شعار الموقع

28- شرح كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين

00:00
00:00
تحميل
19

اسم المحاضرة: السبت 4-7-1435

مدة التسجيل: 36:54

 

متن: بسم الله، والحمد الله، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

شرح: آمين.

متن: يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه (طريق الهجرتين وباب السعادتين) ولا يزال الكلام على ذكر أقوال القدرية والجبرية الفاسدة ورد المؤلف عليها:

‹‹ فيقال: الله أكبر على هؤلاء الملاحدة أعداء الله حقاً الذين ما قدروا الله حق قدره، ولا عرفوه حق معرفته، ولا عظموه حق تعظيمه، ولا نزهوه عما لا يليق به، وبغضوه إلى عباده وبغضوهم إليه، وأساؤوا الثناء عليه جهدهم وطاقتهم ››

شرح: وبغضوه إلى عباده

متن: ‹‹ وبغضوه إلى عباده وبغضوهم إليه ››

شرح: نعم.

متن: ‹‹ وأساؤوا الثناء عليه جهدهم وطاقتهم، وهؤلاء خصماءُ الله حقاً ››

شرح: وأساؤوا الثناء عليه

متن: ‹‹ وأساؤوا الثناء عليه جهدهم ››

شرح: نعم، الثناء يطلق على الثناء بالخير والثناء بالشر، يطلق على هذا وعلى هذا، نعم.

متن: ‹‹ وأساؤوا الثناء عليه جهدهم وطاقتهم، وهؤلاء خصماءُ الله حقاً الذين جاء فيهم الحديث: ‹‹ يقال يوم القيامة: أين خُصماء الله؟ فيؤمرُ بهم إلى النار ›› ››

شرح: نعوذ بالله.

متن: ‹‹ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في تائيته:

ويدعى خصوم الله يوم معادهم                         إلى النار طراً فرقة القدرية ››

شرح: سبحان الله، يستشهد بهذا، هذا ذكرناه في التفسير

أحد الحاضرين: شيخ، ما هو الدليل يا شيخ، (مو) الرد على من نفى التائية عن شيخ الإسلام؟

شرح: نعم، (1:42) ذكرناه في التفسير، ذكرت هذا، مر في التفسير، قبل قليل.

متن: ‹‹ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في تائيته:

ويدعى خصوم الله يوم معادهم                           إلى النار طراً فرقة القدرية

سواءٌ نفوه أو سعوا ليخاصموا                           به الله أو ماروا به للشريعة

وسمعته يقول ››

شرح: سواءٌ نفوا الله أو، سواءٌ

متن: ‹‹ سواءٌ نفوه أو سعوا ليخاصموا                   به الله أو ماروا به للشريعة ››

شرح: نعم، نعم، سواء نفوا القدر، أو خاصموا الرب، نعوذ بالله.

متن: قال ابن القيم:

‹‹ وسمعته يقول -أي شيخ الإسلام-: القدرية المذمومون في السنة وعلى لسان السلف هم هؤلاء الفرق الثلاث: نفاته، وهم القدرية المجوسية. والمعارضون به للشريعة الذين قالوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا}. وهم القدرية المشركية. والمخاصمون به للرب ››

أحد الحاضرين: الشركية؟

شرح: الشركية نعم، والمخاصمون للرب وهم الإبليسية، هذه الفرق ذكرها في الرسالة التدمرية.

الفرقة ثلاث أقسام:

(1) القسم الأول: الفرقة القدرية النفاة وهم المجوسية، وهم المعتزلة، معتزلة في الصفات، ومعتزلة في الأفعال، وهم الذين ينفون القدر وإن كانوا يعظمون الأمر والنهي والوعد والوعيد، لكنهم كذبوا بالقدر تكذيباً جزئياً فقالوا إن العبد هو الذي يخلق فعل نفسه، استقلالاً، وإن أقروا أن الله هو الذي خلقهم وخلق قدرتهم، ولكن قالوا إنهم أوجدوا أفعالهم استقلالاً، وسُمّوا مجوسية لمشابهة المجوس بالقول بتعدد الخالق، فإن المجوس قالوا بخالقين الخير والشر، النور خالق الخير، والظلم خالق الشر. والقدرية المجوسية قالوا كل عبد، كل إنسان يخلق فعل نفسه، فوجه الشبه بينهم القول بتعدد الخالق. فالمجوسية قالوا، المجوس.

أحد الحاضرين: قالوا بإلهيين.

شرح: قالوا بإلهيين، خالِقَيْن. والقدرية قالوا بخَالِقِين، فقولهم أردى من هذه الجهة، وإن كان -يعني- شركهم وتكذيبهم للقدر تكذيب جزئي، وليس تكذيباً ..، لشبهة عرضت لهم.

(2) والثانية: الفرقة المشركية، الذين يحتجون بالقدر، الذين يعارضون القدر، يعارضون الشرع بالقدر، فإذا أمرت بأداء الواجبات وترك المحرمات، احتجوا بالقدر، هؤلاء يسمون المشركية لأنهم شابهوا المشركين الذين احتجوا بالمشيئة على القدر، وعلى شركهم، {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا}.

(3) والثالثة: الإبليسية، الذين أقروا بالشرع والقدر جميعاً.

يعني القدرية، أقروا بالشرع، القدرية المجوسية، القدرية النفاة، أقروا بالشرع، بالأمر والنهي والوعد والوعيد، وكذبوا بالقدر تكذيباً جزئياً.

والمشركية، العكس، آمنوا بالقدر وكذبوا بالشرع.

والمقارنة بين الطائفتين: أن القدرية النفاة أقرب إلى الحق من القدرية المشركية؛ لأنهم في الشريعة، في الجملة يعظمون الأوامر والنواهي، والأمر والنهي، والوعد والوعيد بخلاف المشركية فإنهم ألغوا الشرع، ما يعتبرون الشرع، يحتجون بالقدر، فتكون الرسل عبث، والشرع عبث، والعياذ بالله.

فلهذا هم أقرب للصواب. القدرية المجوسية أقرب للصواب من القدرية (اللي) يحتجون بالقدر ويعارضون الشرع بالقدر.

ثم الطائفة الثالثة: الإبليسية.

يعني الفرقة (المشركية)، المجوسية آمنوا بالشرع وكذبوا بالقدر تكذيباً جزئياً.

والمشركية آمنوا بالقدر وكذبوا بالشرع.

والإبليسية آمنوا بالشرع والقدر معاً، ولكن طعنوا في حكمة الرب، وقالوا: الرب متناقض، فالشرع ينقض القدر، والقدر ينقض الشرع، هكذا قالوا، قالوا كيف يأمر بالأمر ويُقدّر خلافه، وينهى عن شيء ويقدر خلافه، هؤلاء خصماء الله يساقون إلى النار، وشيخهم إبليس، سُمُوا طائفة إبليسية لأنهم اعترضوا على الله كما اعترض إبليس على الله، نعم، هؤلاء خصماء الله يساقون إلى النار، نعوذ بالله، نعم.

أحد الحاضرين: عفا الله عنك يا شيخ، والنفاة الذين نفوا علم الله يدخلون يا شيخ في أي قسم؟

شرح: النفاة هم المجوسية، هم القدرية المجوسية.

أحد الحاضرين: يعني أكثر المجوسية يدخلون ...

شرح: القدرية، النفاة هم المجوسية.

والمشركية هم الغلاة في الإثبات، يسمون القدرية المجبِرة.

وأولئك يسمون القدرية النفاة، وأولئك يسمون القدرية المجبرة الذين غلوا في الإثبات.

فالقدر، القدرية، الأولى هم القدرية النفاة، والثانية القدرية المثبتة الغلاة، غلوا في الإثبات، والثالثة الذين آمنوا بالأمرين وجعلوا الرب متناقض، يطعنون في حكمة الرب.

أحد الحاضرين: أنا أقصد -عفا الله عنك- المجوسية هم النفاة، هل الشيخ يدخلهم بقسميهم: من أنكروا علم الله، ومن أنكروا القدر؟

شرح: لا، الأولى انقرضوا، الأولى في عهد الصحابة انقرضوا، كفار أولئك، أنكروا علم الله، هؤلاء كفّرهم ابن عمر وغيره من الصحابة، لأنهم أنكروا علم الله وقالوا أن الله لا يعلم بالأشياء حتى تقع، وهؤلاء انقرضوا، انتهوا، الذين أنكروا العلم والكتابة.

وأما القدرية أنكروا، فثبتوا مراتب القدر الأربعة كلها، لكن أخرجوا من عموم الثالثة والرابعة أفعال العباد، (اللي) هي المشيئة.

الغلاة الكفرة انقرضوا، أولئك، نعم، أخرجهم العلماء من الستين أو السبعين فرقة، كما أخرجوا الرافضة وأخرجوا الجهمية، نعم.

متن: أحسن الله إليك.

شرح: المراد القدرية، عامة القدرية، (اللي) هم المعتزلة، هذا المراد، نعم.

متن: قال: ‹‹ نفاته، وهم القدرية المجوسية. والمعارضون به للشريعة الذين قالوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا}. وهم القدرية المشركية. والمخاصمون به للرب سبحانه وهم أعداء الله وخصومه وهم القدرية الإبليسية، وشيخهم إبليس، وهو أول من احتج على الله بالقدر فقال: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي} ولم يعترف بالذنب ويبوء به كما اعترف به آدم، فمن أقر بالذنب وباء به ونزه ربه فقد أشبه أباه آدم، ومن أشبه أباه فما ظلم. ››

شرح: نعم، فمن (ايش)؟، فمن، قبل سطر، سطرين.

متن: ‹‹ ولم يعترف بالذنب -أي إبليس- ويبوء به كما اعترف به آدم، فمن أقر بالذنب وباء به ونزه ربه فقد أشبه أباه آدم، ومن أشبه أباه فما ظلم. ومن برأ نفسه واحتج على ربه بالقدر فقد أشبه إبليس. ولا ريب أن هؤلاء القدرية الإبليسية والمشركية شر من القدرية النفاة، لأن النفاة إنما نفوه تنـزيهاً للرب وتعظيماً له أن يقدر الذنب ثم يلوم عليه ويعاقب، ونزهوه أن يعاقب العبد على ما لا صنع للعبد فيه البتة بل هو بمنـزلة طوله وقصره وسواده وبياضه وحوله ››

شرح: (ايش)؟ ونزهوا (ايش)؟ ولا ريب (ايش)؟ ولا ريب.

متن: ‹‹ ولا ريب أن هؤلاء القدرية الإبليسية والمشركية شر من القدرية النفاة، لأن النفاة إنما نفوه تنـزيهاً للرب تعالى ››

شرح: نفوا خلق أفعال العباد تنزيهاً للرب، كيف يخلق المعصية ويعذب عليها؟، يكون ظالماً، (10:15)قالوا: لا، العبد هو الذي أوجد المعصية فيُعذب عليها ويُعذب على فعله، كما أنه هو الذي أوجد الطاعة، فقالوا يجب على الله عقلاً أن يثيب المطيع، يجب، يعني لو يقول هذا عرق جبينه، هكذا يقولون، يجب على الله، (10:35) نعوذ بالله، هذا في زعمهم، فيجب على الله أن يثيب المطيع، ويجب عليه أن يعاقب العاصي، يجب على الله أن يثيب المطيع، يقول هذا لأنه هو الذي أوجد فعله، {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، قالوا الباء للعوض، عوض، كما يستحق الأجير أجرته، قالوا يجب على الله أن يثيب المطيع، وهذا عوضه عن عمله، عرق جبينه، ما في، ما لله فضل، نعوذ بالله، هذا من هذه الجهة.

وأما العاصي، فيجب على الله أن يعذبه ولا يخلف وعيده؛ لأن الله لا يخلف الميعاد، هكذا، وهذا من جهلهم وضيعهم، الباء في قوله: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} باء السببية، والسبب دخول الجنة برحمة الله، والأعمال سبب، لكنهم في الجملة زعموا أنهم ينزهون الله عن الظلم، فهم خير من القدرية المشركية، وخير من القدرية الإبليسية، المؤلف يقارن بينهم ويقول هذا الأقرب للحق والصواب، لأنهم يعظمون الشرائع في الجملة، القدرية النفاة، والأوامر والنواهي والوعد والوعيد، نعم.

متن: أحسن الله إليك.

أحد الحاضرين: الباء في الآية سببية، في الحديث عوض يا شيخ؟

شرح: نعم، هذا هو الصواب، والمعتزلة عكسوا، العكس، (11:47) في إثبات، في باء عوض، تقديراً عنها.

أحد الحاضرين: أنا أقصد الباء التي في الحديث، الباء في الآية سبب، في الحديث؟

شرح: أقول لك القدرية عكسوا، هذا عند أهل السنة، الباء في الحديث لا يدخل الجنة عوضاً عن عمله، ‹‹ قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا ››، وأما الباء التي في الآية، {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي بسبب، فدخول الجنة برحمة الله، لكن هذه الرحمة لها سبب وهو العمل، هكذا قال صلى الله عليه وسلم، المعتزلة عكسوا، قالوا لا، الباء (اللي) في {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} هذه باء العوض، ادخلوا الجنة عوضاً عن، والحديث قالوا السبب، جعلوها سببية، قال ادخلوا، وهذا من جهلهم وضلالهم، نعم.

متن: أحسن الله إليك.

متن: ‹‹ لأن النفاة إنما نفوه تنـزيهاً للرب تعالى وتعظيماً له أن يقدر الذنب ثم يلوم عليه ويعاقب، ونزهوه أن يعاقب العبد على ما لا صنع للعبد فيه البتة بل هو بمنـزلة طوله وقصره وسواده وبياضه وحوله ››

شرح: يعني مجبور، ما دام إنه مجبر، يقول، نزهوه أن يكون هكذا، قالوا لا يمكن أن نقول إنه مجبر على العمل ثم يُعذَّب عليه، لا قدرة له، بمنزلة طوله وقصره، فهذا، هل الإنسان له قدرة في هذا؟ يغير طوله وقصره، ويغير لونه؟ ما يستطيع، هذا طبعه الله عليه.

أعِد، وقالوا (ايش)؟ ونزهوه.

متن: ‹‹ لأن النفاة إنما نفوه تنـزيهاً للرب وتعظيماً له أن يقدر الذنب ثم يلوم عليه ويعاقب، ونزهوه أن يعاقب العبد على ما لا صنع للعبد فيه البتة بل هو بمنـزلة طوله وقصره وسواده وبياضه وحوله ونحو ذلك.

كما يحكى عن بعض الجبرية أنه حضر مجلس بعض الولاة فأُتي بطرّار أحول ››

الطرار قال: ‹‹ هو الذي يشق كم الرجل ويسل ما فيه ››

شرح: (ها) يشقُ.

متن: ‹‹ يشق كم الرجل ويسل ما فيه ››

شرح: (ها) كما حُكي (ايش)؟

متن: ‹‹ كما حكى عن بعض الجبرية أنه حضر مجلس بعض الولاة فأُتي بطرّار أحول فقال له الوالي: ما ترى فيه؟ فقال: اضربه خمسة عشر –يعني سوطاً- فقال له بعض الحاضرين ممن ينفي الجبر: بل ينبغي أن يضرب ثلاثين سوطاً خمسة عشر لطره، ومثلها لحوله ››

شرح: خمسة عشر (لايش)؟

متن: ‹‹ لطَرِه ››

شرح: لطَرِهِ، (ايه)

متن: ‹‹ ومثلها لحوله. فقال الجبري: كيف يضرب على الحول ولا صنع له فيه؟ فقال: كما يضرب على الطر ولا صنع له فيه عندك، فبهت الجبري.

وأما القدرية الإبليسية والمشركية فكثير منهم منسلخ من الشرع ››

شرح: أعد القصة (ايش)؟ كما حكي عن.

متن: ‹‹ كما يحكى عن بعض الجبرية أنه حضر مجلس بعض الولاة فأُتي بطرّار أحول فقال له الوالي: ما ترى فيه؟ ››

شرح: هذا الطرّار الذي يشق الكم ويأخذ ما فيه؟

متن: ‹‹ يشق كم الرجل ويسل ما فيه ››

شرح: نعم، الجبري وهذا مجبور عليه، مقدر عليه، هذا رجل مقدر عليه، ما له حيلة، نعم.

مثله مثل الحول ومثل الطول والقصر، إذا كنتم تجازونه على حوله، فجازوه أيضاً على سرقته، لأنه مجبور عليها، نعم، فكان، نعم.

متن: ‹‹ كما يحكى عن بعض الجبرية أنه حضر مجلس بعض الولاة فأُتي بطرّار أحول فقال له الوالي: ما ترى فيه؟ فقال: اضربه خمسة عشر سوطاً فقال له بعض الحاضرين ممن ينفي الجبر: بل ينبغي أن يضرب ثلاثين سوطاً خمسة عشر لطره، ومثلها لحوله. فقال الجبري: كيف يضرب على الحول ولا صنع له فيه؟ فقال: كما يضرب على الطر ولا صنع له فيه عندك، فبهت الجبري.

وأما القدرية الإبليسية والمشركية فكثير منهم منسلخ من الشرع، عدو لله ورسله، لا يقر بأمر ولا نهي، وتلك وراثة عن شيوخهم الذين قال الله فيهم: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَ}. وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}.

وقال تعالى: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ}. وقال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}. فهذه أربعة مواضع في القرآن بيَّنَ سبحانه فيها أن الاحتجاج بالقدر من فعل المشركين المكذبين للرسل.

وقد افترق الناس في الكلام على هذه ››

شرح: (ايش)؟ ما هي المواضع؟ {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا}

متن: الأولى يا شيخ: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا}

شرح: هذه احتاجها المشركين.

متن: (آي) نعم، والثانية: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ}

شرح: آية النحل.

متن: والثالثة: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ}. الزخرف.

شرح: الزخرف.

متن: وقال تعالى في الرابعة: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ}

شرح: في يس.

متن: نعم.

‹‹ فهذه أربعة مواضع في القرآن بيَّنَ سبحانه فيها أن الاحتجاج بالقدر من فعل المشركين المكذبين للرسل.

وقد افترق الناس في الكلام على هذه الآيات أربع فرق:

الفرقة الأولى ››

شرح: فهذه الآيات، الآيات بينت، أعد.

متن: أعد الآيات؟

شرح: لا، فهذه الآيات.

متن: ‹‹ فهذه أربعة مواضع في القرآن بيَّنَ سبحانه فيها أن الاحتجاج بالقدر من فعل المشركين المكذبين للرسل.

وقد افترق الناس في الكلام على هذه الآيات أربعة فرق:

الفرقة الأولى: جعلت هذه الحجة حجة صحيحة، وأن للمحتج بها الحجة على الله. ثم افترق هؤلاء فرقتين ››

أحد الحاضرين: هذه الآيات ولا الحجة؟

شرح: هذه الآيات.

أحد الحاضرين: هذه الآيات.

شرح: نعم.

متن: نعم.

شرح: (ايش)؟ الفرقة الأولى.

متن: ‹‹ الفرقة الأولى: جعلت هذه الحجة حجة صحيحة، وأن للمحتج بها الحجة على الله. ثم افترق هؤلاء فرقتين ››

شرح: هذا يوافقه المشركين، يوافقه المشركين، نعم.

متن: ‹‹ فرقة كذبت بالأمر والوعد والوعيد، وزعمت أن الأمر والنهي والوعد والوعيد بعد هذا يكون ظلماً، والله لا يظلم من خلقه أحداً وفرقة صدقت بالأمر والنهي والوعد والوعيد وقالت: ليس ذلك بظلم، والله يتصرف في ملكه كيف يشاءُ، ويعذب العبد على ما لا صنع له فيه ››

شرح: هذا الجبرية.

متن: ‹‹ بل يعذبه على فعله هو سبحانه لا على فعل عبده، إذ العبد لا فعل له، والملك ملكه ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون ››

شرح: ولا يسمون هذا ظلم، يقولون الظلم هو تصرف المالك في غير ملكه، وهو يتصرف في ملكه، له أن يعذبهم بدون سبب لأنه ملكه، كما الإنسان يتصرف في ماله، هكذا يقولون، يقولون الظلم، تعريفه عند الجبرية هو تصرف المالك في غير ملكه، أو هو مخالفة الآمر، والله ليس فوقه آمر يخالفه، ويتصرف في ملكه.

والفرقة الأولى (ايش)؟ والفرقة الأولى قالوا.

متن: ‹‹ الفرقة الأولى: جعلت هذه الحجة حجة صحيحة، وأن للمحتج بها الحجة على الله. ثم افترق هؤلاء فرقتين: فرقة كذبت بالأمر والوعد والوعيد، وزعمت أن الأمر والنهي والوعد والوعيد بعد هذا يكون ظلماً، والله لا يظلم من خلقه أحداً وفرقة صدقت بالأمر والنهي والوعد والوعيد وقالت: ليس ذلك بظلم، والله يتصرف في ملكه كما يشاءُ، ويعذب العبد على ما لا صنع له فيه ››

شرح: هؤلاء الذين قالوا أنه ظلم، كذّبوا وقالوا إن الأمر يعتمد على القدر، آمنوا بالقدر وقالوا أن الأمر والنهي بعد ذلك ظلم، معناه أن الشرائع تكون عبث على هذا -والعياذ بالله-، ما سماهم الأولى، الثانية يقال إنه ...

أحد الحاضرين: المتقرر عند الأشاعرة -عفا الله عنك-

شرح: (ها)؟

أحد الحاضرين: المتقرر عند الأشاعرة.

شرح: لا، الأشاعرة جبرية، الأشاعرة والجهمية والصوفية هم جبرية هؤلاء، وهذا، قالوا، هم الذين قالوا إن، يتصرف في ملكه.

أحد الحاضرين: تعريف الظلم.

شرح: نعم، وأما (ايش)؟ هذا (اللي) قالوا إن الشرع بعد ذلك ظلم.

متن: ‹‹ وفرقة صدقت ››، الثانية يا شيخ؟

شرح: (امم)

متن: ‹‹ فرقة كذبت بالأمر والوعد ››

هذه الأولى،

شرح: نعم.

متن: الفرقة الأولى.

‹‹ فرقة كذبت بالأمر والوعد والوعيد، وزعمت أن الأمر والنهي والوعد والوعيد بعد هذا يكون ظلماً، والله لا يظلم من خلقه أحداً وفرقة صدقت بالأمر والنهي والوعد والوعيد وقالت: ليس ذلك بظلم، والله يتصرف في ملكه كما يشاءُ، ويعذب العبد على ما لا صنع له فيه ››

شرح: أولئك هم القدرية والمعتزلة، يقولون أن الأمر والنهي إذا خالف القدر بعد ذلك ظلم.

يعني قريب منهم، لأنهم ..

 أحد الحاضرين: الأولى الشركية؟

شرح: (ها) كلهم، الشركية، قريب من مذهب المعتزلة، الذين قالوا أن الأمر والنهي إذا خالف الأمر يكون ظلم، الأمر والنهي إذا خالف القدر يكون ظلم، نعم.

متن: قال.

شرح: نعم.

متن: ‹‹ وفرقة صدقت بالأمر والنهي والوعد والوعيد وقالت: ليس ذلك بظلم، والله يتصرف في ملكه كيف يشاءُ، ويعذب العبد على ما لا صنع له فيه، بل يعذبه على فعله هو سبحانه لا على فعل عبده، إذ العبد لا فعل له، والملك ملكه ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

قال هؤلاء: والكفار إنما قالوا هذه المقالة التي حكاها الله عنهم استهزاءً منهم، ولو قالوها اعتقاداً للقضاء والقدر وإسناداً لجميع الكائنات إلى مشيئته وقدرته لم ينكر ذلك عليهم! ومضمون قول هذه الفرقة أن هذه حجة صحيحة إذا قالوها على وجه الاعتقاد لا على جهة الاستهزاء فيكون للمشركين على الله الحجة، وكفى بهذا القول فساداً وبطلاناً ››

شرح: نعوذ بالله.

متن: ‹‹ الفرقة الثانية: جعلت هذه الآيات حجة لها في إبطال القضاء والقدر والمشيئة العامة إذ لو صحت المشيئة العامة وكان الله عز وجل قد شاء منهم الشرك والكفر وعبادة الأوثان لكانوا قد قالوا الحق وكان الله عز وجل يصدقهم عليه ولم ينكر عليهم ››

شرح: الفرقة الثالثة (ايش)؟

متن: ‹‹ الفرقة الثانية ››

شرح: الثانية، نعم.

متن: ‹‹ جعلت هذه الآيات حجة لها في إبطال القضاء والقدر والمشيئة العامة إذ لو صحت المشيئة العامة وكان الله عز وجل قد شاء منهم الشرك والكفر وعبادة الأوثان لكانوا قد قالوا الحق وكان الله عز وجل يصدقهم عليه ولم ينكر عليهم، فحيث وصفهم بالخرص الذي هو الكذب، ونفى عنهم العلم، دل على أن هذا الذي قالوه ليس بصحيح، وأنهم كاذبون فيه إذ لو كان علماً لكانوا صادقين في الإخبار به ولم يقل لهم: {هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ}، وجعلت هذه الفرقة هذه الآيات حجة لها على التكذيب بالقضاء والقدر، وزعمت بها أنه يكون في ملكه ما لا يشاء، ويشاءُ ما لا يكون، وأنه لا قدرة له على أفعال عباده من الإنس والجن والملائكة بل ولا على أفعال الحيوانات، وأنه لا يقدر أن يضل أحداً ولا يهديه ولا يوفقه أكثر مما فعل به ››

شرح: (ها)، هذه القدرية النفاة، هم القدرية عندهم أن الله لا يقدر أن يضل مهتدياً ولا أن يهدي ضالاً، لئلا يكون ظالم بزعمهم، نعم.

متن: وقالوا: ‹‹ وأنه لا يقدر أن يضل أحداً ولا يهديه ولا يوفقه أكثر مما فعل به، ولا يعصمه من الذنوب والكفر، ولا يلهمه رشده، ولا يجعل في قلبه الإيمان، ولا هو الذي جعل المصلي مصلياً والبر براً والفاجر فاجراً والمؤمن مؤمناً والكافر كافراً، بل هم الذين جعلوا أنفسهم كذلك ››

شرح: هم (اللي) هدوا أنفسهم، هذا، نعم.

هؤلاء القدرية النفاة، هؤلاء القدرية النفاة، وأولئك القدرية الغلاة، مقارنة بينهم، نعم.

متن: ‹‹ فهذه الفرقة شاركت الفرقة التي قبلها في إلقاء الحرب والعداوة بين الشرع والقدر. فالأولى تحيزت إلى القدر وحاربت الشرع، والثانية تحيزت إلى الشرع وكذبت القدر.

والطائفتان ضالتان، وإحداهما أضل من الأخرى.

الفرقة الثالثة ››

شرح: الجبرية أضل، نعم.

متن: ‹‹ الفرقة الثالثة: آمنت بالقضاء والقدر، وأقرت بالأمر والنهي، ونزلوا كل واحد منـزلته. فالقضاء والقدر يؤمن به ولا يحتج به، والأمر والنهي يمتثل ويطاع. فالإيمان بالقضاء والقدر عندهم من تمام التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله، والقيام بالأمر والنهي موجب شهادة أن محمداً رسول الله. وقالوا: من لم يقر بالقضاء والقدر ويقم بالأمر والنهي فقد كذب بالشهادتين وإن نطق بهما بلسانه. ثم افترقوا في وجه هذه الآيات فرقتين: فرقة قالت: إنما أنكر عليهم استدلالهم بالمشيئة العامة والقضاء والقدر على رضاه ومحبته لذلك، فجعلوا مشيئته له وتقديره له دليلاً على رضاه به ومحبته له، إذ لو كرهه وأبغضه لحال بينهم وبينه، فإن الحكيم إذا كان قادراً على دفع ما يكرهه ويبغضه دفعه ومنع من وقوعه وإذا لم يمنع من وقوعه لزم إما عدم قدرته وإما عدم حكمته، وكلاهما ممتنع في حق الله، فعُلِم محبته لما نحن عليه من عبادة غيره ومن الشرك به! وقد وافق هؤلاء من قال: إن الله يحب الكفر والفسوق والعصيان ويرضى بها، ولكن خالفهم في أنه نهى عنها وأمر بأضدادها ويعاقب عليها، فوافقهم في نصف قولهم وخالفهم في الشطر الآخر وهذه الآيات من أكبر الحجج على بطلان قول الطائفتين، وأن مشيئة الله تعالى العامة ››

شرح: وأن مشيئة الله

متن: ‹‹ وأن مشيئة الله تعالى العامة وقضاءه وقدره لا تستلزم محبته ورضاه لكل ما شاءه وقدَّره. وهؤلاء المشركون لما استدلوا بمشيئته على محبته ورضاه كذبهم وأنكر عليهم وأخبر أنه لا علم لهم بذلك وأنهم خارصون مفترون فإن محبة الله تعالى للشيء ورضاءه به إنما يعلم بأمره على لسان رسوله لا بمجرد خلقه له، فإنه خلق إبليس وجنوده وهم أعداؤه وهو سبحانه يبغضهم ويلعنهم وهم خلقه، فهكذا في الأفعال خلق خيرها وشرها، وهو يحب خيرها ويأمر به ويثيب عليه ويبغض شرها وينهى عنه ويعاقب عليه وكلاهما خلقه ولله تعالى الحكمة البالغة التامة في خلقه ما يبغضه ويكرهه من الذوات والصفات والأفعال، كل صادر عن حكمته وعلمه كما هو صادر عن قدرته ومشيئته. وقالت الفرقة الثانية: إنما أنكر عليهم معارضة الشرع بالقدر ودفع الأمر بالمشيئة، فلما قامت عليهم حجة الله ولزمهم أمره ونهيه ››

شرح: وقالت، وقالت الفرقة.

متن: ‹‹ وقالت الفرقة الثانية: إنما أنكر عليهم معارضة الشرع بالقدر ودفع الأمر بالمشيئة، فلما قامت عليهم حجة الله ولزمهم أمره ونهيه دفعوه بقضائه وقدره، فجعلوا القضاء والقدر إبطالاً لدعوة الرسل ودفعاً لما جاؤوا به، وشاركهم في ذلك إخوانهم وورثتهم الذين يحتجون بالقضاء ولقدر على المعاصي والذنوب في نصف أقوالهم وخالفوهم في النصف الآخر وهو إقرارهم بالأمر والنهي.

فانظر كيف انقسمت هذه المواريث على هذه السهام وورث كل قوم أئمتُهم وأسلافَهم، إما في جميع تركتهم وإما في كثير ››

شرح: وورث كل قوم أئمتَهم.

متن: ‹‹ أئمتَهم.

فانظر كيف انقسمت هذه المواريث على هذه السهام، وورث كل قوم أئمتَهم إما في جميع تركتهم وإما في كثير منها. وإما في جزءٍ منها. وهدى الله بفضله ورثة أنبيائه ورسله لميراث نبيهم وأصحابه ››

شرح: (ها)، و(ايش)؟

متن: ‹‹ وهدى الله بفضله ورثة أنبيائه ورسله لميراث نبيهم وأصحابه فلم يؤمنوا ببعض الكتاب ويكفروا ببعض، بل آمنوا بقضاء الله وقدره ومشيئته العامة النافذة، وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه مقلب القلوب ومصرفها كيف أراد؛ وأنه هو الذي جعل المؤمن مؤمناً والمصلي مصلياً والمتقي متقياً، وجعل أئمة الهدى يهدون بأمره وأئمة الضلالة يدعون إلى النار، وأنه ألهم كل نفس فجورها وتقواها؛ وأنه يهدي من يشاء بفضله ورحمته ويضل من يشاء بعدله وحكمته، وأنه هو الذي وفق أهل الطاعة لطاعته فأطاعوه ولو شاء لخذلهم فعصوه وأنه حال بين الكفار وقلوبهم فإنه يحول بين المرء وقلبه فكفروا به ولو شاء لوفقهم فآمنوا به وأطاعوه، وأنه من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأنه لو شاء لآمن من في الأرض كلهم جميعاً إيماناً يثابون عليه ويقبل منهم ويرضى به عنهم، وأنه لو شاء ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد، {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}.

والقضاء والقدر عندهم أربع مراتب جاء بها نبيهم وأخبر بها عن ربه تعالى: الأولى علمه السابق بما هم عاملوه قبل إيجادهم. الثانية كتابته ذلك في الذكر عنده قبل خلق السماوات والأرض. الثالثة مشيئته المتناولة لكل موجود، فلا خروج لكائن عن مشيئته كما لا خروج له عن علمه. الرابعة خلقه له وإيجاده وتكوينه، فإنه لا خالق إلا الله ››

شرح: خلقه، الرابعة

متن: ‹‹ الرابعة: خلقه له وإيجاده وتكوينه، فإنه لا خالق إلا الله، والله خالق كل شيء. فالخالق عندهم واحد وما سواه فمخلوق، ولا واسطة عندهم بين الخالق والمخلوق، ويؤمنون مع ذلك بحكمته، وأنه حكيم في كل ما فعله وخلقه، وأن مصدر ذلك جميعه عن حكمة تامة هي التي اقتضت صدور ذلك وخلقه، وإن حكمته حكمة حق عائدة إليه قائمة به كسائر صفاته، وليست عبارة عن مطابقة علمه لمعلومه وقدرته لمقدوره، كما يقوله نفاة الحكمة الذين يقرون بلفظها دون حقيقتها، بل هي أمر وراء ذلك، وهي الغاية المحبوبة له المطلوبة التي هي متعلق محبته وحمده، ولأجلها خلق فسوَّى وقدّر فهدى، وأمات وأحيا وأسعد وأشقى، وأضل وهدى ومنع وأعطى وهذه الحكمة هي الغاية، والفعل وسيلة إليها، فإثبات الفعل مع نفيها إثبات للوسائل ونفي للغايات وهو محال ››

شرح: (ايش)؟ وهذه

متن: ‹‹ وهذه الحكمة هي الغاية، والفعل وسيلة إليها، فإثبات الفعل مع نفيها إثبات للوسائل ونفي للغايات وهو محال، إذ نفي الغاية مستلزم لنفي الوسيلة، فنفي الوسيلة وهي الفعل لازم لنفي الغاية وهي الحكمة، ونفي قيام الفعل والحكمة به نفي لهما في الحقيقة، إذ فعل لا يقوم بفاعله وحكمة لا تقوم بالحكيم شيء لا يعقل، وذلك يستلزم إنكار ربوبيته وإلهيته، وهذا لازم لمن نفى ذلك، لا محيد له عنه وإن أبى التزامه. وأما من أثبت حكمته وأفعاله على الوجه المطابق للعقل والفطرة وما جاءت به الرسل لم يلزم من قوله محذور البتة، بل قوله حق، ولازم الحق حق كائناً ما كان.

والمقصود أن ورثة الرسل وخلفاءهم –لكمال ميراثهم لنبيهم- آمنوا بالقضاء والقدر والحكم والغايات المحمودة في أفعال الرب وأوامره، وقاموا مع ذلك بالأمر والنهي، وصدقوا بالوعد والوعيد، فآمنوا بالخلق الذي من تمام الإيمان به إثبات القدر والحكمة، وبالأمر الذي من تمام الإيمان به الإيمان بالوعد والوعيد وحشر الأجساد والثواب والعقاب، فصدقوا بالخلق والأمر، ولم ينفوهما بنفي لوازمهما كما فعلت القدرية المجوسية والقدرية المعارضة للأمر بالقدر، وكانوا أسعد الناس بالحق وأقربهم عصبة في هذا الميراث النبوي، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

واعلم أن الإيمان بحقيقة القدر والشرع والحكمة لا يجتمع إلا في قلوب خواص الخلق ولب العالَم، وليس الشأن ››

شرح: ولب العالِم.

متن: ‹‹ ولب العالِم ››

شرح: في موقف بعد هذا؟

قف على ‹‹ واعلم أن ››

وكان بحث جيد هذا، يحتاج أن يُكرر مرات.

متن: أحسن الله إليك يا شيخ.

شرح: رحمه الله، كثيراً ما يقارن بين القدرية النفاة والقدرية المجبرة، نعم.

أحد الحاضرين: عفا الله عنك يا شيخ، هل يوجد تكرار في المباحث بين هذا الكتاب وكتاب ...

شرح: (ها)؟

أحد الحاضرين: عفا الله عنك، هل يوجد تكرار في المباحث بين هذا الكتاب وكتابه شفاء العليل والنونية يا شيخ؟

شرح: هي المباحث، بعضها أوسع من بعض، بعضها في، أكمل من بعض، وبعضها مطول وبعضها مختصر، نعم.

أحد الحاضرين: عفا الله عنك.

شرح: شفاء العليل، أطال في هذا الكتاب، مخصص في القضاء والقدر والتعليل، نعم.

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد