شعار الموقع

1- شرح كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين

00:00
00:00
تحميل
29

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين.

متن: قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتابه طريق الهجرتين وباب السعادتين.

شرح: نعم نقرأ المقدمة، تعيد المقدمة، نقرأها من أول المقدمة، كتاب عظيم هذا.

متن: ‹‹الحمد لله الذي نصب الكائنات .... ››

شرح: طريق الهجرتين أي: الكتاب والسنة. باب السعادتين -سعادة الدنيا والآخرة-، نعم.

متن: ‹‹ الْحمد لله الذي نصب الكائنات على ربوبيته ووحدانيته حججاً، وحجب العقول والأَبصار أن تجد إلى تكييفه منهجاً وأَوجب الفوز بالنجاة لمن شهد له بالوحدانية شهادة لم يبغ لها عوجاً، وجعل لمن لاذ به واتقاه من كل ضائقة مخرجاً، وأَعقب من ضيق الشدائد وضنك الأَوابد لمن توكل عليه فرجاً، وجعل قلوب أَوليائه متنقلة من منازل عبوديته من الصبر والتوكل والإِنابة والتفويض والمحبة والخوف والرجاء فسبحان من أَفاض على خلقه النعمة، وكتب على نفسه الرحمة، وضمّن الكتاب الذي كتبه، أَن رحمته تغلب غضبه. أسبغ على عباده نعمه، وسخر لهم البر والبحر والشمس والقمر والليل والنهار والعيون والأَنهار والضياءَ والظلام، وأَرسل إليهم رسله وأَنزل عليهم كتبه يدعوهم إلى جواره في دار السلام، }فَمَنْ يُرِدِ اللَّه ....{››.

شرح: }فمن يرد اللهُ ...{

متن: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا}، فسبحان من {أَنْـزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا}، ورفع لمن ائتمَّ به فأَحلَّ حلالَهُ وحرَّمَ حرامَهُ وعمل بمحكمه وآمن بمتشابهه في مراقي السعادة درجاً، ووضع من أَعرض عنه ولم يرفع به رأسا ونبذه وراءَ ظهره وابتغى الهدى من غيره، وجعله في دركات الجحيم متولجاً، فإِنه الذكر الحكيم والصراط المستقيم والنبأُ العظيم وحبل الله المتين المديد بينه وبين خلقه، وعهده الذى من استمسك به فاز ونجا.

وأَشهد أن لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له ولا سمي له ولا كفء له ولا صاحبة له ولا ولد ولا شبيه له ولا يحصى أَحد ثناءً عليه بل هو كما أَثنى على نفسه وفوق ما يثنى عليه خلقه، شهادة من أصبح قلبه بالإيمان بالله وأَسمائه وصفاته مبتهجاً، ولم يزغ إلى شبهة الجاحدين المعطلين معرجاً››

ولم؟

متن: ‹‹ ولم يزغ إلى شبهة الجاحدين ››

أحسن الله إليك .

  • بالطاء؟
  • لا، بالغين.
  • ولم يَزِغ.

متن: ‹‹ ولم يزغ إلى شبه الجاحدين المعطلين مُعَرّجاً، وأَشهد أَن محمداً عبده ورسوله››

شرح: مَعْرَجاً.

متن: مَعْرَجا؟

نعم.

متن: ‹‹ مَعْرَجاً، وأَشهد أَن محمداً عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأَمينه على وحيه وسفيره بينه وبين عباده، أَرسله رحمة للعالمين وقدوة للعاملين ومحجة للسالكين وحجة على العباد أجمعين. أَرسله على حين فترة من الرسل، فهدى به إلى أَقوم الطرق وأَوضح السبل وافترض على العباد طاعته ومحبته وتعزيره وتوقيره والقيام بحقوقه، وسدَّ إلى جنته جميع الطرق فلم يفتح لأَحد إلا من طريقه، فشرح له صدره، ورفع له ذكره، ووضع عنه وزره وجعل الذلة والعار على من خالف أَمره، فهدى به من الضلالة وعلَّم به من الجهالة. وكثَّر به بعد القلَّة، وَأعزَّ به بعد الذلَّة وأَغنى به بعد العَيْلَة، وبصَّر به من العمى، وأَرشد به من الغي وفتح برسالته أَعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفا، فَبَلَّغ الرسالة وأَدَّى الأَمانة ونصح الأُمة وجاهد في الله حق جهاده وعَبَدَ الله حتى أَتاه اليقين فلم يدع خيراً إلا دل أمته عليه ولا شراً إِلا حذر منه››

شرح: اللهم صلّ عليه، عليه الصلاة والسلام.

متن: ‹‹ونهى عن سلوك الطريق الموصلة إليه. ففتح القلوب بالإِيمان والقرآن، وجاهد أَعداءَ الله باليد والقلب واللسان. فدعا إلى الله على بصيرة، وسار في الأُمة- بالعدل والإِحسان وخلقه العظيم- أَحسن سيرة، إلى أَن أَشرقت برسالته الأَرض بعد ظلماتها، وتأَلفت به القلوب بعد شتاتها. وسارت دعوته مسيرة الشمس في الأَقطار وبلغ دينه القيم ما بلغ الليل والنهار، واستجابت القلوب لدعوته الحق طوعاً وإذعاناً، وامتلأَت بعد خوفها وكفرها أَمناً وإِيماناً، فجزاه الله عن أُمته أَفضل الجزاءِ، وصلى عليه صلاة تملأُ أَقطار الأَرض والسماء، وسلم تسليماً كثيراً.

 أَما بعد..

فإِن الله سبحانه غرس شجرة محبته ومعرفته وتوحيده في قلوب من اختارهم لربوبيته، واختصهم بنعمته، وفضلهم على سائر خليقته، فهي {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا}، وكَذَلِكَ شَجَرَةُ الإِيمان أَصلها ثابت في القلب وفروعها من الكلم الطيب والعمل الصالح في السماءِ، فلا تزال هذه الشجرة تخرج ثمرها كل وقت بإِذن ربها من طيب القول وصالح العمل ما تقرُّ به عيون صاحب الأَصل وعيون حفظته وعيون أَهله وأَصحابه ومن قرب منه››

شرح: أعد، سطرين.

متن: ‹‹ فلا تزال هذه الشجرة تخرج ثمرها كل وقت بإِذن ربها من طيب القول وصالح العمل ما تُقَرُّ به ...››

شرح: ما تَقَرُّ.

متن: ‹‹ ما تَقَرُّ به عين صاحب الأَصل وعيون حفظته وعيون أَهله وأَصحابه ومن قرب منه، فإِن من قرت عينه بالله سبحانه قرت به كل عين وأَنُس به كل مستوحش وطاب به كل خبيث وفرح به كل حزين وأَمن به كل خائف وشهد به كل غائب، وذكرت رؤيته بالله، فإِذا رُؤى ذكر الله فاطمأَن قلبَه إلى الله وسكنت نفسَه إلى الله››

شرح: نفسُه، واطمأن قلبُه.

متن: ‹‹ فاطمأَن قلبه إلى الله ››

شرح: قبل سطر.

متن: ‹‹ وطاب به كل خبيث وفرح به كل حزين ››

شرح: لا، قبلها.

متن: يقول: ‹‹ فإِنّ من قرت عينه بالله –سبحانه- قرت به كل عين››

شرح: كلُ عين، قرت به كلُ عين.

متن: ‹‹ فإِنّ من قرت عينه بالله سبحانه قرت به كل عين وأَنس به››

شرح: وأَنِس.

متن: ‹‹وأَنِس به كل مستوحش››

شرح: كلُ.

متن: ‹‹كلُ مستوحش، وطاب به كل خبيث وفرح به كل حزين وأَمن به كل خائف وشهد به كل غائب، وذكّرت رؤيته بالله، فإِذا رؤى ذكر الله فاطمأَن قلبه إلى الله وسكنت نفسه إلى الله، وخلصت محبته لله وقصر خوفه على الله وجعل رجاءَه كله لله، فإِن سمع سمع بالله وإِن أَبْصر أَبصر بالله وإن بطش بطش بالله وإِن مشى مشى بالله، فبه يسمع وبه يبصر وبه يبطش وبه يمشى، فإِذا أَحب أحب لله، وإِذا أَبغض أبغض لله وإِذَا أَعطى فللَّه وإِذَا منع فللَّه، قد اتخذ الله وحده معبوده ومرجوه ومخوفه وغاية قصده ومنتهى طلبه، واتخذ رسوله وحده دليله وإِمامه وقائده وسائقه، فوحد الله بعبادته ومحبته وخوفه ورجائِهِ وأفرد رسوله بمتابعته والاقتداءِ به والتخلق بأَخلاقه والتأَدب بآدابه.

فله في كل وقت هجرتان: هجرة إلى الله بالطلب والمحبة والعبودية والتوكل والإِنابة والتسليم والتفويض والخوف والرجاءِ والإِقبال عليه وصدق اللجئ والافتقار في كل نَفس إِليه، وهجرة إِلى رسوله في حركاته وسكناته الظاهرة والباطنة، بحيث تكون موافقة لشرعه الذي هو تفصيل محابّ الله ومرضاته، ولا يقبل الله من أَحد ديناً سواه، وكل عمل سواه فعيش النفس وحظها لا زاد المعاد››

شرح: هذا طريق الهجرتين: الهجرة إلى الله والمحبة والتقرب إليه بطاعته -سبحانه وتعالى-.

والهجرة إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بمتابعته والاستنان بسنته وتحكيم الشرع،

هذا طريق الهجرتين: الهجرة إلى الله، والهجرة إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام-، نعم.

وباب السعادتين: سعادة الدنيا، وسعادة الآخرة، نعم.

متن: ‹‹وقد قال شيخ (الطريقية) وإمام الطائفة››

شرح: شيخ الطريقة.

-أحسن الله إليك.

متن: ‹‹وقد قال شيخ الطريقة وإِمام الطائفة الجنيد بن محمد قدّس الله روحه: الطرق كلها مسدودة إلا طريق من اقتفى آثار النبي صلى الله عليه وسلم، فإِن الله عَزَّ وجَلَّ يقول: ‹‹وَعِزَّتِي وَجَلالي لَوْ أَتُونِى مِنْ كُلِّ طَرِيقٍ، وَاسْتَفْتَحُوا مِنْ كُلِّ بَابٍ، لَمَا فَتَحتُ لَهُمْ حَتَّى يَدخُلُوا خَلْفَكَ››.››

شرح: خلف الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فالطرق كلها مسدودة إلا من طريق الرسول -عليه الصلاة والسلام-، لو جاءوا من كل طريق، ما قبل الله، حتى يمشوا خلف النبي -صلى الله عليه وسلم-، نعم.

متن: ‹‹ وقال بعض العارفين: كل عمل بلا متابعة فهو عيش النفس››

شرح: نعم، بلا متابعة للرسول -عليه الصلاة والسلام-، ما يصح العمل إلا بالمتابعة، نعم.

أحد الحاضرين: كلُ؟

متن: ‹‹ وقال بعض العارفين: كل عمل بلا متابعة فهو عيش النفس››

أحد الحاضرين: عيش النفس؟

شرح: عيش النفس في هذه الحياة، ليس عيش مع الله، نعم.

مثل عيش البهائم.

-أحسن الله إليك.

متن: ‹‹ولما كانت السعادة دائرة- نفياً وإِثباتاً- مع ما جاءَ به كان جديراً بمن نصح نفسه أَن يجعل لحظات عمره وقفاً على معرفته وإِرادته مقصورة على محابّه، وهذا أَعلى همة شمر إليها السابقون وتنافس فيها المتنافسون، فلا جرم ضمنَّا هذا الكتاب قواعد من سلوك الهجرة المحمدية، وسميناه طريق الهجرتين، وباب السعادتين، وابتدأناه بباب الفقر والعبودية؛ إذ هو باب السعادة وطريقها الأقوم الذى لا سبيل إلى دخولها إِلا منه، وختمناه بذكر طبقات المكلَّفين من الجن والإِنس في الآخرة ومراتبهم في دار السعادة والشقاوة، فجاءَ الكتاب غريباً في معناه، عجيباً في مغزاه لكل قوم منه نصيب، ولكل وارد منه مشرب وما كان فيه من حق وصواب فمن الله هو المانّ به فإنما التوفيق بيده وما كان فيه من خطأ وزلل فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريء. فيا أَيها القارئ له والناظر فيه، هذه بضاعة صاحبها... ››.

قف على قول: ‹‹ولما كان››، ولما كان أيش؟

بقي شيء يسير.

أعرف. نحتاج نعيدها،

متن: ‹‹ولما كانت السعادة››.

نقف على هذا، ونكتفي بالقراءة السابقة، ثم نكمل ونبدأ بالفصل اللي بعده.

وفق الله الجميع إلى مرضاته.

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد