شعار الموقع

10- شرح كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين

00:00
00:00
تحميل
14

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "طريق الهجرتين وباب السعادتين":

متن: فلابد من توحيد الطلب والإرادة وتوحيد المطلوب المراد، فإذا غاب بمحبوبه عن حب غيره.

الشرح: توحيد الطلب والإرادة هو توحيد الألوهية، توحيد الربوبية اسمه توحيد المعرفة والإثبات، وهما توحيدان لابد منهما، من لم يوحِّد الله في ربوبيته والأسماء والصفات بربوبيته فليس بموحِّد، لابد أن يوحِّد الله في الطلب والإرادة والقصد ويوحد الله في المعرفة والإثبات فيكون موحدًا.

المتن : فإذا غاب بمحبوبه عن حب غيره وبمذكوره عن ذكر غيره وبمألوهه عن تأله غيره صار من أهل التوحيد الخاص، وصاحبه مجرد عن ملاحظة سوى محبوبه أو إيثاره أو معاملته أو خوفه أو رجائه.

شرح:  نعم يعني بمعنى أنه ألغى مراد غير الله لمراد الله، فلا يُقدِّم أمر غيره ولا مراده، ومسَّت الغيبوبة هذا عند الصوفية، الغيبوبة يغيب بكذا عن كذا، يسمونها غيبة، يغيب بمحبوبه عما سواه، فالمؤلف -رحمه الله- يعني بيَّن هذا وقال: إن المراد إذا أُريد بأن المؤمن يترك مراد غير الله لمراد الله ويُقدَّم الله هذا هو المطلوب، سواء سُمِّي غيبة أو لم يسمى غيبة، لكن الصوفية يسمونها غيبة، يغيب بالمحبوب عن غيره، ويقولوا: إنه يتعلق بمحبوبه حتى إنه يتحرك بحركته وينسى غيره مثل المغناطيس، ولما تعلَّق المحبوب بمحبوبه صار يتحرك بحركته، إذا قام قام، وإذا قعد قعد، وإذا ذهب ذهب، فسقط المحبوب في الماء فسقط خلفه، فقال: طيب أنا سقطت ما الذي أسقطك؟ قال: غبت بك عني فظننت أنك أني، هذا الصوفية، هذه الغيبوبة، غبت بك عني فظننت أنك أني، هذه الغيبوبة التي يذكرها الصوفية، سوى التوحيد أنه يغيب فالمؤلف -رحمه الله- يُعبِّر بهذه العبارات يريد بذلك أن تقديم محبة الله على محبة غيره، وتقديم مراد الله على مراد غيره، نعم.   

متن: وصاحب توحيد الربوبية في قيد التجريد عن ملاحظة فاعل غير الله.

شرح: التجريد يعني تجريد الخالق بمعنى أنه يعتقد أن الله -تعالى- هو المتصرف في خلقه، وأنه ليس له شريك في الربوبية، ولا في الأسماء ولا في الصفات.

متن: وهو مجرد عن ملاحظة وجوده هو، كما كان صاحب الدرجة الأولى مجردًا عن أمواله وصاحب الثانية مجردًا عن أعماله وأحواله، وصاحب الفناء في توحيد الإلهية مجرد عن سوى مراضي محبوبه وأوامره.

شرح: الصوفية يقسمونها ثلاثة أقسام:

  • فناء عن مراد السوى.
  • وفناء عن شهود السوى.
  • وفناء عن وجود السوى.

ثلاثة أنواع عندهم، فناء عن مراد السوى هذا يقول شيخ الإسلام: وهذا فناء المحبين، بمعنى أنه يُلغِي مراد غير الله لمراد الله، فإذا أمره الله بأمر وأمر المحبوب بأمر يُلغِي مُرَاد المحبوب، يترك المراد كله لمراد الله، هذا وإن كان هناك كلامٌ صحيح فهذا.

الثاني فهو الشهود عن سواه، بمعنى أنه لا يشاهد إلا ربه، ويتناسى غيره لئلا يُشوِّش عليه،  هذا الصوفية يزعمون هذا، يزعمون أنهم لا يكتفون بشهود الرب، وشهود القيومية، وأنه سبحانه هو المدبر وهو المتصرف ويتناسون غيره بزعم أنه يُشوِّش عليه، ثم الفناء عن وجود السوى فناء الملاحدة والزنادقة الذين ينكرون سوى الله، ويقولون ليس هناك خالق ولا مخلوق، بل هو شيءٌ واحد، الخالق هو المخلوق والرب هو العبد، هذا فعل الملاحدة والزنادقة، من أغلظ الكفر ومن أعظم الناس كفرًا والعياذ بالله، يسمونها الفناء عن وجود السوى، فيُقسِّمون التوحيد: فناءٌ عن مراد السوى، فناءٌ عن شهود السوى، فناءٌ عن وجود السوى، (05:08) ما سوى الله، نعم  

متن: وصاحب الفناء في توحيد الإلهية مجرد عن سوى مراضي محبوبه وأوامره، قد فني بحبه وابتغاء مرضاته عن حب غيره وابتغاء مرضاته.

شرح: نعم يعني هذا ألغى محبة ما سوى الله ومراد ما سوى الله وابقى محبة الله ومراده، نعم.

متن: وهذا هو التجريد الذي سمت إليه همم السالكين، فمن تجرَّد عن ماله وحاله وكسبه وعمله ثم تجرَّد عن شهود تجريده فهو المجرد عندهم حقًا، وهذا هو تجريد القوم الذي عليه يحومون، وإياه يقصدون.

شرح: اللي هم الصوفية، نعم

متن: ونهايته عندهم التجريد بفناء وجوده، وبقاؤه بموجوده، بحيث يفنى من لم يكن ويبقى من لم يزل، ولا غاية عندهم وراء هذا.

الشرح: نعم يفنى من لم يكن ويبقى من لم يزل، يفنى من لم يكن اللي هو المخلوق، ويبقى من لم يزل اللي هو الله، بزعمهم، هذا الفناء البلح اللي هو الزنادقة الذين ينكرون ما سوى الله ويقولون بوحدة الوجود، يقول: يفنى من لم يكن وهو المخلوق، ويبقى من لم يزل وهو الله، في الأول عنده فناء الشهود، يشاهد ربه وينسى المخلوقات، يقول أنا ما استطيع انظر إلى آدميين وحيوانات وبحار وأنهار، تشوش عليّ، فأنا ألغيها، ألغيها من الشهود، فأنا ما أنكرها لكن ألغيها من الشهود، فلا أنظر إلا إلى الله فقط، ما كان موجود إلا الله، أنظر إلى الله وأن الله هو المدبر وهو المتصرف وهو الخالق وهو الذي بيده كل شيء، يكفي هذا، ويترك العبادة، يتساهل في العبادة، ويكفيه الشهود فقط، فيفنى بمحبوبه، يفنى بمعبوده عن عبادته، يعني ينظر إلى المعبود ويترك العبادة كالصلاة والزكاة والصيام والحج، يفنى بمعبوده عن عبادته، بمذكوره عن ذكره، فيكتفي بالنظر إلى المذكور ويترك الذكر، هذه فناء عن شهود السوى.

ثم تأتي الدرجة الثالثة: الملاحدة، يفنى ويتدرج به الحال حتى يصير يقول: ما في الكربة سوى الله، وهو أيضًا هذا الفناء عن شهود السوى يقول: الإنسان إذا وصل إلى حالة من الترقي وألغى صفاته وأفعاله، (07:45) صفة الله سقط عنه التكليف، وصار ما عنده معاصي، كل ما يعمله طاعات، هذا قول شيخ الإسلام، هذا من اعتقد أن أحدًا يسقط عنه التكليف وعقله ثابت معه يستتاب فإن تاب وإلا قُتِل، (07:57) ما أحد يسقط عنه التكليف إلا لاختلال العقل، وإلا مادام العقل ثابت فإن التكليف موجود، فمن قال إن أحد يسقط عنه التكليف وعقله ثابت فهذا مرتد يستتاب وإلا قُتِل مرتدًا والعياذ بالله.

ويستدلون بقوله تعالى أو يتأولونها: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} يقول اليقين العلم، فإذا وصل إلى العلم الذي يصل إلى إلغاء الصفات وأفعاله ويجعلها صفات لله سقط عنه التكليف، عند الصوفية والملاحدة.

ثم يتدرج به الحال إلى أن يصل إلى الفناء عن وجود السوى فينكر ما سوى الله ويقول: ليس في الوجود إلا الله، كما قال ابن عربي مؤسس وحدة الوجود يقول: الرب عبدٌ والعبد ربٌ يا ليت شعري من المكلف، يبقى إذا التبس عليه الأمر، العبد هو الرب و الرب هو العبد، فأيهما المكلف ؟! يقول إن قلت عبدٌ فذاك ميتٌ أو قلت ربٌ أني يُكلف، إن قلت عبد هذا يموت ويفنى، وإن قلت رب كيف يكلف؟!

ويقول: ربٌ مالك وعبدٌ هالك وأنتم ذلك، والعبد فقط (09:11) الملاحدة والزنادقة والعياذ بالله، هذه المؤلف الشيخ ابن القيم شرح منازل السائرين لأبي إسماعيل الحافظ الصوفي، ويحدث كلام ويحصل محامد شَرَحَ في مدراج السالكين شرح منازل السائرين بين إياك نعبد وإياك نستعين، هو حنبلي الهروي له كتاب سماه منازل السائرين بين إياك نعبد وإياك نستعين، السائرين إلى الله، وسلك مسلك الصوفية، وله مواقف مشكورة مع في إثبات الصفات، ابن القيم رحمه الله يحمل كلامه يقصد محامد، شرح في كتاب مدارج السالكين، نعم.

متن:  ولعمرُ الله إن وراءه تجريدًا أكمل منه، ونسبته إليه كتفلة في بحر وشعرة في ظهر بعير، وهو تجريد الحب والإرادة عن الشوائب والعلل والحظوظ، فيتوحد حبه كما توحد محبوبه، ويتجرد عن مراده من محبوبه بمراد محبوبه منه.

شرح: أهل الحق هم الذين يتقربون إلى الله بما يحب، في العبادة يعبدونه بما يحب، بما أمر به وبما نهى عنه، هذا إلى نسبة محبة الصوفية كتفلةٍ في بحر، الصوفية يقولون: يكفي النظر إلى الرب بدل العبادة، العبادة ما تحتاج يكفي مطالعة الشهود، ويزعمون أن هذا محبة، نقول هذا باطل، ترك العبادة، ترك التكاليف، ترك ما أمر الله به، وفعل ما نهى الله عنه، نعم.

متن: ويتجرد عن مراده من محبوبه بمراد محبوبه منه، بل يبقى مراد محبوبه منه هو نفس مراده.

شرح: مراد محبوبه هو الله، مراد الله منك أن تعمل بالشرع، وأن تمتثل لأوامر الله، هذا مراد المحبوب وهو الله سبحانه، مراده منك، فتقدم مراد المحبوب على مرادك أنت، على مراد نفسك وهواك، نعم.

متن: وهنا يُعقَل الاتحاد الصحيح وهو اتحاد المراد، فيكون عين مراد المحبوب هو عين مراد المحب، وهذا هو غاية الموافقة.

شرح: المحبوب هو الله، والمحب العبد، فهو يحب ربه، ويكون مراده موافقًا لمراد ربه، فإذا أراد منه ربه سبحانه وتعالى أن يؤدي الأوامر يُقَدِّم هذا المراد، وأن يترك النواهي يُقدِّم مراد الله على مراد نفسه وهواه، ومراد غيره، نعم

متن: وهذا هو غاية الموافقة وكمال العبودية.

شرح: موافقة العبد مع ربه، يوافقه في مراده، فيحب ما يحبه الله، ويكره ما يكره الله، ويوالي من يواليه الله، ويعادي من يعاديه الله، ولا يرجو إلا الله، ولا يخاف إلا الله، هذه الموافقة، نعم.

متن: ولا تتجرد المحبة عن العلل والحظوظ التي تفسدها إلا بهذا. فالفرق بين محبة حظك ومرادك من المحبوب وأنك إنما تحبه لذلك وبين محبة مراد المحبوب منك ومحبتك له لذاته و أنه أهل أن يُحَب. وأما الاتحاد في الإرادة فمحال كما أن الاتحاد في المريد محال، فالإرادتان متباينتان. وأما مراد المحب والمحبوب إذا خلصت المحبة من العلل والحظوظ فواحد. فالفقر والتجريد والفناء من وادٍ واحد. وقد جعله صاحب (منازل السائرين) من قسم النهايات، وحدَّه بأنه الانخلاع عن شهود الشواهد، وجعله على ثلاث درجات:

  • الدرجة الأولى تجريد الكشف عن كسب اليقين،
  • والثانية تجريد عين الجمع عن درك العلم،
  • والثالثة تجريد الخلاص من شهود التجريد.

شرح : قف على هذا صاحب مدارج السالكين بيسبق الدرجات هذه، نعم.

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد