شعار الموقع

الدرس السابع عشر

00:00
00:00
تحميل
19

                                                      

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

القارئ

قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى في سننه:

أول كتاب المهدي

4279 - حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا مروان بن معاوية، عن إسماعيل يعني ابن أبي خالد، عن أبيه، عن جابر بن سمرة، قال: سمعت رسول الله r يقول: «لا يزال هذا الدين قائمًا حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلهم تجتمع عليه الأمة»، فسمعت كلامًا من النبي r لم أفهمه، قلت لأبي: ما يقول؟ قال: «كلهم من قريش».

شرح الشيخ

تخريجه؟.

الطالب: حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي خالد -والد إسماعيل- ولكنه متابع. كما في الطريقين التاليين وكما سيأتي في التخريج.

وأخرجه البخاري، ومسلم من طريق عبد الملك بن عمير، ومسلم من طريق حصين بن عبد الرحمن، ومسلم، والترمذي من طريق سماك بن حرب، والترمذي من طريق أبي بكر بن أبي موسى، أربعتهم عن جابر بن سمرة.

وهو في "مسند أحمد" و"صحيح ابن حبان"؛ وانظر تالييه.

وهذا الحديث يعارض في ظاهره حديث سفينة مولى رسول الله r: «خلافة النبوة ثلاثون سنة» الذي سيأتي عند المصنف, وذهب القاضي عياض فيما حكاه عنه النووي في "شرح مسلم" إلى أنه لا تعارض؛ لأن المراد في حديث: «الخلافة ثلاثون سنة» خلافة النبوة، وأن هذا لم يشترط في الاثني عشر, وبنحو قول القاضي هذا ما قاله ابن قيم الجوزية في "تهذيب السنن".

الشيخ: الحديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم من الطريق هذا, وله أيضًا طريق أخرى, اقرأ الطريق اللي بعدها, اقرأ اللي بعده.

القارئ

4280 - حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، حدثنا داود، عن عامر، عن جابر بن سمرة، قال: سمعت رسول الله r يقول: «لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر خليفة» قال: فكبر الناس وضجوا، ثم قال كلمة خفيفة، قلت لأبي: يا أبت، ما قال؟ قال: «كلهم من قريش».

4281 - حدثنا ابن نفيل، حدثنا زهير، حدثنا زياد بن خيثمة، حدثنا الأسود بن سعيد الهمداني، عن جابر بن سمرة، بهذا الحديث زاد فلما رجع إلى منزله أتته قريش، فقالوا: ثم يكون ماذا؟ قال: «ثم يكون الهرج».

شرح الشيخ

إذًا الحديث صحيح ولا منافاة بينه وبين حديث «خلافة النبوة ثلاثون سنة» ذكر الحاشية ونقل كلام ابن القيم رحمه حديث «الخلافة بعدي ثلاثون سنة» وحديث «اثنا عشر خليفة» ثم قال: ثم قال فإن قيل فكيف الجمع قيل لا تعارض بين الحديثين فإن الخلافة المقدرة بثلاثين سنة هي خلافة النبوة كما في حديث أبي بكرة ووزن النبي r بأبي بكر ورجحانه وسيأتي وفيه فقال النبي r خلافة نبوة, ثم يؤتي الله الملك من يشاء وأما الخلفاء الاثنا عشر فلم يقل في خلافتهم إنما خلافة نبوة.

ولكن أطلق عليهم اسم الخلفاء وهو مشترك واختص الأئمة الراشدون منهم بخصيصة في الخلافة وهي خلافة النبوة وهي المقدرة بثلاثين سنة خلافة الصديق سنتين وثلاثة أشهر واثنتين وعشرين يومًا, وخلافة عمر بن الخطاب عشر سنين وستة أشهر وأربع ليال, وخلافة عثمان اثنتي عشر سنة إلا اثني عشر يومًا وخلافة علي خمس سنين وثلاثة أشهر إلا أربعة عشر يومًا وقُتل علي سنة أربعين فهذه خلافة النبوة ثلاثون سنة.

وأما الخلفاء اثنا عشر فقد قال جماعة منهم أبو حاتم بن حبان وغيره: إن آخرهم عمر بن عبد العزيز فذكروا الخلفاء الأربعة ثم معاوية ثم يزيد ابنه ثم معاوية بن يزيد ثم مروان بن الحكم ثم عبد الملك ابنه ثم الوليد بن عبد الملك ثم سليمان بن عبد الملك ثم عمر بن عبد العزيز وكانت وفاته على رأس المائة, وهي القرن الفضل الذي هو خير القرون وكان الدين في هذا القرن في غاية العزة.

ثم وقع ما وقع والدليل على أن النبي r إنما أوقع عليهم اسم الخلافة بمعنى الملك في غير خلافة النبوة قوله في الحديث الصحيح من حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة t: «سيكون من بعدي خلفاء يعملون بما يقولون ويفعلون ما يؤمرون وسيكون من بعدهم خلفاء يعملون بما لا يقولون ويفعلون ما لا يؤمرون من أنكر بريء ومن أمسك سلم ولكن من رضي وتابع».

إذًا ابن القيم رحمه الله قال: لا تعارض بين هذه الأحاديث لا يزال هذا الدين قائمًا حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة» هذا مطلق, وحديث: «خلافة النبوة ثلاثون سنة» هي خلافة النبوة فلا تعارض بينهما.

أول كلام الشارح الشرح؟.

الطالب: واعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى بالمهدي ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره وأن عيسى عليه السلام ينزل من بعده فيقتل الدجال أو ينزل معه فيساعده على قتله ويأتم بالمهدي في صلاته.

وخرجوا أحاديث المهدي جماعة من الأئمة منهم أبو داود والترمذي وابن ماجه والبزار والحاكم والطبراني وأبو يعلى الموصلي وأسندوها إلى جماعة من الصحابة مثل علي وبن عباس وبن عمر وطلحة وعبد الله بن مسعود وأبي هريرة وأنس وأبي سعيد الخدري وأم حبيبة وأم سلمة وثوبان وقرة بن إياس وعلي الهلالي وعبد الله بن الحارث بن جزء رضي الله عنه وإسناد أحاديث هؤلاء بين صحيح وحسن وضعيف وقد بالغ الإمام المؤرخ عبد الرحمن بن خلدون المغربي في تاريخه في تضعيف أحاديث المهدي كلها فلم يصب بل أخطأ وما روي مرفوعًا من رواية محمد بن المنكدر عن جابر من كذب بالمهدي فقد كفر فموضوع والمتهم فيه أبو بكر الإسكاف, وربما تمسك المنكرون لشأن المهدي بما روي مرفوعًا أنه قال لا مهدي إلا عيسى بن مريم والحديث ضعفه البيهقي والحاكم وفيه أبان بن صالح وهو متروك الحديث والله أعلم.

الشيخ: إذًا أحاديث المهدي ثابتة فيها الصحيح وفيها الحسن وفيها الضعيف, فالصحيح والحسن يُحتج بهما والضعيف يكون يعني من باب المتابعة مُتابع, وحديث (لا مهدي إلا عيسى بن مريم) هذا أظن مَن تمسك به كما قال المؤلف مَن أنكر خروج المهدي, فقال: المهدي هو عيسى, وأظن الشيخ محمود له قول في هذا, والصواب: أن أحاديث المهدي ثابتة حتى بعضهم ادعى أنها تصل إلى حد التواتر لكن الصواب أن فيها الصحيح والضعيف وفيها الحسن فهي ثابتة, قوله «لا يزال هذا الدين قائمًا»؟.

الطالب: «لا يزال هذا الدين قائمًا» أي مستقيمًا سديدًا جاريًا على الصواب والحق «حتى يكون عليكم اثنا عشر» وفي الرواية الآتية (لا يزال هذا الدين عزيزًا إلى اثني عشر خليفة) ولفظ مسلم (لا يزال أمر الناس ماضيًا ما وليهم اثنا عشر رجلًا كلهم تجتمع عليه الأمة) المراد باجتماع الأمة عليه انقيادها له وإطاعته, قال بعض المحققين قد مضى منهم الخلفاء الأربعة ولا بد من تمام هذا العدد قبل قيام الساعة وقيل إنهم يكونون في زمان واحد يفترق الناس عليهم.

الشيخ: سبق كلام ابن القيم أنه عدهم وآخرهم عمر بن عبد العزيز.

الطالب: وقال التوربشتي السبيل في هذا الحديث وما يعتقبه في هذا المعنى أن يحمل على المقسطين منهم فإنهم هم المستحقون لاسم الخليفة على الحقيقة ولا يلزم أن يكونوا على الولاء وإن قدر أنهم على الولاء فإن المراد منه المسمون بها على المجاز كذا في المرقاة

وقال النووي في شرح مسلم قال القاضي قد توجه هنا سؤالان أحدهما أنه قد جاء في الحديث الآخر الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكًا وهذا مخالف لحديث اثني عشر خليفة فإنه لم يكن في ثلاثين سنة إلا الخلفاء الراشدون الأربعة والأشهر التي بويع فيها الحسن بن علي, قال: والجواب عن هذا أن المراد في حديث الخلافة ثلاثون سنة خلافة النبوة وقد جاء مفسرًا في بعض الروايات خلافة النبوة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكًا

ولم يشترط هذا في الاثني عشر والسؤال الثاني أنه قد ولي أكثر من هذا العدد, قال وهذا اعتراض باطل لأنه لم يقل لا يلي إلا اثنا عشر خليفة وإنما قال يلي وقد ولي هذا العدد ولا يضر كونه وجد بعدهم غيرهم؛ انتهى.

قال: هذا إن جعل المراد باللفظ كل وال ويحتمل أن يكون المراد مستحقي الخلافة العادلين وقد مضى منهم من علم ولا بد من تمام هذا العدد قبل قيام الساعة؛ انتهى.

وقال الشيخ الأجل ولي الله المحدث في قرة العينين في تفضيل الشيخين: وقد استشكل في حديث «لا يزال هذا الدين ظاهرًا إلى أن يبعث الله اثني عشر خليفة كلهم من قريش» ووجه الاستشكال أن هذا الحديث ناظر إلى مذهب الاثنا عشرية الذين أثبتوا اثني عشر إماما والأصل إن كلامه r بمنزلة القرآن يفسر بعضه بعضًا فقد ثبت من حديث عبد الله بن مسعود «تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين سنة أو ست وثلاثين سنة فإن يهلكوا فسبيل من قد هلك وإن يقم لهم دينهم يقم سبعين سنة مما مضى» وقد وقعت أغلاط كثيرة في بيان معنى هذا الحديث ونحن نقول ما فهمناه على وجه التحقيق أن ابتداء هذه المدة من ابتداء الجهاد في السنة الثانية من الهجرة ومعنى فإن يهلكوا ليس على سبيل الشك والترديد بل بيان أنها تقع وقائع عظيمة يرى نظرا إلى القرائن الظاهرة أن أمر الإسلام قد اضمحل وشوكة الإسلام وانتظام الجهاد قد انقطع ثم يُظهر الله تعالى ما ينتظم به أمر الخلافة والإسلام وإلى سبعين سنة لا يزال هذا الانتظام وقد وقع ما أخبر به النبي ففي سنة خمس وثلاثين من ابتداء الجهاد وقعت حادثة قتل ذي النورين وتفرق المسلمين.

وأيضًا في سنة ست وثلاثين وقعة الجمل وصفين وفي هذه الحوادث لما ظهر الفساد والتقاتل فيما بين المسلمين وجعل جهاد الكفار متروكًا ومهجورًا إلى حين علم نظرًا إلى القرائن الظاهرة أن الإسلام قد وهن واضمحل وكوكبه قد أفل.

الشيخ: ما بعده قوله أن المذكور ههنا الخلافة لا الإمامة؟.

الطالب: الأول أن المذكور ها هنا الخلافة لا الإمامة ولم يكن أكثر من هؤلاء اثني عشر خليفة بالاتفاق بين الفريقين, الثاني أن نسبتهم إلى قريش تدل على أن كلهم ليسوا من بني هاشم فإن العادة قد جرت على أن الجماعة لما فعلوا أمرا وكلهم من بطن واحد يسمونهم بذلك البطن ولما كانوا من بطون شتى يسمونهم بالقبيلة الفوقانية التي تجمعهم, الثالث أن القائلين باثني عشر أئمة لم يقولوا بظهور الدين بهم بل يزعمون أن الدين قد اختفى بعد وفاته والأئمة كانوا يعملون بالتقية وما استطاعوا على أن يظهروه حتى إن عليا رضي الله عنه لم يقدر على إظهار مذهبه ومشربه.

الرابع أن المفهوم من حرف إلى أن تقع فترة بعد ما ينقضي عصر اثني عشر خليفة وهم قائلون بظهور عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام وكمال الدين بعدهم فلا يستقيم معنى الغاية والمغيا كما لا يخفى, فالتحقيق في هذه المسألة أن يعتبروا بمعاوية وعبد الملك وبنيه الأربع وعمر بن عبد العزيز ووليد بن يزيد بن عبد الملك بعد الخلفاء الأربعة الراشدين, وقد نُقل عن الإمام مالك أن عبد الله بن الزبير أحق بالخلافة من مخالفيه, ولنا فيه نظر فإن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنه قد ذكرا عن النبي ما يدل على أن تسلط بن الزبير واستحلال الحرم به مصيبة من مصائب الأمة أخرج حديثهما أحمد عن قيس بن أبي حازم قال جاء بن الزبير إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في الغزو فقال عمر اجلس في بيتك فقد غزوت مع رسول الله r, قال فرد ذلك عليه فقال له عمر في الثالثة أو التي تليها: "اقعد في بيتك والله إني لأجد بطرف المدينة منك ومن أصحابك أن تخرجوا فتفسدوا على أصحاب محمدr".

الشيخ: الصفحة اللي بعدها آخر صفحة قوله عزيزًا في رواية لمسلم عزيزًا: منيعًا.

الطالب: (عزيزًا) وفي رواية لمسلم عزيزًا منيعًا, قال القاري: أي قويًا شديدًا أو مستقيمًا سديدًا (وضجوا) أي صاحوا والضج الصياح عند المكروه والمشقة والجزع (ثم قال) أي رسول الله r (كلمة خفيفة) وفي بعض النسخ خفية وهو الظاهر وفي رواية لمسلم بكلمة خفيت علي (قلت لأبي) أي سمرة رضي الله عنه (يا أبت) بكسر التاء وكان في الأصل يا أبي فأبدلت الياء بالتاء (ما قال) أي رسول الله (قال) أي أبي (كلهم) أي كل الخلفاء قال المنذري: وأخرجه مسلم.

الشيخ: ثم يكون ماذا؟.

الطالب: (ثم يكون ماذا) أي أي شيء يكون بعد الخلفاء الاثني عشر (الهرج) أي الفتنة والقتال, قال المنذري: وأخرجه مسلم والترمذي من حديث سماك بن حرب عن جابر بن سمرة.

الشيخ: على كل حال الحديث كما سبق صحيح وفيه أن الدين لا يزال مستقيم في خلافة هؤلاء الاثني عشر وآخرهم عمر بن عبد العزيز رحمه الله, قوله: «ثم يكون بعدي الهرج» يعني: الفتن والقتال وهذا حصل في أيام الدولة العباسية, «خلافة النبوة ثلاثون سنة» وهؤلاء يعني كانت النبوة في الخلفاء الراشدين فقط وآخرهم الستة أشهر التي تنازل فيها الحسن بن علي لمعاوية t, ثم يستمر بقية الخلفاء الاثني عشر ولا يزال الدين قائمًا مستقيمًا حتى انتهت هذه المدة إلى عمر بن عبد العزيز.

الطالب: (19:23)

الشيخ: الحديث فيه «كلهم تجتمع عليه الأمة»؟ الظاهر والواقع يؤيد هذا اجتمعت عليهم الأمة كلها, هؤلاء كلهم اجتمعت عليهم الأمة, الواقع يؤيدها, في أحد تكلم عليها؟ الشارح ما تكلم عليها؟ الألباني ذكر هذا؟ الحافظ ما تكلم عليها؟.

الطالب: قال ابن حجر: وهذا أحسن ما قيل في تأويل هذا الحديث ورجحه قوله r«كلهم يجتمع عليه الناس» والمراد: انقياد الناس لهم ولم يرد الحديث بمدحهم والثناء عليهم بالدين, وعلى هذا فإطلاق اسم الخلافة في هذا الحديث بالمعنى المجازي.

الشيخ: ظاهره أنه تجتمع عليهم الأمة وهو الواقع يؤيد هذا, الواقع اجتمعت عليهم الأمة موافق الحديث.

الطالب: ما كان في بعض المعارضات خاصة فترة يزيد والخروج على الحسن بن علي t؟.

الشيخ: نعم, لكن اجتمعت عليهم الأمة في النهاية ما استمر هذا.

القارئ

4282 - حدثنا مسدد، أن عمر بن عبيد، حدثهم، ح وحدثنا محمد بن العلاء، حدثنا أبو بكر يعني ابن عياش، ح وحدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن سفيان، ح وحدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا زائدة، ح وحدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثني عبيد الله بن موسى، عن فطر، المعنى واحد، كلهم عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، عن النبي rقال: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم» قال زائدة في حديثه: «لطول الله ذلك اليوم»، ثم اتفقوا «حتى يبعث فيه رجلا مني» أو «من أهل بيتي» يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي "زاد في حديث فطر: «يملأ الأرض قسطًا، وعدلًا كما ملئت ظلمًا وجورًا» وقال: في حديث سفيان: «لا تذهب، أو لا تنقضي، الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي» قال أبو داود: «لفظ عمر وأبي بكر بمعنى سفيان»

4283 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا الفضل بن دكين، حدثنا فطر، عن القاسم بن أبي بزة، عن أبي الطفيل، عن علي، رضي الله عنه، عن النبي rقال: «لو لم يبق من الدهر إلا يوم، لبعث اللهU  رجلًا من أهل بيتي، يملؤها عدلًا كما ملئت جورًا».

شرح الشيخ

إيش قال على الحديث الأول؟.

الطالب: صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم -وهو ابن أبي النجود- فهو صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. فطر: هو ابن خليفة، وزائدة: هو ابن قدامة، وسفيان: هو الثوري، ويحيى: هو ابن سعيد القطان.

وأخرجه الترمذي من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" إسناده حسن.

وهو في "مسند أحمد".

وفي الباب عن أبي هريرة عند الترمذي، وابن حبان، وإسناده حسن.

وعن أبي سعيد الخدري عند أحمد، وأبي يعلى، وابن حبان، والحاكم، وأبي نعيم في "الحلية" بلفظ: "لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلمًا وعدوانًا، ثم يخرج رجل من عترتي أو من أهل بيتي، من يملؤها قسطا وعدلا، ما ملئت ظلمًا وعدوانًا" هذا لفظ أحمد. وإسناده صحيح، وقال أبو نعيم: مشهور من حديث أبي الصديق عن أبي سعيد. قلنا: وسيأتي بعضه عند المصنف.

وعن علي بن أبي طالب، سيأتي عند المصنف بعده, وإسناده صحيح.

وعن ابن عباس عند ابن أبي شيبة وأبي عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"  قال: لا تمضي الأيام والليالي، حتى يلي منا أهل البيت فتى لم تلبسه الفتن، ولم يلبسها ... وإسناده صحيح. ومثله لا يقال من قبل الرأي.

وقد ذهب إلى تصحيح خروج المهدي الذي يؤمن به أهل السنة الجماعة من يعتد بقوله ويرجع إليه من محققي أهل العلم: فقد قال الحافظ أبو جعفر العقيلي في "الضعفاء" في ترجمة زياد بن بيان: وفي المهدي أحاديث صالحة الأسانيد أن النبي r قال: "يخرج مني رجل -ويقال: من أهل بيتي- يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي. فأما من ولد فاطمة ففي إسناده نظر كما قال البخاري. قلنا: يعني بذلك حديث زياد بن بيان الذي سيأتي عند المصنف برقم.

الشيخ: الحديث اللي بعده؟.

الطالب: إسناده صحيح. أبو الطفيل: هو عامر بن واثلة، وفطر: هو ابن خليفة، وهذا الأخير -وان رمي بالتشيع- لم يأت بما ينكر، وقد وافقه رواية ابن مسعود وغيره كما في الحديث السالف قبله. وقال العلامة العظيم آبادي: سنده حسن قوي.

وأخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد، والبزار وابن قانع في "معجم الصحابة"، وأبو عمرو الداني في "الفتن"، والبيهقي في "الاعتقاد"، والبغوي في "شرح السنة" من طريق فطر بن خليفة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد، والبيهقي في "الاعتقاد" من طريق فطر ابن خليفة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن علي بن أبي طالب. وحبيب ثقة أيضًا، فلا يضر هذا الاختلاف، لأن الحديث حيثما دار، دار على ثقة.

وأخرج عبد الرزاق في "مصنفه"، ومن طريقه أبو عمرو الداني، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي قال: "لتملأن الأرض ظلمًا وجورًا، حتى لا يقول أحد: الله الله، يُستعلق به، ثم لتملأن بعد ذلك قسطًا وعدلًا كما ملئت ظلمًا وجورًا، هكذا رواه موقوفا وإسناده صحيح ومثله لا يقال من قبل الرأي، وهذا يشد المرفوع الذي عند المصنف.

الشيخ: المقصود أن الحديث حديث صحيح وأن المهدي من أهل بيت النبي r يواطئ اسمه اسمه واسم أبيه اسم أبيه محمد بن عبد الله المهدي, اسمه يوافق اسم الرسول r وأبوه يوافق اسم أبيه محمد بن عبد الله المهدي وأنه يملئ الأرض عدلًا كما مُلئت جورًا, فهذا حديث حسن صحيح, كلام الشارح قال: واعلم أنه اُختلف في أن المهدي من بني الحسن أو من بني الحسين.

الطالب: واعلم أنه اختلف في أن المهدي من بني الحسن أو من بني الحسين.

قال القاري في المرقاة: ويمكن أن يكون جامعًا بين النسبتين الحسنين والأظهر أنه من جهة الأب حسني ومن جانب الأم حسيني قياسًا على ما وقع في ولدي إبراهيم وهما إسماعيل وإسحاق عليهم الصلاة والسلام حيث كان أنبياء بني إسرائيل كلهم من بني إسحاق وإنما نبئ من ذرية إسماعيل نبينا r, وقام مقام الكل ونعم العوض وصار خاتم الأنبياء فكذلك لما ظهرت أكثر الأئمة وأكابر الأمة من أولاد الحسين فناسب أن ينجبر الحسن بأن أعطي له ولد يكون خاتم الأولياء ويقوم مقام سائر الأصفياء, على أنه قد قيل لما نزل الحسن رضي الله عنه عن الخلافة الصورية كما ورد في منقبته في الأحاديث النبوية أعطي له لواء ولاية المرتبة القطبية فالمناسب أن يكون من جملتها النسبة المهدوية المقارنة للنبوة العيسوية واتفاقهما على إعلاء كلمة الملة النبوية وسيأتي في حديث أبي إسحاق عن علي رضي الله عنه ما هو صريح في هذا المعنى والله تعالى أعلم.

الشيخ: المرتبة القطبية, هذا فيه إشكال, وكذلك أيضًا النسبة المهدوية المقارنة للنبوة العيسوية, قوله: قلت حديث أبي إسحاق عن علي.

الطالب: قلت حديث أبي إسحاق عن علي رضي الله عنه يأتي عن قريب ولفظه قال علي رضي الله عنه ونظر إلى ابنه الحسن فقال إن ابني هذا سيد كما سماه النبي r وسيخرج من صلبه رجل إلى آخره, «يواطىء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي» فيكون محمد بن عبد الله وفيه رد على الشيعة حيث يقولون المهدي الموعود هو القائم المنتظر وهو محمد بن الحسن العسكري.

الشيخ: الشيعة عندهم المهدي خرافة, محمد بن حسن العسكري, أبوه مات عقيمًا ولم يولد له فجعلوا له ولد وأدخلوه السرداب, من خرافات الشيعة, المهدي المنتظر عندهم أبوه محمد بن العسكري مات عقيمًا ولم يولد له, فجعلوا له ولد وأدخلوه السرداب وهم في كل عام يأتون بدابة إما بغلة أو غيرها ويقفون على الباب على باب السرداب ويقولن: يا مولانا اخرج يا مولانا اخرج, خرافات؛ حتى إلى عهدٍ قريب وبعض العراقيين عندهم موجود هذا السرداب ويقفون آناء الليل وآناء النهار ولا يصلون, فقيل لهم: لمَ لا تصلون؟ قالوا: نخشى أن يخرج المهدي ونحن مشتغلون بالصلاة, هذا خرافة, المهدي عند الشيعة خرافة لا أصل له, دخل السرداب سنة مائتين وستين ولو خرج كم مضى عليه؟ ألف ومائتين سنة أو ألف وأربعمائة سنة ما خرج لو كان موجودًا.

ثم أيضًا أمر الأمة معطل حتى يخرج هذا المهدي ما في جهاد ولا كذا, خرافة لا أصل لها, أما المهدي عند أهل السنة فعلى هذا الحديث كما ترون أحاديث ثابتة, قوله يملأ الأرض؟. 

الطالب: (يملأ الأرض) استئناف مبين لحسبه كما أن ما قبله معين لنسبه أي يملأ وجه الأرض جميعا أو أرض العرب وما يتبعها والمراد أهلها (قسطا) بكسر القاف وتفسيره قوله (وعدلًا) أتى بهما تأكيدا (كما مُلئت) أي الأرض قبل ظهوره (لا تذهب) أي لا تفنى (أو لا تنقضي) شك من الراوي.

وقال الطيبي لم يذكر العجم وهم مرادون أيضا لأنه إذا ملك العرب واتفقت كلمتهم وكانوا يدًا واحدة قهروا سائر الأمم ويؤيده حديث أم سلمة؛ انتهى, وهذا الحديث يأتي في هذا الباب.

قال القاري: ويمكن أن يقال ذكر العرب لغلبتهم في زمنه أو لكونهم أشرف أو هو من باب الاكتفاء ومراده العرب والعجم كقوله تعالى:{سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ}[النحل/81] أي والبرد والأظهر أنه اقتصر على ذكر العرب لأنهم كلهم يطيعونه بخلاف العجم بمعنى ضد العرب فإنه قد يقع منهم خلاف في إطاعته والله تعالى أعلم.

الشيخ: الحديث الذي بعده؟.

القارئ

4284 - حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي، حدثنا أبو المليح الحسن بن عمر، عن زياد بن بيان، عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة، قالت: سمعت رسول الله r يقول: «المهدي من عترتي، من ولد فاطمة» قال عبد الله بن جعفر: وسمعت أبا المليح، «يثني على علي بن نفيل، ويذكر منه صلاحًا».

شرح الشيخ

إيش قال عليه؟.

الطالب: إسناده ضعيف لضعف زياد بن بيان. قال البخاري في "تاريخه الكبير": في إسناده نظر، ونقله العقيلي في "الضعفاء" عن البخاري وأقره عليه. وقال الذهبي في "المغني في الضعفاء": لم يصح خبره.

وقال المنذري في "اختصار السنن" بعد أن نقل كلام العقيلي: وقال غيره: وهو كلام معروف من كلام سعيد بن المسيب، والظاهر أن زياد بن بيان وهم في رفعه. قلنا: وهذا صحيح، فقد أخرجه من قول سعيد بن المسيب نعيم بن حماد في "الفتن"، وأبو عمرو الداني من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، قال: قلت لسعيد بن المسيب: المهدي حق؟ قال: حق ... قلت: ثم ممن؟ قال: من ولد فاطمة.

وأخرجه نعيم أيضًا عن عبد الرزاق وابن المبارك وابن ثور، عن معمر، عن قتادة، عن ابن المسيب يعني دون ذكر سعيد بن أبي عروبة. وقد سمع معمر من قتادة أيضا. فإسناد هذا الموقوف صحيح، وهذا أولى من حديث زياد بن بيان، والله تعالى أعلم.

وبهذا يتضح لك خطأ الشيخ الألباني رحمه الله إذ جود إسناده في "الضعيفة" عند الحديث, وأخرجه من حديث أم سلمة ابن ماجه من طريق أبي المليح الحسن بن عمر الرقي، بهذا الإسناد.

الشيخ: شوف كلام الشارح «المهدي من عترتي» قال الخطابي؟.

الطالب: (المهدي من عترتي) قال الخطابي العترة ولد الرجل لصلبه وقد يكون العترة أيضًا الأقرباء وبنو العمومة ومن قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه يوم السقيفة نحن عترة رسول الله انتهى.

وقال في النهاية عترة الرجل أخص أقاربه وعترة النبي بنو عبد المطلب وقيل قريش والمشهور المعروف أنهم الذين حرمت عليهم الزكاة انتهى (من ولد فاطمة) ضبط بفتح الواو واللام وبضم الواو وسكون اللام.

الشيخ: على كل حال سبق الحديث أن النبي r قال: «رجلٌ من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي» فهو من أهل بيت النبي r, وظاهره أنه من ولد الحسن كما سبق, على هذا فيكون الولد من عترتي من ولد فاطمة وإن كان لم يصح السند لكن الأحاديث الأخرى تشهد له وأنه من ولد الحسن أو الحسين كما سبق, تكلم عليه قال: جود إسناده الألباني لعله من أجل الشواهد من الأحاديث السابقة, إذا لم يصح يكون من ولد مَن؟ من الحسن أو الحسين والحسن والحسين أولاد فاطمة, فإن لم يصح اللفظ فالمعنى صحيح أو نقول: صحيح بشواهده, بشواهده من الأحاديث الأخرى التي سبقت.

هنا الشارح أطال في الأسانيد, قال الحافظ أبو أحمد بن عدي زياد بن بيان سمع علي بن النفيلي جد النفيلي في إسناده نظر, وقال والبخاري إنما أنكر من حديث زياد بن بيان هذا الحديث وهو معروف به.

الطالب: عماد الدين رجح أنه من ذرية الحسن.

قال الحافظ عماد الدين: الأحاديث دالة على أن المهدي يكون بعد دولة بني العباس وأنه يكون من أهل البيت من ذرية فاطمة من ولد الحسن لا الحسين كذا في "مرقاة الصعود".

الشيخ: إذا كانت تدل على هذا فيكون هذا شاهد لهذا الحديث «من عترتي» من ولد فاطمة, وإن لم يصح السند يكون يصح بشواهده, فيكون تصحيح الألباني وجيه في هذا أو تحسينه على الأقل, قال: والحديث حسن فيكون تحسين الألباني من أجل الشواهد, أما قول الشيخ حسين: أن الألباني أخطأ في هذا, هذا فيه نظر, ما منا إلا رادٌ ومردودٌ عليه, قد يكون الشيخ شعيب هو اللي أخطأ.

الطالب: (38:33)

الشيخ: لأن أولاده الذكور كلهم ماتوا صغار, وكذلك بناته.

الطالب: زينب كم كان عندها بنتها أمامة؟.

الشيخ: ماتت صغيرة, هل عاشت؟ ما في.

طيب الحديث اللي بعده؟.

على هذا «من عترتي» من ولد فاطمة صحيح بشواهده وهو من ولد فاطمة من ذرية الحسن.

القارئ

4285 - حدثنا سهل بن تمام بن بزيع، حدثنا عمران القطان، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله r: «المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا، كما ملئت جورًا وظلمًا، يملك سبع سنين».

شرح الشيخ

تخريجه؟.

الطالب: جيد بهذا اللفظ، سهل بن تمام بن بزيع -وإن كان ضعيفًا- متابع -وعمران القطان - وهو ابن داور- حسن الحديث، وقد روي حديثه هذا من وجه آخر حسن في المتابعات، سيأتي ذكره.

وذكر ابن الجوزي هذا الحديث في "العلل المتناهية" ثم قال: لا بأس به. وجود إسناده ابن قيم الجوزية في "المنار المنيف".

وصححه الحاكم، لكن تعقبه الذهبي بقوله: عمران ضعيف. قلنا: القول قول من قوى هذا الحديث، لأن عمران لم ينفرد به. أبو نضرة: هو المنذر ابن مالك بن قطعة.

وأخرجه الطبراني في "غريب الحديث" من طريق عفان بن مسلم، والحاكم من طريق عمرو بن عاصم الكلابي، كلاهما عن عمران القطان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد، وأبو يعلى، وابن حبان من طريق مطر بن طهمان الوراق، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري, وهذا إسناد حسن في المتابعات.

وأخرجه أحمد، وابن ماجه، والترمذي من طريق زيد بن الحواري العمي، عن أبي الصديق، عن أبي سعيد، رفعه: "يكون في أمتي المهدي، إن قصر فسبع، وإلا فتسع. فتنعم فيه أمتي نعمة لم ينعموا مثلها قط، تؤتي أكلها، ولا تدخر منهم شيئا، والمال يومئذ كدوس. فيقوم الرجل فيقول: يا مهدي أعطني، فيقول: خذ" وقال الترمذي: حديث حسن. وقد روي من غير وجه عن أبي سعيد، عن النبي r قلنا: زيد العمي ضعيف لكنه متابع.

فقد أخرج الحاكم من طريق سليمان بن عبيد السلمي، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري رفعه: "يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحًا، وتكثر الماشية وتعظم الأمة، يعيش سبعا أو ثمانيا" وإسناده صحيح.

الشيخ: على كل حال هذا من الشواهد «المهدي مني» يعني: من أهل بيتي, من شواهد الأحاديث السابقة, قوله: «المهدي مني» أي: من نسلي وذريتي فيكون شاهد للحديث السابق وأنه من ولد فاطمة.

الطالب: (المهدي مني) أي من نسلي وذريتي (أجلى الجبهة) قال في النهاية الجلا مقصورا انحسار مقدم الرأس من الشعر أو نصف الرأس أو هو دون الصلع والنعت أجلى وجلواء وجبهة جلواء واسعة وكذلك في القاموس فمعنى أجلى الجبهة منحسر الشعر من مقدم رأسه أو واسع الجبهة, قال القاري: وهو الموافق للمقام (أقنى الأنف) قال في النهاية القنافي الأنف طوله ودقة أرنبته مع حدب في وسطه يقال رجل وامرأة قنواء, قلت: للأرنبة طرف الأنف والحدب الارتفاع, قال القاري: والمراد أنه لم يكن أفطس فإنه مكروه الهيئة.

(ويملك سبع سنين) قال المناوي زاد في رواية أو تسع وفي أخرى يمده الله بثلاثة آلاف من الملائكة, قال المنذري: في إسناده عمران القطان وهو أبو العوام عمران بن داور القطان البصري استشهد به البخاري ووثقه عفان بن مسلم وأحسن عليه الثناء بن سعيد القطان وضعفه يحيى بن معين والنسائي؛ انتهى.

الشيخ: (يملك سبع سنين) وكان عمره لما رُفع ثلاث وثلاثين سنة فيكون الجميع أربعين كما سيأتي, يكون عمره أربعين سنة ثم يتوفاه الله, فهذا الحديث صحيح وشاهد للحديث السابق وأنه من ولد فاطمة وأنه يملأ الأرض عدلًا ويملك سبع سنين.

القارئ

4286 - حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن صالح أبي الخليل، عن صاحب له، عن أم سلمة، زوج النبي r، عن النبي r قال: «يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هاربًا إلى مكة، فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليه بعث من أهل الشام، فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة، فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام، وعصائب أهل العراق، فيبايعونه بين الركن والمقام، ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب، فيبعث إليهم بعثًا، فيظهرون عليهم، وذلك بعث كلب، والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب، فيقسم المال، ويعمل في الناس بسنة نبيهم r، ويلقي الإسلام بجرانه في الأرض، فيلبث سبع سنين، ثم يُتوفى ويصلي عليه المسلمون» قال أبو داود: قال بعضهم عن هشام: «تسع سنين»، وقال بعضهم: «سبع سنين».

4287 - حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا عبد الصمد، عن همام، عن قتادة، بهذا الحديث وقال: «تسع سنين» قال أبو داود: وقال غير معاذ، عن هشام: «تسع سنين».

4288 - حدثنا ابن المثنى، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا أبو العوام، حدثنا قتادة، عن أبي الخليل، عن عبد الله بن الحارث، عن أم سلمة، عن النبي r بهذا الحديث وحديث معاذ أتم.

4289 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عبيد الله ابن القبطية، عن أم سلمة، عن النبي r، بقصة جيش الخسف، قلت: يا رسول الله فكيف بمن كان كارها؟ قال: «يُخسف بهم، ولكن يبعث يوم القيامة على نيته».

شرح الشيخ

إيش قال على الحديث الأول؟.

الطالب: إسناده ضعيف لإبهام صاحب أبي الخليل، وقد جاء ذكره في رواية عمران ابن داود القطان في الرواية الآتية عن قتادة، فقال: عن عبد الله بن الحارث ابن نوفل وهو ثقة مشهور، ويقال: له رؤية, وعمران القطان حسن الحديث إذا لم ينفرد أو يأت بما ينكر، وقد خالفه في هذا الإسناد هشام الدستوائي في هذه الرواية وهمام بن يحيى العوذي كما في الرواية التالية، وهما ثقتان حافظان، فلم يبينا الرجل المبهم الراوي عن أم سلمة، ولهذا لما ذكر الحاكم هذا الحديث علق عليه الحافظ الذهبي بقوله: أبو العوام عمران ضعفه غير واحد وكان خارجيًا.

هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، وصالح أبو الخليل: هو ابن أبي مريم.

وأخرجه أحمد عن عبد الصمد بن عبد الوارث وحرمي بن عمارة، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" عن وهب بن جرير بن حازم، ثلاثتهم عن هشام الدستوائي، به.

وأخرجه أبو يعلى وعنه ابن حبان عن أبي هشام الرفاعي محمد ابن يزيد ابن رفاعة، عن وهب بن جرير بن حازم، عن هشام الدستوائي. عن قتادة، عن صالح أبي الخليل، عن صاحب له -وربما قال صالح: عن مجاهد- عن أم سلمة, هذا عند أبي يعلى، وعند ابن حبان جزم بأنه مجاهد. وأبو هشام الرفاعي ضعيف جدا واتهمه بعضهم بالسرقة، وخالفه إسحاق بن راهويه كما سلف قريبا فلم يذكر مجاهدا.

وأخرجه ابن أبي شيبة ، والطبراني في "الكبير"، وفي "الأوسط"، والحاكم من طريق عمران بن داور القطان، عن قتادة، عن صالح أبي الخليل، عن عبد الله بن الحارث، عن أم سلمة. وسيأتي عند المصنف.

ورواه معمر بن راشد، عن قتادة، واختلف عنه اختلافًا شديدًا كما بيناه في "مسند أحمد" وذلك لما قاله معمر نفسه: جلست إلى قتادة وأنا صغير، فلم أحفظ أسانيده. نقله ابن أبي خيثمة في "تاريخه" عن ابن معين، عن معمر.

الشيخ: إيش قال الخلاصة, حكم عليه بإيش؟.

الطالب: خلاصته ما ذكر في أوله إبهام أبي الخليل ضعيف.

الشيخ: حديث أم سلمة اللي بعده؟.

الطالب: إسناده ضعيف كسابقه.

والذي بعده أيضًا قال: إسناده ضعيف, أبو العوام -وهو عمران بن داور القطان- تفرد في هذا الإسناد بذكر عبد الله بن الحارث -وهو ابن نوفل- وهو ثقة مشهور.

اللي بعده: إسناده صحيح, جرير: هو ابن عبد الحميد.

وأخرجه مسلم من طريق جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه ، والترمذي من طريق سفيان بن عيينة، عن محمد بن سوقة، عن نافع بن جبير، عن أم سلمة, وأخرجه البخاري من طريق إسماعيل بن زكريا، عن محمد بن سوقة، عن نافع بن جبير، عن عائشة.

الشيخ: إذًا الإشكال في الحديث الأول ما هو؟ بيان قصة الخسف بالجيش هذا ثابت, والإشكال في إيش؟.

الطالب: الإشكال في إبهام صاحب أبي الخليل وحتى لو سمي في الطريق الأخرى فقد خُولف.

الشيخ: هذا ليس في عهد أم سلمة, وكذلك أيضًا فيه أنه يُبعث من الشام, أما حديث الخسف هذا ثابت, وكذلك أبدال الشام هذا اللي فيه ضعف, وإنشاء رجل من قريش أخواله كلب ويبعث إليه بعثًا فيظهرون عليهم هذا اللي فيه إشكال, أما قصة خسف الجيش؟ تكملة حديث أم سلمة؟.

القارئ

4290 - قال أبو داود: حُدثت عن هارون بن المغيرة، قال: حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن شعيب بن خالد، عن أبي إسحاق، قال: قال علي رضي الله عنه، ونظر إلى ابنه الحسن، فقال: «إن ابني هذا سيد كما سماه النبي r، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم، يشبهه في الخُلق، ولا يشبهه في الخَلق - ثم ذكر قصة - يملأ الأرض عدلًا».

شرح الشيخ

الأول حديث أم سلمة قال المنذري: أخرجه مسلم, وهذا قال: (حُدثت) فيه إبهام.

الطالب: قال إسناده ضعيف لإبهام شيخ أبي داود فيه.

الشيخ: قال هي إشارة إلى تخصيص الحسن لئلا يُتوهم أن المراد هو الحسين, «إن ابني هذا سيد كما سماه النبي r، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم، يشبهه في الخُلق، ولا يشبهه في الخَلق» لكن الحديث فيه إبهام, بعده؟.

القارئ

4290 - وقال هارون: حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن مطرف بن طريف، عن أبي الحسن، عن هلال بن عمرو، قال: سمعت عليا رضي الله عنه يقول: قال النبي r: «يخرج رجل من وراء النهر يقال له الحارث بن حراث، على مقدمته رجل يقال له: منصور، يوطئ - أو يمكن- لآل محمد، كما مكنت قريش لرسول الله r، وجب على كل مؤمن نصره» أو قال: «إجابته».

شرح الشيخ

(قال هارون) معلق هذا؟ إيش قال عليه؟.

الطالب: إسناده ضعيف لإبهام شيخ أبي داود.

الشيخ: على كل حال القاعدة هذه ما هي مطردة, أما قصة الجيش ما فيها إشكال لكن الحديث السابق فيه إشكال في صحته في عصائب أهل العراق, وكذلك حكم عليه بالضعف, الألباني تكلم عليه الحديث السابق؟.

الطالب: ضعيف عنده.

الشيخ: نعم, يأتي أبدال الشام وعصائب أهل العراق, (ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب، فيبعث إليهم بعثًا فيظهرون عليه) كل هذا فيه ضعف.

الطالب: (54:18)

الشيخ: اقرأ, يكون أي يقع اختلاف.

الطالب: (يكون) أي يقع (اختلاف) أي في ما بين أهل الحل والعقد (عند موت خليفة) أي حكمية وهي الحكومة السلطانية بالغلبة التسليطية (فيخرج رجل من أهل المدينة) أي كراهية لأخذ منصب الإمارة أو خوفًا من الفتنة الواقعة فيها وهي المدينة المعطرة أو المدينة التي فيها الخليفة (هاربًا إلى مكة) لأنها مأمن كل من التجأ إليها ومعبد كل من سكن فيها.

قال الطيبي رحمه الله: وهو المهدي بدليل إيراد هذا الحديث أبو داود في باب المهدي (فيأتيه ناس من أهل مكة) أي بعد ظهور أمره ومعرفة نور قدره (فيخرجونه) أي من بيته (وهو كاره) إما بلية الإمارة وإما خشية الفتنة والجملة حالية معترضة (بين الركن) أي الحجر الأسود (والمقام) أي مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام (ويبعث) بصيغة المجهول أي يرسل إلى حربه وقتاله مع أنه من أولاد سيد الأنام وأقام في بلد الله الحرام (بعث) أي جيش (من الشام) وفي بعض النسخ من أهل الشام (بهم) أي بالجيش (بالبيداء) بفتح الموحدة وسكون التحتية, قال التوربشتي رحمه الله: هي أرض ملساء بين الحرمين.

وقال في المجمع: اسم موضع بين مكة والمدينة وهو أكثر ما يراد بها, (فإذا رأى الناس ذلك) أي ما ذكر من خرق العادة وما جعل للمهدي من العلامة (أتاه أبدال الشام) جمع بدل بفتحتين قال في النهاية هم الأولياء والعباد الواحد بدل سموا بذلك لأنهم كلما مات منهم واحدا بدل بآخر قال السيوطي في مرقاة الصعود لم يرد في الكتب الستة ذكر الأبدال إلا في هذا الحديث عند أبي داود وقد أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه وورد فيهم أحاديث كثيرة خارج الستة جمعتها في مؤلف؛ انتهى.

قلت: إنا نذكر ها هنا بعض الأحاديث الواردة في شأن الأبدال تتميما للفائدة فمنها ما رواه أحمد في مسنده عن عبادة بن الصامت مرفوعًا «الأبدال في هذه الأمة ثلاثون رجلا قلوبهم على قلب إبراهيم خليل الرحمن كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلًا» أورده السيوطي في الجامع الصغير, وقال العزيزي والمناوي في شرحه بإسناد صحيح ومنها ما رواه عبادة بن الصامت «الأبدال في أمتي ثلاثون بهم تقوم الأرض وبهم تمطرون وبهم تنصرون» رواه الطبراني في الكبير أورده السيوطي في الكتاب المذكور.

وقال العزيزي والمناوي بإسناد صحيح: ومنها ما رواه عوف بن مالك «الأبدال في أهل الشام وبهم ينصرون وبهم يرزقون» أخرجه الطبراني في الكبير, أورده السيوطي في الكتاب المذكور قال العزيزي والمناوي إسناده حسن ومنها ما رواه علي رضي الله عنه «الأبدال بالشام وهم أربعون رجلًا كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلًا يسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب» أخرجه أحمد, وقال العزيزي والمناوي: إسناده حسن.

قال المناوي: زاد في رواية الحكيم «لم يسبقوا الناس بكثرة صلاة ولا صوم ولا تسبيح ولكن بحسن الخُلق وصدق الورع وحسن النية وسلامة الصدر أولئك حزب الله» وقال لا ينافي خبر الأربعين خبر الثلاثين لأن الجملة أربعون رجلا فثلاثون على قلب إبراهيم وعشرة ليسوا كذلك ومنها ما ذكر أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء بإسناده عن بن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله r: «خيار أمتي في كل قرن خمسمائة والأبدال أربعون فلا الخمسمائة ينقصون ولا الأربعون كلما مات رجل أبدل الله عز وجل من الخمس مائة مكانه وأدخل في الأربعين وكأنهم قالوا يا رسول الله دلنا على أعمالهم قال يعفون عمن ظلمهم ويحسنون إلى من أساء إليهم ويتواسون في ما أتاهم الله عز وجل» أورده القاري في المرقاة ولم يذكر تمام إسناده.

واعلم أن العلماء ذكروا في وجه تسمية الأبدال وجوها متعددة وما يفهم من هذه الأحاديث من وجه التسمية هو المعتمد.

الشيخ: شيخ الإسلام رحمه الله كأنه ذكرهم في الواسطية قال: وفيه الأبدال, ظاهره أنه يصحح الأحاديث وأنه قد يكون طرقها يعني يشد بعضها بعضًا فتكون حسنة, الأبدال يعني العلماء الذي يخلف بعضهم بعضًا.

الطالب: عند المحقق كل الأحاديث هذه اللي استشهد بها قال: ضعيفة ومنكرة.

الشيخ: كلها فيها ضعف لكن ظاهر كلام شيخ الإسلام أنه يشد بعضها بعضًا, لكن هذا الحديث فيه ضعف هذا, قوله (وعصائب أهل العراق).

الطالب: (وعصائب أهل العراق) أي خيارهم من قولهم عصبة القوم خيارهم قاله القاري, وقال في النهاية: جمع عصابة وهم الجماعة من الناس من العشرة إلى الأربعين ولا واحد لها من لفظها ومنه حديث علي رضي الله عنه الأبدال بالشام والنجباء بمصر والعصائب بالعراق أراد أن التجمع للحروب يكون بالعراق وقيل أراد جماعة من الزهاد وسماهم بالعصائب لأنه قرنهم بالأبدال والنجباء؛ انتهى.

والمعنى أن الأبدال والعصائب يأتون المهدي (ثم ينشأ) أي يظهر (رجل من قريش) هذا هو الذي يخالف المهدي (أخواله) أي أخوال الرجل القرشي (كلب) فتكون أمه كلبية قال التوربشتي رحمه الله يريد أن أم القرشي تكون كلبية فينازع المهدي في أمره ويستعين عليه بأخواله من بني كلب (فيبعث) أي ذلك الرجل القرشي الكلبي (إليهم) أي المبايعين للمهدي (بعثًا) أي جيشًا (فيظهرون عليهم) أي فيغلب المبايعون على البعث الذي بعثه الرجل القرشي الكلبي (وذلك) أي البعث (بعث كلب) أي جيش كلب باعثه هوى نفس الكلبي (ويعمل) أي المهدي (في الناس بسنة نبيهم) فيصير جميع الناس عاملين بالحديث ومتبعيه (ويلقي) من الإلقاء (الإسلام بجرانه) بكسر الجيم ثم راء بعدها ألف ثم نون هو مقدم العنق.

قال في النهاية: الجران باطن العنق ومنه حديث عائشة رضي الله عنها "حتى ضرب الحق بجرانه" أي قر قراره واستقام كما أن البعير إذا برك واستراح مد عنقه على الأرض؛ انتهى.

الشيخ: الحديث هذا في صحته نظر في ذكر الأبدال والعصائب, أما قصة الخسف فهي ثابتة في الصحيح أنه يُخسف بهم لقوله: (فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه) ثم قصة الرجل المعارض, في صحته نظر, وأما الأبدال في الجملة المعنى صحيح, العلماء يخلف بعضهم بعضًا, وهذه الأمة جُعل العلماء فيها كمثابة بني إسرائيل, بنو إسرائيل تتابع فيهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي, وأما هذه الأمة فخُتمت بنبينا محمد r فكان العلماء يجددون للناس دينهم ويخلف بعضهم بعضًا فهم بمثابة أنبياء بني إسرائيل, لهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله في مدح أهل السنة والجماعة: فيهم الأبدال, وفيهم العباد, وهكذا.

لكن هذا الحديث في كونهم (إذا رآه الناس أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه ثم يعارضه رجل من قريش أخواله كلب) في صحته نظر, في كلام على تخريج هذه الزيادات؟.

 الطالب: هذا في جامع المسائل: وفي الجملة ليس هذا الاسم من الدين الذي يجب الاعتداء به ولا أصل له معتمد من كتاب الله تعالى ولا سنة رسوله r, ولا ينبغي تعلق القلب به ومن آثاره من الأمور المجهولة التي ليس لها أصل ثابت في العلم الثابت المرئي عن نبينا r.

الشيخ: يعني العلماء يكفي حديث «العلماء ورثة الأنبياء» أما كون التعلق بالأبدال وأنهم لهم صفة خاصة ولهم تميز خاص, لكن المقصود في هذا الحديث وكذلك العصائب, ما في زيادة تخريج على هذا؟ فيكون ضعيف على هذا, الزيادات هذه زيادة الأبدال والعصائب والرجل القرشي الذي أخواله من بني كلب هذه اللي فيها الإشكال, وأما الخسف بالجيش فهذا ثابت حديث أم سلمة أنه يُخسف بهم ثم يُبعثون على نياتهم, وجاء في حديث البخاري أنه يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض خُسف بهم, فقال: يا رسول الله كيف يُخسف بهم وفيهم سبقتهم وأتباعهم قال: «يُخسف بأولهم وآخرهم ثم يُبعثون على نياتهم».

الحديث الأخير هذا, قال هارون, تكلم على هارون؟ أيضًا هذا ضعيف, إيش قال عليه؟ قوله (وحُدثت) بصيغة المجهول.

الطالب: والحديث دليل صريح على أن المهدي من أولاد الحسن ويكون له انتساب من جهة الأم إلى الحسين جمعًا بين الأدلة وبه يبطل قول الشيعة إن المهدي هو محمد بن الحسن العسكري القائم المنتظر فإنه حسيني بالاتفاق؛ قاله القاري.

قال المنذري: هذا منقطع أبو إسحاق السبيعي رأى عليا عليه السلام رؤية.

الشيخ: يعني من جهة الأم هو حسيني ومن جهة الأب حسني, تكلم أيضًا كذلك, وقال بن خلدون: والحديث سكت عنه أبو داود وقال في موضع آخر في هارون هو من ولد الشيعة, وقال أبو داود: في عمرو بن قيس لا بأس به في حديثه خطأ, وقال الذهبي: صدوق له أوهام وأما أبو إسحاق السبيعي فروايته عن علي منقطعة, وأما السند الثاني: فأبو الحسن فيه وهلال بن عمرو مجهولان ولم يعرف أبو الحسن إلا من رواية مطرف بن طريف عنه؛ انتهى كلام بن خلدون.

على هذا ما يثبت, الحديث لا يثبت, قوله: (يخرج رجل) أي صالح (من وراء النهر).

الطالب: (يخرج رجل) أي صالح (من وراء النهر) أي مما وراءه من البلدان كبخارى وسمرقند ونحوهما (يقال له الحارث) اسم له وقوله (حراث) بتشديد الراء صفة له أي زراع؛ هكذا في أكثر النسخ وهو المعتمد وفي بعض النسخ الحارث بن حراث والله أعلم (على مقدمته) أي على مقدمة جيشه (يقال له منصور) الظاهر أنه اسم له (يوطىء أو يمكن) شك من الراوي الأول من التوطئة والثاني من التمكين.

قال القاري: أو هي بمعنى الواو أي يهيىء الأسباب بأمواله وخزائنه وسلاحه ويمكن أمر الخلافة ويقويها ويساعده بكسره (لآل محمد) أي لذريته وأهل بيته عموما وللمهدي خصوصًا أو لآل مقحم والمعنى لمحمد المهدي

قاله القاري.

قلت: كون لفظ الآل مقحمًا غير ظاهر بل الظاهر هو أن المراد بآل محمد ذريته وأهل بيته.

وقال في فتح الودود: أي يجعلهم في الأرض مكانًا وبسطًا في الأموال ونصرة على الأعداء, (كما مكنت قريش لرسول الله) قال القاري: والمراد من آمن منهم ودخل في التمكين أبو طالب أيضًا وإن لم يؤمن عند أهل السنة

وقال في فتح الودود أي في آخر الأمر وكذا قال الطيبي, (وجب على كل مؤمن نصره) أي نصر الحارث وهو الظاهر أو نصر المنصور وهو الأبلغ أو نصر من ذكر منهما أو نصر المهدي بقرينة المقام إذ وجوب نصرهما على أهل بلادهما ومن يمر بهما لكونهما من أنصار المهدي (أو قال إجابته) شك من الراوي والمعنى قبول دعوته والقيام بنصرته.

قال المنذري: وهذا منقطع قال فيه أبو داود قال هارون بن المغيرة وقال الحافظ أبو القاسم الدمشقي هلال بن عمرو وهو غير مشهور عن علي؛ انتهى.

الشيخ: وعلى هذا ما يثبت الحديث هذا ( يخرج رجل من وراء النهر يقال له الحارثة أو الحراث يقال له منصور) هذا ضعيف فلا يثبت هذا, هذا ما يثبت, وكذلك ما يثبت في الحديث السابق قصة الأبدال والعصائب, ورجل من قريش أخواله كلب, وما عدا ذلك فالأحاديث السابقة كلها صحيحة المهدي وأنه من ولد فاطمة, وأنه من آل البيت, وأنه يملأ الأرض عدلًا, وأنه يمكث سبع سنين, كل هذا ثابت في الأحاديث, وكذلك خلافة النبوة ثلاثون سنة, ولا يزال أمر هذا الدين ما ولي من الخلافة اثنا عشر خليفة, كل هذا ثابت بالأحاديث, يبقى الضعف في هذا في قصة الأبدال والعصائب, والرجل القرشي الذي أخواله من بني كلب, وكذلك الحديث الأخير هذا ضعيف ( يخرج رجل من وراء النهر).

القارئ

بسم الله الرحمن الرحيم:

أول كتاب الملاحم: باب ما يُذكر في قرن المائة

4291 - حدثنا سليمان بن داود المهري، قال: أخبرنا ابن وهب، أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن شراحيل بن يزيد المعافري، عن أبي علقمة، عن أبي هريرة، فيما أعلم، عن رسول الله r قال: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها».

شرح الشيخ

تخريجه؟.

الطالب: قال عفا الله عنك: إسناده صحيح، وقد احتج بهذا الحديث أحمد بن حنبل، فقال: إن الله يقيض للناس في رأس كل مئة من يعلمهم السنن وينفي عن رسول الله r الكذب.

وقد ذكره الحافظ في "توالي التأسيس" من طرق عن أحمد بن حنبل، ثم قال: وهذا يشعر بأن الحديث كان مشهورا في ذلك العصر، ففيه تقوية للسند المذكور، مع أنه قوي لثقة رجاله وصححه أيضا ملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" قلنا: أبو علقمة: هو الفارسي المصري سماه ابن عدي: مسلم بن بشار.

وهو في كتاب "الرجال" لابن وهب كما في "الكامل" لابن عدي، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الأوسط"، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء"، والحاكم، وأبو عمرو الداني في "الفتن"، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"، وفي "مناقب الشافعي"، والخطيب في "تاريخه"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ، وفي "تبيين كذب المفتري" والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة شراحيل بن يزيد المعافري، وفي ترجمة محمد بن إدريس الشافعي، وابن حجر في "توالي التأسيس لمعالي محمد بن إدريس".

وقال الطبراني: تفرد به ابن وهب، وقال ابن عدي: هذا الحديث لا أعلم يرويه غير ابن وهب عن سعيد بن أبي أيوب.

وقوله بإثر الحديث: رواه عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني لم يجز به شراحيل فسره المنذري في "مختصره" بقوله: يعني عضل الحديث. قلنا: يعني أسقط من إسناده أبا علقمة وأبا هريرة. غير أننا لم نجد هذه الطريق مسندة عند أحد.

الشيخ: يكفي, على كل حال الحديث صحيح ومشهور, قوله: (الملاحم) قال الشارح: جمع ملحمة وهي المقتلة أو هي الواقعة العظيمة, قال الشارح: والملحمة الحرب وموضع القتال مأخوذ من اشتباك الناس واختلافهم كاشتباك لحمة الثوب بالسدا وقيل مأخوذ من اللحم لكثرة القتل فيها, هذا سبق في الدرس الماضي, شوف كلام الشارح على «إن الله يبعث لهذه الأمة».

الطالب: (إن الله يبعث لهذه الأمة) أي أمة الإجابة ويحتمل أمة الدعوة قاله القاري (على رأس كل مائة سنة) أي انتهائه أو ابتدائه إذا قل العلم والسنة وكثر الجهل والبدعة؛ قاله القاري.

وقال المناوي في مقدمة فتح القدير: واُختلف في رأس المائة هل يعتبر من المولد النبوي أو البعثة أو الهجرة أو الوفاة ولو قيل بأقربية الثاني لم يبعد لكن صنيع السبكي وغيره مصرح بأن المراد الثالث؛ انتهى, (من يجدد) مفعول يبعث (لها) أي لهذه الأمة (دينها) أي يبين السنة من البدعة ويكثر العلم وينصر أهله ويكسر أهل البدعة ويذلهم

قالوا ولا يكون إلا عالمًا بالعلوم الدينية الظاهرة والباطنة؛ قاله المناوي في فتح القدير شرح الجامع الصغير.

وقال العلقمي في شرحه: معنى التجديد إحياء ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة والأمر بمقتضاهما.

الشيخ: ليس المراد أن يأتي بشيء من عنده إنما يجدد من اندرس, مثل العلماء المجددون شيخ الإسلام ابن تيمية, الإمام محمد بن عبد الوهاب, الإمام أحمد, كلهم يجددون ما اندرس من الكتاب والسنة.

الطالب: (تنبيه) اعلم أن المراد من رأس المائة أن يعلموا الناس دينهم, قال أحمد فكان في المائة الأولى عمر بن عبد العزيز وفي المائة الثانية الشافعي.

ومن طريق أبى سعيد الفريابي قال: قال أحمد بن حنبل: إن الله يقيض للناس في كل رأس مائة من يعلم الناس السنن وينفي عن النبي الكذب فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز وفي رأس المائتين الشافعي.

وبهذا الإسناد إلى أبي إسماعيل الهروي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن يزيد حدثنا أبو إسحاق القراب حدثنا أبو يحيى الساجي بني جعفر بن محمد بن ياسين ...

فإن قلت: الظاهر من رأس المائة من حيث اللغة هو أولها لا آخرها فكيف يراد آخرها قلت كلا بل جاء في اللغة رأس الشيء بمعنى آخره أيضًا, قال في تاج العروس رأس الشيء طرفه وقيل آخره؛ انتهى.

قلت: وعليه حديث بن عمر أريتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد أخرجه الشيخان فإنه لا مرية في أن المراد من رأس المائة في هذا الحديث هو آخر المائة, قال الحافظ في فتح الباري في تفسير رأس مائة سنة: أي عند انتهاء مائة سنة؛ انتهى.

وقال الطيبي: الرأس مجاز عن آخر السنة وتسميته رأسا باعتبار أنه مبدأ لسنة أخرى؛ انتهى.

وعليه حديث أنس بعثه الله على رأس أربعين سنة.

الشيخ: يعني النبي r.

الطالب: فأقام بمكة عشر سنين وبالمدينة عشر سنين وتوفاه الله على رأس ستين سنة, الحديث أخرجه الترمذي في الشمائل, قال في مجمع البحار: توفاه على رأس ستين أي آخره ورأس آية آخرها.

الشيخ: أطال فيها, على كل حال الظاهر أن رأس مائة يعني آخرها, هذا هو الظاهر, شوف الصفحة اللي بعدها.

الطالب: (تنبيه آخر) قد عرفت مما سبق أن المراد من التجديد إحياء ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة والأمر بمقتضاهما وإماتة ما ظهر من البدع والمحدثات

قال في مجالس الأبرار والمراد من تجديد الدين للأمة إحياء ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة والأمر بمقتضاهما وقال فيه ولا يعلم ذلك المجدد إلا بغلبة الظن ممن عاصره من العلماء بقرائن أحواله والانتفاع بعلمه إذ المجدد للدين لا بد أن يكون عالما بالعلوم الدينية الظاهرة والباطنة قاصرًا للسنة قامعا للبدعة وأن يعم علمه أهل زمانه, وإنما كان التجديد على رأس كل مائة سنة لانخرام العلماء فيه غالبا واندراس السنن وظهور البدع فيحتاج حينئذ إلى تجديد الدين فيأتي الله تعالى من الخلق بعوض من السلف إما واحدًا أو متعددًا؛ انتهى.

وقال القاري في المرقاة: أي يبين السنة من البدعة ويكثر العلم ويعز أهله ويقمع البدعة ويكسر أهلها؛ انتهى.

فظهر أن المجدد لا يكون إلا من كان عالمًا بالعلوم الدينية ومع ذلك من كان عزمه وهمته آناء الليل والنهار إحياء السنن ونشرها ونصر صاحبها وإماتة البدع ومحدثات الأمور ومحوها كسر أهلها باللسان أو تصنيف الكتب والتدريس أو غير ذلك ومن لا يكون كذلك لا يكون مجددا البتة وإن كان عالمًا بالعلوم مشهورًا بين الناس مرجعًا لهم.

فالعجب كل العجب من صاحب جامع الأصول أنه عد أبا جعفر الإمامي الشيعي والمرتضى أخا الرضا الإمامي الشيعي من المجددين حيث قال الحديث إشارة إلى جماعة من الأكابر على رأس كل مائة ففي رأس الأولى عمر بن عبد العزيز إلى أن قال وعلى الثالثة تقتدر وأبو جعفر الطحاوي الحنفي وأبو جعفر الإمامي وأبو الحسن الأشعري والنسائي وعلى الرابعة القادر بالله وأبو حامد الإسفرائيني وأبو بكر محمد الخوارزمي الحنفي والمرتضى أخو الرضا الإمامي.

الشيخ: هنا إشكال يعني, صاحب جامع الأصول الشيعي هل هذا من المجددين, يُحتمل أنه شيعي, يصير عنده تشيع, على هذا يكون التجديد على رأس مائة سنة.

الطالب: وقال في فتح الباري: وهو (أي حمل الحديث على أكثر من واحد) متجه فإن اجتماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوع من أنواع الخير ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد إلا أن يدعى ذلك في عمر بن عبد العزيز فإنه كان القائم بالأمر على رأس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير وتقدمه فيها, ومن ثَم أطلق أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه وأما من جاء بعده فالشافعي وإن كان متصفًا بالصفات الجميلة إلا أنه لم يكن القائم بأمر الجهاد والحكم بالعدل فعلى هذا كل من كان متصفا بشيء من ذلك عند رأس المائة هو المراد سواء تعدد أم لا؛ انتهى.

تنبيه آخر: اعلم أنهم قد بينوا أسماء المجددين الماضين وقد صنف السيوطي في ذلك أرجوزة سماها (تحفة المهتدين بأخبار المجددين) فنحن نذكرها ها هنا وهذه هي الحمد لله العظيم المنة المانح الفضل لأهل السنة, ثم الصلاة والسلام نلتمس على نبي دينه لا يندرس لقد أتى في خبر مشتهر رواه كل حافظ معتبر بأنه في رأس كل مائة يبعث ربنا لهذي الأمة منا عليها عالمًا يجدد دين الهدى لأنه مجتهد فكان عند المائة الأولى عمر خليفة العدل بإجماع وقر والشافعي كان عند الثانية لما له من العلوم السامية وبن سريج ثالث الأئمة, والأشعري عده من أمه والباقلاني رابع أو سهل أو الاسفراني خلف قد حكوا والخامس الحبر هو الغزالي وعده ما فيه من جدال, والسادس الفخر الإمام الرازي والرافعي مثله يوازي, والسابع الراقي إلى المراقي بن دقيق العيد باتفاق, والثامن الحبر هو البلقيني أو حافظ الأنام زين الدين.

والشرط في ذلك أن تمضي المائة وهو على حياته بين الفئة يشار بالعلم إلى مقامه وينصر السنة في كلامه وأن يكون جامعًا لكل فن وأن يعم علمه أهل الزمن وأن يكون في حديث قد روي من أهل بيت المصطفى وقد قوي وكونه فردا هو المشهور قد نطق الحديث والجمهور وهذه تاسعة المئين قد أتت ولا يخلف ما الهادي وعد وقد رجوت أنني المجدد فيها ففضل الله ليس يجحد.

الشيخ: هذا تزكية كونه عد الباقلاني والأشعري وكذلك الغزالي والرازي, وإن كان له كتاب في آخر حياته "السر المكتوم في عبادة النجوم" ولكنه تاب في آخر حياته كما ذكر شيخ الإسلام لكن كونه مجدد! والسيوطي عنده تخريف رحمه الله من تخريفه يقول: إن الله أحيانا أبوي النبي فآمنا به, كونه يرشح نفسه هذا تزكية, قال تعالى: {فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ}[النجم/32] كونه كذلك يعد الفخر الرازي, والغزالي.

الطالب: قال: وقد رجوت أنني المجدد فيها ففضل الله ليس يجحد, وآخر المئين فيما يأتي عيسى نبي الله ذو الآيات يجدد الدين لهذي الأمة وفي الصلاة بعضنا قدامه مقررًا لشرعنا ويحكم بحكمنا إذ في السماء يعلم وبعده لم يبق من مجدد ويرفع القرآن مثل ما بدي وتكثر الأشرار والإضاعة من رفعه إلى قيام الساعة وأحمد الله على ما علما وما جلا من الخفا وأنعما مصليا على نبي الرحمة والآل مع أصحابه المكرمة؛ انتهت الأرجوزة.

قلت: وقد عد من المجددين على رأس المائة الأولى بن شهاب الزهري والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله والحسن البصري ومحمد بن سيرين ومحمد الباقر, وعلى رأس المائة الثانية يحيى بن معين إمام الجرح والتعديل, وعلى رأس الثالثة النسائي صاحب السنن, وعلى رأس الرابعة الحاكم صاحب المستدرك والحافظ عبد الغني بن سعيد المصري, وعلى رأس التاسعة السيوطي كما ادعاه, وعلى رأس العاشرة شمس الدين بن شهاب الدين الرملي.

قال المحبي في خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر في ترجمته: ذهب جماعة من العلماء إلى أنه مجدد القرن العاشر؛ انتهى.

ومن المجددين على رأس الحادية عشر إبراهيم بن حسن الكردي الكوراني خاتمة المحققين عمدة المسندين نزيل المدينة, وعلى رأس الثانية عشر الشيخ صالح بن محمد بن نوح الفلاني نزيل المدينة والسيد المرتضى الحسيني الزبيدي, وعلى رأس الثالثة عشر شيخنا العلامة النبيل والفهامة الجليل نبراس العلماء الأعلام سامي المجد الأثيل والمقام ذو القدر المحمود والفخر المشهود حسن الاسم والصفات رب الفضائل والمكرمات المحدث الفقيه المفسر التقي الورع النبيه الشيخ الأكمل الأسعد السيد الأجل الأمجد رحلة الآفاق شيخ العرب والعجم بالاتفاق صاحب كمالات الباطن والظاهر ملحق الأصاغر بالأكابر شيخنا وبركتنا السيد نذير حسين جعله الله تعالى ممن يؤتى أجره مرتين ولا زالت أنوار معارفه مدى الأيام لامعة وشموس عوارفه في فلك المعالي ساطعة وحماه الله من حوادث الأزمان ونكباتها.

الشيخ: الله أعلم بهذا.

الطالب: (01:28:36) في مرقاة الصعود للسيوطي قال: وقد من الله علي فتفردت على رأس هذه المائة بهذه الخمسة أجمع، وما أحسن ما أخرجه أبو نعيم في الحلية عن أبي يزيد البسطامي أنه قيل له: هل أنت من الأبدال السبعة الذين هم أوتاد الأرض؟ فقال: أنا كل السبعة, من البداية رضي الله عنك: ومن اللطائف ما ذكر الحافظ أبو الفضل بن حجر قال: تفرد على رأس المائة الثمانمائة خمسة بخمسة، السراج البلقيني بالاجتهاد ،والزين العراقي بالحديث، والشمس الغماري بالنحو، والمجد الشيرازي صاحب القاموس باللغة، والسراج بن الملقن بكثرة التصانيف.

الشيخ: جمع الخمسة كلهم.

الطالب: نقلًا عن ابن حجر.

الشيخ: لكنه ادعى بعد ذلك أنه قام مقام الخمسة كلهم, السيوطي, إيش قال بعدها؟.

الطالب: وقد من الله علي فتفردت على رأس هذه المائة بهذه الخمسة أجمع.

الشيخ: يعني: صار إمام في اللغة, وإمام في كذا في الاجتهاد, وفي النحو.

الطالب: وقد من الله علي فتفردت على رأس هذه المائة بهذه الخمسة أجمع وما أحسن ما أخرجه أبو نعيم في الحلية عن أبي يزيد البسطامي أنه قيل له: هل أنت من الأبدال السبعة الذين هم أوتاد الأرض؟ فقال: أنا كل السبعة.

الشيخ: البسطامي ادعى هذا مثل السيوطي, على كل حال هذه تزكية لنفسه بخلاف ما عليه العلماء وأهل الورع والدين من الازدراء بالنفس وعدم التزكية.

الطالب: قال على رأس المائة الأولى عمر بن عبد العزيز, والثانية الشافعي, والثالثة أبو العباس بن سريج.

الشيخ: عمر بن عبد العزيز والشافعي لا بأس أما مَن بعدهم فيه نظر.

الطالب: ثم قال: وأن هذا لا يختص بالشافعية بل يكون على رأس كل مائة سنة جماعة تصلح للجمع والفرد, وعلى هذا يكون على رأس كل مائة من الشافعية مَن ذُكر من الحنفية والمالكية والحنابلة مَن يجدد الله به الدين؟.

الشيخ: ليس ببعيد قد يكون عدد.

الطالب: قال وكذلك من الحكام بإظهار العدل في الرعية وإقامة حدود الله تعالى, وكذاك من الأبدال والأقباط, وفي الحديث إشارة إلى وقوع الفتن والشرور.

القارئ

قال أبو داود: رواه عبد الرحمن بن شريح الاسكندراني لم يجز به شراحيل.

شرح الشيخ

الشارح يقول: فعبد الرحمن قد أعضل هذا الحديث وأسقط أبا علقمة وأبا هريرة والحديث المعضل هو ما سقط من إسناده اثنان فأكثر بشرط التوالي.

القارئ

باب ما يُذكر من ملاحم الروم

4292 - حدثنا النفيلي، حدثنا عيسى بن يونس، قال: أخبرنا الأوزاعي عن حسان بن عطية، قال: مال مكحول وابن أبي زكريا إلى خالد بن معدان وملت معهم، فحدثنا عن جبير بن نفير، عن الهدنة، قال: قال جبير: انطلق بنا إلى ذي مخبر، رجل من أصحاب النبي r: فأتيناه فسأله جبير عن الهدنة، فقال: سمعت رسول الله r يقول: «ستصالحون الروم صلحًا آمنًا، فتغزون أنتم وهم عدوا من ورائكم، فتنصرون، وتغنمون، وتسلمون، ثم ترجعون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول، فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب، فيقول: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين، فيدقه، فعند ذلك تغدر الروم، وتجمع للملحمة».

4293 - حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا أبو عمرو، عن حسان بن عطية، بهذا الحديث، وزاد فيه: «ويثور المسلمون إلى أسلحتهم، فيقتتلون، فيكرم الله تلك العصابة بالشهادة»، إلا أن الوليد جعل الحديث عن جبير، عن ذي مخبر، عن النبي r, قال أبو داود: ورواه روح، ويحيى بن حمزة، وبشر بن بكر، عن الأوزاعي، كما قال عيسى.

شرح الشيخ

إيش قال على التخريج؟.

الطالب: إسناده صحيح. وقد سلف مختصرًا، وسلف تخريجه هناك, وانظر ما بعده.

وقال في الذي بعده: إسناده صحيح كسابقه.

الشيخ: حدثنا النفيلي، حدثنا عيسى بن يونس، قال: أخبرنا الأوزاعي عن حسان بن عطية، قال: مال مكحول وابن أبي زكريا إلى خالد بن معدان وملت معهم، فحدثنا عن جبير بن نفير، عن الهدنة، قال: قال جبير: انطلق بنا إلى ذي مخبر، رجل من أصحاب النبي r: فأتيناه فسأله جبير عن الهدنة, تكلم عليه الشرح؟.

قال في مراصد الإطلاع الروم جيل معروف في بلاد واسعة تضاف إليهم فيقال بلاد الروم ومشارق بلادهم وشمالهم الترك والروس والخزري (الخزري بالتحريك وآخره راء بلاد الترك كذا في المراصد) وجنوبهم الشام والإسكندرية ومغاربهم البحر والأندلس وكانت الرقة والشامات كلها تعد في حدودهم أيام الأكاسرة وكانت أنطاكية دار ملكهم إلى أن نفاهم المسلمون إلى أقصى بلادهم؛ انتهى.

الطالب: مال مكحول وابن أبي زكريا إلى خالد بن معدان) أي ذهبا إليه (وملت معهم) الظاهر معهما كما في رواية بن ماجه أي ذهبت أنا أيضا معهما (فحدثنا) الضمير المرفوع لخالد (عن الهدنة) بضم هاء وسكون دال مهملة الصلح (قال) أي خالد (إلى ذي مخبر) بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الموحدة بن أبي النجاشي خادم النبي r روى عنه جبير بن نفير وغيره يعد في الشاميين ذكره مؤلف المشكاة وفي التهذيب ويقال بالميم بدل الموحدة؛ انتهى.

قلت: كذلك في بن ماجه بالميم بدل الموحدة ووقع في بعض النسخ أو قال ذي مخمر الشك من أبي داود يعني شك أبو داود المؤلف في أنه قال ذي مخبر بالموحدة أو قال ذي مخمر بالميم بدل الموحدة (فسأله جبير عن الهدنة) أي الهدنة التي تكون بين المسلمين وبين الروم كما أخبر رسول الله r بقوله تكون بينكم وبين بني الأصفر هدنة فيغدرون بكم رواه بن ماجه فاللام في الهدنة للعهد أو بحذف الزوائد (آمنا) أي ذا أمن فالصيغة للنسبة أو جعل آمنا للنسبة المجازية (فتغزون أنتم) أي فتقاتلون أيها المسلمون (وهم) أي الروم المصالحون معكم (عدوا من ورائكم) أي من خلفكم.

وقال السندي في حاشية ابن ماجه: أي عدوا آخرين بالمشاركة والاجتماع بسبب الصلح الذي بينكم وبينهم أو أنتم تغزون عدوكم وهم يغزون عدوهم بالانفراد؛ انتهى.

قلت: الاحتمال الأول هو الظاهر (فتنصرون) بصيغة المجهول (وتغنمون) بصيغة المعلوم أي الأموال (وتسلمون) من السلامة أي تسلمون من القتل والجرح في القتال (ثم ترجعون) أي من عدوكم (حتى تنزلوا) أي أنتم وأهل الروم (بمرج) بفتح فسكون وآخره جيم أي الموضع الذي ترعى فيه الدواب قاله السندي.

وفي النهاية: أرض واسعة ذات نبات كثيرة (ذي تلول) بضم التاء جمع تل بفتحها وهو موضع مرتفع قاله القاري

وقال السندي كل ما اجتمع على الأرض من تراب أو رمل؛ انتهى.

قلت: هذا هو الظاهر في معنى التل (من أهل النصرانية) وهم الأروام حينئذ قاله القاري (الصليب) بالنصب مفعول يرفع وهو خشبة مربعة يدعون أن عيسى عليه السلام صلب على خشبة كانت على تلك الصورة (فيقول) أي الرجل منهم (غلب الصليب) أي دين النصارى قصدا لإبطال الصلح أو لمجرد الافتخار وإيقاع المسلمين في الغيظ (فيدقه) أي فيكسر المسلم الصليب (تغدر الروم) بكسر الدال أي تنقض العهد (وتجمع) أي رجالهم ويجتمعون (للملحمة) أي للحرب.

(ويثور) الثور الهيجان والوثب (إلى أسلحتهم) جمع سلاح أي يعدون ويقومون مسرعين إلى أسلحتهم (فيقتلون), وفي بعض النسخ فيقتتلون أي معهم (تلك العصابة) أي جماعة المسلمين, قال المنذري: وأخرجه ابن ماجه وقد تقدم في الجهاد؛ انتهى.

وقال القاري: نقلًا عن ميرك ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح.

الشيخ: يعني الحديث في ملاحم الروم وأنهم يغدرون بعدما يرفع هذا النصراني الصليب ثم يقتله يرجل من المسلمين ويكسر الصليب فيغدرون ويأتون, وهذا ثابت, وفي الحديث أنهم يشتركون المسلمون والنصارى في قتال عدو من ورائهم وأنهم يُنصرون ويغنمون, ثم بعد ذلك إذا نزلوا في هذا المكان رفع رجلٌ من النصارى الصليب ويقول: غلب الصليب فيخرج له رجل من المسلمين فيقتله ثم بعد ذلك تغدر الروم, لكن الحديث أنهم «يغدرون في ثمانين غاية تحت كل غاية ثمانون ألفًا» هذا في الصحيحين.

هذا الحديث فيه إجمال لكن فيه تفصيل غدر الروم في الصحيح وهذا ما أشار إليه الشارح هنا, عن كيفية غدرهم والرايات التي تأتي بهم, شعيب ما أشار إلى شيء من هذا؟ على كل حال هو مفصل في الأحاديث الصحيحة.

القارئ

باب في أمارات الملاحم

4294 - حدثنا عباس العنبري، قال: أخبرنا هاشم بن القاسم، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن جبير بن نفير، عن مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله r: «عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح قسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال»، ثم ضرب بيده على فخذ الذي حدثه، - أو منكبه - ثم قال: «إن هذا لحق كما أنك هاهنا»، أو «كما أنك قاعد»، يعني معاذ بن جبل.

شرح الشيخ

كل هذا فيه سقط في النسخة اللي عندنا, أعد.

الطالب: «عمران بيت المقدس خراب يثرب».

الشيخ: يثرب يعني المدينة.

الطالب: «وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح قسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال»، ثم ضرب بيده على فخذ الذي حدثه، - أو منكبه - ثم قال: «إن هذا لحق كما أنك هاهنا»، أو «كما أنك قاعد»، يعني معاذ بن جبلt.

الشيخ: إيش قال عليه في التخريج؟.

الطالب: هذا حديث ضعيف, عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان حسن الحديث إذا لم يأت بما بنكر أو ينفرد بما لا أصل له، وقد تفرد بهذا الحديث ولا يحتمل تفرد مثله به، ولهذا عده الحافظ الذهبي في ترجمته من "الميزان" في جملة مناكيره، على أنه اختلف عليه في إسناده، كما سيأتي.

ومع ذلك جود إسناده ابن كثير في "النهاية" 1/ 94!!

وأخرجه أبو القاسم البغوي في "الجعديات"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"والطبراني في "الكبير"، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" من طريق علي بن الجعد، والطحاوي من طريق الهيثم بن جميل، وابن أبي شيبة، والخطيب البغدادي في ""تاريخه" من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم، ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"من طريق شريح بن عبيد، عن ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن مالك بن يخامر، عن معاذ، فأسقط من إسناده جبير بن نفير.

وأخرجه أحمد عن زيد بن الحباب، عن ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن معاذ بن جبل. فأعضل الإسناد.

وخالف عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان في إسناده ومتنه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وهو ثقة، عند البخاري في "التاريخ الكبير"، والحاكم.

فقد روي من طريقين، عنه، عن مكحول، عن عبد الله بن محيريز، أن معاذ بن جبل كان يقول: ... فذكره موقوفًا, وابن محيريز لم يسمع من معاذ.

الشيخ: قال «عمران بيت المقدس خراب يثرب, وخراب يثرب خروج الملحمة, وخروج الملحمة فتح القسطنطينية, وفتح القسطنطينية خروج الدجال» ربط بعضها ببعض, شوف كلام الشارح عليه؟.

الطالب: قوله (عمران بيت المقدس) بالتخفيف والتشديد وعمرانه بضم العين وسكون الميم أي عمارته بكثرة الرجال والعقار والمال (خراب يثرب) بفتح تحتية وسكون مثلثة وكسر راء اسم المدينة المشرفة أي سبب خراب المدينة.

وقال القاري: أي وقت خراب المدينة, وقيل لأن عمرانه باستيلاء الكفار.

وقال الأردبيلي في الأزهار: قال بعض الشارحين المراد بعمران بيت المقدس عمرانه بعد خرابه فإنه يخرب في آخر الزمان ثم يعمره الكفار والأصح أن المراد بالعمران الكمال في العمارة أي عمران بيت المقدس كاملا مجاوزًا عن الحد وقت خراب يثرب فإن بيت المقدس لا يخرب (وخراب يثرب خروج الملحمة) أي ظهور الحرب العظيم.

قال ابن مالك: بين أهل الشام والروم والظاهر أنه يكون بين تاتار والشام.

قال القاري: الأظهر هو الأول (وخروج الملحمة إلخ) قال القاري نقلًا عن الأشرف: لما كان بيت المقدس باستيلاء الكفار عليه وكثرة عمارتهم فيها أمارة مستعقبة بخراب يثرب وهو أمارة مستعقبة بخروج الملحمة وهو أمارة مستعقبة بفتح قسطنطينية وهو أمارة مستعقبة بخروج الدجال جعل النبي r كل واحد عين ما بعده وعبر به عنه.

الشيخ: هذا لو صح لكنه ما صح, أشار إلى أن هذا ساقط من النسخ؟ ما أشار, كل هذا ساقط من النسخ, سقط فيها جزء من المتن وجزء من الشرح, بعدها: وقال الذهبي: وكانت بليةٌ لم يُصب الإسلام بمثلها, هذه ستأتي فيما بعد, قوله (أو كما قال) قال غير هذا اللفظ, هذا يدل على أن الراوي لم يضبط ألفاظ الحديث ولهذا رجحت رواية أحمد, والحديث سكت عنه المنذري, هذا سيأتي في الآخر؟.

الطالب: قال: وخلاصته أن كل واحد من هذه الأمور أمارة لوقوع ما بعده وإن وقع هناك مهملة انتهى (ثم ضرب) أي رسول الله r(على فخذ الذي حدثه) هو معاذ رضي الله عنه (أو منكبه) شك من الراوي (ثم قال) r(إن هذا) أي ما ذكر في الحديث من أخبار عمر أن بيت المقدس سبب خراب المدينة إلخ (لحق) أي يقيني لا شك في وقوعه وتحققه (كما أنك) يا معاذ (ها هنا أو كما أنك قاعد) شك من الراوي والمعنى تحقق الإخبار المذكور في الحديث قطعي يقيني كما أن جلوسك ها هنا قطعي ويقيني (يعني معاذ بن جبل) يعني الخطاب لمعاذ بن جبل.

قال المنذري: في إسناده عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وكان رجلًا صالحًا وثقه بعضهم وتكلم فيه غير واحد.

الشيخ: هذا بناءً على صحة الحديث والحديث ما صح.

الطالب: قال حسن هنا.

الشيخ: الألباني حسنه؟.

الطالب: الحافظ أبو طاهر زهير علي الزاهي يقول: حسن.

الشيخ: ينقل عن الألباني؟.

الطالب: الألباني صححه عفا الله عنك, قال في تحقيق شرح ابن رسلان: صححه الألباني في صحيح الجامع.

الشيخ: والكلام اللي تكلم فيه الشارح إيش قال فيه؟.

الطالب: ما تطرق, ذكر فقط تصحيح الألباني له.

الشيخ: في الأول قال شعيب إيش عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان.

الطالب: قال حسن الحديث إذا لم يأتي بما يُنكر أو ينفرد بما لا أصل له, وقد تفرد بهذا الحديث ولا يُحتمل تفرد مثله به, ولهذا عده الحافظ الذهبي في ترجمة الميزان من جملة المناكير, على أنه اُختلف عليه في إسناده.

الشيخ: الذهبي جعله من مناكيره, لازم نشوف كلام الشيخ الألباني عنه.

الطالب: كلامه في الجامع الصغير مختصر, المحقق قال: صححه الألباني في الجامع الصغير.

الشيخ: ما يكفي هذا لازم يجيب كلام الذهبي وأنه عده من مناكيره, هذا الأصل أنه ضعيف ويُنظر كلام الألباني إذا كان في توسع في هذا ولا الأصل أنه ضعيف كما قال الذهبي.

القارئ

باب في تواتر الملاحم

4295 - حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، قال: أخبرنا عيسى بن يونس، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن الوليد بن سفيان الغساني، عن يزيد بن قطيب السكوني، عن أبي بحرية، عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله r: «الملحمة الكبرى، وفتح القسطنطينية، وخروج الدجال في سبعة أشهر».

4296 - حدثنا حيوة بن شريح الحمصي، قال: أخبرنا بقية، عن بحير، عن خالد، عن ابن أبي بلال، عن عبد الله بن بسر، أن رسول الله r قال: «بين الملحمة وفتح المدينة ست سنين، ويخرج المسيح الدجال في السابعة» قال أبو داود: هذا أصح من حديث عيسى.

شرح الشيخ

إيش قال عليه في تخريجه؟.

الطالب: إسناده ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم والوليد بن سفيان، ولجهالة يزيد بن قطيب. أبو بحرية: هو عبد الله بن قيس.

وأخرجه ابن ماجه ، والترمذي من طريق أبي بكر بن أبي مريم، بهذا الإسناد.

وهو في "مسند أحمد".

وقد روي هذا الحديث من طريق آخر ظاهره الحسن، لكنه معل، فقد أخرج الطبراني في مسند الشاميين، عن أبي زرعة الدمشقي، عن أبي اليمان، عن إسماعيل بن عياش، عن أرطأة بن المنذر، عن ضمرة بن حبيب، عن أبي بحرية، عن معاذ ابن جبل.

وإسماعيل بن عياش تقبل روايته عن أهل بلده، وأرطأة بن المنذر من أهل بلده. وبقية رجاله كلهم ثقات إلا أنه اختلف عن ابن عياش في إسناد هذا الخبر: فقد رواه عبد القدوس بن الحجاج الخولاني عند نعيم بن حماد في "الفتن"، وعبد الجبار ابن عاصم الخراساني عند أبي عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"  كلاهما عن إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني، عن عبد الله بن محيريز من قوله مقطوعا بلفظ بين الملحمة وخراب القسطنطينية وخروج الدجال حمل امرأة.

وقد تابع ابن عياش على روايته الأولى أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم عند نعيم ابن حماد فرواه عن ضمرة بن حبيب كذلك وهذه متابعة لا يفرح بها البتة، لأن ابن أبي مريم ضعيف سيئ الحفظ. وربما يكون ابن عياش سمعه من أبي بكر ابن أبي مريم، فاختلط عليه الأمر فظن أنه سمعه من أرطأة بن المنذر، وليس الأمر كذلك، ويؤيد ذلك ما رواه الطبراني في "الكبير" من طريق عبد الله بن صالح، عن إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن أبي بحرية عن معاذ بن جبل، لكنه لم يذكر ضمرة بن حبيب هنا.

ثم إن هذا الحديث مشكل مع الذي بعده كما قال الحافظ ابن كثير في "النهاية".

الشيخ: يعني الحديث ضعيف: «الملحمة الكبرى، وفتح القسطنطينية، وخروج الدجال في سبعة أشهر» قال الشارح: (عن يزيد بن قطيب) بفتح الطاء مصغرًا وثقه بن حبان (عن أبي بحرية) بتشديد التحتانية اسمه عبد الله بن قيس (الملحمة الكبرى) أي الحرب العظيم (في سبعة أشهر) أي يكون ذلك كله في سبعة أشهر.

قال المنذري: وأخرجه الترمذي وبن ماجه وقال الترمذي غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه؛ هذا آخر كلامه.

في إسناده أبو بكر بن أبي مريم وهو أبو بكر بن عبد الله أبي مريم الغساني الشامي قيل اسمه بُكير وقيل اسمه كنيته وقيل بكر وقيل عبد السلام ولا يحتج بحديثه, إذًا الحديث ضعيف, طيب الحديث الذي بعده؟.

الطالب: إسناده ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الحمصي- وجهالة ابن أبي بلال -واسمه عبد الله- خالد: هو ابن معدان الكلاعي، وبحير: هو ابن سعد السحولي.

وقال الحافظ ابن كثير في "النهاية" هذا مشكل مع الذي قبله.

الشيخ: كلاهما ضعيف, يزول الإشكال.

الطالب: وأخرجه ابن ماجه عن سويد بن سعيد، عن بقية، عن بحير بن سعد، عن خالد بن أبي بلال -كذا وقع في رواية ابن ماجه- عن عبد الله بن بسر. قال المزي في "تحفة الاشراف" وهو وهم، والصواب الأول - يعني رواية أبي داود.

وهو في "مسند أحمد" عن حيوة بن شريح.

الشيخ: كلام الشارح هنا قال: قال العلقمي في شرح الجامع الصغير؟.

الطالب: قال العلقمي في شرح الجامع الصغير تحت الحديث السابق قال شيخنا وفي حديث أحمد وأبي داود وبن ماجه عن عبد الله بن بسر بين الملحمة وفتح المدينة ست سنين.

قال ابن كثير: هذا مشكل اللهم إلا أن يكون بين أول الملحمة وآخرها ست سنين ويكون بين آخرها وفتح المدينة وهي القسطنطينية مدة قريبة بحيث يكون ذلك مع خروج الدجال في سبعة أشهر؛ انتهى.

(قال أبو داود هذا) أي هذا الحديث يعني حديث بحير عن خالد عن عبد الله بن أبي بلال عن عبد الله بن بسر (أصح من حديث عيسى) يعني بن يونس يريد الحديث الذي قبل هذا قاله المنذري.

قال في فتح الودود: هذا إشارة إلى جواب ما يقال بين الحديثين تناف فأشار إلى أن الثاني أرجح إسنادا فلا يعارضه الأول؛ انتهى.

وقال القاري: ففيه (أي في قول أبي داود هذا أصح) دلالة على أن التعارض ثابت والجمع ممتنع والأصح هو المرجح وحاصله أن بين الملحمة العظمى وبين خروج الدجال سبع سنين أصح من سبعة أشهر؛ انتهى.

قال المنذري: في إسناده هذا بقية بن الوليد وفيه مقال وقد تقدم الكلام عليه وبسر بضم الباء الموحدة وسكون السين المهملة وبعدها راء مهملة ولعبد الله هذا صحبة ولأخته الصماء صحبة ولأبيهم بسر صحبة وعبد الله آخر من توفي من أصحاب رسول الله r بالشام؛ انتهى.

الشيخ: يعني كلاهما ضعيف لكن الثاني أقرب إلى الصحة «بين الملحمة وفتح المدينة ست سنين ويخرج الدجال في السابعة» لا يصح, الله أعلم كم بينهم.

القارئ

باب في تداعي الأمم على الإسلام

4297 - حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، قال: أخبرنا بشر بن بكر، قال: أخبرنا ابن جابر، حدثني أبو عبد السلام، عن ثوبان، قال: قال رسول الله r: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: حب الدنيا، وكراهية الموت».

شرح الشيخ

إيش قال عليه؟.

الطالب: حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عبد السلام -واسمه صالح بن رستم- لكنه متابع. ابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الزهد"، والروياني في "مسنده"، والطبراني في "الشاميين"، والبيهقي في "الدلائل "، والبغوي، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"، والمزي في ترجمة صالح بن رستم أبي عبد السلام من "تهذيب الكمال" من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، به.

وأخرجه أحمد، وابن أبي الدنيا في "العقوبات"، والطبراني في "الكبير"، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" من طريق أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان. وإسناده حسن. ولم يسق الطبراني لفظه.

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"  عن إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم، عن ثوبان موقوفا عليه من قوله. وإسناده حسن. ورواية إسماعيل هنا عن رجل من أهل بلده فهي مقبولة.

وأخرجه موقوفا كذلك الطيالسي، وابن أبي شيبة، والبخاري في "تاريخه الكبير"، والبيهقي في "الشعب" من طريق عمرو بن عبيد العبشمي، عن ثوبان. وعمرو بن عبيد هذا مجهول.

الشيخ: الحديث صحيح وهو مشهور ذكر أول التخريج قال ماذا؟.

الطالب: حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عبد السلام -واسمه صالح بن رستم- لكنه متابع, وأخرجه ابن أبي عاصم في "الزهد"، والروياني في "مسنده"، والطبراني في "الشاميين"، والبيهقي في "الدلائل ".

الشيخ: قول الشارح باب تداعي الأمم؟.

الطالب: التداعي الاجتماع ودعاء البعض بعضًا والمراد من الأمم فرق الكفر والضلالة.

(يوشك الأمم) أي يقرب فرق الكفر وأمم الضلالة (أن تداعى عليكم) بحذف إحدى التائين أي تتداعى بأن يدعو بعضهم بعضًا لمقاتلتكم وكسر شوكتكم وسلب ما ملكتموه من الديار والأموال (كما تداعى الأكلة) ضبط في بعض النسخ الصحيحة بفتحتين بوزن طلبة وهو جمع آكل وقال في المجمع نقلا عن المفاتيح شرح المصابيح ويروى الأكلة بفتحتين أيضا جمع آكل انتهى وقال فيه قبيل هذا ورواية أبي داود لنا الآكلة بوزن فاعله

وقال القاري في المرقاة الآكلة بالمد وهي الرواية على نعت الفئة والجماعة أو نحو ذلك كذا روي لنا عن كتاب أبي داود وهذا الحديث من أفراده ذكره الطيبي رحمه الله.

ولو روى الأكلة بفتحتين على أنه جمع آكل اسم فاعل لكان له وجه وجيه؛ انتهى.

قلت قد روى بفتحتين أيضًا كما عرفت والمعنى كما يدعو أكلة الطعام بعضهم بعضا (إلى قصعتها) الضمير للأكلة أي التي يتناولون منها بلا مانع ولا منازع فيأكلونها عفوا وصفوا كذلك يأخذون ما في أيديكم بلا تعب ينالهم أو ضرر يلحقهم أو بأس يمنعهم قاله القاري, قال في المجمع: أي يقرب أن فرق الكفر وأمم الضلالة أن تداعى عليكم أي يدعو بعضهم بعضا إلى الاجتماع لقتالكم وكسر شوكتكم ليغلبوا على ما ملكتموها من الديار كما أن الفئة الآكلة يتداعى بعضهم بعضا إلى قصعتهم التي يتناولونها من غير مانع فيأكلونها صفوا من غير تعب؛ انتهى.

(ومن قلة) خبر مبتدأ محذوف وقوله (نحن يومئذ) مبتدأ وخبر صفة لها أي أن ذلك التداعي لأجل قلة نحن عليها يومئذ (كثير) أي عددًا وقليل مددًا, (ولكنكم غثاء كغثاء السيل) بالضم والمد وبالتشديد أيضًا ما يحمله السيل من زبد ووسخ شبههم به لقلة شجاعتهم ودناءة قدرهم, (ولينزعن) أي ليخرجن (المهابة) أي الخوف والرعب (وليقذفن) بفتح الياء أي وليرمين الله (الوهن) أي الضعف وكأنه أراد بالوهن ما يوجبه ولذلك فسره بحب الدنيا وكراهة الموت قاله القاري, (وما الوهن) أي ما يوجبه وما سببه.

قال الطيبي رحمه الله سؤال عن نوع الوهن أو كأنه أراد من أي وجه يكون ذلك الوهن قال: حب الدنيا وكراهية الموت, وهما متلازمان فكأنهما شيء واحد يدعوهم إلى إعطاء الدنية في الدين من العدو المبين ونسأل الله العافية, قال المنذري أبو عبد السلام: هذا هو صالح بن رستم الهاشمي الدمشقي سئل عنه أبوحاتم فقال مجهول لا نعرفه.

الشيخ: هذا حصل والآن في هذا الزمان تتداعى الأمم الكافرة على أمة الإسلام واضحة الآن في تداعيهم الآن وقوتهم وسيطرتهم الآن, الآن القوة للكفرة الآن هذا مصداق لهذا الحديث.

القارئ

باب في المعقل من الملاحم

4298 - حدثنا هشام بن عمار، حدثنا يحيى بن حمزة، قال: أخبرنا ابن جابر، حدثني زيد بن أرطاة، قال: سمعت جبير بن نفير، يحدث، عن أبي الدرداء، أن رسول الله r قال: «إن §فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة، إلى جانب مدينة يقال لها: دمشق، من خير مدائن الشام».

4299 - قال أبو داود حدثت، عن ابن وهب، قال: حدثني جرير بن حازم عن عبيد الله بن عمر عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله r: «يوشك المسلمون أن يحاصروا إلى المدينة حتى يكون أبعد مسالحهم سلاح».

4300 - حدثنا أحمد بن صالح، عن عنبسة عن يونس، عن الزهري قال وسلاح قريب من خيبر.

شرح الشيخ

تخريجه؟.

الطالب: الحديث الأول: حديث صحيح, هشام بن عمار متابع. ابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد ابن جابر.

وأخرجه أحمد، ويعقوب بن سفيان في "المعر فة والتاريخ"، والطبراني في "الأوسط" وفي "مسند الشاميين"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" من طرق عن يحيى بن حمزة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن عساكر من طريق صدقة بن خالد، عن عبد الرحمن بن يزيد ابن جابر، به.

وأخرجه الطبراني في "الشاميين"، والحاكم، وابن عساكر من طريق خالد بن دهقان، عن زيد بن أرطأة.

وقد روى جبير بن نفير هذا الحديث ضمن حديث مطول عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي، عن النبي r أخرجه أحمد وانظر تمام تخريجه هناك.

الحديث الثاني: حديث صحيح، وهذا إسناد فيه راو لم يسم، وهو مكرر الحديث السالف وقد وضع رقمًا غير رقم الحديث الذي قبله, قال السالف ولم يقل السابق.

الشيخ: الشرح, قال المعقل؟.

الطالب: المعقل بفتح الميم وسكون العين وكسر القاف والمراد منه الملجأ الذي يتحصن المسلمون ويلتجئون إليه.

(إن فسطاط المسلمين) بضم الفاء وسكون السين المهملة وطائين مهملتين بينهما ألف أي حصن المسلمين الذي يتحصنون به وأصله الخيمة (يوم الملحمة) أي المقتلة العظمى في الفتن الآتية (بالغوطة) بضم الغين المعجمة موضع بالشام كثير الماء والشجر كائن (إلى جانب مدينة يقال لها دمشق) بكسر الدال المهملة وفتح الميم وسميت بذلك

لأن دمشاق بن نمرود بن كنعان هو الذي بناها فسميت باسمه وكان آمن بإبراهيم عليه السلام وسار معه وكان أبوه نمرود دفعه إليه لما رأى له من الآيات.

قاله العزيزي (من خير مدائن الشام) بسكون الهمز ويجوز تسهيله كالرأس, قال المناوي: بل هي خيرها وبعض الأفضل قد يكون أفضل؛ انتهى.

قال العلقمي: وهذا الحديث يدل على فضيلة دمشق وعلى فضيلة سكانها في آخر الزمان وأنها حصن من الفتن ومن فضائلها أنه دخلتها عشرة آلاف عين رأت النبي r كما أفاده بن عساكر ودخله النبي r قبل النبوة وبعدها في غزوة تبوك وفي ليلة الإسراء كذا في شرح الجامع الصغير للعزيزي.

الشيخ: هل مر بها في تبوك؟.

الطالب: قال القاري: وله طرق وقد روي مرسلًا عن جبير بن نفير رسول الله r قال وقال يحيى بن معين وقد ذكروا عنده أحاديث من ملاحم الروم فقال يحيى ليس من حديث الشاميين شيء أصح من حديث صدقة بن خالد عن النبي r معقل المسلمين أيام الملاحم دمشق, (حدثت) بصيغة المجهول المتكلم.

قال المنذري قال فيه أبو داود: حُدثت عن بن وهب وهي رواية عن مجهول وقد تقدم في الجزء السادس والعشرين.

الشيخ: يكون هذا الحديث ثابت أن دمشق تكون هي المعقل, فيه فضل دمشق وأن فسطاط المسلمين يكون قريب من مدينة دمشق في أيام الملاحم, قال العلقمي: وهذا الحديث يدل على فضيلة دمشق وعلى فضيلة سكانها في آخر الزمان وأنها حصن من الفتن.

القارئ

باب ارتفاع الفتنة في الملاحم

4301 - حدثنا عبد الوهاب بن نجدة، قال: أخبرنا إسماعيل، ح وحدثنا هارون بن عبد الله، قال: أخبرنا الحسن بن سوار، قال: أخبرنا إسماعيل، قال: أخبرنا سليمان بن سليم، عن يحيى بن جابر الطائي، قال هارون في حديثه: عن عوف بن مالك، قال: قال رسول الله r: «لن يجمع الله على هذه الأمة سيفين، سيفًا منها، وسيفًا من عدوها».

شرح الشيخ

إيش قال عليه؟.

الطالب: إسناده حسن. إسماعيل -وهو ابن عياش- تقبل روايته عن أهل بلده خاصة، وهذا منها.

وأخرجه أحمد عن الحسن بن سوار، بهذا الإسناد.

الشيخ: «لن يجمع الله على هذه الأمة سيفين، سيفًا منها، وسيفًا من عدوها» المؤلف قال: (ارتفاع الفتنة في الملاحم).

قال المنذري: في إسناده إسماعيل بن عياش وفيه مقال وقد تقدم الكلام عليه ومن الحفاظ من فرق بين حديثه عن الشاميين وحديثه عن غيرهم فصحح حديثه عن الشاميين وهذا الحديث شامي الإسناد.

قال المناوي: يعني أن السيفين لا يجتمعان فيؤدي إلى استئصالهم يعني فتنة وعدو, شوف كلام الشارح حاصله إيش؟.

الطالب: حاصله أن الفتنة بين المسلمين والقتال فيما بينهم يرتفع إذا كان القتال مع الكفار.

فالمراد بالفتنة قتال بعض المسلمين مع بعضهم وبالملاحم قتال المسلمين مع الكفار, (على هذه الأمة) أي أمة الإجابة, (سيفًا) بدل مما قبله, (منها) أي من هذه الأمة في قتال بعضهم لبعض في أيام الفتن والملاحم وكل باغ من البغاة, (وسيفًا من عدوها) أي الكفار الذين يقاتلونهم في الجهاد فمن خصائص هذه الأمة ورحمة الله تعالى لها أن لا يجتمع قتال كفار ومسلمين في وقت واحد بل إما كفار وإما مسلمين ولو كانوا في وقت في قتال مسلمين ووقع قتال كفار رجع المسلمون عن القتال واجتمعوا على قتال الكفار لتكون كلمة الله هي العليا.

قال المناوي: يعني أن السيفين لا يجتمعان فيؤدي إلى استئصالهم لكن إذا جعلوا بأسهم بينهم سلط الله عليهم العدو وكف بأسهم عن أنفسهم وقيل معناه محاربتهم إما معهم أو مع الكفار؛ انتهى.

الشيخ: يقول الحديث حسن؟.

الطالب: إسناده حسن. إسماعيل -وهو ابن عياش-, وذكر في النسخة الأخرى: صححه الألباني.

القارئ

باب في النهي عن تهييج الترك والحبشة

4302 - حدثنا عيسى بن محمد الرملي، قال: أخبرنا ضمرة، عن السيباني، عن أبي سكينة، رجل من المحررين، عن رجل من أصحاب النبي r، عن النبي r أنه قال: «دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم».

شرح الشيخ

إيش قال عليه, تخريجه؟.

الطالب: حسن لغيره. وأبو سكينة هذا لم يرو عنه غير السيباني -وهو يحيى بن أبي عمرو- وبلال بن سعد، كما في "تهذيب الكمال" وفروعه، وهو غير أبي السكينة -بفتح السين وكسر الكاف كما ضبطه ابن ماكولا في "الإكمال" الذي يروي عنه أبو بكر ابن أبي مريم وجعفر بن برقان، وهذا الثاني هو الذي ذكره البخاري في "تاريخه"، وابن أبي حاتم في االجرح والتعديل" وابن حبان في "الثقات" وقال: يروي المراسيل - وابن عساكر في "تاريخه" 35/ 72.

وعليه يكون أبو سكينة في إسناد المصنف مجهولا، كما قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 2/ 598، وقد ذكره بعضهم في الصحابة لكن قال علي ابن المديني فيما أسنده عنه الطبراني: لا يعلم له صحبة، وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب"، وأقره ابن الأثير في "أسد الغابة"، ذكروه في الصحابة ولا دليل على ذلك، وقال الذهبي في "تجريد أسماء الصحابة": الأظهر أن حديثه مرسل -يعني أنه لا تثبت صحبته-.

الشيخ: الألباني تكلم عليه؟.

الطالب: حسنه أيضًا في صحيح الجامع.

الشيخ: شعيب حسنه كذلك؟.

الطالب: نعم, قال: حسن لغيره.

الشيخ: انظر كلام الشارح.

الطالب: التهييج الإثارة والتُرك بضم فسكون جيل من الناس والجمع الأتراك والواحد تركي كرومي, والحبشة بالتحريك جيل من السودان معروف والواحد حبشي والحبش بن كوش بن حام بن نوح وهم مجاورون لأهل اليمن يقطع بينهم البحر؛ قاله المناوي.

(عن أبي سكينة) بسين وكاف ونون مصغرًا, (من المحررين) أي المعتقين (دعوا الحبشة) أي اتركوا التعرض لابتدائهم بالقتال, (ما ودعوكم) بتخفيف الدال أي ما تركوكم, قال الطيبي رحمه الله: قيل قال ما يستعملون الماضي من ودع إلا ما روي في بعض الأشعار بقوله: ليت شعري عن خليلي ما الذي ... غاله في الحب حتى ودعه.

ويحتمل أن يكون الحديث ما وادعكم أي سالموكم فسقطت الألف من قلم بعض الرواة قال ولا افتقار إلى هذا مع وروده في التنزيل في قوله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ}[الضحى/3] قرئ بالتخفيف كذا في شرح الجامع الصغير للعلقمي, (واتركوا الترك ما تركوكم) أي مدة تركهم لكم فلا تتعرضوا لهم إلا إن تعرضوا لكم.

قال الخطابي: إن الجمع بين قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً}[التوبة/36] وبين هذا الحديث أن الآية مطلقة والحديث مقيد فيحمل المطلق على المقيد ويجعل الحديث مخصصًا لعموم الآية كما خص ذلك في حق المجوس فإنهم كفرة ومع ذلك أخذ منهم الجزية لقوله r: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب».

قال الطيبي رحمه الله: ويحتمل أن تكون الآية ناسخة للحديث لضعف الإسلام, وأما تخصيص الحبشة والترك بالترك والودع فلأن بلاد الحبشة وغيره بين المسلمين وبينهم مهامه وقفار فلم يكلف المسلمين دخول ديارهم لكثرة التعب وعظمة المشقة, وأما الترك فبأسهم شديد وبلادهم باردة والعرب وهم جند الإسلام كانوا من البلاد الحارة فلم يكلفهم دخول البلاد فلهذين السرين خصصهم وأما إذا دخلوا بلاد المسلمين قهرًا والعياذ بالله فلا يحوز لأحد ترك القتال؛ لأن الجهاد في هذه الحالة فرض عين وفي الأولى فرض كفاية ذكره القارئ, وقال: وقد أشار النبي r إلى هذا المعنى حيث قال: «ما تركوكم»؛ انتهى.

قال المنذري: وأخرجه النسائي أتم منه.

الشيخ: على هذا يكون الحديث هذا مخصص للآية, {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً}[التوبة/36] يعني: دعوا الحبشة ما تركوكم, واتركوا الترك ما تركوكم, لكن إذا اعتدوا نقاتلهم, أو إذا داهموا بلد من المسلمين لا يُتركون إنما لا يُبدؤون بالقتال, الآية فيها: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً}[التوبة/36] يُستثنى من هذا الترك والحبشة.

القارئ

باب في قتال الترك

4303 - حدثنا قتيبة، قال: أخبرنا يعقوب يعني الإسكندراني، عن سهيل يعني ابن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرةt، أن رسول الله r قال: «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون الترك، قومًا وجوههم كالمجان المطرقة، يلبسون الشعر».

4304 - حدثنا قتيبة، وابن السرح، وغيرهما، قالوا: قال: أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رواية، قال ابن السرح: إن النبي r قال: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قومًا نعالهم الشعر، ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قومًا صغار الأعين، ذلف الأُنف، كأن وجوههم المجان المطرقة».

4305 - حدثنا جعفر بن مسافر التنيسي، قال: أخبرنا خلاد بن يحيى، قال: أخبرنا بشير بن المهاجر، قال: أخبرنا عبد الله بن بريدة، عن أبيه، عن النبي r في حديث: «يقاتلكم قوم صغار الأعين» يعني الترك، قال: «تسوقونهم ثلاث مرار حتى تلحقوهم بجزيرة العرب، فأما في السياقة الأولى، فينجو من هرب منهم، وأما في الثانية فينجو بعض، ويهلك بعض، وأما في الثالثة، فيصطلمون» أو كما قال.

شرح الشيخ

يعني: يُستأصلون, إيش قال على الحديث الأول؟.

الطالب: إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان، ويعقوب الأسكندراني: هو ابن عبد الرحمن المدني، نزيل الاسكندرية.

وأخرجه مسلم، والنسائي في "الكبرى" عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري، ومسلم، وابن ماجه من طريق عبد الرحمن بن هرمز الأعرج.

الشيخ: الحديث صحيح في مسلم وفيه علم من أعلام النبوة قال: «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون الترك قومًا وجوههم كالمجان المطرقة يلبسون الشعر» هذا في علم من أعلام النبوة, هل حصل هذا أو يحصل مستقبلًا؟ شوف الحديث اللي بعده؟.

الطالب: إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري، ومسلم.

الشيخ: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قومًا نعالهم الشعر، ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قومًا صغار الأعين، ذلف الأُنف، كأن وجوههم المجان المطرقة» هذا فيه زيادة على الحديث الأول, الأول «وجوههم كالمجان المطرقة يلبسون الشعر», الثاني: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قومًا نعالهم الشعر» في زيادة «ذلف الأنوف» طيب الحديث الثالث؟.

الطالب: إسناده ضعيف. بشير بن المهاجر ضعيف عند التفرد، وقد تفرد بهذا الخبر, وقد اُختلف عنه في متن هذا الحديث كما سيأتي.

أخرجه الحاكم وكذلك أحمد في مسنده.

الشيخ: قال: «يقاتلكم قوم صغار الأعين, تسوقونهم ثلاث مرار حتى تلحقوهم بجزيرة العرب، فأما في السياقة الأولى، فينجو من هرب منهم، وأما في الثانية فينجو بعض، ويهلك بعض، وأما في الثالثة، فيصطلمون» هذا ضعيف؟.

والحديث السابق حديث قتيبة أخرجه الشيخان البخاري ومسلم كما ذكر الشارح, (قوله باب في قتال الترك).

الطالب: (قومًا) بدل من الترك وفي بعض النسخ قومٌ بالرفع أي هم قوم, (وجوههم كالمجان) بفتح الميم وتشديد النون جمع المجن بكسر الميم وهو الترس, (المطرقة) بضم الميم وفتح الراء المخففة المجلدة طبقا فوق طبق وقيل هي التي ألبست طراقًا أي جلدًا يغشاها وقيل هي اسم مفعول من الإطراق وهو جعل الطراق بكسر الطاء أي الجلد على وجه الترس؛ ذكره القاري.

وقال النووي: المطرقة بإسكان الطاء وتخفيف الراء هذا الفصيح المشهور في الرواية وفي كتب اللغة والغريب وحكي فتح الطاء وتشديد الراء والمعروف الأول, قال: ومعناه تشبيه وجوه الترك في عرضها ونتوء وجناتها بالترسة المطرقة؛ انتهى.

وقال القاري: شبه وجوههم بالترس لتبسطها وتدويرها وبالمطرقة لغلظها وكثرة لحمها انتهى (يلبسون الشعر) زاد في رواية مسلم ويمشون في الشعر, قال النووي: معناه ينتعلون الشعر كما صرح به في الرواية الأخرى نعالهم الشعر

وقد وجدوا في زماننا هكذا؛ انتهى.

قلت: رواية مسلم بلفظ يلبسون الشعرويمشون في الشعر تدل دلالة واضحة على أنه يكون لباسهم أيضًا من الشعر كما أن نعالهم تكون من الشعر وهو الظاهر لما في بلادهم من ثلج عظيم لا يكون في غيرها على ما قال بن دحية وغيره, قال المنذري: وأخرجه مسلم والنسائي.

الحديث الثاني: قال السيوطي بل هو المتعين فإنهم بالبلاد الباردة الثلجية لا ينفعهم إلا ذلك.

وقال القاري: أي من جلود مشعرة غير مدبوغة, (ذلف الأنوف) بضم الذال وإسكان اللام جمع أذلف كأحمر وحمر ومعناه فطس الأنوف قصارها مع انبطاح وقيل هو غلظ في أرنبة الأنف وقيل تطامن فيها وكله متقارب؛ قاله النووي.

وفي المجمع: الذلف بالحركة قصر الأنف وانبطاحه وقيل ارتفاع طرفه مع صغر أرنبته وروي بالمهملة أيضًا؛ انتهى.

الشيخ: قبلها قال القرطبي في التذكرة: يصنعون من شعر حبالًا.

الطالب: قال القرطبي في التذكرة: يصنعون من شعر حبالًا ويصنعون من الحبال نعالًا كما يصنعون منها ثيابًا

هذا ظاهرة أو أن شعورهم كثيفة طويلة فهي إذا أسدلوها صارت كاللباس لوصولها إلى أرجلهم كالنعال والأول أظهر, قال السيوطي بل هو المتعين فإنهم بالبلاد الباردة الثلجية لا ينفعهم إلا ذلك.

قال النووي في شرح مسلم: وهذه كلها معجزات لرسول الله r فقد وجد قتال هؤلاء الترك بجميع صفاتهم التي ذكرها r فوجدوا بهذه الصفات كلها في زماننا وقاتلهم المسلمون مرات وقتالهم الآن, ونسأل الله الكريم إحسان العاقبة للمسلمين؛ انتهى مختصرًا.

الشيخ: يعني يقول وقع هذا, قتالهم وقع.

الحديث الثالث: (يعني الترك) تفسير من الراوي وهو الصحابي أو التابعي (قال) أي النبي r (تسوقونهم) من السوق أي يصيرون مغلوبين مقهورين منهزمين بحيث أنكم تسوقونهم (ثلاث مرار) أي من السوق (حتى تلحقوهم) من الإلحاق أي توصلوهم آخرا (بجزيرة العرب) قيل هي اسم لبلاد العرب سميت بذلك لإحاطة البحار والأنهار بحر الحبشة وبحر فارس ودجلة والفرات وقال مالك هي الحجاز واليمامة واليمن وما لم يبلغه ملك فارس والروم ذكره الطيبي رحمه الله وتبعه بن الملك (فينجو) أي يخلص (من هرب منهم) أي من الترك (ويهلك بعض) إما بنفسه أو بأخذه وإهلاكه وهو الظاهر (فيصطلمون) بصيغة المجهول أي يحصدون بالسيف ويستأصلون من الصلم وهو القطع المستأصل.

واعلم أن هذا الحديث يدل صراحة على أن المسلمين من أمة النبي r هم الذين يسوقون الترك ثلاث مرار حتى يلحقوهم بجزيرة العرب ففي السياق الأولى ينجو من هرب من الترك وفي الثانية ينجو بعض منهم ويهلك بعض وفي الثالثة يستأصلون.

وأخرج هذا الحديث الإمام أحمد في مسنده وسياقه مخالف لسياق أبي داود مخالفة ظاهرة فإن سياق أحمد يدل صراحة على أن الترك هم الذين يسوقون المسلمين ثلاث مرار حتى يلحقوهم بجزيرة العرب ففي السياقة الأولى ينجو من هرب من المسلمين وفي الثانية ينجو بعض منهم ويهلك بعض وفي الثالثة يستأصلون كلهم.

الشيخ: هذا بناءً على صحة الحديث يعني, إيش قال عن رواية الإمام أحمد؟ الشارح تكلم على سياق أحمد, قال: فانظر إلى سياق أحمد كيف خالف سياق أبي داود مخالفة بينة لا يظهر وجه الجمع بينهما, وبوب القرطبي في التذكرة بلفظ باب في سياقة الترك للمسلمين وسياقة المسلمين لهم ثم أورد فيه رواية أحمد ورواية أبي داود المذكورتين وإني لست أدري ما مراده من تبويبه بهذا اللفظ.

الطالب: قال أحمد في مسنده: حدثنا أبو نعيم حدثنا بشير بن مهاجر حدثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه قال كنت جالسا عند النبي r فسمعت النبي r يقول: «إن أمتي يسوقها قوم عراض الأوجه صغار الأعين كأن وجوههم الحجف ثلاث مرار حتى يلحقونهم بجزيرة العرب أما السابقة الأولى فينجو من هرب منهم وأما الثانية فيهلك بعض وينجو بعض وأما الثالثة فيصطلون كلهم من بقي منهم».

«قالوا يا نبي الله من هم قال هم الترك, قال وأما الذي نفسي بيده ليربطن خيولهم إلى سواري مساجد المسلمين» قال وكان بريدة لا يفارقه بعيران أو ثلاثة ومتاع السفر والأسقية بعد ذلك للحرب مما سمع من النبي r من البلاء من أمراء الترك.

قال القرطبي: إسناده صحيح.

الشيخ: يعني صحح إسناده.

الطالب: فانظر إلى سياق أحمد كيف خالف سياق أبي داود مخالفة بينة لا يظهر وجه الجمع بينهما.

وبوب القرطبي في التذكرة بلفظ "باب في سياقة الترك للمسلمين وسياقة المسلمين لهم" ثم أورد فيه رواية أحمد ورواية أبي داود المذكورتين وإني لست أدري ما مراده من تبويبه بهذا اللفظ إن أراد به الجمع بين روايتي أبي داود وأحمد بأنهما محمولان على زمانين مختلفين ففي زمان يكون سياقة الترك للمسلمين وفي زمان آخر يكون سياقة المسلمين لهم فهذا بعيد جدًا كما لا يخفى على المتأمل, وإن أراد غير هذا فالله تعالى أعلم بما أراد.

وعندي أن الصواب هي رواية أحمد, وأما رواية أبي داود فالظاهر أنه قد وقع الوهم فيه من بعض الرواة ويؤيده ما في رواية أحمد من أنه بريدة لا يفارقه بعيران أو ثلاثة ومتاع السفر والأسقية بعد ذلك للهرب مما سمع من النبي r من البلاء من أمراء الترك ويؤيده أيضا أنه وقع الشك لبعض رواة أبي داود ولذا قال في آخر الحديث أو كما قال ويؤيده أيضًا أنه وقعت الحوادث على نحو ما ورد في رواية أحمد.

فقد قال القرطبي في التذكرة والحديث الأول أي حديث أحمد على خروجهم وقتالهم المسلمين وقتلهم وقد وقع على نحو ما أخبر r فخرج منهم في هذا الوقت أمم لا يحصيهم إلا الله يردهم عن المسلمين إلا الله حتى كأنهم يأجوج ومأجوج فخرج منهم في جمادى الأولى سنة سبع عشرة وست مائة جيش من الترك يقال له التتر عظم في قتله الخطب والخطر وقضي له في قتل النفوس المؤمنة الوطر فقتلوا ما وراء النهر وما دونه من جميع بلاد خراسان ومحوا رسوم ملك بني ساسان, وهذا الجيش ممَن يكفر بالرحمن ويرى أن الخالق المصور هما النَيران, ومُلكهم يُعرف بخان خاقان, وخربوا مدينة نشاور وأطلقوا فيها النيران وحاد عنهم من أهل خوارزم كل إنسان ولم يبق منهم إلا من اختبأ في المغارات والكهفان حتى وصلوا إليها وقتلوا وسبوا وخربوا البنيان وأطلقوا الماء على المدينة من نهر جيحان فغرق منها مباني الدار والأركان.

ثم صيروا المشهد الرضوي بطوس أرضًا بعد أن كان وقطعوا ما امر الله عز وجل به أن يوصل من الدين بأخسر الأديان إلى أن وصلوا إلى بلاد نهشان فخربوا مدينة الري وقزوين ومدينة أردبيل ومدينة مراغة كرسي بلاد آذربيجان وغير ذلك واستأصلوا ساقه من هذه البلاد من العلماء والأعيان واستباحوا قتل النساء وذبح الولدان, ثم وصلوا إلى العراق الثاني وأعظم مدنه مدينة أصبهان ودور سورها أربعون ألف ذراع في غاية الارتفاع والإتقان وأهلها مشتغلون بعلم الحديث فحفظهم الله بهذا الشأن وأنزل عليهم مواد التأييد والإحسان فتلقوهم بصدور هي في الحقيقة صدور الشجعان وحققوا الخبر بأنها بلد الفرسان واجتمع فيها مائة ألف إنسان وخرجوا إليها كالأُسد ولكن غابتها عوامل الخرصان, وقد لبسوا البيضة كثغور الأقحوان, وعليهم دروعٌ فضفاضة في صفاء الغُتران, وهُيئت للمجاهدين درجات الجنان, وأُعدت للكافرين دركات النيران.

وأبرز الططر القتل في مضاجعهم وساقهم القدر المحتوم إلى مصارعهم فمرقوا عن أصبهان مروق السهم من الرمى ففروا منهم فرار الشيطان في يوم بدر وله حصاص ورأوا أنهم إن وقفوا لم يكن من الهلاك خلاص وواصلوا السير بالسير إلى أن صعدوا جبل أربد فقتلوا جميع من فيه من صلحاء المسلمين وخربوا ما فيه من الجنات والبساتين وكانت استطالتهم على ثلثي بلاد المشرق الأعلى وقتلوا من الخلائق ما لا يحصى وقتلوا في العراق الثاني عدة يبعد أن تحصى وربطوا خيولهم إلى سواري المساجد والجوامع كما جاء في الحديث المنذر بخروجهم إلى أن قال وقطعوا السبيل وأخافوها وجاسوا خلال الديار وطافوها وملئوا قلوب المسلمين رعبا وسحبوا ذيل الغلبة على تلك البلاد سحبا ولا شك أنهم هم المنذر بهم في الحديث وأن لهم ثلاث خرجات يصطلمون في الأخيرة منها.

قال القرطبي: فقد كملت بحمد الله خرجاتهم ولم يبق قتلتهم وقتالهم فخرجوا عن العراق الثاني والأول كما ذكرنا وخرجوا من هذا الوقت على العراق الثالث بغداد وما اتصل بها من البلاد وقتلوا جميع من فيها من الملوك والعلماء والفضلاء والعباد واستباحوا جميع من فيها من المسلمين وعبروا الفلاة إلى حلب وقتلوا جميع من فيها وخربوا إلى أن تركوها خالية, ثم أوغلوا إلى أن ملكوا جميع الشام في مدة يسيرة من الأيام وفلقوا بسيوفهم الرؤوس والهام ودخل رعبهم الديار المصرية ولم يبق إلا اللحوق بالديار الأخروية فخرج إليهم من مصر الملك المظفر الملقب بقطز رضي الله عنه بجميع من معه من العساكر وقد بلغت القلوب الحناجر إلى أن التقى بهم بعين جالوت فكان له عليهم من النصر والظفر كما كان لطالوت فقتل منهم جمع كثير وعدد غزير وارتحلوا عن الشام من ساعتهم ورجع جميعه كما كان للإسلام وعدوا الفرات منهزمين ورأوا ما لم يشاهدوه منذ زمان ولا حين وراحوا خائبين وخاسئين مدحورين أذلاء صاغرين؛ انتهى كلام القرطبي باختصار.

الشيخ: هذا كلام في إيش؟.

الطالب: في التذكرة يا شيخ؟.

وقال الإمام بن الأثير في الكامل: حادثة التتار من الحوادث العظمى والمصائب الكبرى التي عقمت الدهور عن مثلها عمت الخلائق وخصت المسلمين فلو قال قائل إن العالم منذ خلقه الله تعالى إلى الآن لم يبتلوا بمثلها لكان صادقًا فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها؛ انتهى.

وقال الذهبي: وكانت بلية لم يصب الإسلام بمثلها؛ انتهى.

الشيخ: على هذا القرطبي يرى أن رواية الإمام أحمد صحيحة وثابتة, ورواية أبي داود هي التي فيها الضعف.

القارئ

باب في ذكر البصرة

4306 - حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، قال: أخبرنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثني أبي، قال: أخبرنا سعيد بن جمهان، قال: أخبرنا مسلم بن أبي بكرة، قال: سمعت أبي، يحدث أن رسول الله r قال: «ينزل ناس من أمتي بغائط يسمونه البصرة، عند نهر يقال له: دجلة، يكون عليه جسر، يكثر أهلها، وتكون من أمصار المهاجرين» - قال ابن يحيى: قال أبو معمر: وتكون من أمصار المسلمين - «فإذا كان في آخر الزمان جاء بنو قنطوراء عراض الوجوه، صغار الأعين، حتى ينزلوا على شط النهر، فيتفرق أهلها ثلاث فرق: فرقة يأخذون أذناب البقر والبرية وهلكوا، وفرقة يأخذون لأنفسهم وكفروا، وفرقة يجعلون ذراريهم خلف ظهورهم، ويقاتلونهم وهم الشهداء».

4307 - حدثنا عبد الله بن الصباح، أخبرنا عبد العزيز بن عبد الصمد، أخبرنا موسى الحناط، لا أعلمه إلا ذكره عن موسى بن أنس، عن أنس بن مالكt، أن رسول الله r قال له: «يا أنس، إن الناس يمصرون أمصارًا، وإن مصرًا منها يقال له: البصرة - أو البصيرة - فإن أنت مررت بها، أو دخلتها، فإياك وسباخها، وكلاءها، وسوقها، وباب أمرائها، وعليك بضواحيها، فإنه يكون بها خسف وقذف ورجف، وقوم يبيتون يصبحون قردة وخنازير».

4308 - حدثنا محمد بن المثنى، أخبرنا إبراهيم بن صالح بن درهم، قال سمعت أبي يقول: انطلقنا حاجين، فإذا رجل، فقال لنا: إلى جنبكم قرية يقال لها: الأبلة؟ قلنا: نعم، قال: من يضمن لي منكم أن يصلي لي في مسجد العشار ركعتين، أو أربعًا، ويقول هذه لأبي هريرة: سمعت خليلي رسول الله r يقول: «إن الله يبعث من مسجد العشار يوم القيامة شهداء، لا يقوم مع شهداء بدر غيرهم» قال أبو داود: هذا المسجد مما يلي النهر.

شرح الشيخ

الحديث الأول؟.

الطالب: إسناده ضعيف, سعيد بن جمهان -وإن وثقه غير واحد من الأئمة- له ما يُنكر، وقد وهم في إسناد هذا الحديث وفي متنه كذلك، فقد روى هذا الحديث محمد بن سيرين، فخالفه في إسناده ومتنه، فرواه عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: يوشك بنو قنطورا أن يخرجوكم من أرض العراق، قلت: ثم نعود، قال: أنت تشتهي ذاك؟ قلت: نعم، قال: نعم، وتكون لكم سلوة من عيش. فجعل محمد بن سيرين هذا من قول عبد الله بن عمرو بن العاص، وخالفه في متنه كما ترى. ومحمد بن سيرين إمام متفق عليه.

وقد روى هذا الحديث غير واحد عن عبد الله بن عمرو بن العاص، فجعلوه من قوله أيضًا، بنحو لفظ محمد بن سيرين، لكن عند بعضهم زيادة تخالف رواية سعيد ابن جمهان سيأتي بيانها, قال: وأخرجه الطيالسي وغيره.

الشيخ: كلام الشارح «ينزل ناس من أمتي بغائط»؟.

الطالب: (بغائط) الغائط المطمئن الواسع من الأرض (يسمونه البصرة) قال في القاموس البصرة بلدة معروفة ويكسر ويحرك ويكسر الصاد أو هو معرب بس راه أي كثير الطرق (عند نهر) بفتح الهاء ويسكن (دجلة) بكسر الدال ويفتح نهر بغداد (جسر) أي قنطرة ومعبر (يكثر أهلها) أي أهل البصرة.

قال القاري في المرقاة في حاشية الشفاء للحلبي: البصرة مثلث الباء والفتح أفصح بناها عتبة بن غزوان في خلافة عمر رضي الله عنه ولم يعبد الصنم قط على ظهرها والنسبة إليها بالكسر والفتح.

(وتكون) أي البصرة (من أمصار المهاجرين) هذا لفظ محمد بن يحيى عن عبد الصمد وروى محمد بن يحيى عن أبي معمر من أمصار المسلمين وإليه أشار أبو داود بقوله قال بن يحيى إلى آخره, قال الأشراف: أراد r بهذه المدينة مدينة السلام بغداد فإن الدجلة هي الشط وجسرها في وسطها لا في وسط البصرة وإنما عرفها النبي r ببصرة لأن في بغداد موضعا خارجيًا منه قريبًا من بابه يدعى باب البصرة فسمى النبي r بغداد باسم بعضها أو على حذف المضاف كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف/82] وبغداد ما كانت مبنية في عهد النبي r على هذه الهيئة ولا كان مصرًا من الأمصار في عهده r.

الشيخ: هذا بناءً على صحة الحديث.

الطالب: ولهذا قال r ويكون من أمصار المسلمين بلفظ الاستقبال بل كان في عهده قرى متفرقة بعد ما خرجت مدائن كسرى منسوبة إلى البصرة محسوبة من أعمالها, هذا وإن أحدا لم يسمع في زماننا بدخول الترك البصرة قط على سبيل القتال والحرب, ومعنى الحديث: أن بعضًا من أمتي ينزلون عند دجلة ويتوطنون ثمة ويصير ذلك الموضع مصرًا من أمصار المسلمين وهو بغداد؛ ذكره القاري.

(فإذا كان) أي الأمر والحال فاسمه مضمر (جاء بنو قنطوراء) بفتح القاف وسكون النون ممدودا كذا ضبط وقال القاري مقصورًا وقد يمد أي يجيئون ليقاتلوا أهل بغداد, وقال بلفظ جاء دون يجيء إيذانا بوقوعه فكأنه قد وقع وبنو قنطوراء اسم أبي الترك وقيل اسم جارية كانت للخليل عليه الصلاة والسلام ولدت له أولادًا جاء من نسلهم الترك وفيه نظر فإن الترك من أولاد يافث بن نوح وهو قبل الخليل بكثير كذا ذكره بعضهم ويمكن دفعه بأن الجارية كانت من أولاد يافث أو المراد بالجارية بنت منسوبة للخليل لكونها من بنات أولاده وقد تزوجها واحد من أولاد يافث فأتت بأبي هذا الجيل فيرتفع الإشكال؛ انتهى.

(عراض الوجوه) بدل أو عطف بيان (على شط النهر) أي على جانب النهر قال في المصباح الشط جانب النهر وجانب الوادي (ثلاث فرق) بكسر ففتح جمع فرقة (يأخذون أذناب البقر) أي أن فرقة يعرضون عن المقاتلة هربًا منها وطلبا لخلاص أنفسهم ومواشيهم ويحملون على البقر فيهيمون في البوادي ويهلكون فيها أو يعرضون عن المقاتلة ويشتغلون بالزراعة ويتبعون البقر للحراثة إلى البلاد الشاسعة فيهلكون (وفرقة يأخذون لأنفسهم) أي يطلبون أو يقبلون الأمان من بني قنطوراء (فرقة يجعلون ذراريهم) أي أولادهم الصغار والنساء (ويقاتلونهم وهم الشهداء) أي الكاملون, قال القاري: وهذا من معجزاته r فإنه وقع كما أخبر وكانت هذه الواقعة في صفر سنة ست وخمسين وست مائة؛ انتهى.

قال المنذري في إسناده سعيد بن جمهان ومنه سوق الكلاء بالبصرة؛ انتهى, وثقه يحيى بن معين وأبو داود السجستاني, وقال أبو حاتم الرازي: شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به.

الشيخ: هذا بناءً على صحة الحديث؟ إيش قال على تخريجه؟.

الطالب: إسناده ضعيف, سعيد بن جمهان -وإن وثقه غير واحد من الأئمة- له ما يُنكر, ضعف الإسناد يا شيخ.

الشيخ: هنا يقول الشارح: وثقه يحيى بن معين وأبو داود السجستاني, وقال أبو حاتم الرازي: شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به, يعني حكم على الحديث بالحُسن لأنه قال الآن: قال القاري وهذا من معجزاته r فإنه وقع كما أخبر وكانت هذه الواقعة في صفر سنة ست وخمسين وست مائة, على هذا يكون القارئ وثقه, صحح الحديث.

الطالب: وحسنه الشيخ الألباني.

الشيخ: قال حسن, وشعيب ضعفه, يقول: إنه حصل هذا يعني الفرق الثلاث فرقة يأخذون أذناب البقر, والبرية, يعني: يُعرضون على المقاتلة هربًا منها, (وفرقة يأخذون لأنفسهم) أي يطلبون أو يقبلون الأمان, (فرقة يجعلون ذراريهم) أي أولادهم الصغار والنساء (ويقاتلونهم وهم الشهداء) أي الكاملون, (وفرقة يأخذون لأنفسهم) أي يطلبون أو يقبلون الأمان من بني قنطوراء, يعني يأخذون الأمان, لماذا كفروا؟ بنكولهم عن القتال؟ تكلم عليها عندك؟.

الطالب: كلام ابن رسلان يقول: وفرقةٌ يأخذون لأنفسهم الأمان من عدوهم ليسلموا من القتل, وكفروا؛ أي: بالله تعالى ودخلوا في دينهم, وفي بعض النسخ كما في رواية: وهلكوا بدل كفروا, وسبب هلاكهم أنهم سلموا أنفسهم وطلبوا أمان مَن لا وفاء له بل شيمتهم الغدر.

الشيخ: ودخلوا في دينهم, هذا يعني قد يقول إن هذا وقع, وهذا دليل يقوي صحة الحديث لأنها وقعت كما أخبر, وكانت هذه الواقعة في صفر سنة ست وخمسين وست مائة.

الطالب: السندي هنا ذكر قال: (وكفروا) أي: كأنهم جحدوا افتراض القتال عليهم, قيل: هم المعتصم بالله ورؤساء بغداد وعلماؤها طلبوا الأمان فقُتلوا, والله تعالى أعلم.

الشيخ: وقع يعني والأقرب صحته, طيب الحديث الثاني إيش قال عليه؟.

الطالب: الحديث الثاني قال:رجاله ثقات، وفي رفعه نظر، ولا يعرف من رواية موسى بن أنس إلا من هذا الوجه على شك وقع في نسبته إليه، وقد روي من وجه آخر عن عمار بن زربي، عن النضر بن حفص بن النضر بن أنس بن مالك، عن أبيه، عن جده.

وعمار متروك الحديث والنضر مجهول، وقد أورده العقيلي في "الضعفاء" من هذا الطريق في ترجمة النضر ثم قال: النضر بصري مجهول بالقل، حديثه غير محفوظ، ثم ساقه بإسناده. وأورده ابن عدي في "الكامل" كذلك من طريق عمار بن زربي، وقال: هذا غير محفوظ وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات".

وقد روي هذا الحديث عن ثابت بن أسلم البناني وقتادة بن دعامة، غير أنهما جعلاه عن عبد الله بن عمرو بن العاص موقوفًا عليه من قوله, ومعلوم أن ثابتًا وقتادة من أخص تلامذة أنس بن مالك، فلو صح عنه هذا الحديث لعلماه.

وقد بينا عند الحديث السابق أن عبد الله بن عمرو بن العاص إنما أخذ مثل هذه الأخبار من أهل الكتاب وكان قد حصل زاملتين من كتبهم يوم اليرموك.

الشيخ: يعني موقوف؟.

الطالب: ومما يؤيد أن هذا ليس من قول النبي r ما رواه ابن أبي شيبة أيضًا عن أبي معاوية، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي قال: جاء بي رجل إلى حذيفة، فقال: إني أريد البصرة، فقال: إن كنت لا بد لك من الخروج، فأنزل عزواتها، ولا تنزل سرتها, وهذا إسناد صحيح عن حذيفة، ولم يرفعه.

وقد نزل في البصرة خيار أهل العلم، حتى لقد كانت إحدى حواضر العالم الإسلامي زمانا، ونزلها الصحابة وكان فيها أنس بن مالك نفسه، فكيف يصح هذا الحديث من روايته، ثم ينزل البصرة، ويقيم بها.

الشيخ: الألباني إيش قال عليه؟.

الطالب: صحيح الإسناد.

الشيخ: وحاشية السندي؟ اقرأ قول الشارح؟.

الطالب: قوله: (يمصرون أمصارًا) أي يتخذون بلادًا والتمصير اتخاذ المصر (وإن مصرًا منها) أي من الأمصار (فإن أنت مررت بها أو دخلتها) أو للتنويع لا للشك (فإياك وسباخها) أي فاحذر سباخها وهو بكسر السين جمع سبخة بفتح فكسر أي أرض ذات ملح.

وقال الطيبي: هي الأرض التي تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت إلا بعض الشجر (وكلاءها) ككتاب موضع بالبصرة قاله في فتح الودود.

وقال القاري: بفتح الكاف وتشديد اللام ممدودا موضع بالبصرة؛ انتهى.

قال الحافظ بن الأثير في النهاية: الكلاء بالتشديد والمد الموضع الذي تربط فيه السفن ومنه سوق الكلاء بالبصرة انتهى (وسوقها) إما لحصول الغفلة فيها أو لكثرة اللغو بها أو فساد العقود ونحوها (وباب أمرائها) أي لكثرة الظلم الواقع بها (وعليك بضواحيها) جمع الضاحية وهي الناحية البارزة للشمس وقيل المراد بها جبالها وهذا أمر بالعزلة فالمعنى الزم نواحيها (فإنه يكون بها) أي بالمواضع المذكورة (خسف) أي ذهاب في الأرض وغيبوبة فيها (وقذف) أي ريح شديدة باردة أو قذف الأرض الموتى بعد دفنها أو رمي أهلها بالحجارة بأن تمطر عليهم, قاله القاري: قلت الظاهر المناسب ها هنا هو المعنى الأخير كما لا يخفى, (ورجف) أي زلزلة شديدة (وقوم) أي فيها قوم (يبيتون) أي طيبين (يصبحون قردة وخنازير) قال الطيبي المراد به المسخ وعبر عنه بما هو أشنع؛ انتهى.

وقيل: في هذا إشارة إلى أن بها قدرية لأن الخسف والمسخ إنما يكون في هذه الأمة للمكذبين بالقدر.

قال السيوطي في مرقاة الصعود: هذا الحديث أورده بن الجوزي في الموضوعات من غير الطريق الذي أخرجه منها المصنف وغفل عن هذا الطريق وقد تعقبته فيما كتبته على كتابه.

وقال الحافظ صلاح الدين العلائي: هذا الحديث ذكره بن الجوزي في الموضوعات من طريق أبي يعلى الموصلي أخبرنا عمار بن زوبى أخبرنا النضر بن أنس عن أبيه عن جده عن أنس وتعلق فيه بعمار بن زوبى وهو متهم وهو كما قال لكنه لم يتفرد به عمار بل له سند آخر عند أبي داود رجاله كلهم رجال الصحيح وليس به إلا عدم الجزم باتصاله لقول عبد العزيز فيه لا أعلمه إلا ذكره عن موسى بن أنس ولكن هذا يقتضي غلبة الظن به وذلك كاف في أمثاله؛ انتهى.

قال المنذري لم يجزم الراوي به قال لا أعلمه إلا ذكره عن موسى بن أنس.

الشيخ: شعيب يرى أن الحديث غير ثابت, الجوزي ذكر الموضوعات من طريق آخر, هل يرى أنه موقوف على عبد الله بن عمرو, الألباني إيش قال عليه؟.

الطالب: صحح إسناده, قال: صححه الألباني في "المشكاة".

الشيخ: كيف يكون من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص, هو من رواية أنس هنا, كيف يقول: أنه موقوف على عبد الله بن عمرو مع أنه من رواية أنس الآن؟.

الطالب: الشيخ شعيب ذكر أن هذه الرواية موقوفة بدليل ما ذكره قبل ذلك من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص.

الشيخ: أين رواية عبد الله بن عمرو بن العاص؟.

الطالب: قال: وقد روي هذا الحديث عن ثابت بن أسلم البُناني وقتادة بن دعامة غير أنهما جعلاه عن عبد الله بن عمرو بن العاص موقوفًا عليه من قوله, قال: ولهذا فإن قول الحافظين العلائي وابن حجر في أجوبتيهما عن أحاديث المصابيح دقيق حيث إنهما لم يجزما بصحة إسناد الحديث الذي عند المصنف, وإنما قال العلائي هذا إسنادٌ رجاله على شرط مسلم, وقال ابن حجر: رجاله ثقات, فهذا حكمٌ منهما على الرجال لا على الغسناد, بل هو توقفٌ في الحكم على الإسناد.

الشيخ: الحديث دل على أنه يكون خسف وقذف ورجف ومسخ قردة وخنازير؛ يعني: أمور عظيمة لابد من ثبوتها, يعني الشيخ الأـلباني يرى أنه صحيح, الحديث الذي بعده إيش قال عليه؟.

الطالب: إسناده ضعيف لضعف إبراهيم بن صالح بن درهم، قال البخاري في "تاريخه": لا يتابع عليه، وقال العقيلي في "الضعفاء": إبراهيم وأبوه ليسا بمشهورين بنقل الحديث، والحديث غير محفوظ، وقال ابن عدي في "الكامل" في ترجمة خالد بن عمرو القرشي السعيدي: وهذا الحديث بأي إسناد كان فهو منكر.

الشيخ: شوف كلام الشارح عليه, قال: إسناده ضعيف لضعف إبراهيم بن صالح بن درهم.

الطالب: (حاجين) أي مريدين الحج (فإذا رجل) أي واقف والمراد به أبو هريرة (إلى جنبكم قرية) بحذف الاستفهام (يقال لها الأبلة) بضم الهمزة والباء وتشديد اللام البلد المعروف قرب البصرة من جانبها البحري

كذا في النهاية وهي أحد المنتزهات الأربع وهي أقدم من البصرة؛ ذكره القاري.

(من يضمن) استفهام للالتماس والسؤال والمعنى من يتقبل ويتكفل (لي) أي لأجلي (أن يصلي لي) أي بنيتي (في مسجد العشار) بفتح العين المهملة وتشديد الشين المعجمة مسجد مشهور يتبرك بالصلاة فيه ذكره ميرك (ركعتين أو أربعا) أي أربع ركعات أو للتنويع أو بمعنى بل (ويقول) أي عند النية أو بعد فراغ الصلاة (هذه) أي الصلاة أو ثوابها (لأبي هريرة) فإن قيل الصلاة عبادة بدنية ولا تقبل النيابة فما معنى قول أبي هريرة, قلنا: يحتمل أن يكون هذا مذهب أبي هريرة قاس الصلاة على الحج وإن كان في الحج شائبة مالية ويحتمل أن يكون معناه ثواب هذه الصلاة لأبي هريرة فإن ذلك جوزه بعضهم؛ كذا ذكره الطيبي رحمه الله.

قال القاري: وقال علماؤنا الأصل في الحج عن الغير أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره من الأموات والأحياء حجًا أو صلاة أو صومًا أو صدقة أو غيرها كتلاوة القرآن والأذكار فإذا فعل شيئا من هذا وجعل ثوابه لغيره جاز ويصل إليه عند أهل السنة والجماعة؛ انتهى.

قلت: قد حُقق هذا البحث في موضعه وليس هذا موضعه, (أبا القاسم) بدل أو عطف بيان (لا يقوم) أي من القبور أو في المرتبة (مع شهداء بدر غيرهم) ولم يعرف أنهم من شهداء هذه الأمة أو من الأمم السابقة قاله القاري (هذا المسجد مما يلي النهر) أي نهر الفرات.

قال المنذري: إبراهيم بن صالح بن درهم ذكره البخاري في التاريخ الكبير وذكر له هذا الحديث وقال: لا يُتابع عليه وذكره أبو جعفر العقيلي, وقال فيه: إبراهيم هذا وأبوه ليسا بمشهورين والحديث غير محفوظ وذكر الدارقطني أن إبراهيم هذا ضعيف.

الشيخ: هنا كلام الشارح على أنه يصلي له ركعتين بناءً على صحة الحديث, كيف يكون هذا؟ قال: (مَن يضمن لي منكم أن يصلي في مسجد العشار ركعتين أو أربعًا ويقول: هذه لأبي هريرة, سمعت خليلي r يقول: «إن الله يبعث من مسجد العشار يوم القيامة شهداء لا يقوم مع شهداء بدرٍ غيرهم») إيش مناسبة هذا؟ مناسبة كونه يصلي ركعتين على الحديث, هل فيه مناسبة؟ رجل يقول: (مَن يضمن لي منكم أن يصلي في مسجد العشار ركعتين أو أربعًا ويقول:..) مَن القائل؟ هذا أبو هريرة: (سمعت خليلي r يقول: إن الله يبعث من مسجد العشار يوم القيامة شهداء لا يقوم مع شهداء بدرٍ غيرهم») إيش مناسبة كونه يصلي ركعتين ويقول: هذه لأبي هريرة, ما مناسبته لهذا؟.

الطالب: لأنها قُرب البصرة.

الشيخ: «إن الله يبعث من مسجد العشار يوم القيامة شهداء»؟.

الطالب: (03:14:43)

الشيخ: كونه يتبرك فيه هذا فيه نظر.

الطالب: في ذكر البصرة وهذا المسجد قريب من البصرة.

الشيخ: وإذا كان قريب من البصرة يصلي لأبي هريرة ركعتين؟ كيف يصلي لأبي هريرة ركعتين؟ الألباني تكلم عليه؟.

الطالب: ضعيف.

الشيخ: هو ضعيف ومتنه منكر, من جهة أن الصلاة لأبي هريرة هذه منكر, وكونهم يقومون مع شهداء بدر, شهداء بدر لا يلحقهم مَن بعدهم, هذا منكر المتن.

الطالب: ابن رسلان يقول: قوله (يصلي هذه لأبي هريرة) فيه دلالة على جواز الصلاة عن الغير وبه قال ثم ذكر بياض, قال: والقاعدة أن العبادات البدنية لا تصح النيابة في شيءٍ منها كالصلوات والتسبيح والتحميد والتكبير والأذان وقراءة القرآن, وكذا القولية والقلبية كالعِرفان والإيمان بالله تعالى, وكل ما يجب الإيمان به.

الشيخ: هذا مسألة النيابة لكن هذا الرجل الذي يقول: صلوا لأبي هريرة, لماذا يقول هذا؟ أبو هريرة ما قال: صلوا لي.

الطالب: قال: هذه لأبي هريرة؟.

الشيخ: طيب لماذا قال: صلوا لأبي هريرة؟.

الطالب: من أجل الفضل المذكور, شيخ ذكر قال: واستثنى من ذلك الحج والعمرة في حق العاجزين, قال: وعلى قول الجمهور يُحتمل أن يكون التقدير مثل أجل هذه الصلاة لأبي هريرة الذي دلني على الصلاة في هذا المسجد ورغبني فيه ودعاني إلى فعله.

الشيخ: طيب وإذا صلى في هذا المسجد يحصل له مثل شهداء بدر؟.

الطالب: قال: لرواية مسلم وغيره «مَن دعا إلى هدى» الحديث, قال: لاسيما وأبو هريرة هو راوي هذا الحديث.

الشيخ: الحديث ضعيف جدًا, منكر المتن وشاذ من جهات متعددة, الصلاة لأبي هريرة, وكونهم يقومون مع شهداء بدر أيضًا هذا منكر, ومع ضعف السند, فلا يصح هذا الحديث, الشيخ الألباني قال: ضعيف السند منكر المتن ولا يصح.

نقف على باب ذكر الحبشة.

الشيخ: مسألة الصلاة يعني إهداء الثواب معروفة, الجمهور على أنه لا يُهدى ثواب العبادات البدنية, قال بعضهم: إلا بالنذر, فالمسألة فيها كلام, لكن ليس الكلام في المسألة هذه, الإشكال في الصلاة لأبي هريرة وكونهم شهداء مثل شهداء بدر.

الطالب: (03:18:51)

الشيخ: الصدقة لا.

 

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد