شعار الموقع

11- شرح كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين

00:00
00:00
تحميل
17

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "طريق الهجرتين وباب السعادتين":

متن: [فصلٌ]

ولما كان الفقر إلى الله عز وجل هو عين الغنى به – فأفقر الناس إلى الله أغناهم به، وأذلهم له أعزهم، وأضعفهم بين يديه أقواهم، وأجهلهم عند نفسه أعلمهم بالله وأمقتهم لنفسه أقربهم إلى مرضاة الله- كان ذكر الغنى بالله مع الفقر إليه متلازمين متناسبين.

شرح : الفقر إلى الله هو الغنى، والغنى عن الله هو الهلاك، الفقر إلى الله هو الغنى، من افتقر إلى الله فهو الغني، ومن اغتنى عن الله فهو الهالك، نعم

متن:  ولما كان الفقر إلى الله عز وجل هو عين الغنى به – فأفقر الناس إلى الله أغناهم به، وأذلهم له أعزهم، وأضعفهم بين يديه أقواهم.

شرح: من تواضع لله رفعه، ومن افتقر إلى الله أغناه، ومن اعتز بالله أعزه الله، نعم

متن:  فأفقر الناس إلى الله أغناهم به، وأذلهم له أعزهم، وأضعفهم بين يديه أقواهم، وأجهلهم عند نفسه أعلمهم بالله وأمقتهم لنفسه أقربهم إلى مرضاة الله- كان ذكر الغنى بالله مع الفقر إليه متلازمين متناسبين، فنذكر فصلًا نافعًا في الغني العالي.

واعلم أن الغنى على الحقيقة لا يكون إلا لله الغني بذاته عن كل ما سواه.

شرح: نعم الغنى بذاته لله عز وجل، أما المخلوق فإن وصفه الفقر، والغنى الذي يحصل له ليس غنى بذاته، من أغناه الله هو الغني، أما الغنى بالله وصف ذاتي للرب سبحانه وتعالى،

الغنى وصفٌ لله، كما أن الدوام لله وصف ذاتي، كما أن وجوده لذاته سبحانه وصفٌ ذاتي، نعم.

متن: وكل ما سواه فموسومٌ بسمةِ الفقرِ كما هو موسوم بسمة الخلق والصنع.

شرح: كل إنسان فقير إلى الله، كل إنسان مخلوق لله، خلقه الله وصنعه، وهو فقيرٌ إلى الله، هذا وصف جميع الخلق، السماوات والأراضين والآدميين والحيوانات كلها بهذا الوصف مخلوقة مصنوعة فقيرة إلى الله، محتاجة إليه، نعم.

متن: فكما أن كونه مخلوقًا أمرٌ ذاتي له فكونه فقيرًا أمر ذاتي له كما تقدم بيانه، وغِناه أمر نسبي إضافي عارض له.

شرح: هنا المخلوق وصف نسبي ففي وقت من وقت يكون غني وقد يفتقر، ما يكون دائمًا غني، هذا الغني أحيانًا يكون غني وأحيانًا يكون فقير، وأحيانًا يكون عزيز وأحيانًا يكون ذليل، هذا المخلوق، أما الغنى الذاتي هذا وصف الله عز وجل، في جميع الأحوال الله تعالى هو الغني، في جميع الأحوال، في جميع الأوقات، نعم.

متن: وغِناه أمر نسبي إضافي عارض له.

شرح: المخلوق، نعم       

متن: فإنه إنما استغنى بأمرٍ خارجٍ عن ذاته فهو غني به فقير إليه، ولا يُوصف بالغنى على الإطلاق إلا من غِناه من لوازم ذاته، فهو الغني بذاته عما سواه، وهو الأحد الصمد الغني الحميد.

والغنى قسمان: غنى سافل، وغنى عال. فالغنى السافل الغنى بالعواري المستردة من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث وهذا أضعف الغنى، فإنه غنى بظل زائل، وعارية ترجع عن قريب إلى أربابها، فإذا الفقر بأجمعه بعد ذهابها، وكأن الغنى بها كان حُلُمًا فانقضى، ولا همة أضعف من همة من رضي بهذا الغنى الذي هو ظل زائل. وهذا غنى أرباب الدنيا الذي فيه يتنافسون، وإياه يطلبون، وحوله يحومون، ولا أحب إلى الشيطان وأبعد عن الرحمن من قلب ملآن بحب هذا الغنى والخوف من فقده.

قال بعض السلف: إذا اجتمع إبليس وجنوده لم يفرحوا بشيء كفرحهم بثلاثة أشياء:

  • مؤمن قتل مؤمنًا،
  • ورجل يموت على الكفر،
  • وقلب فيه خوف الفقر.

يقول المحقق: القائل  هو حمدون بن أحمد بن عماره النيسابوري، انتشر عنه مذهب الملامتية. 

شرح:  الملامتية طائفة من الصوفية، يلومون أنفسهم يفعلون ما يلامون عليه -بزعمهم- حتى تصلح بواطنهم، الصوفي يقول أنا ما يهمني الفساد الظاهر أهم شيء صلاح الباطن، تجده في الظاهر يفعل ما يلومه الناس عليه، يسرق، يضرب، ويتكلم ويقول أنا أهم  شيء عندي الباطن إذا صلح الباطن ما علي  من الظاهر خلي الناس يسبون يفعلون كذا، هذه تسمى الطائفة الملامتية، طائفة من الصوفية، فإذا خلص الأمور في الظاهر نعطيهم الظاهر ونصلح الباطن، لهم الظاهر ولنا الباطن، هذا باطل، ويجب على الإنسان أن يصلح الظاهر والباطن، أما قول هذا الصوفية فاسد هذا، نعم.

متن: يقول: قال حمدون عن هذا المذهب هو خوف القدرية ورجاء المرجئة.

شرح: خوف القدرية ورجاء المرجئة، نعم.

متن:  وهذا الغنى.

شرح: هذا الغني يكون مخلوق هنا بالمال، أو من السلطان والرجال والخيل، والغنى مثلاً بالأرصدة مثلًا الآن في البنوك والعقارات والمزارع، هذا الغنى، هذا ظل زائل، هذا يروح، هذا يذهب، الأموال اللي في البنوك، من كان غناه في هذا فهو غنى ظل زائل.  

متن: وهذا أضعف الغني، فإنه غنى بظل زائل وعارية ترجع عن قريب إلى أربابها.

شرح : نعم كل هذه تذهب الأموال والمزارع والعقارات كلها ذاهبةٌ عنك أو أنت ذاهبٌ عنها، إما أن تذهب عنها أنت بالموت، وإلا هي تذهب وتبقى فقير أنت، واحد من أمرين، ما هي باقية، ليست باقية، ما ينفع الإنسان إلا ما قَدَّم من العمل الصالح، نعم.

متن: وهذا أضعف الغنى، فإنه غنى بظل زائل وعارية ترجع عن قريب إلى أربابها، فإذا الفقر بأجمعه بعد ذهابها، وكأن الغنى بها كان حُلُمًا فانقضى، ولا همة أضعف من همة من رضي بهذا الغنى الذي هو ظل زائل. وهذا غنى أرباب الدنيا الذي فيه يتنافسون، وإياه يطلبون، وحوله يحومون، ولا أحب إلى الشيطان وأبعد من الرحمن من قلب ملآن بحب هذا الغنى وبالخوف من فقده.

شرح: هذا الغنى ، الغنى بالأموال والرجال والعقارات وغيرها، هذا ولا أحب إلى الشيطان، نعم.

متن: ولا أحب إلى الشيطان وأبعد من الرحمن من قلبٍ ملآن بحب هذا الغنى وبالخوف من فقده.

شرح:  يعني يتعلق بغير الله، نعم.

متن: قال بعض السلف: إذا اجتمع إبليس وجنوده لم يفرحوا بشيء كفرحهم بثلاثة أشياء:

  • مؤمن قتل مؤمناً،
  • ورجل يموت على الكفر،
  • وقلب فيه خوف الفقر.

وهذا الغنى محفوف بفقرين: فقر قبله، وفقر بعده وهو كالغفوة بينهما، فحقيقٌ بمن نصح نفسه أن لا يغتر به.

شرح: قبل أن يؤتي هذا الباب فقير، وبعد أن يذهب هذا الباب فقير، فهو غنى محفوف بفقرين، فقرٍ سابق وفقرٍ لاحق، مثل غفوة الإنسان، نعم.

متن: وهو كالغفوة بينهما، فحقيقٌ بمن نصح نفسه أن لا يغتر به، ولا يجعله نهاية مطلبه، بل  إذا حصل له جعله سببًا لغناه الأكبر ووسيلةً إليه.

شرح : يعني يستعمله في طاعة الله، يستعمل هذه الأموال في طاعة الله، ينفق الأموال في طاعة الله، وفي الحديث: «يا بن آدم إن تبذل الفضل فهو خيرٌ لك وأن تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف».

إذا استعمل هذا المال ، السلطان والمال والجاه، إن استعملهم في طاعة الله صار نافعًا له، أما إذا جعل الدين خادمًا وتبعا له هلك، إذا استعمل المال، إذا استعمل سلطانه في طاعة الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي إلزام الناس بطاعة الله صار خيرًا له، ولهذا الإمام العادل من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، استعمل السلطان في طاعة الله، عدل بين الناس، القاضي العادل، ألزم الناس بطاعة الله، أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، أقام الحدود، أنصف المظلوم من الظالم، أوصل الحقوق إلى أهلها، فوزٌ عظيم، وكذلك المال إذا كسبه من وجوه مشروعة وأنفقه في وجوهٍ مشروعة صار خيرًا له، نفعه في الآخرة، فالمال والسلطان والجاه إذا استعمله في طاعة الله نفعه، وإذا استعمله في معصية الله هلك، نعم.    

متن: فحقيقٌ بمن نصح نفسه أن لا يغتر به، ولا يجعله نهاية مطلبه، بل إذا حصل له جعله سبباً لغناه الأكبر ووسيلة إليه.

شرح : وهو يوم القيامة، نعم.

متن: ويجعله خادمًا من خدمه لا مخدومًا له.

شرح: نعم إذا المال خادم، لا أنت تخدم المال، أكثر الناس هم اللي يخدمون المال، الليل والنهار يسعى في جمع المال، حتى أنه يُخِلُّ بالواجبات، يفعل المحرمات، يتعامل بالربا حتى يحصل على المال، إذا فعل المحرمات إذا صار هو يخدم هذا المال، يخدم هذا المال ويتعسف في جمعه، وهو الذي يحرص على المال، والليل والنهار تجده ما ينام، ما يجلس ولا يستطيع أن ينام وهكذا وينشغل.

المال نعم «نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ» لكن كونه لا ينشغل به عن طاعة الله، ولا يكون خادمًا لهذا المال وتابعًا له، تجد بعض الناس بعض الأغنياء ما يستطيع النوم، ما يستطيع النوم أبدًا، تأتيه صفقات في منتصف الليل، في آخر الليل، الساعة الواحدة والثانية والثالثة صفقات تجارية، وأنتم تنامون لكن نحن ما نستطيع ننام، هذا صار خادمًا لهذا المال وحارسًا لهذا المال، الذي ينبغي أن يكون المال هو الذي يحرسك، لا أنت تحرس المال، نعم.

متن: ويجعله خادمًا من خدمه لا مخدومًا له، وتكون نفسه أعز عليه أن يعبِّدها لغير مولاه الحق، أو يجعلها خادمة لغيره.

شرح : ولهذا قال: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ ، تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ ، تَعِسَ عَبْدُ الْخَمِيصَةِ ، تعس عبد الخميلة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش».

عبَّدَ نفسه للمال وجعله عابدًا وخادمًا له مستعبدًا له، أكثر أوقاته يقضيها في جمع المال سواء من حلالٍ أو من حرام، ولا يبالي بأداء الواجبات وأداء الحقوق، نعم.

متن: [فصلٌ]  

وأما الغنى العالي فقال شيخ الإسلام (يعني الهروي): "هو على ثلاث درجات:

  • الدرجة الأولى غنى القلب، وهو سلامته من السبب، ومسالمته للحكم، وخلاصه من الخصومة.
  • والدرجة الثانية غنى النفس، وهو استقامتها على المرغوب، وسلامتها من المسخوطِ، وبراءتها من المراءاة.
  • والدرجة الثالثة الغنى بالحق وهو ثلاث مراتب:
  1. المرتبة الأولى شهود ذكره إياك،
  2. والثانية دوام مطالعة أوليته،
  3. والثالثة الفوز بوجوده.

قلت: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال.

شرح : هذا كلام الهروي، الغناء ثلاثة أنواع: غنى النفس وغنى القلب والغنى بالحق، لعلنا نقف على هذا.

أحسن الله إليك ووفق الله الجميع.

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد