شعار الموقع

31- شرح كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين

00:00
00:00
تحميل
16

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "طريق الهجرتين وباب السعادتين":

ولا يزال الكلام على شرح مقدمة ابتداء الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبته: الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات اعمالنا، فقد قال المؤلف:

متن: قد اشتملت على أصول الشر كله، وهو شر النفس الكامن فيها الذي لم يخرج إلى العمل، وشر العمل الخارج الذي سولته النفس.

القارئ: ثم تكلم عن الأول

 متن: فالأول شر الطبيعة والصفة التي في النفس .

القارئ: كلام المؤلف رحمه الله على شرح  ابتداء الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبته: الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وقد تكلم المؤلف قرأنا في الدرس السابق كلام المؤلف على شر الطبيعة والصفة التي في النفس، والآن سيتكلم رحمه الله على الشر الثاني، وهو الشر الوجودي.

متن: وأما الشر الثاني، وهو الشر الوجودي –كالعقائد الباطلة والإرادات الفاسدة- فهو من لوازم ذلك العدم، فإنه متى عُدِمَ العلم النافع والعمل الصالح من النفس لزم أن يخلفه الشر والجهل وموجبهما ولابد.

شرح: هذا شر وجودي، أما ما كان كامنًا في النفس هذا شرٌ طبعي، لكن هذا شر وجودي، سببه فقدان العلم، فإذا فقد العلم اعتقد اعتقادًا  فاسدًا، هذا شر وجودي، فقد الاعتقاد الصحيح بالجهل حلَّ محل هذا الاعتقاد الفاسد وهذا شر، شر وجودي، نعم.

كذلك تعبد العبادة عن جهل بسبب فقد العلم هذا شر وجودي، نعم.
متن: لأن النفس لابد لها من أحد الضدين، فإذا لم تشتغل بالضد النافع الصالح اشتغلت بالضد الضار الفاسد.

شرح: صحيح النفس إن لم تشغلها بطاعة الله شغلتك بمعصية الله، نعم.

متن: وهذا الشر الوجودي هو من خلقه تعالى إذ لا خالق سواه، وهو خالق كل شيء.

شرح: خلق الحكمة بحكمة، نعم.

متن: لكن كل ما خلقه الله فلابد أن يكون له في خلقه حكمة لأجلها خلقه.

شرح: {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}.

متن: فلو لم يخلقه فاتت تلك الحكمة، وليس في الحكمة تفويت هذه الحكمة التي هي أحب إليه سبحانه من الخير الحاصل بعدمها، فإن في وجودها من الحكمة والغايات التي يُحمد عليها سبحانه أضعاف ما في عدمها من ذلك، ووجود الملزوم بدون لازمه ممتنع، وليس في الحكمة تفويت هذه الحكمة العظيمة لأجل ما يحصل للنفس من الشر مع ما حصل من الخيرات التي لم تكن تحصل بدون هذا الشر، ووجود الشيء لا يكون إلا مع وجود لوازمه وانتفاء أضداده.

الشرح: وجود الشيء لابد له من لوازم تتحقق، ولابد له من أضداد تمتنع، فيتحقق وجود الشيء، نعم

متن: فانتفاء لوازمه يكون ممتنعًا لغيره، وحينئذ فقد يكون هدي هذه النفوس الفاجرة وسعادتها مشروطًا بلوازم لم تحصل، أو بانتفاء أضداد لم تنتفِ.

فإن قيل: فهلا حصلت تلك اللوازم وانتفت تلك الأضداد، فهذا هو السؤال الأول، وقد بيَّنا أن لوازم هذا الخلق وهذه النشأة وهذا العالم لابد منها، فلو قُدِّر عدمهما لم يكن هذا العالم بل عالمًا آخر ونشأة أخرى وخلقًا آخر، وبيَّنا أن هذا السؤال بمنـزلة أن يقال: هلا تجرد الغيث والأنهار عما يحصل به من تغريق وتعويق وتخريب وأذى؟ وهلا تجردت الشمس عما يحصل منها من حر وسموم وأذى؟ وهلا تجردت طبيعة الحيوان عما يحصل له من ألم وموت وغير ذلك؟ وهلا تجردت الولادة عن مشقة الحمل والطلق وألم الوضع؟ وهلا تجرد بدن الحيوان عن قبوله للآلام والأوجاع واختلاف الطبائع الموجبة لتغير أحواله؟ وهلا تجردت فصول العام عما يحدث فيها من البرد الشديد القاتل والحر الشديد المؤذي؟ فهل يقبل عاقل هذا السؤال أو يورده؟ وهل هذا إلا بمنـزلة أن يقال: لم كان المخلوق فقيرًا محتاجًا والفقر والحاجة صفة نقص، فهلا تجرد منها وخُلعت عليه خُلعة الغنى المطلق والكمال المطلق؟ فهل يكون مخلوقًا إذا كان غنيًا غنى مطلقًا؟ ومعلوم أن لوازم الخلق لابد منها فيها، ولابد للعلو من سفل، والسفل من مركز ولوازم العلو من السعة والإضاءة والبهجة والخيرات وما هناك من الأرواح العلوية النيرة المناسبة لمحلها وما يليق بها ويناسبها من الابتهاج والسرور والفرح والقوة والتجرد من علائق المواد السفلية لابد منها، ولوازم السفل والمركز من الضيق والحصر ولوازم ذلك من الظلمة والغلظ والشر وما هنالك من الأرواح السفلية المظلمة الشريرة وأعمالها وآثارها لابد منها، فهما عالمان علوي وسفلي ومحلان وساكنان تناسبهما مساكنهما وأعمالهما وطبائعهما وقد خُلِق كلا من المحلين معمورًا بأهليه وساكنيه حكمةً بالغة وقدرة قاهرة، وكل من هذه الأرواح لا يليق بها غير ما خلقت له مما يناسبها ويشاكلها قال تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ}  أي على ما يشاكله ويناسبه ويليق به، كما يقول الناس: "كل إناء بالذي فيه ينضح"، فمن أراد من الأرواح الخبيثة السفلية أن تكون مجاورة للأرواح الطيبة العلوية في مقام الصدق بين الملأ الأعلى فقد أراد ما تأباه حكمة أحكم الحاكمين، ولو أن ملكًا من ملوك الدنيا جعل خاصته وحاشيته سفلة الناس وسقطهم وغرتهم الذين تناسب أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم في القبح والرداءة والدناءة لقدح الناس في ملكه وقالوا: لا يصلح للملك، فما الظن بمجاوري الملك الأعظم مالك الملوك في داره وتمتعهم برؤية وجهه وسماع كلامه.

شرح: قالت آسية بنت مزاحم امرأة فرعون: {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ}.

متن: ومرافقتهم للملأ الأعلى الذين هم أطيب خلقه وأزكاهم وأشرفهم.

أفيليق بذلك الرفيق الأعلى والمحل الأسنى والدرجات العلى روح سفلية أرضية قد أخلدت إلى الأرض وعكفت على ما تقتضيه طبائعها مما يشاركها فيه بل قد يزيد عليها الحيوان البهيم وقصرت همتها عليه وأقبلت بكليتها عليه لا ترى نعيمًا ولا لذة ولا سرورًا إلا ما وافق طباعها من مأكل ومشرب ومنكح، من أين كان وكيف اتفق، فالفرق بينها وبين الحمير والكلاب والبقر بانتصاب القامة ونطق اللسان والأكل باليد، وإلا فالقلب والطبع على قلوب هذه الحيوانات وطباعها، وربما كانت طباع الحيوانات خيرًا من طباع هؤلاء وأسلم وأقبل للخير ولهذا جعلهم الله سبحانه شر الدواب فقال تعالى: {إنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}  فهل يليق بحكمة العزيز الحكيم أن يجمع بين خير البرية وأزكى الخلق وبين شر البرية وشر الدواب في دار واحدة يكونون فيها على حال واحدة من النعيم أو العذاب؟

شرح:  لا يمكن هذا، نعم

متن: قال الله تعالى: {أفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}  فأنكر عليهم الحكم بهذا وأخرجه مخرج الإنكار لا مخرج الإخبار لينبه العقول على أن هذا مما تحيله الفطر وتأباه العقول السليمة، وقال تعالى: {لاَ يَسْتَوِي أصْحَابُ النَّارِ وَأصْحَابُ الْجَنَّةِ، أصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الفَائِزُونَ}. وقال تعالى: {أمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأرْضِ أمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ}. وقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الألْبَابِ}.

بل الواحد من الخلق لا تستوي أعاليه وأسافله، فلا يستوي عقبه وعينه، ولا رأسه ورجلاه، ولا يصلح أحدهما لما يصلح له الآخر والله -عز وجل- قد خلق الخبيث والطيب والسهل والحزن والضار والنافع، وهذه أجزاء الأرض: منها ما يصلح جلاءً للعين ومنها ما يصلح للأتون والنار. وبهذا ونحوه يعرف كمال القدرة وكمال الحكمة، فكمال القدرة بخلق الأضداد، وكمال الحكمة تنـزيلها منازلها ووضع كل منها في موضعه والعالم من لا يلقي الحرب بين قدرة الله وحكمته – فإن آمن بالقدرة قدح في الحكمة وعطلها وإن آمن بالحكمة قدح في القدرة ونقضها- بل يربط القدرة بالحكمة، ويعلم شمولها لجميع ما خلقه الله ويخلقه، فكما أنه لا يكون إلا بقدرته ومشيئته فكذلك لا يكون إلا بحكمته.

وإذا كان لا سبيل للعقول البشرية إلى الإحاطة بهذا تفصيلًا، فيكفيها الإيمان بما تعلم وتشاهد منه، ثم تستدل على الغائب بالشاهد وتعتبر ما علمت بما لم تعلم. وقد ضرب الله سبحانه الأمثال لعباده في كتابه وبيَّنَ لهم ما في لوازم ما خلقه لهم وأنزله عليهم من الغيث الذي به حياتهم وأقواتهم وحياة الأرض والدواب وما خلقه لهم من المعادن و التي بها صلاح أبدانهم وأقواتهم وصنائعهم من الشر الجزئي المغمور بالإضافة إلى الخير الحاصل بذلك فقال تعالى: {أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ}.

فأخبر سبحانه أن الماء بسبب مخالطته للأرض إذا سال فلابد من أن يحمل السيل من الغثاء والوسخ وغيره زبدًا عاليًا على وجه السيل، فالذي لا يعرف ما تحت الزبد يقصر نظره عليه ولا يرى إلا غثاءً ووسخًا ونحو ذلك ولا يرى ما تحته من مادة الحياة، وكذلك ما يُستخرج من المعادن من الذهب والفضة والحديد والنحاس وغيرها إذا أُوقد عليها في النار ليتهيأ الانتفاع بها خرج منها خبث ليس من جوهرها ولا ينتفع به، وهذا لابد منه في هذا وهذا، وقد ذم تعالى من ضعفت بصيرته من المنافقين، وعمي عما في القرآن مما به تنال كل سعادة وعلم وهدى وصلاح وخير في الدنيا والآخرة لمن لم يجاوز بصره وسمعه رعود وعيده وبروقها وصواعقها وما أعد الله لأعدائه من عذابه ونكاله وخزيه وعقابه الذي هو – بالإضافة إلى ما فيه من حياة القلوب والأرواح ومن المعارف الإلهية- وتبيين طرق العبودية التي هي غاية كمال العبد ليسير، وهو مقصود لتكميل ذلك وتمامه.

قال تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18) أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ۚ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ۖ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا}.

فهكذا حال من قصر نظره في بعض مخلوقات الرب تعالى على ما لابد منه من شر جزئي جدًا بالإضافة إلى الخير الكثير، ولو لم يكن في هذه النشأة الإنسانية إلا خاصته وأولياؤه من رسله وأنبيائه وأتباعهم لكفى بها خيرًا ومصلحة، ومن عاداهم – وإن كانوا أضعاف أضعاف أضعافهم- فهم كالقش والزبالة وغثاء السيل، ولا يُعبأ بكثرتهم.

الشرح: أعد هذه الأسطر.

متن: فهكذا حال من قصر نظره في بعض مخلوقات الرب تعالى على ما لابد منه من شر جزئي جدًا بالإضافة إلى الخير الكثير، ولو لم يكن في هذه النشأة الإنسانية إلا خاصته وأولياؤه من رسله وأنبيائه وأتباعهم لكفى بها خيرًا ومصلحة.

شرح:  يعني الله سبحانه خلق الإنسان لحكمة ومصلحة، كونه يستر جزء من المعاصي هذا شر جزئي، ولكن الله تعالى خلق لحكم وأسرار، واختار منهم من العدم الأنبياء والرسل من بني آدم والأصفياء والصديقين والشهداء والصالحين، هذا كونه يحصل بعض المعاصي وبعض المخالفة إنما شرٌ جزئي، والحكمة حكمة الله اقتضت الحكمة البالغة المبنية على ما قدَّره الله تعالى من الخير العظيم، نعم.

 متن: ومن عاداهم – وإن كانوا أضعاف أضعاف أضعافهم- فهم كالقش والزبالة وغثاء السيل، ولا يُعبأ بكثرتهم ولا يقدح في الحكمة الإلهية بل وجود الواحد الكامل من هذا النوعِ يُغتفر معه لآلافٌ مؤلفةٌ من النوع الآخر، فإنه إذا وُجِدَ واحدٌ يوازن البرية ويرجح عليها كان الخير الحاصل بوجوده والحكمة والمصلحة أضعاف الشر الحاصل  من وجود أضداده، وأثبت وأنفع وأحب إلى الله من فواته بتفويت ذلك الشر المقابل له، وهذا كالشمس: فإن الخير الحاصل بها أنفع للخلق وأكثر وأثبت وأصلح من تفويته بتفويت الشر المقابل له بها.

الشرح: نعم كيف يرى الشمس، لها فوائد عظيمة للأبدان والثمار والزروع والأشياء وغيرها، فيه صلاح لها، كون يحصل منها  ضرر من الشمس هذا شرٌ جزئي، بعض الناس قد يصيبه ضرر من الشمس تضربه الشمس، ويُضرَب هذا شرٌ جزئي، ما يؤثر، لكن المصالح العامة لنا فيها الأبدان وحتى بعض الأماكن وبعض الجهات التي يذكرها لا تأتيها لا تطلع عليها الشمس يتأثرون، وإذا جاءت الإجازات يسافرون إلى البلدان التي فيها الشمس، حتى يجلسون فيها مدة الأجازات ويفرحون ويستبشرون إذا طلعت الشمس

متن: وأين نفع الشمس وصلاح النبات والحيوان بها من نفع الرسل وصلاح الوجود بهم؟

شرح:  نعم إذا كانت الشمس وفيها مصالح ومع ذلك فالنفع الحاصل بوجود الرسل الذين أرسلهم الله يدعون الناس إلى توحيد الله، ويخرجون الناس من الظلمات إلى النور هذا أعظم وأعظم، فإذا كانت الشمس فيها مصالح فالرسل فيها مصالح أعظم وأعظم، نعم.

متن: بل أين ذلك من نفع سيد ولد آدم وصلاح القلوب والأبدان والدين والدنيا والآخرة به؟

وقد ضُرِبَ للنفس الإنسانية وما فيها من الخير والشر مثلًا بدولاب أو طاحون شديد الدوران، أي شيء خطفه ألقاه تحته وأفسده، وعنده قيِّمه.

شرح: قيِّمه اللي يُشغِّل الدولاب هذا، نعم

متن: وعنده قيِّمه الذي يديره وقد أحكم أمره لينتفع به ولا يضر أحدًا، فربما جاء الغر الذي لا يعرف فيتقرب منه فيخرق ثوبه أو بدنه أو يؤذيه، فإذا قيل لصاحبه: لِمَ لم تجعله ساكنًا لا يؤذي من اقترب منه؟ قال: هذه صفته اللازمة التي كان بها دولابًا وطاحونًا، ولو جُعِلَ على غير هذه الصفة لم تحصل به الحكمة المطلوبة منه.

وكذلك إذا قدَّرنا نار الأتون التي تحرق ما وقع فيها وعندها وقَّاد حاذق يحشُّوها، فإذا غفل عنها أفسدت وإذا أراد أحد أن يقرب منها نهاه وحذره، فإذا استغفله من قَرُب منها حتى أحرقته لم يقل لصاحب النار: هلا قللت حرها لئلا تفسد من يقرُب منها وتحرقه؟

شرح:  المقصود المصلحة، فهذا اللي عنده له دولاب يدور ليل نهار فيه مصالح عظيمة، ولكن قد يؤذي بعض الناس، قد يخرق بعض الناس فيشق ثوبه، قد يؤذي مثلًا جسده، هذه مفسدة جزئية، فإذا قيل لصاحب الدولاب لماذا ما تخليه يسكن، ما تحركه، قال هذه طبيعته، طبيعته ضروري يكون متحرك، ما يكون ساكن، دوران، فهذه طبيعة العالم فيه مصالح عظيمة، كون يحصل مفاسد لبعض الناس تؤذيه كذلك هذا شيء جزئي، شر جزئي، كذلك النار تحرق الأتون والأشياء الضارة، هذه فيها مصالح، لكن قد إذا غفل أو قرب منها بعض الناس آذته وأحرقته، هذا شيء شر جزئي، نعم، وكذلك ما يحصل للعباد، الله تعالى يرسل الرسل لتعليم الناس، ودعوتهم إلى عبادة الله عز وجل، كون بعض الناس لا يستجيب للدعوة، بعض الناس يقول على (25:38)، فهذا ما يؤثر في الحكمة الإلهية في بعثة الرسل ودعوة الناس.

متن: فإذا استغفله من قَرُب منها حتى أحرقته لم يقل لصاحب النار: هلا قللت حرها لئلا تفسد من يقرب منها وتحرقه؟ فإنه يقول: هذه صفتها التي لا يحصل المقصود منها إلا بها، ولو جعلتها دون ذلك لم تحرق أحجار الكلس.

القارئ: الكلس والتكليس، التلميس، وهو ما طُلِي به حارق أو باطن قصر شبه الجص.

الشيخ: فلو قللتها يقول؟

القارئ: إذا احترقت يقول هلا قللت حرها لئلا تُفسد من يقرب منها وتحرقه.

المتن: فإنه يقول: هذه صفتها التي لا يحصل المقصود منها إلا بها، ولو جعلتها دون ذلك لم تحرق أحجار الكلس ولم تطبخ الآجر.

القارئ: الآجر: طبيخ الطين.

متن: ولم تنضج الأطعمة الغليظة ونحو ذلك.

فما يحصل من الدولاب والطاحون ومن النار من نفعها هو من فضل الله ورحمته، وما يحصل بها من شر هو من طبيعتها التي خلقت عليها والتي لا تكون نارًا إلا بها، فلو خرجت عن تلك الطبيعة لم تكن نارًا، وكذلك النفس: فما يحصل لها من شر فهو منها ومن طبيعتها ولوازم نقصها وعدمها وما حصل لها من خير فهو من فضل الله ورحمته، والله خالقها وخالق كل شيء قام بها من قدرة وإرادة وعلم وعمل وغير ذلك.

فأما الأمور العدمية فهي باقية على ما كانت عليه من العدم، والإنسان جاهل ظالم بالضرورة كما قال تعالى: {وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولًا} . فإن الله أخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئًا، والظلم هو النقص كما قال تعالى : { آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئًا ۚ }

شرح:  ولم تظلم ولم تنقص، الظلم هو النقص، نعم

متن: أي لم تنقص منه شيئًا، وهي ظالمة نفسها فهي الظالمة المظلومة، إذ كانت منقوصة من كمالها بعدم بعض الكمالات أو أكثرها منها، وتلك الكمالات التي عُدمت كان وجودها سببًا لكمالات أخرى فصار عدمها مستلزمًا لعدم تلك الكمالات فعظُم النقص واشتد العيب بحسبه وفقدت من لذاتها وسرورها ونعيمها وبهجتها وروحها بحسب ما فقدت من تلك الكمالات  التي لا سعادة لها بدونها، فإن أحد الموجودين قد يكون مشروطًا بالآخر فيستحيل وجوده بدونه، لأن عدم الشرط يستلزم عدم المشروط، فإذا عدمت النفس هذا الكمال المستلزم لكمالٍ آخر مثله أو أعلى منه – وهي موصوفة بالنقص الذي هو الظلم والجهل ولوازمهما من أصل الخلقة- صارت مستلزمة للشر، وقوة شرها وضعفه بحسب قوتها وضعفها في ذاتها.

وتأمل أول نقص دخل على أبي البشر وسرى إلى أولاده كيف كان من عدم العلم والعزم. قال تعالى:{ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا }  والنسيان سواءٌ كان عدم العلم أو عدم الصبر كما فسر بهما ها هنا فهو أمر عدمي، ولهذا قال آدم لما رأى ما دخل عليه من ذلك: { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أنْفُسَنَا وَإنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. فإنه اعترف بنقصه خص نفسه – بما حصل لها من عدم العلم والصبر- بالنسيان الذي أوجب فوات حظه من الجنة، ثم قال: { قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أنْفُسَنَا وَإنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } فإنه سبحانه إن لم يغفر السيئات الوجودية فيمنع أثرها وعقابها ويقِ العبد من ذلك وإلا ضرته آثارها ولابد.

شرح: وآثارها في الدنيا والآخرة، في الدنيا بالعقوبة من المصائب والنكبات، وفي الآخرة بعذاب القبر وعذاب النار، نعم.

متن: كآثار الطعام المسموم إن لم يتداركه المداوي بشرب الترياق ونحوه وإلا ضرَّه ولابد، وإن لم يرحمه سبحانه بإيجاد ما به تصلح به النفس وتصير عالمة بالحق عاملة به وإلا خسر، فالمغفرة تمنع الشر، والرحمة توجب الخير، والرب سبحانه إن لم يغفر للإنسان فيقيه السيئات ويرحمه فيؤتيه الحسنات وإلا هلك ولابد، إذ كان ظالـمًا لنفسه ظلومًا بنفسه، فإن نفسه ليس عندها خير يحصل لها منها، وهي متحركة بالذات فإن لم تتحرك إلى الخير تحركت إلى الشر فضرَّت صاحبها، وكونها متحركة بالذات من لوازم كونها نفسًا لأن ما ليس حساسًا متحركًا بالإرادة فليس نفسًا، ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : «أصدقُ الأسماء حارثٌ وهمَّام»

شرح:  لأنه موافق لطبيعة الحال، حارث وهمام طبيعة الهم وطبيعة الحرث، لذلك كان أصدق الأسماء، نعم

متن: فالحارث الكاسب العامل، والهمام الكثير الهم، والهم مبدأ الإرادة، فالنفس لا تكون إلا مريدة عاملة فإن لم توفَّق للإرادة الصالحة وإلا وقعت في الإرادة الفاسدة والعمل الضار، وقد قال تعالى: {إنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إلاَّ الْمُصَلِّينَ}. فأخبر تعالى أن الإنسان خُلِقَ على هذه الصفة، وإن من كان على غيرها فلأجل ما زكَّاه الله به من فضله وإحسانه.

وقال تعالى: {وَخُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفًا} قال طاووس ومقاتل وغيرهما: لا يصبر عن النساء.

شرح:  يعني كان ضعيفًا لا يصبر الإنسان عنه، لا يصبر عن النساء، نعم.

متن: وقال الحسن: هو خلقه من ماءٍ مهينٍ. وقال الزجَّاج: ضعف عزمه عن قهر الهوى. والصواب أن ضعفه يعم هذا كله.

شرح:  كله نعم يخلقكم من ضعف، ولا يصبر على النساء،

متن: وضعفه أعظم من هذا وأكثر: فإنه ضعيف البنية، ضعيف القوة، ضعيف الإرادة، ضعيف العلم، ضعيف الصبر، والآفات إليه مع هذا الضعف أسرع من السيل في صيب الحدور.

شرح: نعم ويدل على هذا نسبة الإنسان للحيوان، فالحيوان أقوى منه بكثير، تتحمل ولديها قوة وصبر مثل الإبل تتحمل الأثقال، وتصبر عن الشراب أسبوع ستة أيام، وابن آدم ضعيف، نعم.

متن: فبالاضطرار لابد له من حافظ معين يقويه ويعينه وينصره ويساعده، فإن تخلى عنه هذا المساعد المعين فالهلاك أقرب إليه من نفسه. وخلقه على هذه الصفة هو من الأمور التي يُحمد عليها الرب جل جلاله ويثنى عليه بها، وهو موجب حكمته وعزته، فكل ما يحدث من هذه الخلقة وما يلزم عنها فهو بالنسبة إلى الخالق عز وجل خيرٌ وعدلٌ وحكمة، إذ مصدر هذه الخلقة عن صفات كماله من غناه وعلمه وعزته وحكمته ورحمته، وبالنسبة إلى العبد تنقسم إلى خيرٍ وشر وحسن وقبيح، كما تكون بالنسبة إليه طاعة ومعصية وبرًا وفجورًا، بل أخص من ذلك، مثل كونها صلاة وصيامًا وحجًا وزنًا وسرقةً وأكلًا وشربًا، إذ ذاك موجب حاجته وظلمه وجهله وفقره وضعفه، وموجب أمر الله له ونهيه، فلله سبحانه الحكمة البالغة والنعمة السابغة والحمد المطلق على جميع ما خلقه وأمر به، وعلى ما لم يخلقه مما لو شاءه لخلقه، وعلى توفيقه الموجِب لطاعته وعلى خذلانه الموقع في معصيته، وهو سبحانه سبقت رحمته غضبه، وكتب على نفسه الرحمة، وأحسن كل شيء خلقه وأتقن كل ما صنع.

وما يحصل للنفوس البشرية من الضرر والأذى فله سبحانه في ذلك أعظم حكمة ومطلوبة وتلك الحكمة إنما تحصل على الوجه الواقع المقدِّر بما خلق لها من الأسباب التي لا تنال غاياتها إلا بها، فوجود هذه الأسباب بالنسبة إلى الخالق الحكيم سبحانه هو من الحكمة ولهذا يقرن سبحانه في كتابه بين اسمه الحكيم واسمه العليم تارة وبينه وبين اسمه العزيز تارة كقوله:

{وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}. {وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }. وقوله:{وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً}.

{وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً} . {وَإنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيم}.

فإن العزة تتضمن القوة، ولله القوة جميعًا، يقال: عز يعَز – بفتح العين- إذا اشتد وقوي، ومنه الأرض العَزاز: الصلبة الشديدة، وعَزَّ يُعِزُ -بكسر العين- إذا امتنع ممن يرومه وعز يعُز –بضم العين- إذا غلب وقهر، فأعطوا أقوى الحركات وهي الضمة لأقوى المعاني وهي الغلبة والقهر للغير وأضعفها وهي الفتحة لأضعف هذه المعاني وهو كون الشيء في نفسه صُلبًا، ولا يلزم في ذلك أن يمتنع عمن يرومه والحركة المتوسطة وهي الكسرة للمعنى المتوسط وهو القوي الممتنع عن غيره، ولا يلزم منه أن يقهر غيره ويغلبه. فأعطوا الأقوى للأقوى، والأضعف للأضعف والمتوسط للمتوسط، ولا ريب أن قهر المريد عما يريده من أقوى أوصاف القادر فإن قهره عن إرادته وجعله غير مريد كان أقوى أنواع القهر، والعز ضد الذل، والذل أصله الضعف والعجز فالعز يقتضي كمال القدرة والعزة، ولهذا يوصف به المؤمن ولا يكون ذمًا له بخلاف الكبر.

قال رجل للحسن البصري: إنك متكبر. فقال: لست بمتكبر، ولكني عزيز. وقال تعالى:  {وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}. وقال ابن مسعود: مازلنا أعزة منذ أسلم عمر. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم أعز الإسلام بأحد هذين الرجلين: عمر بن الخطاب، أو أبي جهل بن هشام».
وفي بعض الآثار: إن الناس يطلبون العزة في أبواب الملوك، ولا يجدونها إلا في طاعة الله .

وفي الحديث: «اللهم أعزنا بطاعتك ولا تُذلنا بمعصيتك» وقال بعضهم: من أراد عزًا بلا سلطان، وكثرة بلا عشيرة، وغنى بلا مال، فلينتقل من ذل المعصية إلى عز الطاعة. فالعزة من جنس القدرة والقوة وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير».

فالقدرة إن لم يكن معها حكمة بل كان القادر يفعل ما يريده بلا نظر في العاقبة، ولا حكمة محمودة يطلبها بإرادته ويقصدها بفعله، كان فعله فسادًا كصاحب شهوات الغي والظلم، الذي يفعل بقوته ما يريده من شهوات الغي في بطنه وفرجه ومن ظلم الناس، فإن هذا وإن كان له قوة وعزة لكن لما لم يقترن بها حكمة كان ذلك معونة على شره وفساده.

وكذلك العلم كماله أن تقترن به الحكمة، وإلا فالعالم الذي لا يريد ما تقتضيه الحكمة وتوجبه، بل يريد ما يهواه، سفيه غاو، وعلمه عون له على الشر والفساد. هذا إن كان عالمًا قادرًا مريدًا له إرادة من غير حكمة، وإن قدِّر أنه لا إرادة له فهذا أولًا ممتنع من الحي، فإن وجود الشعور بدون حب ولا بغض ولا إرادة ممتنع كوجود إرادة بدون الشعور، وأما القدرة والقوة إذا قُدِّر وجودها بدون إرادة فهي كقوة الجماد، فإن القوة الطبيعة التي هي مبدأ الفعل والحركة .

الشرح: لابد من إرادة، لأن هي التي تُحرِّك القوة لكن إذا صارت قوة بدون قدرة مثل قوة الجماد وقوة مثلًا الحجر، ما فيه إرادة، ما فيه إرادة تحركه، نعم.

متن: وقد قال بعض الناس: "إن لمحلها شعورًا يليق به" واحتج بقوله تعالى: { وَإنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنْهَار وَإنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ الله }. وبقوله تعالى: {جِدَارًا يُرِيدُ أنْ يَنْقَضَّ }. وهذه مسألة كبيرة تحتاج إلى كلام لا يليق بهذا الموضع.

شرح: مسألة المجاز والاستعارة، نعم.

متن: والمقصود أن العلم والقدرة المجردين عن الحكمة لا يحصل بهما الكمال والصلاح وإنما يحصل ذلك بالحكمة معهما.

الشرح: لأن القدرة ما يكفي، لابد معها من الحكمة، نعم.

 متن: واسمه سبحانه "الحكيم" يتضمن حكمته في خلقه وأمره في إرادته الدينية والكونية فهو حكيمٌ في كل ما خلقه حكيمٌ في كل ما أمر به.

والناس في هذا المقام أربع طوائف:

(الطائفة الأولى): الجاحدة لقدرته وحكمته أقرت بحكمته وأثبتت الأسباب والعلل.

(الطائفة الثانية): أقرت بقدرته وعموم مشيئته للكائنات.

(الطائفة الثالثة): أقرَّت بحكمته وأثبتت الأسباب والعلل.

(الطائفة الأولى): الجاحدة لقدرته وحكمته، فلا يثبتون له تعالى قدرةً ولا حكمة.

(الطائفة الثانية): أقرت بقدرته وعموم مشيئته للكائنات وجحدت حكمته وما له في خلقه من الغايات المحمودة المطلوبة له سبحانه.

الشيخ: سوف نتكلم عنها وننوه عن هذه الطوائف.

 

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد