أمر معلوم وهو التحريم ومن تعلق بشيء وكل إليه ومن علق قلبه بالسحرة والشياطين وكله الله إليهم ومن علق قلبه بالله كفاه الله ما أهمه في دينه ودنياه ومن تعلق بالسحرة أو بالشياطين أو بغير الله يخافه ويرجوه وكله الله إلى هذا الشيء ومن علق قلبه بالله كفاه الله ما أهمه من أجل دينه ودنياه.
ولهما يعني للشيخين البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال إن من البيان لسحراً البيان الفصاحة والبلاغة لسحراً اختلف العلماء في هذا الحديث هل هو للمدح أم للذم من العلماء من قال أنه للمدح لأن البيان ممدوح ومنهم من قال أنه للذم والمراد به قلب الحقائق لأنه ينقل الحق باطلا والباطل حقا يموه على الناس ولما تكلم رجل عند عمر بن عبد العزيز كلاما فصيحا قال إن هذا لهو السحر الحلال والأقرب أن المراد به الذم والمراد البيان الذي فيه تمويها للحقائق وقلب للباطل لأنه يقلب الحق في صورة الباطل والباطل في صورة الحق والإنسان قد يتكلم في الشيء ويمدحه ويرغبك فيه وإن كان ليس ضررا فيه وقد يذم الشيء بسبب بيانه فيؤثر عليك كما قال الشاعر:
تَقُولُ: هَذَا مُجَاجُ النَّحْلِ تَمْدَحُهُ | وَإِنْ ذَمَمْتَ تَقُلْ: قَيْءُ الزَّنَابِيرِ |
مَدْحًا وَذَمًّا وَمَا جَاوَزْتَ وَصْفَهُمَا | وَالْحَقُّ قَدْ يَعْتَرِيهِ سُوءُ تَعْبِيرِ |
فإذا أراد الإنسان أن يذم العسل قال هذا قيء زنابير وإذا أراد أن يمدحه قال هذا مجاج النحل فأنت مدحت شيئا وذممته وهو شيء واحد لكن من أجل البيان والتعبير:
تَقُولُ: هَذَا مُجَاجُ النَّحْلِ تَمْدَحُهُ | وَإِنْ ذَمَمْتَ تَقُلْ: قَيْءُ الزَّنَابِيرِ |
مَدْحًا وَذَمًّا وَمَا جَاوَزْتَ وَصْفَهُمَا | وَالْحَقُّ قَدْ يَعْتَرِيهِ سُوءُ تَعْبِيرِ |
سؤال:
أجابه الشيخ..
عن ابن مسعود ألا أنبئكم ما العظة: هي النميمة والقالة بين الناس. العظ أصله الكذب والبهت العظة هي لغة المحدثين ولغة اللغوين تكون محذوف نائب الكلمة مثل الشفة والسنة وبهذا ترد .العظ لغة المحدثين والعظة لغة اللغة ألا أنبئكم ما العظه هي النميمة فسرها بأنها النميمة بين الناس وهي كثرة القول وإلقاء الخصومة فيها فالنميمة جعلها من السحر تشترك مع السحر لما فيها من الإفساد وتغييرالعقول تشترك مع السحر بجامع فساده الكل وتغيير القلوب والعقول والنميمة هي نقل الكلام من شخص إلى شخص أو من جماعة إلى جماعة على وجه الإفساد يأتي إلى هذا وينقل كلام ويقول فلان قال فيك كذا وكذا ويأتي إلى الآخر ويقول فلان قال فيك كذا وكذا فيحصل العداوة والبغضاء والشحناء فدخلت في باب السحر لأنها تشترك مع السحر في الإفساد وتغير القلوب والعقول قال يحيى بن كثير (( يفسد النمام والكذاب في ساعة ما لا يفسده السحر في سنة)) ولكنها فاقت حكمها فالنميمة فاقت حكم السحر لما فيها من إفساد وتغير القلوب لكنها لا تأخذ حكمها من جهة الحكم الشرعي الساحر كافر والنمام ليس بكافر وإن كانت أخذت حكمها من جهة الإفساد وتغيير العقول والقلوب إلا إنها لا تأخذ الحكم على صاحبها لأنه فيه نص أن الساحر كافر والنميمة كبيرة من كبائر الذنوب.
ويقال إن هناك نمام سعى في الإفساد وأراق دماء في وقت وجيز بسبب النميمة وذلك أنه كان هناك عبد يباع فاشتراه إنسان يصوت البائع يقول إن ليس فيه عيب إلا أنه نمام هذا العبد فتساهل الإنسان واشتراه قال لا بأس ثم بعد ما اشتراه ومضى مدة سعى في الإفساد بين الرجل وبين امرأته هذا العبد فأتى إلى الزوجة وقال يا سيدتي إن زوجك راغب عنك وسوف يتزوج امرأة أخرى وإن لي لك نصيحة قالت ماذا ترى؟؟ قال هناك طريقة لبقاء المحبة وعدم الزواج وهو أنك تأخذي شعرات من باطن لحيته إذا نام وهذا مجرب ومعروف فأثر عليها ثم ذهب إلى الزوج وقال يا سيدي إن زوجتك رغبت عنك وتريد قتلك وإن لم تستطيع فتناوب لها فتناوب لها فأخذت المقص والسكين لتأخذ الشعرات من حلقه فظن أنها تريد قتله فقام وقتلها ثم جاؤوه فقتلوه ثم حصل القتال بين الحيين وأريقت الدماء بسبب هذا العبد النمام وهذا ما قاله يحيى بن كثير يفسد النمام في ساعة ما لا يفسده السحر في سنة .
المتن:
قال الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:
باب ما جاء في الكهان ونحوهم
روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي ﷺ عن النبي ﷺ قال من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً.
وعن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ رواه أبو داود والأربعة والحاكم وقال صحيح على شرطهما عن أبي هريرة من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد.
ولأبي يعلى بسند جيد عن ابن مسعود موقوفاً.
وعن عمران بن حصين قال: ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له، ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد رواه البزار بإسناد جيد.
ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن عن ابن عباس دون قوله:"من أتى ... " إلى آخره.
قال البغوي: العراف: الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق، ومكان الضالة ونحو ذلك، وقيل: هو الكاهن، والكاهن: هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل، وقيل: الذي يخبر عما في الضمير.
وقال أبو العباس ابن تيمية: العراف: اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق.
وقال ابن عباس في قوم يكتبون أبا جاد وينظرون في النجوم: "ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق" انتهى.
الشيخ:
قال الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد: باب ما جاء في الكهان ونحوه.
والكهان جمع كاهن قال المؤلف رحمه الله تعريف الكاهن أنه الذي يخبر عن مغيبات المستقبل أو الذي يخبر عما في الضمير أو هو الذي يتكلم في هذه الأمور ويشمله مسمى الواحد كالعراف والكاهن والرمال مسمياته مسمى الواحد وهو الذي يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق.
قال المؤلف رحمه الله تعالى روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي ﷺ عن النبي ﷺ أنه قال من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً هذا البعض هي حفصة رضي الله عنها وهذا الحديث أخرجه المسلم في صحيحه ليس فيه فصدقه فكأن المؤلف رحمه الله كتبه من حفظه ونقله عن غيره وموجود في مسلم من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً لكن هذا اللفظ موجود عند أحمد في مسند الإمام أحمد من أتى عرافا فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين يوماً وليس فيه فسأله عن شيء وفي مسند الإمام أحمد من أتى عرافا فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين يوماً وفي مسلم من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً
وعن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ رواه أبو داود والأربعة والحاكم وقال على شرطهما عن أبي هريرة من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على ﷺ
ولأبي يعلى بسند جيد عن ابن مسعود مثله موقوفاً: "من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما فيه" قال عرافاً أو كاهنا في حديث (..) من أتى كاهناً وفي رواية مسلم وأحمد من أتى عرافاً
وعن عمران بن حصين وروى (..) بإسناد جيد من أتى كاهناً صدقه بما يقول
اختلف العلماء في المراد بالكفر بين هذه الأحاديث فمن العلماء من توقف وقال في الكفر لا نحمله على الكفر الأكبر ولا نحمله على الكفر الأصغر ومنهم من قال هو كفر بلا كفر وهما الروايتان عن الإمام أحمد رحمه الله الرواية الأولى هو كفر دون كفر يعني لا يخرج من الملة الرواية الثانية التوقف وهذا يسمى إذا صدقه في واقعة في حادثة معينة في التعلق بالماضي كأن يصدقه بمقدمات (..) من كانت ضالة أما إذا صدقه في دعوى علم الغيب فهذا كافر لأنه مكذب لله وصدق في دعواه أنه غير فقد كفر لأنه مكذب لله كما في قوله تعالى قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ (.......) من صدق أحدا في دعوى علم الغيب فقد كذب الله ومن كذب الله كفر لكنه صدق الكاهن في قضية أو حادثة معينة تتعلق بالماضي مثل ما قال البغوي مقدمات يستدل بها على المسروق ثم كانت ضالة هذا هو الذي فيه الخلاف هل يكفر هل هو كفر دون كفر أو يتوقف فيه في الحديث عن عمر بن الحصين عن النبي ﷺ ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له ليس منا هو الوعيد الشديد يدل على الكبائر تطير فعل الطيرة بنفسه تطير له طلب أن تفعل له الطيرة تكهن فعل الكهنة بنفسه أو تكهن له طلبت منه الكهانة أو سحر من فعل السحر بنفسه أو سحر له فعل له السحر وهذا يدل على الوعيد الشديد على هذه الأفعال والعراف.
يقول البغوي هو الذي يستدل على المسروق أو مكان الضالة والمقدمات وقيل الكاهن هو العراف وقيل هو الذي يخبر عن غيبة المستقبل نعم الكاهن هو الذي يخبر بأمور المستقبل ويتصل بالجن يكون له رأي من الجن يقال له كاهن يكون له رأي من الجن ويدعي علم الغيب ويخبر عن غيبة المستقبل هذا هو الكاهن.
وأما أبو العباس رحمه الله فقال الكاهن والعراف والمنجم والرمال ونحوهم ممن يتكلم في معرفة هذه الأمور بهذه الطرق يدعي علم الغيب ويستدل على دعوى (...) عن طريق المقدمات يستدل بها على المسروق أو عن طريق الخط في الرمل أو عن طريق ضرب الحصى أو قراءة الكف أو الفنجان أو فتح الكتاب وتحضير الجن لذلك من يدعي علم الغيب فهو كافر لا شك في كفره أما إذا كان لا يدعي الغيب أو يتكلم في أمور ماضية يستدل بها فهذا هو الذي فيه الخلاف أما من ادعى علم الغيب فهو كافر ومن صدق من يدعي علم الغيب فقد كفر لأنه مكذب لله.
وقال ابن عباس في قوم يكتبون أبا جاد وينظرون في النجوم ومن فعل ذلك ما له من الله من خلاق ما أرى يعني ما أعلم أو ما أظن له وهذا كأنه (.........) ليس خلاق له خلاق عند الله يوم القيامة هذا الأصل وتعلم أبا جاد الحروف الأبجدية إذا تعلمها يدعي بها علم الغيب فهو منجم يستدل (....) تعلم الحروف الأبجدية ويستدل بها دعوى علم الغيب هذا الذي ليس له عند الله من خلاق أما إذا تعلم الحروف الأبجدية للتهجي والضبط وفيات العلماء والأئمة وما أشبه ذلك فهذا ليس فيه شيء أما حروف الأبجد أبجد هوز حطي كلم سعفص هذه الحروف الأبجدية وهي الحروف الهجائية (..) رتبت بالترتيب استدل بها على يقول مثلا الألف واحد والباء اثنين والجيم ثلاثة والدال أربعة إلى عشرة ثم ينتقل من عشرة إلى عشرين الحرف الذي بعده ثم ثلاثين وأربعين حتى تصل إلى ألف ولهذا نظم بعضهم في وفيات الأئمة الأربعة فقال في وفيات الأئمة الأربعة:
فنعمانهم (قِنٌ) و(طعقٌ) لمالك | وللشافعي (درٌ) و(رام) ابن حنبل |
أبو حنيفة النعمان (قِنٌ) وطعق ابن مالك القاف مائة والعين سبعين والطاء تسعة يعني مائة وتسع وسبعين (..) وللشافعي در الراء مائتين والدال أربعة مائتين وأربعة (..) على الشافعي ورام لابن حنبل الإمام أحمد الراء مائتين والألف واحد والميم أربعين مائة وواحد وأربعين أو كذا هذا لا بأس به لكن إذا تعلم حروف الأبجدية ويدعي بها علم الغيب هذا ليس له في الآخرة من خلاق أما من تعلمها للتهجي ولضبط الوفيات وما أشبه ذلك فليس فيه شيء.
المتن:
قال الشيخ الإمام المجدد الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد:
باب ما جاء في النشرة
عن جابر أن رسول الله ﷺ سئل عن النشرة فقال: هي من عمل الشيطان رواه أحمد بسند جيد، وأبو داود، وقال: سئل أحمد عنها فقال: ابن مسعود يكره هذا كله.
وفي البخاري عن قتادة قال: قلت لابن المسيب: "رجل به طب أو يؤخذ عن امرأته أيحل عنه أو ينشر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم ينه عنه". انتهى.
وروي عن الحسن أنه قال: "لا يحل السحر إلا ساحر".
قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: النشرة حل السحر عن المسحور وهي نوعان:
الأول: حل سحر بسحر مثله وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يحمل الحديث، وقول الحسن، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور.
والثاني: النشرة بالرقية والمعوذات والدعوات والأدوية المباحة فهذا جائز.
الشيخ:
قال شيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد: باب ما جاء في النشرة ، النشرة هي ضرب من العلاج والرقية يعالج من ظن أن به مس من الجن وعرفها ابن القيم بأنها حل السحر عن المسحور والنشرة في الأصل الكشف والإيضاح والإزالة يقال نشر هذا الشيء يعني كشف وأزيل وسمي علاج السحر نشرة لأنه يزال عن السحر ويبعد عن المسحور.
ذكر المؤلف رحمه الله عن جابر أن النبي ﷺ سئل عن النشرة فقال هي من عمل الشيطان (...) والنشرة يفعلونها في الجاهلية التي كانوا يفعلونها وهي التقرب إلى الشياطين فهذه هي التي تكون من عمل الشيطان لأن (..) للعهد والمراد بها النشرة المعهودة في الجاهلية التي كانوا يعملونها للتقرب إلى الشياطين فهي التي من عمل الشيطان رواه أحمد بسند جيد وأبو داود وقال سئل أحمد عنها فقال ابن مسعود أكره هذا كله يعني ابن مسعود يكره النشرة التي هي من عمل الشيطان كما كرهها في التمائم مطلقا كرهها في التحريم وهذا يعني يحرم وكرهها إذا أطلقت في القرآن أو في السنة أو في كلام الصحابة والتابعين فقال تطلق على كراهة التحريم فابن مسعود يكره النشرة المحرمة كما يكره التمائم مطلقا.
وفي البخاري عن قتادة قلت لابن المسيب رجل به طب يعني سحر سمي السحر طبا تفاؤلا بالطيب كما يقال للمريض سليما تفاؤلا بالسلامة فالمريض ما هو سليم هو مريض لكن تفاؤلا بالسلامة وكذلك يقال للمسحور طب تفاؤلا بالطيب وقيل إن هذا من الأضداد يطلق على الشيء وضده فالبخاري روى عن قتادة قلت لابن المسيب رجل به طب يعني به سحر أو يؤخذ عن امرأته يعني يحبس عن امرأته فلا يصل إلى جماعها يؤخذ يحبس ما قبلها وقد يحبس عن امرأته فلا يصل إلى جماعها والأخذة تقضى على ما يقوله الساحر من الكلام أو يحل عنها أو ينشر يعني هل يجوز كشف من به سحر أو من حبس عن امرأته فلا يصل إلى جماعها هل يحل عنه أو ينشر هل يجوز عنه أو يكشف ما به من السحر ويحل عنه فقال ابن المسيب لا باس به يعني لا بأس بكشف السحر وحله إنما يريدون به الإصلاح لأن الذي يكشف السحر لا يريد به إلا الإصلاح والذي ينفع لا ينهى عنه ينهى عن الذي يضر فالمسيب أفتى بأنه لا باس بحل السحر عن المسحور لأن هذا من باب الإصلاح ومن باب النشر والذي ينفع لا ينه عنه إنما ينهى عما يضر وهذا محمول على المشروع الجائز قال المؤلف يحمل كلام المسيب يحمل على نشرة لا يعلم أن فيها سحرا فتحمل على النشرة المجهولة التي لا يعلم أن فيها سحرا بناء على أن الأصل السلامة أن النشرة التي يعلم أن فيها سحرا هذه لا تحل وعليه يحمل قول الحسن أن لا يحل السحر إلا ساحر ولهذا جمع ابن القيم رحمه الله بين الآثار بهذا فحمل الآثار التي فيها نوع من النشرة أو النشرة التي فيها سحر حل بسحر مثله وأن فيه شيئا محرما وحمل ما ورد من الآثار على إباحة النشرة على النشرة الجائزة.
ولهذا قال ابن القيم رحمه الله النشرة حل السحر عن المسحور وهو نوعان:
حل بسحر مثله وهو الذي من عمل الشيطان وهو من عمل أهل الجاهلية وعليه يحمل قول الحسن وهو من عمل الشيطان إذا كان حلا بسحر مثله فهو من عمل الجاهلية وهو من عمل الشيطان وعليه يحمل قول الحسن لا يحل السحر إلا ساحرا فيتقرب الناشر إلى المنتشر من الشيطان بما يحب فيبطل عمله عن المسحور تقرب الناشر والمنتشر يعني الناشر الذي يريد أن يعالج من به سحر وكذلك المسحور هو من تقرب إلى الشيطان بما يحب والشيطان يحب الشرك فتقربوا إليه بما يناسبه الذبح لغير الله أو دعاء غير الله أو التدخيلات التي تناسب الشيطان أو يأمرهما الشيطان بالكفر بالله بامتهان المصحف أو بتلطيخه بالنجاسة أو ما أشبه ذلك بما يحبه الشيطان وحينئذ يبطل عمله عن المسحور إذا تقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب يبطل عمله عن المسحور.
والثانية حله بالرقية الشرعية بالتعوذات والأدوية المباحة والعقاقير الطبية والدعوات المباحة فهذا جائز وعلى هذا تجتمع الأدلة ولا تختلف فالنشرة هي حل السحر عن المسحور فإن كان حل بسحر مثله فهذا لا يجوز وعليه تحمل الآثار الواردة بالمنع وإن كانت النشرة حل السحر عن المسحور بالرقية الشرعية وبدعوات وبتعوذات شرعية أو بأدعية مباحة أو بعقاقير وأدوية مباحة لا حرج فيها فلا باس وبهذا تجتمع الأدلة.
ومن أمثلة النشرة الجائزة ما رواه ابن أبي حاتم وأبو الشيخ الليث ابن أبي سهيل أنه قال بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر تقرأ بإناء فيه ماء ثم يصب على رأس المسحور فيشفى بإذن الله الآية التي في سورة يونس قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ وفي سورة الأعراف فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ وقوله تعالى في سورة طه إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى تقرأ هذه الآيات في إناء فيه ماء تصب على رأس المسحور فيشفى بإذن الله.
ومن الأمثلة الجائزة أيضا ما ذكره (..)أو يؤتى بسبع ورقات من السدر ورق السدر أخضر وتدق بين حجرين وتضرب في الماء وتقرأ فيها آية الكرسي والقواقل آية الكرسي ، قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثم يحسوا منه ثلاث حسيات يشرب منه ويغتسل ببقيته وهو مجرب (..)عن امرأته وهذا واقع ومعروف قد جربناه هذا لبعض الناس (...) رحمة الله عليه فهذا مجرب.
أما قول حامد الفقهي رحمه الله إن هذا لا ينبغي ومثل هذا دخلت الخرافات والبدع هذا غلط من حامد الفقهي لأن هذا ما فيه شيء محظور لأن الأدوية منها بالتجارب أي محذور فيها سبع ورقات من السدر ثم قراءة الرقية الشرعية حامد الفقهي ينبغي سد الباب وأن هذا من البدع ويدخل الشرك من هذا الباب وما أشبه ذلك هذا ليس بسليم لأن ما فيه محظور ما فيه بدع أين البدعة نقرأ آيات ونصبها على رأس المسحور والسدر شيء مباح لا محظور فيه .
سؤال:
(...)
الشيخ:
أما العين يقرأ فيها الرقية الشرعية ويؤخذ من العائن ويطلب من العائن أن يستغسل له إزاره وركبتيه وقدميه ووجهه ويديه .
سؤال: ...
الشيخ:
الصحابي الذي أصابته عين لما تكلم وقال ولا جلدا مخبأة كان يغتسل فرآه جلدا مخبأة فلبد فسقط في الحال فقال علامُ يَقتُلُ أحدُكم أخاه ثم أمره أن يستغسل بالماء فغسل داخلة إزاره وغسل ركبتيه ويديه وقدميه ووجهه وتمضمض ثم صب عليه فقام كأنما يشرب (..).
وهذا أحسن ما قيل في يعني ابن القيم رحمه الله (..) المؤلف أما قول بعضهم قد يفتي بعض العلماء أنه يجوز حل الساحر من سحره للضرورة لكن هذا ما ينبغي فتح الباب مثل هذا والصواب ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تبعا لما قيل هذا هو الصواب الذي ينبغي .
المتن:
قال الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد:
باب ما جاء في التطير
وقول الله تعالى: أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ وقوله: قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ... الآية.
عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر أخرجاه. زاد مسلم: ولا نوء، ولا غول.
و"لهما" عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل قالوا: يا رسول الله وما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة.
ولأبي داود بسند صحيح عن عروة بن عامر قال: ذكرت الطيرة عند رسول الله ﷺ فقال: أحسنها الفأل، ولا ترد مسلماً، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك.
وعن ابن مسعود مرفوعا: الطيرة شرك، الطيرة شرك، وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل رواه أبو داود، والترمذي وصححه وجعل آخره من قول ابن مسعود.
ولأحمد من حديث ابن عمرو: ومن ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك. قالوا: فما كفارة ذلك؟ قال: أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك.
وله من حديث الفضل بن العباس - رضي الله عنهما -: إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك.
الشيخ:
قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد باب ما جاء في التطير والنهي عنه والوعيد وذلك لأنه من إلقاء الشيطان ووسوسته وتخويفه فهو ينافي كمال التوحيد الواجب ولهذا ذكره المؤلف رحمه الله لأنه ينافي كمال التوحيد الواجب كونه من إلقاء الشيطان ووسوسته وتخويفه
قال المؤلف رحمه الله تعالى قال الله تعالى أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ طائرهم يعني حظهم لما ردوها عليهم قالوا هذه الآية في آل فرعون قال الله تعالى وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ الحسنة هي الخصلة والسعة والعافية قالوا لنا هذا يعني نحن جديرون بها وحقيقون بها وأهل لها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ جهد وبلاء وقحط يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ بموسى والذين آمنوا معه قالوا ما أصابنا بشؤمهم قال الله تعالى ردا عليهم أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ يعني شؤمهم وما نالهم مما قدر عليهم بسبب ذنوبهم ومعاصيهم وتكذيبهم لدين الله لا بسبب موسى وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أكثرهم جهالا لا يدرون ولو علموا وعقلوا وفهموا لعلموا أن ما جاء به موسى هو الخير والبركة فإنه أمر بتوحيد الله وإخلاص الدين له وهذا فيه السعة والخير قال الله تعالى وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ.
والآية الثانية قال الله تعالى قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ هذه الآية في أصحاب القرية قال الله تعالى وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ يعني قويناهم برسول ثالث فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ حظكم وما نالكم من شر فعلكم بسبب بغيكم وتكذيبكم للأنبياء والمرسلين ليس بسببنا أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ يعني أئن من أنا ذكرناكم ووعظناكم وأمرناكم بتوحيد الله قابلتمونا بهذا الكلام بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ متجاوزون الحد فطائر باغي معه يعني ما يحصل له من الشؤم بسبب تكذيبه وعناده ومخالفته للناصحين ليس بسبب الأنبياء ولا بسبب الناصحين قدر عليهم بسب ذنوبهم ومعاصيهم.
ومناسبة هاتين الآيتين والترجمة أن التطير من أعمال أهل الجاهلية ومن أعمال المشركين وقد ذمهم الله تعالى ونهى عنهم وحذر منهم وأنه مناف كمال التوحيد الواجب.
وعن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر أخرجه زاد مسلم ولا نوء ولا غول
لا عدو اختلف في معنى قوله لا عدو وأصح ما قيل فيها أن المراد لا عدو على الوجه الذي يعتقده الجاهلية من (..) إلى غير الله وأن العدوى والمرض ينتقل بطبعه وذاته لا بتقدير من الله هذا منفي والعدوى اسم للإعداء والإعداء يعدي إعداء إذا انتقل المرض فأهل الجاهلية كانوا يعتقدون أن المرض ينتقل بنفسه ويعدي بنفسه لا بتقدير من الله فنفى النبي ﷺ ذلك أن لا عدوى على الوجه الذي يعتقدونه أهل الجاهلية (..) على غير الله وأن العدوى تنتقل بنفسها وإلا فقد يجعل الله مخالطة الصحيح بمن به مرض سببا في انتقال العدوى الله تعالى ربط الأسباب بالمسببات قد يجعل الله مخالطة الصحيح بمن به مرض سببا في انتقال العدوى ولهذا جاء في الأحاديث الأخرى النهي عن التعرض لأسباب العدوى ولهذا قال في الحديث الآخر لا يورد ممريض على مصح وقال فر من المجذوب فرارا من الأسد ) وقال في الطاعون إذا كان في بلد فلا تقدموا عليه كل هذا من باب اتقاء الأسباب والبعد عن أسباب الهلاك كما نهي الإنسان أكل السم وعن الاقتراب من النار والحريق وأن يقي نفسه من الهلاك والبعد عن ذلك من باب اتقاء الهلاك كذلك أيضا بألا يتعرض لأسباب العدوى وقال بعض العلماء في الجمع بين الأحاديث إن أحاديث العدوى محمول على من قوي إيمانه وصح توكله (..) إلا ضعيف الإيمان وقال النبي ﷺ أن من قوي إيمانه وصح توكله أخذ بيد مجذوم فأدخله معه في القصعة ثم قال كل بسم الله، ثقة بالله وتوكلاً عليه والقول الأول هو الأرجح وهو المعتمد.
لا عدوى ولا طيرة نفي أو نهي والنفي أبلغ يعني لا تطير ولا تشاؤم من المرئيات والمسموعات من الطيور أو بغيرها الطيرة اسم مصدر تطير ، تطير يتطير تطيرا المصدر تطير والطيرة اسم مصدر وذلك من تطير السوارح والبوارح قال (..)ابن العجاج ما السارح قال من (....)والذي يأتي من أمامك هو الناطح والنطيح والذي يأتي من خلفك هو القاعد والقعيد يسمون هكذا السوانح اليمين والبوارح اليسار والناطح هو الأمام وكانوا يتشاءمون من الطيور ويزجرونها فإذا ذهبت مثلا جهة اليمين تيمنوا ونظروا إلى حاجتهم وإذا ذهبت جهة الشمال تشاءموا وأحجموا فنفاها النبي ﷺ قال لا طيرة لا تطير ولا تشاؤم بطير ولا بغيره نفي أو نهي النفي أبلغ.
ولا هامة الهامة هو طير الليل ويسمى البومة كانت العرب يتشاءمون منه ويعتقدون أنه إذا وقع على بيت أحد يقول ينعى إلي نفسي أو أحد من أهل بيتي أنه سيموت هو أو أحد من أهل بيته فنفاه النبي ﷺ نفاها لاعتقاده قال ماذا عنده بوم الليل ما عنده شيء ضعيف طير ضعيف ما يدل على خير ولا شر ومن هذا لما جاء طير عند بعض السلف فقال خير ، خير فأنكر عليه فقال لا خير ولا شر وش عنده الطير ما عنده شيء ثم أنكر عليهم وقال لا تصاحبهم فالهامة ليس لها من الأمر شيء لا تعلم شيئا لكن هم يعتقدون هذا إذا جاءت الهامة ووقعت على أحدهم تشاءموا وقالوا تنعى إلي نفي أو إلى أحد من أهل بيتي (..) من قرب موته فنفاها النبي ﷺ نفى هذا الاعتقاد.
قال لا هامة ولا صفر حية في البطن تصيب وتعدي كان العرب يعتقدون أنها تعدي وأن هذا من الجرب عند العرب فنفاها النبي ﷺ قال ولا صفر وقيل المرض بصفر أن أهل الجاهلية كانوا (.......) وقيل الصفر (..) بشهر صفر فنفاها النبي ﷺ فقال: ولا صفر
ولا نوء ، نوء نسبة السقيا والمطر إلى الأنواء والنجوم وهو الاستسقاء بالنجوم فنفاها النبي ﷺ فقال ولا نوء يعني نسبة المطر إلى النجوم والأنواء.
ولا غول جنس من الجن والشياطين تزعم العرب أنها توجد في الفلوات وفي الصحاري فتضلهم وتهلكهم فنفاها النبي ﷺ فقال ولا غول
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل. قالوا وما الفأل يا رسول الله قال الكلمة الطيبة فيه استثناء الفأل من الطيرة والطيرة مستثناة الفأل مستثنى من الطيرة وأن الطيرة تسمى فيما يسر والفأل فيما يسر ويسوء فاستثنى النبي ﷺ الفأل وهي الكلمة الطيبة يسمعها الإنسان فيسر بها لما فيها من الخير وحسن الظن بالله وفيه توقع الخير وحسن الظن بالله (..) فلهذا استثنيت كأن يسمع مريض شخصا يقول له سالم فيتفاءل بالسلامة أو كأن يسمع مثلا شخصا له ضالة ضاعت فيسمع قوله يا واجد فيتفاءل بأن يجد ضالته فهذا من باب الفأل يستثنى ولهذ كان يعجب النبي ﷺ.
ولأبي داود بإسناد صحيح عن عقبة بن عامر عن النبي ﷺ قال ذكرت الطيرة عند رسول الله ﷺ فقال أحسنها الفأل، ولا ترد مسلماً، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك. فلما ذكرت الطيرة عند رسول الله ﷺ قال أحسنها الفأل استثنى منها الفأل لأنها نوع من الطيرة إلا أنها مستثناة منه لما فيها من تأمين الخير وحسن الظن بالله ولا ترد مسلماً يعني المسلم لا ترده عن حاجته في إشارة إلى أن الكافر فإنه ليس كذلك فإذا رأى أحدكم ما يكره فليدعوا بهذه الدعوات اللهم لا يأت بالحسنات إلا أنت ما يأتي من الحسنات من النعم ولا يدفع السيئات إلا أنت من المصائب ولا حول ولا قوة إلا بك أي إذا ابتعد الإنسان عن الطيرة ولم يعمل بما يقع في قلبه من التخويف والوساوس فاستعاذ بالله وأذهب الطيرة من نفسه ودعا بهذه الدعوات فإن الله يزيلها عنه.
وعن ابن مسعود مرفوعا: الطيرة شرك، الطيرة شرك، وما منا إلا رواه أبو داود والترمذي وصححه وجعل آخره من قول ابن مسعود آخره من قبل وما منا إلا مدرج هذا الطيرة شرك هذا تصريح بأن الطيرة شرك لما فيها من تعلق القلب بغير الله وما منا إلا هذا كلام ابن مسعود يعني وما منا إلا وقد يقع في قلبه شيء من ذلك ولكن الله يذهبه بالتوكل.
ولأحمد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال ولأحمد من حديث ابن عمرو: ومن ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك. قالوا: فما كفارة ذلك؟ قال: أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك. فهذا تصريح بأن الطيرة من الشرك ومن ردته الطيرة عن حاجته وأراد سفرا فردته الطيرة عن السفر أراد زواجا فردته الطيرة عن زواجه فهذا من الشرك تصريح بأنه من الشرك ففيه بيان الكفارة أن الإنسان إذا لم يعمل بموجب ما وقع في قلبه واستعاذ بالله وترك ما يملي عليه الشيطان ودعا بهذا الدعاء فإن الله يذهبه عنه اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك.
وله يعني الإمام أحمدمن حديث الفضل بن العباس - رضي الله عنهما -: إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك. هذا الحديث منقطع ففيه بيان حد الطيرة المنهي عنها حد الطيرة (...) منقطع إلا أن هذا له شواهد من الأدلة الأخرى تبين أن الطيرة هي التي تمنع الإنسان أو يعني تمنعه من الإقدام عن الحاجة أو تجعله يقدم بسبب الطيرة ما أمضاك يعني يجعلك تمضي في حاجة أنت لا تريد المضي فيها كالسفر أو ردك ردك عن الحاجة عن السفر وأنت تريد أن تسافر هذه حد الطيرة المنهي عنها ما أمضاك أو ردك يعني ما حملك على المضي وأنت لا تريد المضي أو ردك عن المضي وأنت تريده هذه الطيرة المنهي عنها والحديث وإن كان منقطع ضعيف إلا أن النصوص الأخرى تشهد له .