الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا ارحم الراحمين
قال الإمام أبو محمد عبدالله بن علي بن الجارود النيسابوري رحمه الله تعالى في كتابه المنتقى من السنن المسندة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
بَابُ فَرْضِ الْوُضُوءِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 6] الْآيَةَ
الشيخ / هذه الآية فرض فيها الله الوضوء ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑﱒ
ففيها أن الله فرض الوضوء في الأعضاء الأربع استعمال الماء في الأعضاء الأربع اغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برءوسكم وأرجلكم فيه دليل على أن الماء يستعمل في الأعضاء الأربعة وهي الوجه واليدين والرأس والرجلين ثلاثة يغسلون وواحد يمسح الوجوه والأيدي والأرجل تغسل والرأس تمسح وفيه دليل على وجوب الترتيب بين هذه الأعضاء لما قدم بعضها على بعض ومسح لأنه أدخل الممسوح بين المغسولات فدل عليه وفيه أيضا فرضية التتابع وقد دلت عليه السنة لما رأى رجلا في يده لمعة فأمره بالإعادة هذه فروض الوضوء غسل الوجه واليدين ومسح الرأس وغسل الرجلين والترتيب والموالاة هذه فروض كما ذكر في كتابه نعم
الطالب / قال الدليل على أن هذا على بعض القائمين دون بعض
1- مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ، ح وَثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الْفَتْحِ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَصَلَّى الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ فَعَلْتَ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ قَالَ: «إِنِّي عَمْدًا فَعَلْتُهُ يَا عُمَرُ» الْحَدِيثُ لِإِسْحَاقَ وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ هَاشِمٍ: وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ
الشيخ / وهذا دليل على أن النبي صلى خمس صلوات بوضوء واحد وفي قول آخر صلى ست صلوات استدل به المؤلف على أن قوله إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ليس لجميع الناس بل لبعض الناس المحدثين كأنه قال إذا قمتم محدثين فاغسلوا وجوهكم أما غير المحدث فلا يجب عليه أن يغسل يديه ورجليه وليصل بالوضوء السابق بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات الخمس يوم فتح مكة بوضوء واحد وفيه أنه صلى ست صلوات ولهذا بوب قال الدليل على أن هذا الأمر على البعض دون البعض الأمر إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم على البعض وهم المحدثين دون المتوضئين الذين كانوا على وضوئهم السابق كأنه قال ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة محدثين فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وأما إذا قاموا إلى الصلاة وهم متوضئون فلا يلزمهم ذلك بدليل أن النبي صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد نعم
باب الوضوء من الريح
2- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ»
الشيخ / تخريجه
الطالب / قال الترمذي وابن ماجة والإمام أحمد والبيهقي قال الألباني في الإرواء له شاهد من حديث السائب بن الخباب
الشيخ / الحديث السابق ؟
الطالب / الحديث عند الإمام مسلم وأبي داود وابن ماجة والدارمي والبيهقي
الشيخ / نعم الوضوء من الريح لابد منه ويدل على ذلك ما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ رواه أبوهريرة فقيل لأبي هريرة ما الحدث قال فساء أو ضراط يعني أراد يمثل تدل على وجوب الوضوء من الريح سواء كان له صوت وهو الضراط أو بدون صوت وهو الفساء وفسره أبوهريرة بالريح تدل على أن الغائط والبول من باب أولى لكن هذا مثال إذا كان من الريح فالأشد أولى
3- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ شَيْئًا فَلَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَجِدَ رِيحًا أَوْ يَسْمَعَ صَوْتًا»
الشيخ / نعم يجد شيئا يعني في بطنه إذا أشكل عليه فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا المعنى حتى يتحقق يتيقن الحدث لأنه أصله الطهارة وهنا وضع العلما قاعدة وهو البناء على اليقين وطرح الشك المعنى أنه يبني على اليقين فلا يخرج بالشك إذا توضأ يقينا فلا يخرج بالشك ولا يخرج حتى يسمع صوتا يعني حتى يتيقن يتيقن مثل خروج شيء من البول على ذكره
الطالب / أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي والبيهقي والدارمي
باب الوضوء من الغائط والبول والنوم
4- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: أَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: أَتَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ الْمُرَادِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَرًا أَوْ مُسَافِرِينَ أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إلِاَّ مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَا نَنْزِعَ مِنْ غَائِطٍ، وَلَا بَوْلٍ، وَلَا نَوْمٍ»
الشيخ / وهذا من حديث البلوغ فيه دليل على الوضوء من الغائط والبول والنوم وفيه دليل أنه يمسح على الخفين وأنه لا ينزعهما إلا من جنابة الجنابة لابد من نزع الخفين لأن الجنابة لابد فيها من تعميم البدن أما الغائط والبول والنوم فإنه يمسح على الخفين إذا لبسهما على طهارة ماذا قال تخريجه
الطالب / أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح وابن ماجة والإمام أحمد والنسائي والبيهقي وقال الألباني في إرواء الغليل صحيح
الشيخ / وهو حديث صحيح من رواية صفوان بن عسال أمرنا ألا ننزع خفافنا إذا كنا سفرا ثلاثة أيام بلياليهن ولا ننزعهن من غائط ولا بول ولا نوم يعني لاتنزع يمسح عليهن
الطالب / اختلف العلماء في النوم هل ينقض الوضوء على ثمانية اقوال الأول أن النوم ناقض مطلقا على كل حال لحديث صفوان بن عسال الوارد في الباب الثاني أنه لاينقض مطلقا قال النووي وهو مذهب الحسن البصري والمزني والقاسم بن سلام بن عبيد وإسحاق بن راهويه وهو قول غريب للشافعي قال ابن المنذر وبه أقول الثالث أن كثير النوم ينقض بكل حال وقليله لا ينقض بكل حال قال النووي وهذا مذهب الزهري وربيعة والأوزاعي ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه واستدلوا بحديث أنس كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رءوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون رواه مسلم الرابع إذا نام على هيئة ن هيئات المصلي كالراكع والساجد والقائم والقاعد لا ينتقض وضوؤه سواء كان في الصلاة أم لم يكن وإن نام مضطجعا أو مستلقيا على قفاه انتقض قال النووي وهذا مذهب أبي حنيفة وداود وهو قول للشافعي غريب الخامس أنه إذا نام على هيئة من هيئات المصلي كالراكع والساجد لا ينقض قال النووي وروي مثل هذا عن أحمد ولعل وجهه أن هيئة الركوع والسجود مظنة للانتقاض السادس أنه لاينقض إلا نوم الساجد قال النووي يروى أيضا عن أحمد ولعل وجهه أن مظنة الانتقاض في السجود أشد منها في الركوع السابع أنه لاينقض النوم في الصلاة بكل حال وينقض خارج الصلاة وينسب هذا إلى زيد بن علي و أبي حنيفة الثامن أنه إذا نام جالسا ممكنا مقعدته من الأرض لم ينقض سواء قل أو كثر وسواء في الصلاة أو خارجها قال النووي وهذا مذهب الشافعي وعنده أن النوم ليس حدثا في نفسه وإنما هو دليل على خروج الريح قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار وهذا أقرب المذاهب عندي وبه يجمع بين الأدلة
الشيخ / هذا غريب ماذا ؟ مثل ما سبق العبرة بإدراك الإحساس إذا كان معه يزول الإحساس سواء نومه مستغرق هذا هو الدليل أما إذا كان نعاس وخفقان فلا بدليل فعل الصحابة كانوا ينتظرون صلاة العشاء تخفق رءوسهم ينامون فيصلون ولا يتوضئون ينامون يعني ينعسون
الطالب / أقول أحسن الله إليك قوله الأخير وعنده أن النوم ليس حدثا في نفسه وإنما هو دليل على خروج الريح
الشيخ / الدليل مظنة ولكن يأخذ حكمه مثل السفر مظنة للمشقة ومع ذلك فالسفر هو الآن يجوز للإنسان يجمع ويقصر ولو ما حصل له مشقة فهو مظنة خروج الحدث لكن له حكمه يأخذ حكم الحدث ولهذا في حديث صفوان ولكن ما غلبهم النوم
باب الوضوء من المذي
5- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يَدْنُو مِنْ أَهْلِهِ فَيُمْذِي؟ فَقَالَ: «إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ» قَالَ يَعْنِي يَغْسِلُهُ وَيَتَوَضَّأُ
6- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ الْمَرْوَزِيُّ، بِبَغْدَادَ ثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ ابْنَتَهُ كَانَتْ عِنْدِي فَأَمَرْتُ رَجُلًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ: «مِنْهُ الْوُضُوءُ»
7- حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ حَرَامِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَأَمَّا الْمَاءُ بَعْدَ الْمَاءِ فهُوَ الْمَذْي، وَكُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي فَتَغْسِلُ مِنْ ذَلِكَ فَرْجَكَ وَأُنْثَيَيْكَ وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ»
الشيخ / وهذا فيه دليل على وجوب الوضوء من المذي المذي هو الذي يخرج على راس الذكر عند الملاعبة واشتداد الشهوة هذا ينقض الوضوء ويوجب غسل الذكر والأنثيين الخصيتين يعني الحكمة والله أعلم حتى يتقلص الخارج يغسل ذكره وأنثييه بخلاف البول فإنه يغسل طرف الذكر فقط أما المذي فيغسل الذكر والأنثيين قال اغسل ذكرك وأنثييك وكان الحكمة لعله يتقلص الخارج وهو نجاسة مخففة يكف فيه النضح مثل بول الصبي يكفي فيه النضح ما يحتاج غسل فإنه نجاسة مخففة يوجب الوضوء ولا يوجب الغسل يوجب غسل الذكر والأنثيين تخريجها
الطالب / الحديث الأول إذا وجد أحدكم شيئا من ذلك فلينضح فرجه أخرجه أبوداود والترمذي وابن ماجة والبيهقي ذكره الإمام مالك في الموطأ وقال ابن عبدالبر هذا الإسناد ليس بمتصل سليمان بن يسار لم يسمع من المقداد ولا من علي وأخرجه مسلم عن ابن عباس في كتاب الحيض
الشيخ / لكنه صحيح رواية ابن عباس في الصحيح
الطالب / الحديث الثاني منه الوضوء أخرجه البخاري والنسائي والحديث الثالث الماء بعد الماء أخرجه أبو داود والإمام أحمد والبيهقي