شعار الموقع

الدرس السادس عشر

00:00
00:00
تحميل
29

                                                                           

بسم الله الرحمن الرحيم

القارئ

4240 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة، قال: «قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا، فما ترك شيئًا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدثه، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابه هؤلاء، وإنه ليكون منه الشيء، فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه».

 شرح الشيخ

هذا الحديث رواه الشيخان البخاري ومسلم من طريق سفيان الثوري, إيش قال عليه عندك الشيخ شعيب؟

الطالب: إسناده صحيح أبو وائل شقيق بن سلمة, والأعمش هو سليمان بن مهران, وجرير هو بن عبد الحميد, أخرجه البخاري ومسلم من طريق سفيان الثوري, ومسلم من طريق جرير بن عبد الحميد كلاهما عن الأعمش به, وأخرجه بنحوه مسلم من طريق أبي إدريس الخولاني ومن طريق عبد الله بن يزيد الخطمي كلاهما عن حذيفة بن اليمان, وفي مسند أحمد وصحيح ابن حبان.

الشيخ: هو حديث صحيح, نقل الشارح عن العيني, قال العينين: الفتن بكسر الفاء جمع فتنة وهي المحنة والفضيحة والعذاب, ويقال: أصل الفتنة الاختبار ثم استعملت فيما أخرجته المحنة والاختيار إلى المكروه, ثم أطلقت على كل مكروه وآيل إليه, كالكفر والإثم والفضيحة والفجور وغير ذلك.

والملاحم جمع ملحمة وهو موضع القتال, إما من اللحم يعني اشتقاقه إما من اللحم لكثرة لحوم القتلى فيها, أو من لحمة الثوب لاشتباك الناس واختلاطهم فيها, كاشتباك لحمة الثوب, قال: والأول أنسب وأقرب, وفي مشارق الأنوار: ملاحم القتال معاركها وهي مواضع القتال, ولكن قال في القاموس الملحمة الوقعة العظيمة, وفي اصطلاح ملحمة فتنة وحرب.

إذًا الفتن هي محن, والملاحم الحروب والقتال, الفتن ترجع ثلاثة أنواع:

< >فتن في الشبهات.وفتن في الشهوات.فتن في الحروب. في الغالب أنها ترجع الفتن إلى هذه الأنواع الثلاثة, نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من الفتن, فتن الشبهات.

 

ثانيًا: فتن في الشهوات.

ثالثًا: فتن في الحروب.

وأشدها الفتن في الشبهات هذه؛ لأنها تتعلق بالاعتقاد, أن يعتقد غير الحق في الفتنة, يعتقد غير الحق مثل اعتقاد الخوارج جواز قتل المسلمين بالمعاصي هذه من الفتن, مثل عقيدة الخوارج, عقيدة المعتزلة, عقيدة الجهمية, عقيدة الرافضة, هذه من فتن الشبهات, مثل فتنة الدجال من يعتقد أن الدجال على حق, يدعي أولًا أنه رجل صالح, ثم يدعي النبوة, ثم يدعي الربوبية, ويعتقد بعض الناس أنه على الحق هذه من الفتن نعوذ بالله, من عظائم الفتن.

ومن فتن الشبهات أن الإنسان كما سيأتي في الأحاديث «يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا, ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا, يبيع دينه بعرض من الدنيا» هذه من الفتن العظيمة؛ بل من أعظم الفتن أن يرتد عن دينه نسأل الله السلامة والعافية.

ومن فتن الشهوات تكون في الغالب في ثلاثة أنواع:

الأول: فتن في المال, يعني يكسب المال من طريق حرام من طريق الرشوة أو الربا أو الغش أو الخداع أو الاختلاس أو غير ذلك, هذه من فتن الشهوات.

الثاني: النساء, فتنة النساء يفتن في النساء فيقع في الحرام في الزنا أو في ما هو وسيلة إليه, هذه أيضًا من فتن الشهوات.

كذلك من فتن الشهوات فتنة المنصب والجاه, والوظيفة يفتن فيها, هذه شهوة تكون فتنة شهوة, قال الله تعالى: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُون}[البقرة/10].

من فتن الشبهات أَيْضًا مرض النفاق, ومن فتن الشهوات قول الله تعالى لنساء نبيه: {فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا}[الأحزاب/32]. أي مرض الشهوة, نسأل الله السلامة والعافية, ففتن الشهوات ترجع إما الفتنة في المال أو الفتنة في النساء أو فتن في المنصب والجاه والوظيفة.

من فتنة الدجال جاء في الحديث أنّه يتبعه أقوام يقولون: نعلم أنّه على باطل ولكن نتبعه لنعيش عيشة رغيدة, هذا آثر الدنيا على الآخرة؛ لأن من اتبعه يفتن بالدنيا تأتيه الدنيا, يأتي إلى القوم فيستجيبون له فترجع عليهم سارحتهم وأنعامهم ممتلئة الضروع من الألبان, ومن رد دعوته يصبحون ممحلين وتهلك الأنعام, فبعض النَّاس ما يستطيع ما يصبر, يؤثر الدنيا على الآخرة, يقول: فنتبعه حتى نعيش عيشة رغيدة, نعوذ بالله, هذا قد يجتمع فيه الشبهة والشهوة في هذا نسأل الله السلامة والعافية في هذا.

فتن الحروب وهو أن يدخل في الحروب ويقاتل من لا يستحق القتال أو يقتل من لا يستحق القتل هذه من فتن الحروب, ومن ذلك ما جاء في الحديث أن في آخر الزمان لا يدري القاتل فيما قتل والمقتول فيما قتل, نسأل الله السلامة والعافية, نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

قال: «قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم» يعني قام خطيبًا وواعظًا (فينا ) يعني يعظنا ويخبرنا بما سيظهر من الفتن, لنكون على حذر منها في كل الزمن (قائمًا) يعني قيامًا وفي رواية مسلم مقامًا.

قال: « فما ترك شيئًا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة» يعني غاية يعني ما ترك شيئًا يحدث إلى قيام الساعة إلَّا أخبر به, يعني يخبر بما يظهر من الفتن من ذلك الوقت إلى قيام الساعة, هذا قوله: « فما ترك شيئًا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلَّا حدثه, حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه».

قوله: «وإنه يكون منه الشيء فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه» يعني أنّه يحصل له النسيان, يقع له النسيان من بعض ما ذكر النّبيّ صلى الله عليه وسلم فإذا رآه تذكره, كما أن الإنسان ينسى الرجل فإذا رأى الرجل وجه جليسه عرفه, يعني يقع شيء مما ذكره النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقد نسيته ثمَّ أذكره, في رواية البخاري ومسلم «وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته فأذكره أي فإذا عاينته تذكرت».

قال الشارح: فيه كمال علم النبي صلى الله عليه وسلم بما يكون وكمال علم حذيفة واهتمامه بذلك واجتنابه من الآفات والفتن, قد استدل بعض أهل البدع بهذا الحديث على إثبات الغيب للرسول صلى الله عليه وسلم, قال: وهذا جهل من هؤلاء لأن علم الغيب مختص بالله تعالى, إلا ما أطلع عليه نبيه, قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا}[الجن/26].

وقال تعالى: {قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُون}[النمل/65].

قال: وما وقع منه على لسان رسول الله فمن الله بوحي, والشاهد لهذا قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدً (26) إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ}[الجن/26-27]. أي ليكون معجزة له.

فكل ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من الأنباء المنبئة عن الغيوب ليس هو إلا من إعلام الله له به, إعلامًا على ثبوت نبوته ودليلا على صدق رسالته صلى الله عليه وسلم.

قال على القارىء في شرح الفقه الأكبر: إن الأنبياء لم يعلموا المغيبات من الأشياء إلا ما أعلمهم الله أحيانًا, وذكر الحنفية تصريحًا بالتكفير باعتقاد أن النبي يعلم الغيب لمعارضة قوله تعالى: {قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ}[النمل/65].

وهذا صحيح من ادعى أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب فقد كفر لأنّه كذب الله, إذا قامت عليه الحجة وأصر يكفر لأنّه كذب الله في قوله: {قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ}[النمل/65].

كلام ابن القيم رحمه الله عندك في الحاشية؟

الطالب: قال الشيخ بن القيم رحمه الله وقد روى مسلم في صحيحه من حديث حذيفة قال والله إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة,

وما بي أن لا يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسر إلي في ذلك شيئًا لم يحدثه غيري, ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث مجلسًا أنا فيه عن الفتن, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعد الفتن: «منهن ثلاث لا يكدن يذرن شيئًا ومنهن فتن كرياح الصيف صغار ومنها كبار, قال حذيفة: فذهب أولئك الرهط كلهم غيري».

وفي الصحيحين عن شقيق عن حذيفة قال: «كنا عند عمر فقال أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة كما قال, قال: قلت: أنا, قال: إنك لجريء, قال: وكيف قال؟ قلت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره يكفرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فقال عمر: ليس هذا أريد وإنما أريد التي تموج كموج البحر, قال: فقلت: ومالك ولها يا أمير المؤمنين إن بينك وبينها بابًا مغلقًا, قال: أفيكسر الباب أم يفتح قال قلت لا بل يكسر قال ذلك أحرى أن لا يغلق أبدًا, قال: فقلنا لحذيفة هل كان عمر يعلم من الباب؟ قال: نعم كما يعلم أن دون غد ليلة, إني حدثته حديثًا ليس بالأغاليظ, قال: فهبنا أن نسأل حذيفة من الباب فقلنا لمسروق سله, فسأله فقال عمر».

الشيخ: عمر هو الباب لما قتل ظهرت الفتن, وقال: هل الباب يفتح أم يكسر؟ لو كان يفتح يمكن إغلاقه, لكن إذا كسر ما في حيلة, قال: بل يكسر, وفيه أن الفتن تتفاوت, أن الرجل يفتن في أهله وفي ماله وفي نفسه وولده وجاره, يفتن الإنسان في أهله, ما يحصل بينه وبينهم من الكلام والأخذ والرد, بين الإنسان ونفسه وأهله, وكذلك المال قد يعني ينشغل بماله وقد ينشغل بأولاده وقد ينشغل عن الذهاب عن الصلاة مبكرًا من أجل أولاده, أو من أجل ماله فهذه من الفتن, لكن ليس من الفتن الشديدة, قد يفتن الإنسان في جاره يحصل بينه وبين جاره نزاع وخصام وكلام وأخذ ورد هذه من الفتن, ففتنة الرجل في أهله فتنته في ماله ما يحصل بينه وبين أهله من الكلام, فتنته في ماله انشغاله في ماله, فتنته في نفسه أيضًا, فتنه في ولده بينه وبين ولده «الولد مجبنة مبخلة» فتنة في جاره كل هذه فتن قد يعني تؤخر الإنسان عن العمل الصالح تعيقه عن العمل الصالح.

فقد يحصل كلام خلاف المطلوب بين الإنسان وبين أخيه من الكلام الطيب, فهذه من الصغائر تكفرها الصلاة والصيام والزكاة والحج, يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في حديث أبي هريرة: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» لما سأل عمر حذيفة, قال: لا هذه فتن صغيرة, أسألك عن الفتن التي تموج كموج البحر, فتن القتل والدماء والحروب.

قال: يا أمير المؤمنين بينك وبينها باب ما يصيبك منها شيء, قال: الباب يغلق أم يكسر؟ قال: يكسر, قال: إن ذلك أحرى ألا يغلق, لو كان يفتح لكان الأمر أسهل يفتح ويغلق, يفتح الباب ويغلق, لكن إذا كسر ما في حيلة, فقتل عمر هو الباب, ثم بعد ذلك قتل عثمان وتوالت الفتن نسأل الله السلامة والعافية, وهذا في الزمان الأول, وهذه الأمة كما جاء في الحديث: «جعلت عافيتها في أولها, وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها, ثم أوصى النبي فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلتأتي منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر, وليأتي إلى الناس الذي يحب أن يأتوا إليه» يعني يلزم الإيمان ويثبت على الإيمان بالله ورسوله, ويعامل الناس بما يحب أن يعاملوه به, بالصدق, والصراحة والأخلاق الطيبة.

القارئ

4241 - حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا أبو داود الحفري، عن بدر بن عثمان، عن عامر، عن رجل، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

 شرح الشيخ

عندنا الآن في عون المعبود غير هذا, حدثنا محمد بن يحيى بن فارس.

الطالب: عندي في الطبعة حدثنا هارون بن عبد الله, عندي الطبعة القديمة؟

الشيخ: نسخة العون؟ طيب اقرأ نسخة العون عندك؟

الطالب: ما نسخة العون هذه هذه تعليق عزت الدعاس.

الشيخ: لا نحن ماشيين على نسخة العون, اقرأ حديث محمد بن يحيى.

القارئ

4243 - حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، حدثنا ابن أبي مريم، أخبرنا ابن فروخ، أخبرني أسامة بن زيد، أخبرني ابن لقبيصة بن ذؤيب، عن أبيه، قال: قال حذيفة بن اليمان: والله ما أدري أنسي أصحابي، أم تناسوا؟ «والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قائد فتنة، إلى أن تنقضي الدنيا، يبلغ من معه ثلاث مائة فصاعدًا، إلا قد سماه لنا باسمه، واسم أبيه، واسم قبيلته».

 شرح الشيخ

هذا حديث ضعيف, قال: أنبأنا ابن فروخ, إيش قال على تخريجه؟

الطالب: إسناده ضعيف لضعف بن فروخ وهو عبد الله بن فروخ الخرساني وابن قبيصية بن ذؤيب إن كان إسحاق فهو صدوق وإلَّا فهو مجهول لا يعرف, وأسامة بن زيد هو الليثي فيه ضعف, وذكر الحافظ في الفتح أن القاضي عياض أخرج هذا الحديث في الشفاء بإسناد الحديث السابق, قال: ولم أر هذه الزيادة في كتاب أبي داود, قلنا: هو في الشفاء في فصل .. ومن ذلك ما أطلع عليه من الغيوب.

الشيخ: حديث ضعيف هذا من ابن فروخ وكذلك أسامة بن زيد, وكذلك أخبر ابن لقبيصة فيه جهالة, إيش قال على ابن لقبيصة؟

الطالب: قال: إن كان إسحاق فهو صدوق.

الشيخ: مبهم ابن لقبيصة, وعلى هذا فالحديث ضعيف وليس فيه دلالة على أن النّبيّ سمى قائد كل فتنة باسمه واسم أبيه واسم قبيلته هذا لا يثبت في هذا الحديث, لو كان صحيح لعرف عرف أسماءهم وأسماء آبائهم ولكن لا يوجد أسماءهم ولا أسماء آبائهم ولا أسماء قبيلتهم.

ذكر الشارح على الحديث الأول قال: بعض الأعلام في إبطال الباطل من ضروريات الدين أن علم الغيب مخصوص بالله تعالى, والنصوص في ذلك كثيرة {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}[الأنعام/59]. {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ}[لقمان/34].

فلا يصح لغير الله تعالى أن يقال له إنه يعلم الغيب, ولهذا لما قيل عند رسول الله في الرجز: وفينا نبي يعلم ما في غد أنكر على قائله وقال: دع هذا وقل غير هذا.

قال: وبالجملة لا يجوز أن يقال لأحد إنه يعلم الغيب, نعم الإخبار بالغيب بتعليم الله تعالى جائز وطريق هذا التعليم إما الوحي أو الإلهام عند من يجعله طريقا إلى علم الغيب, وهذا فيه نظر, بعضهم قال: إن الخضر فعل ما فعل بالإلهام.

وفي البحر الرائق: لو تزوج بشهادة الله ورسوله لا ينعقد النكاح ويكفر لاعتقاده أن النبي يعلم الغيب, كيف هذا؟ ما معنى هذا؟ يعني شخص تزوج وليس هناك شهود, قال: الله يشهد والرسول يشهد يكفي, يقول: هذا يكفر لأنه اعتقد أن الرسول يعلم الغيب, الرسول ما يدري عند وعن زواجك.

هذا في البحر الرائق يقول: لو تزوج بشهادة الله ورسوله لا ينعقد النكاح ويكفر لاعتقاده أن النبي يعلم الغيب.

وفي الحديث الثاني قال: والمراد بقائد الفتنة باعثها والبادي بها وهو المتبوع والمطاع فيها, ولكن الحديث كما سبق الحديث ضعيف, ذكر الشارح وقال العلامة الأردبيلي في الأزهار: ومعنى الحديث أنه ذكر لنا القائدين للفتنة الذين يبلغ أتباع كل منهم ثلاثمائة فصاعدًا باسمه ونسبه وقبيلته ولم يذكر الذين لا يبلغ أتباعهم ثلاثمائة, وفيه كمال علم النبي وكمال شفقته على أمته, وفيه علم للنبوة وإعجاز, على كل حال الحديث لا يصح.

الطالب: قال السيوطي في الحديث الأول: هذا من غريب ما وقع من بعض أهل العصر.

الشيخ: الحديث الأول حديث حذيفة؟

الطالب: نعم عفا الله عنك, قال: من غريب ما وقع من بعض أهل العصر أني لما رويت الأحاديث الواردة في نهي العلماء عن المجيء إلى السلاطين, قال: وهل كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم سلاطين حتى ينهى عن التردد إليهم؟ وما علم المسكين أنه صلى الله عليه وسلم أعلم بالوحي بكل ما يجيء بعده إلى قيام الساعة, وأعلم به أصحابه كما في هذا الحديث.

الشيخ: هذا السيوطي؟

الطالب: نعم عفا الله عنك.

الشيخ: له تعليق على هذا؟

الطالب: شرح عفا الله عنك, مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود.

الشيخ: إيش قال أعد الكلام.

الطالب: قال: من غريب ما وقع من بعض أهل العصر أني لما رويت الأحاديث الواردة في نهي العلماء عن المجيء إلى السلاطين, قال: وهل كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم سلاطين حتى ينهى عن التردد إليهم؟ وما علم المسكين أنه صلى الله عليه وسلم أعلم بالوحي بكل ما يجيء بعده إلى قيام الساعة, وأعلم به أصحابه كما في هذا الحديث.

الشيخ: يعني في الجملة يعني كل شيء بوحي, لكن الكلام عن السلاطين في أحاديث خاصة بهذا, من جاء إلى السلاطين للنصيحة هذا لا بأس, أما إذا جاء لرفدهم ومشاركتهم هذا شيء آخر.

الطالب: (...24:06)

الشيخ: من يقول هذا؟

الطالب: هذا محشي يا شيخ يوسف الحاج أحمد.

الشيخ: إيش يقول؟

الطالب: يقول: قلت العبارة عند الشارح ربما لا تكون واضحة لكن معناه كما قال بعض العلماء لو أن رجلاً تزوج بغير شهود, وقال: أشهد الله ورسوله, قالوا: يكفر؛ لأنه اعتقد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب.

الشيخ: نعم مثل ما قلنا.

الطالب: وهو صلى الله عليه وسلم ما كان يعلم الغيب حينما كان في الأحياء فكيف بعد الموت.

الشيخ: نعم مثل ما قلنا.

القارئ

4241 - حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا أبو داود الحفري، عن بدر بن عثمان، عن عامر، عن رجل، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يكون في هذه الأمة أربع فتن في آخرها الفناء».

 شرح الشيخ

الفناء يعني قيام ساعة, لكن الحديث ضعيف الحديث فيه مبهم ( قال رجل ) إيش قال عليه في التخريج؟

الطالب: إسناده ضعيف لإبهام الراوي عن عبد الله وهو ابن مسعود, وأبو داود الحفري هو عمرو بن سعد الكوفي.

الشيخ: نعم ضعيف؛ لأنه فيه مبهم الآن, «يكون في هذه الأمة أربع فتن في آخرها الفناء».

يقول الشارح: كأن المراد بها الوقائع الكبار جدًا. وفي كنز العمال أخرج نعيم بن حماد في الفتن عن حذيفة: «يكون في أمتي أربع فتن وفي الرابعة الفناء».

وأخرج عن عمران بن حصين: «تكون أربع فتن الأولى يستحل فيها الدم, والثانية يستحل فيها الدم والمال, والثالثة يستحل فيها الدم والمال والفرج, والرابعة الدجال» وكذا أخرجه الطبراني.

لكن الحديث هنا الآن ضعيف, في كنز العمال أخرجه نعيم بن حماد في الفتن, فينظر إليه إن صح.

وأخرج عن عمران بن حصين الأولى يستحل فيها الدم, والثانية يستحل فيها الدم والمال، والثالثة يستحل فيها الدم والمال والفرج, والرابعة الدجال, نسأل الله السلامة والعافية.

القارئ

4242 - حدثنا يحيى بن عثمان بن سعيد الحمصي، حدثنا أبو المغيرة، حدثني عبد الله بن سالم، حدثني العلاء بن عتبة، عن عمير بن هانئ العنسي، قال: سمعت عبد الله بن عمر، يقول: كنا قعودا عند رسول الله، فذكر الفتن فأكثر في ذكرها حتى ذكر فتنة الأحلاس، فقال قائل: يا رسول الله وما فتنة الأحلاس؟ قال: " هي هرب وحرب، ثم فتنة السراء، دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم أنه مني، وليس مني، وإنما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع، ثم فتنة الدهيماء، لا تدع أحدًا من هذه الأمة إلا لطمته لطمة، فإذا قيل: انقضت، تمادت يصبح الرجل فيها مؤمنا، ويمسي كافرًا، حتى يصير الناس إلى فسطاطين، فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال، من يومه، أو من غده".

 شرح الشيخ

إيش قال على تخريج الحديث عندك؟

الطالب: قال: رجاله ثقات ولكن قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في العلل: روى هذا الحديث ابن جابر عن عمير بن هانئ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً, والحديث عندي ليس بصحيح كأنه موضوع, وقال أبو نعيم: غريب من حديث نمير والعلاء لم نكتبه مرفوعًا إلَّا من حديث عبد الله بن سالم أبو المغيرة هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني, وأخرجه أحمد والطبراني في مسند الشاميين والحاكم وأبو نعيم في الحلية والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق, والبغوي في "شرح السنة" من طريق أبي المغيرة الخولاني، بهذا الإسناد.

وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" عن الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر، عن عمير بن هانئ، قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم مرسلاً.

الشيخ: يعني الصحيح أنه مرسل, وعلى هذا المرسل ضعيف, المرسل ضعيف إلا إذا جاء من طريق آخر يشدده, فيكون ضعيف والحاشية ما تكلم عندك عليه, الألباني تكلم عليه, تخريج الشيخ ناصر الدين الألباني معكم؟

الطالب: قال: رواه أحمد وصححه الألباني في الصحيحة.

الشيخ: صححه, كيف صححه والأقرب أنه مرسل؟

قال الشارح: (فتنة الأحلاس) جمع حلس وهو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب شبهها به للزومها ودوامها.

وقال الخطابي: إنما أضيفت إلى الأحلاس لدوامها وطول لبثها أو لسواد لونها وظلمتها (هرب) بفتحتين أي يفر بعضهم من بعض لما بينهم من العداوة والمحاربة قاله القارىء, (وحرب) في النهاية الحرب بالتحريك نهب مال الإنسان وتركه لا شيء له, اقرأ كلام الخطابي عندك.

الطالب: وقال الخطابي الحرب ذهاب المال والأهل (ثم فتنة السراء) قال القارىء والمراد بالسراء النعماء التي تسر الناس من الصحة والرخاء والعافية من البلاء والوباء وأضيفت إلى السراء لأن السبب في وقوعها ارتكاب المعاصي بسبب كثرة التنعم أو لأنها تسر العدو انتهى.

وفي النهاية: السراء البطحاء وقال بعضهم هي التي تدخل الباطن وتزلزله ولا أدري ما وجهه انتهى.

(دخنها) يعني ظهورها وإثارتها شبهها بالدخان المرتفع والدخن بالتحريك مصدر دخلت النار تدخن إذا ألقي عليها حطب رطب فكثر دخانها وقيل أصل الدخن أن يكون في لون الدابة كدورة إلى سوداء, قاله في النهاية: وإنما قال (من تحت قدمي رجل من أهل بيتي) تنبيها على أنه هو الذي يسعى في إثارتها أو إلى أنه يملك أمرها (يزعم أنه مني) أي في الفعل وإن كان مني في النسب.

والحاصل: أن تلك الفتنة بسببه وأنه باعث على إقامتها (وليس مني) أي من أخلائي أو من أهلي في الفعل؛ لأنه لو كان من أهلي لم يهيج الفتنة.

الشيخ: قال الأردبيلي فيه إعجاز.

الطالب: قال الأردبيلي فيه إعجاز وعلم للنبوة وفيه أن الاعتبار كل الاعتبار للمتقي وإن بعد عن الرسول في النسب, وأن لا اعتبار للفاسق والفتان عند رسول الله وإن قرب منه في النسب انتهى.

الشيخ: قوله الخطابي: كورك.

الطالب: قال الخطابي: (كورك) بفتح وكسر قاله القري (على ضلع) بكسر ففتح ويسكن واحد الضلوع أو الأضلاع قاله القارىء.

قال الخطابي: هو مثل ومعناه الأمر الذي لا يثبت ولا يستقيم وذلك أن الضلع لا يقوم بالورك وبالجملة يريد أن هذا الرجل غير خليق للملك ولا مستقل به انتهى.

 وفي النهاية: أي يصطلحون على أمر واه لا نظام له ولا استقامة لأن الورك لا يستقيم على الضلع ولا يتركب عليه لاختلاف ما بينهما وبعده والورك ما فوق الفخذ انتهى.

وقال القارىء: هذا مثل والمراد أنه لا يكون على ثبات لأن الورك لثقله لا يثبت على الضلع لدقته والمعنى أنه يكون غير أهل الولاية لقلة عمله وخفة رأيه انتهى.

وقال الأردبيلي في الأزهار: يقال في التمثيل للموافقة والملائمة.

الشيخ: قوله: وفي النهاية تصير الدهماء, قبله ثم فتنة الدهيماء وهي بضم.

الطالب: (ثم فتنة الدهيماء) وهي بضم ففتح والدهماء السوداء والتصغير للذم أي الفتنة العظماء والطامة العمياء قاله القارئ.

وفي النهاية: تصغير الدهماء الفتنة المظلمة والتصغير فيها للتعظيم, وقيل: أراد بالدهيماء الداهية ومن أسمائها الدهيم, زعموا أن الدهيم اسم ناقة كان غزا عليها سبعة إخوة فقتلوا عن آخرهم, وحملوا عليها حتى رجعت بهم فصارت مثلاً في كل داهية (لا تدع) أي لا تترك تلك الفتنة (إلا لطمته لطمة) أي أصابته بمحنة ومسته ببلية وأصل اللطم هو الضرب على الوجه ببطن الكف, والمراد أن أثر تلك الفتنة يعم الناس ويصل لكل أحد من ضررها (فإذا قيل انقضت) أي فمهما توهموا أن تلك الفتنة انتهت (تمادت) بتخفيف الدال أي بلغت المدى أي الغاية من التمادي.

الشيخ: وقوله مؤمنًا.

الشيخ: قوله: (مؤمنًا) أي لتحريمه دم أخيه وعرضه وماله (ويمسي كافرًا) أي لتحليله ما ذكر ويستمر ذلك (إلى فسطاطين) بضم الفاء وتكسر أي فرقتين وقيل: مدينتين وأصل الفسطاط الخيمة فهو من باب ذكر المحل.

الشيخ: قال الطيبي بعده.

الطالب: قال الطيبي: الفسطاط بالضم والكسر المدينة التي فيها يجتمع الناس وكل مدينة فسطاط وإضافة الفسطاط إلى الإيمان إما يجعل المؤمنين نفس الإيمان مبالغة, وإما يجعل الفسطاط مستعارًا للكتف والوقاية على المصرحة أي هم في كتف الإيمان ووقايته قاله القارئ.

الشيخ: قال المزي حديث عمير بن هانئ.

الطالب: قال المزي: حديث عمير بن هانئ العنسي أبي الوليد الدارزاني عن بن عمر أخرجه أبو داود في الفتن عن يحيى بن عثمان بن سعيد الحمصي عن أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج عن عبد الله بن سالم عن العلاء بن عتبة عن عمير بن هانئ به انتهى.

والحديث عنه المنذري ورواه الحاكم وصححه وأقره الذهبي والله أعلم.

الشيخ: يعني الحديث محتمل الصحة ومحتمل أن يكون مرسل, والمرسل ضعيف, وصححه وأقره الذهبي, وصححه الشيخ ناصر الدين الألباني.

الطالب: المحدث مقبل الوادي في تخريج الحديث.

الشيخ: مطبوع هذا؟

الطالب: في أحاديث معلى.

الشيخ: مطبوع له؟

الطالب: نعم, أحاديث معلى.

الشيخ: إيش قال؟

الطالب: قال: إذا نظرت إلى سنده حكمت بصحته, ولكن قال أبو حاتم: روى هذا الحديث ابن جابر عن عمير بن هانئ عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل, والحديث عندي ليس بصحيح كأنه موضوع انتهى.

الشيخ: مثل ما قال شعيب, محتمل الصحة ومحتمل أنه مرسل والمرسل ضعيف, لكن الحاكم صححه وأقره الذهبي والشيخ ناصر الدين الألباني, هو دائر بين الحسن وبين التضعيف.

قوله: «ذا كان ذاكم فانتظروا الدجال، من يومه، أو من غده» ومعروف أن الدجال لن يخرج إلَّا بعد فتح القسطنطينية, المعروف في الأحاديث الصحيحة أن الدجال إنّما يخرج بعد فتح القسطنطينية وهذا يقول بعد الفتنة هذا, محتمل أن تكون الفتن بعد فتح القسطنطينية ويخرج الدجال, يحتاج إلى تأمل حتى يحكم عليه بأنه ضعيف أو حسن.

الطالب: (...39:30)

الشيخ: لو جاء من طريق أخرى, لكن بعضهم ما أوصله الآن.

الطالب: (...39:52)

الشيخ: محل نظر هذا, أما إذا جاء مرسل صحيح لا بأس مرسل مع مرسل, مرسل مع مرسل ضعيف فيه ..

الطالب: (...40:25)

الشيخ: إيش قال؟

الطالب: (...40:37)

الشيخ: لكن نحن نقول: هل الحديث له طريق أخرى؟ إذا كان له طريق أخرى, لكن الذهبي الآن وافق الحاكم في تصحيحه.

الطالب: (...41:06)

الشيخ: الشيخ الألباني اعتمد كلام الذهبي؟

الطالب: (...41:18)

الشيخ: إيش قال أبو حاتم عندك؟

الطالب: قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في العلل: روى هذا الحديث ابن جابر عن عمير بن هانئ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً, والحديث عندي ليس بصحيح كأنه موضوع, هذا تابع لكلام أبي حاتم عفا الله عنك.

الشيخ: يعني أبي حاتم يقول: الحديث عندي ليس بصحيح كأنه موضوع.

الطالب: وقال أبو نعيم غريب من حديث عمير والعلاء, لم نكتبه مرفوعًا إلَّا من حديث عبد الله بن سالم.

الشيخ: أبي حاتم عمدة في الجرح والتعديل معروف, وكذلك الشيخ مقبل كذلك.

الطالب: إذًا يعني يكون ابن جابر عفا الله عنك خالف العلاء بن عتبة هنا, يكون ابن جابر عفا الله عنك في ضمن كلام أبي حاتم خالف العلاء بن عتبة فرواه مرسلاً, والعلاء بن عتبة أسنده.

الشيخ: على كل حال هو محل نظر محل تأمل يعني في صحته نظر.

القارئ

4244 - حدثنا مسدد، حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن نصر بن عاصم، عن سبيع بن خالد، قال: أتيت الكوفة في زمن فتحت تستر، أجلب منها بغالا، فدخلت المسجد، فإذا صدع من الرجال، وإذا رجل جالس تعرف إذا رأيته أنه من رجال أهل الحجاز، قال: قلت: من هذا؟ فتجهمني القوم، وقالوا: أما تعرف هذا؟ هذا حذيفة بن اليمان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال حذيفة: إن الناس كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، فأحدقه القوم بأبصارهم، فقال: إني أرى الذي تنكرون، إني قلت: يا رسول الله، أرأيت هذا الخير الذي أعطانا الله، أيكون بعده شر كما كان قبله؟ قال: «نعم» قلت: فما العصمة من ذلك؟ قال: «السيف» قلت: يا رسول الله، ثم ماذا يكون؟ قال: «إن كان لله خليفة في الأرض فضرب ظهرك، وأخذ مالك، فأطعه، وإلا فمت، وأنت عاض بجذل شجرة»، قلت: ثم ماذا؟ قال: «ثم يخرج الدجال معه نهر ونار، فمن وقع في ناره، وجب أجره، وحط وزره، ومن وقع في نهره، وجب وزره، وحط أجره»، قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: «ثم هي قيام الساعة».

شرح الشيخ

هذا غير الحديث المعروف في الصحيح, الحديث المعروف في الصحيح قال: «إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير شر؟ قال: «نعم»، فقلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: «نعم، وفيه دخن»، قلت: وما دخنه؟ قال: «قوم يستنون بغير سنتي، ويهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر»، فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: «نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها»، فقلت: يا رسول الله، صفهم لنا، قال: «نعم، قوم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا»، قلت: يا رسول الله، فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم»، فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك» هذا في الصحيح, وهذا يختلف عنه, إيش قال عنه في تخريجه.

الطالب: قال: حديث صحيح دون ذكر السيف, وهذا إسناد حسن من أجل سبيع بن خالد, ويقال: خالد بن سبيع, ويقال: خالد بن خالد، اليشكري فقد روى عنه جمع ووثقه العجلي وابن حبان، وقد توبع. وقصة السيف لم تذكر إلا في طريق قتادة، ول يذهبها حميد بن هلال عن نصر، ولا سائر الرواة عن حذيفة.

وأخرجه أحمد والحاكم من طريق أبي عوانة، بهذا الإسناد, وأخرجه البخاري ومسلم وابن ماجة من طريق بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني، أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني.

الشيخ: هذا حديث صحيح معروف عن البخاري غيره.

الطالب: وأخرجه بنحو رواية أبي إدريس الخولاني مختصرًا مسلم من طريق زيد ابن سلام، عن أبي سلام، قال: قال حذيفة، وزاد فيه: "تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك، فاسمع وأطع"، ولم يذكر فيه الاعتزال عند عدم وجود الامام.

وأخرج منه قصة سؤال حذيفة النبي صلى الله عليه وسلم عن الشر وسؤال الناس له عن الخير: البزار من طريق جندب بن عبد الله البجلي، والبخاري والبزار من طريق قيس بن أبي حازم، كلاهما عن حذيفة. ولفظ البخاري: تعلم أصحابي الخير وتعلمت الشر.

وأخرج قصة الدجال منه البخاري، ومسلم من طريق ربعي بن حراش، ومسلم، وابن ماجه من طريق أبي وائل شقيق، كلاهما عن حذيفة. لفظ ربعي عند البخاري: "إن مع الدجال إذا خرج ماء ونارا، فأما الذي يرى الناس أنها النار فماء بارد، وأما الذي يرى الناس أنه ماء بارد فنار تحرق، فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يرى أنها نار، فإنه عذب بارد". ولفظ أبي وائل: "الدجال أعور العين اليسرى، جفال الشعر، معه جنة ونار، فناره جنة، وجنته نار". وقوله: جفال الشعر، أي: كثيره, وستأتي قصة الدجال من طريق ربعي بن حراش عند المصنف.

الشيخ: يعني كأن شعيب يقول: بعض جمله لها شواهد, لها شواهد يعني في الجملة, فيه أن حذيفة رضي الله عنه اختصه النبي صلى الله عليه وسلم بالسرار أسر إليه أشياء كالفتن وأسماء المنافقين, وقال: الناس كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر, وهذا أيضًا ثابت في الصحيح, قال: «فأحدقه القوم بأبصارهم، فقال: إني أرى الذي تنكرون، إني قلت: يا رسول الله، أرأيت هذا الخير الذي أعطانا الله، أيكون بعده شر كما كان قبله؟ قال: نعم, قلت: فما العصمة من ذلك؟ قال: السيف» هذه التي فيها المنكر, العصمة تكون بالكتاب والسنة.

قال: «قلت: يا رسول الله، ثم ماذا يكون؟ قال: «إن كان لله خليفة في الأرض فضرب ظهرك، وأخذ مالك، فأطعه» يعني عدم الخروج عن ولاة الأمور وهذا معروف, قال: «وإلا فمت، وأنت عاض بجذل شجرة» يعني إذا لم يكن لك إمام, ما في مسلمين لهم إمام اعتزل تلك الفرق كلها وتكون في البرية حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك.

قال: «قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم يخرج الدجال» يعني كأن هذه الفتن قبل خروج الدجال, معروف أن الدجال يخرج في زمن المهدي بعد فتح القسطنطينية.

قال: «معه نهر ونار، فمن وقع في ناره، وجب أجره، وحط وزره» لأن الدجال معه خوارق وهذه من خوارقه, معه جنة ونار جنته نار وناره جنة, في الحديث الصحيح: «من رآه فليقع في الذي يراه نار فإنه نهر يجري».

قال: «ومن وقع في نهره، وجب وزره، وحط أجره، قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم هي قيام الساعة».

قال قتادة: المراد بهذه الطائفة هم الذين ارتدوا بعد وفاة النبي في زمن خلافة الصديق رضي الله عنه, شوف في صحفة أربعة عشر قال الحافظ في الحديث.

الطالب: قال الحافظ في الحديث حكمة الله في عباده كيف أقام كلا منهم فيما شاء, فحبب إلى أكثر الصحابة السؤال عن وجوه الخير ليعملوا بها ويبلغوها غيرهم وحبب لحذيفة السؤال عن الشر ليجتنبه ويكون سببا في دفعه عمن أراد الله له النجاة.

وفيه سعة صدر النبي ومعرفته بوجوه الحكم كلها حتى كان يجيب كل من سأله بما يناسبه, ويؤخذ منه أن كل من حبب إليه شيء فإنه يفوق فيه غيره, ومن ثم كان حذيفة صاحب السر الذي لا يعلمه غيره حتى خص بمعرفة أسماء المنافقين وبكثير من الأمور الآتية انتهى.

قال المزي في الأطراف: حديث سبيع بن خالد, ويقال: خالد بن خالد اليشكري عن حذيفة أخرجه أبو داود في الفتن عن مسدد عن أبي عوانة عن قتادة عن نصر بن عاصم عن سبيع به, وعن مسدد عن عبد الوارث عن أبي التياح عن صخر بن بدر العجلي عن سبيع بمعناه انتهى.

قلت: سيجيء حديث عبد الوارث.

الشيخ: على كل حال الحديث له شواهد, قوله: «كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر» هذا له شاهد في الصحيح كما سبق, وكذلك أيضًا عدم الخروج على ولاة الأمور هذا له شواهد, وكذلك خروج الدجال وكون معه خوارق هذا كله له شواهد, يعني أكثره شواهد ما عدا قول السيف, وليس ببعيد أنه صحيح.

الطالب: صحة الحديث؟

الشيخ: نعم, إيش قال على تخريجه ؟

الطالب: قال: حديث صحيح دون ذكر السيف.

القارئ

4245 - حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، عن نصر بن عاصم، عن خالد بن خالد اليشكري، بهذا الحديث قال: قلت: بعد السيف، قال: «بقية على أقذاء، وهدنة على دخن» ثم ساق الحديث، قال: وكان قتادة يضعه على الردة التي في زمن أبي بكر، «على أقذاء»، يقول: قذى «،» وهدنة " يقول: «صلح»، «على دخن» على ضغائن ".

 شرح الشيخ

إيش قال عليه؟

الطالب: أحسن الله إليك, قال: حديث صحيح دون ذكر السيف، وهذا إسناد حسن كسابقه, وهو في"مصنف عبد الرزاق"، ومن طريقه أخرجه أحمد، والبغوي في "شرح السنة" وانظر ما قبله، وانظر تالييه أيضًا.

«قلت: بعد السيف، قال: «بقية على أقذاء، وهدنة على دخن» طيب قال حذيفة: «قلت أي ماذا؟ قال: بقية على أقذاء».

الطالب: (قال) أي حذيفة (قلت) أي ماذا (قال) أي النبي (بقية على أقذاء) أي يبقى الناس بقية على فساد قلوبهم فشبه ذلك الفساد بالأقذاء جمع قذى وهو ما يقع في العين والشراب من غبار ووسخ قاله السندي (وهدنة) بضم الهاء أي صلح (على دخن) بفتحتين أي مع خداع ونفاق وخيانة يعني صلح في الظاهر مع خيانة القلوب وخداعها ونفاقها.

وقال الخطابي: أي صلح على بقايا من الضغن.

قال القارىء: وأصل الدخن هو الكدورة واللون الذي يضرب إلى السواد فيكون فيه إشعار إلى أنه صلاح مشوب بالفساد انتهى.

(قال) معمر (يضعه) أي هذا الحديث (يقول) أي قتادة (قذى) هو ما يقع في العين والشراب من غبار ووسخ وهو تفسير لقوله على أقذاء (على ضغائن) جمع ضغن وهو الحقد وسيجيء كلام المزي بعد هذا.

الشيخ: نعم قوله: «بقية على أقذاء، وهدنة على دخن» يبقى الناس بقية على فساد قلوبهم, فشبه ذلك الفساد بالأقذاء أي ما يقع في العين من غبار (وهدنة) يقول: صلح على دخن, يعني مع خداع ونفاق وخيانة, الله المستعان هذه من الفتن نسأل الله السلامة والعافية.

القارئ

4246 - حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، حدثنا سليمان يعني ابن المغيرة، عن حميد، عن نصر بن عاصم الليثي قال: أتينا اليشكري في رهط من بني ليث، فقال: من القوم؟ قلنا: بنو ليث، أتيناك نسألك عن حديث حذيفة، فذكر الحديث، قال: قلت: يا رسول الله، هل بعد هذا الخير شر؟ قال: «فتنة وشر»، قال: قلت: يا رسول الله، هل بعد هذا الشر خير؟ قال: «يا حذيفة، تعلم كتاب الله واتبع ما فيه» ثلاث مرار، قال: قلت: يا رسول الله، هل بعد هذا الشر خير؟ قال: «هدنة على دخن، وجماعة على أقذاء، فيها - أو فيهم -» قلت: يا رسول الله، الهدنة على الدخن ما هي؟ قال: «لا ترجع قلوب أقوام على الذي كانت عليه» قال: قلت: يا رسول الله، أبعد هذا الخير شر؟ قال: «فتنة عمياء، صماء، عليها دعاة على أبواب النار، فإن تمت يا حذيفة وأنت عاض على جذل، خير لك من أن تتبع أحدًا منهم».

 شرح الشيخ

نسأل الله السلامة والعافية إيش قال على تخريجه؟

الطالب: في زيادة في أوله وقال: حديث صحيح، وهذا إسناد حسن سابقيه, واليشكري: هو سبيع الذي سبق ذكره في الإسنادين السابقين، وقد اختلف في اسمه.

وأخرجه الطيالسي، وابن أبي شيبة وأحمد، والنسائي في "الكبرى"، وابن حبان، وأبو نعيم في "الحلية" من طريق سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط" من طريق أبي عامر صالح بن رستم، عن حميد بن هلال، عن نصر بن عاصم، عن عبد الرحمن بن قرط، عن حذيفة. وقد خالف أبو عامر صالح بن رستم في إسناده سليمان بن المغيرة الثقة، كما خالف رواية قتادة عن نصر بن عاصم في الطريقين السابقين، وأبو عامر لينه بعضهم، ثم إنه رواه مرة أخرى فأسقط من إسناده نصر بن عاصم، فلم يضبط الإسناد.

فقد أخرجه النسائي في "الكبرى"، والحاكم من طريق أبي عامر صالح بن رستم هذا، عن حميد بن هلال، عن عبد الرحمن بن قرط، عن حذيفة, وعبد الرحمن بن قرط مجهول, وقد روي معظم الحديث من طرق أخرى صحيحة كما بيناه عند الحديث السالف.

الشيخ: على كل حال الحديث حسن وفيه أن الله تعالى جاءنا بهذا الخير وهو النّبيّ صلى الله عليه وسلم, ويكون بعده شر, ثمَّ يكون بعد الشر خير, ويكون بعد الخير شر, وفيه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أوصى حذيفة قال: «تعلم كتاب الله وابتع ما فيه ثلاث مرات» فيه أن العصمة في كتاب الله وسنة رسوله, والسنة ثابتة, أن العصمة من الفتن كتاب الله وسنة رسوله.

«تعلم كتاب الله واتبع ما فيه ثلاث مرات» فيه أن العصمة في كتاب الله وسنة نبيه, قال: «قلت: يا رسول الله، هل بعد هذا الشر خير؟ قال: هدنة على دخن، وجماعة على أقذاء، فيها - أو فيهم -» انظر كلام الشارح هدنة على دخن في صفحة ستة عشر.

الطالب: (هدنة على دخن) أي على فساد واختلاف تشبيها بدخان الحطب الرطب لما بينهم من الفساد الباطن تحت الصلاح الظاهر قاله في النهاية.

(وجماعة على أقذاء) هي كائنة (فيها) أي في الجماعة (أو فيهم) شك من الراوي, قال القارىء: أي واجتماع على أهواء مختلفة أو عيوب مؤتلفة.

وفي النهاية: أراد أن اجتماعهم يكون على فساد في قلوبهم فشبهه بقذى العين والماء والشراب.

(قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ترجع قلوب أقوام) برفع قلوب وهو الأصح وبنصبه بناء على أن رجع لازم أو متعد أي لا تصير قلوب جماعات أو لا ترد الهدنة قلوبهم (على الذي) أي على الوجه الذي أو على الصفاء الذي (كانت) أي تلك القلوب (عليه) أي لا تكون قلوبهم صافية عن الحقد والبغض كما كانت صافية قبل ذلك (قال فتنة) أي قال النبي نعم يقع شر هو فتنة عظيمة وبلية جسيمة (عمياء) أي يعمى فيها الإنسان عن أن يرى الحق (صماء) أي يصم أهلها عن أن يسمع فيها كلمة الحق أو النصيحة.

قال القاضي: المراد بكونها عمياء صماء أن تكون بحيث لا يرى منها مخرجا ولا يوجد دونها مستغاثا, أو أن يقع الناس فيها على غرة من غير بصيرة فيعمون فيها ويصمون عن تأمل قول الحق واستماع النصح.

قال القارىء: أقول ويمكن أن يكون وصف الفتنة بهما كناية عن ظلمتها وعدم ظهور الحق فيها وعن شدة أمرها وصلابة أهلها (عليها) أي على تلك الفتنة (دعاة) بضم الدال جمع داع أي جماعة قائمة بأمرها وداعية للناس إلى قبولها (على أبواب النار) حال أي فكأنهم كائنون على شفا جرف من النار يدعون الخلق إليها حتى يتفقوا على الدخول فيها.

الشيخ: نسأل الله العافية, هذا شر فتنة عمياء صماء عليها دعاة على أبواب جهنم, على أبواب النار, عمياء يعمى فيها الحق, وصماء ما يتكلم فيها بالحق, مصيبة, لا يعرفوا الحق ولا أحد يتكلم بالحق نعوذ بالله, ولهذا قال في هذه الحالة يكون الاعتزال, قال: «فإن تمت يا حذيفة وأنت عاض على جذل، خير لك من أن تتبع أحدًا منهم» مثل ما جاء في الحديث الصحيح «يوشك أن يكون خير مال المرء غنم يتبع بها     شعف الجبال, ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن» فإذا كان ما تبين له الحق ولا وجد الخير في المدن لا جمعة ولا جماعة ولا وجد من يتكلم بالحق والتبس الأمر يعتزل, يعتزل ويكون في البرية نسأل الله السلامة والعافية.

القارئ

4247 - حدثنا مسدد، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أبو التياح، عن صخر بن بدر العجلي، عن سبيع بن خالد، بهذا الحديث، عن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فإن لم تجد يومئذ خليفة فاهرب حتى تموت، فإن تمت وأنت عاض» وقال في آخره: قال: قلت: فما يكون بعد ذلك؟ قال: «لو أن رجلاً نتج فرسًا، لم تنتج حتى تقوم الساعة».

 شرح الشيخ

هذا تابع للحديث السابق أو تكملة له, إيش قال عليه؟

الطالب: قال عفا الله عنك: حديث صحيح دون ذكر السيف الذي في الرواية السالفة ودون قوله: "لو أن رجلا نتج فرسًا لم تنتج حتى تقوم الساعة" وهذا إسناد ضعيف لجهالة صخر بن بدر العجلي. وقد روي الحديث دون هذين الحرفين بأسانيد أخرى صحيحة سلفت الإشارة إليها.

الشيخ: يعني«لو أن رجلاً نتج فرسًا، لم تنتج حتى تقوم الساعة» والحرف الأول إيش؟ السيف ذكر السيف «فإن لم تجد يومئذ خليفة فاهرب حتى تموت» إذًا يكون الباقي من الحديث قوله: «فإن لم تجد يومئذ خليفة فاهرب حتى تموت فإن تمت وأن عاض» يعني اعتزل, يكون فائدة الحديث اعتزال الفتن, الاعتزال, أما قوله: «لو أن رجلاً نتج فرسًا، لم تنتج حتى تقوم الساعة» قيام الساعة الله أعلم بها, وكذلك قوله: «والسيف» يدخل السيف هذا دخول في الفتن, فتكون ثمرة الحديث اعتزال الفتن, من كان لهم جماعة وإمام يلزم جماعة المسلمين وإمامهم, وإلَّا فاهرب حتى تموت, اهرب اترك الفرق كلها.

ذكر الشارح هنا: (نتج فرسًا) أي سعى في تحصيل ولدها بمباشرة الأسباب, قال: قال ثم ينتج المهر فلا يركب حتى تقوم الساعة أي ثم يولد ولد الفرس فلا يركب لأجل الفتن أو لقرب الزمن حتى تقوم الساعة.

قيل: المراد به زمن عيسى عليه السلام فلا يركب المهر لعدم احتياج الناس فيه إلى محاربة بعضهم بعضًا, أو المراد أن بعد خروج الدجال لا يكون زمان طويل حتى تقوم الساعة أي يكون حينئذ قيام الساعة قريبا قدر زمان إنتاج المهر وإركابه, قلنا إن هذه الأحاديث في صحتها نظر.

القارئ

4248 - حدثنا مسدد، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة، عن عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من بايع إماما، فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه، فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه، فاضربوا رقبة الآخر» قلت: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: «سمعته أذناي، ووعاه قلبي»، قلت: هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نفعل ونفعل، قال: «أطعه في طاعة الله، واعصه في معصية الله».

 شرح الشيخ

حديث صحيح إيش قال عليه؟

الطالب: أحسن الله إليك, قال: حديث صحيح, وأخرجه مسلم، وابن ماجه، والنسائي في "الكبرى" و من طريق سليمان الأعمش، بهذا الإسناد, وهو في "مسند أحمد"، و"صحيح ابن حبان ".

الشيخ: فالحديث صحيح وفيه أن من بايع الإمام عليه أن يفي بالبيعة, وفيه أنّه إذا جاء آخر ينازع الإمام يقتل الآخر؛ لأنّه أراد أن يفرق النَّاس إذا اجتمع النَّاس على إمام فلا يجوز لأحد أن يأتي وينازعه, فإن جاء أحد ونازعه يقتل الثاني؛ لأنّه يريد أن يفرق النَّاس بعد اجتماعهم, حتى ولو كان الإمام السابق ثبتت له الخلافة بالقوة والغلبة, إذا اجتمع النَّاس على إمام ثبتت له البيعة, فإن جاء أحد ينازعه يقتل الثاني.

«من بايع إماما، فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه، فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه، فاضربوا رقبة الآخر», وقوله: «قلت: هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نفعل ونفعل» يعني كأنه يريد ذكر الشارح أنّه يأمرون بمنازعة علي, يعني عليًا هو الأول ومعاوية هو الآخر.

فأجابه بجوابٍ سديد « قال: «أطعه في طاعة الله، واعصه في معصية الله» نعم هذا ما دَلَّ عليه الأحاديث «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».

قوله: (فأعطاه ) أي الإمام (صفقة يده) الصفقة المراد التصفيق باليد بين المتبايعين يضع أحدهما يده في يد الآخر عند يمينه وبيعته كما يفعل المتبايعان (وثمرة قلبه) كناية عن الإخلاص في العهد والتزامه, يعني إذا بايع الإمام عن إخلاص وصدق فليس له أن يغدر؛ بل عليه أن يلتزم بالبيعة وإن جاء آخر ينازعه يقتل الآخر.

هنا قال المزي: الحديث أخرجه مسلم بطوله في المغازي, وأخرجه أبو داود في الفتن وأخرجه النسائي في البيعة وفي السير, وأخرجه ابن ماجة في الفتن.

الطالب: نقلاً عن النووي في الحاشية الشيخ شعيب, قال: المقصود بهذا الكلام أن هذا القائل لما سمع كلام عبد الله بن عمرو بن العاص وذكر الحديث في تحريم منازعة الخليفة الأول، وأن الثاني يقتل، فاعتقد هذا القائل هذا الوصف في معاوية لمنازعته عليا رضي الله عنه، وكانت قد سبقت بيعة علي، فرأى هذا أن نفقة معاوية على أجناده وأتباعه في حرب علي ومنازعته ومقاتلته إياه من أكل المال بالباطل، ومن قتل النفس؛ لأنه قتال بغير حق فلا يستحق أحد مالًا في مقاتلته.

الشيخ: سبق أن معاوية معه مجتهدون, مجتهدون الصحابة في قتالهم فمن أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر, وأكثر الصحابة انضموا إلى علي؛ لأنهم رأوا أنه هو الخليفة الراشد الذي تمت له البيعة, وأن معاوية ومن معه بغاة, ومعاوية يطالب بدم عثمان وليس يعلم أنهم بغاة, من الصّحابة من لم يتبين له الأمر فاعتزل الفريقين, سلمة بن الأكوع اعتزل الفريقين وذهب إلى البادية وتزوج وقال: إن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أذن لي في البدو, وأسامة بن زيد وجماعة, بعضهم يسمونهم مرجئة الصّحابة, أرجؤوا أمرهم ما تبين لهم الأمر, لكن الصّحابة تبين لهم أن المحق علي فانضموا إليه {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}[الحجرات/9].

عملاً بهذه الآي الصّحابة انضموا إلى علي؛ لأنّه هو الخليفة الذي تمت له البيعة, ومعاوية وأصحابه بغاة, والدَّلِيل على ذلك قول النّبيّ لعمار: «تقلته الفئة الباغية» فقتله جيش معاوية هذا واضح, لكن لا يعلمون أنهم بغاة مجتهدون لهم أجر, وعلي ومن معه له أجران.

الطالب: (...01:10:47)

الشيخ: عبد الله بن عمر رضي الله عنه وهو وأولاده ما ينضمون إلى أحد حتى يزول الخلاف, لما تمت البيعة لمعاوية أمر أولاده بأن يبايعوه.

القارئ

4249 - حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن شيبان، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ويل للعرب من شر قد اقترب، أفلح من كف يده».

4250 - قال أبو داود: حدثت عن ابن وهب، قال: حدثنا جرير بن حازم، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك المسلمون أن يحاصروا إلى المدينة، حتى يكون أبعد مسالحهم سلاح».

4251 - حدثنا أحمد بن صالح، عن عنبسة، عن يونس، عن الزهري قال: وسلاح قريب من خيبر.

 شرح الشيخ

إيش قال على تخريجه؟

الطالب: قال عفا الله عنك: إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي, وأخرجه أحمد من طريق محمد بن عبيد، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" والبيهقي في "شعب الإيمان" من طريق شيبان بن عبد الرحمن النحوي، وابن بشران في "أماليه" من طريق عمر بن عبيد، ونعيم بن حماد في "الفتن" عن حفص بن غياث، وأبو نعيم في "الحية" من طريق سفيان الثوري، كلهم عن الأعمش، به.

زاد الطحاوي والبيهقي في روايتيهما: "تقربوا يا بني فروخ إلى الذكر، فإن العرب قد أعرضت والله، والله إن منكم رجالا لو كان العلم بالثريا لنالوه" وزاد عمر بن عبيد: اللهم لا تدركني إمارة الصبيان, وأخرجه ابن أبي شيبة عن أبي معاوية، عن الأعمش، به موقوفًا.

وأخرجه الحاكم، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رفعه: "ويل للعرب من شر قد اقترب، موتوا إن استطعتم" وإسناده حسن.

وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، ونعيم بن حماد في "الفتن" من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن ثور بن زيد، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة، رفعه "ويل للعرب من شر قد اقترب، من فتنة عمياء صماء بكماء، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ويل للساعي فيها من الله". وإسناده صحيح.

وأخرجه أحمد، وجعفر الفريابي في "صفة المنافق" وابن عساكر في "تاريخ دمشق" من طريق أبي يونس سليم بن جبير، عن أبي هريرة رفعه: "ويل للعرب من شر قد اقترب، فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا، المتمسك منهم يومئذ على دينه كالقابض على خبط الشوك أو جمر الغضى"، وفي إسناده عبد الله بن لهيعة، لكن الراوي عنه عند الفريابي قتيبة، وهو ممن حسن أهل العلم روايته عن ابن لهيعة.

ويشهد لقوله آخر الحديث: "المتمسك منهم يومئذ على دينه. . . " حديث أنس عند الترمذي، وحديث أبي ثعلبة الخشني الآتي عند المصنف.

وأخرجه أحمد و، والبزار كشف الأستار، وأبو يعلى من طريق عاصم بن بهدلة، عن زياد بن قيس، عن أبي هريرة رفعه: "ويل للعرب من شر قد اقترب".

الطالب: أطال والمقصود أن الحديث صحيح, (ويل للعرب) الويل حلول الشر وهو تفجيع أو ويل كلمة عذاب أو واد في جهنم وخص العرب بذلك لأنهم كانوا حينئذ معظم من أسلم (من شر) عظيم (قد اقترب) ظهوره والأظهر أن المراد به ما أشار إليه في الحديث المتفق عليه بقوله: «فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج» الحديث, شوف كلام الشارح, قال الطيبي.

الشيخ: قال الطيبي: أراد به الاختلاف الذي ظهر بين المسلمين من وقعة عثمان رضي الله عنه أو ما وقع بين علي رضي الله عنه ومعاوية رضي الله عنه.

قال القارىء: أو أراد به قضية يزيد مع الحسين رضي الله عنه وهو في المعنى أقرب؛ لأن شره ظاهر عند كل أحد من العجم والعرب (أفلح) أي نجا (من كف يده) أي عن القتال والأذى أو ترك القتال إذا لم يتميز الحق من الباطل.

الشيخ: قال: «ويلٌ للعرب من شر قد اقترب» خص العرب لأنهم هم معظم من أسلم «ويلٌ للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج» يعني فتن.

قوله: «قد أفلح من كف يده» هذه جملة عظيمة, من كف يده عن الدخول في القتال إذا لم يتبين, سلمت يده من الدماء أفلح.

الطالب: قال المزي: والحديث أخرجه أبو داود في الفتن عن محمد بن يحيى بن فارس عن عبيد الله بن موسى عن شيبان بن عبد الرحمن عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة انتهى.

وفي المرقاة: أخرجه داود بإسناد رجاله رجال الصحيح, والحديث متفق عليه من حديث طويل خلا قوله قد أفلح من كف يده انتهى.

الشيخ: نعم فهو حديث صحيح, هنا زيادة قال أبو داود: حدثت عن ابن وهب, حدثت الآن في مبهم, حدثت عن ابن وهب قال: حدثنا جرير بن حازم، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك المسلمون أن يحاصروا إلى المدينة، حتى يكون أبعد مسالحهم سلاح» في رواية أحمد قال: «وسلاحٌ قريب من خيبر» قوله: (حدثت ) هذا مبهم, حدثت عن ابن وهب, ما تعرض له؟

الطالب: نعم عفا الله عنك, قال: هذا حديث صحيح وهذا إسناد فيه راوٍ لم يسم وقد توبع, ابن وهب هو عبد الله, وأخرجه ابن حبان، والطبراني في "الأوسط"، وفي "الصغير"، والحاكم، وتمام في "فوائده" من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

الشيخ: يعني متابعة, طيب قوله: «يوشك المسلمين أن يحاصروا» شوف كلام الشارح.

الطالب: (يوشك المسلمون أن يحاصروا) على بناء المجهول أي يحبسوا ويضطروا ويلتجؤا (إلى المدينة) أي مدينة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لمحاصرة العدو إياهم أو يفر المسلمون من الكفار ويجتمعون بين المدينة, وسلاح وهو موضع قريب من خيبر أو بعضهم دخلوا في حصن المدينة وبعضهم ثبتوا حواليها احتراسا عليها قاله القارىء.

وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي: الظاهر أن هذا إخبار عن حال المسلمين زمن الدجال حين يأرز الإسلام إلى المدينة المطهرة أو يكون هذا في زمان آخر (أبعد مسالحهم) بفتح الميم جمع مسلحة وأصله موضع السلاح ثم استعمل للثغر وهو المراد ها هنا أي أبعد ثغورهم هذا الموضع القريب من خيبر القريب من المدينة على عدة مراحل وقد يستعمل لقوم يحفظون الثغور من العدو.

قال ابن الأثير في النهاية: المسالح جمع المسلح والمسلحة القوم الذين يحفظون الثغور من العدو وسموا مسلحة لأنهم يكونون ذوي سلاح, أو لأنهم يسكنون المسلحة وهي كالثغر والمرقب يكون فيه أقوام يرقبون العدو لئلا يطرقهم على غفلة فإذا رأوه أعلموا أصحابهم ليتأهبوا له انتهى.

وفي المصباح المنير: الثغر من البلاد الموضع الذي يخاف منه هجوم العدو فهو كالثلمة في الحائط يخاف هجوم السارق منها والجمع ثغور مثل فلس وفلوس (سلاح) بفتح السين.

قال في المرقاة: وقد ضبط برفعه مضمومًا على أنه اسم مؤخر والخبر قوله أبعد, وفي نسخة برفعه منونًا وفي أخرى بكسر الحاء, ففي القاموس سلاح كسحاب وقطام موضع أسفل خيبر.

وقال ابن الملك: سلاح هو منون في نسخة ومبني على الكسر في أخرى, وقيل: مبني على الكسر في الحجاز غير منصرف في بني تميم, والمعنى أبعد ثغورهم هذا الموضع القريب من خيبر وهذا يدل على كمال التضييق عليهم وإحاطة الكفار حواليهم قاله القارىء.

قال المزي: حديث جرير بن حازم الأزدي البصري عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أخرجه أبو داود في الفتن عن بن وهب عن جرير انتهى.

قلت: وفيه مجهول لأن أبا داود قال حدثت ولم يبين من حدث به وأخرجه الحاكم في المستدرك والله أعلم.

الشيخ: شعيب توبع, طيب الحديث الذي بعده.

القارئ

4252 - حدثنا سليمان بن حرب، ومحمد بن عيسى، قالا: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله زوى لي الأرض» - أو قال: - " إن ربي زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة بعامة، ولا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال لي: يا محمد، إني إذا قضيت قضاء، فإنه لا يرد، ولا أهلكهم بسنة بعامة، ولا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بين أقطارها - أو قال بأقطارها - حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، وحتى يكون بعضهم يسبي بعضا، وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق - قال ابن عيسى: «ظاهرين» ثم اتفقا - لا يضرهم من خالفهم، حتى يأتي أمر الله ".

 شرح الشيخ

والحديث صحيح هذا من أحادث كتاب " التوحيد " للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله, ذكره في كتاب باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان, وساق الحديث هذا, إيش قال على تخريجه؟

الطالب: إسناده صحيح. أبو أسماء: هو عمرو بن مرثد الرحبي، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني, وأخرجه مسلم، والترمذي و من طريق أيوب السختياني، ومسلم، وابن ماجه و من طريق قتادة بن دعامة، كلاهما عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، به, ولم يخرج أحد منهم الحديث بتمامه كما هو عند المصنف.

الشيخ: نعم الحديث صحيح فيه فوائد, منها أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها» هذه من دلائل النبوة ومن خصائص النّبيّ صلى الله عليه وسلم, زوى له الأرض حتى رأى المشارق والمغارب, هذا من دلائل النبوة وعلامة النبوة, في مكان زوى الله الأرض لنبيه حتى رأى المشارق والمغارب.

وقوله: «إن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها, هذا فيه بشارة, بشارة بانتشار الإسلام, وأن الإسلام سيبلغ مشارق الأرض ومغاربها, ومثله حديث « ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعزِّ عزيز أو بذلِّ ذليل» هذه بشارة بانتشار الإسلام وأنّه سيبلغ مشارق الأرض ومغاربها.

«وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض» الأحمر الذهب والأبيض الفضة, أَيْضًا كان فيه بشارة للمؤمنين بأنهم يفتحون البلدان.

وأَيْضًا: «وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة بعامة، ولا يسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم» أَيْضًا هذه بشارة بأن الله لا يهلك هذه الأمة بأن تجتاح بجدب عام أو تسليط عدو يقضي عليهم, وإنّما يكون الخلاف بينهم قتال بعضهم بعضًا, خلاف الحروب فيما بينهم, أما أن يأتي عدو يجتاحهم أو جدب يجتاحهم هذا أعطاه الله تعالى لهذه الأمة هذه بشارة.

قال: «وإن ربي قال لي: يا محمد، إني إذا قضيت قضاء، فإنه لا يرد» يعني هذا القضاء المبرم الذي لم يعلق بشيء لا يرد, أما القضاء المعلق بالأسباب هذا لابُدّ من فعل الأسباب, والسبب والمسبب كله من القدر, لكن هذا القضاء المبرم, القضاء المبرم لا يرد.

«ولا أهلكهم بسنة بعامة، ولا أسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بين أقطارها - أو قال بأقطارها - حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا، وحتى يكون بعضهم يسبي بعضًا» بشارة أن الله تعالى لا يهلك هذه الأمة بجدب عام أو باجتياح عدو عام, وإنّما يكون بعضهم .. القتال فيهما بينهم.

قال: «وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين» فيه التحذير من الأئمة المضلين, الدعاة المضلين من الحكام والعلماء المضلون, هم يظلون الأمة؛ لأن النَّاس تبع لهم, تبع للحكام والعلماء, فإن ضلوا أضلوهم.

قال: «وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة» كما سبق في حديث عمر أنّه لما قتل عمر انفتحت الفتن.

قال: «ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان» هذا فيه الرد على من قال إن هذه الأمة مطهرة, وأنّه لا يحصل فيها الشرك, منزهة عن الشرك «لا تقوم الساعة حتى تعبد الأوثان» في الحديث الآخر: «لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس عن ذي الخلصة» وفي اللفظ الآخر: «لا تقوم الساعة حتى تعبد اللات والعزى» يعني الشرك واقع في هذه الأمة.

بعض النَّاس يقولون: هذه الأمة مطهرة ما يقع فيها الشرك, يبررون ما يفعله النَّاس عند القبور ويقولون: هذا ليس بشرك؛ لأن هذه الأمة مطهرة, هذا باطل.

قال: «وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون» هؤلاء يدعون النبوة, قال العلماء: هم الذين لهم شوكة وقوة وإلَّا فالذي ادعى النبوة كثيرة, ادعى النبوة لخلل في عقله هذا كثير, عنده خلل في عقله وله أتباع هذا كثير, لكن هؤلاء الذين لهم شوكة وقوة الأسود العنزي, مسيلمة الكذاب, مرزى غلام أحمد القدياني, لهم أتباع هؤلاء الذين ادعوا النبوة كذابون ثلاثون, أما الذي يدعي لخبل في عقله لا يحصى.

قوله: «ولا تزال طائفة من أمتي على الحق - قال ابن عيسى: «ظاهرين» ثم اتفقا - لا يضرهم من خالفهم» هذه بشارة أن الحق باقي في هذه الأمة إلى قيام الساعة, وهذه الطائفة المنصورة في مُقدّمة العلماء, وهم الصّحابة والتابعون وهم أهل السنة والجماعة وهم أهل الحق, وهم الطائفة المنصورة, هم أهل الحق هم أهل السنة والجماعة, المقدم هم الصّحابة والتابعون, قال: «هم من كانوا على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي» الصّحابة والتابعون ومن بعدهم الأئمة والعلماء, هذه الطائفة قد تكون تكثر وتقل, وقد تكون متفرقة وقد تكون مجتمعة, ذكر العلماء قد يكون منهم العالم, ومنهم المزارع, ومنهم التاجر, ومنهم الصانع, ومنهم الجزار, هذه مهن متعددة وهو مع الحق, قوله: «حتى يأتي أمر الله» شوف قال في صفحة اثنين وعشرين قال النووي: فيه إشارة إلى أن ملك هذه الأمة يكون معظم امتداده في جهتي المشرق والمغرب, صفحة 322 كأن الصفحات تختلف ولا تتفق في العون.

قال فيه: إن ملك هذه الأمة يكون معظم امتداده جهتي الشرق والمغرب, وهكذا وقعوا, وأما في جهتي الجنوب والشمال فقليل بالنسبة للمشرق والمغرب, والأحمر والأبيض الذهب والفضة, قال النووي: المراد بالكنز كنز كسرى وقيصر, قيصر ملك العراق والشام.

قوله: (فيستبيح بيضتهم) أي مجتمعهم وموضع سلطانهم ومستقر دعوتهم, قال: (الأئمة المضلين) الداعين إذا البدع والفسق والفجور, والحديث مقتبس من قوله تعالى: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ}[الأنعام/65].

قوله: «حتى يأتي أمر الله» (حتى يأتي أمر الله تعالى) متعلق بقوله لا تزال, قال في فتح الودود: أي الريح الذي يقبض عندها روح كل مؤمن ومؤمنة.

وفي رواية الشيخين من حديث المغيرة بن شعبة: « لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله» وأخرج الحاكم في المستدرك عن عمر, قال: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة» يعني إلى قرب قيامها؛ لأن الساعة لا تقوم إلا على الكفرة, حتى لا يقال في الأرض الله الله.

قوله: (حتى تقوم الساعة ) المراد قرب قيام الساعة؛ لأن الساعة ما تقوم إلا على الكفرة, الطائفة المنصورة تقبض أرواحهم المؤمنون قبيل الساعة.

القارئ

4253 - حدثنا محمد بن عوف الطائي، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثني أبي، قال ابن عوف: وقرأت في أصل إسماعيل، قال: حدثني ضمضم، عن شريح، عن أبي مالك يعني الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله أجاركم من ثلاث خلال: أن لا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعا، وأن لا يظهر أهل الباطل على أهل الحق، وأن لا تجتمعوا على ضلالة ".

 شرح الشيخ

تخريجه؟

الطالب: قال عفا الله عنك: إسناده ضعيف، محمَّد بن إسماعيل -وهو ابن عياش- قال المصنف فيما سأله عنه الآجري: لم يكن بذاك، قد رأيته، ودخلت حمص غير مرة وهو حي، وسألت عمرو بن عثمان عنه فدفعه. وقال الحافظ في "تهذيب التهذيب": وقد أخرج أبو داود عن محمَّد بن عوف، عنه، عن أبيه عدة أحاديث، لكن يروونها بأن محمَّد بن عوف رآها في أصل إسماعيل. قلنا: ثم إنه اختُلف فيه عن إسماعيل بن عياش، فرواه يحيى بن يحيى النيسابوري الثقة الحافظ وغيره عنه، عن يحيى بن عُبيد الله بن عَبد الله ابن مَوْهَب، عن أبيه، عن أبي هريرة، ويحيى بن عُبيد الله متروك. وقال أبو حاتم الرازي عن رواية شريح -وهو ابن عُبيد الحضرمي-: حديثه عن أبي مالك الأشعري مرسل. ولهذا قال الحافظ في "التلخيص": في إسناده انقطاع.

الشيخ: ذكر هنا في عون المعبود قال: (محمد بن إسماعيل) بن عياش (حدثني أبي) إسماعيل بن عياش (قال بن عوف) أي محمد بن عوف الطائي الحمصي (وقرأت في أصل إسماعيل) أي في كتاب إسماعيل (قال) إسماعيل (حدثني ضمضم) بن زرعة (عن شريح) بن عبيد الحضرمي (عن أبي مالك يعني الأشعري) قال المزي في الأطراف واختلف اسمه فقيل الحارث بن الحارث وقيل عبيد وقيل عمرو وقيل كعب بن عاصم وقيل عبيد الله وقيل كعب بن كعب وقيل عامر بن الحارث بن هانئ بن كلثوم نزل الشام انتهى.

والمعنى أن هذا الحديث روى بن عوف أولا عن محمد بن إسماعيل عن أبيه إسماعيل عن ضمضم كل منهم بالتحديث والسماع, وروى بن عوف ثانيًا عاليًا بدرجة عن كتاب إسماعيل, قال: حدثني ضمضم فلان ابن عوف في هذا الحديث إسنادان عن محمد بن إسماعيل عن أبيه عن ضمضم وعن كتاب إسماعيل عن ضمضم لكن قال المناوي محمد بن إسماعيل عن أبيه, قال أبو حاتم: لم يسمع من أبيه.

وقال المنذري: أبوه تكلم فيه غير واحد, وقال الحافظ في التلخيص: في إسناده انقطاع وله طرق لا يخلو واحد منها من مقال, وقال في موضع آخر: سنده حسن فإنه من رواية بن عياش عن الشاميين, وهي مقبولة وله شاهد عند أحمد رجاله ثقات لكن فيه راو لم يسم.

وقال في تخريج المختصر اختلف في أبي مالك راوي هذا الحديث من هو فإن في الصحب ثلاثة يقال لكل منهم أبو مالك الأشعري أحدهم راوي حديث المعارف وهو مشهور بكنيته وفي اسمه خلاف الثاني الحارث بن الحارث مشهور باسمه أكثر الثالث كعب بن عاصم مشهور باسمه دون كنيته, وذكر المزي هذا الحديث في ترجمة أبي مالك الأشعري الأول وذكره الطبراني في ترجمة الثاني, قال الحافظ وصح لي أنه الثالث انتهى كلام المناوي.

يقول شعيب الحديث ضعيف؟

الطالب: نعم عفا الله عنك.

الشيخ: لكن متنه « أن لا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعًا» هذا صحيح الرسول ما دعا عليهم «وأن لا يظهر أهل الباطل على أهل الحق» مثل ما جاء في الحديث السابق ألا يجتاح العدو «وأن لا تجتمعوا على ضلالة» المعنى صحيح, الطائفة المنصورة باقية وهذه الأمة ما يدعو عليها نبيها, ولا يظهر أهل الباطل ظهورًا مستمرًا, معنى المتن صحيح وإن كان السند ضعيف.

القارئ

4254 - حدثنا محمد بن سليمان الأنباري، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن البراء بن ناجية، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين، أو ست وثلاثين، أو سبع وثلاثين، فإن يهلكوا فسبيل من هلك، وإن يقم لهم دينهم، يقم لهم سبعين عامًا»، قال: قلت: أمما بقي أو مما مضى؟ قال: «مما مضى» قال أبو داود: «من قال خراش فقد أخطأ».

 شرح الشيخ

إيش قال عليه؟

الطالب: قال عفا الله عنك: حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة البراء بن ناجية، وقال البخاري في "تاريخه الكبير": لم يذكر سماعًا من ابن مسعود. ولكنه متابع. منصور: هو ابن المعتمر، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وعبد الرحمن: هو ابن مهدي.

وأخرجه الطيالسي، ونعيم بن حماد في "الفتن" وأحمد في "مسنده" ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"، وإبراهيم بن الحسين بن ديزيل في "سيرة علي" كما في "البداية والنهاية" لابن كثير، وأبو يعلى، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" وابن الأعرابي في "معجمه"، والخطابي في "غريب الحديث"، والحاكم والبيهقي في "دلائل النبوة"، والبغوي، من طريق منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد، وأبو يعلى و، والبزار و، والطحاوي، وابن الأعرابي في معجمه، وابن حبان، والطبراني في "الكبير"، ، والخطابي في "غريب الحديث" من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن جده.

وإسناده صحيح، وقد ثبت غير واحد من أهل العلم سماع عبد الرحمن من أبيه, وأخرجه البزار، وبإثر الحديث، وابن ديزيل كما في "البداية والنهاية"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"، والطبراني من طريق شريك النخعي، عن مجالد بن سعيد، عن عامر الشعبي، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود.

وأخرجه موقوفًا الطبراني في "الكبير"، من طريق أبي الأحوص، عن عبد الله ابن مسعود. وإسناده صحيح. وقال الطبراني بإثره: هكذا رواه الأحوص موقوفًا، ورفعه مسروق وعبد الرحمن بن عبد الله والبراء بن ناجية.

الشيخ: الإسناد ضعيف والمتن صحيح؟

الطالب: حديث صحيح وهذا إسناد ضعيف لجهالة البراءة بن ناجية, حديث صحيح للطرق والمتابعات؛ لأنّه قال البخاري عنه عن البراء بن ناجية لم ينكر سماعه من ابن مسعود ولكنه متابع يقول الشيخ شعيب.

الشيخ: لأنّه لم يسمع إيش؟

الطالب: لم يذكر سماعًا من ابن مسعود.

الشيخ: قوله: «تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين، أو ست وثلاثين، أو سبع وثلاثين، فإن يهلكوا فسبيل من هلك، وإن يقم لهم دينهم، يقم لهم سبعين عاما»، قال: قلت: أمما بقي أو مما مضى؟ قال: «مما مضى» طيب شوف كلام الإسلام تدور رحى الإسلام بخمس وثلاثين.

الطالب: (تدور رحى الإسلام بخمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين) اعلم أن العلماء اختلفوا في بيان معنى دوران رحى الإسلام على قولين: الأول: أن المراد منه استقامة أمر الدين واستمراره وهذا قول الأكثرين, والثاني: أن المراد منه الحرب والقتال وهذا قول الخطابي والبغوي.

قال العلامة الأردبيلي في الأزهار وشرح المصابيح: قال الأكثرون: المراد بدوران رحى الإسلام استمرار أمر النبوة والخلافة واستقامة أمر الولاة وإقامة الحدود والأحكام من غير فتور ولا فطور إلى سنة خمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين من الهجرة بدليل قوله في آخر الحديث مما مضى.

وقال الخطابي في المعالم والشيخ في شرح السنة: المراد بدوران رحى الإسلام الحرب والقتال وشبهها بالرحى الدوارة بالحب لما فيها من تلف الأرواح والأشباح انتهى.

فإن قلت إرادة الحرب من دوران رحى الإسلام أظهر وأوضح من إرادة استقامة أمر الدين واستمراره؛ لأن العرب يكنون عن الحرب بدوران الرحى, قال الشاعر: فدارت رحانا واستدارت رحاهم فكيف اختار الأكثرون الأول دون الثاني؟

قلت: لا شك أن العرب يكنون عن الحرب بدوران الرحى لكن إذا كان في الكلام ذكر الحرب صراحة أو إشارة وليس في الحديث ذكر الحرب أصلاً.

قال التوربشتي رحمه الله: إنهم يكنون عن اشتداد الحرب بدوران الرحى ويقولون دارت رحى الحرب أي استتب أمرها ولم تجدهم استعملوا دوران الرحى في أمر الحرب من غير جريان ذكرها أو الإشارة إليها وفي هذا الحديث لم يذكر الحرب وإنما قال رحى الإسلام فالأشبه أنه أراد بذلك أن الإسلام يستتب أمره ويدوم على ما كان عليه المدة المذكورة في الحديث.

ويصح أن يستعار دوران الرحى في الأمر الذي يقوم لصاحبه ويستمر له فإن الرحى توجد على نعت الكمال ما دامت دائرة مستمرة ويقال فلان صاحب دارتهم إذا كان أمرهم يدور عليه ورحى الغيث معظمه ويؤيد ما ذهبنا إليه ما رواه الحربي في بعض طرقه تزول رحى الإسلام مكان تدور ثم قال كأن تزول أقرب لأنها تزول عن ثبوتها واستقرارها, وكلام التوربشتي هذا ذكره القارىء في المرقاة.

وقال ابن الأثير في النهاية: يقال دارت رحى الحرب إذا قامت على ساقها وأصل الرحى التي يطحن بها, والمعنى أن الإسلام يمتد قيام أمره على سنن الاستقامة والبعد من إحداثات الظلمة إلى تقضي هذه المدة التي هي بضع وثمانون انتهى.

ثم اعلم أن اللام في قوله لخمس للوقت أو بمعنى إلى, قال الأردبيلي: واللام في لخمس للوقت كما لو قال أنت طالق لرمضان أي وقته, قال الله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}[الإسراء/78].

وقيل: بمعنى إلى؛ لأن حروف الجارة يوضع بعضها موضع بعض انتهى.

قلت: كون اللام في لخمس بمعنى إلى هو الأظهر كما لا يخفى, فإن قلت قد ذكر في الحديث انتهاء مدة دوران رحى الإسلام ولم يذكر فيه ابتداء مدته فمن أي وقت يراد الابتداء؟ قلت: يجوز أن يراد الابتداء من الهجرة أو من الزمان الذي بقيت فيه من عمره خمس سنين أو ست سنين.

قال في جامع الأصول: قيل: إن الإسلام عند قيام أمره على سنن الاستقامة والبعد من إحداثات الظلمة إلى أن ينقضي مدة خمس وثلاثين سنة, ووجهه أن يكون قد قاله وقد بقيت من عمره خمس سنين أو ست, فإذا انضمت إلى مدة خلافة الخلفاء الراشدين وهي ثلاثون سنة كانت بالغة ذلك المبلغ, وإن كان أراد سنة خمس وثلاثين من الهجرة ففيها خرج أهل مصر وحصروا عثمان رضي الله عنه, وإن كانت سنة ست وثلاثين ففيها كانت وقعة الجمل وإن كانت سنة سبع وثلاثين ففيها كانت وقعة الصفين انتهى.

(فإن يهلكوا فسبيل من هلك وإن يقم لهم دينهم يقم لهم سبعين عامًا) اعلم أنهم لما اختلفوا في المراد بدوران رحى الإسلام على القولين المذكورين اختلفوا في بيان معنى هذا الكلام وتفسيره أيضًا على قولين, فتفسير هذا الكلام على قول الأكثرين هكذا فقوله: فإن يهلكوا يعني بالتغيير والتبديل والتحريف والخروج على الإمام وبالمعاصي والمظالم وترك الحدود وإقامتها, وقوله: فسبيل من هلك أي فسبيلهم في الهلاك بالتغيير والتبديل والوهن في الدين سبيل من هلك من الأمم السالفة والقرون الماضية في الهلاك بالتغيير والتبديل والوهن في الدين, وقوله وإن يقم لهم دينهم أي لعدم التغيير والتبديل والتحريف والوهن يقم لهم سبعين عامًا.

وعلى قول الخطابي والشيخ معناه فإن يهلكوا بترك الحرب والقتال فسبيلهم سبيل من هلك بذلك من الأمم السالفة والقرون الماضية, وإن يقم لهم دينهم بإقامة الحرب والقتل والقتال يقم لهم سبعين عامًا, هكذا قرر الأردبيلي رحمه الله وليس الهلاك فيه على حقيقته؛ بل سمى أسباب الهلاك والاشتغال بما يؤدي إليه هلاكًا.

فإن قلت في هذا الكلام موعدان: الأول: أنهم إن يهلكوا فسبيلهم سبيل من هلك والثاني أنهم إن يقم لهم دينهم يقم لهم سبعين عامًا وهذان الموعدان لا يوجدان معا بل إن وجد الأول لا يوجد الثاني وإن وجد الثاني لا يوجد الأول فأي من هذين الموعدين وجد ووقع.

قلت: قال القارىء في المرقاة: قد وقع المحذور في الموعد الأول ولم يزل ذلك كذلك إلى الآن انتهى.

قلت: لا شك في وقوعه فقد ظهر بعد انقضاء مدة الخلفاء الراشدين ما ظهر وجرى ما جرى فلما وقع ما وقع في الموعد الأول ارتفع الموعد الثاني كما لا يخفى على المتأمل.

فإن قلت: قال الخطابي: يحتمل أن يكون المراد بالدين هنا الملك, قال: ويشبه أن يكون أراد بهذا ملك بني أمية وانتقاله عنهم إلى بني العباس, وكان ما بين استقرار الملك لبني أمية إلى أن ظهرت دعاة الدولة العباسية بخراسان وضعف أمر بني أمية ودخل الوهن فيه نحوًا من سبعين سنة فعلى قول الخطابي هذا يظهر أن الموعد الثاني قد وقع, قلت: قول الخطابي هذا ضعيف جدًا بل باطل قطعًا ولذلك تعقب عليه من وجوه.

قال ابن الأثير: بعد نقل قوله هذا التأويل كما تراه فإن المدة التي أشار إليها لم تكن سبعين سنة ولا كان الدين فيها قائمًا انتهى.

وقال الأردبيلي بعد نقل كلامه وضعفوه بأن ملك بني أمية كان ألف شهر وهو ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر انتهى.

وقال التوربشتي: بعد نقل قوله يرحم الله أبا سليمان أي الخطابي فإنه لو تأمل الحديث كل التأمل وبنى التأويل على سياقه لعلم أن النبي لم يرد بذلك ملك بني أمية دون غيرهم من الأمة؛ بل أراد به استقامة أمر الأمة في طاعة الولاة وإقامة الحدود والأحكام وجعل المبدأ فيه أول زمان الهجرة, وأخبرهم أنهم يلبثون على ما هم عليه خمسًا وثلاثين أو ستًا وثلاثين أو سبعًا وثلاثين, ثم يشقون عصا الخلاف فتفرق كلمتهم فإن هلكوا فسبيلهم سبيل من قد هلك قبلهم وإن عاد أمرهم إلى ما كان عليه من إيثار الطاعة ونصرة الحق يتم لهم ذلك إلى تمام السبعين هذا مقتضى اللفظ ولو اقتضى اللفظ أيضًا غير ذلك لم يستقم لهم ذلك القول, فإن الملك في أيام بعض العباسية لم يكن أقل استقامة منه في أيام المروانية, ومدة إمارة بني أمية من معاوية إلى مروان بن محمد كانت نحوًا من تسع وثمانين سنة والتواريخ تشهد له, مع أن بقية الحديث ينقض كل تأويل يخالف تأويلنا هذا وهي قول بن مسعود.

(قلت) أي يا رسول الله (أمما بقي أو مما مضى) يريد أن السبعين تتم لهم مستأنفة بعد خمس وثلاثين أم تدخل الأعوام المذكورة في جملتها (قال مما مضى) يعني يقوم لهم أمر دينهم إلى تمام سبعين سنة من أول دولة الإسلام لا من انقضاء خمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين إلى انقضاء سبعين.

قال المزي في الأطراف: حديث البراء بن ناجية الكاهلي ويقال المحاربي عن بن مسعود أخرجه أبو داود في الفتن عن محمد بن سليمان الأنباري عن بن مهدي عن سفيان عن منصور عن ربعي بن حراش عنه به انتهى.

قلت: هذا حديث إسناده صحيح والله أعلم.

(يتقارب الزمان) قد يراد به اقتراب الساعة أو تقارب أهل الزمان بعضهم من بعض في الشر والفتنة أو قصر أعمار أهله أو قرب مدة الأيام.

الشيخ: هذا تبع الحديث اللي بعده «تدور رحى الإسلام» قيام الإسلام والفتن إلى هذا الوقت «فإن يهلكوا فسبيل من هلك، وإن يقم لهم دينهم، يقم لهم سبعين عامًا»، هذا إخبار يعني من علم الغيب وأنّه يستقيم لهم دينهم هذه المدة, فيه الحث على لزوم الاستقامة والبعد عن أسباب الفتن, وأن يحرص الإنسان على إقامة دينه وأن يبتعد عما يكون سببًا في انحرافه.

قال أبو داود: «من قال خراش فقد أخطأ» تكلم عليه؟ يعني ربيعي بن حراش, من قال بالخاء فقد أخطأ, في أحد قرأها خراش؟ عندكم النسخة الثانية للتحقيق ما تكلم عن خراش؟ ما قال بالخاء المعجمة؟

الطالب: (...01:51:33)

الشيخ: يقول بكسر المهملة أم المعجمة؟ من قال خراش فقد أخطأ, لكن ما ذكر يعني .. قال: من قال خراش بالمعجمة فقد أخطأ.

الطالب: ما عليها شرح عفا الله عنك, قال الشيخ شعيب: مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش، وأشار إلى أنها في رواية الرملي, يعني ليست موجودة حتى في شرح ابن رسلان عفا الله عنك.

الشيخ: على كل حال قوله: «تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين، أو ست وثلاثين, أو سبع وثلاثين» يعني يكون الأمر مستقيم «فإن يهلكوا فسبيل من هلك، وإن يقم لهم دينهم، يقم لهم سبعين عامًا»، يعني أمر غيبي, ولكن الإنسان مأمور بلزوم الحق والاستقامة على الدين.

القارئ

4255 - حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا عنبسة، حدثني يونس، عن ابن شهاب، قال: حدثني حميد بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يتقارب الزمان، وينقص العلم، وتظهر الفتن، ويلقى الشح، ويكثر الهرج»، قيل: يا رسول الله، أية هو؟ قال: «القتل، القتل».

 شرح الشيخ

أظن أن هذا في الصحيح أو في الصحيحين, إيش قال عليه؟

الطالب: عفا الله عنك قال: حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف من أجل عنبسة وهو ابن خالد بن يزيد الأموي وقد توبع. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري, وأخرجه البخاري، ومسلم بإثر الحديث من طريقين عن ابن شهاب الزهري، به.

وأخرجه البخاري ومسلم بإثر الحديث، وبإثر، وابن ماجه و من طرق عن أبي هريرة. ولم يذكروا "ويلقي الشح" سوى البخاري، ومسلم في بعض طرقه، وهي طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. وزاد بعضهم: "وتكثر الزلازل"، وبعضهم يزيد أيضًا: "حتى يكثر فيكم المال فيفيض" وروايتا مسلم وابن ماجه الأوليتان مختصرتان, وهو في "مسند أحمد"، و"صحيح ابن حبان" .

الشيخ: نعم الحديث صحيح وإن كان سنده ضعيف لكن صحيح.

الطالب: قوله: (يتقارب الزمان) قد يراد به اقتراب الساعة أو تقارب أهل الزمان بعضهم من بعض في الشر والفتنة أو قصر أعمار أهله أو قرب مدة الأيام والليالي حتى يكون السنة كالشهر.

قال الإمام أبو سليمان الخطابي: معناه قصر زمان الأعمار وقلة البركة فيها وقيل هو دنو زمان الساعة وقيل قصر مدة هذه الأيام والليالي على ما روي أن الزمان يتقارب حتى يكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم واليوم كالساعة والساعة كاحتراق السعفة انتهى.

قال البيضاوي: يحتمل أن يكون المراد بتقارب الزمان تسارع الدول إلى الانقضاء والقرون إلى الانقراض, فيتقارب زمانهم وتتدانى أيامهم.

وقال ابن بطال: معناه والله أعلم تقارب أحواله في أهله في قلة الدين حتى لا يكون فيهم من يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر لغلبة الفسق وظهور أهله.

(وينقص العلم) أي في ذلك الزمان بموت العلماء الأعيان (وتظهر الفتن) أي ويترتب عليها المحن (ويلقى الشح) في قلوب أهله أي على اختلاف أحوالهم حتى يبخل العالم بعلمه والصانع بصنعته والغني بماله, وليس المراد وجود أصل الشح؛ لأنه موجود في جبلة الإنسان إلا من حفظه الله ولذا قال تعالى: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون}[الحشر/9].

(ويكثر الهرج) بفتح الهاء وسكون الراء وبالجيم (أية هو) أي الهرج أي شيء (قال) أي النبي. قال المزي: والحديث أخرجه البخاري في الأدب وفي الفتن ومسلم في القدر وأبو داود في الفتن.

الشيخ: ويحتمل تقارب الزمان ما فتح الله على الناس في هذه الأيام من الصناعات وتقارب البلدان عن طريق المراكب الجديدة والاتصالات وغيرها, هذه ما كانت موجودة في زمن العلماء السابقين, ولا يدور في خلدهم, فهذا تقارب الزمان الآن, أصبح العالم كأنه قرية واحدة, أنت الآن تعلم ما يكون من الأخبار في الشرق أو في الغرب, وتكلم من تشاء في الشرق أو في الغرب وأنت في مكانك, تعلم الأسعار وأنت في مكانك, تشتري وتبيع, هذا تقارب الزمان هذا ما كان يدور في خلد العلماء, ما كان يدور في خلدهم أن هناك طائرة تطير في الجو, ومكالمات تكلم من الشرق والغرب ما كان أحد يتخيل هذا, الساعة لما جاءت قالوا: هذا سحر, في زمن هارون الرشيد وغيره.

فهذا تقارب الزمان, ومن العلماء من قال رحمهم الله قال الخطابي: قصر زمان الأعمار وقلة البركة, وقصر مدة الأيام, الأيام والليالي هي ما تتغير أربعة وعشرين ساعة اليوم والليلة (دنو زمان الساعة ) والساعة كذلك باقية, تقارب الزمان تسارع الدول إلى الانقضاء أو تقارب أهله, فالأقرب والله أعلم أن الانتفاح في آخر الزمان في كل شيء في الصناعات وفي الخطوط وفي كل شيء, حتى صار العالم كأنه قرية واحدة, هذا تقارب الزمان.

«يتقارب الزمان وينقص العلم» نعم هذا واقع وهذا من علامة النبوة, العلم ينقص الآن, نحن الآن في عصر الجهل وإن كان يعني انتشر القلم في الذكور والإناث والصحف والمجلات والإذاعات وغيرها, كل هذا جهل, لكن العلم الشرعي, العلم الشرعي عزيز قليل الآن, من هو العالم الشرعي الآن؟ ولذلك تجد الجهل, حتى التحقيق عزيز, الصلوات الآن تجد من يتقن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الركوع والسجود وفي الخفض والرفع, النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع وقف حتى يقول القائل قد نسي, وإذا سجد سجد حتى يقول القائل نسي, من يطبق هذا الآن؟ قليل, وكذلك تجد أكثر الناس ماشية على الصلاة تصح بتسبيحة واحدة أو ثلاث تسبيحات, وإذا رفع رأسه واستقام يكفي, لكن السنة قليل من يطبقها الآن, وكثير من الأئمة من الشباب وغيرهم يجهلون, عنده جهل كثير, بعضهم الآن صار يجمع بين الصلاتين قال: أطبق السنة, هذا ما هو بسنة هذه رخصة, في خلاف الجمع للمطر.

المقصود أن العلم الشرعي قليل ينقص قليل, العلم الشرعي قليل وتظهر الفتن «ويلقى الشح» الشح البخل البخل بالمال, البخل بالعلم, البخل بالصناعة, مثل ما قال, يلقى الشح في قلوبهم أهلهم على اختلاف أحوالهم, حتى يبخل العالم بعلمه والصناع بصنعته والغني بماله, ويطلق الشح على أسوأ البخل وهو الحرص على جمع المال مع منع الواجب, الحرص على جمع المال وعدم إخراج الواجب, الشح أسوأ البخل, بخل مع حرص.

«ويكثر الهرج» الهرج القتل وهذا واقع الآن, قل أن تجد مكان إلا تسمع الأخبار القتل, نسأل الله السلامة والعافية.

القارئ

باب في النهي عن السعي في الفتنة

4256 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن عثمان الشحام، قال: حدثني مسلم بن أبي بكرة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها ستكون فتنة يكون المضطجع فيها خيرًا من الجالس، والجالس خيرًا من القائم، والقائم خيرًا من الماشي، والماشي خيرًا من الساعي»، قال: يا رسول الله ما تأمرني؟ قال: «من كانت له إبل، فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم، فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه»، قال: فمن لم يكن له شيء من ذلك؟ قال: «فليعمد إلى سيفه، فليضرب بحده على حرة، ثم لينج ما استطاع النجاء».

 شرح الشيخ

هذا الحديث صحيح إيش قال عليه؟

الطالب: إسناده قوي من أجل مسلم بن أبي بكرة وعثمان الشحام فهما صدوقان لا بأس بهما, وأخرجه مسلم من طريق عثمان الشحام، به, وهو في "مسند أحمد"، و"صحيح ابن حبان" وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري، ومسلم, وعن سعد بن أبي وقاص وأبي موسى الأشعري، سيأتيان.

الشيخ: الحديث صحيح وفيه علم من أعلام النبوة, حيث أخبر بالفتن, قال: «إنها ستكون فتنة يكون المضطجع فيها خيرًا من الجالس، والجالس خيرًا من القائم، والقائم خيرًا من الماشي، والماشي خيرًا من الساعي»، يعني كلما بعد عنها كان أسلم كان أسلم لدينه.

قوله: (ستكون) أي ستوجد وتحدث, المضطجع في الفتنة خير من الجالس, يعني المضطجع أضعف من الجالس؛ لأن الجالس يرى ويسمع ما لا يسمعه المضطجع, فيكون الجالس أقرب للفتنة للمشاهدة, والجالس يكون خيرًا من القائم لأنه يرى ويسمع ما لا يراه ويسمعه الجالس.

قال: ويمكن أن يكون المراد بالجالس هو الثابت في مكانه غير متحرك لما يقع من الفتنة في زمانه, والمراد بالقائم ما يكون فيه نوع باعث وداعية لكنه متردد في إثارة الفتنة (والقائم) في الفتنة أي من بعيد متشرف عليها (من الماشي) أي من الذاهب على رجله إليها (من الساعي) أي من المسرع إليها ماشيًا أو راكبًا (قال يا رسول الله) أي أبو بكرة (ما تأمرني؟ قال: «من كانت له إبل، فليلحق بإبله) يعني في البرية حتى يبتعد عن الفتن (ومن كانت له أرض) أي عقار أو مزرعة بعيدة عن الخلق (فليلحق بأرضه) يعني اعتزل لك الفتنة, إن كان لك مزرعة بعيدة كن في مزرعتك واعتزل, إن كان لك إبل اخرج إلى البرية ولا تشارك في الفتن وفي القتال, فإن لم يكن لا هذا ولا هذا إلزم بيتك, قال: «من كانت له إبل، فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم، فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه»، قال: فمن لم يكن له شيء من ذلك؟ قال: «فليعمد إلى سيفه، فليضرب بحده على حرة» أي على الحجر «ثم لينج ما استطاع النجاء» ليعتزل.

ظاهر هذا أنها فتن الحروب والقتال يعني لا تدخل ولا تشارك في القتال وأنت لا تدري ما وجهه «فليعمد إلى سيفه فليضربها» يعني الاعتزال اعتزل ولا تدخل في القتال.

«فليعمد إلى سيفه، فليضرب بحده على حرة» كناية عن ترك القتال والمعنى أن يكسر سلاحه كي لا يذهب به إلى الحرب, إذا كسرته معناه لا تذهب.

قال: لأن تلك الحروب بين المسلمين فلا يجوز حضورها (ثم لينج) والنجاة الخلاص أي ليخرج من هذه الفتنة.

قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم من حديث بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة بنحوه وأبو بكرة اسمه نفيع بن الحارث كني بأبي بكرة؛ لأنه تدلى إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حصن الطائف ببكرة.

فيه دليل على أنه ينبغي اعتزال الفتن في الحروب هذه من الفتن الحروب, لا يدخل في الحروب وهو لا يدري ما وجهه؛ بل يعتزلها ويبتعد عنها.

القارئ

4257 - حدثنا يزيد بن خالد الرملي، حدثنا مفضل، عن عياش، عن بكير، عن بسر بن سعيد، عن حسين بن عبد الرحمن الأشجعي، أنه سمع سعد بن أبي وقاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، قال: فقلت: يا رسول الله، أرأيت إن دخل علي بيتي وبسط يده ليقتلني؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كن كابني آدم»، وتلا يزيد: {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي}[المائدة/28]. الآية.

 شرح الشيخ

الحديث صحيح إيش قال عليه؟

الطالب: حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه عن بكير وهو ابن عبد الله بن الأشج كما بينه الدارقطني في "العلل"، ثم قال بعد ذلك: وحديث مفضل بن فضالة أشبه بالصواب، والله أعلم.

قلنا: وحسين بن عبد الرحمن ويقال: عبد الرحمن بن حسين الأشجعي مجهول، لكن للحديث طريق أخرى صحيحة.

الشيخ: حسين بن عبد الرحمن؟

الطالب: نعم الأشجعي.

الشيخ: مختلف فيه؟

الطالب: مجهول, قيل: حسين بن عبد الرحمن وقيل: عبد الرحمن بن الحسين, الأشجعي مجهول, لكن للحديث طريق أخرى صحيحة, وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"، والضياء في "المختارة"، والمزي في ترجمة حسين بن عبد الرحمن من "تهذيب الكمال" من طريق مفضل بن فضالة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن الليث بن سعد، عن عياش بن عباس القتباني، عن بكير بن عبد الله ابن الأشج، عن بسر، عن عبد الرحمن بن حسين الأشجعي، عن سعد بن أبي وقاص, وخالف عبد الله بن صالح قتيبة بن سعيد، عند أبي خيثمة زهير بن حرب في "مسنده" كما في: "النكت الظراف"، وأحمد، والترمذي، وأبي يعلى، والهيثم بن كليب الشاشي في "مسنده"، والسهمي في "تاريخ جرجان" ترجمة والضياء في "المختارة" عن الليث بن سعد، عن عياش بن عباس، عن بكير ابن الأشج، عن بسر بن سعيد، عن سعد بن أبي وقاص, دون ذكر الأشجعي. وقد صوب الدارقطني ذكره كما ذكرناه آنفًا.
وأخرجه أحمد من طريق عبد الله بن لهيعة، عن بكير ابن الأشج، أنه سمع عبد الرحمن بن حسين يحدث أنه سمع سعد بن أبي وقاص. فأسقط من إسناده بسر بن سعيد، وابن لهيعة سيء الحفظ.
وأخرجه ابن أبي شيبة، والدورقي في "مسند سعد"، والبزار و، وأبو يعلى من طرق عن داود بن أبي هند، عن أبي عثمان النهدي، عن سعد بن أبي وقاص، دون قوله: يا رسول الله، أرأيت إن دخل علي بيتي وبسط يده ليقتلني. . . إلى آخر الحديث. وإسناده صحيح. ويشهد لهذا الحديث حديث أبي بكرة السالف قبله، وحديث أبي موسى الأشعري الآتي, وحديث أبي هريرة الذي سلفت الإشارة إليه عند الحديث السابق.

الشيخ: يعني ما ذكره في الصحيح أو في أحدهما؟

الطالب: ما ذكر.

طالب: رواه الترمذي وأحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع.

الشيخ: هذا من؟

الطالب: (...02:10:35)

الشيخ: حط له المكبر قال إيش؟

الطالب: قال: رواه الترمذي وأحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع.

الشيخ: وفيه أنّه قال: «أرأيت إن دخل علي بيتي وبسط يده ليقتلني؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كن كابني آدم» يعني قوله تعالى في قصة {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِين (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِين}[المائدة/27-28].

يعني لا تقاتله استسلم, الحديث دَلَّ على هذا أن الإنسان يستسلم وهذا هو الأولى والأفضل, فعل ذلك عثمان رضي الله عنه حينما أحاط به الثوار استسلم ولم يدافع, حتى إن العبيد لبسوا السلاح يدافعوا عنه فنهاهم فلم ينتهوا فقال: من وضع السلاح فهو حر, فوضعوا السلاح وخرجوا.

لكن جاء في الحديث الآخر «إن جاء رجل يريد أن يأخذ مالي؟ قال: تطعه, قال: إن قاتلني؟ قال: قاتله, قال: فإن قتلته؟ قال: هو في النَّار, قال: فإن قتلني؟ قال: فأنت في الجنّة» وظاهر هذا الحديث أنّه يدافع عن نفسه, الحديث هذا فيه أنّه لا يدافع عن نفسه.

الطالب: (...02:12:32)

الشيخ: يعني هذا يحمل على أيام الفتن.

الطالب: «إنها ستكون فتنة» في أول الحديث.

الشيخ: قال: «أرأيت إن دخل علي بيتي وبسط يده ليقتلني؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كن كابني آدم»، يعني ليس له أن يدافع في الفتنة عن نفسه, هو لا يدخل في الفتنة لكن من جاء يقاتله هل له أن يدافع عن نفسه أو يستسلم؟ يعني في غير الفتنة هذا معروف في الحديث, في غير الفتنة إذا جاء مخير أَيْضًا حتى في غير الفتنة إذا جاء ليأخذ ماله هل له أن يدافع عن نفسه؟

له أن يدافع عن نفسه وله أن يستسلم, له أن يعطيه ماله ولا يقاتل, لكن في الفتنة هل له أن يدافع عن نفسه أو ليس له أن يدافع عن نفسه, هو ما يدخل في الفتنة لكن يريد أن يدفع عن نفسه, ألا يجمع بينهما بأن له أن يدافع وله أن يستسلم, وكونه يستسلم هو أولى, وهو الذي فعله عثمان, عثمان رضي الله عنه ألا يجوز له أن يدافع عن نفسه؟ بلى, ولكن اختار الاستسلام.

الطالب: (...02:14:07)

الشيخ: هذا إخبار عن المستقبل لكن ما يمنع من هذا أنّه يدافع.

الطالب: (...02:14:42)

الشيخ: ما يخالف اختار هذا, لكن هل يجوز أن يدافع أو لا يجوز؟ نقول: هذا هو الأفضل, الاستسلام هو الأفضل, لكن هل يجوز أن يدافع أو لا يجوز؟ هذا محل نظر.

الطالب: على قوله: «كن كابن آدم» يريد أن الصبر فيها أحسن من الحركة لكون الحركة تزيد في الفتنة والمسألة مختلف فيها وأخذ كثير بظاهر الحديث, وقد دخل بعض أهل الشام أيام الحرة في غار على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ومعه سيف, فقال له: اخرج, فألقى أبو سعيد سيفه إليه وخرج, فقال: ها هو, أنت أبو سعيد؟ قال: نعم, فكف عنه, ذكره القاضي أبو بكر في شرح الترمذي.

الشيخ: يعني ظاهر الكلام أنّه مخير يجوز له الدفاع عن نفسه, لكن الأكثرون على أنّه يستسلم, الإنسان له أن يدافع عن نفسه وله ألا يدافع, فإن استسلم فهو أفضل وإن دافع فلا بأس, هو لا يدخل في الفتنة لكن إذا جاءوا إليه, إذا جاءوا إليه ليقتلوه هل يدافع عن نفسه أم يستسلم؟ هل له؟ ظاهر الأدلة والجمع بين الأحاديث أنّه له أن يدافع عن نفسه وله أن يستسلم, لكن كونه يستسلم أفضل. إيش قال الشارح عليه؟

الطالب: (في هذا الحديث) المذكور آنفا (قال) سعد (أرأيت) أي أخبرني (كابن آدم) المطلق ينصرف إلى الكامل, وفيه إشارة لطيفة إلى أن هابيل المقتول المظلوم هو بن آدم لا قابيل القاتل الظالم كما قال تعالى في حق ولد نوح عليه الصلاة والسلام: {قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}[هود/46].كذا في المرقاة, وفي بعض النسخ كابني آدم, وفي بعض النسخ كخير ابني آدم أي فلتستسلم حتى تكون قتيلاً كهابيل ولا تكن قاتلاً كقابيل (وتلا) أي قرأ (يزيد) بن خالد المذكور والحديث سكت عنه المنذري.

الشيخ: النووي تكلم عليه؟

الطالب: قال: وقد اختلف العلماء في قتال الفتنة, فقالت طائفة: لا يقاتل في فتن المسلمين, وإن دخلوا عليه بيته وطلبوا قتله فلا يجوز له المدافعة عن نفسه؛ لأنّه الطالب متأول وهذا مذهب أبي بكرة من الصّحابة رضي الله عنهم.

الشيخ: لأن الطالب متأول, الطالب يعني الداخل عليه متأول.

الطالب: وقال: ابن عمر وعمران بن الحصين رضي الله عنهما: غيرهما لا يدخل فيها, لكن إن قصد الدفاع عن نفسه فهذان المذهبان متفقان على ترك الدخول في جميع فتن الإسلام, وقال معظم الصّحابة والتابعين وعامة علماء الإسلام: يجب نصر المحق في الفتن والقيام معه بمقاتلة الباغين كما قال تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي}[الحجرات/9]. الآية.

الشيخ: نعم هذا في قصة علي ومعاوية, أكثر الصّحابة انضموا إلى علي رضي الله عنه لأنّه تبين لهم الحق وأنّه حق علي, لكن الدخول في الفتنة اختلفوا عليه أنّه لا يدخل في الفتنة, لكن إن دخلوا عليه هل يدافع عن نفسه أو لا يدافع؟ مذهبان, قيل: له أن يدافع وله ألا يدافع, له أن يستسلم وهذا أفضل كما فعل عثمان, وله أن يدفع عن نفسه, ولا يدخل في الفتنة ولا يأتي إليهم, ولكن إذا أرادوه وأتوا إليه لقتله له أن يدافع وله أن يستسلم, فإن استسلم فيكون كخيري ابني آدم, ففيه دليل على الخيرية والأفضلية, فالأفضل ألا يدافع فإن دافع فله ذلك, لكن لا يدخل الفتنة ولا يأتي إليها, ولكن إذا جاءوا إليه لقتله هذا هو محل الخلاف.

القارئ

4258 - حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا أبي، حدثنا شهاب بن خراش، عن القاسم بن غزوان، عن إسحاق بن راشد الجزري، عن سالم، حدثني عمرو بن وابصة الأسدي، عن أبيه وابصة، عن ابن مسعود، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكر بعض حديث أبي بكرة قال: «قتلاها كلهم في النار»، قال فيه: قلت: متى ذلك يا ابن مسعود؟ قال: «تلك أيام الهرج حيث لا يأمن الرجل جليسه»، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك الزمان؟ قال: تكف لسانك ويدك، وتكون حلسا من أحلاس بيتك، فلما قتل عثمان طار قلبي مطاره، فركبت حتى أتيت دمشق، فلقيت خريم بن فاتك فحدثته، فحلف بالله الذي لا إله إلا هو لسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثنيه ابن مسعود.

 شرح الشيخ

إيش قال عليه؟

الطالب: قال: إسناده ضعيف لجهالة القاسم بن غزوان وعمرو بن وابصة, وسالم المذكور في هذا الإسناد اختلف فيه أهو ابن أبي الجعد أو ابن أبي المهاجر أو ابن عجلان الأفطس، وهؤلاء الثلاثة كلهم ثقات، لكن روى الحديث معمر بن راشد الثقة، عن إسحاق بن راشد فلم يذكر سالمًا هذا، وذكر الحافظ ابن عساكر في "تاريخه" أن سليمان بن صهيب الرقي رواه أيضًا عن إسحاق بن راشد فلم يذكر سالمًا، وأسنده ابن عساكر من طريقه، وعلى كل حال تبقى جهالة عمرو بن وابصة هذا.

وأخرجه المزي في ترجمة القاسم بن غزوان من "تهذيب الكمال" من طريق شهاب بن خراش، بهذا الإسناد, وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"، ومن طريقه أخرجه البزار، والطبراني في "الكبير"، والخطابي في "العزلة"، والحاكم, وابن عساكر في "تاريخ دمشق"، وابن أبي شيبة، ونعيم بن حماد في "الفتن"، وأحمد، وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث" و من طردتى عن ابن المبارك، كلاهما عبد الرزاق وابن المبارك عن معمر بن راشد، وابن عساكر من طريق سليمان بن صهيب الرقي، كلاهما معمر وسليمان عن إسحاق بن راشد، عن عمرو ابن وابصة، عن أبيه، عن ابن مسعود، به فلم يذكرا في الإسناد سالمًا.

وأخرجه أحمد عن عبد الرزاق، عن معمر، عن رجل، عن عمرو بن وابصة، عن أبيه، عن ابن مسعود. فلم يسم الرجل، وجزم الدارقطني في "العلل" بأنه إسحاق بن راشد، وتبعه الحافظ ابن حجر في "تعجيل المنفعة".
وأخرجه ابن المبارك في "مسنده" برواية حبان بن موسى عن معمر بن راشد، عن سالم، عن إسحاق بن راشد، عن عمرو بن وابصة، عن أبيه، عن ابن مسعود.

كذا وقع في المطبوع، ولا ندري أثم تقديم وتأخير لم يتنبه له المحقق، فيكون سالم بين إسحاق وعمرو بن وابصة، أم هو كذلك في رواية حبان بن موسى، فإن يكن كذلك فقد خالفه جماعة أصحاب ابن المبارك فلم يذكروا سالمًا هذا في الإسناد كما سلف ولم يذكره الدارقطني أيضًا في "العلل".

الشيخ: إيش الخلاصة في هذا؟

الطالب: قال: إسناده ضعيف لجهالة القاسم بن غزوان وعمرو بن وابصة.

الشيخ: والألباني إيش قال عليه الشيخ الإلباني؟

الطالب: قال رواه أحمد وصححه الألباني في الصحيحة.

الشيخ: والنسخة الثانية في التعليق؟

الطالب: (...02:23:59)

الشيخ: قال إيش؟

الطالب: ضعيف الإسناد.

الشيخ: من هو؟

الطالب: (...02:24:04)

الشيخ: الألباني ضعيف الإسناد؟ في النسخة الثانية ما تكلم عليه؟

الطالب: ما تكلم عليه.

طالب آخر: (...02:24:10)

الشيخ: فذكر بعض حديث أبي بكرة, يعني السابق قال: قتلاهم كلهم في النَّار, قتلى من؟ يعني المتقاتلين في الفتنة يعني؟ «قال فيه: قلت: متى ذلك يا ابن مسعود؟ قال: تلك أيام الهرج حيث لا يأمن الرجل جليسه، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك الزمان؟ قال: تكف لسانك ويدك، وتكون حلسًا من أحلاس بيتك».

الطالب: قوله: «كلٌ في النَّار» ذكر هنا ابن سلان, قال القرطبي: هذا الحديث محمول على ما إذا كان القتال على الدنيا, يعني وعلى حظوظ الأنفس, قال: وقد جاء هكذا منصوصًا فيما سمعناه من بعض مشايخنا.

الشيخ: هذا كلام من؟

الطالب: هذا كلام ابن رسلان نقلاً عن القرطبي.

الشيخ: إيش يقول؟«كلٌ في النَّار» قال القرطبي: هذا الحديث محمول على ما إذا كان القتال على الدنيا, يعني وعلى حظوظ الأنفس, قال: وقد جاء هكذا منصوصًا فيما سمعناه من بعض مشايخنا, إذا اقتتلتم على الدنيا فالقاتل والمقتول في النَّار خرجه البزار, ومما يَدُلّ على صحة هذا ما خرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على النَّاس زمان لا يدري القاتل فيما قَتل ولا المقتول فيما قُتل, فقيل: فكيف يكون ذلك؟ قال: الهرج, القاتل والمقتول في النَّار» فبين هذا الحديث أن القاتل إذا كان على جهالة من طلب دنيا أو اتباع هو فالقاتل والمقتول في النَّار فأما قتالٌ يكون على تأويل ديني كقتال الصّحابة فلا.

الشيخ: صحيح, وهذا هو المقصود, لكن الحديث ضعيف, قال: «قتلاها كلهم في النار» ولو لم يصح الحديث هو هذا, المتوعد فيه إذا كان من أجل الدنيا ومن أجل الهوى أو لا يدري دخل في شيء لا يدري هذا متوعد, أما إذا كان في شيء يتبين له أنّه محق مثل الصّحابة انضموا إلى علي لأنّه الخليفة الراشد, عملاً بقوله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}[الحجرات/9].

انضم أكثر الصّحابة إلى علي وتبين لهم, ومعاوية ومن معه ما يعلمون هذا, ما يعلمون أنهم بغاة, في طائفة ثالثة من الصّحابة ما تبين لهم الأمر فاعتزلوا الفريقين, مثل سلمة بن الأكوع, ومثل أسامة بن زيد ومثل ابن عمر, حتى سماهم بعضهم بمرجئة الصّحابة, هؤلاء اعتزلوا الفريقين, على كل حال الحديث وإن لم يصح المراد «قتلاها كلهم في النار» يعني إذا كان على الدنيا أو الدخول في شيء لا يعلمه, أما إذا كان في شيء فيه تبين فلا يدخل في هذا.

ويَدُلّ على ذلك قوله: «تلك أيام الهرج» اختلاط الأمور وعدم التبين, هذا يبين هذا «حيث لا يأمن الرجل جليسه» لأن هذا له شواهد في الأحاديث الأخرى, الحديث ضعيف لكن له شواهد, قتلاهم في النَّار إذا كان في الفتنة, في أمر لم يتبين وأن هذا في أيام الهرج, كذلك قوله: «تكف لسانك ويدك، وتكون حلسًا من أحلاس بيتك» كذلك له شواهد من الأحاديث الصحيحة التي سبقت.

الطالب: (...02:28:05)

الشيخ: كذلك «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النَّار, فقلت: يا رسول الله هذا القاتل؛ فما بال المقتول؟ قال: "إنه كان حريصًا على قتل صاحبه» انظر هنا قوله: قال القاضي رحمه الله المراد بقتلاهم من قتل في تلك الفتنة.

الطالب: قال القاضي رحمه الله: المراد بقتلاها من قتل في تلك الفتنة وإنما هم من أهل النار لأنهم ما قصدوا بتلك المقاتلة والخروج إليها إعلاء دين أو دفع ظالم أو إعانة محق, وإنما كان قصدهم التباغي والتشاجر طمعًا في المال والملك كذا في المرقاة.

(أيام الهرج) بفتح فسكون الفتنة (وتكون حلسًا من أحلاس بيتك) أحلاس البيوت ما يبسط تحت حر الثياب فلا تزال ملقاة تحتها, وقيل: الحلس هو الكساء على ظهر البعير تحت القتب والبرذعة شبهها به للزومها ودوامها, والمعنى الزموا بيوتكم والتزموا سكوتكم كيلا تقعوا في الفتنة التي بها دينكم يفوتكم (فلما قتل) قائله هو وابصة.

الشيخ: قال المنذري: في إسناده القاسم بن غزوان وهو شبه مجهول, وفيه أيضًا شهاب بن خراش أبو الصلت الجرشي, قال بن المبارك: ثقة وقال الإمام أحمد وأبو حاتم الرازي لا بأس به, وقال ابن حبان: كان رجلاً صالحًا وكان ممن يخطىء كثيرًا حتى خرج عن حد الاحتجاج به.

على كل حل الحديث ضعيف لكن المعاني كما سبق لها شواهد قتلاهم في النار وأيام الهجر, وقوله: كف لسانك ويدك, وتكون حلس من أحلاس بيتك, كل هذا له شواهد.

القارئ

4259 - حدثنا مسدد، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، عن محمد بن جحادة، عن عبد الرحمن بن ثروان، عن هزيل، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن بين يدي الساعة فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنًا، ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا، ويصبح كافرًا، القاعد فيها خير من القائم، والماشي فيها خير من الساعي، فكسروا قسيكم، وقطعوا أوتاركم، واضربوا سيوفكم بالحجارة، فإن دخل - يعني - على أحد منكم، فليكن كخير ابني آدم».

 شرح الشيخ

إيش قال على تخريجه؟

الطالب: عفا الله عنك قال: صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن ثروان، وقد روي الحديث من طريق آخر سيأتي عند المصنف برقم، وله شواهد نذكرها في هذا التعليق.

وأخرجه ابن ماجه من طريق عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد, وهو في "مسند أحمد" و "صحيح ابن حبان" وأخرجه مختصرًا ابن أبي شيبة من طريق الحسن البصري، عن أبي موسى رفعه: "تكون في آخر الزمان فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا". والحسن لم يسمع أبا موسىب, وسيأتي من طريق آخر.

ويشهد لأوله حديث أبي هريرة عند مسلم، والترمذي بلفظ: "بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، أو يمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا، وهو في "مسند أحمد".

الشيخ: على كل حال الحديث له شواهد «إن بين يدي الساعة فتنًا كقطع الليل المظلم» هذا صحيح «يصبح الرجل فيها مؤمنًا، ويمسي كافرًا» له شواهد في الصحيح أو في الصحيحين.

«القاعد فيها خير من القائم، والماشي فيها خير من الساعي» هذا المراد من بعد عنها فهو خير ممن قرب منها.

قوله: «فكسروا قسيكم، وقطعوا أوتاركم، واضربوا سيوفكم بالحجارة» يعني البعد عن السلاح يعني لا تحملوا السلاح في الفتنة «فإن دخل - يعني - على أحد منكم، فليكن كخير ابني آدم» يستسلم هذا هو الأفضل, وإن دافع عن نفسه فله أن يدافع عن نفسه كما سبق.

هو ما اشترك في الفتنة لكن دُخل عليه, فإذا استسلم فهو أفضل يكون كخيري ابني آدم, وإن دافع عن نفسه فله ذلك. انظر كلام الشارح الآن, قال: فتنًا عظامًا ومحنًا جسامًا (كقطع الليل المظلم) كقطعة من الليل المظلم في شدتها وظلمتها وعدم تبين أمرها.

الطالب: قال الطيبي رحمه الله: يريد بذلك التباسها وفظاعتها وشيوعها واستمرارها (فيها) أي في تلك الفتن, ويصبح كافرًا الظاهر أن المراد بالإصباح والإمساء تقلب الناس فيها وقت دون وقت لا بخصوص الزمانين فكأنه كناية عن تردد أحوالهم وتذبذب أقوالهم وتنوع أفعالهم من عهد ونقض وأمانة وخيانة ومعروف ومنكر وسنة وبدعة وإيمان وكفر.

قوله: (القاعد فيها خير من القائم والماشي فيه خير من الساعي) أي كلما بعد الشخص عنها وعن أهلها خير له من قربها واختلاط أهلها لما سيؤول أمرها إلى محاربة أهلها فإذا رأيتم الأمر كذلك (فكسروا قسيكم) بكسرتين وتشديد التحتية.

الشيخ: قال القارئ بعده فيه زيادة.

الطالب: قال القارىء فيه زيادة من المبالغة إذ لا منفعة لوجود الأوتار مع كسر القسي أو المراد به أنه لا ينتفع بها الغير (واضربوا سيوفكم بالحجارة) أي حتى تنكسر أو حتى تذهب حدتها وعلى هذا القياس الأرماح وسائر السلاح (فإن دخل) بصيغة المجهول ونائب الفاعل قوله (على أحد منكم) من بيانية (فليكن) أي ذلك لأحد (كخير ابني آدم) أي فليستسلم حتى يكون قتيلا كهابيل ولا يكون قاتلاً كقابيل.

الشيخ: لكن له أن يدافع كما سبق جمعًا بني الأحاديث.

قال المنذري: وأخرجه الترمذي وابن ماجه, وقال الترمذي: حسن غريب وعبد الرحمن بن ثروان هذا تكلم فيه, الحديث على كل صحيح وله شواهد.

القارئ

4260 - حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا أبو عوانة، عن رقبة بن مصقلة، عن عون بن أبي جحيفة، عن عبد الرحمن يعني ابن سمرة، قال: كنت آخذًا بيد ابن عمر في طريق من طرق المدينة، إذ أتى على رأس منصوب، فقال: شقي قاتل هذا، فلما مضى، قال: وما أرى هذا إلا قد شقي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من مشى إلى رجل من أمتي ليقتله، فليقل: هكذا، فالقاتل في النار، والمقتول في الجنة " قال أبو داود: رواه الثوري، عن عون، عن عبد الرحمن بن سمير أو سميرة، ورواه ليث بن أبي سليم، عن عون، عن عبد الرحمن بن سميرة. قال أبو داود: قال لي الحسن بن علي، حدثنا أبو الوليد بهذا الحديث، عن أبي عوانة، وقال: هو في كتابي ابن سبرة، وقالوا: سمرة، وقالوا: سميرة، هذا كلام أبي الوليد.

 شرح الشيخ

إيش قال على تخريجه؟

الطالب: إسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمن الراوى عن ابن عمر، وقد اختلف في اسم أبيه، فقيل: سمرة، وقيل: سمير، وقيل: سميرة إلى غير ذلك كما بينه المصنف بإثر الحديث. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكرى، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك.

وأخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد، وأبو يعلى، والطبراني في "الأوسط"، وأبو نعيم في "الحلية"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"، والمزي في ترجمة عبد الرحمن من "تهذيب الكمال" من طرق عن عون بن أبي جحيفة، به.

الشيخ: أبو داود أشار قال: رواه الثوري، عن عون، عن عبد الرحمن بن سمير أو سميرة، ورواه ليث بن أبي سليم، عن عون، عن عبد الرحمن بن سميرة. قال أبو داود: قال لي الحسن بن علي، حدثنا أبو الوليد بهذا الحديث، عن أبي عوانة، وقال: هو في كتابي ابن سبرة, والحديث الآن.

الطالب: ضعفه يا شيخ.

الشيخ: «ابن عمر في طريق من طرق المدينة، إذ أتى على رأس منصوب، فقال: شقي قاتل هذا، فلما مضى، قال: وما أرى هذا إلا قد شقي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من مشى إلى رجل من أمتي ليقتله، فليقل: هكذا، فالقاتل في النار، والمقتول في الجنة "» يعني هذا مجمل, تبين في الحديث أن القاتل والمقتول هذا في الفتنة, وهذا الحديث يعني مجمل ولا فيه توضيح, مر عليه قال: شقي قاتل هذا, ما فيه توضيح, ما يدرى على أي شيء قتل, هل هو في فتنة أو في غيرها؟ على كل حال الأحاديث الأخرى بينت هذا الإجمال, تغني عنها الأحاديث الأخرى.

قوله: ( قال أبو داود ) غرض المصنف رحمه الله من هذا الكلام بيان الاختلاف في اسم والد عبد الرحمن (رواه الثوري عن عون عن عبد الرحمن بن سمير أو سميرة).

قال المنذري: وحكى أبو داود اختلاف الرواة في اسم والد عبد الرحمن بن سمير أو سميرة وسبرة وسمرة وذكر البخاري في تاريخه الكبير عبد الرحمن هذا وذكر الخلاف في اسم أبيه, وقال: حديثه في الكوفيين وذكر له هذا الحديث مقتصرًا منه على المسند.

وقال الدارقطني: تفرد به أبو عوانة عن رقبة عن عون بن أبي جحيفة عنه يعني عبد الرحمن بن سمير انتهى كلام المنذري.

القارئ

4261 - حدثنا مسدد، حدثنا حماد بن زيد، عن أبي عمران الجوني، عن المشعث بن طريف، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذر»، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، فذكر الحديث، قال فيه «كيف أنت إذا أصاب الناس موت يكون البيت فيه بالوصيف؟» يعني القبر، قلت: الله ورسوله أعلم، - أو قال: ما خار الله لي ورسوله -، قال: «عليك بالصبر» - أو قال: «تصبر» - ثم قال لي: «يا أبا ذر» قلت: لبيك وسعديك، قال: «كيف أنت إذا رأيت أحجار الزيت قد غرقت بالدم؟» قلت: ما خار الله لي ورسوله، قال: «عليك بمن أنت منه» قلت: يا رسول الله، أفلا آخذ سيفي وأضعه على عاتقي؟ قال: «شاركت القوم إذن» قلت: فما تأمرني؟ قال: «تلزم بيتك»، قلت: فإن دخل علي بيتي؟ قال: «فإن خشيت أن يبهرك شعاع السيف، فألق ثوبك على وجهك يبوء بإثمك وإثمه» قال أبو داود: «لم يذكر المشعث في هذا الحديث غير حماد بن زيد».

 شرح الشيخ

إيش قال على تخريجه؟

الطالب: حديث صحيح، وهذا إسناد تفرد فيه حماد بن زيد بزيادة المشعث بن طريف بين أبي عمران الجوني وبين عبد الله بن الصامت.

الشيخ: في السند فقط؟

الطالب: نعم عفا الله عنك, كما أشار إليه المصنف بإثر الحديث، وخالفه أصحاب أبي عمران فلم يذكروا المشعث هذا، والمشعث مجهول, أبو عمران الجوني: هو عبد الملك بن حبيب الأزدي.

الشيخ: ا لمصنف قال: قال أبو داود: «لم يذكر المشعث في هذا الحديث غير حماد بن زيد», والحديث قال: «كيف أنت إذا أصاب الناس موت يكون البيت فيه بالوصيف؟ يعني القبر» إذا أصاب النَّاس موتٌ يقول: بسبب القحط أو وباء, من عفونة هواء أو غيره.

قال الخطابي: البيت ها هنا القبر, بسبب الوباء, والوصيف الخادم يريد أن الناس يشتغلون عن دفن موتاهم حتى لا يوجد فيهم من يحفر قبر الميت أو دفنه إلا أن يعطى وصيفًا, خادم يعني, أو قيمته, وقد يكون معناه أن يكون مواضع القبور عنهم فيبتاعون لموتاهم القبور كل قبر بوصيف.

وقد تعقب التوربشتي رحمه الله على هذا المعنى الثاني حيث قال وفيه نظر لأن الموت وإن استمر بالأحياء وفشا فيهم كل الفشو لم ينته بهم إلى ذلك وقد وسع الله عليهم الأمكنة.

الطالب: وأجيب بأن المراد بموضع القبور الجبانة المعهودة وقد جرت العادة بأنهم لا يتجاوزون كذا في المرقاة, قلت: وقع في رواية المصابيح والمشكاة المذكورة آنفا كيف بك يا أبا ذر إذا كان بالمدينة موت يبلغ البيت العبد حتى إنه يباع القبر بالعبد فهذه الرواية تؤيد المعنى الثاني وهذا المعنى هو المتعين؛ لأن الحديث يفسر بعضه بعضا والله أعلم.

الشيخ: متعين أنه يباع؟ يباع القبر؟

الطالب: وقيل معناه أن البيوت تصير رخيصة لكثرة الموت وقلة من يسكنها فيباع بيت بعبد مع أن قيمة البيت تكون أكثر من قيمة العبد على الغالب المتعارف.

وقيل: معناه أنه لا يبقى في كل بيت كان فيه كثير من الناس إلا عبد يقوم بمصالح ضعفة أهل ذلك البيت, وأنت تعلم أن هذين المعنيين يحتملهما لفظ المؤلف أبي داود, وأما لفظ المصابيح والمشكاة المذكور فكلا كما لا يخفى على المتأمل.

 (يعني القبر) تفسير للبيت من بعض الرواة (والله ورسوله أعلم) أي بحالي وحال غيري في تلك الحال وسائر الأحوال (أو قال) للشك (ما خار الله) أي اختار (تصبر) قال القارىء بتشديد الموحدة المفتوحة أمر من باب التفعل وفى نسخة تصبر مضارع صبر على أنه خبر بمعنى الأمر (أحجار الزيت) قيل هي محلة بالمدينة وقيل موضع بها.

قال التوربشتي: هي من الحرة التي كانت بها الوقعة زمن يزيد والأمير على تلك الجيوش العاتية, مسلم بن عقبة المري المستبيح بحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان نزوله بعسكره في الحرة الغربية من المدينة, فاستباح حرمتها وقتل رجالها وعاث فيها ثلاثة أيام وقيل خمسة, فلا جرم أنه انماع كما ينماع الملح في الماء ولم يلبث أن أدركه الموت وهو بين الحرمين وخسر هنالك المبطلون كذا في المرقاة.

(غرقت بالدم) بالغين المعجمة وفي بعض النسخ عرقت بالعين المهملة أي لزمت والعروق اللزوم (عليك بمن أنت منه) أي الزم أهلك وعشيرتك الذين أنت منهم وقيل المراد بمن أنت منه الإمام أي الزم إمامك ومن بايعته (شاركت القوم) أي في الأثم.

قال القارىء: والصواب أن الدفع جائز إذا كان الخصم مسلمًا.

الشيخ: يدافع عن نفسه يعني؟

الطالب: نعم إذا كان الخصم مسلمًا, ن لم يترتب عليه فساد إن لم يترتب عليه فساد.

الشيخ: بخلاف ما كان العدو.

الطالب: بخلاف ما إذا كان العدو كافرًا فإنه يجب الدفع مهما أمكن.

الشيخ: يعني إذا كان الخصم مسلم يجوز له أن يدافع أو لا يدافع.

الطالب: يدافع بشرط ألا يترتب عليه فساد.

قوله: (أن يبهرك) بفتح الهاء أي يغلبك (شعاع السيف) بفتح أوله أي بريقه ولمعانه وهو كناية عن إعمال السيف (فألق ثوبك على وجهك) أي لئلا ترى ولا تفزع ولا تجزع.

الشيخ: على كل حال الحديث فيه أنه إذا حصل للناس موت في أيام الفتن أن على الإنسان الصبر, يتصبر.

قال: «أفلا آخذ سيفي وأضعه على عاتقي؟ قال: شاركت القوم إذن» يعني لا تدخل في الفتنة «قلت: فما تأمرني؟ قال: تلزم بيتك»، كما سبق في الأحاديث, يلزم بيته, حتى لو دخل عليه بيته قال: أن تكون كخيري ابن آدم, ولكن كما سبق له أن يدافع.

وهنا قال القارئ: إلى كان القاتل مسلم فله أن يدافع وله ألا يدافع, وإذا كان كافر يجب عليه أن يدافع ولا يستسلم لكافر أن يقتله, من أين أخذ هذا التفصيل؟

الطالب: (...02:47:45)

الشيخ: خاص بالمسلم, يعني دليل على أنّه إذا كان العدو كافرًا يجب الدفع, يجب أن يدافع عن نفسه؛ لأن الإسلام يعلوا فيجب أن يدافع عن نفسه, والمسلم مخير للأحاديث التي فيها التخيير, فلا تشمل الكافر؛ لأنّه قد يقال: الكافر قد يهديه الله للإسلام لو تركه.

القارئ

4262 - حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عاصم الأحول، عن أبي كبشة، قال: سمعت أبا موسى، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن بين أيديكم فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي»، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: «كونوا أحلاس بيوتكم».

 شرح الشيخ

يعني الزموها, طيب تخريجه؟

الطالب: صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي كبشة وهو السدوسي. فقد قال الذهبي في "الميزان": لا يعرف. وقد اختلف في رفع هذا الحديث ووقفه، رفعه عبد الواحد بن زياد ووقفه أبو معاوية وعلي بن مسهر وجرير بن عبد الحميد، وذكر الدارقطني أن القاسم بن معن رواه مرفوعًا كذلك كرواية عبد الواحد بن زياد، ذكر ذلك في "العلل" ثم قال: فإن كان عبد الواحد بن زياد حفظ مرفوعًا، فالحديث له، لأنه ثقة. قلنا: وقد سلف من طريق الهزيل بن شرحبيل عن أبي موسى مرفوعًا وإسناده حسن.

الشيخ: يعني المتن صحيح والسند ضعيف, في شواهد «إن بين أيديكم فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا» سبق له شواهد, القاعد فيها خير من القائم, القائم خير من الماشي, وسبق كونوا أحلاس بيوتكم, يعني الزموا البيوت ولا تدخلوا في الفتنة, هذا دلت عليه الأحاديث, عدد من الأحاديث السابقة وأن الإنسان عليه في فتن الحروب أنه لا يدخل في الحروب التي لا يتبين فيها وجه الحق, وإذا جاء أحد ليقتله فكونه يستسلم هذا هو الأفضل, وإن دافع عن نفسه فله ذلك, إلا إذا كان المعتدي كافر فيجب عليه أن يقاتله ولا يستسلم.

قوله: (إن بين أيديكم) أي قدامكم (كقطع الليل المظلم) من حيث إنها شاعت ولا يعرف سببها ولا طريق للخلاص منها.

الطالب: قال في النهاية: قطع الليل طائفة منه وقطعة وجمع القطعة قطع أراد فتنة مظلمة سوداء تعظيمًا لشأنها انتهى (يصبح الرجل فيها مؤمنا إلخ) يجوز أن يكون معناه مؤمنًا لتحريمه دم أخيه وعرضه وماله كافرا لتحليله والله أعلم.

(والماشي فيه خير من الساعي) السعي دويدن وشتاب كردن وكسب وكار كردن والمقصود من الحديث أن التباعد عنها خير في أي مرتبة كانت فالقاعد أبعد ثم الواقف في مكانه ثم الماشي من الساعي.

وعند مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا, ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا يبيع دينه بعرض من الدنيا».

قوله: (كونوا أحلاس بيوتكم) جمع حلس وهو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب أي الزموا بيوتكم ومنه حديث أبي بكر رضي الله عنه: «كن حلس بيتك».

قال المنذري: قال الحافظ أبو أحمد الكرابيسي: فيمن نعرفه بكنيته ولا نقف على اسمه أبو كبشة سمع أبا موسى روى عنه عاصم كناه لنا أبو الحسن العارمي حدثنا محمد يعني بن إسماعيل.

وقال الحافظ أبو القاسم في الأشراف: أبو كبشة أظنه البداء بن قيس السكوني عن أبي موسى وذكر هذا الحديث, وذكر الأمير أبو نصر بن ماكولا أبا كبشة البراء بن قيس, وذكر بعده أبا كبشة السكوني عن عبد الله بن عمرو بن العاص, ثم قال: وأبو كبشة عن أبي موسى الأشعري روى عنه عاصم الأحول وذكره الدارقطني أخشى أن يكون الذي قبله.

وقال البراء بن مالك: من قال غير ذلك فقد صحف يشير بذلك إلى الرد على من قال في البراء بن مالك أنه أبو كيسة بالياء آخر الحروف والسين المهملة انتهى كلام المنذري.

الشيخ: على كل حال الحديث واضح في الفتن في آخر الزمان كثيرة فالإنسان يحذر منها, ولا يدخل في فتن القتال يعتزلها ويلزم بيته, ولهذا قال: «كونوا كأحلاس بيوتكم».

القارئ

4263 - حدثنا إبراهيم بن الحسن المصيصي، حدثنا حجاج يعني ابن محمد، حدثنا الليث بن سعد، قال: حدثني معاوية بن صالح، أن عبد الرحمن بن جبير، حدثه عن أبيه، عن المقداد بن الأسود، قال: ايم الله، لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، ولمن ابتلي فصبر فواها».

 شرح الشيخ

تخريجه؟

الطالب: قال: إسناده صحيح وأخرجه البزار، والطبراني في "المعجم الكبير"، وفي "مسند الشاميين"، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد.

الشيخ: فيه أن النّبيّ كرر ثلاثة «إن السعيد لمن جنب الفتن» لاشك أنها السعادة, من تجنب الفتن سلم «ولمن ابتلي فصبر فواها». اقرأ كلام الشارح إن السعيد لمن.

الطالب: قال: (إن السعيد لمن) باللام المفتوحة للتأكيد في خبر إن (جنب) بضم الجيم وتشديد النون المكسورة أي بعد والتكرار للمبالغة في التأكيد ويمكن أن يكون التكرار باعتبار أول الفتن وآخرها.

الشيخ: هذا أقرب ما يكون التكرار للتأكيد, أما أول الفتنة وآخرها كلها. الطالب: (ولمن ابتلي وصبر) بفتح اللام عطف على لمن جنب (فواها) معناه التلهف والتحسر أي واها لمن باشر الفتنة وسعى فيها وقيل معناه الإعجاب والاستطابة ولمن بكسر اللام أي ما أحسن وما أطيب صبر من صبر عليها ولا يخفى أنه لو حمل على معنى التعجب لصح بالفتح أيضا كذا في اللمعات.

قال في النهاية: قيل معنى هذه الكلمة التلهف وقد توضع موضع الإعجاب بالشيء يقال واها له, وقد ترد بمعنى التوجع وقيل التوجع يقال فيه آها.

ومنه حديث أبي الدرداء: «ما أنكرتم من زمانكم فيما غيرتم من أعمالكم إن يكن خيرا فواها واها وإن يكن شرا فآها آها» والألف فيها غير مهموزة انتهى.

وقال في القاموس: وآها ويترك تنوينه كلمة تعجب من طيب شيء وكلمة تلهف والحديث سكت عنه المنذري.

الشيخ: هذا فيه أن السعيد من تجنب الفتن لاشك, ومن ابتلي فصر فواها يعني كأنه حث.

الطالب: زاد هنا ابن رسلان: قال: فواهًا, الفاء جواب الشرط, واهًا بالتنوين اسم فعل أي فطوبى له بما حصل له من الأجر.

الشيخ: هذه صحيح, الأقرب أن هذا صحيح, من شرطية, ابتلى هذا فعل الشرط, فواهًا جواب الشرط, لاشك أن من ابتلي فصبر هذا دليل على فضله وخيريته, قوله فواهًا أي؟

الطالب: أي فطوبى له بما حصل له من الأجر.

الشيخ: صحيح, ابتلي فصبر, الصبر أمره عظيم, لاشك أن من تنجب الفتن هذا خير له, وأما من ابتلي فصبر فهو على خير عظيم, هذا مثل حديث «لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية, فإذا لقيتموه فاصبروا فإن الجنة تحت ظلال السيوف».

القارئ

باب في كف اللسان

4264 - حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث، حدثني ابن وهب، حدثني الليث، عن يحيى بن سعيد، قال: قال خالد بن أبي عمران: عن عبد الرحمن بن البيلماني، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ستكون فتنة صماء، بكماء، عمياء، من أشرف لها استشرفت له، وإشراف اللسان فيها كوقوع السيف».

 شرح الشيخ

إيش قال على الحديث؟ قال المنذري: في إسناده عبد الرحمن البيلماني ولا يحتج بحديثه, إيش قال عليه؟

الطالب: وإسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن البيلماني، وقد اختلف في إسناد هذا الحديث ومتنه، فتارة يروى بهذا الإسناد، وتارة يروى عن الليث وهو ابن سعد عن يحيى بن سعيد وهو الأنصاري، عن خالد بن أبي عمران، عن عبد الرحمن بن البيلماني، عن عبد الرحمن وقيل: عبد الله بن فروخ، عن أبي هريرة، وعبد الرحمن ابن فروخ هذا شامي ذكره البخاري في "تاريخه الكبير"، ، وذكره أيضا ابن عساكر في "تاريخ دمشق" لكنه سماه عبد الله بن فروخ، ونقل توثيقه عن العجلي، وذكر جماعة رووا عنه. قلنا: وهذا الاختلاف في تسمية عبد الرحمن إنما هو من ابن البيلماني الضعيف، فمرة قال: ابن هرمز، وهذا الأعرج الثقة المشهور، ومرة قال: ابن فروخ، وهذا رجل شامي آخر كما ذكرنا.

وقد روي هذا الحديث أيضا على نحو آخر في إسناده مع اختلاف في متنه كذلك، فقد أخرج ابن قانع في "معجم الصحابة" عن عبد الله بن أبي داود السجستاني، عن عبد الملك بن شعيب بن الليث، عن ابن وهب، عن الليث، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن خالد بن أبي عمران، عن الحكم بن مسعود النجراني، عن أنيس بن أبي مرثد الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ستكون فتنة بكماء صماء عمياء، المضطجع فيها خير من القاعد، والقاعد خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي". فجعله من حديث الحكم بن مسعود، عن أنيس بن أبي مرثد الأنصاري.

والحكم هذا مجهول. والمتن مختلف كما ترى، ولكنه أشبه بالصواب لوروده من طريق أخرى صحيحة بهذا اللفظ عن أبي هريرة كما سيأتي بيانه. وقد ذكر الحافظ في "الإصابة" في ترجمة أنيس بن أبي مرثد أن البغوي في "معجمه" وبقي بن مخلد في "مسنده" وأبا علي بن السكن.

الشيخ: ذكر فيه بلفظ إيش؟

الطالب: قد ذكر الحافظ في الإصابة.

الشيخ: بهذا اللفظ؟

الطالب: إي نعم.

الشيخ: ستكون فتنة عمياء, بكماء, صماء؟

الطالب: إي نعم الأخير, الذي قال فيه: والحكم هذا مجهول. والمتن مختلف كما ترى، ولكنه أشبه بالصواب لوروده من طريق أخرى صحيحة بهذا اللفظ عن أبي هريرة.

الشيخ: صماء بكماء عمياء؟

الطالب: نعم, وقد ذكر الحافظ في "الإصابة" في ترجمة أنيس بن أبي مرثد أن البغوي في "معجمه" وبقي بن مخلد في "مسنده" وأبا علي بن السكن قد رووه على هذا الوجه.

الشيخ: طيب اقرأ قوله: ستكون فتنة صماء.

الطالب: قوله: (ستكون فتنة صماء بكماء عمياء) وصفت الفتنة بهذه الأوصاف بأوصاف أصحابها أي لا يسمع فيها الحق ولا ينطق به,

الشيخ: صماء يعني لايسمع فيها الحق, بكماء لا ينطق فيها بالحق, عمياء لا يرى فيه الحق.

الطالب: ولا يتضح الباطل عن الحق كذا في اللمعات, وقال القارىء: المعنى لا يميزون فيها بين الحق والباطل ولا يسمعون النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بل من تكلم فيها بحق أوذي ووقع في الفتن والمحن (من أشرف لها) أي من اطلع عليها وقرب منها (استشرفت له) أي اطلعت تلك الفتنة عليه وجذبته إليها (وإشراف اللسان) أي إطلاقه وإطالته (كوقوع السيف) أي في التأثير.

قال المنذري: في إسناده عبد الرحمن بن البيلماني ولا يحتج بحديثه.

الشيخ: نسأل الله السلامة والعافية, هذه فتن فيها لا يسمع الحق ولا ينطق بالحق ولا يرى الحق, نسأل الله السلامة والعافية, يعني ينبغي للإنسان أن يبتعد عنها ولا يتكلم بلسانه بشيء.

الطالب: قال ابن رسلان هنا: أراد أنها لا تسمع ولا تنطق ولا تبصر, فهي للذهاب حواسها لا تدرك شيئًا ولا تقلع ولا ترتفع, وقيل: شبهها لاختلاطها, وقيل: البريء فيها والسقيم والأصم الأخرس الأعمى الذي لا يهتدي إلى شيء, فهو يخبط خبط عشواء, وقيل: هي كالحية الصماء التي لا تقبل لسعتها الرقي, ولا يستطيع أحد أن يأمر فيها بمعروف أو ينهى عن منكر؛ بل إن تكلم بحق أذاه الناس.

الشيخ: نسأل الله السلامة والعافية, فتن لا يسمع فيها الحق ولا يُرى فيها الحق, ولا يتكلم فيها بالحق نعوذ بالله من الفتن نسأل الله السلامة والعافية.

القارئ

4265 - حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا ليث، عن طاوس، عن رجل يقال له زياد، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها ستكون فتنة تستنظف العرب قتلاها في النار، اللسان فيها أشد من وقع السيف». قال أبو داود: رواه الثوري، عن ليث، عن طاوس، عن الأعجم.

4266 - حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع، حدثنا عبد الله بن عبد القدوس، قال زياد سيمين كوش.

 شرح الشيخ

الطالب: (سيمين كوش ) قال: كلمة فارسية معناه أبيض الأذن وسيمين الفضة وكوش أبيض.

الشيخ: (قال زياد سيمين كوش) أي قال عبد القدوس في روايته زياد سيمين كوش مكان رجل يقال له زياد وسيمين كوش لفظ فارسي معناه أبيض الأذن. طيب إيش قال على تخريجه؟

الطالب: قال: إسناده ضعيف لضعف ليث وهو ابن أبي سليم وجهالة زياد وهو ابن سيمين كوش، وقيل في اسم أبيه غير ذلك كما بيناه في "مسند أحمد" وأخرجه ابن ماجه، والترمذي من طريق حماد بن سلمة، عن ليث، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث غريب, وهو في "مسند أحمد" وانظر تمام الكلام عليه هناك.

الشيخ: يعني لا يصح, والثاني حدثنا محمد بن عيسى هذا ضعفه الألباني؟ «إنها ستكون فتنة تستنظف العرب قتلاها في النار، اللسان فيها أشد من وقع السيف». انظر قوله: تستنظف العرب أي تستوعبهم.

الطالب: (تستنظف العرب) بالظاء المعجمة أي تستوعبهم هلاكًا من استنظفت الشيء أخذته كله كذا في النهاية (قتلاها) جمع قتيل بمعنى مقتول مبتدأ وخبره (في النار) لقتالهم على الدنيا واتباعهم الشيطان والهوى أي سيكونون في النار أو هم حينئذ في النار؛ لأنهم يباشرون ما يوجب دخولهم فيها كقوله تعالى إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم؛ وقد تقدم شرح هذه الجملة (اللسان إلخ) أي وقعه وطعنه على تقدير مضاف.

وقال الطيبي رحمه الله: القول والتكلم فيها إطلاقًا للمحل وإرادة الحال.

قال القرطبي في التذكرة: بالكذب عند أئمة الحور ونقل الأخبار إليهم فربما ينشأ من ذلك الغضب والقتل والجلاء والمفاسد العظيمة أكثر مما ينشأ من وقوع الفتنة نفسها.

وقال السيد رحمه الله في حاشيته على المشكاة: أي الطعن في إحدى الطائفتين ومدح الأخرى مما يثير الفتنة فالكف واجب انتهى.

قال القارىء نقلا عن المظهر: يحتمل هذا احتمالين: أحدهما: أن من ذكر أهل تلك الحرب بسوء يكون كمن حاربهم؛ لأنهم مسلمون وغيبة المسلمين إثم ولعل المراد بهذه الفتنة الحرب التي وقعت بين أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وبين معاوية رضي الله عنه, ولا شك أن من ذكر أحدًا من هذين الصدرين وأصحابهما يكون مبتدعًا؛ لأن أكثرهم كانوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والثاني: أن المراد به أن من مد لسانه فيه بشتم أو غيبة يقصدنه بالضرب والقتل ويفعلون به ما يفعلون بمن حاربهم.

قال القارىء: في الاحتمال الأول أنه ورد اذكروا الفاجر بما فيه يحذره الناس ولا غيبة لفاسق ونحو ذلك, فلا يصح هذا على إطلاقه ولذا استدرك كلامه بقوله ولعل المراد بهذه إلخ.

قال وحاصل الاحتمال الثاني أن الطعن في إحدى الطائفتين ومدح الأخرى حينئذ مما يثير الفتنة فالواجب كف اللسان وهذا المعنى في غاية من الظهور انتهى.

الشيخ: هذا بناء على صحة الحديث, والحديث غير صحيح, الثاني حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع، حدثنا عبد الله بن عبد القدوس، قال زياد سيمين كوش, تكلم عليه هذا.

الطالب: (قال زياد سيمين كوش) أي قال عبد القدوس في روايته زياد سيمين كوش مكان رجل يقال له زياد.

الشيخ: تكلم عن تخريج الحديث قال المنذري وحكى أبو داود.

الطالب: قال المنذري: وحكى أبو داود عن بعضهم أنه الأعجم يعني زيادًا, وحكى أيضًا زياد بن سيمين كوش وأخرجه الترمذي والنسائي وقال الترمذي حديث غريب سمعت محمد بن إسماعيل يقول: لا نعرف لزياد بن سيمين كوش غير هذا الحديث, ورواه حماد بن سلمة عن ليث فرفعه ورواه حماد بن زيد عن ليث فوقفه, هذا آخر كلامه.

وذكر البخاري في تاريخه أن حماد بن سلمة رواه عن ليث ورفعه ورواه حماد بن زيد وغيره عن عبد الله بن عمر, وقوله قال وهذا أصح من الأول وهكذا قال فيه زياد بن سيمين كوش, وقال غيره: زياد سيمين كوش واستشهد به البخاري وكان من العباد, ولكنه اختلط في آخر عمره حتى كان لا يدري ما يحدث به, وتكلم فيه غير واحد وقد أخرج البخاري ومسلم من حديث سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فستكون فتن القاعد فيها خير من القائم وفيه من تشرف لها تستشرفه» قيل: هو من الإشراف يقال تشرفت الشيء واستشرفته أي علوته, يريد من انتصب لها انتصبت له وصرعته.

وقال الهروي: أشرفته أي علوته واستشرفت على الشيء اطلعت عليه من فوق, وقيل: هو من المخاطرة والتغرير والإشفاء على الهلاك أي من خاطر بنفسه فيها أهلكته يقال أشرف المريض إذا أشفى على الموت. انتهى كلام المنذري.

الشيخ: على كل حال الحديث كما سبق ضعيف.

القارئ

باب ما يرخص فيه من البداوة في الفتنة

 شرح الشيخ

عندنا باب الرخصة في التبدي في الفتنة, التبدي يعني الذهاب إلى البادية, يعني السكنى في البادية بدل المدن, يعني إذا نزع الخير من المدن والبلدان وليس فيها جمعة ولا جماعة ولا أحد يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر وخاف الإنسان على نفسه من الفتنة يذهب إلى البادية, مثل ما جاء في الحديث الصحيح «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن» هذا لا يكون إلَّا في آخر الزمان, في آخر الزمان عندنا ينزع الخير من المدن والقرى لا يستطيع صلاة جماعة ولا جمع ولا أمر ولا نهى وخاف على نفسه الفتنة, أما إذا كان المدن فيها خير جمعة وجماعة وفيها من يسمع الحق ومن يتكلم بالحق فلا, فالخروج إلى البادية هذا جاء أنّه من الكبائر؛ لأنّه يبعد عن الخير وعن سماع الذكر.

القارئ

4267 - حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم، يتبع بها شغف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن».

 شرح الشيخ

أظن الحديث أصله في البخاري إيش قال عليه؟

الطالب: إسناده صحيح, وهو في "موطأ مالك" وأخرجه البخاري، وابن ماجه، والنسائي في "المجتبى" من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، به. وانقلب اسم عبد الرحمن عند ابن ماجه إلى: عبد الله بن عبد الرحمن، وهو خطأ, وهو في "مسند أحمد"، و"صحيح ابن حبان".

الشيخ: قال المنذري هنا: وأخرجه البخاري والنسائي وابن ماجة والحديث صحيح, طيب قوله: ( باب الرخصة في التبدي) كلام الشارح.

الطالب: أحسن الله إليك, قال: قوله: (يوشك) أي يقرب (يتبع) بتشديد التاء (بها) أي مع الغنم أو بسببها (شعف الجبال) بفتح الشين والعين أي رؤوس الجبال وأعاليها.

الشيخ: هنا قال: التبدي تفعل من البداوة أي الخروج إلى البادية.

الطالب: (شعف الجبال) بفتح الشين والعين أي رؤوس الجبال وأعاليها واحدها شعفة (ومواقع القطر) بفتح فسكون أي مواضع المطر وآثاره من النبات وأوراق الشجر يريد بها المرعى من الصحراء والجبال فهو تعميم بعد تخصيص (يفر بدينه) أي بسبب حفظه.

قال الكرماني: هذه الجملة حالية وذو الحال الضمير المستتر في يتبع أو المسلم إذا جوزنا الحال من المضاف إليه, فقد وجد شرطه وهو شدة الملابسة وكأنه جزء منه, واتخاذ الخير بالمال واضح ويجوز أن تكون استئنافية وهو واضح انتهى كذا في فتح الباري.

الشيخ: الحديث دليل على فضل .. لكن هل فيه أمر للذهاب إلى البادية؟ قال: يوشك أن خير مال الرجل, فضيلة, فضيلة العزلة لمن خاف على دينه, متى يكون الذهاب إلى البادية واجب؟ إذا خافت الفتنة, في الفتنة, إذا خاف على نفسه في الفتنة يحلق بإبله من له إبل كما سبق في الحديث, ومن له غنم يلحق بغنمه, وأما من يكون لا هذا ولا هذا يلزم حلس بيته, لكن الفضيلة هنا لمن خاف, لمن خاف ولم توجد الفتنة, وذاك لمن وجدت الفتنة, في وقت الفتنة يعتزلة, وفي وقت الخوف يستحب, يكون هذا جمع بين الحديثين, هنا قال: أمر فليلحق بأرضه, فليلحق بغنمه هذا إذا وقعت الفتنة, وهنا الحديث فيه الخيرية والأفضلية لمن خاف قبل وقوعها.

القارئ

باب في النهي عن القتال في الفتنة

4268 - حدثنا أبو كامل، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، ويونس، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، قال: خرجت وأنا أريد - يعني - في القتال، فلقيني أبو بكرة، فقال: ارجع، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار»، قال: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: «إنه أراد قتل صاحبه».

4269 - حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن أيوب، عن الحسن، بإسناده، ومعناه مختصرًا.

 شرح الشيخ

قال أبو داود: لمحمد أخ ضعيف، يعني ابن المتوكل، يقال له: حسين, ما عندك هذا؟

الطالب: لا, ما عندي.

الشيخ: طيب الحديث هذا نص في الصحيح إيش قال؟

الطالب: صحيح أخرجه البخاري ومسلم في الفتن.

الشيخ: قال المنذري هنا: أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن الحسن وهو البصري والحديث صحيح, أبو بكرة قال للإمام الأحنف بن قيس, الأحنف بن قيس أين ذهب؟ كأنه ذهب لعلي, مع علي رضي الله عنه, يعني يروح يقاتل مع علي, قال أبو بكرة: ارجع فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار» يعني كأن أبو بكرة ما تبين له القتال بين الصّحابة, أبو بكرة من الذين اعتزلوا الفريقين, وظن أن القتال بين علي ومعاوية أنّه داخل في النهي, وأكثر الصّحابة جمهور الصّحابة عملوا بالآية, فهموا أن علي هو المصيب, عملاً بقوله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}[الحجرات/9].

أبو بكرة ما تبين له فأخذ بالحديث «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار» قال له: ارجع ما تشارك مع علي, النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قال: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه أراد قتل صاحبه».

وعلى هذا يقول القتال بين شخصين .. القتال لا يجوز القاتل والمقتول في النَّار, لكن إذا ترك القتال فإن تركه خوفًا من الله فكتب له حسنة, يقال: «اكتبوها له فإنه تركها من جرائي» وإن ترك إعراضًا عنه فلا له ولا عليه, وإن ترك قتله لعجزه فهو في النَّار, القاتل في النهاية كالمقتول, القاتل باشر أسباب القتل (...03:19:36) فهذا باشر, إذا ترك المعصية تركها عجزًا عنها عن قتل صاحبه فهو كتبت عليه سيئة, وإن تركها من أجل الله خوفًا من الله كتبت له حسنة, وإن تركها إعراضًا عنها لا لهذا ولا لهذا, لا له ولا عليه, فيكون الإنسان إذا أراد فعل المعصية ثمَّ تركها ما الحكم؟ له ثلاثة أحوال:

إن تركها خوفًا من الله كتبت له حسنة, قال: «اكتبوها له حسنة فإنه تركها من جرائي» في الحديث القدسي.

< >وإن تركها عجز وباشر أسبابها فهو في النَّار كما في هذا الحديث.وإن تركها إعراضًا عنها لا لهذا ولهذا فليس له ولا عليه.إذًا هنا أبو بكرة رضي الله عنه ما تبين له الصواب أنّه مع علي, ولذلك قال للأحنف ارجع لا تشارك, اقرأ باب النهي عن القتال في الفتنة.الطالب: (باب النهي عن القتال في الفتنة) (يعني في القتال) أي في الحرب التي وقعت بين علي رضي الله عنه ومن معه وعائشة رضي الله عنها ومن معها وفي بعض النسخ في قتال الجمل, والمراد به الحرب المذكورة سميت به؛ لأن عائشة رضي الله عنها كانت يومئذ على الجمل وفي بعض النسخ في قتال, وفي بعض النسخ هذا الرجل لأنصره, والمراد منه علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

 

(إذا تواجه المسلمان بسيفيهما) قال القسطلاني: أي ضرب كل واحد منهما وجه الآخر أي ذاته (فالقاتل والمقتول في النار) أي يستحقانه وقد يعفو الله عنهما أو ذلك محمول على من استحل ذلك (هذا القاتل) أي يستحق النار (فما بال المقتول) أي فما ذنبه حتى يدخلها (إنه أراد قتل صاحبه) وفي رواية البخاري إنه كان حريصًا على قتل صاحبه.

الشيخ: على كل حال من باب الوعيد هذا, لاشك أنه مرتكب كبيرة.

الطالب: قال القسطلاني: وبه استدل من قال بالمؤاخذة بالعزم وإن لم يقع الفعل وأجاب من لم يقل بذلك أن في هذا فعلاً وهو المواجهة بالسلاح ووقوع القتال, ولا يلزم من كون القاتل والمقتول في النار أن يكونا في مرتبة واحدة فالقاتل يعذب على القتال والقاتل, والمقتول يعذب على القتال فقط فلم يقع التعذيب على العزم المجرد انتهى.

الشيخ: على كل حال كما سبق التفصيل هذا, إذا ترك فعل المعصية إن تركها خوفًا من الله فتكون حسنة, وإن تركها عجزًا عنها وباشر أسبابها كتب عليه, وإن تركها إعراضًا عنها لا لهذا ولا لهذا فلا تكتب لا له ولا عليه.

القارئ

باب في تعظيم قتل المؤمن

4270 - حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني، حدثنا محمد بن شعيب، عن خالد بن دهقان، قال: كنا في غزوة القسطنطينية بذلقية، فأقبل رجل من أهل فلسطين من أشرافهم وخيارهم، يعرفون ذلك له، يقال له: هانئ بن كلثوم بن شريك الكناني، فسلم على عبد الله بن أبي زكريا، وكان يعرف له حقه، قال لنا خالد: فحدثنا عبد الله بن أبي زكريا، قال: سمعت أم الدرداء تقول: سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل ذنب عسى الله أن يغفره، إلا من مات مشركًا، أو مؤمن قتل مؤمنا متعمدًا».

4270 - فقال هانئ بن كلثوم: سمعت محمود بن الربيع، يحدث عن عبادة بن الصامت، أنه سمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «من قتل مؤمنًا فاعتبط بقتله، لم يقبل الله منه صرفًا، ولا عدلًا».

4270 - قال لنا خالد: ثم حدثني ابن أبي زكريا، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال المؤمن معنقًا صالحًا، ما لم يصب دمًا حرامًا، فإذا أصاب دمًا حرامًا بلح». وحدث هانئ بن كلثوم، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله سواء.

4271 - حدثنا عبد الرحمن بن عمرو، عن محمد بن مبارك، حدثنا صدقة بن خالد، أو غيره، قال: قال خالد بن دهقان، سألت يحيى بن يحيى الغساني، عن قوله: «اعتبط بقتله» قال: «الذين يقاتلون في الفتنة، فيقتل أحدهم، فيرى أنه على هدى، لا يستغفر الله يعني من ذلك» قال أبو داود: " فاعتبط: يصب دمه صبًا ".

 شرح الشيخ

يرى أنّه على الهدى, هذه من الفتنة, يرى أنّه على الهدى ولا يستغفر وهو قاتل, إيش قال عليه؟

الطالب: إسناداه صحيحان. محمد بن شعيب: هو ابن شابور, وأخرج الحديث الأول: أبو عبيد القاسم بن سلام في "الناسخ والمنسوخ"، وابن أبي عاصم في "الديات" ص، والبزار، وابن حبان، والطبراني في "الأوسط"، وفي "الشاميين" وأبو بكر الأسماعيلي في "معجم شيوخه" ترجمة، والحاكم، وابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" عند تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا}[النساء/92]. وأبو نعيم في "الحلية"، والبيهقي، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" من طريق خالد بن دهقان، بهذا الإسناد.
وأخرج الحديث الثاني: أبو عبيد القاسم، وابن أبي عاصم في "الديات"، والطبراني في "الشاميين"، وأبو عمرو الدانى في "السنن الواردة في الفتن" والبيهقي، وابن عساكر، والضياء المقدسي في "المختارة" وأخرج الحديث الثالث.

الشيخ: الثاني ولا الثالث؟

الطالب: الثالث, رواية الحديث الأول.

الشيخ: طيب الثالث عبد الرحمن بن عمرو، عن محمد بن مبارك, كلها صحيحة, كمل.

الطالب: وأخرج الحديث الثالث: ابن أبي عاصم في "الديات" والطبراني في "الأوسط"، وفي "الصغير"، وفي "الشاميين"، وأخرجه أيضًا البخاري في "تاريخه الكبير"، وابن أبي عاصم في "الديات" ، والطبراني في "الشاميين"، وأبو نعيم في "الحلية"، والبيهقي، والضياء في "المختارة" و من طريق خالد بن دهقان، عن هانئ بن كلثوم، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت. ووقع الخطأ أيضا في تسمية محمود بن الربيع عند بعضهم إلى: محمود بن ربيعة, وأخرج البزار الحديث الأول من طريق آخر ذكره ثم تكلم عن قوله فاعتبط.

الشيخ: ا لحديث الآن فيه أن من مشركًا لا يغفر له أو مؤمن قتل مؤمنًا متعمدًا هذا كله فيه أنه لا يغفر, لكن هذا دلت النصوص أنه تحت المشيئة, دون الشرك, فهذا فيه إشكال «كل ذنب عسى الله أن يغفره إلَّا من مات مشركًا أو مؤمنًا قتل مؤمنًا متعمدًا» فيه إشكال هذا لابُدّ من إجابة عنه.

الطالب: (...03:27:26)

الشيخ: يعني يحمل على من استحله؟ «فإذا أصاب دمًا حرامًا بلح» قال هنا: «اعتبط بقتله» قال: «الذين يقاتلون في الفتنة، فيقتل أحدهم، فيرى أنه على هدى، لا يستغفر الله يعني من ذلك» المقصود أن الحديث هذا فيه تعظيم قتل المؤمن, المشرك لا يغفر له, لكن المؤمن قال: القتل إما أن يحمل هذا على إيش؟ على أنّه استحله, طيب شوف كلام الشارح الآن.

الطالب: (في غزوة القسطنطينية) بضم القاف وزيادة ياء مشددة ويقال قسطنطينية بإسقاط ياء النسبة وقد يضم الطاء الأولى منهما كان اسمها بزنطية فنزلها قسطنطين الأكبر.

الشيخ: طيب تجاوز هنا.

الطالب: (عسى الله أن يغفره) أي ترجى مغفرته (إلا من مات مشركًا) أي إلا ذنب من مات مشركًا (أو مؤمن قتل مؤمنًا متعمدًا) قال العزيزي في شرح الجامع الصغير: هذا محمول على من استحل القتل أو على الزجر والتنفير إذا ما عد الشرك من الكبائر, ويجوز أن يغفر وإن مات صاحبه بلا توبة انتهى.

الشيخ: يعني قال العزيزي: يحمل على ما استحل القتل, هذا لا بأس, ويجوز أن يغفر إن مات صاحبه بلا توبة, نعم {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا}[النساء/116]. لكن على الزجر والتنفير فيه إشكال.

الطالب: (...03:29:36)

الشيخ: هذا من باب الوعيد, لاشك أنّه من باب الوعيد, لكن باب الوعيد فيه كونه أنّه لا يغفر هذا يخالف النص.

الطالب: (...03:29:48)

الشيخ: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}[النساء/93]. لكن الآية ما فيها تصريح أنها ما تقبل توبته, أنّه لا يغفر له, يعني يحمل على الزجر والتنفير على أنّه من باب الوعيد, لكن «كل ذنب عسى الله أن يغفره إلَّا» والآية: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}[النساء/93]. طيب يأتي الكلام عليه.

الطالب: واعلم أن هذا الحديث بظاهره يدل على أنه لا يغفر للمؤمن الذي قتل مؤمنًا متعمدًا وعليه يدل قوله تعالى (ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم) وهذا هو مذهب ابن عباس لكن جمهور السلف وجميع أهل السنة حملوا ما ورد من ذلك على التغليظ, وصححوا توبة القاتل كغيره وقالوا معنى قوله: {فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ} أي إن شاء أن يجازيه تمسكًا بقوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا}[النساء/116].

ومن الحجة في ذلك حديث الإسرائيلي الذي قتل تسعة وتسعين نفسًا ثم أتى تمام المائة إلى الراهب فقال: لا توبة لك فقتله فأكمل به مائة, ثم جاء آخر فقال له ومن يحول بينك وبين التوبة الحديث.

وإذا ثبت ذلك لمن قبل هذه الأمة فمثله لهم أولى لما خفف الله عنهم من الأثقال التي كانت على من قبلهم فاعتبط وفي بعض النسخ الموجودة فاغتبط بالغين المعجمة, قال العزيزي: بعين مهملة.

الشيخ: قتله ظلمًا لا من قصاص.

الطالب: أي قتله ظلما لا عن قصاص وقيل بمعجمة من الغبطة الفرح لأن القاتل يفرح بقتل عدوه انتهى.

وقال الخطابي: يريد أنه قتله ظلمًا لا عن قصاص يقال عبطت الناقة واعتبطتها إذا نحرتها من غير داء ولا آفة يكون بها.

وقال في النهاية: هكذا جاء الحديث في سنن أبي داود ثم جاء في آخر الحديث قال خالد بن دهقان وهو راوي الحديث سألت يحيى بن يحيى عن قوله: اعتبط بقتله قال الذين يقاتلون في الفتنة فيقتل أحدهم فيرى أنه على هدى فلا يستغفر الله.

قال: وهذا التفسير يدل على أنه من الغبطة بالغين المعجمة وهي الفرح والسرور وحسن الحال؛ لأن القاتل يفرح بقتل خصمه فإذا كان المقتول مؤمنا وفرح بقتله دخل في هذا الوعيد.

قال: وشرحه الخطابي على أنه من العين المهملة ولم يذكر قول خالد ولا تفسير يحيى (صرفًا ولا عدلًا) قال العلقمي أي نافلة ولا فريضة.

الشيخ: يعني من قتل لا يقبل منه صرفًا ولا عدلًا, هذا يدل على .. يعني ظاهره على كفره.

الطالب: وقيل غير ذلك (معنقًا) بصيغة اسم الفاعل من الإعناق أي خفيف الظهر سريع السير.

قال الخطابي: يريد خفيف الظهر يعنق مشيه أي يسير سير العنق والعنق ضرب من السير وسيع يقال أعنق الرجل في سيره فهو معنق وقال في النهاية: أي مسرعًا في طاعته منبسطًا في عمله وقيل أراد يوم القيامة انتهى. (بلح) بموحدة وتشديد اللام وحاء مهملة أي أعيى وانقطع قاله الخطابي.

وقال في النهاية: يقال: بلح الرجل إذا انقطع من الإعياء فلم يقدر أن يتحرك وقد أبلحه السير فانقطع به يريد وقوعه في الهلاك بإصابة الدم الحرام وقد يخفف اللام كذا في مرقاة الصعود.

الشيخ: قال يحيى أي يحيى في تفسيره: اغتبط بقتله الذين يقاتلون, هذا التفسير يدل على أنه من الغبطة كما قال في النهاية.

قوله: «لم يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا» يعني لا نافلة ولا فريضة, وهذا من باب الوعيد أو يحمل على المستحل, أو من باب الزجر والوعيد, أو أنه مجمل تفسره الأحاديث الأخرى, المقصود أن الأحاديث فيها تعظيم الفتنة.

القارئ

4272 - حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا حماد، أخبرنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبي الزناد، عن مجالد بن عوف، أن خارجة بن زيد، قال: سمعت زيد بن ثابت، في هذا المكان يقول: " أنزلت هذه الآية: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا}[النساء/93]. بعد التي في الفرقان {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ}[الفرقان/68]. بستة أشهر ".

 شرح الشيخ

إيش قال على تخريجه؟

الطالب: قال: أثر حسن، وهذا إسناد وهم فيه حماد وهو ابن سلمة إذ رواه عن عبد الرحمن بن إسحاق وهو المدني عن أبي الزناد، عن مجالد بن عوف وقيل في اسمه: عوف بن مجالد، عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه. وخالفه خالد بن عبد الله الواسطي الطحان، وهو أوثق من حماد، فرواه عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبي الزناد عن مجالد بن عوف، عن زيد بن ثابت.

فلم يذكر خارجة، وهذا هو الصحيح، لأن مجالد بن عوف حدث به أبا الزناد في مجلس خارجة بن زيد، وذكر مجالد أنه سمعه من زيد بن ثابت، فظن حماد أن خارجة حدث مجالدا به. وقد قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل": مجالد بن عوف الحضرمي سمع زيد بن ثابت.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"، والبيهقي، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة مجالد بن عوف من طريقين عن مسلم بن إبراهيم، بهذا الإسناد, وأخرجه البخاري في"تاريخه الكبير" من طريق أحمد بن يوسف السلمي، عن مسلم بن إبراهيم، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن أبي الزناد، به، فقال: محمد بن إسحاق بدل: عبد الرحمن بن إسحاق.

الشيخ: المقصد في الأول قال صحيح؟

الطالب: قال: أثر حسن.

الشيخ: فيه قال: نزلت هذه الآية, آية النساء بعد آية الفرقان, آية الفرقان فيها التوبة, فيها إلَّا من تاب {إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}[الفرقان/70]. آية النساء ليس فيها التوبة, يعني أنّه لا توبة له, هذا قول ابن عباس, أنزلت آية النساء بعد آية الفرقان, فيكون لا توبة للقاتل, هذا قول ابن عباس في أحد قوليه, والصواب أن القاتل له توبة, ليس هناك ذنب ليس له توبة, كل من تاب تاب الله عليه, الله عرض التوبة على المثلثة, {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ}[المائدة/73].

ولو أنزلت بعدها النصوص تدل على أن من تاب تاب الله عليه, آية الزمر {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}[الزمر/53]. يعني من تاب, من تاب من أي ذنب تاب الله عليه, حتى ولو كانت أنزلت بعدها, إيش قال هنا الشارح؟ هنا قال المنذري: وأخرجه النسائي وفي إسناده عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي الزناد وهو الملقب بعباد القرشي مولاهم, ويقال: ثقفي مدني نزل بالبصرة أخرج له مسلم عن الزهري واستشهد به البخاري وتكلم فيه غير واحد.

الطالب: (...03:37:49)

الشيخ: إن رجع الحمد لله, هذا طيب, وإن لم يرجع فالصواب أن له توبة, وأن يكون هذا اجتهاد منه.

الطالب: ذكر هنا السندي: قوله: (بعد التي في الفرقان ) أي فهي غير منسوخة بها؛ بل ناسخة لها أو يوفق بينهما بحمل هذه على القاتل المؤمن, وتلك على الذي قتل وهو كافر ثم آمن كما هو المروي عن ابن عباس, وكان يزعم أنه لا توبة للقاتل, لكن القتل ليس بأعظم من الشرك, والتوبة مشروعة للشرك فكيف القتل والله أعلم.

الشيخ: صحيح قوله على المؤمن القاتل ليس بظاهر.

القارئ

4273 - حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا جرير، عن منصور، عن سعيد بن جبير، أو حدثني الحكم، عن سعيد بن جبير، قال: سألت ابن عباس، فقال: " لما نزلت التي في الفرقان: {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ}[الفرقان/68]. قال مشركو أهل مكة: قد قتلنا النفس التي حرم الله، ودعونا مع الله إلها آخر، وأتينا الفواحش، فأنزل الله: {إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}[الفرقان/70], فهذه لأولئك "، قال: " وأما التي في النساء: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ}[النساء/93]. الآية "، قال: «الرجل إذا عرف شرائع الإسلام، ثم قتل مؤمنًا متعمدًا، فجزاؤه جهنم لا توبة له»، فذكرت هذا لمجاهد، فقال: «إلا من ندم».

4274 - حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، حدثني يعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في هذه القصة في "{وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}[الفرقان/68]. أهل الشرك، قال: ونزل{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ}[الزمر/53].

4275 - حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا}[النساء/93]، قال: «ما نسخها شيء».

4276 - حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا أبو شهاب، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز، في قوله: " {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ}[النساء/93]، قال: «هي جزاؤه، فإن شاء الله أن يتجاوز عنه فعل».

 شرح الشيخ

هذه الأحاديث كلها عن ابن عباس, ابن عباس رضي الله عنه له قول مشهور, لكن هل رجع عنه أو لم يرجع؟ حديث ابن عباس الأخير قال: آية الفرقان في أهل الشرك, وأما آية النساء فهي بعد الإسلام فلا توبة لها هذا على أحد القولين.

الطالب: شيخنا هنا ذكر ابن رسلان نقلاً عن القرطبي قال: ذهب المعتزلة إلى ما روي عن زيد بن ثابت وابن عباس وقالوا: الوعيد على قتل المؤمن متعمدًا نافذ حتمًا على كل قاتل, وجمعوا بين قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ}[النساء/48]. وبين هذه الآية بأن التقدير الآية يغفر ما دون ذلك لمن يشاء إلَّا من قتل مؤمنًا متعمدًا.

قال: وذهب جماعة من العلماء منه عبد الله بن عمر وهو مروي عن زيد بن ثابت وابن عباس إلى أن القاتل له توبة, روى يزيدبن هارون قال: أخبرنا أبو مالك الأشجعي عن سعد بن عبيدة قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: ألمن قتل مؤمنًا متعمدًا توبة؟ قال: لا, إلَّا النَّار, قال: فلما ذهب جلساؤه: هكذا كنت تفتينا أن لمن قتل توبة مقبولة, قال: إني لأحسبه رجلاً مغضبًا يريد أن يقتل مؤمنًا, قال: فبعثوا في أثره فوجدوه كذلك, وهذا مذهب أهل السنة وأن هذه الآية مخصوصة كما سيأتي.

الشيخ: نعم, روي عن ابن عباس أنّه قال لرجل لما سأله أنّه لا توبة له؛ لأنّه رآه متحيز للقتل, وجاء آخر فقال: له توبة؛ لأنّه جاء تائبًا نادمًا, انظر كلام الشارح إيش قال عليه؟

الطالب: (فهذه لأولئك إلخ) مقصود بن عباس رضي الله عنه أن الآية التي في الفرقان نزلت في أهل الشرك والآية التي في النساء نزلت في أهل الإسلام الذين علموا أحكام الإسلام وتحريم القتل فجعل رضي الله عنه محل الآيتين مختلفًا.

وفي رواية للبخاري فقال: أي بن عباس هذه مكية أراه نسختها آية مدنية التي في سورة النساء, فمن هذه الرواية يظهران محل الآيتين عند ابن عباس واحد.

قال الحافظ في الفتح: إن بن عباس كان تارة يجعل الآيتين في محل واحد فلذلك يجزم بنسخ إحداهما, وتارة يجعل محلهما مختلفًا, ويمكن الجمع بين كلاميه بأن عموم التي في الفرقان خص منها مباشرة المؤمن القتل متعمدًا, وكثير من السلف يطلقون النسخ على التخصيص, وهذا أولى من حمل كلامه على التناقض وأولى من دعوى أنه قال بالنسخ ثم رجع عنه انتهى.

(فلا توبة له) قال النووي: هذا هو المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما وروي عنه أن له توبة وجواز المغفرة له لقوله تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا}[النساء/110]. وهذه الرواية الثانية هي مذهب جميع أهل السنة والصحابة والتابعين ومن بعدهم وما روي عن بعض السلف مما يخالف هذا محمول على التغليظ والتحذير من القتل, وليس في هذه الآية التي احتج بها بن عباس تصريح بأنه يخلد وإنما فيها أنه جزاؤه ولا يلزم منه أن يجازى انتهى. (فقال إلا من ندم) أي فإن له توبة.

الشيخ: في الحديث الأخير عن أبي مجلز إيش قال عليه؟

الطالب: قال: إلى هذا التأويل ذهب جمهور السلف.

الشيخ: تكلم عليه الأثر الأخير؟ الحديث سكت عنه المنذري.

الطالب: قال: رجاله ثقات أبو مجلز هو لاحق بن حميد السدوسي وسليمان التيمي هو ابن طرخان وأبو شهاب هو عبد ربه ابن نافع الحناط, وأخرجه الطبراني والبيهقي في السنن وفي شعب الإيمان من طريق سليمان التيمي به.

الشيخ: قال هي جزاؤه.

الطالب: (قال هي جزاؤه إلخ) إلى هذا التأويل ذهب جمهور السلف والخلف غير بن عباس رضي الله عنه في المشهور عنه, كما تقدم والحديث سكت عنه المنذري (عن أبي مجلز) بكسر الميم وسكون الجيم وبعد اللام المفتوحة زاي قاله المنذري.

القارئ

باب ما يرجى في القتل

4277 - حدثنا مسدد، حدثنا أبو الأحوص سلام بن سليم، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن سعيد بن زيد، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر فتنة، فعظم أمرها، فقلنا: - أو قالوا: - يا رسول الله، لئن أدركتنا هذه لتهلكنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلا، إن بحسبكم القتل»، قال سعيد: «فرأيت إخواني قتلوا».

4278 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا كثير بن هشام، حدثنا المسعودي، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمتي هذه أمة مرحومة، ليس عليها عذاب في الآخرة، عذابها في الدنيا الفتن، والزلازل، والقتل».

 شرح الشيخ

آخر كتاب الفتن, إيش قال على الحديث الأول؟

الطالب: صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فإن هلال بن يساف لم يسمعه من سعيد بن زيد، بينهما فيه رجلان، جاء ذكرهما في رواية سفيان الثوري الآتي ذكرها، أحدهما مبهم، وقال البخاري في "تاريخه الكبير" عن هذا الحديث: لم يصح. منصور: هو ابن المعتمر.

الشيخ: قال صحيح لغيره؟

الطالب: نعم قال صحيح لغيره.

الشيخ: قال: «كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر فتنة، فعظم أمرها، فقلنا: - أو قالوا: - يا رسول الله، لئن أدركتنا هذه لتهلكنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا، إن بحسبكم القتل، قال سعيد: فرأيت إخواني قتلوا» كلام الشارح, قوله: لتهلكنا من الإهلاك.

الطالب: (فقلنا أو قالوا) شك من الراوي (هذه) أي هذه الفتنة (لتهلكنا من الإهلاك) أي تهلك تلك الفتنة دنيانا وعاقبتنا (إن بحسبكم القتل) قال السيوطي في مرقاة الصعود: هذا بزيادة الباء في المبتدأ عند النحاة, قالوا لا يحفظ زيادة الباء في المبتدأ إلا في بحسبك زيد أي حسبك ومثله قوله بحسبك أن تفعل الخيرات.

الشيخ: هذه فائدة نحوية الباء لا تزاد إلا في الابتداء إلا في بحسبك زيد, ومثله قوله بحسبك أن تفعل الخيرات.

الطالب: قال ابن يعيش: ومعناه حسبك فعل الخير والجار والمجرور في موضع رفع في الابتداء, قال: ولا يعلم مبتدأ دخل عليه حرف الجر في الإيجاب غير هذا الحرف انتهى.

وعلى هذا ها هنا هو اسم إن والقتل مرفوع خبرها انتهى كلام السيوطي, ومعنى هذه الجملة أن هذه الفتنة لو أدركتكم ليكفيكم فيها القتل أي كونكم مقتولين والضرر الذي يحصلكم منها ليس إلا القتل, وأما هلاك عاقبتكم فكلا؛ بل يرحم الله عليكم هناك ويغفر لكم هذا ظهر لي في معنى هذه الجملة والله تعالى أعلم.

الشيخ: إن بحسبك القتل يعني لو أدركتكم ليكفيكم فيها القتل أي كونكم مقتولين والضرر الذي يحصلكم منها ليس إلا القتل, وأما هلاك عاقبتكم فكلا؛ بل يرحم الله عليكم هناك ويغفر لكم.

قوله: ها هنا بحسبك إيش؟ بحسبك القتل؟

الطالب: نعم أحسن الله إليك, وعلى هذا ها هنا هو اسم إن والقتل مرفوع خبرها.

الشيخ: بحسب اسم إن والقتل مرفوع, بحسبكم القتل, بحسبكم هذا الخبر.

الطالب: (...03:50:43)

الشيخ: يعني الشارح استظهر أن المعنى بحسبك القتل يعني يكفيكم القتل ولا يحصل لكم ضرر إلا القتل, وأما عاقبتكم فلا يصبهم شيء, طيب الحديث الأخير إيش قال عليه حديث أبي موسى؟

الطالب: قال: إسناده ضعيف. المسعودي وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة اختلط، ثم إن فيه اضطرابًا بيناه في تعليقنا على "مسند أحمد" وقد أعل هذا الحديث شيخ الصنعة الإمام أبو عبد الله البخاري، فقال في "تاريخه الكبير" بعد أن أورد طرق هذا الحديث، وبين ما فيها من اضطراب: والخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشفاعة، وأن قومًا يعذبون ثم يخرجون أكثر وأبين وأشهر. وهذا يدلك على أنه رحمه الله أضاف إلى التعليل باضطراب الإسناد نقد المتن لما فيه من المخالفة للأحاديث الصحيحة التي تكاد تكون متواترة بأن ناسًا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يدخلون النار، ثم يخرجون منها بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال في "تاريخه الأوسط" عن طرق هذا الحديث: في أسانيدها نظر.

الشيخ: يعني الحديث ضعيف سندًا ومتنًا, إيش وجه نقد المتن؟ «عذابها في الدنيا الفتن، والزلازل، والقتل» يعني في الآخرة يدخلون النار ثم يخرجون منها؟ هل هذا داخل في الحديث, الحديث الكلام في الدنيا «ليس عليها عذاب في الآخرة، عذابها في الدنيا الفتن، والزلازل، والقتل» أعد كلام البخاري.

الطالب: وقد أعل هذا الحديث شيخ الصنعة الإمام أبو عبد الله البخاري، فقال في "تاريخه الكبير" بعد أن أورد طرق هذا الحديث، وبين ما فيها من اضطراب: والخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشفاعة، وأن قومًا يعذبون ثم يخرجون أكثر وأبين وأشهر. وهذا يدلك على أنه رحمه الله أضاف إلى التعليل باضطراب الإسناد نقد المتن لما فيه من المخالفة للأحاديث الصحيحة التي تكاد تكون متواترة بأن ناسًا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يدخلون النار، ثم يخرجون منها بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم.

الشيخ: «أمتي هذه مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة» طيب والأحاديث المتواترة أنه يدخل النار جملة من أهل المعاصي, عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل, إيش قال عليه في السند؟ فيها المسعودي قد اختلط, وفيها إيش؟

الطالب: (...03:54:25)

الشيخ: الألباني إيش قال؟

الطالب: صحيح.

الشيخ: صحيح؟ عجيب, الحديث سنده فيه المسعودي والمتن باطل مخالف للأحاديث الصحيحة بل المتواترة التي فيها أن العصاة يعذبون ويخرجون منها, قال: «أمتي مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل» هذا باطل سندًا ومتنًا, سندًا فيه المسعودي, ومتنًا؛ لأنه مخالف للأحاديث المتواترة التي دلت على أن العصاة يدخلون النار ويعذبون, إيش قال عليه الشارح, قوله: (هذه أمة مرحومة).

الطالب: قوله: (أمتي هذه) أي الموجودون الآن وهم قرنه أو أعم (أمة مرحومة) أي مخصوصة بمزيد الرحمة وإتمام النعمة أو بتخفيف الإصر والأثقال التي كانت على الأمم قبلها من قتل النفس في التوبة وإخراج ربع المال في الزكاة وقرض موضع النجاسة (ليس عليها عذاب في الآخرة) أي من عذب منهم لا تعذب.

الشيخ: الأمم السابقة إذا أصابتهم النجاسة يقرض موضع النجاسة بدل الغسل, وقتل النفس للتوبة في بني إسرائيل, لكن إخراج ربع المال في الزكاة, هل هذا في الأمم السابقة؟ هل جاء ما يدل على هذا أن الأمم السابقة يخرجوا ربع المال في الزكاة؟ هل جاء أحاديث في هذا؟ إخراج ربع المال في الزكاة هذا يحتاج .. طيب قوله: ليس عليها عذاب في الآخرة.

الطالب: أي من عذب منهم لا تعذب مثل عذاب الكفار قال المناوي: ومن زعم أن المراد لا عذاب عليها في عموم الأعضاء؛ لأن أعضاء الوضوء لا يمسها النار فتكلف مستغنى عنه.

الشيخ: وهنا قال: ليس عليه عذاب في الآخرة يتأول, قال المناوي: مثل عذاب الكفار, هذا تأويل.

الطالب: وقال صاحب فتح الودود: أي إن الغالب في حق هؤلاء المغفرة.

وقال القارىء في المرقاة: بل غالب عذابهم أنهم مجزيون بأعمالهم في الدنيا بالمحن والأمراض وأنواع البلايا كما حقق في قوله تعالى: {مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}[النساء/123]. انتهى.

(عذابها في الدنيا الفتن) أي الحروب الواقعة بينهم (والزلازل) أي الشدائد والأهوال (والقتل) أي قتل بعضهم بعضًا وعذاب الدنيا أخف من عذاب الآخرة.

قال المناوي: لأن شأن الأمم السابقة جار على منهاج العدل وأساس الربوبية, وشأن هذه الأمة ماش على منهج الفضل وجود الإلهية.

قال القارىء: وقيل: الحديث خاص بجماعة لم تأت كبيرة ويمكن أن تكون الإشارة إلى جماعة خاصة من الأمة وهم المشاهدون من الصحابة أو المشيئة مقدرة لقوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء}[النساء/48].

وقال المظهر: هذا حديث مشكل؛ لأن مفهومه أن لا يعذب أحد من أمته صلى الله عليه وسلم سواء فيه من ارتكب الكبائر وغيره, فقد وردت الأحاديث بتعذيب مرتكب الكبيرة, اللهم إلا أن يأول بأن المراد بالأمة هنا من اقتدى به صلى الله عليه وسلم كما ينبغي ويمتثل بما أمر الله وينتهي عما نهاه.

وقال الطيبي رحمه الله: الحديث وارد في مدح أمته صلى الله عليه وسلم واختصاصهم من بين سائر الأمم بعناية الله تعالى ورحمته عليهم, وأنهم إن أصيبوا بمصيبة في الدنيا حتى الشوكة يشاكها أن الله يكفر بها في الآخرة ذنبًا من ذنوبهم, وليست هذه الخاصية لسائر الأمم, ويؤيده ذكر هذه وتعقيبها بقوله مرحومة, فإنه يدل على مزية تمييزهم بعناية الله تعالى ورحمته, والذهاب إلى المفهوم مهجور في مثل هذا المقام وهذه الرحمة هي المشار إليها بقوله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ}[الأعراف/156]. إلى قوله: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ}[الأعراف/157]. انتهى.

قال القارىء: ولا يخفى عليك أن هذا كله مما لا يدفع الإشكال؛ فإنه لا شك عند أرباب الحال أن رحمة هذه الأمة إنما هي على وجه الكمال, وإنما الكلام في أن هذا الحديث بظاهره يدل على أن أحدًا منهم لا يعذب في الآخرة, وقد تواترت الأحاديث في أن جماعة من هذه الأمة من أهل الكبائر يعذبون في النار ثم يخرجون, إما بالشفاعة وإما بعفو الملك الغفار, وهذا منطوق الحديث ومعناه المأخوذ من ألفاظه ومبناه وليس بمفهومه المتعارف المختلف في اعتباره حتى يصح, قوله: إن هذا المفهوم مهجور؛ بل المراد بمفهومه في كلام المظهر المعلوم في العبارة, ثم قول الطيبي رحمه الله وليست هذه الخاصية وهي كفارة الذنوب بالبلية لسائر الأمم يحتاج إلى دليل مثبت ولا عبرة بما فيهم من المفهوم من قوله: عذابها في الدنيا الفتن إلى آخره, فإنه قابل للتقييد بكون وقوع عذابها بها غالبًا انتهى.

الشيخ: كلام القارئ جيد, يعني إن هذا مخالف للنصوص, وكلام الشارح الذي سبق هذا بناء على صحة الحديث والحديث غير صحيح.

الطالب: قال المنذري: في إسناده المسعودي وهو عبد الرحمن بن عبد الله مسعود الهذلي الكوفي استشهد به البخاري وتكلم فيه غير واحد.

وقال العقيلي: تغير في آخر عمره في حديثه اضطراب.

وقال ابن حبان: البستي اختلط حديثه فلم يتميز فاستحق الترك. انتهى كلام المنذري.

والحديث أخرجه الحاكم وصححه وأقره الذهبي, وفي مقدمة الفتح عبد الرحمن الكوفي المسعودي مشهور من كبار المحدثين إلا أنه اختلط في آخر عمره, وقال أحمد: وغيره من سمع منه بالكوفة قبل أن يخرج إلى بغداد فسماعه صحيح انتهى والله أعلم.

الشيخ: عجيب أن الحاكم صححه وأقره الذهبي, كيف؟ يعني ما نظر إلى المتن, الصواب أن الحديث ضعيف لا يصح, متنه مخالف للأحاديث الصحيحة كما قال البخاري رحمه الله, على هذا الحديث لا يصح «عذابها في الدنيا الفتن، والزلازل، والقتل» وعذاب في الآخرة العصاة يعذبون, تواترت.

وفق الله الجميع لطاعته وثبت الله الجميع على الهدى.

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد