شعار الموقع

37- شرح كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين

00:00
00:00
تحميل
18

مدة المحاضرة: 52:00

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه "طريق الهجرتين وباب السعادتين":

متن: والمقصودُ أن تنويع المخلوقات واختلافها من لوازم الحكمة والربوبية والملك، وهو أيضًا من موجبات الحمد.

شرح: لأن المخلوقات سماوات وأراضين وأشجار وأنهار وجن وإنس وحيوانات وطيور، وهواء وسحاب، ونجوم وعالم علوي وعالم سفلي، تنويع هذه المخلوقات كلها من موجبات ربوبيته سبحانه وتعالى، وموجبات حمده سبحانه وتعالى، كلها تدل على ربوبية الله ووحدانيته، واستحقاقه العبادة سبحانه وتعالى، نعم

 متن: فله الحمد على ذلك كله أكمل حمد وأتمه، وأيضًا، فإن مخلوقاته هي موجبات.

شرح: موجبات يعني ثمرة، هذا هو اسم من الأسماء والصفات، والثمرة يعني الحمد والشكر.

متن: وأيضًا، فإن مخلوقاته هي موجَبات أسمائه وصفاته.

شرح: يعني أثر، أثر من أسماء الله، المخلوقات أثر من اسمه الخلاق، الخلاق اسم لله تعالى، ووصفٌ قائم به ومن آثاره هذه المخلوقات العظيمة، وأيضا فإن هذه المخلوقات.

متن: وأيضًا، فإن مخلوقاته هي موجَبات أسمائه وصفاته.

شرح: الموجِب هو السبب والعلة، والموجَب الثمرة والنتيجة، هي ثمرة، المخلوقات ثمرة، نعم، أسماء الله هي الموجِبة لهذا الخلق المخلوقات، والموجَب الثمرة المخلوقات

متن: وأيضًا، فإن مخلوقاته هي موجَبات أسمائه وصفاته، فلكل اسم وصفة أثر لابد من ظهوره فيه واقتضائه له.

شرح: مثل الخلاق من أثره المخلوقات فلابد من ظهورها، نعم، وهكذا جميع الأسماء.

متن: فيمتنع تعطيل آثار أسمائه وصفاته كما يمتنع تعطيل ذاته عنها.

شرح: نعم يمتنع تعطيل أثر أسمائه، فهذه المخلوقات أثرٌ من أسمائه وصفاته، فيمتنع، لابد من وجودها لأنها أثر من هذه الأسماء والصفات، وآثاره كلها من كماله سبحانه وتعالى.

متن: وهذه الآثار لها متعلقات ولوازم يمتنع أن لا توجد كما تقدم التنبيه عليه. وأيضًا فإن تنويع أسباب الحمد أمر مطلوب للرب تعالى محبوب له، فكما تنوعت أسباب الحمد تنوع الحمد بتنوعها وكثر بكثرتها ومعلوم أنه سبحانه محمود على انتقامه من أهل الإجرام والإساءة، كما هو محمود على إكرامه لأهل العدل والإحسان، فهو محمودٌ على هذا وعلى هذا.

شرح: تنوعت، تنوع أسباب الحمد، هذا المخلوق من أسباب حمده، النعم من أسباب خلقه، عقوبة المجرمين من أسباب خلقه، إكرام الطائعين من أسباب خلقه، تتنوع أسباب الحمد لله سبحانه، نعم.

متن: مع ما يتبع ذلك من حمده على حلمه وعفوه ومغفرته وترك حقوقه ومسامحة خلقه بها والعفو عن كثير من جنايات العبيد فنبههم باليسير من عقابه وانتقامه على الكثير الذي عفا عنه.

شرح: ما يعفو الله عنه أكثر، لو عاجلهم بالعقوبة، لو حاسبهم بما يستحقون لأهلكهم، ولكنه سبحانه وتعالى حينما ينتقم نموذج من نوع الانتقام ولا يعاملهم بما يستحقون، نسأل الله أن يعاملنا بالعفو، نعم.

متن: وأنه لو عاجلهم بعقوبته وأخذهم بحقه لقضى إليهم أجلهم ولما ترك على ظهرها من دابة، ولكنه سبقت رحمته غضبه وعفوه انتقامه ومغفرته عقابه.

ومن هذا الحديث : «لو أن الله عذَّب أهل السماوات والأرض لعذَّبهم وهو غير ظالمٍ لهم ولو رحمهم لكانت رحمته أوسع لهم» أو كما جاء في الحديث، وهذا الحديث استدل به الجبرية على القول بأن الله تعالى له أن يُعذِّب الأبرار والفُجَّار وأن يتصرف في ملكه، وأن الظلم هو تصرف المالك في غير ملكه، وهذا باطل، استدلالهم باطل.

والمعنى : لو أن الله تعالى حاسب عباده بنعمه عليهم وأعمالهم لكانوا مدينين، وحينئذٍ لو عذَّبهم لعذَّبهم وهو غير ظالم لهم، لكن الجبرية فهموه فهم خاطئ، فقالوا هذا دليل على أن الله تعالى له أن يتصرف بملكه بما يشاء، وأنه ليس هذا من الظلم، لأن الظلم هو تصرف المالك في غير ملكه، وهذا باطل، نعم، كما سبق.

متن: ولكنه سبقت رحمته غضبه وعفوه انتقامه ومغفرته عقابه، فله الحمد على عفوه وانتقامه، وعلى عدله وإحسانه، ولا سبيل إلى تعطيل أسباب حمده ولا بعضها. فليتدبر اللبيب هذا الموضع حق التدبر، وليعطه حقه يُطلعه على أبواب عظيمة من أسرار القدر، ويهبط به على رياض منه مُعشِبة.

شرح: مُعشِبة يعني فيها عشب، هذه تسمى ثأرة، يعني فيها فوائد يعني عظيمة، مثل العشب الذي يكون في النبات، نعم.

متن: ويهبط به على رياض منه مُعشِبة وحدائق مؤنقة، والله الموفق الهادي للصواب.

وأيضًا فإن الله سبحانه نوَّع الأدلة الدالة عليه والتي تُعرِّف عباده به غاية التنوع.

شرح: وفي كل شيءٍ له آية تدل على أنه الواحد، نوعَّ الثمرات والأراضين، والليل والنهار والشمس والقمر، {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}، وهذا غير الآيات القرآنية والدلائل الشرعية، نعم.

متن: وصرَّف الآيات وضرب الأمثال، ليقيم عليهم حجته البالغة ويتم بذلك عليهم نعمته السابغة، ولا يكون لأحد بعد ذلك حجة عليه سبحانه، بل الحجة كلها له والنعمة كلها له، والقدرة كلها له فأقام عليهم حجته، ولو شاء لسوَّى بينهم في الهداية كما قال تعالى: {فَللَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أجْمَعِينَ} فأخبر أن له الحجة البالغة، وهي التي بلغت إلى صميم القلب وخالطت العقل واتحدت به فلا يمكن العقل دفعها ولا جحدها، ثم أخبر أنه سبحانه قادر على هداية خلقه كلهم، ولو شاء ذلك لفعله لكمال قدرته ونفوذ مشيئته، ولكن حكمته تأبى ذلك وعدله يأبى تعذيب أحد وأخذه بلا حجة، فأقام الحجة وصرَّفَ الآيات وضرب الأمثال وَنوَّعَ الأدلة، ولو كان الخلق كلهم على طريقة واحدة من الهداية.

شرح: كما يقول الطبيائعيون، لو كانت الطبيعة هي الموجدة لكان الخلق على وتيرةٍ واحدة، تعالى الله عما يقولون، التنويع والتفاوت في المخلوقات دليلٌ على الخالق العظيم.

متن: ولو كان الخلق كلهم على طريقة واحدة من الهداية لما حصلت هذه الأمور ولا تنوعت هذه الأدلة والأمثال، ولا ظهرت عزته سبحانه في انتقامه من أعدائه ونصر أوليائه عليهم، ولا حججه التي أقامها على صدق أنبيائه ورسله ولا كان للناس آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله، وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين، ولا كان للخلق آية باقية ما بقيت الدنيا في شأن موسى وقومه وفرعون وقومه وفلق البحر لهم ودخولهم جميعًا فيه ثم إنجاء موسى وقومه ولم يغرق منهم أحد وأغرق فرعون وقومه لم ينج منهم أحد، فهذا التعرف إلى عباده وهذه الآيات وهذه العزة والحكمة لا سبيل إلى تعطيلها البتة ولا توجد بدون لوازمها.

وأيضًا فإن حقيقة الملك إنما يتم بالعطاء والمنع والإكرام والإهانة والإثابة والعقوبة والغضب والرضا والتولية والعزل.

شرح: يعني يولي، هذا له ولاية وهذا معزول عن الولاية، نعم.

متن: وإعزاز من يليق به العز وإذلال من يليق به الذل، قال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيَّ، وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} . وقال تعالى: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}.

يغفر ذنبًا ويفرِّج كربًا ويكشف غمًا وينصر مظلومًا ويأخذ ظالمًا ويفك عانيًا ويغني فقيرًا ويجبر كسيرًا ويشفي مريضًا ويقيل عثرة ويستر عورةً ويعز ذليلًا ويذل عزيزًا ويعطي سائلًا ويذهب بدولةِ ويأتي بأخرى ويداول الأيام بين الناس ويرفع أقواما ويضع آخرين.

شرح: سبحانه وتعالى لا إله إلا هو، نعم.

متن: يسوق المقادير التي قدرها قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف عام إلى مواقيتها فلا يتقدم شيء منها عن وقته ولا يتأخر، بل كل منها قد أحصاه كتابه وجرى به قلمه ونفذ فيه حكمه وسبق  به علمه، فهو المتصرف في الممالك كلها وحده تصرف مالك قادر قاهر عادل رحيم تام الملك لا ينازعه في ملكه منازع ولا يعارضه فيه معارض، فتصرفه في المملكة دائر بين العدل والإحسان والحكمة والمصلحة والرحمة فلا يخرج تصرفه عن ذلك.

وفي تفسير الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه من حديث الحمَّاني.

فضيلة الشيخ يستفسر: من حديث الحمَّاني؟

القارئ: الحماني، له ترجمة يا شيخ هنا، هو: يحي بن عبد الحميد الحمَّاني الكوفي روى عن شريك وطبقته وثَّقه ابن معين، قال أحمد : كان يكذب جهارًا، وضعَّفه النسائي وقال الذهبي: شيعي بغيض، انظر ميزان الاعتدال.

قال: حدثنا إسحق بن سليمان عن معاوية بن يحيى عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس عن أبي الدرداء أنه سئل عن قوله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}  فقال: سُئل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «من شأنه أن يغفر ذنبًا ويُفرِّجَ كربًا ويرفع قومًا ويضع آخرين».

شرح: على هذا ما يصح السند، لكن المعنى صحيح .

متن: وانظر تعليق التعليق وتصحيح الألباني له بعد أن بدا له طرقًا في كتاب السنة ومعه ظلال الجنة.

شرح: يعني له طرق، وهو معناه صحيح، حتى لو لم يصح السند كلام عظيم هذا، من شأنه أن يغفر ذنبًا ويجبر كسرًا ويغني فقيرًا ويجبر كسيرًا ويعز ذليلًا ويرفع قوًما ويعز قومًا ويذل آخرين، كل هذا من شأنه سبحانه وتعالى، نعم.

متن: وفيه أيضًا من حديث حماد بن سلمة قال :حدثنا الزبير أبو عبد السلام عن أيوب بن عبدالله بن مكرز عن أبيه قال: قال عبدالله بن مسعود: إن ربكم عز وجل ليس عنده ليل ولا نهار، نور السموات من نور وجهه. أيامكم عنده اثنتا عشرة ساعة: تعرض عليه أعمالكم بالأمس ثلاث ساعات من أول النهار، فيطلع منها على ما يكره فيغضب فيكون أول من يعلم بغضبه حملة العرش، فتسبح حملة العرش وسرادقات العرش والملائكة المقربون  وسائر الملائكة، وينفخ جبريل في القرن فلا يبقى خلق لله في السموات ولا في الأرض إلا سمعه إلا الثقلين، ويسبحونه (ثلاث ساعات) حتى يمتليء الرحمن رحمة، فتلك ست ساعات ثم يدعو بالأرحام فينظر فيها ثلاث ساعات {يُصَّوِّرُكُمْ فِي الأرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إلَه إلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ}. فتلك تسع ساعات. ثم يدعو بالأرزاق فينظر فيها ثلاث ساعات، فالله {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ}. فتلك اثنتا عشرة ساعة. ثم قرأ عبدالله: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}. ثم قال: هذا شأنكم وشأن ربكم عز وجل. وذكره الطبراني في المعجم الكبير من وجه آخر.

شرح: التخريج  رواه عن عبد الله بن مسعود هذا ؟

القارئ : نعم، قال رواه الأصفهاني في كتاب العظمة وأبو نعيم في الحِلية والطبراني في المعجم الكبير، قال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه الطبراني في الكبير وفيه أبو عبد السلام قال أبو حاتم مجهول، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وعبد الله بن مكرز أبو عبيد الله على الشك لم أرى من ذكره .

أحد الحضور: ما يلزم يقول أبو حاتم مجهول أنه يُضعَّفه.

الشيخ: قد يكون إذا عرفه غيره.

أحد الحضور: ما معنى السرادقات عافاك الله؟

الشيخ: الله أعلم، راجعها في المعجم وفي قواميس اللغة، نعم.

متن: وهذا من تمام تصرُّفه في ملكه سبحانه، فلو قصر تصرُّفه على وجه واحد ونمط واحد لم يكن تصرفًا تامًا.

والمقصود أن الملك والحمد في حقه متلازمان، فكل ما شمله ملكه وقدرته شمله حمده.

شرح: يعني هو محمود على كل مخلوق وعلى كل مقدَّر، كل شيء يخلقه الله فهو محمودٌ عليه، كل شيء يقدره الله فهو محمودٌ عليه، سبحانه وتعالى، نعم.

متن: فهو محمود في ملكه وله الملك والقدرة مع حمده، فكما يستحيل خروج شيء من الموجودات عن ملكه وقدرته يستحيل خروجها عن حمده وحكمته، ولهذا يحمد سبحانه نفسه عند خلقه وأمره.

شرح: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ}.

كما حمد عن هذا الكتاب: { الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.

وفي ذاته: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ}.

وهو محمود على كل خلق، على ما يخلقه وعلى ما يقدِّره، ومحمود على إنزال الكتب وإرسال الرسل، نعم.

متن: لينبه عباده على أن مصدر خلقه وأمره عن حمده، فهو محمود على كل ما خلقه وأمر به حمدين:

  • حمد شكر وعبودية.
  •  وحمد ثناءٍ ومدح.

شرح: الحمد حمدان:

  • حمد شكر وعبودية.
  • وحمد ثناءٍ ومدح.

متن: ويجمعهما التبارك، فتبارك الله يشمل ذلك كله، ولهذا ذكر هذه الكلمة عقيب قوله: {ألاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}.

شرح: تبارك، يشمل الأمرين، نعم.

متن: ويجمعهما التبارك، فتبارك الله يشمل ذلك كله، ولهذا ذكر هذه الكلمة عَقِيب قوله: {ألاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}.

شرح: هو محمودٌ على كل خلق، ومحمودٌ على كل أمر، فالخلق: المخلوقات، والأمر: الشرائع التي شرعها، محمود على هذا وعلى هذا، ويجمع ذلك التبارك، {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}.

متن: {ألاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، فالحمد أوسع الصفات وأعم المدائح والطرق إلى العلم به في غاية الكثرة، والسبل إلى اعتباره في ذرات العالم وجزئياته وتفاصيل الأمر والنهي واسعةٌ جدًا، لأن جميعَ أسمائه تبارك وتعالى حمد، وصفاته حمد وأفعاله حمد، وأحكامه حمد، وعدله حمد، وانتقامه من أعدائه حمد، وفضله في إحسانه إلى أوليائه حمد والخلق والأمر إنما قام بحمده ووجد بحمده وظهر بحمده وكان لغايةٍ هي حمده، فحمده سبب ذلك وغايته ومظهره وحامله، فحمده روح كل شيء، وقيام كل شيء بحمده، وسريان حمده في (الموجودات) وظهور آثاره فيه أمر مشهود بالأبصار والبصائر، فمن الطرق الدالة على شمول معنى الحمد وانبساطه على جميع المعلومات معرفة أسمائه وصفاته، وإقرار العبد بأن للعالم إلهًا حيًا جامعًا لكل صفة كمال واسم حسن وثناءٍ جميل وفعل كريم وأنه سبحانه له القدرة التامة والمشيئة النافذة والعلم المحيط والسمع الذي وسع الأصوات والبصر الذي أحاط بجميع المبصرات والرحمة التي وسعت جميع المخلوقات والملك الأعلى الذي لا يخرج عنه ذرة من الذرات والغنى التام المطلق من جميع الجهات والحكمة البالغة المشهود آثارها في الكائنات والعزة العالية بجميع الوجوه والاعتبارات والكلمات التامات النافذات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من جميع البريات، واحد لا شريك له في ربوبيته ولا في إلهيته، ولا شبيه له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، وليس له من يَشركه في ذرة من ذرات ملكه، أو يخلفه في تدبير خلقه، أو يحجبه عن داعيه و مؤمله أو سائله، أو يتوسط بينهم وبينه بتلبيس أو فرية أو كذب كما يكون بين الرعايا وبين الملوك، ولو كان كذلك لفسد نظام الوجود وفسد العالم بأسره {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلهِةٌ إلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا}.

شرح: لو كان في السماوات والأرض آلهة إلا الله هذا تمانع في الألوهية، ولهذا قال {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ} هذا تمانع في الربوبية، وهذا تمانع في الألوهية، لو كان فيهما آلهة إلا الله، يلزم من تعدد الآلهة فساد السماوات والأرض، وانتظام أمر السماوات والأرض من أدل دليل على أن مدبره إلهٌ واحد، وهو الله سبحانه وتعالى، نعم.

متن: فلو كان معه آلهة أخرى كما يقوله أعداؤه المبطلون لوقع من النقص في التدبير وفساد الأمر كله ما لا يثبت معه حال، ولا يصلح عليه وجود.

ومن أعظم نعمه علينا وما استوجب به حمد عباده له أن جعلنا عبيدًا له خاصة ولم يجعلنا نهبًا منقسمين بين شركاء متشاكسين، ولم يجعلنا عبيدًا لإله نحتته الأفكار.

شرح: مثل آلهة عُبَّاد الأصنام فآلهتهم نحتته أفكارهم، فجميع هذه الآلهة كلها نحتتها أفكار ليعبدوا الصنم و ليعبدوا النار، كل هذه آلهة نحتتها أفكارهم، نسأل الله العافية، نعم ينحت، فكره ينحته إله، وكان المشرك يعبد تمر، يعبد تمرًا ثم إذا جاع أكله، في الجاهلية، كذلك أيضًا يأخذ الأحجار ثلاثة أحجار يضع عليها القدر للطبخ وأحسنها يجعلها إله، هكذا عقولهم نحاتة أفكارهم، وإن لم يجد شيئا جاء بتراب وحلب عليه الشاة ثم جعل يطوف به، هكذا العقول، فسدت العقول لما بعدوا عن الإله، نعم.

متن: ولم يجعلنا نهبًا منقسمين بين شركاء متشاكسين.

شرح: كما تكون الآلهة متعددة: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}.

هذا لو العبد مثلًا له شركاء متشاكسون، ثلاثة يملكونه، ما يدري مين يرضيه، إن رضا هذا أسخط هذا، وواحد ماله إلا سيد واحد، يعرف ما يرضيه ويعرف ما يريده، ويقوم بخدمته ومرتاح، لكن هذا مسكين شقي من تطاحن الشركاء، ما يدري إن رضا هذا غضب هذا، وإن رضا هذا غضب هذا، هل يستويان؟ من له شركاء متشاكسون مختلفون، ما هم متفقون، واحد له عبيد يملكه شركاء ثلاثة كلهم متشاكسون، ما هم متفقون، وواحد يملكه واحد، هل يستويان؟! هذا مثل الموحِّد وهذا مثل المشرك، نعم.

متن: ولم يجعلنا عبيدًا لإله نحتته الأفكار، لا يسمع أصواتنا ولا يبصر أفعالنا ولا يعلم أحوالنا ولا يملك لعابديه ضرًا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، ولا تكلم قط ولا يتكلم.

شرح: كما يقولها أهل البدع، أنه لا يتكلم ولا كذا، نفوا الصفات والأسماء كما يقول الجهمية والمعتزلة وغيرهم، نسأل الله العافية، نعم.

متن: ولا تكلم قط ولا يتكلم ولا يأمر ولا ينهى، ولا تُرفع إليه الأيدي ولا تعرج الملائكة والروح إليه.

شرح: ولا ترتفع الأيدي ولا ترتفع الأصابع، الجهمية لو رفعت أصبعك قطعوا أصبعك، إذا ترفع أصبعك كأنك جهمي لقطعوا أصبعك في الحال، يقول هذا مجسم، هذا مجسم متنقص للرب وهو في كل مكان، ما له جهة معينة، نعم.

 متن: ولا يأمر ولا ينهى، ولا تُرفع إليه الأيدي.

شرح: فإذا قيل لماذا الأيدي ترفع إلى السماء؟ الحيوان له صابع يرفع، فقال: هذا من باب هذا عادة من باب العادة، لما تأتي من فوق الرب يرفعها كذلك، هكذا يقولون، نعم.

متن: ولا تعرج الملائكة والروح إليه، ولا يصعد إليه الكلم الطيب، ولا يُرفع إليه العمل الصالح، وأنه ليس داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا عن يمينه.

شرح: هذا المعطلة النفاة والعياذ بالله، الجهمية طائفتان:

  • حلولية .
  • ونفاة.

النفاة ينفون النقيضين لا داخل العالم ولا خارجه، ولا فوقه ولا تحته، ولا مبين له ولا محايث له ولا متصل بأنفسهم، أيش يصير؟!

هذا أشد من العدم، ممتنع، مستحيل، نعم.

متن: وأنه ليس داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا عن يمينه ولا عن يساره ولا خلفه ولا أمامه ولا متصلًا به ولا منفصلًا عنه ولا محايثًا له ولا مباينًا.

شرح: المحايث هو المداخل، نعم.

متن: ولا هو مستوٍ على عرشه ولا هو فوق عباده، وحظ العرش منه حظ الحشوش والأخلية ولا تنـزل الملائكة من عنده بل لا ينـزل من عنده شيء ولا يصعد إليه شيء ولا يقرب منه شيء، ولا يحِب ولا يحَب، ولا يلتذ المؤمنون بالنظر إلى وجهه الكريم في دار الثواب، بل ليس له وجه يُرى ولا له يد يقبض بها السموات وأخرى يقبض بها الأرض، ولا فعل يقوم به.

شرح: هكذا يقول المعطلة، نسأل الله العافية، نعم.

متن: ولا حكمة تقوم به، ولا كلم موسى تكليمًا، ولا تجلى للجبل فجعله دكًا هشيمًا، ولا يجيء يوم القيامة لفصل القضاء، ولا ينـزل كل ليلة إلى سماء الدنيا فيقول لا أسأل عن عبادي غيري، ولا يفرح بتوبة عبده إذا تاب إليه ويجوز في حكمته تعذيب أنبيائه ورسله وملائكته وأهل طاعته أجمعين.

شرح: هذا قول الجبرية، يجوز يستحق أن يُعذِّب الأنبياء والرسل ويُحمِّلهم أوزار الفُجَّار، ولا يكون هذا ظلم، لأنه يتصرف في ملكه، هذا قول الجبرية الفاسد كما سبق، نعم.

متن: ويجوز في حكمته تعذيب أنبيائه ورسله وملائكته وأهل طاعته أجمعين من أهل السموات والأرضين، وتنعيم أعدائه من الكفار به والمحاربين له والمكذبين له ولرسله.

شرح: لأنهم ينكرون الحكمة، ما في حكمة عندهم، نعوذ بالله نعم.

متن: والكل بالنسبة إليه سواءٌ ولا فرق البتة إلا أنه أخبر أنه لا يفعل ذلك، فامتنع للخبر بأنه لا يفعله، لا لأنه في نفسه مناف لحكمته.

شرح: مجرد المشيئة وما فيه عندنا إلا المشيئة، المشيئة الإلهية تخلط خلط عشواء تُفرِّق بين المتماثلات وتجمع بين المختلفات، ولا فيه حكمة، نعوذ بالله، نسأل الله العافية، نعم.

متن: ومع ذلك فرضاه عين غضبه وغضبه عين رضاه ومحبته كراهته وكراهته محبته.

شرح: الصفات واحد، الرضا هي الغضب والمحبة هي البغض عندهم، نعم.

متن: إن هو إلا إرادة محضة ومشيئة صرفة يشاء بها لا لحكمة ولا لغاية ولا لأجل مصلحة، ومع ذلك يعذِّب عباده على ما لم يعملوه ولا قدرة لهم عليه، بل يعذبهم على نفس فعله الذي فعله هو ونسبه إليهم، ويعذبهم إذا لم يفعلوا فعله ويلومهم عليه، ويجوز في حكمته أن يعذب رجالًا إذا لم يكونوا نساءً ونساءً حيث لم يكونوا رجالًا وطوالًا إذ لم يكونوا قصارًا وبالعكس وسودًا إذ لم يكونوا بيضًا وبالعكس، بل تعذيبه لهم على مخالفته هو من هذا الجنس إذ لا قدرة لهم البتة على فعل ما أُمروا به ولا ترك ما نهوا عنه.

شرح: لأنهم مجبورين، كل الناس على الجبر، نعم.

متن: ولا ترك ما نهوا عنه، فله الحمد والمنة والثناء الحسن الجميل إذ لم يجعلنا عبيدًا لمن هذا شأنه فنكون مضيعين، ليس لنا رب نقصده، ولا صمد نتوجه إليه ونعبده، ولا إله نعوِّل عليه، ولا رب نرجع إليه بل قلوبنا تنادي في طرق الحيرة: من دلنا وجمع علينا ربًا ضائعًا لا هو داخل العالم ولا خارجه، ولا مباين له ولا محايث له، ولا متصل به ولا منفصل عنه.

شرح: كما يقول هؤلاء، نسأل الله العافية.

 متن: ولا نـزل من عنده شيء ولا يصعد إليه شيء، ولا كلَّمَ أحدًا ولا يكلمه أحد، ولا ينبغي لأحدٍ أن يذكر صفاته ولا يعرفه بها، بل يهجرها بلسانه فلا يتكلم بها وبقلبه فلا يعقلها وينبغي له أن يعاقب بالقتل أو الضرب والحبس من ذكرها أو أخبر عنه بها أو أثبتها له أو نسبها إليه.

شرح: هكذا يقول، الصفات أيش، لا أذكر صفاته.

متن: ولا ينبغي لأحدٍ أن يذكر صفاته ولا يعرفه بها.

شرح: ولا يعرفه بها، يعني ما يعرف ربه بالصفات، نعم.

 متن: ولا ينبغي لأحدٍ أن يذكر صفاته ولا يعرفه بها، بل يهجرها (بلسانه) فلا يتكلم بها.

شرح: بل يهجرها، ما في (بلسانه) ضعها بين قوسين، بل يهجرها، ما في (بلسانه) فلا يتكلم بها، كيف يهجرها بلسانه؟ هذا زائدة الكلام اللي صار هذا بين قوسين لعلها زائدة، بل يهجرها فلا يتكلم بها، كلمة (بلسانه) خليها بين قوسين، بل يهجرها واقرأ ما قبلها وما بعدها تستقيم العبارة، بل يهجرها فلا يتكلم بها، نعم.

متن: ولا ينبغي لأحدٍ أن يذكر صفاته ولا يعرفه بها، بل يهجرها فلا يتكلم بها وبقلبه فلا يعقلها وينبغي له أن يعاقب بالقتل.

شرح: يمكن بلسانه تأتي هنا، فلا يتكلم بها بلسانه، تأتي هنا، تقديم وتأخير، بل يهجرها فلا يتكلم بها بلسانه، ويهجرها بقلبه، استقامت العبارة، فيه التقديم والتأخير.

القارئ : يعني نقول: بل يهجرها بقلبه فلا يتكلم بها؟

الشيخ: بل يهجرها فلا يتكلم بها بلسانه، تأتي هنا ويهجرها بقلبه، بل يهجرها فلا يذكرها بلسانه، هذا الهجر، فلا يتكلم بها بلسانه، استقامت العبارة، يعني يهجرها ولا يتكلم باللسان ويهجرها بقلبه.

القارئ : عندي بل يهجرها بلسانه فلا يتكلم بها، وبقلبه فلا يعقلها.

الشيخ: النسخة الثانية فيها يذكرها؟

القارئ: هم ما عندهم يهجرها.

الشيخ: التقدير: فلا يذكرها بلسانه.

المقصود: هجرها باللسان وبالقلب، هذا المقصود، نعم.

اتركها كما كانت وتكتب في الحاشية لعل العبارة كذا.

متن: فلا ينبغي لأحدٍ أن يذكر صفاته ولا يعرفه بها، بل يهجرها بلسانه فلا يتكلم بها وبقلبه فلا يعقلها وينبغي له أن يُعاقَب.

شرح: يُعاقِب أو يُعاقَب نعم يصلح.

متن: فينبغي له أن يُعاقَب بالقتل أو الضرب والحبس من ذكرها أو أخبر عنه بها أو أثبتها له أو نسبها إليه أو عرفه بها.

شرح: عَرَفَهُ بها، وتصلح: عَرَّفَهُ بها.

متن: بل التوحيد الصرف جحدها وتعطيله عنها.

شرح: هذا عند المعطلة هذا التوحيد الصرف الخالص للمعطلة جحد أسماء الله وصفاته، معنى الصرف: الخالص يعني، هذا هو التوحيد الخالص عند المعطلة.

متن: بل التوحيد الصرف جحدها وتعطيله عنها ونفي قيامها به واتصافه بها، وما لم تدركه عقولنا من ذلك فالواجب نفيه وجحده وتكفير من أثبته واستحلال دمه وماله أو تبديعه وتضليله وتفسيقه، وكلما كان النفي أبلغ كان التوحيد أتم، فليس كذا وليس كذا أبلغُ في التوحيد من قولنا هو كذا وهو كذا.

فلله (العظيم) أعظم حمد وأتمه وأكمله على ما منَّ به من معرفته وتوحيده والإقرار بصفاته العلا وأسمائه الحسنى، وإقرار قلوبنا بأنه الله الذي لا إله هو عالم الغيب والشهادة رب العالمين قيوم السموات والأرضين إله الأولين والآخرين ولا يزال موصوفًا بصفات الجلال، منعوتًا بنعوت الكمال، منـزهًا عن أضدادها من النقائص والتشبيه والمثال. فهو الحي القيوم الذي لكمال حياته وقيوميته لا تأخذه سِنة ولا نوم. مالك السموات والأرض الذي لكمال ملكه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه. العالم بكل شيء الذي لكمال علمه يعلم ما بين أيدي الخلائق وما خلفها فلا تسقط ورقة إلا بعلمه، ولا تتحرك ذرة إلا بإذنه، يعلم دبيب الخواطر في القلوب حيث لا يطَّلع عليها الـمَلَك.

شرح: صحيح دبيب الخواطر في القلوب ما يطلع عليه الـمَلَك والله تعالى يعلمه دبيب الخواطر، لكن النية الله تعالى جعل للمَلك علامة يعرفها بها النية فيكتبها، يكتب القول والعمل والنية، لكن دبيب الخواطر ما صارت نية هي خواطر، هذه لا يعلمها إلا الله دبيب الخواطر، نعم.

متن: يعلم دبيب الخواطر في القلوب حيث لا يطلع عليها الـمَلَك.

شرح: النية الآن تعدت الخواطر تجاوزت الخواطر فصارت نية، فصار ينوي، فجعل الله للمَلَك علامة يعرف بها النية فيكتبها، لكن  قبل ذلك قبل النية لما كانت دبيب في الخواطر لا يعلمها إلا الله، نعم.

متن: يعلم دبيب الخواطر في القلوب حيث لا يطلع عليها الملك ويعلم ما سيكون فيها حيث لا يطلع عليه القلب.

البصير: الذي لكمال بصره يرى تفاصيل خلق الذرة الصغيرة وأعضائها ولحمها ودمها ومخها وعروقها، ويرى دبيبها على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، ويرى ما تحت الأرضين السبع كما يرى ما فوق السموات السبع.

السميع: الذي قد استوى في سمعه سر القول وجهره، وسع سمعه الأصوات فلا تختلف عليه أصوات الخلق ولا تشتبه عليه ولا يشغله منها سمع عن سمع ولا تغلطه المسائل ولا يبرمه كثرة سؤال السائلين، قالت عائشة: الحمد لله الذي وسع سمعه  الأصوات، لقد جاءت المجادلة تشكو إلى رسول الله وإني ليخفى عليَّ بعض كلامها، فأنزل الله عز وجل: {قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إلى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوَرَكُمَا إنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}.

القدير: الذي لكمال قدرته يهدي من يشاء ويضل من يشاء ويجعل المؤمن مؤمنًا والكافر كافرًا والبر برًا والفاجر فاجرًا، وهو الذي جعل إبراهيم وآله أئمة يدعون إليه ويهدون بأمره، وجعل فرعون وقومه أئمة يدعون إلى النار.

شرح: النار لها أئمة والجنة لها أئمة، فإبراهيم ومحمد إمامان من أئمة الهدى وأئمة أهل الجنة، وفرعون واتباعه من ائمة أهل النار، نعوذ بالله {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إلى النَّار}.

سؤال من أحد الحضور: مكتوب: يرى دبيب النملة السوداء ويسمع دبيب النملة السوداء.

الشيخ: يرى النملة السوداء ويسمع دبيبها، الدبيب له السمع، والرؤية لها، لها وسوادها.

القارئ: ويرى دبيبها على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء.

الشيخ: ويراها على الصخرة الصماء هذا يناسب الرؤية، يرى النملة السوداء على الصخرة الصماء هذه الرؤية، وأما الدبيب له السمع، على كل حال المعنى معروف يمكن فيه اختلاف، نرجع للمخطوطة يتبين هذا، نعم.

متن: ولكمال قدرته لا يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء سبحانه أن يُعلمه إياه. ولكمال قدرته خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسه من لغوب ولا يعجزه أحد من خلقه، ولا يفوته، بل هو في قبضته أين كان، فإن فر منه فإنما يطوي المراحل في يديه كما قيل:

وكيف يفر المرءُ عنك بذنبه

 

إذا كان يطوي في يديك المراحلَ

 

ولكمال غناه استحال إضافة الولد والصاحبة والشريك والظهير والشفيع بدون إذنه إليه، ولكمال عظمته وعلوه وسع كرسيه السموات والأرض، ولم تسعه أرضه ولا سماواته ولم تحط به مخلوقاته، بل هو العالي على كل شيء الظاهر فوق كل شيء وهو بكل شيء محيط، لا (تنفد) كلماته ولا تبيد.

شرح: لا تنفد يعني لا تنتهي، { قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}.

أحد الحاضرين: العبارة: لا تنفد كلماته ولا تبدل.

الشيخ: شو عندك؟

القارئ : ولا تبيد.

الشيح: يصلح ولا تبيد ولا تنتهي، ولكن التأسيس أحسن، لأن الجملة المؤسسة أفضل من الجملة المؤكدة، نعم.

متن: ولا تنفد كلماته ولا تبدل، بل لو أن البحر يمده من بعده سبعة أبحر مدادًا وأشجار الأرض أقلامًا، فكتب بذلك المداد وبتلك الأقلام، لنفد المداد وفنيت الأقلام، ولم تنفد كلماته إذ هي غير مخلوقة، ويستحيل أن يفنى غير المخلوق بالمخلوق.

شرح: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} المعنى تنفد المداد وتتكسر الأقلام ولم ينتهي كلام الله، نعم.

متن: إذ هي غير مخلوقة، ويستحيل أن يفنى غير المخلوق بالمخلوق.

الشرح: نعم كلمات الله غير مخلوقة، فلا تفنى، والمداد والأشجار مخلوقة تفنى، وكلام الله غير مخلوق فلا يفنى، نعم.

متن: ولو كان كلامه مخلوقًا –كما قاله من لم يُقدِّره حق قدره، ولا أثنى عليه بما هو أهله-.

شرح: كما يقول المعتزلة، نعم.

متن: لكان أحق بالفناء من هذا المداد وهذه الأقلام، لأنه إذا كان مخلوقاً فهو نوع من أنواع مخلوقاته، ولا يحتمل المخلوق إفناء هذا المداد وهذه الأقلام وهو باق غير فان، وهو سبحانه يحب رسله وعباده المؤمنين ويحبونه.

الشيخ: عندك موقف هنا؟

القارئ: نقف على هذه يا شيخ؟ وهو سبحانه يحب رسله وعباده المؤمنين.

الشيخ : وفق الله الجميع.

 

مدة المحاضرة: 52:00

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه "طريق الهجرتين وباب السعادتين":

متن: والمقصودُ أن تنويع المخلوقات واختلافها من لوازم الحكمة والربوبية والملك، وهو أيضًا من موجبات الحمد.

شرح: لأن المخلوقات سماوات وأراضين وأشجار وأنهار وجن وإنس وحيوانات وطيور، وهواء وسحاب، ونجوم وعالم علوي وعالم سفلي، تنويع هذه المخلوقات كلها من موجبات ربوبيته سبحانه وتعالى، وموجبات حمده سبحانه وتعالى، كلها تدل على ربوبية الله ووحدانيته، واستحقاقه العبادة سبحانه وتعالى، نعم

 متن: فله الحمد على ذلك كله أكمل حمد وأتمه، وأيضًا، فإن مخلوقاته هي موجبات.

شرح: موجبات يعني ثمرة، هذا هو اسم من الأسماء والصفات، والثمرة يعني الحمد والشكر.

متن: وأيضًا، فإن مخلوقاته هي موجَبات أسمائه وصفاته.

شرح: يعني أثر، أثر من أسماء الله، المخلوقات أثر من اسمه الخلاق، الخلاق اسم لله تعالى، ووصفٌ قائم به ومن آثاره هذه المخلوقات العظيمة، وأيضا فإن هذه المخلوقات.

متن: وأيضًا، فإن مخلوقاته هي موجَبات أسمائه وصفاته.

شرح: الموجِب هو السبب والعلة، والموجَب الثمرة والنتيجة، هي ثمرة، المخلوقات ثمرة، نعم، أسماء الله هي الموجِبة لهذا الخلق المخلوقات، والموجَب الثمرة المخلوقات

متن: وأيضًا، فإن مخلوقاته هي موجَبات أسمائه وصفاته، فلكل اسم وصفة أثر لابد من ظهوره فيه واقتضائه له.

شرح: مثل الخلاق من أثره المخلوقات فلابد من ظهورها، نعم، وهكذا جميع الأسماء.

متن: فيمتنع تعطيل آثار أسمائه وصفاته كما يمتنع تعطيل ذاته عنها.

شرح: نعم يمتنع تعطيل أثر أسمائه، فهذه المخلوقات أثرٌ من أسمائه وصفاته، فيمتنع، لابد من وجودها لأنها أثر من هذه الأسماء والصفات، وآثاره كلها من كماله سبحانه وتعالى.

متن: وهذه الآثار لها متعلقات ولوازم يمتنع أن لا توجد كما تقدم التنبيه عليه. وأيضًا فإن تنويع أسباب الحمد أمر مطلوب للرب تعالى محبوب له، فكما تنوعت أسباب الحمد تنوع الحمد بتنوعها وكثر بكثرتها ومعلوم أنه سبحانه محمود على انتقامه من أهل الإجرام والإساءة، كما هو محمود على إكرامه لأهل العدل والإحسان، فهو محمودٌ على هذا وعلى هذا.

شرح: تنوعت، تنوع أسباب الحمد، هذا المخلوق من أسباب حمده، النعم من أسباب خلقه، عقوبة المجرمين من أسباب خلقه، إكرام الطائعين من أسباب خلقه، تتنوع أسباب الحمد لله سبحانه، نعم.

متن: مع ما يتبع ذلك من حمده على حلمه وعفوه ومغفرته وترك حقوقه ومسامحة خلقه بها والعفو عن كثير من جنايات العبيد فنبههم باليسير من عقابه وانتقامه على الكثير الذي عفا عنه.

شرح: ما يعفو الله عنه أكثر، لو عاجلهم بالعقوبة، لو حاسبهم بما يستحقون لأهلكهم، ولكنه سبحانه وتعالى حينما ينتقم نموذج من نوع الانتقام ولا يعاملهم بما يستحقون، نسأل الله أن يعاملنا بالعفو، نعم.

متن: وأنه لو عاجلهم بعقوبته وأخذهم بحقه لقضى إليهم أجلهم ولما ترك على ظهرها من دابة، ولكنه سبقت رحمته غضبه وعفوه انتقامه ومغفرته عقابه.

ومن هذا الحديث : «لو أن الله عذَّب أهل السماوات والأرض لعذَّبهم وهو غير ظالمٍ لهم ولو رحمهم لكانت رحمته أوسع لهم» أو كما جاء في الحديث، وهذا الحديث استدل به الجبرية على القول بأن الله تعالى له أن يُعذِّب الأبرار والفُجَّار وأن يتصرف في ملكه، وأن الظلم هو تصرف المالك في غير ملكه، وهذا باطل، استدلالهم باطل.

والمعنى : لو أن الله تعالى حاسب عباده بنعمه عليهم وأعمالهم لكانوا مدينين، وحينئذٍ لو عذَّبهم لعذَّبهم وهو غير ظالم لهم، لكن الجبرية فهموه فهم خاطئ، فقالوا هذا دليل على أن الله تعالى له أن يتصرف بملكه بما يشاء، وأنه ليس هذا من الظلم، لأن الظلم هو تصرف المالك في غير ملكه، وهذا باطل، نعم، كما سبق.

متن: ولكنه سبقت رحمته غضبه وعفوه انتقامه ومغفرته عقابه، فله الحمد على عفوه وانتقامه، وعلى عدله وإحسانه، ولا سبيل إلى تعطيل أسباب حمده ولا بعضها. فليتدبر اللبيب هذا الموضع حق التدبر، وليعطه حقه يُطلعه على أبواب عظيمة من أسرار القدر، ويهبط به على رياض منه مُعشِبة.

شرح: مُعشِبة يعني فيها عشب، هذه تسمى ثأرة، يعني فيها فوائد يعني عظيمة، مثل العشب الذي يكون في النبات، نعم.

متن: ويهبط به على رياض منه مُعشِبة وحدائق مؤنقة، والله الموفق الهادي للصواب.

وأيضًا فإن الله سبحانه نوَّع الأدلة الدالة عليه والتي تُعرِّف عباده به غاية التنوع.

شرح: وفي كل شيءٍ له آية تدل على أنه الواحد، نوعَّ الثمرات والأراضين، والليل والنهار والشمس والقمر، {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}، وهذا غير الآيات القرآنية والدلائل الشرعية، نعم.

متن: وصرَّف الآيات وضرب الأمثال، ليقيم عليهم حجته البالغة ويتم بذلك عليهم نعمته السابغة، ولا يكون لأحد بعد ذلك حجة عليه سبحانه، بل الحجة كلها له والنعمة كلها له، والقدرة كلها له فأقام عليهم حجته، ولو شاء لسوَّى بينهم في الهداية كما قال تعالى: {فَللَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أجْمَعِينَ} فأخبر أن له الحجة البالغة، وهي التي بلغت إلى صميم القلب وخالطت العقل واتحدت به فلا يمكن العقل دفعها ولا جحدها، ثم أخبر أنه سبحانه قادر على هداية خلقه كلهم، ولو شاء ذلك لفعله لكمال قدرته ونفوذ مشيئته، ولكن حكمته تأبى ذلك وعدله يأبى تعذيب أحد وأخذه بلا حجة، فأقام الحجة وصرَّفَ الآيات وضرب الأمثال وَنوَّعَ الأدلة، ولو كان الخلق كلهم على طريقة واحدة من الهداية.

شرح: كما يقول الطبيائعيون، لو كانت الطبيعة هي الموجدة لكان الخلق على وتيرةٍ واحدة، تعالى الله عما يقولون، التنويع والتفاوت في المخلوقات دليلٌ على الخالق العظيم.

متن: ولو كان الخلق كلهم على طريقة واحدة من الهداية لما حصلت هذه الأمور ولا تنوعت هذه الأدلة والأمثال، ولا ظهرت عزته سبحانه في انتقامه من أعدائه ونصر أوليائه عليهم، ولا حججه التي أقامها على صدق أنبيائه ورسله ولا كان للناس آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله، وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين، ولا كان للخلق آية باقية ما بقيت الدنيا في شأن موسى وقومه وفرعون وقومه وفلق البحر لهم ودخولهم جميعًا فيه ثم إنجاء موسى وقومه ولم يغرق منهم أحد وأغرق فرعون وقومه لم ينج منهم أحد، فهذا التعرف إلى عباده وهذه الآيات وهذه العزة والحكمة لا سبيل إلى تعطيلها البتة ولا توجد بدون لوازمها.

وأيضًا فإن حقيقة الملك إنما يتم بالعطاء والمنع والإكرام والإهانة والإثابة والعقوبة والغضب والرضا والتولية والعزل.

شرح: يعني يولي، هذا له ولاية وهذا معزول عن الولاية، نعم.

متن: وإعزاز من يليق به العز وإذلال من يليق به الذل، قال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيَّ، وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} . وقال تعالى: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}.

يغفر ذنبًا ويفرِّج كربًا ويكشف غمًا وينصر مظلومًا ويأخذ ظالمًا ويفك عانيًا ويغني فقيرًا ويجبر كسيرًا ويشفي مريضًا ويقيل عثرة ويستر عورةً ويعز ذليلًا ويذل عزيزًا ويعطي سائلًا ويذهب بدولةِ ويأتي بأخرى ويداول الأيام بين الناس ويرفع أقواما ويضع آخرين.

شرح: سبحانه وتعالى لا إله إلا هو، نعم.

متن: يسوق المقادير التي قدرها قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف عام إلى مواقيتها فلا يتقدم شيء منها عن وقته ولا يتأخر، بل كل منها قد أحصاه كتابه وجرى به قلمه ونفذ فيه حكمه وسبق  به علمه، فهو المتصرف في الممالك كلها وحده تصرف مالك قادر قاهر عادل رحيم تام الملك لا ينازعه في ملكه منازع ولا يعارضه فيه معارض، فتصرفه في المملكة دائر بين العدل والإحسان والحكمة والمصلحة والرحمة فلا يخرج تصرفه عن ذلك.

وفي تفسير الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه من حديث الحمَّاني.

فضيلة الشيخ يستفسر: من حديث الحمَّاني؟

القارئ: الحماني، له ترجمة يا شيخ هنا، هو: يحي بن عبد الحميد الحمَّاني الكوفي روى عن شريك وطبقته وثَّقه ابن معين، قال أحمد : كان يكذب جهارًا، وضعَّفه النسائي وقال الذهبي: شيعي بغيض، انظر ميزان الاعتدال.

قال: حدثنا إسحق بن سليمان عن معاوية بن يحيى عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس عن أبي الدرداء أنه سئل عن قوله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}  فقال: سُئل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «من شأنه أن يغفر ذنبًا ويُفرِّجَ كربًا ويرفع قومًا ويضع آخرين».

شرح: على هذا ما يصح السند، لكن المعنى صحيح .

متن: وانظر تعليق التعليق وتصحيح الألباني له بعد أن بدا له طرقًا في كتاب السنة ومعه ظلال الجنة.

شرح: يعني له طرق، وهو معناه صحيح، حتى لو لم يصح السند كلام عظيم هذا، من شأنه أن يغفر ذنبًا ويجبر كسرًا ويغني فقيرًا ويجبر كسيرًا ويعز ذليلًا ويرفع قوًما ويعز قومًا ويذل آخرين، كل هذا من شأنه سبحانه وتعالى، نعم.

متن: وفيه أيضًا من حديث حماد بن سلمة قال :حدثنا الزبير أبو عبد السلام عن أيوب بن عبدالله بن مكرز عن أبيه قال: قال عبدالله بن مسعود: إن ربكم عز وجل ليس عنده ليل ولا نهار، نور السموات من نور وجهه. أيامكم عنده اثنتا عشرة ساعة: تعرض عليه أعمالكم بالأمس ثلاث ساعات من أول النهار، فيطلع منها على ما يكره فيغضب فيكون أول من يعلم بغضبه حملة العرش، فتسبح حملة العرش وسرادقات العرش والملائكة المقربون  وسائر الملائكة، وينفخ جبريل في القرن فلا يبقى خلق لله في السموات ولا في الأرض إلا سمعه إلا الثقلين، ويسبحونه (ثلاث ساعات) حتى يمتليء الرحمن رحمة، فتلك ست ساعات ثم يدعو بالأرحام فينظر فيها ثلاث ساعات {يُصَّوِّرُكُمْ فِي الأرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إلَه إلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ}. فتلك تسع ساعات. ثم يدعو بالأرزاق فينظر فيها ثلاث ساعات، فالله {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ}. فتلك اثنتا عشرة ساعة. ثم قرأ عبدالله: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}. ثم قال: هذا شأنكم وشأن ربكم عز وجل. وذكره الطبراني في المعجم الكبير من وجه آخر.

شرح: التخريج  رواه عن عبد الله بن مسعود هذا ؟

القارئ : نعم، قال رواه الأصفهاني في كتاب العظمة وأبو نعيم في الحِلية والطبراني في المعجم الكبير، قال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه الطبراني في الكبير وفيه أبو عبد السلام قال أبو حاتم مجهول، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وعبد الله بن مكرز أبو عبيد الله على الشك لم أرى من ذكره .

أحد الحضور: ما يلزم يقول أبو حاتم مجهول أنه يُضعَّفه.

الشيخ: قد يكون إذا عرفه غيره.

أحد الحضور: ما معنى السرادقات عافاك الله؟

الشيخ: الله أعلم، راجعها في المعجم وفي قواميس اللغة، نعم.

متن: وهذا من تمام تصرُّفه في ملكه سبحانه، فلو قصر تصرُّفه على وجه واحد ونمط واحد لم يكن تصرفًا تامًا.

والمقصود أن الملك والحمد في حقه متلازمان، فكل ما شمله ملكه وقدرته شمله حمده.

شرح: يعني هو محمود على كل مخلوق وعلى كل مقدَّر، كل شيء يخلقه الله فهو محمودٌ عليه، كل شيء يقدره الله فهو محمودٌ عليه، سبحانه وتعالى، نعم.

متن: فهو محمود في ملكه وله الملك والقدرة مع حمده، فكما يستحيل خروج شيء من الموجودات عن ملكه وقدرته يستحيل خروجها عن حمده وحكمته، ولهذا يحمد سبحانه نفسه عند خلقه وأمره.

شرح: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ}.

كما حمد عن هذا الكتاب: { الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.

وفي ذاته: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ}.

وهو محمود على كل خلق، على ما يخلقه وعلى ما يقدِّره، ومحمود على إنزال الكتب وإرسال الرسل، نعم.

متن: لينبه عباده على أن مصدر خلقه وأمره عن حمده، فهو محمود على كل ما خلقه وأمر به حمدين:

  • حمد شكر وعبودية.
  •  وحمد ثناءٍ ومدح.

شرح: الحمد حمدان:

  • حمد شكر وعبودية.
  • وحمد ثناءٍ ومدح.

متن: ويجمعهما التبارك، فتبارك الله يشمل ذلك كله، ولهذا ذكر هذه الكلمة عقيب قوله: {ألاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}.

شرح: تبارك، يشمل الأمرين، نعم.

متن: ويجمعهما التبارك، فتبارك الله يشمل ذلك كله، ولهذا ذكر هذه الكلمة عَقِيب قوله: {ألاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}.

شرح: هو محمودٌ على كل خلق، ومحمودٌ على كل أمر، فالخلق: المخلوقات، والأمر: الشرائع التي شرعها، محمود على هذا وعلى هذا، ويجمع ذلك التبارك، {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}.

متن: {ألاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، فالحمد أوسع الصفات وأعم المدائح والطرق إلى العلم به في غاية الكثرة، والسبل إلى اعتباره في ذرات العالم وجزئياته وتفاصيل الأمر والنهي واسعةٌ جدًا، لأن جميعَ أسمائه تبارك وتعالى حمد، وصفاته حمد وأفعاله حمد، وأحكامه حمد، وعدله حمد، وانتقامه من أعدائه حمد، وفضله في إحسانه إلى أوليائه حمد والخلق والأمر إنما قام بحمده ووجد بحمده وظهر بحمده وكان لغايةٍ هي حمده، فحمده سبب ذلك وغايته ومظهره وحامله، فحمده روح كل شيء، وقيام كل شيء بحمده، وسريان حمده في (الموجودات) وظهور آثاره فيه أمر مشهود بالأبصار والبصائر، فمن الطرق الدالة على شمول معنى الحمد وانبساطه على جميع المعلومات معرفة أسمائه وصفاته، وإقرار العبد بأن للعالم إلهًا حيًا جامعًا لكل صفة كمال واسم حسن وثناءٍ جميل وفعل كريم وأنه سبحانه له القدرة التامة والمشيئة النافذة والعلم المحيط والسمع الذي وسع الأصوات والبصر الذي أحاط بجميع المبصرات والرحمة التي وسعت جميع المخلوقات والملك الأعلى الذي لا يخرج عنه ذرة من الذرات والغنى التام المطلق من جميع الجهات والحكمة البالغة المشهود آثارها في الكائنات والعزة العالية بجميع الوجوه والاعتبارات والكلمات التامات النافذات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من جميع البريات، واحد لا شريك له في ربوبيته ولا في إلهيته، ولا شبيه له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، وليس له من يَشركه في ذرة من ذرات ملكه، أو يخلفه في تدبير خلقه، أو يحجبه عن داعيه و مؤمله أو سائله، أو يتوسط بينهم وبينه بتلبيس أو فرية أو كذب كما يكون بين الرعايا وبين الملوك، ولو كان كذلك لفسد نظام الوجود وفسد العالم بأسره {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلهِةٌ إلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا}.

شرح: لو كان في السماوات والأرض آلهة إلا الله هذا تمانع في الألوهية، ولهذا قال {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ} هذا تمانع في الربوبية، وهذا تمانع في الألوهية، لو كان فيهما آلهة إلا الله، يلزم من تعدد الآلهة فساد السماوات والأرض، وانتظام أمر السماوات والأرض من أدل دليل على أن مدبره إلهٌ واحد، وهو الله سبحانه وتعالى، نعم.

متن: فلو كان معه آلهة أخرى كما يقوله أعداؤه المبطلون لوقع من النقص في التدبير وفساد الأمر كله ما لا يثبت معه حال، ولا يصلح عليه وجود.

ومن أعظم نعمه علينا وما استوجب به حمد عباده له أن جعلنا عبيدًا له خاصة ولم يجعلنا نهبًا منقسمين بين شركاء متشاكسين، ولم يجعلنا عبيدًا لإله نحتته الأفكار.

شرح: مثل آلهة عُبَّاد الأصنام فآلهتهم نحتته أفكارهم، فجميع هذه الآلهة كلها نحتتها أفكار ليعبدوا الصنم و ليعبدوا النار، كل هذه آلهة نحتتها أفكارهم، نسأل الله العافية، نعم ينحت، فكره ينحته إله، وكان المشرك يعبد تمر، يعبد تمرًا ثم إذا جاع أكله، في الجاهلية، كذلك أيضًا يأخذ الأحجار ثلاثة أحجار يضع عليها القدر للطبخ وأحسنها يجعلها إله، هكذا عقولهم نحاتة أفكارهم، وإن لم يجد شيئا جاء بتراب وحلب عليه الشاة ثم جعل يطوف به، هكذا العقول، فسدت العقول لما بعدوا عن الإله، نعم.

متن: ولم يجعلنا نهبًا منقسمين بين شركاء متشاكسين.

شرح: كما تكون الآلهة متعددة: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}.

هذا لو العبد مثلًا له شركاء متشاكسون، ثلاثة يملكونه، ما يدري مين يرضيه، إن رضا هذا أسخط هذا، وواحد ماله إلا سيد واحد، يعرف ما يرضيه ويعرف ما يريده، ويقوم بخدمته ومرتاح، لكن هذا مسكين شقي من تطاحن الشركاء، ما يدري إن رضا هذا غضب هذا، وإن رضا هذا غضب هذا، هل يستويان؟ من له شركاء متشاكسون مختلفون، ما هم متفقون، واحد له عبيد يملكه شركاء ثلاثة كلهم متشاكسون، ما هم متفقون، وواحد يملكه واحد، هل يستويان؟! هذا مثل الموحِّد وهذا مثل المشرك، نعم.

متن: ولم يجعلنا عبيدًا لإله نحتته الأفكار، لا يسمع أصواتنا ولا يبصر أفعالنا ولا يعلم أحوالنا ولا يملك لعابديه ضرًا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، ولا تكلم قط ولا يتكلم.

شرح: كما يقولها أهل البدع، أنه لا يتكلم ولا كذا، نفوا الصفات والأسماء كما يقول الجهمية والمعتزلة وغيرهم، نسأل الله العافية، نعم.

متن: ولا تكلم قط ولا يتكلم ولا يأمر ولا ينهى، ولا تُرفع إليه الأيدي ولا تعرج الملائكة والروح إليه.

شرح: ولا ترتفع الأيدي ولا ترتفع الأصابع، الجهمية لو رفعت أصبعك قطعوا أصبعك، إذا ترفع أصبعك كأنك جهمي لقطعوا أصبعك في الحال، يقول هذا مجسم، هذا مجسم متنقص للرب وهو في كل مكان، ما له جهة معينة، نعم.

 متن: ولا يأمر ولا ينهى، ولا تُرفع إليه الأيدي.

شرح: فإذا قيل لماذا الأيدي ترفع إلى السماء؟ الحيوان له صابع يرفع، فقال: هذا من باب هذا عادة من باب العادة، لما تأتي من فوق الرب يرفعها كذلك، هكذا يقولون، نعم.

متن: ولا تعرج الملائكة والروح إليه، ولا يصعد إليه الكلم الطيب، ولا يُرفع إليه العمل الصالح، وأنه ليس داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا عن يمينه.

شرح: هذا المعطلة النفاة والعياذ بالله، الجهمية طائفتان:

  • حلولية .
  • ونفاة.

النفاة ينفون النقيضين لا داخل العالم ولا خارجه، ولا فوقه ولا تحته، ولا مبين له ولا محايث له ولا متصل بأنفسهم، أيش يصير؟!

هذا أشد من العدم، ممتنع، مستحيل، نعم.

متن: وأنه ليس داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا عن يمينه ولا عن يساره ولا خلفه ولا أمامه ولا متصلًا به ولا منفصلًا عنه ولا محايثًا له ولا مباينًا.

شرح: المحايث هو المداخل، نعم.

متن: ولا هو مستوٍ على عرشه ولا هو فوق عباده، وحظ العرش منه حظ الحشوش والأخلية ولا تنـزل الملائكة من عنده بل لا ينـزل من عنده شيء ولا يصعد إليه شيء ولا يقرب منه شيء، ولا يحِب ولا يحَب، ولا يلتذ المؤمنون بالنظر إلى وجهه الكريم في دار الثواب، بل ليس له وجه يُرى ولا له يد يقبض بها السموات وأخرى يقبض بها الأرض، ولا فعل يقوم به.

شرح: هكذا يقول المعطلة، نسأل الله العافية، نعم.

متن: ولا حكمة تقوم به، ولا كلم موسى تكليمًا، ولا تجلى للجبل فجعله دكًا هشيمًا، ولا يجيء يوم القيامة لفصل القضاء، ولا ينـزل كل ليلة إلى سماء الدنيا فيقول لا أسأل عن عبادي غيري، ولا يفرح بتوبة عبده إذا تاب إليه ويجوز في حكمته تعذيب أنبيائه ورسله وملائكته وأهل طاعته أجمعين.

شرح: هذا قول الجبرية، يجوز يستحق أن يُعذِّب الأنبياء والرسل ويُحمِّلهم أوزار الفُجَّار، ولا يكون هذا ظلم، لأنه يتصرف في ملكه، هذا قول الجبرية الفاسد كما سبق، نعم.

متن: ويجوز في حكمته تعذيب أنبيائه ورسله وملائكته وأهل طاعته أجمعين من أهل السموات والأرضين، وتنعيم أعدائه من الكفار به والمحاربين له والمكذبين له ولرسله.

شرح: لأنهم ينكرون الحكمة، ما في حكمة عندهم، نعوذ بالله نعم.

متن: والكل بالنسبة إليه سواءٌ ولا فرق البتة إلا أنه أخبر أنه لا يفعل ذلك، فامتنع للخبر بأنه لا يفعله، لا لأنه في نفسه مناف لحكمته.

شرح: مجرد المشيئة وما فيه عندنا إلا المشيئة، المشيئة الإلهية تخلط خلط عشواء تُفرِّق بين المتماثلات وتجمع بين المختلفات، ولا فيه حكمة، نعوذ بالله، نسأل الله العافية، نعم.

متن: ومع ذلك فرضاه عين غضبه وغضبه عين رضاه ومحبته كراهته وكراهته محبته.

شرح: الصفات واحد، الرضا هي الغضب والمحبة هي البغض عندهم، نعم.

متن: إن هو إلا إرادة محضة ومشيئة صرفة يشاء بها لا لحكمة ولا لغاية ولا لأجل مصلحة، ومع ذلك يعذِّب عباده على ما لم يعملوه ولا قدرة لهم عليه، بل يعذبهم على نفس فعله الذي فعله هو ونسبه إليهم، ويعذبهم إذا لم يفعلوا فعله ويلومهم عليه، ويجوز في حكمته أن يعذب رجالًا إذا لم يكونوا نساءً ونساءً حيث لم يكونوا رجالًا وطوالًا إذ لم يكونوا قصارًا وبالعكس وسودًا إذ لم يكونوا بيضًا وبالعكس، بل تعذيبه لهم على مخالفته هو من هذا الجنس إذ لا قدرة لهم البتة على فعل ما أُمروا به ولا ترك ما نهوا عنه.

شرح: لأنهم مجبورين، كل الناس على الجبر، نعم.

متن: ولا ترك ما نهوا عنه، فله الحمد والمنة والثناء الحسن الجميل إذ لم يجعلنا عبيدًا لمن هذا شأنه فنكون مضيعين، ليس لنا رب نقصده، ولا صمد نتوجه إليه ونعبده، ولا إله نعوِّل عليه، ولا رب نرجع إليه بل قلوبنا تنادي في طرق الحيرة: من دلنا وجمع علينا ربًا ضائعًا لا هو داخل العالم ولا خارجه، ولا مباين له ولا محايث له، ولا متصل به ولا منفصل عنه.

شرح: كما يقول هؤلاء، نسأل الله العافية.

 متن: ولا نـزل من عنده شيء ولا يصعد إليه شيء، ولا كلَّمَ أحدًا ولا يكلمه أحد، ولا ينبغي لأحدٍ أن يذكر صفاته ولا يعرفه بها، بل يهجرها بلسانه فلا يتكلم بها وبقلبه فلا يعقلها وينبغي له أن يعاقب بالقتل أو الضرب والحبس من ذكرها أو أخبر عنه بها أو أثبتها له أو نسبها إليه.

شرح: هكذا يقول، الصفات أيش، لا أذكر صفاته.

متن: ولا ينبغي لأحدٍ أن يذكر صفاته ولا يعرفه بها.

شرح: ولا يعرفه بها، يعني ما يعرف ربه بالصفات، نعم.

 متن: ولا ينبغي لأحدٍ أن يذكر صفاته ولا يعرفه بها، بل يهجرها (بلسانه) فلا يتكلم بها.

شرح: بل يهجرها، ما في (بلسانه) ضعها بين قوسين، بل يهجرها، ما في (بلسانه) فلا يتكلم بها، كيف يهجرها بلسانه؟ هذا زائدة الكلام اللي صار هذا بين قوسين لعلها زائدة، بل يهجرها فلا يتكلم بها، كلمة (بلسانه) خليها بين قوسين، بل يهجرها واقرأ ما قبلها وما بعدها تستقيم العبارة، بل يهجرها فلا يتكلم بها، نعم.

متن: ولا ينبغي لأحدٍ أن يذكر صفاته ولا يعرفه بها، بل يهجرها فلا يتكلم بها وبقلبه فلا يعقلها وينبغي له أن يعاقب بالقتل.

شرح: يمكن بلسانه تأتي هنا، فلا يتكلم بها بلسانه، تأتي هنا، تقديم وتأخير، بل يهجرها فلا يتكلم بها بلسانه، ويهجرها بقلبه، استقامت العبارة، فيه التقديم والتأخير.

القارئ : يعني نقول: بل يهجرها بقلبه فلا يتكلم بها؟

الشيخ: بل يهجرها فلا يتكلم بها بلسانه، تأتي هنا ويهجرها بقلبه، بل يهجرها فلا يذكرها بلسانه، هذا الهجر، فلا يتكلم بها بلسانه، استقامت العبارة، يعني يهجرها ولا يتكلم باللسان ويهجرها بقلبه.

القارئ : عندي بل يهجرها بلسانه فلا يتكلم بها، وبقلبه فلا يعقلها.

الشيخ: النسخة الثانية فيها يذكرها؟

القارئ: هم ما عندهم يهجرها.

الشيخ: التقدير: فلا يذكرها بلسانه.

المقصود: هجرها باللسان وبالقلب، هذا المقصود، نعم.

اتركها كما كانت وتكتب في الحاشية لعل العبارة كذا.

متن: فلا ينبغي لأحدٍ أن يذكر صفاته ولا يعرفه بها، بل يهجرها بلسانه فلا يتكلم بها وبقلبه فلا يعقلها وينبغي له أن يُعاقَب.

شرح: يُعاقِب أو يُعاقَب نعم يصلح.

متن: فينبغي له أن يُعاقَب بالقتل أو الضرب والحبس من ذكرها أو أخبر عنه بها أو أثبتها له أو نسبها إليه أو عرفه بها.

شرح: عَرَفَهُ بها، وتصلح: عَرَّفَهُ بها.

متن: بل التوحيد الصرف جحدها وتعطيله عنها.

شرح: هذا عند المعطلة هذا التوحيد الصرف الخالص للمعطلة جحد أسماء الله وصفاته، معنى الصرف: الخالص يعني، هذا هو التوحيد الخالص عند المعطلة.

متن: بل التوحيد الصرف جحدها وتعطيله عنها ونفي قيامها به واتصافه بها، وما لم تدركه عقولنا من ذلك فالواجب نفيه وجحده وتكفير من أثبته واستحلال دمه وماله أو تبديعه وتضليله وتفسيقه، وكلما كان النفي أبلغ كان التوحيد أتم، فليس كذا وليس كذا أبلغُ في التوحيد من قولنا هو كذا وهو كذا.

فلله (العظيم) أعظم حمد وأتمه وأكمله على ما منَّ به من معرفته وتوحيده والإقرار بصفاته العلا وأسمائه الحسنى، وإقرار قلوبنا بأنه الله الذي لا إله هو عالم الغيب والشهادة رب العالمين قيوم السموات والأرضين إله الأولين والآخرين ولا يزال موصوفًا بصفات الجلال، منعوتًا بنعوت الكمال، منـزهًا عن أضدادها من النقائص والتشبيه والمثال. فهو الحي القيوم الذي لكمال حياته وقيوميته لا تأخذه سِنة ولا نوم. مالك السموات والأرض الذي لكمال ملكه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه. العالم بكل شيء الذي لكمال علمه يعلم ما بين أيدي الخلائق وما خلفها فلا تسقط ورقة إلا بعلمه، ولا تتحرك ذرة إلا بإذنه، يعلم دبيب الخواطر في القلوب حيث لا يطَّلع عليها الـمَلَك.

شرح: صحيح دبيب الخواطر في القلوب ما يطلع عليه الـمَلَك والله تعالى يعلمه دبيب الخواطر، لكن النية الله تعالى جعل للمَلك علامة يعرفها بها النية فيكتبها، يكتب القول والعمل والنية، لكن دبيب الخواطر ما صارت نية هي خواطر، هذه لا يعلمها إلا الله دبيب الخواطر، نعم.

متن: يعلم دبيب الخواطر في القلوب حيث لا يطلع عليها الـمَلَك.

شرح: النية الآن تعدت الخواطر تجاوزت الخواطر فصارت نية، فصار ينوي، فجعل الله للمَلَك علامة يعرف بها النية فيكتبها، لكن  قبل ذلك قبل النية لما كانت دبيب في الخواطر لا يعلمها إلا الله، نعم.

متن: يعلم دبيب الخواطر في القلوب حيث لا يطلع عليها الملك ويعلم ما سيكون فيها حيث لا يطلع عليه القلب.

البصير: الذي لكمال بصره يرى تفاصيل خلق الذرة الصغيرة وأعضائها ولحمها ودمها ومخها وعروقها، ويرى دبيبها على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، ويرى ما تحت الأرضين السبع كما يرى ما فوق السموات السبع.

السميع: الذي قد استوى في سمعه سر القول وجهره، وسع سمعه الأصوات فلا تختلف عليه أصوات الخلق ولا تشتبه عليه ولا يشغله منها سمع عن سمع ولا تغلطه المسائل ولا يبرمه كثرة سؤال السائلين، قالت عائشة: الحمد لله الذي وسع سمعه  الأصوات، لقد جاءت المجادلة تشكو إلى رسول الله وإني ليخفى عليَّ بعض كلامها، فأنزل الله عز وجل: {قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إلى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوَرَكُمَا إنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}.

القدير: الذي لكمال قدرته يهدي من يشاء ويضل من يشاء ويجعل المؤمن مؤمنًا والكافر كافرًا والبر برًا والفاجر فاجرًا، وهو الذي جعل إبراهيم وآله أئمة يدعون إليه ويهدون بأمره، وجعل فرعون وقومه أئمة يدعون إلى النار.

شرح: النار لها أئمة والجنة لها أئمة، فإبراهيم ومحمد إمامان من أئمة الهدى وأئمة أهل الجنة، وفرعون واتباعه من ائمة أهل النار، نعوذ بالله {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إلى النَّار}.

سؤال من أحد الحضور: مكتوب: يرى دبيب النملة السوداء ويسمع دبيب النملة السوداء.

الشيخ: يرى النملة السوداء ويسمع دبيبها، الدبيب له السمع، والرؤية لها، لها وسوادها.

القارئ: ويرى دبيبها على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء.

الشيخ: ويراها على الصخرة الصماء هذا يناسب الرؤية، يرى النملة السوداء على الصخرة الصماء هذه الرؤية، وأما الدبيب له السمع، على كل حال المعنى معروف يمكن فيه اختلاف، نرجع للمخطوطة يتبين هذا، نعم.

متن: ولكمال قدرته لا يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء سبحانه أن يُعلمه إياه. ولكمال قدرته خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسه من لغوب ولا يعجزه أحد من خلقه، ولا يفوته، بل هو في قبضته أين كان، فإن فر منه فإنما يطوي المراحل في يديه كما قيل:

وكيف يفر المرءُ عنك بذنبه

 

إذا كان يطوي في يديك المراحلَ

 

ولكمال غناه استحال إضافة الولد والصاحبة والشريك والظهير والشفيع بدون إذنه إليه، ولكمال عظمته وعلوه وسع كرسيه السموات والأرض، ولم تسعه أرضه ولا سماواته ولم تحط به مخلوقاته، بل هو العالي على كل شيء الظاهر فوق كل شيء وهو بكل شيء محيط، لا (تنفد) كلماته ولا تبيد.

شرح: لا تنفد يعني لا تنتهي، { قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}.

أحد الحاضرين: العبارة: لا تنفد كلماته ولا تبدل.

الشيخ: شو عندك؟

القارئ : ولا تبيد.

الشيح: يصلح ولا تبيد ولا تنتهي، ولكن التأسيس أحسن، لأن الجملة المؤسسة أفضل من الجملة المؤكدة، نعم.

متن: ولا تنفد كلماته ولا تبدل، بل لو أن البحر يمده من بعده سبعة أبحر مدادًا وأشجار الأرض أقلامًا، فكتب بذلك المداد وبتلك الأقلام، لنفد المداد وفنيت الأقلام، ولم تنفد كلماته إذ هي غير مخلوقة، ويستحيل أن يفنى غير المخلوق بالمخلوق.

شرح: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} المعنى تنفد المداد وتتكسر الأقلام ولم ينتهي كلام الله، نعم.

متن: إذ هي غير مخلوقة، ويستحيل أن يفنى غير المخلوق بالمخلوق.

الشرح: نعم كلمات الله غير مخلوقة، فلا تفنى، والمداد والأشجار مخلوقة تفنى، وكلام الله غير مخلوق فلا يفنى، نعم.

متن: ولو كان كلامه مخلوقًا –كما قاله من لم يُقدِّره حق قدره، ولا أثنى عليه بما هو أهله-.

شرح: كما يقول المعتزلة، نعم.

متن: لكان أحق بالفناء من هذا المداد وهذه الأقلام، لأنه إذا كان مخلوقاً فهو نوع من أنواع مخلوقاته، ولا يحتمل المخلوق إفناء هذا المداد وهذه الأقلام وهو باق غير فان، وهو سبحانه يحب رسله وعباده المؤمنين ويحبونه.

الشيخ: عندك موقف هنا؟

القارئ: نقف على هذه يا شيخ؟ وهو سبحانه يحب رسله وعباده المؤمنين.

الشيخ : وفق الله الجميع.

 

 

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد