بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.
يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "طريق الهجرتين وباب السعادتين":
متن: وقيل: أقل ما يلزم الفقير في فقره أربعة أشياء: علم يسوسه، وورع يحجزه، ويقين يحمله، وذكر يؤنسه.
وقال أبو سهل الخشاب لمنصور المغربي: إنما هو فقر وذل. فقال منصور: بل فقر وعز. فقال أبو سهل: فقر وثرى. فقال منصور: بل فقر وعرش. قلت: أشار أبو سهل إلى البداية ومنصور إلى الغاية.
شرح: فقرٌ وثرى يعني أسفل، وهذا عزٌ وعرش علو، نعم يعني هذا في البداية وهذا في النهاية.
متن : قلت: أشار أبو سهل إلى البداية ومنصور إلى الغاية. وقال الجنيد: إذا لقيت الفقير فالقه بالرفق ولا تلقه بالعلم، فإن الرفق يؤنسه والعلم يوحشه. فقلت: يا أبا القاسم، كيف يكون فقير يوحشه العلم؟ فقال: نعم، الفقير إذا كان صادقًا في فقره فطرحت عليه العلم ذاب كما يذوب الرصاص في النار.
وقال أبو المظفر القرميسيني: الفقير هو الذي لا يكون له إلى الله حاجة. قال أبو القاسم القشيري: وهذا اللفظ فيه أدنى غموض على من سمعه على وصف الغفلة عن مرمى القوم وإنما أشار قائله إلى سقوط المطالبات، وانتفاء الاختيار، والرضى بما يجريه الحق تبارك وتعالى. قلت: وبعد فهو كلام مستدرك خطأٌ فإن حاجات هذا العبد إلى الله بعدد الأنفاس إذ حاجاته ليست كحاجات غيره من أصحاب الحظوظ والأقسام، بل حاجات هؤلاء في حاجة هذا العبد كتفلة في بحر، فإن حاجته إلى الله في كل طرفة عين أن يحفظ عليه حاله ويثبت قلبه ويرقيه في مقامات العبودية ويصرف عنه ما يفسدها عليه ويعرِّفه منازل الطريق ومكامنها وآفاتها ويُعرِّفه مواقع رضاه ليفعلها ويعزم عليها ومواقع سخطه ليعزم على تركها ويجتنبها، فأي حاجات أكثر وأعظم من هذه؟
شرح: هو لا يستغني عن الله طرفة عين، وهو الذي خلقه وأوجده من العدم وربَّاه بنعمه وعلَّمه وهداه ووفقه، فلا يستغني عن الله طرفة عين ولا أقل من ذلك.
متن: فالصواب أن يقال: الفقير هو الذي حاجته إلى الله بعدد أنفاسه أو أكثر، فالعبد له في كل نَفَسٍ ولحظة وطرفة عين عدة حوائج إلى الله لا يشعر بكثير منها، فأفقر الناس إلى الله من شعر بهذه الحاجات وطلبها من معدِنها بطريقها، وإن كان لابد من إطلاق تلك العبارة على أن منها كل بد فيقال: هو الذي لا حاجة له إلى الله تخالف مرضاته وتحطه عن مقام العبودية إلى منـزلة الاستغناء، وأما أن يقال: لا حاجة له إلى الله فشَطَحٌ قبيح.
شرح: انحراف، قد يكون كُفر هذا، يقول لا حاجة إلى الله! نسأل الله العافية {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} كل العباد فقراء، كل المخلوقات فقيرة إلى الله.
متن : وأما أن يقال: لا حاجة له إلى الله فشَطَحٌ قبيح.
وأما حمل أبي القاسم لكلامه على إسقاط المطالبات وانتفاء الاختيار والرضى بمجاري الأقدار فإنما يحسن في بعض الحالات.
شرح: هذا كلام الصوفية، كلام الصوفية إسقاط الأسباب وأما ايش؟
متن: وأما حمل أبي القاسم لكلامه على إسقاط المطالبات وانتفاء الاختيار والرضى بمجاري الأقدار فإنما يحسن في بعض الحالات، وهو في القدر الذي يجري عليه بغير اختياره ولا يكون مأمورًا بدفعه ومنازعته بقدر آخر كما تقدم. وأما إذا كان مأمورًا بدفعه ومنازعته بقدر هو أحب إلى الله منه وهو مأمور به أمر إيجاب أو استحباب.
الشرح : عبد القادر هنا يقول: نازعت أقدار الحق بالحق للحق، نازعت أقدار الحق بالحق، نازعت أقدار الحق الله، بالحق للحق، يعني مثلًا الإنسان إذا وقع في معصية بِقَدَر هل يستسلم؟ لا، نازع قدر بقدر، ادفع قَدَر المعصية بقَدَر التوبة، وقعت في سيئة، هذه بقدر، ادفع قدر السيئة بقدر الحسنة.
أحسن الله إليك.