شعار الموقع

39- شرح كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين

00:00
00:00
تحميل
17

مدة المحاضرة: 19:00

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "طريق الهجرتين وباب السعادتين":

متن: وقد نبه سبحانه على شمول حمده لخلقه وأمره بأن حمد نفسه في أول الخلق وآخره وعند الأمر والشرع وحمد نفسه على ربوبيته للعالمين، وحمد نفسه على تفرده بالإِلهية وعلى حياته، وحمد نفسه على امتناع اتصافه بما لا يليق بكماله من اتخاذ الولد والشريك وموالاة أحدٍ من خلقه لحاجته إليه، وحمد نفسه على علوه وكبريائه، وحمد نفسه في الأُولى والآخِرة، وأخبر عن سريان حمده في العالم العلوي والسفلي، ونبه على هذا كله في كتابه وحمد نفسه عليه، فنوع حمده وأسباب حمده، وجمعها تارة وفرَّقها أخرى ليتعرَّف إلى عباده ويُعرِّفهم كيف يحمدونه وكيف يثنون عليه، وليتحبب إليهم بذلك ويحبهم إذا عرفوه وأحبوه وحمدوه.

قال تعالى: {الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، وقال: {الْحَمْدُ للهِ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}.       وقال تعالى: {الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ عِوَجاً قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ}. وقال: {الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِير}. وقال تعالى:{الْحَمْدُ للهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أجْنَحَةٍ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. وقال: {وَهُوَ اللهُ لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإلَيْهِ تُرْجَعُونَ}. وقال: {هُوَ الْحَيُّ لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخلْصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. وقال: {فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَعَشِيَّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ}.

وأخبر عن حمد خلقه له بعد فصله بينهم والحكم لأهل طاعته بثوابه وكرامته والحكم لأهل معصيته بعقابه وإهانته: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيْلَ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. وأخبر عن حمد أهل الجنة له وأنهم لم يدخلوها إلا بحمده، كما أن أهل النار لم يدخلوها إلا بحمده، فقال عن أهل الجنة: {الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاَ أنْ هَدَانَا اللهُ}. و{دَعْوَاهُمْ فِيْهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيْهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. وقال عن أهل النار: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أنَّ الْحَقَّ للهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}. وقال: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأصْحَابِ السَّعِيرِ}. وشهدوا على أنفسهم بالكفر والظلم وعلموا أنهم كانوا كاذبين في الدنيا مكذبين بآيات ربهم مشركين به جاحدين لإلهيته مفترين عليه، وهذا اعتراف منهم بعدله فيهم.

شرح:  {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لأصْحَابِ السَّعِيرِ} اعترفوا بعدل الله، واعترفوا بحمد الله وأنه سبحانه وتعالى عادل.

متن: وأخذهم ببعض حقه وأنه غير ظالم لهم.

شرح: الله –سبحانه وتعالى- أخذهم ببعض حقه، ولو عاملهم لكانت العقوبة أشد.

متن: وأنه غير ظالم لهم وأنهم إنما دخلوا النار بعدله وحمده وإنما عوقبوا بأفعالهم وبما كانوا قادرين على فعله وتركه، لا كما تقول الجبرية، وتفصيل هذه الحكمة مما لا سبيل للعقول البشرية إلى الإحاطة به ولا إلى التعبير عنه، ولكن بالجملة فكل صفة عُليا واسم حسنٍ وثناءٍ جميل وكل حمد ومدح وتسبيح وتنـزيه وتقديس وجلال وإكرام فهو لله -عز وجل- على أكمل الوجوه وأتمها وأدومها، وجميع ما يُوصف به ويُذكر به ويُخبر عنه به فهو محامد له وثناءٌ وتسبيح وتقديس، فسبحانه وبحمده لا يحصى أحد من خلقه ثناءً عليه بل هو كما أثنى على نفسه وفوق ما يثني به عليه خلقه، فله الحمد أولًا وآخرًا حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما ينبغي لكرم وجهه وعِز جلاله ورفيع مجده وعلو جده.

شرح: {لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}.

متن: فهذا تنبيه على أحد نوعي حمده، وهو حمد الصفات والأسماء.

والنوع الثاني: حمد النعم والآلاء، وهذا مشهود للخليقة برِّها وفاجرها.

شرح: حمد على الصفات والأسماء، وحمد على النعم والآلاء، الآلاء هي النعم، الآلاء هي نعمه على عباده وهم يتقلبون في نعمه منذ خلقهم من العدم إلى ما لا نهاية هم يتقلبون في نعم الله.

متن: والنوع الثاني: حمد النعم والآلاء، وهذا مشهود للخليقة برِّها وفاجرها مؤمنها وكافرها، من جزيل مواهبه وسعة عطاياه وكريم أياديه وجميل صنائعه وحسن معاملته لعباده وسعة رحمته بهم، وبره ولطفه وحنانه وإجابته لدعوات المضطرين وكشف كربات المكروبين وإغاثة الملهوفين ورحمة للعالمين وابتدائه بالنعم قبل السؤال ومن غير استحقاق بل ابتداءً منه بمجرد فضله وكرمه وإحسانه ودفع المحن والبلايا بعد انعقاد أسبابها وصرفها بعد وقوعها، ولطفه تعالى في ذلك بإيصاله إلى من أراده بأحسن الألطاف، وتبليغه من ذلك إلى ما لا تبلغه الآمال، وهدايته خاصته وعباده إلى سُبِل السلام، ومدافعته عنهم أحسن الدفاع وحمايتهم عن مراتع الآثام، وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم وكرَّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان، وجعلهم من الراشدين وكتب في قلوبهم الإيمان، وأيدهم بروح منه وسماهم المسلمين قبل أن يخلقهم، وذكرهم قبل أن يذكروه وأعطاهم قبل أن يسألوه وتحبب إليهم بنعمه مع غناه عنه، وتبغضهم إليه بالمعاصي وفقرهم إليه، ومع هذا كله فاتخذ لهم دارًا وأعد لهم فيها من كل ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، وملأها من جميع الخيرات وأودعها من النعيم والحَبرة والسرور والبهجة ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ثم أرسل إليهم الرسل يدعونهم إليها، ثم يسَّر لهم الأسباب التي توصلهم إليها وأعانهم عليها، ورضي منهم باليسير في هذه المدة القصيرة جدًا بالإضافة إلى بقاء دار النعيم، وضمن لهم إن أحسنوا أن يثيبهم بالحسنة عشرًا وإن أساؤوا واستغفروه أن يغفر لهم، ووعدهم أن يمحو ما جَنَوه من السيئات بما يفعلونه بعدها من الحسنات، وذكرهم بآلائه وتعرف إليهم بأسمائه، وأمرهم بما أمرهم به  رحمة منه بهم وإحسانًا لا حاجة منه إليهم، ونهاهم عما نهاهم عنه حماية وصيانة لهم لا بخلًا منه عليهم وخاطبهم بألطف الخطاب وأحلاه ونصحهم بأحسن النصائح ووصَّاهم بأكمل الوصايا وأمرهم بأشرف الخصال ونهاهم عن أقبح الأقوال والأعمال، وصرَّف لهم الآيات وضرب لهم الأمثال ووسع لهم طرق العلم به ومعرفته وفتح لهم أبواب الهداية وعرفهم الأسباب التي تدنيهم من رضاه وتبعدهم (من) غضبه، ويخاطبهم بألطف الخطاب ويسميهم بأحسن أسمائهم كقوله: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، وقوله:{وَتُوبُوا إلَى اللهِ جَمِيعًا أيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ}، وقوله:{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلَى أنْفُسِهِمْ}،{قُلْ لِعِبَادِي}، فيخاطبهم بخطاب الوداد والمحبة والتلطف كقوله: {يَا أيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاءً وَأنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فأخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا للهِ أنْدَادًا وَأنْتُمْ تَعْلَمُون}. وقوله: {يَا أيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ فَأنَّى تُؤْفَكُونَ}. وقوله:{يَا أيُّهَا النَّاسُ إنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ}. وقوله: {يَا أيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ}. وقوله:{يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إلاَّ وَأنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إذْ كُنْتُمْ أعْدَاءً فَألَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}. وقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ}.

شرح: هذه أوامر ونواهي كلها أمور محدثة، يعني يحمدوه ويشكروه سبحانه وتعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.

متن: وقوله:{يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُو ا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإيَّاكُمْ أنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ إنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأنَا أعْلَمُ بِمَا أخْفَيْتُمْ وَمَا أعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}. وقوله:{يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَللرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْييكُمْ وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأنَّهُ إلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَاذْكُرُوا إذْ أنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأرْضِ تَخَافُونَ أنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. وقوله:{ يَا أيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لاَ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}. وقوله:{وَإذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إلاَّ إبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أمْرِ رَبِّهِ أفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ للظَّالِمِينَ بَدَلاً}.

فتحت هذا الخطاب: إنِّي عاديت إبليس وطردته من سمائي وباعدته من قربي إذ لم يسجد لأبيكم آدم، ثم أنتم يا بنيه توالونه وذريته من دوني وهم أعداءٌ لكم.

شرح: كيف يعني يكون هذا! الله -تعالى- طرده وأبا أن يسجد لآدم، ثم هم يوالون هذا العدو.

متن: فليتأمل اللبيب مواقع هذا الخطاب وشدة لصوقه بالقلوب والتباسه بالأرواح وأكثر القرآن جاء على هذا النمط من خطابه لعباده بالتودد والتحنن واللطف والنصيحة البالغة، وأعَلَم عباده سبحانه أنه لا يرضى لهم إلا أكرم الوسائل وأفضل المنازل وأجل العلوم والمعارف، قال تعالى: {إنْ تَكْفُرُوا فَإنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}. وقال تعالى: {الْيَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلاَمَ دِينًا}. وقال: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}.  وقال: {يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَالله يُرِيدُ أنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا يُرِيدُ الله أنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفًا}.

قف على هذا وفقك الله.

logo
2025 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد