شعار الموقع
  1. الصفحة الرئيسية
  2. الدروس العلمية
  3. العقيدة
  4. شرح كتاب التوحيد
  5. كتاب التوحيد 13 من باب قول الله تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ... إلى باب قول الله تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ

كتاب التوحيد 13 من باب قول الله تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ... إلى باب قول الله تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ

00:00
00:00
تحميل
159

المتن:

قال شيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد:

باب قول الله تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ۝ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ۝ فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا وقوله: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ. [البقرة: 11] وقوله: وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا. [الأعراف: 56] . وقوله: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ. [المائدة: 50] .
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله ﷺ قال: لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به. قال النووي: حديث صحيح، رويناه في كتاب "الحجة" بإسناد صحيح.
وقال الشعبي: كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة؛ فقال اليهودي: نتحاكم إلى محمد-لأنه عرف أنه لا يأخذ الرشوة- وقال المنافق: نتحاكم إلى اليهود -لعلمه أنهم يأخذون الرشوة- فاتفقا أن يأتيا كاهناً في جهينة فيتحاكما إليه، فنزلت: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ [النساء: 60] .
وقيل: نزلت في رجلين اختصما، فقال أحدهما: نترافع إلى النبي ﷺ، وقال الآخر: إلى كعب بن الأشرف، ثم ترافعا إلى عمر، فذكر له أحدهما القصة. فقال للذي لم يرض برسول الله ﷺ: أكذلك؟ قال: نعم، فضربه بالسيف فقتله.

الشيخ:

 قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد باب قول الله تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا هذه الترجمة فيها تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله والأخرى فيها تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وهذه الترجمة فيها تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله.

والمقصود من هذه الترجمة وجوب التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وأن عدم التحاكم إلى شرع الله من صفات المنافقين وهذه الآية نزلت في المنافقين.

قال: قال الله تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَوالاستفهام للتعجب يعني تعجب يا محمد من حال هؤلاء يزعمون أنهم أمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ثم يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت ولا يتحاكموا إلى شرع الله حالة عجيبة ضدان أمران متناقضان دعوى الإيمان بما أنزل على الرسول ﷺ ثم التحاكم إلى الطاغوت فأحدهما ينقض الآخر والزعم هو الادعاء الكاذب يزعمون يدعون دعوى كاذبا تنقضها أفعالهم هو يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ والطاغوت صفة مبالغة فاعول من الطغيان وهي مجاوزة الحد وكل ما تجاوز الحد حده كما قال ابن القيم رحمه الله الطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود  أو متبوع أو مطاع والطواغيت كثيرون ورؤوسهم خمسة ومنهم الحاكم بغير ما أنزل الله وهو طاغوت من الطواغيت الحاكم بغير ما أنزل الله الحاكم الجائر الذي يحكم بغير شرع الله.

وهذه الآية دليل على أن الحكم بغير ما أنزل الله ينافي الإيمان وأنهما ضدان فإذا حكم بغير ما أنزل الله بجميع شؤونه الحاكم أو في جميع شؤون الدولة فإنه قد بدل الدين ويكون كافرا كما أقر ذلك أهل العلم كما أقره الحافظ ابن كثير رحمه الله من ذلك ما فعله جنكيز خان في الياسق الذي وضعه مخلوط من القوانين ومن الشريعة يحكم به كفره أهل العلم فمن حكم بغير ما أنزل الله في جميع شؤون الدولة فقد بدل الدين كما أقره الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله في رسالة تحكيم القوانين لأنه بدل الدين فإذا حكم بغير ما أنزل الله في بعض الأحكام مستحلا له فإنه يكفر أيضا يعني إذا حكم بغير ما أنزل الله مستحلا له ولو لم يبدل الدين مستحلا له فإنه يكفر وله ثلاث حالات أو ثلاث صور:

الحالة الأولى: أن يحكم بغير ما أنزل الله معتقدا أن الحكم بغير ما أنزل الله من القوانين والآراء أفضل وأحسن من الحكم بما أنزل الله.

الحالة الثانية: أن يحكم بغير ما أنزل الله معتقدا أنه مماثل ومساوٍ للحكم بما أنزل الله.

الحالة الثالثة: أن يحكم بغير ما أنزل الله معتقدا أن الحكم بما أنزل الله أفضل.

هذه ثلاث حالات يكون فيها الكفر أكبر يخرج من الملة مع الحالة الأولى وهي تبديل الدين إذا حكم بما أنزل الله في جميع شؤون الدولة.

والحالة الخامسة: أن يحكم بالأعراف والسمو كما تتحاكم بعض القبائل إلى شيوخها يحكم بالأعراف والسمو إذا فعل شيئاً من أفراد القبيلة زنا أو سرق رفعوه إلى شيخ القبيلة فحكم عليه بأن عليه شيئا من المال أو يلزمه أن يذبح ذبائح ويبرؤونه من إقامة الحد ولا يقام عليه حد الزنا وحد السرقة فيكون هذا ملزم هذا حكم بالأعراف أعراف القبائل والسمو هذا أمر خامس يخرج من الملة.

أما إذا حكم وهي الحالة السادسة بغير ما أنزل في بعض القضايا طاعة لهوى الشيطان وهو يعلم أنه عاصٍ ويعتقد أن الحكم بما أنزل الله واجب ولكن غلبه الهوى والطمع والجشع فحكم بغير ما أنزل الله لأجل أن ينفع المحكوم له أو لأجل أن يضر المحكوم عليه أو لأجل الرشوة أو لأجل المال أو لأجل الخوف رغبة ورهبة فهذا قد ارتكب كبيرة وكفرا أصغر ولا يخرج من الملة.

أما إذا حكم الحاكم وبذل جهده في تعرف الحكم الشرعي فأخطأ وحكم بغير ما أنزل الله خطأ فهذا له أجره على اجتهاده وخطؤه مغفور لقول النبي ﷺ إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر. هذه حالات ست أو سبع حالات.

والله تعالى بين في هذه الآية الكريمة أن الحكم بغير ما أنزل الله ينافي الإيمان بالله لكن هؤلاء الحكام وإن كان ظاهرهم يستحلون لكن ينبغي ألا يحكم على الأفراد إلا بعد إقامة الحجة ولكن هذا إنما الحكم هذا حكم عام أما على الأفراد كان ينبغي أن تقام عليهم الحجة احتياطا لهذا الأمر العظيم وبراءة للذمة ثم عين كما أقر أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره لا يكفر إلا إذا وجدت الشروط  وانتفت الموانع وقامت عليه الحجة وإن كان الحكم العام يحكم على من فعل كذا كفر.

والله تعالى بين في هذه الآيات الكريمة أن الحكم بغير ما أنزل الله ينافي الإيمان قال تعالى في الآية التي بعدها فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا أقسم بنفسه الكريمة وهو الصادق لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ (يعني الرسول) فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ في موارد النزاع ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ يعني لا بد أن يزول الحرج من حكم الرسول ويسلموا لا بد من الطمأنينة ثم أكمل الوصف بـتَسْلِيمًا 

وهنا قال أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ تعجب ، تعجب يا محمد ممن هذه الحالة يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ثم يتحاكمون إلى الطاغوت وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ الله تعالى أمرهم أن يكفروا بالطاغوت وهم لا يكفرون بالطاغوت وادعوا أن ذلك من الإيمان الزعم يطلق على الدعوى الكاذبة هذه دعوى كاذبة دعواهم بالإيمان كيف يدعون الإيمان ثم يتحاكمون إلى الطاغوتوَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ أمرهم الله أن يكفروا به وهم آمنوا به فقد قال الله تعالى فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى فلا يصح الإيمان إلا بأمرين الكفر بالطاغوت والإيمان بالله فكيف يزعم هؤلاء الإيمان وهم يؤمنون بالطاغوت ويتحاكمون إلى الطاغوت لا يمكن أن حصل الإيمان إلا بالكفر بالطاغوت والإيمان بالله.

ثم قال وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا بين أن الحكم بغير ما أنزل الله هي من إرادة الشيطان وأنه ضلال وأنه (..) مؤكده بمصدر ثم وصف أنه ضلال مبين هذه أربعة أمور أولا الحكم بغير ما أنزل الله من إرادة الشيطان الثانية أنه ضلال الثالث تأكيده بمصدر الرابع وصفه الضلال بأنه بين واضح لكل أحد.

ثم أخبر عن حال المنافقين وأنهم يعرضون عن التحاكم إلى شرع الله قال الله تعالى وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا يعرضون دائما من وصف المنافقين الإعراض عما أنزل الله وما أنزل على رسوله ﷺ والإعراض عن التحاكم إلى شرع الله.

ثم قال فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا فيه أن المنافقين إذا نصحوا أو أمروا أو نهوا قالوا نحن نريد التوفيق بين الشريعة وبين القانون كما يقول الفلاسفة أنا أريد التوفيق بين الفلسفة وبين الشريعة وهو لا يريد التوفيق ، التوفيق بين الشريعة وبين القانون يوفق بينهما إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا وكذلك الصوفية يريدون التوفيق بين الشريعة وبين الصوفية والفلاسفة يريدون التوفيق بين الشريعة وبين الفلسفة وهؤلاء يريدون التوفيق بين الشريعة وبين القوانين هل يجتمع ضدان ؟؟ لا يجتمعان ويَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا .

قال الله تعالى أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا أمرهم الله بالإعراض عنهم ووعظهم.

وقال  وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ۝ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ هذه الآية في المنافقين أيضا بين الله أنهم يفسدون في الأرض ويسمون إفسادهم إصلاحا ينشرون الفساد على الناس ويسمونه إصلاحا  وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ وكذلك الحكم بغير ما أنزل الله فإنه فساد في الأرض.

وقال   ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ۝ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا نهى الله عن الإفساد بعد إصلاحها وهو الإفساد في الأرض بعد إصلاحها بالحكم بغير ما أنزل الله.

قال سبحانه أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ بين أن الحكم بغير ما أنزل الله من أحكام الجاهلية وأنه لا أحسن حكماً من الله وأحكام الجاهلية كلها باطلة فيها ضلال.

ثم ذكر حديث عبد الله بن عمرو أن النبي ﷺ قال: لا يؤمن أحدكم حتى هواه تبعاً لما جئت به قال النووي: حديث صحيح، رويناه في كتاب "الحجة" بإسناد صحيح. حديث فيه بعض الضعف وفيه نفي الإيمان أنه لا يحصل الإيمان حتى يكون (..) لكن المعنى صحيح دل معنى الحديث له شواهد ونصوص تدل على أنه لا يؤمن الإيمان الكامل حتى يكون هواه تابعا للرسول ﷺ لا يؤمن أحدكم حتى هواه تبعاً لما جئت به يعني لا يؤمن إيمانا كاملا الذي تبرأ به ذمته حتى يكون هواه تابعا لما جاء به الرسول ﷺ فيحكم شرع الله يحكم بشرع الله فإذا كان هواه تابعا للمال أو تابعا للجاه وللسلطان فيكون الإيمان ناقصا يكون ضعيفا ولم يؤد الواجب الإيمان الواجب الإيمان الكامل أن يكون هواه تبعا لما جاء به النبي ﷺ فإن كان هواه تبعا للمال أو للجاه أو للشرف نقص إيمانه وضعف إيمانه.

ذكر المؤلف قصة قال وقال الشعبي: كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة؛ فقال اليهودي: نتحاكم إلى محمد-لأنه عرف أنه لا يأخذ الرشوة- وقال المنافق: نتحاكم إلى اليهود -لعلمه أنهم يأخذون الرشوة- فاتفقا أن يأتيا كاهناً في جهينة فيتحاكما إليه، فنزلت: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ [النساء: 60] . فيه خبث المنافقين وأنهم أخبث من اليهود اليهودي يقول نتحاكم إلى محمد والمنافق يقول لا، نتحاكم إلى اليهود.

وقيل: نزلت في رجلين اختصما، فقال أحدهما: نترافع إلى النبي ﷺ، وقال الآخر: إلى كعب بن الأشرف، ثم ترافعا إلى عمر، فذكر له أحدهما القصة. فقال للذي لم يرض برسول الله ﷺ: أكذلك؟ قال: نعم، فضربه بالسيف فقتله. هذه القصة لا تثبت سنده منقطع لأن الشعبي (..) عمر ولكن المعنى صحيح ومعنى القصة صحيح وهي داخلة في معنى الآية ومقصود المؤلف رحمه الله وإن لم تثبت هذه القصة الاستفادة من المعنى فإن من لم يتحاكم إلى شرع الله تشمله هذه الآية فإذا اختصم شخصان ولم يتحاكما إلى شرع الله وتحاكما إلى أحكام وقوانين وضعية فهم يدخلون في هذه الآية وكذلك القصة الثانية أن عمر قتل الذي لم يرض برسول الله ﷺ هذا فيه دليل على أنه يرفع إلى الحاكم الذي لم يرض بحكم الله ورسوله ﷺ يستتاب فإن تاب وإلا قتل فالمؤلف رحمه الله استفاد من المعنى القصة بصرف النظر عن صحتها فالمعنى الصحيح القصة وهي داخلة في حكم الآية وإن لم تثبت.

المتن:

قال الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد:

باب: من جحد شيئاً من الأسماء والصفات
وقول الله تعالى: وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ [الرعد: 30] .
وفي "صحيح البخاري" قال علي: "حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟ ".
وروى عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس: أنه رأى رجلاً انتفض -لما سمع حديثاً عن النبي ﷺ في الصفات، استنكاراً لذلك- فقال: "ما فرق هؤلاء؟ يجدون رقة عند محكمه، ويهلكون عند متشابهه" انتهى.
ولما سمعت قريش رسول الله ﷺ يذكر: الرَّحْمَنِ أنكروا ذلك. فأنزل الله فيهم: وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ 

الشيخ:

 قال المؤلف رحمه الله تعالى الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد: باب من جحد شيئا من الأسماء والصفات لم يذكر الحكم من شرطية ولم يذكر جواب الشرط على عادة البخاري رحمه الله ليعرف ليتأمل طالب العلم الجواب من الأدلة والتقدير من جحد شيئا من الأسماء والصفات فقد كفر أو فهو كافر لقول الله تعالى وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ [الرعد: 30] . فمن جحد شيئا من الأسماء والصفات فهو كافر بخلاف المتأول ، المتأول له شبهة أما الجاحد فهو كافر فمنه قوله تعالى الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى من أنكر هذه الآية وجحدها كفر لأنه مكذب لله أما من أقر بها ولكنه تأول للسبب بمعنى الاستيلاء هذا متأول وله شبهة فلا يكفر فرق بين الجاحد والمتأول.

باب من جحد شيئا من الأسماء والصفات يعني فقد كفر أو فهو كافر والدليل قول الله تعالى وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ [الرعد: 30] . لأن قريشا أنكروا الرحمن معناه أنهم يكفرون بالرحمن قُلْ هُوَ رَبِّي يعني قل هو ربي الرحمن من أسمائه قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يعني لا معبود بحق سواه عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ اعتمدت وفوضت أمري إليه ، وَإِلَيْهِ مَتَابِ  إليه المرجع والمآب.

وفي صحيح البخاري عن علي  حدثوت الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله. قول علي:  أتريدون. وفي البخاري: أتحبون. "حدث الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله" وسبب هذه المقال أن القصاص والوعاظ في زمن علي فكانوا يحدثون بأحاديث وأشياء لا تملؤها عقول الناس فينكرونها فيكون سببا في تكذيبهم وردهم للأحاديث فقال علي هذه المقالة حدثوا الناس بما يعرفون يعني في دينهم بالدين ما يتعلق بالدين وأحكامه ومن بيان الحلال والحرام وما يحتاجه الناس ولا تحدثوهم بشيء تنكره عقولهم وبما أدى ذلك إلى تكذيبهم وردهم للأحاديث ولهذا قال حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله.

وروى عبد الرزاق عن معمر عن ابن الطاووس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا انتفض لما سمع حديثا عن النبي ﷺ فقال ما فرق هؤلاء يجدون رقة عند محكمه ويهلكون عند موت شعبه قوله ما فرق هؤلاء ؟؟ استفهام ، استفهام ابن عباس لأصحابه يقول ما فرق هؤلاء يعني هؤلاء الذين ما فرقهم يعني خوفهم حينما تتلى الأحكام فإنهم يكون عندهم خوف وخشية من الله وإذا تليت عليهم آيات الصفات انتفضوا استنكارا لها يعني ليس هذا الواجب والواجب الإيمان بالمتشابه والعمل بالمحكم يعني ما فرق هؤلاء يعني ما خافوا هؤلاء يحصل عندهم الخوف والرقة والخشية عند المحكم ويهلكون عند المتشابه فلا يؤمنون به والواجب التسليم والإيمان بما جاء عن الله وعن رسوله ﷺ يجب على الإنسان أن يؤمن بالمشرع وأن يؤمن بما جاء عن الله وعن رسوله ﷺ كما أنه يعمل بالأحكام يكون عنده رقة وخوف من الله يمتثل لأوامره ويجتنب لنواهيه فكذلك آيات الصفات يجب عليه أن يؤمن وأن يسلم وأن يؤمن بما جاء في كتاب الله وسنة نبيه ﷺ يؤمن بالصفات لأن هؤلاء لم يؤمنوا الإيمان الواجب لأن الإيمان الواجب أن يؤمن الإنسان بما جاء عن الله على مراد الله كما قال الإمام الشافعي رحمه الله: آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله ما فرق هؤلاء يعني ما خاف هؤلاء من رقة وخشية عند المحكم وعند النصوص والصفات يستنكرون فلا يؤمنون الإيمان الواجب ،الواجب على الإنسان أن يسلم وأن يؤمن بالصفات وأن يعمل بالمحكم والنصوص المحكمة يعمل بها والمتشابه يقول آمنت بالله ويرد المتشابه والمحكم ويؤمن بما جاء عن النبي ﷺ من الصفات والأسماء.

بعض الناس سمع الرسول ﷺ يقرأ سمعت قريش الرسول ﷺ يذكر الرحمن أنكروا الرحمن فأنزل الله وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ وذلك في صلح الحديبية لما تم الصلح وأريد كتابة الكتاب كتب الكاتب بسم الله الرحمن الرحيم قالوا لا نعرف الرحمن ولكن اكتب باسمك اللهم فقال الصحابة يا رسول الله أنقاتلهم قال لا امسحه واكتب ما يريدون فكتب باسمك اللهم ولما كتب هذا ما صنع عليه محمد رسول الله قالوا لا لو نعلم أنك رسول ما قتلناك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك اكتب هذا الاسم محمد بن عبد الله فشق ذلك على الصحابة قالوا يا رسول الله أنقاتلهم قال لا امسحه واكتب محمد بن عبد الله فالنبي ﷺ تنازل عن (..) للمصلحة التي تترتب عليه هذا المصلحة العظمى حتى شق ذلك على الصحابة لكن (..) العقل(..) ولهذا لما حصل النزاع بين علي ومعاوية قال بعض الصحابة اتبعوا رأيكم فلو رأيت اليوم أبا جندل ولو أقدر أن أرد على رسول  الله أمرا لرددت عليه فشق ذلك على الصحابة قالوا كيف نتنازل .؟ قال عمر (...) ألسنا على حق وهم على الباطل فقال النبي ﷺ (..) لماذا لا نقاتلهم فقال الرسول ﷺ إني رسول الله، ولن يضيعني (..) وذهب إلى أبي بكر قال يا أبو بكر ألسنا على حق قال بلى قال أليس هم على باطل قال بلى (...) في ديننا لماذا لا نقاتلهم وأبو بكر ما كان حاضرا فقال مثل ما قال النبي ﷺ انظر إنه لرسول الله ولن يضيعه وزاد فاستمسك (..) ثم بعد ذلك صارت العاقبة حميدة وسماه الله فتحا إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا وضعت الحرب أوزارها اختلط المشركون بالمسلمين وسمعوا القرآن وأسلم عدد كثير وتفرغ النبي ﷺ لفتح خيبر ثم بعد سنتين نقضوا العهد فغزاهم النبي ﷺ في عقر دارهم وفتح مكة عمر بعد ذلك ندم قال عملت بعد ذلك أعمالا يعني اعتراضي على النبي ﷺ عمل أعمالا صالحة لعلها تكفرها يقول كيف أعترض على النبي ﷺ فكذلك قال بعضهم لما حصل خلاف بين علي ومعاوية تبين الرأي تبين آرائكم أيها الناس فلو رأيت اليوم أبا جندل أبو جندل (...) ولو قدرت أن أرد على النبي ﷺ لرددت لكن ما أقدر ثم تبين ذلك أن رأيه الخطأ وأن الخير فيما اختاره الله لنبيه ﷺ (..) الرأي في الحرب بين علي وبين معاوية ف(..) الإنسان رأيه ما يصر على رأيه فلما سمعت قريش الرحمن أنكروا الرحمن فأنزل الله وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ  يعني يجحدون دل على أن من جحد شيئا من أسمائه وصفاته فهو كافر .

سؤال:

جواب الشيخ:

هذا هو الأصل ، الأصل إذا كان له شبهة لأنه شبهة الشبهة يضرب بها عن التكفير إذا كان الشبهة لها حظ من النظر.

المتن:

  قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد:

باب: قول الله تعالى: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ [النحل: 83] .
قال مجاهد ما معناه: هو قول الرجل: هذا مالي، ورثته عن آبائي.
وقال عون بن عبد الله: يقولون: لولا فلان لم يكن كذا.
وقال ابن قتيبة: يقولون: هذا بشفاعة آلهتنا.
وقال أبو العباس -بعد حديث زيد بن خالد الذي فيه: إن الله تعالى قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر... الحديث، وقد تقدم -وهذا كثير في الكتاب والسنة، يذم سبحانه من يضيف إنعامه إلى غيره، ويشرك به.
قال بعض السلف: هو كقولهم: كانت الريح طيبة، والملاح حاذقاً، ونحو ذلك مما هو جارٍ على ألسنة كثير.

الشيخ:

قال الإمام المؤلف الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ [النحل: 83] .

المقصود من هذه الترجمة وجوب شكر النعمة في الاعتراف بها في القلب واللسان وعدم جحودها وإنكارها ونشرها بين الناس واستعمالها في طاعة الله ومرضاته المقصود وجوب شكر النعمة بالاعتراف بها بالقلب واللسان والتحدث بها ونشرها بين الناس واستعمالها في مرضاة الله وطاعته وهذه أركان الشكر الثلاثة الاعتراف بالقلب والتحدث بها باللسان واستعمالها بالجوارح في طاعة الله ومرضاته والله تعالى ذم المشركين قال يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ  فجمعوا بين الأمرين النقيضين يعترفون بنعمة الله ولكنهم يجحدونها فلا يتحدثون بها ولا ينشرونها ولا يستعملونها في طاعة الله مع معرفتهم واعترافهم بأن النعمة من الله قال تعالى  وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ قال سبحانه وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا.

يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا ويجحدونها وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ  فتجدهم على النقيضين يعرفون بقلوبهم أنها من الله ثم يجحدونها وينسبونها إلى غيره ولا يستعملونها في طاعته.

قال مجاهد بما معناه هو قول الرجل هذا مالي ورثته عن آبائي هذا تفسير للآية فمجاهد يقول معنى الآية هو قول الرجل يقول هذا مالي ورثته عن آبائي هذا مثال لإنكار النعمة وجحدها قال هذا مالي ورثته عن آبائي يعني أنكر نعمة الله عليه وأن الله هو الذي يسر له هذا المال وسخر له أسبابه من الذي خلقك أيها الإنسان؟؟ من الذي أوجدك من العدم؟؟ من الذي أعطاك العقل والسمع والبصر ؟؟ من الذي أعطاك القدرة على الكسب؟؟ فكيف تنكر نعمة الله فتقول هذا مالي ورثته عن آبائي ورثته عن أب عن جد أنكر فضل الله وأنكر نعمة الله وأن الله هو الذي يسر له الأسباب هذا إنكار النعمة هذا مثال والسلف يذكرون أمثلة لتفسير الآية وليس المراد الحصر.

وقال عون بن عبد الله: يقولون: لولا فلان لم يكن كذا. هذا مثال أيضا مثال لإنكار النعمة نسبة النعمة إلى الأسباب إلى السبب ونسيان المسبب وهو الله لولا فلان لم يكن كذا لولا فلان ما حصلت على الوظيفة لولا فلان ما حصلت على المال لولا فلان ما حصلت على البيع البيعة الفلانية لولا فلان ما حصلت على السيارة أضاف النعمة إلى السبب فهو سبب جعلها سببا لكن نسيت المسبب وهو الله من الذي يسر لك الأسباب من الذي حرك  قلب هذا الفلان حتى يبيع عليك السلعة أو حتى يعطيك كذا وكذا أو حتى يستجيب لما طلبت هذا إنكار للنعمة قال عون بن عبد الله هو قول الرجل لو لا فلان لك يكن كذا يعني يسند النعمة إلى السبب وينسى المسبب وهو الله.

وقال ابن قتيبة: يقولون: هذا بشفاعة آلهتنا. هذا فيه إنكار النعمة ونسبتها إلى السبب وفيه مع الشرك بالله قولهم هذا بشفاعة آلهتنا الآلهة لا تشفع والله تعالى لا يشفع عنده أحد قال مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ  حتى نبينا ﷺ أوجه الناس لا يشفع حتى يأذن الله له فكيف بالآلهة الآلهة أبعد شيء عن الشفاعة الآلهة لا تشفع هذا من الشرك فهم جمعوا بين الشرك وبين نسبة النعمة إلى غير الله أنكروا نعمة الله وأشركوا مع الله الآلهة لا تشفع الآلهة باطلة ولا تقبل شفاعتها بل لا تقبل شفاعة أي أحد إلا بإذن الله والآلهة لا يؤذن لها لأنها باطلة والمشركون ليس لهم شفاعة فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ والله لا يأذن إلا لأهل التوحيد الشفاعة لا بد فيها من شرطين إذن الله للشافع أن يشفع ورضاه عن المشفوع له والله تعالى لا يرضى إلا التوحيد لا يرضى عن المشرك ولا يشفع له فالآلهة أبعد شيء عن الشفاعة هم جمعوا بين إنكار النعمة والشرك بالله .

وقال أبو العباس -بعد حديث زيد بن خالد-  أبو العباس هو شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الحراني كنيته أبو العباس بعد حديث زيد بن خالد أنه قال صلى بنا رسول الله ﷺ صلاة الحديبية على إثر سماء من الليل صلى بنا صلاة الصبح بالحديبية الحديبية على حدود الحرم من جهة جدة تسمى الآن الشميسي وهو المكان الذي نزل فيه الرسول ﷺ وصده المشركون عن دخول مكة سنة السادسة من الهجرة الشميسي الآن على حدود الحرم صلى بهم النبي ﷺ صلاة الصبح على إثر سماء من الليل يعني مطر يعني قد مطرت تلك الليلة قال فأقبل عليه بوجهه يعني النبي ﷺ فقال أتدرون ماذا قال ربكم الليلة؟  قلنا الله ورسوله أعلم قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر؛ فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب والشاهد من الحديث أن من قال مطرنا بالنجم الفلاني فهو كافر بالله حيث نسب النعمة إلى غير الله وهو إن اعتقد أن للنجم تأثيرا في إنزال المطر فهذا كفر أكبر وشرك في الربوبية وإن اعتقد أن منزل المطر هو الله ولكن الكوكب سبب فهو شرك أصغر فهذا حديث زيد بن خالد الجهني فيه إنكار النعمة ونسبتها إلى النجوم والله تعالى لم يجعل النجم سببا في إنزال المطر فهذا فيه إنكار النعمة مع الشرك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعليقا على هذا الحديث ومثل هذا كثير في الكتاب والسنة يذم أن يضيفوا إنعامه إلى غيره ويشركوا به يعني مثل حديث زيد بن خالد حديث زيد بن خالد الجهني ذم الله من قال مطرنا بنوء كذا وكذا؛ لأنه أضاف النعمة إلى غير الله وأشرك بالله جمع بين الأمرين قال مطرنا بنوء كذا وكذا أضاف النعمة إلى غير الله أضافها إلى النجم وأشرك بالله قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مثل هذا كثير في الكتاب والسنة يذم من يضيف إنعامه إلى غيره ويشرك به قال، قال بعض السلف هو كقولهم يعني نسبة النعمة إلى غير الله وإضافتها إلى غيره كقولهم كانت الريح طيبة والملاح حاذق وغير ذلك مما هو جار على ألسنة الكثير يعني أنهم إذا ركبوا السفينة وسارت سيرا حسنا ووصلوا في وقت قصير نسبوا ذلك إلى طيب الريح وإلى حذق الملاح ونسوا المسدي والمولي النعمة هو الله فقالوا إن الريح طيبة ما في عواصف بالبحر والملاح قائد السفينة حاذق فكفروا بنعمة الله ونسبوا النعمة إلى غير موليها هذا من الأمثلة الذي ذكرها بعض السلف فهذا من نسبة النعمة إلى غير الله ومنه قول بعض الناس السائق جيد والسيارة جديدة مثلا إذا وصلوا في وقت قصير قالوا قطعنا المسافة مثلا في ساعة أو ساعتين وذلك لأن السائق جيد والسيارة جديدة فهذا مثل قولهم كانت الريح طيبة والملاح حاذق والواجب أن يقول الإنسان أن الله تعالى سهل ويسر الله تعالى سهل لنا ويسر لنا الأسباب ومن الأسباب التي يسرها الله أن السائق جيد والسيارة جديدة ولا ينسى المنعم فالواجب إضافة النعمة إلى الله أما إضافتها إلى السبب ونسيان المنعم فهذا من إضافة النعمة إلى غير مسديها وهو من كفر النعمة.

سؤال:

أجابة الشيخ:

نعم يكون شرك أكبر ويكون شرك أصغر إذا اعتقد أن للنجم تأثير كان فيه شرك في العبادة أو ناقضة من نواقض الإسلام صار شرك أكبر  وهو شرك أصغر إذا قال مطرنا بنوء كذا وكذا معتقدا أن للنجم تأثيرا في إنزال المطر هذا شرك اكبر وإذا كان يعتقد أنه سبب والله تعالى هو الذي ينزل المطر فهذا شرك أصغر.

المتن:

قال الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد:

باب: قول الله تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. [البقرة: 22] .
قال ابن عباس في الآية: الأنداد: "هو الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل؛ وهو أن تقول: والله، وحياتك يا فلان وحياتي، وتقول: لولا كليبة هذا لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار لأتانا اللصوص، وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان. لا تجعل فيها فلاناً هذا كله به شرك" رواه ابن أبي حاتم.
وعن عمر بن الخطاب : أن رسول الله ﷺ قال: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك رواه الترمذي وحسنه، وصححه الحاكم.
وعن حذيفة ، عن النبي ﷺ قال: لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان رواه أبو داود بسند صحيح.
وجاء عن إبراهيم النخعي، أنه يكره أن يقول: أعوذ بالله وبك، ويجوز أن يقول: بالله ثم بك. قال: ويقول: لولا الله ثم فلان، ولا تقولوا: لولا الله وفلان.

الشيخ:

قال الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد: باب: قول الله تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. [البقرة: 22] .

هذه الجملة آخر الآية في قوله تعالى يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ۝ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ فهذا أول نهي في القرآن الكريم نهى عن الشرك كما أن أول الأوامر يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ أول الأوامر في أول سورة البقرة لما ذكر الله تعالى الطبقات الثلاث المؤمنون ظاهرا وباطنا في أربع آيات والكفار ظاهرا وباطنا في آيتين والمنافقون في ثلاثة عشر آية جاء أول أمر ، أول أمر هو الأمر بالتوحيد يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ثم جاء بعدها أول نهي ،نهي عن الشرك فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. وأول أمر في القرآن الكريم الأمر بالتوحيد يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ وأول نهي في القرآن الكريم النهي عن الشرك فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. والأنداد جمع ند المثيل والنظير.

وأراد المؤلف رحمه الله من هذه الترجمة بيان أن التنديد يكون شركا أكبر ويكون شركا أصغر وهو نوعان أكبر وأصغر وما ذكره المؤلف من الآثار كله من الشرك الأصغر من الند الأصغر فالتنديد نوعان أكبر وأصغر والسلف يستدلون على الشرك الأصغر بما جاء في الشرك الأكبر كقوله تعالى في آية يوسف وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ وهذه الآية فيها بيان الشرك شرك المشركين وأن إيمانهم إيمان بالربوبية والشرك شرك في العبادة ومع ذلك أدخل السلف فيها الشرك الأصغر لما كان رجل في يده خيط من الحمى قطعه وتلا قوله تعالى وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ فأدخل الشرك الأصغر في الشرك الأكبر كذلك هنا الآية فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. تشمل التنديد الأكبر والأصغر.

قال ابن عباس رضي الله عنهما الأنداد الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء الشرك يعني الشرك كثير في هذه الأمة ويشمل الشرك الأكبر و الشرك الأصغر أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل وهو أن تقول والله وحياتك يا فلان وحياتي هذا من الشرك الأصغر من التنديد الأصغر وحياتك يقصد بحياتك وحياتي وتقول لولا كلبة هذا لأتانا اللصوص ولولا كلبة هذا لسرقت الدار هذا من التنديد الأصغر لولا كليبة هذا لأتانا اللصوص يعني يسند الأشياء إلى الأسباب وقول الرجل لصاحبه ما شاء الله وشئت التشريك بين الخالق والمخلوق في المشيئة بالواو هذا من التنديد وقول الرجل لولا الله وفلان كذلك عطف المخلوق على الخالق لولا فلان هذا كله فيه شرك وابن عباس بين أن هذه الأمور تدخل في التنديد الأصغر الحلف بغير وحياتك وحياتي كذلك إسناد الأشياء إلى أسبابها مع قطع النظر عن المسبب وهو الله لولا كلبة هذا كليبة تصغير كلبة لأنها تنبح بمن يمر فإذا جاء لص نبحت فجاء صاحبها لولا كلبة هذا كليبة هذا أتى اللصوص ولو لا وجودها في الدار لأتى اللصوص وقول الرجل ما شاء الله وشئت تشريك بين الخالق والمخلوق وقول لولا الله وفلان لا تجعل فيها فلان هذا كله به شرك رواه ابن أبي حاتم هذا كله من التنديد الأصغر الحلف بغير الله عطف مشيئة الخالق على المخلوق وإسناد الأشياء إلى السبب ونسيان المسبب كل هذا من الشرك من التنديد الأصغر.

وعن عمر بن الخطاب أن النبي ﷺ قال من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك رواه الترمذي وحسنه وصححه الحاكم الحديث فيه من حلف بغير الله شرك من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك  قيل الواو بمعنى أو والمعنى فقد كفر أو أشرك وقيل أنه شك (..) فيه أن الحلف بغير الله شرك وذلك أن الحلف للتعظيم والتعظيم لا يكون إلا لله قال ابن مسعود رضي الله عنه (( لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا )) وذلك لأن الحلف بالله توحيد والحلف بغيره شرك فمن حلف بالله فوحد الله وإن كان معه سيئة الكذب أما من حلف بغير الله فقد أشرك وإن كان معه حسنة الصدق فحسنة التوحيد أقوى من حسنة الصدق وسيئة الشرك أشد من سيئة الكذب فهذا من حلف بالله كاذبا معه حسنة التوحيد ومعه سيئة وهي سيئة الكذب أما الحلف بغير الله صادقا معه الشرك وإن كان معه حسنة الصدق فالحلف بالله كاذبا توحيد لأنه حلف بالله وإن كان معه سيئة الكذب أما الحلف بغيره صادقا هذا شرك وإن كان معه حسنة الصدق.

وعن حذيفة أن النبي ﷺ قال: لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان رواه أبو داود بإسناد صحيح هذا الحديث فيه النهي عن التشريك بين الخالق والمخلوق بالواو في المشيئة لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان التشريك بين الخالق والمخلوق بالمشيئة في الواو ممنوع لأن الواو لمطلق الجمع وهي لا تقبل ترتيبا ولا تقديما ولا تأخيرا بخلاف من قال ما شاء الله ثم شئت فإن العطف بالمشيئة بـثم تفيد الترتيب و التراخي وأن مشيئة المخلوق لا تأتي إلا بعد مشيئة الله بالتراخي والترتيب أما الواو فتكون لمطلق الجمع والتشريك ولهذا في هذا الحديث لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان ثم لا محظور فيها.

وجاء عن إبراهيم النخعي أنه يكره أن تقول أعوذ بالله وبك ويجوز بالله ثم بك يعني يكره الكراهية ، كراهية التحريم هنا وإبراهيم النخعي بن يزيد النخعي تابعي صغير فيقول يجوز أن تقول بالله ثم بك ويكره أن تقول بالله وبك لماذا عبر بالكراهية ؟؟ من باب الورع للتورع وإلا الكراهية مكانها التحريم جاء عن إبراهيم النخعي إياك أن تقول أعوذ بالله وبك لأن الواو تقتضي التشريك والجمع مطلق الجمع ويجوز أن تقول بالله ثم بك لأن ثم تفيد التراخي والترتيب تكون مشيئة المخلوق بعد مشيئة الخالق قال ويقول لولا الله ثم فلان ولا تقول لولا الله وفلان يعني لولا الله ثم فلان عطفت ، عطفت المخلوق بالمشيئة بـثم وتقول لولا الله ثم فلان ولا تقولوا لو لا الله وفلان والفرق بينهما واضح لأن ثم تفيد الترتيب والتراخي وأما الواو فإنها لمطلق الجمع والتشريك ولا تفيد تقديما ولا تأخيرا .

سؤال: (من قال لولا فلان ....)

جواب الشيخ:
هذا فيه خلاف لولا أنا لما سئل عن أبي طالب قال (..) يحميك وينصرك قال(..) قال نعم قال لولا أنا في الدرك الأسفل من النار وبعضهم قال أنه يحتمل أنها من الصبر عند بعض الرواة وبعضهم قال إنها جائز أنه يجوز لهذا السبب ولكن تركه أولى وأفضل ويجوز لوروده ولكن تركه أفضل للنهي عنه كما في حديث عباس (..) يكون محمل على التنزيه وهذا محمل على الجواز .

سؤال:

جواب الشيخ:

لا التوكل خاص بالله نص العلماء على أن التوكل نوعان توكل على غير الله نوعان يكون شركا أكبر وهو التوكل على غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله التوكل على الأموات والطواغيت في  جلب الرزق ودفع الضر والثاني التوكل على الحي الحاضر القادر وهذا شرك أصغر أيضا لقول الله تعالى وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وكان شركا لما فيه من ميل القلب التوكل فيه ميل القلب وهو أقوى من الرجاء .

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد