شعار الموقع

35- شرح كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين

00:00
00:00
تحميل
19

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي أشرف الأنبياء والمرسلين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "طريق الهجرتين وباب السعادتين":

متن: [فصلٌ]

والمقصود بيان شمول حمده تعالى وحكمته لكل ما يحدثه من إحسان ونعمة وامتحان وبلية، وما يقضيه من طاعة ومعصية، وأنه سبحانه محمود على ذلك مشكور حمد المدح وحمد الشكر، أما حمد المدح فإنه محمودٌ على كل ما خلق إذ هو رب العالمين والحمد لله رب العالمين وأما حمد الشكر فلأن ذلك كله نعمة في حق المؤمن إذا اقترن بواجبهِ فالإحسان، والنعمة إذا اقترنت بالشكر صارت نعمة، والامتحان والبلية إذا اقترنا بالصبر كانا نعمة، والطاعة فمن أجلِّ نعمه.

شرح: النعمة إذا اقترنت بالشكر صارت من أجلِّ النعم، والبلية إذا اقترنت بالصبر صارت من النعم والمنح.

متن: والنعمة إذا اقترنت بالشكر صارت نعمة، والامتحان والبلية إذا اقترنا بالصبر كانا نعمة، والطاعة فمن أجلِّ نعمه، وأما المعصية فإذا اقترنت بواجبها من التوبة والاستغفار والإنابة والذل والخضوع فقد ترتب عليها من الآثار المحمودة والغايات المطلوبة ما هو نعمة أيضًا وإن كان سببها مسخوطًا مبغوضًا للرب تعالى، ولكنه يحب ما يترتب عليها من التوبة والاستغفار، وهو سبحانه أفرح بتوبة عبده من الرجل إذا أضل راحلته بأرض دوِّية مهلكة عليها طعامه وشرابه فأيس منها ومن الحياة فنام ثم استيقظ فإذا بها قد تعلق خطامها في أصل شجرة فجاء حتى أخذها، فالله أفرح بتوبة العبد حين يتوب إليه من هذا براحلته، فهذا الفرح العظيم الذي لا يشبهه شيء أحب إليه سبحانه من عدمه، وله أسباب ولوازم لابد منها، وما يحصل بتقدير عدمه من الطاعات وإن كان محبوبًا له فهذا الفرح أحب إليه بكثير، ووجوده بدون لازمه ممتنع، فله من الحكمة في تقدير أسبابه وموجباته حكمة بالغة ونعمة سابغة.

هذا بالإضافة إلى الرب جل جلاله، وأما بالإضافة إلى العبد فإنه قد يكون كمال عبوديته وخضوعه موقوفًا على أسباب لا تحصل بدونها، فتقدير الذنب عليه إذا اتصل به التوبة والإنابة والخضوع والذل والانكسار ودوام الافتقار كان من النعم باعتبار غايته وما يعقبه وإن كان من الابتلاء والامتحان باعتبار صورته ونفسه.

شرح: يعني المعصية إذا قدر العبد هي في صورتها ابتلاء وامتحان، لكن إذا كان يعقبها توبة وإنابة إلى الله عز وجل ورجوع وانكسار وذل وخضوع صارت منحه بحسب آثارها منحة، ونعمة، نعم.

متن: والرب تعالى محمود على الأمرين.

شرح: محمودٌ على الأمرين على هذا وعلى هذا، محمود على الحكمة في تقديره وتقديره المعاصي، فله الحكمة البالغة، فهو محمود على حكمته البالغة، وهو كذلك محمود على ما يحصل للعبد من العبوديات المتنوعة بسبب المعصية، نعم.

متن:  والرب تعالى محمود على الأمرين، فإن اتصل بالذنب الآثار المحبوبة للرب سبحانه من التوبة والإنابة والذل والانكسار فهو عين مصلحة العبد، والاعتبار بكمال النهاية لا بنقص البداية، وإن لم يتصل به ذلك فهذا لا يكون إلا من خبث نفسه وشره وعدم استعداده لمجاورة ربه بين الأرواح الزكية الطاهرة.

شرح: يعني إذا ما حصل بعد التوبة هذا فهذا ضرر على العبد، وأما إذا لم يحصل.

متن: وإن لم يتصل به ذلك فهذا لا يكون.

 

شرح: لم يتصل به توبة ولا إنابة ولا خضوع ولا انكسار، نعم.

متن: فهذا لا يكون إلا من خبث نفسه وشره وعدم استعداده لمجاورة ربه بين الأرواح الزكية الطاهرة في الملأ الأعلى ومعلوم أن هذه النفس فيها من الشر والخبث ما فيها، فلابد من خروج ذلك منها من القوة إلى الفعل ليترتب على ذلك  الآثار المناسبة لها ومساكنة من تليق مساكنته ومجاورة الأرواح الخبيثة في المحل الأسفل، فإن هذه النفوس إذا كانت مهيأة لذلك فمن الحكمة أن (تُستَخرَجَ) منها الأسباب التي توصلها إلى ما هي مهيأة له ولا يليق بها سواه والرب تعالى محمود على ذلك أيضًا كما هو محمود على إنعامه وإحسانه على أهل الإحسان والإنعام القابلين له، فما كل أحد قابلًا لنعمته تعالى، فحمده وحكمته تقتضي أن لا يودع نعمه وإحسانه وكنوزه في محل غير قابل لها.

شرح: وأن الحكمة يؤتيها المحل القابل لها، نعم.

متن: ولا يبقى إلا أن يقال: فما الحكمة في خلق هذه الأرواح التي هي غير قابلة لنعمته؟

قف على هذا .

 

 

 

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد