بسم الله والحمد لله وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين
قال ابن القيم في كتابه " طريق الهجرتين وباب السعادتين "
المتن: ‹‹ فالفقر فقران: فقر اضطراري، وهو فقر عام لا خروج لبر ولا فاجر عنه، وهذا الفقر لا يقتضي مدحاً ولا ذما ًولا ثواباً ولا عقاباً، بل هو بمنزلة كون المخلوق مخلوقاً ومصنوعا ً ››
الشرح: هذا الفقر العام يقصد به جميع المخلوقات اقرأ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} فهذا فقر عام ووصف ذاتي لكل انسان وليس لأحد الخروج عنه حتى ولو أنكر حتى الكافر إنه فقير فقراً ذاتياً أي إنه محتاج إلى الله هو الذي أوجده وهو الذي يرزقه وهو الذي يحييه و يميته، هذا فقر عام.
كما أن الله له وصف الغنى وصف مطلق فالله تعالى لم ولن يزل غنياً عن المخلوقات لا يحتاج لأحد، الله تعالى له الغنى المطلق التام الذاتي والمخلوق له الفقر التام
المتن : ‹‹ و الفقر الثاني فقر اختياري هو نتيجة علمين شريفين : أحدهما معرفة العبد بربه ، والثاني معرفته بنفسه ، فمتى حصلت له هاتان المعرفتان أنتجتا له فقراً هو عين غناه وعنوان فلاحه وسعادته ، وتفاوت الناس في هذا الفقر بحسب تفاوتهم في هاتين المعرفتين ، فمن عرف ربه بالغنى المطلق عرف نفسه بالفقر المطلق ، ومن عرف ربه بالقدرة التامة عرف نفسه بالعجز التام ، ومن عرف ربه بالعز التام عرف نفسه بالمسكنة التامة ، ومن عرف ربه بالعلم التام والحكمة عرف نفسه بالجهل ، فالله سبحانه أَخرج العبد من بطن أمه لا يعلم شيئاً ولا يقدر على شيء ››
الشرح: كما قال تعالى {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} فالفقر فقران فقر عام وفقر ايش؟ فقر خاص، فقر اضطراري وفقر اختياري
فقر اختياري هو الذي ينتج عن معرفة الانسان بربه ومعرفته بنفسه، إذا عرف الانسان ربه أنه هو الولي الحميد وأنه خالق وأنه رازق وعرف نفسه بأنه ضعيف ومخلوق هذا يرجع الى الفقر الاختياري هذا السبب فيه معرفتهم لربهم ومعرفتهم لأنفسهم وكل معرفة انسان بربه ومعرفته بنفسه كان هذا فقر اختياري ابلغ في الوصف
المتن: ‹‹ لا يعلم شيئاً ولا يقدر على شيء، ولا يملك شيئاً ولا يقدر على عطاءٍ ولا منع ولا ضر ولا نفع ولا شيء البتة، فكان فقره في تلك الحال إلى ما به كما له أَمراً مشهوداً محسوساً لكل أَحد، ومعلوم أَن هذا له من لوازم ذاته، وما بالذات دائم بدوامها. وهو لم ينتقل من هذه الرتبة إِلى رتبة الربوبية والغنى، بل لم يزل عبداً فقيراً بذاته إِلى بارئه وفاطره. فلما أَسبغ عليه نعمته، وأَفاض عليه رحمته وساق إِليه أَسباب كمال وجوده ظاهراً وباطناً، وخلع عليه ملابس إِنعامه، وجعل له السمع والبصر والفؤاد، وعلمه وأَقدره وصرفه وحركه، ومكنه من استخدام بنى جنسه، وسخر له الخيل والإِبل، وسلطه على دواب الماءِ، واستنزال الطير من الهواء وقهر الوحش العادية، حفر الأَنهار، وغرس الأَشجار، وشق الأَرض، وتعلية البناءِ، والتحيل على جميع مصالحه، والتحرز والتحفظ لما يؤذيه، ظن المسكين أَن له نصيباً من الملك، وادعى لنفسه ملكاً مع الله سبحانه، ورأى نفسه بغير تلك العين الأُولى، ونسى ما كان فيه من حالة الإِعدام والفقر والحاجة، حتى كأَنه لم يكن هو ذلك الفقير المحتاج، بل كأَن ذلك شخصاً آخر غيره ››
الشرح: هذا غرور قارون أعطاه الله المال وهو يعرف نفسه قارون {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} هذا يوجب المكاسب يعرف مثلاً أنه كان فقيرا وكان ضئيل وكان صغير وكان طفلا ً لكن الغرور ظن أن الله مكنه وأعطاه ولكن نسى حالته السابقة وأن له نصيب من الملك وكأنه يشارك الله في ملكه.
المتن: ‹‹ ‹‹ كما روى الإِمام أَحمد في مسنده من حديث بسر بن جحاش القرشي أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم بصق يوماً في كفه فوضع عليها إِصبعه ثم قال: قال اللهُ تعالى: يَا ابن آدمَ أَنَّى تُعْجِزُنِي وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ مثْلِ هَذِهِ حَتَّى إِذَا سَوَّيْتُكَ وَعَدَلْتُكَ مَشَيْتَ بَيْنَ بُرْدَيْنَ وَللأَرْضِ مِنْكَ وَئِيد، فَجَمَعْتَ وَمَنْعْتَ حَتَّى إِذَا بَلَغْتَ التَّراقى ›› ››
الشرح: حتى إذا بلَغَت التلاقي أي الروح
المتن: ‹‹ ‹‹ حَتَّى إِذَا بَلَغَتَ التَّراقى، قُلْتَ: أَتَصَدَّقُ، وَأَنَّى أَوَانُ الصَّدَقَةِ ›› ››
الشرح: [ 6:43: 6:50 ] نطفة من ماء الرجل أو من ماء المرأة ثم إذا خلقه الله و سواه و أعطاه جعل يسرح ويمرح ويمنع الواجبات حتى إذا بلغت الروح الحلقوم انتهى الأمر وهذا حث للإنسان أن يعمل قبل الموت ليعمل ويصدق قبل الموت إذا جاء الموت و بلغت الحلقوم انتهى الأمر
قال أحد الحاضرين: عندي قال تعالى بنى آدم
قال الشيخ: ايش؟
قال أحد الحاضرين: عندنا يا شيخ يا بني آدم
قال الشيخ: نعم يا بني آدم
المتن: ‹‹ ومن هاهنا خذل من خذل ووفق من وفق، فحجب المخذول عن حقيقته ونسى نفسه فنسى فقره وحاجته وضرورته إلى ربه، فطغى وبغا وعتا فحقت عليه الشقوة، قال تعالى: {كَلاّ إِنّ الإِنسَانَ لَيَطْغَىَ. أَن رّآهُ اسْتَغْنَىَ}، وقال: {فَأَمّا مَنْ أَعْطَىَ وَاتّقَى. وَصَدّقَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَىَ. وَأَمّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىَ. وَكَذّبَ بِالْحُسْنَىَ. فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَىَ}، فأَكمل الخلق أكملهم عبودية وأَعظمهم شهوداً لفقره وضرورته وحاجته إِلى ربه وعدم استغنائه عنه طرفة عين، ولهذا كان من دعائه صلى الله عليه وسلم: ‹‹ َصلح لي شأني كله، ولا تكلني إِلى نفسي طرفة عين ولا إِلى أَحد من خلقك ››، وكان يدعو: ‹‹ يا مقلِّب القُلُوبِ ثَبِّتْ قلبِي عَلَى دينك››. يعلم صلى الله عليه وسلم أَن قلبه بيد الرحمن عَزَّ وجَلَّ لا يملك منه شيئاً، وأَن الله سبحانه يصرفه كما يشاءُ كيف وهو يتلو قوله تعالى: {وَلَوْلاَ أَن ثَبّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً}، فضرورته صلى الله عليه وسلم إِلى ربه وفاقته إِليه بحسب معرفته به ››
الشرح: فاقته يعني حاجته، بحسب معرفته بربه وقربه من ربه بتوحيده.
المتن: ‹‹ وحسب قربه منه ومنزلته عنده. وهذا أَمر إِنما بدا منه لمن بعده ما يرشح من ظاهر الوعاءِ، ولهذا كان أَقرَبَ الخلق إِلى الله وسيلة وأَعظمهم عنده جاهاً وأَرفعهم عنده منزلة، لتكميله مقام العبودية والفقر إِلى ربه عز وجل، وكان يقول لهم: ‹‹ أَيهَا النَّاسُ، مَا أُحبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي إِنَّمَا أنا عَبْدُ ››، وكان يقول: ‹‹ لا تُطْرونِي كَمَا أَطْرَتِ النصارى المسيح ابن مريم وإِنما أَنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ›› ››
الشرح: أعد وهذا أمر إيش؟
أحد الحاضرين: أنا عندي وهذا أمر إنما ترشح لمن بعده ما ترشح
الشرح: النقط كل إناء ينضح بما فيه، وهذا أمر إيش؟
المتن: ‹‹ وهذا أَمر إِنما بدا منه لمن بعده ما يرشح من ظاهر الوعاءِ ››
الشرح: [ 11:14: 11:27 ]
المتن: ‹‹ وهذا أَمر إِنما بدا منه لمن بعده ما يرشح من ظاهر الوعاءِ، ولهذا كان أَقرَبَ الخلق إِلى الله وسيلة وأَعظمهم عنده جاهاً وأَرفعهم عنده منزلة، لتكميله مقام العبودية والفقر إِلى ربه عز وجل، وكان يقول لهم: ‹‹ أَيهَا النَّاسُ، مَا أُحبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي إِنَّمَا أنا عَبْدُ ››، وكان يقول: ‹‹ لا تُطْرونِي كَمَا أَطْرَتِ النصارى المسيح ابن مريم وإِنما أَنا عبد فقولوا عبد الله ورسولَه ›› ››
الشرح: عبد الله ورسولُه
المتن: ‹‹ وذكره الله سبحانه بسمة العبودية في أَشرف مقاماته، مقام الإِسراءِ ومقام الدعوة ومقام التحدي، فقال: {سُبْحَانَ الّذِي أَسْرَىَ بِعَبْدِهِ لَيْلاً} ››
الشرح: هذا مقام الإسراء.
المتن: ‹‹ وقال: {وَأَنّهُ لّمَا قَامَ عَبْدُ اللّهِ يَدْعُوهُ} ››
الشرح: وهذا مقام الدعوة.
المتن: ‹‹ وقال: {وَإِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مّمّا نَزّلْنَا عَلَىَ عَبْدِنَا} ››
الشرح: هذا مقام التحدي، ولهذا أشرف مقامات النبي العبودية الخاصة والرسالة.
المتن: ‹‹ وفى حديث الشفاعة: ‹‹ إِنَّ الْمَسِيحَ يَقُولُ لَهُمْ يوم القيامة: اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ عَبْدٍ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ››، فنال ذلك المقام بكمال عبوديته لله وبكمال مغفرة الله له ››
الشرح: نال المقام أي الرسول بكمال عبوديته لله وبكمال المغفرة غفر الله له ما تقدم وما تأخر من ذنبه وهو أشرف خلق الله وأعظمهم تعبداً لله وأكملهم في هذا المقام.
المتن: ‹‹ فتأَمل قوله تعالى فى الآية: {أَنْتُمُ الفُقَرَآءُ إِلَى اللهِ}، فعلق الفقر إليه باسمه دون اسم الربوبية ليؤذن بنوعي الفقر، فإِنه كما تقدم نوعان ››
الشرح: ايش
المتن: ‹‹ فتأَمل قوله تعالى في الآية: {أَنْتُمُ الفُقَرَآءُ إِلَى اللهِ}، فعلق الفقر إليه باسمه دون اسم الربوبية ليؤذن بنوعي الفقر، فإِنه كما تقدم نوعان ››
الشرح: ما قال أنتم الفقراء الى ربكم بل قال أنتم الفقراء الى الله
المتن: ‹‹ فتأَمل قوله تعالى في الآية: {أَنْتُمُ الفُقَرَآءُ إِلَى اللهِ}، فعلق الفقر إليه باسمه دون اسم الربوبية ليؤذَن بنوعي الفقر، فإِنه كما تقدم نوعان ››
الشرح: ليؤذِن، نوعيه الفقر الذاتي الوصفي العام والفقر الخاص
المتن: ‹‹ فقر إِلى ربوبيته وهو فقر المخلوقات بأَسرها ››
الشرح: هذا فقر عام فقر المخلوقات والثاني فقر خاص اختياري مثل العبودية الخاصة والعبودية العامة.
المتن: ‹‹ وفقر إِلى أُلوهيته وهو فقر أَنبيائه ورسله وعباده الصالحين ››
الشرح: وهذا فقر اختياري.
المتن: ‹‹ وهذا هو الفقر النافع والذي يشير إِليه القوم ويتكلمون عليه ويشيرون إِليه هو الفقر الخاص لا العام ››
الشرح: القوم أي الصالحين.
المتن ‹‹ وقد اختلفت عباراتهم عنه ووصفهم له، وكل أَخبر عنه بقدر ذوقه وقدرته على التعبير، قال شيخ الإِسلام الأنصاري: الفقر اسم للبراءَة من رؤية الملكة ››
الشرح: قف عند وقد اختلفت.