شعار الموقع

21- شرح كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين

00:00
00:00
تحميل
27

 

متن: والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.

شرح: اللهم صلِّ وسلم.

متن: اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

شرح: آمين.

متن: يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه طريق الهجرتين وباب السعادتين، ولا يزال الكلام على حاجة العبد إلى الله:

‹‹ والقرآن مملوء من ذكر حاجة العباد إلى الله دون ما سواه ومن ذكر نعمائه عليهم، ومن ذكر ما وعدهم به في الآخرة من صنوف النعيم واللذات، وليس عند المخلوق شيء من هذا. فهذا الوجه يحقق التوكل على الله والشكر له ومحبته على إحسانه، ومما يوضح ذلك ويقويه أن تعلق العبد بما سوى الله مضرة عليه إذا أخذ منه القدر الزائد على حاجته المعينة له على عبودية الله ومحبته ››

شرح: (ها)؟ ومما (ايش)؟

متن: ‹‹ ومما يوضح ذلك ويقويه ››

شرح: نعم.

متن: ‹‹ أن في تعلق العبد بما سوى الله مضرة عليه إذا أخذ منه القدر الزائد على حاجته المعينة له على عبودية الله ومحبته وتفريغ قلبه له ››

شرح: نعم، توسع في، مع الناس، ويتعلق القلب في شيء، يعني، لا يعين على طاعة الله عز وجل، وهذا يضره، نعم.

متن: ‹‹ فإنه إن نال من الطعام والشراب فوق حاجاته ضره أو أهلكه، وكذلك من النكاح واللباس، وإن أحب شيئاً بحيث يخاللـه فلابد أن يسأمه أو يفارقه، فالضرر حاصل له إن وجد أو فقد، فإن فقد تعذب بالفراق وتألم، وإن وجد فإنه يحصل له من الألم أكثر مما يحصل له من اللذة.

وهذا أمر معلوم بالاعتبار والاستقراء أن كل من أحب شيئاً دون الله لغير الله فإن مضرته أكثر من منفعته وعذابه أعظم من نعيمه ››

شرح: وهذا (ايش)؟ وهذا معلوم.

متن: ‹‹ وهذا أمر معلوم بالاعتبار والاستقراء أن كل من أحب شيئاً دون الله لغير الله فإن مضرته أكثر من منفعته وعذابه أعظم من نعيمه، يزيد ذلك إيضاحاً أن اعتماده على المخلوق وتوكله عليه يوجب له الضرر من جهته، فإنه يخذل من تلك الجهة. وهذا أيضاً معلوم بالاعتبار والاستقراء فإنه ما علق العبد رجاءه وتوكله بغير الله إلا خاب من تلك الجهة، ولا استنصر بغيره إلا خذل، قال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا * كَلا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا}. وقال: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}.

وقال تعالى عن إمام الحنفاء أنه قال للمشركين: {وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}. ولما كان غاية صلاح العبد في عبادة الله وحده واستعانته به وحده كان في عبادة غيره والاستعانة بغيره غاية مضرته. ››

شرح: ولما كان.

متن: ‹‹ ولما كان غاية صلاح العبد في عبادة الله وحده واستعانته به وحده كان في عبادة غيره والاستعانة بغيره غاية مضرته ››

شرح: إياك نعبد وإياك نستعين، نخصك يا الله بالعبادة، ونخصك بالاستعانة،

عبادة غير الله والاستعانة بغير الله مضرة، نعم.

متن: ‹‹ ومما يوضح الأمر في ذلك ويبينه أن الله سبحانه غني حميد كريم رحيم، فهو محسن إلى عبده مع غناه عنه يريد به الخير ويكشف عنه الضر، لا ليجلب منفعة إليه سبحانه ولا لدفع مضرة، بل رحمة وإحساناً وجوداً محضاً فإنه رحيم لذاته محسن لذاته جواد لذاته كريم لذاته، كما أنه غني لذاته قادر لذاته حي لذاته، فإحسانه وجوده وبره ورحمته من لوازم ذاته لا يكون إلا كذلك، كما أن حياته وقدرته وغناه من لوازم ذاته فلا يكون إلا كذلك، وأما العباد فلا يتصور أن يحسنوا إلا لحظوظهم، فأكثر ما عندهم للعبد أن يحبوه ويعظموه ويجلبوا له منفعة ويدفعوا عنه مضرة، وذلك من تيسير الله وإذنه لهم به، فهو في الحقيقة ولي هذه النعم ومسديها ومجريها على أيديهم، ومع هذا فإنهم لا يفعلون ذلك إلا لحظوظهم من العبد، فإنهم إذا أحبوه طلبوا أن ينالوا غرضهم من محبته سواءٌ أحبوه لجماله الباطن أو الظاهر فإذا أحبوا الأنبياء والأولياء وطلبوا لقاءهم فهم يحبون التمتع برؤيتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك،  وكذلك من أحب إنساناً لشجاعته أو رئاسته أو جماله أو كرمه فهو يحب أن ينال حظه من تلك المحبة ولولا التذاذه بها لما أحب ذلك، وإن جلبوا له منفعة -كخدمة ومال- أو دفعوا عنه مضرة –كمرض وعدو- ولو بالدعاء، فهم يطلبون العوض إذا لم يكن العمل لله، فأجناد الملوك وعبيد المالك وأجراء المستأجر وأعوان الرئيس كلهم إنما يسعون في نيل أغراضهم به ››

شرح: (ايش)؟ أعد.

متن: ‹‹ فإذا أحبوا الأنبياء والأولياء فطلبوا لقاءهم فهم يحبون التمتع برؤيتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك، وكذلك من أحب إنساناً لشجاعته أو رياسته أو جماله أو كرمه فهو يحب أن ينال حظه من تلك المحبة ولولا التذاذه بها لما أحب ذلك، وإن جلبوا له منفعة -كخدمة ومال- أو دفعوا عنه مضرة –كمرض وَعَدْوٍ- ولو بالدعاء ››

شرح: (ها)؟

متن: ‹‹ وَعَدُوٍ- ولو بالدعاء ››

شرح: نعم.

متن: ‹‹ فهم يطلبون العوض إذا لم يكن العمل لله، فأجناد الملوك وعبيد المالك وأجراء المستأجر وأعوان الرئيس كلهم إنما يسعون في نيل أغراضهم به ››

شرح: فأعوان، أعد، فأعوان.

متن: ‹‹ فأجناد الملوك وعبيد المالك وأجراء المستأجر وأعوان الرئيس كلهم إنما يسعون في نيل أغراضهم به، لا يعرج أكثرهم على قصد منفعة المخدوم إلا أن يكون قد عُلم وهذب من جهة أخرى فيدخل ذلك في الجهة الدينية، أو يكون فيه طبع عدل وإحسان من باب المكافأة والرحمة، وإلا فالمقصود بالقصد الأول هو منفعة نفسه، وهذا من حكمة الله التي أقام بها مصالح خلقه إذ قسم بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفع بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً ››

شرح: نعم.

متن: ‹‹ فصلٌ: إذا تبين هذا ظهر أن أحداً من المخلوقين لا يقصد منفعتك بالقصد الأول، بل إنما يقصد منفعته بك، وقد يكون عليك في ذلك ضرر إذا لم يراعِ المحب العدل ››

شرح: فصلٌ، إذا (ايش)؟

متن: ‹‹ فصلٌ: إذا تبين هذا ظهر أن أحداً من المخلوقين لا يقصد منفعتك بالقصد الأول، بل إنما يقصد منفعته بك، وقد يكون عليك في ذلك ضرر إذا لم يراعِ المحب العدل، فإذا دعوته فقد دعوت من ضره أقرب من نفعه.

وأما الرب تبارك وتعالى فهو يريدك لك ولمنفعتك لا لينتفع بك، وذلك منفعة لك محضة لا ضرر فيها. فتدبر هذا حق التدبر وراعه حق المراعاة، فملاحظته تمنعك أن ترجو المخلوق أو تطلب منه منفعته لك فإنه لا يريد ذلك البتة بالقصد الأول، بل إنما يريد انتفاعه بك عاجلاً أو آجلاً، فهو يريد نفسه لا يريدك، ويريد نفع نفسه بك لا نفعك بنفسه، فتأمل ذلك فإن فيه منفعة عظيمة وراحةً ويأساً من المخلوقين، سداً لباب عبوديتهم وفتحاً لباب عبودية الله وحده.

فما أعظم من عرف هذه المسألة ورعاها حق رعايتها. ولا يحملنّك هذا على جفوة الناس وترك الإحسان إليهم واحتمال أذاهم، بل أحسن إليهم لله لا لرجائهم، فكما لا تخافهم فلا ترجوهم، ومما يبين ذلك أن غالب الخلق يطلبون إدراك حاجتهم بك وإن كان ذلك ضرراً عليك ››

شرح: لا يأملهم، صاحب الحاجة أعمى يريد قضاء حاجته، يطلب الحاجة منك ولو كان فيه ضرر، البعض حتى -مثلاً- في المسألة، يجئ بعض الناس أحياناً يلح، يقول، يسأل عن مسألة، نقوله: يا أخي المسألة فيها كذا، تحتاج إلى أمر، قال: أفتِ، أفتِ، قلت يا أخي أخلص نفسي قالك لا، الآن، أفتيك -يعني- بشيء لا أعلمه، وهنا نحيله مثلاً للإفتاء، قال: أفتني أنت، أنا ما (رايح) هناك، قلت: يا أخي، الآن شغل (أخلص) فيه أمام الله قبل، أفتيك وأنا؟، في مسألة تحتاج إلى تعمق، تحتاج إلى بحث، تحتاج إلى، وهكذا، هو، ما يصلح هو يريد أن يقضي حاجته ويمشي ويوقعك أنت، (11:46)  أفتيك الآن وأوقع والله بنفسي، ما يصلح، نعم.

وكذلك الحاجات الدنيوية وغيرها، نعم.

ومن الناس يقول اشفع لي مثلاً، تقول الشفاعة لابد كذا، لابد تأتي بكذا، لابد تأتي مثلاً بأسباب، هو لا يريد، (بس) يريد يقضي حاجته ويمشي، نعم.

متن: أحسن الله إليك.

‹‹ ومما يبين ذلك أن غالب الخلق يطلبون إدراك حاجتهم بك وإن كان ذلك ضرراً عليك، فإن صاحب الحاجة أعمى لا يرى إلا قضاءها ››

شرح: صحيح.

متن: ‹‹ فهم لا يبالون بمضرتك إذا أدركوا منك حاجتِهم ››

شرح: حاجتَهم.

متن: ‹‹ حاجتَهم، بل لو كان فيها هلاك دنياك وآخرتك لم يبالوا بذلك.

وهذا إذا تدبره العاقل علم أنه عداوة في صورة صداقة، وأنه لا أعدى للعاقل اللبيب من هذه العداوة، فهم يريدون أن يصيروك كالكير ينفخ بطنك ويعصر أضلاعك ››

شرح: (ها)؟ فهم (ايش)؟ فهم (ايش)؟

متن: ‹‹ فهم يريدون أن يصيروك كالكير ينفخ بطنك ويعصر ››

شرح: أضلاعَك.

متن: ‹‹ أضلاعَك في نفعهم ومصالحهم، بل لو أبيح لهم أكلك لجزروك كما يجزرون الشاة، وكما يذبحونك كل وقت بغير سكين لمصالحهم، وكم اتخذوك جسراً ومعبراً لهم إلى أوطارهم وأنت لا تشعر، وكم بعت آخرتك بدنياهم وأنت لا تعلم ››

شرح: لا حول ولا قوة إلا بالله.

متن: ‹‹ وربما علمت. وكم بعت حظك من الله بحظوظهم منك ورحت صفر اليدين، وكم فوَّتوا عليك من مصالح الدارين وقطعوك عنها وحالوا بينك وبينها، وقطعوا طريق سفرك إلى منازلك الأولى ودارك التي دعيت إليها وقالوا نحن أحبابك وخدمك، وشيعتك وأعوانك، والساعون في مصالحك. وكذبوا والله إنهم الأعداء في صورة أولياء وحرب في صورة مسالمين، وقطاع طريق في صورة أعوان.

فواغوثاه ثم واغوثاه بالله الذي يغيث ولا يغاث: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ}. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} ››

شرح: مثلاً، إذا كان يطلب منك أولادك مثلاً تكسب، من طريق، كسب من طريق محرم مشبوه والناس كذا، وادخل في هذا المشروع، وهو مشروع ربوي، والناس كذا، ونريد حاجة، ونحتاج إلى كذا، ونحتاج نصرف مثل الناس، ونأكل مثل الناس، ونريد الاستراحات، ونريد بستان، وهكذا، وهم يريدون قضاء حاجتهم ولو كان من طريق محرم، لابد يحترز ويكون عنده حذر، يعني عباد القبور يجرون الإنسان، يجرونه يرافقهم حتى في عبادة القبور، والتوسل بها، نعم، وهكذا.

فليس كل إنسان يطلب شيء يُجاب طلبه، ولو كان أقرب الناس إليك، كما سبق في الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ}، نعم.

متن: أحسن الله إليك.

‹‹ فالسعيد الرابح من عامل الله فيهم ولم يعاملهم في الله ››

شرح: عامل اللهَ فيهم، عامل الله فيهم، هذا يطلب، سواء من الأقارب أو من غيرهم، يعامل الله فيهم، يعني؟

يفعل فيهم ما أمر الله وما شرع الله، ولا يجعل هم يعاملونه فيه، يعني يفعل ما أمر الله ويجتنب ما حرم الله فيهم، نعم.

متن: ‹‹ فالسعيد الرابح من عامل الله فيهم ولم يعاملهم في الله، وخاف الله فيهم ولم يخفهم في الله وأرضى الله بسخطهم ولم يرضهم بسخط الله، وراقب الله فيهم ولم يراقبهم في الله، وآثر الله عليهم ولم يؤثرهم في الله، وأمات خوفهم ورجاءهم وحبهم من قلبه وأحيى حب الله وخوفه ورجاءه فيه، فهذا هو الذي يكسب عليهم، وتكون معاملته لهم كلها ربحاً، بشرط أن يصبر على أذاهم ويتخذه مغنماً لا مغرماً وربحاً لا خسراناً.

ومما يوضح الأمر أن الخلق لا يقدر أحد منهم أن يدفع عنك مضرة البتة إلا بإذن الله ومشيئته وقضائه وقدره فهو في الحقيقة الذي لا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يذهب بالسيئات إلا هو: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ}. قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عباس: ‹‹ واعلم أن الخليقة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيءٍ كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيءٍ كتبه الله عليك ›› وإذا كانت هذه حال الخليقة فتعليق الخوف والرجاء بهم ضار غير نافع.

فصلٌ: ››

شرح: نعم.

متن: ‹‹ وجماع هذا أنك إذا كنت غير عالم بمصلحتك ولا قادر عليها ولا مريد لها كما ينبغي فغيرك أولى أن لا يكون عالماً بمصلحتك ولا قادراً عليها ولا مريداً لها، والله سبحانه هو يعلم ولا تعلم ويقدر ولا تقدر، ويعطيك من فضله لا لمعاوضة ولا لمنفعة يرجوها منك، ولا لتكثر بك ولا لتعزّز بك ولا يخاف الفقر ولا تنقص خزائنه على سعة الإنفاق ››

شرح: سبحانه، لا إله إلا هو، نعم.

متن: ‹‹ ولا يحبس فضله عنك لحاجة منه إليك واستغنائه بحيث إذا أخرجه أثر ذلك في غناه، وهو يحب الجود والبذل والعطاء والإحسان أعظم مما تحب أنت الأخذ والانتفاع بما سألته، فإذا حبسه عنك فاعلم أن هناك أمرين لا ثالث لهما: أحدهما أن تكون أنت الواقف في طريق مصالحك وأنت المعوّق لوصول فضله إليك وأنت حجر في طريق نفسك، وهذا الأمر هو الأغلب على الخليقة، فإن الله سبحانه قضى فيما قضى به أن ما عنده لا ينال إلا بطاعته، وأنه ما استجلبت نعم الله بغير طاعته، ولا استديمت بغير شكره، ولا عوقت وامتنعت بغير معصيته، وكذلك إذا أنعم عليك ثم سلبك النعمة فإنه لم يسلبها لبخل منه ولا استئثار بها عليك وإنما أنت المسبب في سلبها عنك، فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، فما أزيلت نعم الله بغير معصيته:

إذَا كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَارْعَهَا                                          فَإنَّ المعاصِي تُزِيلُ النِّعَم

فآفتك من نفسك، وبلاؤك من نفسك، وأنت في الحقيقة الذي بالغت في عداوتك، وبالغت من معاداة نفسك ما لا يبلغ العدو منك ››

شرح: نعم، يبلغ الجاهل من نفسه، ما يبلغ المنتحر من نفسه، نعم.

متن: ‹‹ مَا يَبْلُغُ الأعْداءُ مِنْ جَاهِلٍ                            مَا يَبْلُغُ الْجَاهِلُ مِن نَفْسِهِ ››

شرح: نعم، لا يصلون إلى ما وصل إليه، الجاهل يوقع نفسه في شيء ما يصل إليه الأعداء، نعم.

متن: ‹‹ ومن العجب أن هذا شأنك مع نفسك وأنت تشكو المحسن البريء عن الشكاية، وتتهم أقداره وتعانيها وتلومها ››

شرح: (ها)؟ ومن العجائب

متن: ‹‹ ومن العجب أن هذا شأنك مع نفسك وأنت تشكو المحسن البريء عن الشكاية، وتتهم أقداره وتعانيها وتلومها، فقد ضيعت فرصتك وفرطت في حظك، وعجز رأيك عن معرفة أسباب سعادتك وإرادتها، ثم قعدت تعاتب القدر بلسان الحال والقال، فأنت المعنيّ بقول القائل:

وعاجز الرأي مضياع لفرصته                              حتى إذا فات أمر عاتب القدرا ››

شرح: فأنت (ايش)؟ وأنت، أعد، وأنت.

متن: ومن العجب؟

شرح: نعم، ومن العجب

متن: ‹‹ ومن العجب أن هذا شأنك مع نفسك وأنت تشكو المحسن البريء عن الشكاية ››

شرح: البريء؟

متن: أي نعم.

شرح: نعم، نعم.

متن: ‹‹ وتتهم أقداره ››

شرح: يشكو الرب سبحانه، تشكو ربك، نعم.

تتهم أقداره، لماذا كذا؟ لماذا قُدر عليّ كذا؟، نعم.

متن: ‹‹ وتتهم أقداره وتعانيها وتلومها، فقد ضيعت فرصتك وفرطت في حظك، وعجز رأيك عن معرفة أسباب سعادتك وإرادتها، ثم قعدت تعاتب القدر بلسان الحال والقال، فأنت المعنيّ بقول القائل:

وعاجز الرأي مضياع لفرصته                                      حتى إذا فات أمر عاتب القدرا

ولو شعرت بدائك، وعلمت من أين دهيت ومن أين أُصبت، لأمكنك تدارك ذلك، ولكن قد فسدت الفطرة وانتكس القلب وأطفأ الهوى مصابيح العلم والإيمان منه فأعرضت عمن أصل بلائك ومصيبتك منه، وأقبلت تشكو من كل إحسان دقيق أو جليل وصل إليك فمنه فإذا شكوته إلى خلقه كنت كما قال بعض العارفين –وقد رأى رجلاً يشكو إلى آخر ما أصابه ونزل به-: يا هذا تشكو من يرحمك، إلى من لا يرحمك..

وإذا أتَتْكَ مصيبة فاصبر لهـــــــا                                    صبر الكــــــــــــريم فإنه بـــــك أرحـــــــــــم

وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما                                    تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم ››

شرح: نعم.

متن: ‹‹ وإذا علم العبد حقيقة الأمر، وعرف من أين أُتي ومن أي الطرق أُغير على سرحه ››

شرح: أُغير على سرحِهِ.

متن: ‹‹ أُغير على سرحِهِ ومن أي ثغرة سرق متاعه وسلب استحى من نفسه –إن لم يستح من الله- أن يشكو أحداً من خلقه أو يتظلمهم أو يرى مصيبته وآفته من غيره، قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}، وقال: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} ››

شرح: هذه نزلت في الصحابة في غزوة أحد، إذا كان الصحابة يقال لهم: {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}، فكذا غيرهم، وهذا لما حل الرماة الموقف، صار هذا سبب في الهزيمة، ولهذا قال الله: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ} وهي الهزيمة والقتل والجراح

{قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} في بدر

يعني أصابتكم مصيبة، قُتل منكم سبعون في أحد، ولكن أنتم قتلتم سبعين في بدر، وأسرتم سبعين، {قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}، بسبب إخلال الرماة، ولكن يُقال هذا خاصة أفضل الناس الصحابة وفيهم رسول الله وتحصل لهم الهزيمة بسبب إخلال الرماة، فكيف بغيرهم؟، نعم.

متن: ‹‹ {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} هذا ومن المخاطب بهذا الخطاب؟ ››

شرح: الصحابة -أفضل الناس بعد الأنبياء- وفيهم رسول الله، نعم.

متن: ‹‹ وقال تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}.

 فإن أصررت على اتهام القدر وقلت: فالسبب الذي أُصبتُ منه وأُتيت منه ودهيت منه قد سبق به القدر والحكم وكان في الكتاب مسطوراً، فلابد منه على الرغم مني، وكيف لي أن أنفك منه وقد أودع الكتاب الأول قبل برء الخليقة والكتاب الثاني قبل خروجي إلى هذا العالم وأنا في ظلمات الأحشاء حين أمر الملك بكتب الرزق والأجل والسعادة والشقاوة ››

شرح: قف على هذا، هذه شبهة، هذه شبهة قوية في القدر، يقول: كيف أنا، هذا شيء مقدر عليّ وأنا في الأحشاء، يعني وأنا في بطن أمي، كل شيء مقدر عليّ. فما الجواب؟

هذه شبهة، شبهة في القدر وجوابها يأتي إن شاء الله.

متن: أحسن الله إليك.

شرح: بارك الله فيك

في أحد؟

باقي الآن، بعض الإخوان يتأخر وبعد الدرس يأتي.

وفق الله الجميع.

 

 

 

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد