شعار الموقع

كتاب التوحيد 18 من باب ما جاء في المصورين إلى باب ما جاء في الإقسام على الله

00:00
00:00
تحميل
146

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 قال الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ورفع درجاته في عليين في كتاب التوحيد :

( متن )

باب: ما جاء في المصورين
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة. أخرجاه.
ولهما عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله ﷺ قال: أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله.
ولهما عن ابن عباس رضي الله عنهما: سمعت رسول الله ﷺ يقول: كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم.
ولهما عنه مرفوعاً: من صوَّر صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ.
ولمسلم عن أبي الهياج قال: قال لي علي: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ﷺ؟ ألا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته.

ثم قال رحمه الله:

باب: ما جاء في كثرة الحلف
وقول الله تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة: 89] .
عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب أخرجاه.
وعن سلمان أن رسول الله ﷺ قال: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشيمط زان، وعائل مستكبر، ورجل جعل الله بضاعته، لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه رواه الطبراني بسند صحيح.
وفي "الصحيح" عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله ﷺ: خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه مرتين أو ثلاثاً؟ ثم إن بعدكم قوماً يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن.
وفيه عن ابن مسعود أن النبي ﷺ قال: خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته.
قال إبراهيم: كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار.

( شرح )

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبد الله و رسوله سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم.

قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: باب: ما جاء في المصورين
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة. أخرجاه.
ولهما عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله ﷺ قال: أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله.
ولهما عن ابن عباس رضي الله عنهما: سمعت رسول الله ﷺ يقول: كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم.
ولهما عنه مرفوعاً: من صوَّر صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ.
ولمسلم عن أبي الهياج قال: قال لي علي: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ﷺ؟ ألا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته.

هذا الباب قصد فيه المؤلف رحمه الله بيان ما جاء في المصورين من الوعيد الشديد  لِعظِيم عقوبة الله وعذابه لما فيه من المضاهاة بخلق الله و وسيلة إلى الشرك ، فإذا كان هذا للمصور فكيف لمن  سوّى غير الله بالله من المخلوقين  وأشركه مع الله وصَرَف إليه نوعا من أنواع العبادة سيكون أعظم وأعظم  إذا كان الوعيد للمصورين التي هي وسيلة للشرك ؛ فالوعيد في المُشرك أشد و أعظم ، هذا الوعيد والعقوبة الشديدة في المُصور الذي أساء الأدب مع الله وضاهى الله بخلقه, و عمله وسيلته للشرك ، فمن سوى الله بأحدٍ من المخلوقين  و أشرك مع الله و  صرف شيئا من أنواع العبادة كان ذنبه أشد و أعظم  ؛ لأنه الذنب الذي لا يُغفَر.

  الحديث الأول حديث أبي هريرة هو حديث قُدسي لأنه قول الله تعالى أضافه النبي ﷺ قال : قال الله تعالى  حديث قُدسي بكلام الله تعالى  وهو من الله معنىً ومن الرسول لفظاً لأن السنة وحي ثان قال الله تعالى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ۝ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى فالسنة وحي من الله إلا أن اللفظ من الرسول و المعنى من الله أما القرآن لفظه ومعناه من الله وكذلك الحديث القدسي لفظه ومعناه من الله كحديث أبي ذر وقال الله تعالى: إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً و من ذلك أيضا قال الرسول ﷺ: قال الله تعالى : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة

ولهما عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله ﷺ قال: أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله. فيه دليل على شدة ذنب العاصي وعٍظَم جُرمُه ، على عٍظَم ذنب المصور وأنه من أظلم الناس .

و في هذا الحديث بيان العٍلة في تحريم الصور وهو مضاهاة خلق الله والتشبه بالله في الخلق المضاهاة بخلق الله و التشبه بالله في الخلق بالتصوير على مثال الحيوان ، ومن العلة أيضاً في التحريم أنه وسيلةٌ للشرك ، كما حصل للأمم السابقة وكما حصل لقوم نوح ،أنهم صوروا صور الصالحين الذي ماتوا في زمن واحد ثم عكفوا على قبورهم ثم عبدوهم كما قال ابن عباس رضي الله عنهما في صحيح البخاري في قوله تعالى وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا هذه أسماء رجال صالحين كانوا في قوم نوح فلما ماتوا حزنوا عليهم فصوروهم ثم نصبوا صورهم فلما طال  عليهم الأمد كبل لهم الشيطان فقال إن آباءكُم صوروا هؤلاء لأنهم كانوا يستسقون بهم المطر فعبدوهم . قال ابن عباس رضي الله عنهما : قال غير واحد من السلف "صوروا تماثيلهم ثم عكفوا عليهم ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم " فالتصوير من وسائل الشرك، وكذلك تصوير النساء و الولدان وسيلة لفاحشة وانتشار الفواحش فتكون العلة في تحريم التصوير لأمور :

الأمر الأول : مضاهاة خلق الله والتشبه بالله في الخلق في التصوير على مثال الحيوان

الأمر الثاني : التصوير وسيلة للشرك و عبادة غير الله .

الأمر الثالث: أن صور النساء والأبدان وسيلة إلى الزنا وانتشار الفواحش  .

و من ذلك صور الرؤساء والملوك لأن الفتنة تكون أشد وأعظم وهي وسيلة لتعظيمهم. 

وفيه أيضا أن المصور يعذب في قوله تعالى فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة. في تعجيز له.

وفي حديث ابن عباس الوعيد للمصور كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم.

وهنا وجوب طمس الصور كما في حديث مسلم عن أبي الهياج و من هذا الحديث يُؤخذ منه أحكام ومسائل ذكرها المصنف رحمه الله منها شدة عذاب المصورين والوعيد الشديد بهم ومنها بيان العلة في التحريم وهي ترك الأدب مع الله ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقي, ومنها بيان قدرة الله وعجزهم ، عند قوله فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة.، ومنها أن المصور أشد الناس عذاباً يوم القيامة ، و منها أن الله يخلق بعدد كل صورة صورها المصور نفسٌ يُعذب بها في جهنم ، ومنها أن المصور يكلّف أن ينفخ الروح وهذا تعجيز له و تعذيب له ، ومنها أمر طمس الصور إذا وجدت فيكون لها أحكام سبعة.

 وقوله في حديث الأسدي ألا تدع صورةً إلا طمستها دليل على تحريم الصور المجسمة وغير المجسمة ، لها ظل أو ليس لها ظل الصورة المجسمة لها ظل و غير المجسمة لا ظل لها فأما الصور المُجسمة التي لها ظل فهذه حرام بإجماع العلماء ليس في خلاف الصور المجسمة التي لها جسم و لها ظل كأن يصور الصورة من خشب أو من طين أو من حجر وغيرها و غيرها من ذوات الأرواح الأحاديث تدل على تحريم صور ذوات من الحيوانات والآدميين والطيور والحشرات والحيتان ، فمن صور صورة لها ظل فهي حرام بإجماع العلماء ، أما إذا صور صورة لا ظل لها ، كالصورة التي تكون في الورق وتكون في القماش وفي الجدران هذه حرام عند جماهير العلماء ومذهب الأئمة الأربعة ، ويدل على ذلك حديث الستر حديث عائشة عندما وضعت سترا فيه صورة لم يدخل النبي ﷺ حتى قُطِع السِتر قطعتان ومنها حديث أبو مسلم هذا والطمس يكون في الصور التي لا ظل لها ، ومنها ما ثبت  في الحديث أن النبي ﷺ عندما فتح مكة  وجد صورا في الكعبة وجعل يمحوها بالماء بالجدران, ومنها أنه في الحديث قال يُكلّف أن يّنفخ فيها الروح وهذا يدل على تحريم الصور التي لها ظل أو ليس لها ظل.

و روي عن بعض التابعين إباحتها و هم محجوجون في الأدلة إباحة الصور التي ليس لها ظل وهم يحتجون بالإجماع.

 ومن المعاصرين من فرَّق بين الصور الشمسية والصور الفوتوغرافية  ، قال إن هذه ليست صورة بعض المعاصرين قال إن الصور الشمسية والفوتوغرافية ليس صورة لأنها عكس وحبس للظل وإنما  الصورة هي الصورة التي يصورها الإنسان و ينقشها ويرسمها بيده ، أما الصورة الفوتوغرافية يضغط الزر ويصور وهذه صورة شمسية, وهذا باطل يرده حديث ألا تدع صورةً إلا طمستها و صورة نكرة في سياق النهي والقاعدة الأصولية تقول إن النكرة في سياق النهي والنفي أو الشرط تعم  كل شيء ألا تدع صورة إلا طمستها والصورة الفوتوغرافية تسمى صورة أو لا تسمى صورة؟ تسمى صورة إذاً داخلة في النهي ، والقاعدة الأصولية تقول إن النكرة في سياق النهي والنفي أو الشرط تعم قاعدة ، وهذه عامة يشملها وقال الشيخ ابن باز رحمه الله رداً على من قال أن الصورة الشمسية حبس وعكس  قال أن هذه مكابرة للواقع هذه مكابرة فالصورة محرمة ولا استثناء إلا ما كان للضرورة قال الله تعالى وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ مثل الصورة التي في الأوراق النقدية لا حيلة للإنسان إلا فيها يعني يرمي النقود في الشارع  لا يمكن والصورة التي في رخصة القيادة وفي جواز السفر أو في الشهادة العلمية ،  أو صور المجرمين وهذه مُستثناة ما دعت الضرورة إليه و ما عدا ذلك فهو ممنوع.

 و ما يفعله بعض الناس يصور صورا لنفسه وأولاده ويضعها في برواز بالبيت وينصبها فهذا محرم للذكرى يقول للذكرى فقوم نوح عندما عبدوا الصور  لما صوروا للذكرى ليتذكروا الصالحين وعبادتهم  فعُبِدوا من دون الله فينبغي للإنسان أن يتجنب الصور ويحاول طمسها من الجرائد والعلب وغيرها وما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، وإذا كانت مغلقة أسهل من كونها مفتوحة ، وأمَّا تصوير غير ما كان من ذوات الأرواح مثل أن نصور نهراً ، شجراً ، بيتاً ليس فيه إنسان أو حيوان أو دابة أو طير أو حوت فهذا فيه خلاف ضعيف لبعض العلماء ، والصواب :أنه جائز الصواب أنه لا بأس من تصوير النباتات و الأشجار  والطيور والخلاف هو ضعيف لا يُعَول عليه ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما "إذا كنت لابد فاعلاً ،فصور الشجر وما لا روح فيه "

قال المؤلف رحمه الله : باب: ما جاء في كثرة الحلف
وقول الله تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة: 89] .
عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب أخرجاه.
وعن سلمان أن رسول الله ﷺ قال: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشيمط زان، وعائل مستكبر، ورجل جعل الله بضاعته، لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه رواه الطبراني بسند صحيح.
وفي "الصحيح" عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله ﷺ: خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه مرتين أو ثلاثاً؟ ثم إن بعدكم قوماً يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن.
وفيه عن ابن مسعود أن النبي ﷺ قال: خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته.
قال إبراهيم: كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار.

هذا الباب وهو باب ما جاء في كثرة الحلف المقصود بهذه الترجمة بيان ما جاء في كثرة الحلف من النهي والوعيد لما فيه من الاستخفاف وعدم التعظيم لله وذلك ينافي كمال التوحيد الواجب أو ينافي كماله بالكُلية و بيان ما جاء في الحلف و النهي عنه لما فيه من الاستخفاف وعدم التعظيم لله و هذا ينافي التوحيد الواجب أو ينافي كماله بالكلية الاستخفاف إما أن ينافي التوحيد بالكلية أو ينافي كماله الواجب .

قول الله تعالى وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ  أمر الله تعالى بحفظ اليمين ، و روي عن السلف في معنى حفظ اليمين ثلاثة أقوال :

القول الأول :وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ  أي لاتحلفوا احفظوا أيمانكم عن الحلف .

القول الثاني : وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ  عن الحنث  أي لا تحنثوا .

القول الثالث : وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ  عن تركها بلا تكفير اليمين المحنوث فيها التي حنث فيها بلا تكفير و هي لازمة لأنه يلزم من كثرة الحلف الحنث و يلزم من الحنث عدم التكفير ، إن أكثر من الحلف حنث وإن حنث قد لا يُكفِر وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ  أي لا تحلفوا فينبغي على الإنسان أن يقلل من اليمين قدر المستطاع و لهذا قال الشاعر يمدح من يقلل من الحلف :

قليل الألايا حافظٌ ليمينه وإن صدرت منه الألية ضرت

قليل الألايا  يعني الحلف  حافظ ليمينه ، إذا صدرت من الأليةُ يعني الحلف ضرتِ تكون مبرورة مكفرٌ عنها .

قليل الألايا حافظٌ ليمينه وإن صدرت منه الألية ضرت

عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب  متفق عليه . هذا الحديث فيه أن الحلف في البيع والشراء منفقة للسلعة أي يروجها  ويدرجها فإذا حلف أنه اشتراها بمائة وهو يشتريها بثمانين هنا أصبح كاذبا وطريقة لتدريجها ليزيد على المشتري وتصبح  مائة ، مائة وعشرين من أجل حلفه ، وإذا حلف أنها سيمت بمائة وهو كاذب هي سيمت بثمانين يغتر المشتري ويزيد ، هنا يدرج السلعة و يلفقها ولكن هذا المال ممحوق البركة بركته ممحوقة لا يبارك الله في هذا البيع وقد يكون هذا الحلف سبباً في ضياع هذا المال وفي تلفه ، وإن الحلف إن كان يدرج السلعة ويمشيها و ينفقها إلا أن  هذا البيع ممحوق البركة الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب 

وعن سلمان أن رسول الله ﷺ قال: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم هذا وعيد شديد من الله دليل على أنه من الكبائر وأن الله لا يكلمهم يعني يوم القيامة وفيه إثبات الكلام لله لا يكلمهم الله فيه إثبات الكلام  و المعنى لا يكلمهم الله كلام الرضا و إنما يكلمهم كلام سخط فيه إثبات صفة الكلام لله و أن الله يتكلم كلاما يليق بجلالته وعظمته ، لأن الكلام صفة الكلام و الكلام قائم لله والله يتكلم متى شاء وكيف شاء وإذا شاء  وكما قال أهل السنة والجماعة إن الكلام صفة  قديمة النوع حادثة الكلام  الكلام قديم لكن أحاديث الكلام حادثة والله يكلم رُسُله يكلم أنبياءه ،يكلم المؤمن في الموقف يكلم المؤمنين في الجنة أفراد الكلام حادثة و نوع الكلام قديم و هو قائم بالله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : إن قلتم يا أهل البدع هل يقوم الكلام بالله : قلنا نعم يقوم الكلام بالله ولكنه لا يلزم ذلك كمن يقول إن الحوادث تكون بالله ويتكلم بمشيئته واختياره, وقد عاب الله العجل في بني إسرائيل الذين عبدوا بأنه لا يتكلم واستدلوا به على أن العجل لا يصلح إلها لأنه لا يتكلم قال أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا العجل اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا فدل على أن عدم رجوع القول نقصاً  يُستدل به على عدم ألوهية العجل ، كيف يكون إلها ولا يستطيع أن يتكلم !!

ولا يزكيهم لا يطهرهم من الذنوب والمعاصي ولهم عذاب أليم وهذا وعيد شديد يدل على أن كل واحد من هؤلاء الثلاث من كبائر الذنوب.

 أُشيمط زان ، أُشيمط الذي شمطه الشيب الشيخ زان وهذا الشيخ ضعفت همته ومع ذلك يقع في الفاحشة وهذا يدل على محبته للفجور وضعف إيمانه ، وقلت ديانته ، الشاب قد يكون عنده داع للزنا و قد يتوب  لكن الشيخ ! يقدم على الزنا وقد ضعفت همته وهذا دليل على حبه للفواحش ، على أن قلبه يحب الفواحش و الجريمة لأنه وقع في الزنا مع ضعف الداعي .

و إنسان عائل مستكبر فقير مستكبر ليس هناك داع للكبر ، صاحب المال صاحب الجاه قد يكون هناك ما يدعوه للكبر ، لكن هذا فقير ومستكبر وهذا يدل على أن الكبر صفة راسخة فيه كامنة في نفسه  يدل على ضعف إيمانه وإلا فكيف تكبر وليس هناك داع يدعو للكبر  أصحاب الأموال وأصحاب الجاه قد يكون هناك داع للكبر ، الكبر محرم  ولا يجوز لا من الفقير و لا من الغني ، والزنا حرام لا يجوز لا من الشيخ ولا من الشاب ؛ لكن الشاب هناك داع يدعوه بخلاف الشيخ  وكذلك صاحب المال والجاه هناك ما يدعوه لكن هذا فقير دلَّ على أن المعصية تعظم مع قلة الداعي .

والثالث : رجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه و لا يبيع إلا بيمينه كأن اليمين هو السلعة من كثرة حلفه يحلف ما بعتها لأحد بأكثر من هذا و الله ما سمته أكثر من هذا وما بعتها لأحد بأكثر من هذا يدرجها بيمين هذا جعل الله بضاعته لا يبيع إلا بيمينه و لا يشتري إلا بيمينه نسأل الله السلامة والعافية ، وهذا يدل على ضعف إيمانه وأنه مستخف باليمين .

وفي "الصحيح" عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله ﷺ: خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم قال عمران : لا أدري ذكر بعد قرنه مرتين أو ثلاثة " المحفوظ أنه ذكر مرتين  فتكون القرون المفضلة ثلاثة ، كما يدل عليه حديث ابن مسعود.

 ثم إن بعدكم قوم يشهدون ولا يُستشهدون هذا فيه ذم الذين يشهدون ولا يُستشهدون ، وهذا يدل على ضعف إيمانهم يشهدون يسارعون إلى الشهادة قبل طلبها و يستثنى من هذا ما إذا كان المشهود له لا يعلم بالشهادة ثم يأتي و يخبره بالشهادة إذا طلبتها و هذا ورد في الحديث السابق خير الشهداء الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها  محمول على ما إذا كان المشهود له لا يعلم بالشهادة ثم جاء و أخبره يا أخي عندي شهادة لك متى ما طلبتها فهي موجودة عندي هذا لا بأس أما أن يشهد يأتي بالشهادة و يبادر إليها قبل أن تُطلب منه يدل على تهاونه بالشهادة.

ويخونون ولا يؤتمنون فيه ذم الذين يخونون و لا يؤتمنون يعني عندهم الخيانة في الأمانة.

وينذرون ولا يوفون يقولون لله عليَّ كذا ثم لا يأتي بنذره.

ويظهر فيهم السِّمِن هذه أوصاف الذين يأتون بعد تلك القرون المفضلة الثلاثة أنهم ضعفاء الإيمان يتساهلون بالشهادة ويستخفون بأمرها ، ويخونون الأمانة ولا يوفون بالنذر ، ويظهر فيهم السِّمن المعنى في قلة رغبتهم بالآخرة ورغبوا في الدنيا وأقبلوا عليها و أقبلوا على مآكِلهم ومشاربهم فركبتهم الشحوم بسبب إقبالهم على الدنيا وملذاتها وشهواتها ، وقد يركب الشحم بعض الناس حتى وإن كان تقياً يكون خِلقة، هذا لا يُذّم قد يكون السمن خلقة لا من أجل إقباله عل الدنيا ويكون الرجل مستقيما و من الصحابة عثمان بن مالك كان رجلاً ضخماً جاء إلى النبي ﷺ وصلى عنده ركعتين راوي الحديث إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله وهذا ليس داخل في هذا لكن على العموم أن الذي أظهر لهم السمن بسبب إقبالهم على الدنيا وشهواتها و ملذاتها وضعف همتهم في الآخرة لذلك ركبتهم الشحوم.

وفيه عن ابن مسعود أن النبي ﷺ قال: خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم هذا فيه أنه لم يذكر النبي ﷺ بعد قرنه إلا قرنين ، دلَّ على أن القرون المفضلة ثلاثة ، ثم يجيء بعدهم قرن يسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته هذا بعد من فضله يأتي هؤلاء القوم هذا وصفهم تسبق شهادته يمينهم و تسبق اليمين الشهادة لضعف إيمانهم وقلة ديانتهم لا يهتمون بالشهادة و لا باليمين يستخفون بأمرها فلا يبالي سواء بالشهادة على اليمين أو اليمين بالشهادة و ليس عندهم تورع.

 قال إبراهيم كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار , قال إبراهيم النخعي وهو من أصحاب ابن مسعود وهو من التابعين ، كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار ،أي التابعين وهذا يدل على كثرة علم التابعين ورغبتهم في الآخرة وقيامهم بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله ، وفيه تمرين الصغار وتعليمهم على الخير ، ولو بالضرب ضرب تأديب وتعليم وليس ضرباً مبّرحا كما قال النبي ﷺ: مروا أطفالكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر ويضرب الطفل في العشر ضرب التأديب والتمرين لا ضرب إيذاء وجرح ولا يكسر عظما ً و لا يجرح و لا يكسر العظم و إنما للتدريب و التمرين كان التابعون يضربون الصغار على الشهادة والعهد من باب التأديب والتمرين فإذا حلف يضربوه ، وإذا شهد زورا ضربوه ، حتى يتأدب ويتمرن عليها منذ الصغر ليصبح هذا خُلقاً له وصار بعد ذلك يتحاشى الشهادة بغير الحق والعهد يتحاشاه في المستقبل لأنه مُرِّن و درب على ذلك .

في هذا الحديث في هذا الباب و هذه النصوص التي ذكرها المؤلف نستنبط منه قواعد و هي الأمر بحفظ الأيمان ومن الفوائد أن الحلف منفقة للسلعة وممحقة للكسب ، ومنها أن المعصية  تعظُم مع قلة الداعي ، الزنا من الشيخ والكِبِر من العائل أعظم من الفقير المعصية تعظم مع قلة الداعي وفيها ذم الذين يشهدون ولا يستشهدون و فيها ذم الذين يحلفون ولا يُستحلفون يتهاونون باليمين ، ومنها فضل القرون الثلاثة على غيرهم ومنها ذم الذين ينذرون ولا يوفون ومنها كون السلف يضربون على الشهادة و العهد وهم صغار فيه فضل علم السلف و قيامهم بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر .

( سؤال )

( 37:05 )

 ( جواب )

 لا يكفي طمسه لا بد من إزالة الرأس كاملا إذا زال الرأس زال النهي يُزال الرأس من الصورة سواء كانت مجسمة يُقطع الرأس إذا كان على ورق يطمس الرأس كاملا لا يبقى منه شيء  لا يكفي إزالة العينين أو وضع خط على الحلق لا يكفي إذا أُزيل الوجه والرأس يكفي ذلك أما كونك تزيل العينين و تضع خطا ما يكفي حتى لو بغرض التعليم لا يجوز تصوير الوجه يُعلمون بغير الصور .

إذا صدمت الفتوى النصوص يضرب بعرض الحائط ، التصوير لا يجوز بكل أنواعه فيديو أو غيرها لكن إذا وجدت الصورة و عرضت هل هي صورة أو ليست صورة هذا مبحث آخر إذا عرضت صورة مثل التي تعرض الآن هذه ليست ثابتة لكن التصوير من الأساس للعرض هذا ممنوع ما تصور من الأساس تصور لتعرض التصوير حرام إلا للضرورة .

المحاضرات يستمعها بدون تصوير, و هذه مسألة أخرى مسألة خروج العلماء هذا فيه كلام كما قال الشيخ رحمه الله يقول بعض العلماء يظهر لأجل أن يقول الفائدة و أن الفائدة أكبر و المصلحة أكبر و من العلماء من توقف و قال درء المفاسد مقدم على جلب المصالح هذه مفسدة فلا أخرج كل له اجتهاده من اجتهد و كان من أهل العلم و رأى أن مصلحة التعليم أكبر و أن هذه مفسدة مجبورة فهذا اجتهاده و من توقف و قال إن التصوير مفسدة و أنا لا أرتكب مفسدة فله اجتهاده

( متن )

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى :

باب: ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه
وقول الله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا [النحل: 91] .
عن بريدة أن رسول الله ﷺ كان إذا أمَّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً، فقال: اغزوا بسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال - أو خلال- فأيتهن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام فإن هم أجابوك فاقبل منهم، ثم ادعوهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله تعالى، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فاسألهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم. وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل ذمة الله وذمة نبيه، فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمة أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة نبيه. وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك. فإنك لا تدري، أتصيب حكم الله فيهم أم لا؟ رواه مسلم.

ثم قال:

باب: ما جاء في الإقسام على الله
عن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ: قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله : من ذا الذي يتألى عليّ أن لا اغفر لفلان؟ إني قد غفرت له وأحبطت عملك رواه مسلم.
وفي حديث أبي هريرة أن القائل رجل عابد، قال أبو هريرة: تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته.

( شرح )

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :

قال الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد: باب ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه وقول الله تعالى : وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ عن بريدة أن رسول الله ﷺ كان إذا أمَّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً، فقال: اغزوا بسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال - أو خلال- فأيتهن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام فإن هم أجابوك فاقبل منهم، ثم ادعوهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله تعالى، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فاسألهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم. وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل ذمة الله وذمة نبيه، فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمة أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة نبيه. وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك. فإنك لا تدري، أتصيب حكم الله فيهم أم لا؟ رواه مسلم.

هذا الباب باب ما جاء في ذمة الله و ذمة نبيه المقصود بهذه الترجمة : وجوب تعظيم ذمة الله و ذمة نبيه وعدم إخفارهما أي نقضهما والغدر فيهما وجوب تعظيم ذمة الله و ذمة نبيه وعدم إخفارهما أي نقضهما والغدر فيهما.

 وقول الله تعالى : وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا في هذه الآية أمر الله بالوفاء بالعهود والمواثيق وحفظ الأيمان المؤكدة وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا و قوله وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا لا ينافي الأمر بحفظ الأيمان والأمر بالكفارة إذا حنث، لأن المراد بالأيمان هنا الأيمان الداخلة في العهود والمواثيق وليس المراد بها الأيمان التي تُكَفَّر، وإنما المراد الأيمان الداخلة في العهود والمواثيق لا الأيمان التي تحفظ وتُكَفَّر الأيمان التي يحلف فيها الإنسان على شيء من ترك فعل البر و ما أشبهه فهذه هي الأيمان التي يحنث بها و التي يجوز التكفير إذا حنث فيه بل هو مأمور بالحنث فيها  الأيمان غير الداخلة في العهود والمواثيق و الأيمان التي يحنث فيها الإنسان يؤمر بحفظها أما الأيمان التي لم تدخل في العهود  لمواثيق فهذه التي أمر الله بعدم نقضها

وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ توعد على نقضها   وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا ختم العهد و الميثاق و أبرمتم عهدا و ميثاقا و الله كفيل بذلك و لهذا ختم الآية بقوله وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ يعني سيجازيكم على نقضكم الأيمان الداخلة في العهود و المواثيق تهديد ووعيد ختمها بالتهديد و الوعيد دل على أنه لا يجوز نقض الأيمان الداخلة في العهود و المواثيق أما الأيمان التي يحلفها الإنسان بينه وبين أخيه ، كالحلف على ترك بر أو خير فله أن يحنث ويُكَفِّر.

ثم قال المؤلف رحمه الله وعن بُرَيدة بن حصين قال : كان رسول الله ﷺ: "إذا أمّر أميراً على جيش أو سرية" فيه مشروعية تأمير الأمراء على الجيوش والسرايا من قِبَل الإمام ، وفيه مشروعية الجهاد في سبيل الله وإرسال البعوث والسرايا ، وأن إمام المسلمين يبعث البُعُوث ويجيش الجيوش وتنطلق السرايا من الجيوش ويُؤمر الإمام عليهم أمراء على الجيش أمير وعلى السرية أمير يرجعون إليه ويجب على الأمير أن ينصح لهم و يجب عليهم السَمِع و الطاعة ، وكان تشعر بالاستمرارية والدوام . كان  رسول  الله ﷺ "  إذا أمّر أميراً على جيش أو سرية " مشروعية تأمير الأمراء على الجيوش ومشروعية بعث السرايا ومشروعية جهاد الكفار ، نقل العلماء أن الجهاد يجب على الأمة كلها ولو في العام مرة مع القدرة أما الأشخاص الشخص فلا يجب عليه الجهاد إلا في حالات :

الحالة الأولى : إذا دهم العدو  بلداً من بلاد المسلمين ، وَجِبَ عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم ولا يحتاج إذن الوالدين ولا غيرهم ، الرجال والنساء ، فإن لم يندفع العدو وَجب على من حولهم من البلدان  .

الحالة الثانية : أن يستنفر الإمام شخصاً أو أشخاصاً وهنا يكون فرض عين .

الحالة الثانية : أن يقفوا في الصف فليس لنا أن نفر ونخلي إخواننا وهنا يكون فرض كفاية.

 وما عداه سنة ومستحب مُرغب فيه ذروة السنام الجهاد .

أما الأمة عليها أن تجاهد في العام مرة "فمن ترك الغزو غُزو " فإن تركوا غزوا الكفار غزاهم الكفار ، كما هو واقع الآن الكفار غزوا المسلمين و نسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين إلى اتحاد الكلمة  وجمعها وتصحيح العقيدة واجتماع الصف و الكلمة و نسأل الله أن ينصرهم الله على أعدائهم  والمسلمين بحاجة إلى تصحيح العقيدة والتحاكم إلى شرع الله و اتحاد الكلمة.

 كان النبي ﷺ إذا أمَّرَ أميراً على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً ، هنا فيه مشروعية وصية الإمام للجيش أو السرية بتقوى الله واحذر من المعاصي فإن المعاصي التي تصدر  من الجيوش هي سبب تسليط الأعداء عليهم كما قال الله تعالى أفضل جيش و أعظم جيش فيه رسول الله ﷺ أفضل الناس أُصيبوا  كما قال الله تعالى أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إذا كان هذا أفضل جيش وفيه رسول الله ﷺ أفضل الناس يُقال لهم أُصبتم من قبل أنفسكم بسبب معصية و إخفاق الرماة فكيف الحال بغيرهم من باب أولى!

 أوصاه إن أمر أميرا على سرية أو جيش أوصاه بتقوى الله و من معه من المسلمين خيرا هكذا ينبغي الولاة والأمراء في كل زمان و في كل مكان أن يوصوا أمراء الجيوش بتقوى الله.

قال رسول الله ﷺ: اغزوا بسم الله في سبيل الله، وقاتلوا من كفر بالله فيه أن الغزو والقتال لإعلاء كلمة الله ليس الغزو هو قتل الكفار من أجل التشفي بهم ولا من أجل ابتزاز أموالهم ولا من أجل تحرير الأرض ولا من أجل العصبية للدم ولا للعرق ولا للون وإنما هو لإعلاء كلمة الله في سبيل الله لإعلاء كلمة الله كما قال النبي ﷺ في الحديث الآخر عندما سُئِل عن رجل يقاتل شجاعة ورجل يقاتل رياءً ورجل يقاتل حمية ورجل يقاتل ليُرى مكانه ،أيُّ ذلك في سبيل الله ؟ فقال عليه الصلاة والسلام من قاتل لتكون كلمة الله هي العُليا فهو في سبيل الله فلا بد أن يكون القتال لإعلاء كلمة الله ، لذلك قال اغزوا بسم الله مستعينين بالله فيه الاستعانة بالله وذكره كما قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ فلا بد من الإكثار من ذكر الله و لا بد من الاستعانة بالله و الاستعانة باسم الله, فإذن من الفوائد أن الاستعانة بالله و الاستعانة باسم الله و أن الغز و قتال الكفار من أجل إعلاء كلمة الله  لذا قال: اغزوا بسم الله، في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله القتال أمر و العلة قوله من كفر فعندنا حكم و علة الحُكُم : إلقاء الأمر بالقتال العلة : من كفر بالله و القاعدة الأصولية أن تعليق الحكم بوصف مشتق يظهر بالعلية ، فعلق الحكم بالقتال بالكفر ، فدلَّ على أن العلة للقتال الكفر ، القتال لأجل كفرهم وليس لأي شيء آخر نقاتلهم من أجل كفرهم لنخرجهم من الظلمات إلى النور من أجل أن يؤمنوا بالله و رسوله ، لا نقاتل من أجل أموالهم ولا ديارهم ولا من أجل مقاصد أخرى نقاتلهم دفعاً للكفر العلة من القتال هو الكفر تعليق لحكم بوصف مشتق يؤمن بالعلية هذه قاعدة أصولية علق الحكم بغير القتال أمر بالقتال لوصف و هو الكفر و هذا فيه الرد على بعض الكُتَّاب والمعاصرين الذين يقولون إن الجهاد إنما شُرِعَ للدفاع فقط ، هذا باطل ؛ الجهاد شُرَع للدفاع و شُرِعَ أيضا بدءاً وهجوماً ، شرعية الجهاد على ثلاثة مراحل :

المرحلة الأولى : الإذن بالقتال، وهذا بعد الهجرة إلى المدينة وكان الرسول ﷺ ينهاهم عن القتال في مكة ويأمرهم بالصفح فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ، فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ، اصْبِرُوا وَصَابِرُوا أمر الله تعالى نبيه بالصبر والصفح في مكة لأنه ليس لديهم القدرة والقوة وليس هناك جيش فلا يستطيعون مقابلة الكفار فكان يأمرهم بالصفح والصبر فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ، فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ، وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ثم لما هاجر إلى المدينة وتكون الجيش  و صارت البلد بلد إسلام ،جاءت مراحل الجهاد :

المرحلة الأولى: الإذن :أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ هذه المرحلة الأولى الإذن بالقتال فقط والسماح و الإذن والرخصة في مكة ما في رخصة و لا إذن و لا سماح بالجهاد بل أمروا بالعفو و الصفح .

المرحلة الثانية : الأمر بالقتال للدفاع قتال الدفاع عن النفس قتال من قاتل وكفّ عمَّن لا يقاتل وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا إذا اعتزلوكم وتركوكم ليس عليكم أن تقاتلوهم هذه المرحلة الثانية القتال للدفاع قتال من قاتل  الكف عمن لم يقاتل

المرحلة الثالثة : القتال بدءاً وهجومهم ، قتالهم و هو غزوهم في بلادهم  بدءا و هجوما كما في هذا الآية وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ،  وكما قال الله تعالى فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ و قوله تعالى وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً هذه المرحلة الثالثة الأمر بالجهاد بدءا و هجوما و هذا فيه الرد على المعاصرين والكُتَّاب الذين يريدون أن يصانعوا المشركين ويوافقونهم ويتقربوا إليهم أن الجهاد شُرِع للدفاع وليس للهجوم ، والإسلام لا يتشفى ولا يريد الدماء ، الإسلام حينما يغزو المشركين ويقاتلهم هذا فيه خيرٌ لهم لأن من أسلم منهم من أسر و أسلم فهو خير ٌله ، وفي الحديث عجب ربك من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل قال العلماء وفسرها بأن هؤلاء هم الكفار عندما يأسرهم المسلمون، وهم كفار ثم بعد ذلك يرُّد الله عليهم الإسلام ثم بعد ذلك يدخلون الجنة فأُسروا وهم كفار ثم أسلموا فأُدخٍلوا الجنة بالسلاسل ، فنحن  نغزوهم ونقاتلهم وهو خير لهم ، فمن أسلم  تخليصاً له من النار والشرك ، ومن لم يُسٍلم وقُتٍل  هذا تخفيف له من العذاب لأنه لو استمر على كُفرٍه زاد عذابه إذا قُتل خف عذابه ، فالقتال فيه خيراً له لأنه إن أسلم فهو خير له سلم من الكفر و إن قتل صار تخفيفا له لأنه لو طال عمره في الشرك زاد عذابه في النار فإذا قتل خف عذابه فالقتال فيه خير

ولهذا قال النبي ﷺ: قاتلوا من كفر بالله ، ثم قال لهم:  اغزوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً اغزوا أمر بالغزو هذا أمر و ليس بالاستحباب اغزوا، ولا تغلوا فيه  تحريم الغلول و الغلول هو الأخذ من الغنيمة قبل أن تُقَسم هي من السرقة إذا فعلها وكبائر الذنوب قصة العبد الذي مات في غزوة خيبر وقالوا إنه في الجنة ، قال: لا إن القماشة التي غلها وسرقها تشتعل عليه ناراً شملة قطعة قماش أخذها قبل أن تقسم صارت تشتعل عليه نارا أخفاها سرقها من الغنيمة ومثل الغلول :السرقة من بيت المال أو السرقة من أموال جُمِعَت أوقاف أو أعمال خيرية ثم جاء بعض الناس يسرق منها وهذا غلول, وأصله السرقة من الغنيمة.

ولا تغدروا  وأيضا تحريم الغدر حتى للكفار لا يجوز الغدر و لا يجوز نقض العهود وإذا أراد أن يقاتل الكفار ينبذ العهد ويقول لا يوجد بيننا وبينكم الآن عهد وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إذا خفت منهم انبذ إليهم قل ما بيننا بينكم عهد الآن ما بيننا و بينك إلا القتال الآن حتى يكون هو على استعداد و أنت على استعداد أما الغدر فلا يجوز تغدر و بينك و بينه أمان و عهد و ميثاق ثم تهجم عليه و هو غافل على أنه بينك و بينه عهد فهذا غدر لا يجوز ، فلا بد أن تنبذ إليه عهده إذا أردت أن تقاتله.

اغزوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا تحريم التمثيل , التمثيل هو قطع بعض أطراف الميت إذا قُتل من المشركين يُقطع الأذن والأنف والأصابع واليدين والخصيتين مثلاً و الأذنين تمثيل أو شق البطن هذا التمثيل وهذا لا يجوز الرسول ﷺ نهى عنه.

اغزوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً الأولاد لا يُقتلون لأنهم لا يُقاتلون ومثلهم النساء كما جاء في الحديث أن النبي ﷺ رأى امرأة مقتولة في السبي فنهى عن قتل النساء؛ فالنساء والأولاد والشيخ الفاني لا يُقتلون ،وكذلك الراهب أو العابد لأنه ليس له تأثير في القتال ، وإذا كان أحد المذكورين له تأثير في القتال يُقتل ،فإذا شارك الصبي من الكفار في القتال يُقتل ، أو إذا شاركت المرأة أو كان الشيخ شيخ فانٍ ولكن له تدبير في الحروب له رأي  وله تجربة ومُدَّبّر حروب وجيوش و بلغ من الكبر عتيا و عمي و يحمل و يشال في الهودج لكن له تأثير إذ نزل على الأرض يدبر الحروب و الجيوش هذا يقتل له تأثير في الحرب أما إذا كان شيخ فإنه لا يقتل و كذلك الراهب في صومعته لا يقتل و الصبي و المرأة لا يقتلون.

اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال الخلال و الخصال بمعنى واحد  وهذه الخصال بينها في الحديث هي الإسلام و الجزية والقتال.

في قوله إذا لقيت عدوك من المشركين احتج به الإمام مالك أن الجزية تُؤخذ من جميع أنواع الكفرة من العرب وغير العرب كتابي و غير كتابي قال إذا لقيت عدوك من المشركين اليهودي مشرك و النصراني مشرك إذا لقيت عدوك من المشركين فادعوه إلى ثلاث خصال الإسلام و الجزية و القتال و ذهب الإمام الشافعي رحمه الله والجمهور إلى أن هذا العموم مخصص في الآيات الكريمة مخصص لأهل الكتاب وأن الجزية لا تُؤخذ إلا من أهل الكتاب ،يقول الله تعالى قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ فخص أخذ الجزية من أهل الكتاب ،ودلت السُّنة على إلحاق المجوس أيضاً ، وأنها تؤخذ منهم الجزية لقول النبي ﷺ سُنّوا بهم سِنَّة أهل الكتاب فالجمهور الشافعية و الحنابلة و غيرهم ذهبوا إلى أنها خاصة لأهل الكتاب فتكون مخصصة بهذا الحديث أما الإمام مالك فقال إنه عام تؤخذ الجزية من أهل الكتاب وغيرهم أخذاً بعموم الحديث ، والإمام ابن حنيفة قال إنها تؤخذ الجزية من كل أحد إلا من العرب المشركين العرب لا تؤخذ منهم لا يقبل إلا الإسلام أو السيف المشركون العرب سواء أهل الكتاب أو غير أهل الكتاب  والصواب تخصيص و فيه دليل على أن القرآن يُخصص السُنَّة ، والسُنَّة تُخصص القرآن ،الحديث عام جاءت السُنَّة وخصصته أخرجت من هذا العموم لأهل الكتاب ، أما غير أهل الكتاب فيخيرون بين شيئين الإسلام أو السيف ، ( الوثنيون) يخيرون بين الإسلام و السيف.

وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال - أو خلال- فأيتهن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام كلمة ثم جاءت في صحيح مسلم وفي سنن أبي داود ليس فيه ثم والصواب حذفه ما له معنى ثم هنا الصواب حذف ثم ادعهم إلى الإسلام.

ثلاث خصال أو خلال ثم بدأ بها قال ادعهم إلى الإسلام كلمة ثم جاءت في صحيح مسلم لكن في سنن أبي داود سقطت و الصواب سقوطها ادعهم إلى الإسلام فإن هم أجابوك فاقبل منهم، ثم ادعوهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين هذا فيه دليل على وجوب الهجرة , الهجرة هي الأمر بالهجرة و هذا بعد فتح مكة فيه دليل على أن الهجرة  ليست واجبة من مكة إلى المدينة و إنما الهجرة باقية من بلد الشرك إلى بلد الإسلام فإذا تحولوا من دارهم دار المهاجرين صار لهم ماللمهاجرين و حال المهاجرين فإن هم أبوا أن يتحولوا من دارهم إلى دار المهاجرين أبوا أن يتحولوا من بلدانهم فإنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري فيهم حكم الله ولا يكون لهم في الغيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإذا أسلموا يأمرهم بالتحول إلى دار المسلمين إن استجابوا صار لهم ماللمهاجرين حال المهاجرين فإن أبو فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله تعالى، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا هذا دلَّ على أن الهجرة ليست واجبة بعد فتح مكة ، ولكنها باقية من بلد الشرك إلى بلد الإسلام ، فإن هم أبوا الإسلام فاسألهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكُفَّ عنهم يدفعوا الجزية فإن هم أبوا دفع الجزية فاستعن بالله وقاتلهم 

وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل ذمة الله وذمة نبيه، فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمة أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة نبيه.  تُخفروا أي تنقضوا العهد والذمة من أخفر يخفر بمعنى نقض العهد و النقض هو الغدر أما خفر الثلاثي خفر يخفر بمعنى صان و حمى فالكلمة الآن الفرق بينها زيادة همزة إن زدت الهمزة صار معناها الغدر و نقض العهد و إذا حذفت الهمزة  صار معناها الصيانة و حفظ العهد فإنكم أن تخفروا إخفار العهد هو نقض العهد أما خفر يخفر بمعنى صان العهد فالثلاثي خفر يخفر بمعنى صان عهده و حفظه أما الرباعي إذا زدت الهمزة أخفر يخفر بمعنى نقض عهده و غدر به فالرسول ﷺ قال إذا حاصرت أهل حصن وقالوا لك انزل على ذمة الله وذمة نبيه فلا تعطهم ذمة الله وذمة نبيه ، وإنما أعطهم ذمتك وذمة أصحابك ، والسبب لو أن أحدا من الجيش نقض العهد كونه ينقض عهدك وعهد أصحابك أهون من أن ينقض عهد الله وعهد نبيه ، فيه ارتكاب أخف الضررين فيه دليل على ارتكاب أخف الضررين و دليل القاعدة المشهورة أنه إذا وُجِدَ مفسدتان لا يمكن تركهما ، فإنها تُرتكب المفسدة الصُغرى لدفع الكبرى ، وإذا وُجِد مصلحتان  لا يمكن فعلهما فإننا نفعل المصلحة الكبرى وإن ضاعت الصُغرى ، ولهذا قال النبي ﷺ وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل ذمة الله وذمة نبيه، فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك ثم بين العلة فقال فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمة أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة نبيه  أن تُخفروا أن مصدر تؤول مع الفعل مصدر و التقدير فإن إخفار ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تُغفَر ذمة الله وذمة نبيه تخفر تؤول أن المصدرية مع الفعل فإن إخفار ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تُخفَر ذمة الله وذمة نبيه و هذا فيه دليل ارتكاب أخف الضررين و دفع أعلى المفسدتين و ارتكاب أعلى المصلحتين إذا لم يمكن فعلهما و كذلك إذا لم يمكن دفع المفسدتين.

ثم قال: وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم، ولكن أنزلهم على حُكمِك فإنك لا تدري أتصيب فيهم حُكُمَ الله أم لا؟ رواه مسلم  وهذا فيه دليل على أنه إذا حاصر حصن و أرادوه أن ينزلهم على حكم الله فلا ينزلهم و ينزلهم على حكمه و حكم أصحابه فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا فيه دليل على أن المصيب واحد في المسائل الاجتهادية في دليل على القاعدة الأصولية أن المصيب واحد وأن الحق واحد لا يتعدد ، فإذا كان هناك مسألة لا يعرف الإنسان حكمها الشرعي يجتهد يصيب واحد والباقي مخطؤون ، لكن إن اجتهد فأصاب فله أجران ،وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد ، وفيه دليل أن الصحابي قد يحكم في مسألة و لا يدري  أيصيب حكم الله أم لا .

وفيه من الفوائد كما استنبط المؤلف رحمه الله الفرق بين ذمة الله وذمة نبيه و ذمة المسلمين وفيه أن الغزو يكون لإعلاء كلمة الله وأن المسلمين مستعينين بسم الله في سبيل الله ، وفيه أيضا أن العلة في الغزو الكفر قاتلوا من كفر بالله وفيه الفرق بين حكم العلماء وحكم الله ورسوله لما قال لا تدري أتصيب حكم الله أم لا و فيه أن الصحابي قد يحكم في مسألة لا يدري أيصيب حكم الله أم لا .

أما الباب باب: ما جاء في الإقسام على الله
عن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ: قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله : من ذا الذي يتألى عليّ أن لا اغفر لفلان؟ إني قد غفرت له وأحبطت عملك رواه مسلم. وفي حديث أبي هريرة أن القائل رجل عابد، قال أبو هريرة: تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته.

هذا الباب باب ما جاء في الإقسام على الله المقصود من الترجمة : بيان ما جاء في الإقسام على الله من الوعيد  لما فيه من إساءة الظن بالله ، والتحجر على رحمة الله ، والتألي على الله والجرأة عليه المقصود من الترجمة بيان ما جاء في الإقسام من الوعيد لما فيه من التحجر لرحمة الله و الجرأة عليه و التحجر عليه و إساءة الظن بالله و ذكر المؤلف حديث  جُندب بن عبد الله قال : قال رسول الله ﷺ: قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله : من ذا الذي يتألى عليّ أن لا اغفر لفلان؟ إني قد غفرت له وأحبطت عملك  التألي هو الحلف ، الألية الحلف ، قليل الألايا- قليل الحلف و في هذا الحديث عندما  قال رجل : والله لا يغفر الله لفلان تحجر على الله تحجر رحمة الله و تألى على الله وحلف على الله فقال الله تعالى من ذا الذي يتألى عليّ ألا أغفر لفلان؟ إني قد غفرت له وأحبطت عملك

هذا حديث قدسي ، ذُكٍرَ في الحديث أن الله غفر لذلك الرجل وأحبط عمل القائل ، وجاء في سنن أبي داود أن هناك رجلان من بني إسرائيل أحدهما عابد والآخر عاصي ، فكان العابد يأتي إلى العاصي المذنب ينصحه يقول له : اتق الله واترك المعصية ، فيأتي إليه مرة ثانية ويقول : اتق الله واترك المعصية وينصحه والمذنب مقيم على معصيته ، فأتاه يوما وقال : اتق الله واترك المعصية ، فغضب العاصي  وقال : خلني وربي  أبُعثتَ عليَّ رقيباً لا شأن لك بي اتركني و ربي مالك دعوة في فغضب العابد وقال : والله لا يغفر الله لك أو لا يدخلك الجنة، فاجتمعا عند رب العالمين، فقال الله تعالى: أكنت عليَّ قادراً؟ أكنت بي عالماً؟ أو على ما في يديَّ قادراً ؟ وقال للمذنب: ادخل إلى الجنة برحمتي، وقال للعابد: اذهبوا به إلى النار

قال أبو هريرة: "تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته " اذهبت دنياه و آخرته, قال الله للمذنب: ادخل الجنة برحمتي، وقال للعابد: اذهبوا به إلى النار

هذا فيه من الفوائد كما استنبط المؤلف رحمه الله : تحريم التألي على الله و الإقسام عليه لما فيه من التحجر والجرأة على الله وإساءة الظن به ، وفيه أن النار أقرب إلى الإنسان من  شراك نعله ، وأن الجنة كذلك ،كلمة واحدة تكلم فيها أدخلته النار ، إذن قريبة النار وليست بعيدة ، والجنة بعيدة ما بينها وبين الإنسان إلا أن يقولوا فلان مات ، فإذا مات على التوحيد نُقٍلَت إلى الجنة ، وإذا مات تذهب للنار, وفيه من الفوائد إن الرجل يتكلم بالكلمة يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب ، وفي لفظ آخر إن الرجل يتكلم كلمة لا يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله بها سخطه  ، وفي حديث معاذ أن النبي ﷺ قال : أمسك عليك لسانك كف عليك هذا  فقال معاذ: يارسول، أئننا لمؤاخذون لما نتكلم به قال الرسول ﷺ:  ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله  " ما أحق بطول سجن من لسان " يعني اللسان أحق من يسجن ، يُسجَن ولا يتكلم ويُخزن  ، وجعل الله بينك وبينه حواجز ( الشفتين ، الأسنان ) كلها تمنع من الكلام ، فينبغي أن يُسجَن لسان.

 والكلام له ثلاثة أحوال :

الحالة الأولى : ما تبينت في مصلحته  هذا يتكلم فيه الإنسان .

الحالة الثانية : ما تبينت مضرته هذا يمسك .

الحالة الثالثة : ما لم تتبين به لا مصلحة ولا مضرة وهنا الإنسان مُخير .

و لهذا قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله  " ما أحق بطول سجن من لسان "

المؤلف يقول إن هذا الحديث فيه شاهد لحديث إن الرجل يتكلم بكلمة لا يظن أن تبلغ ما بلغت يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب لأن هذا الرجل العابد قال والله لا يغفر الله لك فدخل النار بهذه الكلمة؛ لأنه تحجر وتجرأ على الله ومنع هذا الشخص رحمة الله وهذا ليس لك ؟ كيف تتحجر على الله ورحمته ؟ كيف تحلف على الله أنه لا يغفر لفلان ؟ كيف تتجرأ على الله قال أبو هريرة تكلم بكلمة أذهبت دنياه وآخرته. و فيه إطلاق الكلمة على الجمل.

فالواجب الحذر من فلاتة اللسان ، وهذا الإقسام على الله و التحجر على الله فيه سوء الظن بالله فظن أن الله لا يغفر لهذا العاصي ولا يرحمه ولا يدخله الجنة ، وفيه من الفوائد أن الإنسان قد يدخل الجنة بسبب هو من أكره الأمور إليه ، فهذا العاصي دخل الجنة بسبب أن هذا الذي دعاه وهو يكرهه ، وهو يكره لما دعاه اترك المعصية يكره هذا فلما قال له والله لا يغفر الله لك هو يكره  النصيحة فأصبحت هذه النصيحة سبب لدخول الجنة.

  هناك إقسام على الله من باب إحسان الظن بالله كقوله ﷺ رُبَّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب، ذو طمرين؛ لو أقسم على الله لأبره و من ذلك أن سعد بن أبي وقاص كان مُستجاب الدعوة  وكان يُقسٍم على الله ، فإذا التقت الصفوف وقابلوا الكفار قالوا يا سعد أقسم على ربك أن ينصرنا على أعدائنا ، فيُقسِم على الله فينصرون ، وهو الذي هزم الفرس و الروم ، هذا من باب إحسان الظن بالله ، ومن ذلك قصة الرُبَيّع أخت أنس أنها كسرت ثنية جارية ، ثنية امرأة متعمدة فرفع أهلها الحُكُم إلى النبي ﷺ فأمر ﷺ أن يُقتَص من الرُبَيّع وتُكسَر ثنيتها ، قصاصاً فجاء أنس وقال يا رسول الله : أتُكسَر ثنية الرُبَيّع ؟ قال النبي ﷺ: كتاب الله القصاص فقال يا رسول الله : والله لا تُكسَر ثنيتها فقال النبي :ﷺ يا أنس، كتاب الله القِصاص فقال يا رسول الله : والله لا تُكسَر ثنيتها ، فالله ليَّنَ قلوب أهل الجارية فعَفَوُ ، وأخذوا الديَّة ، قال النبي ﷺ: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبَرَه وهذا إقسام من باب حُسِن الظن بالله لا من باب التحجر  و التألي على الله ،الأول الإقسام على الله الممنوع لأنه فيه إساءة الظن بالله و تحجر على الله رحمته أما الثاني  من باب إحسان الظن بالله ، والمؤمن مأمور بحُسِن الظن بالله الأول من باب إساءة الظن بالله والثاني إحسان الظن بالله لأن ما فيه منع لرحمة الله ليس فيه تحجر على الله أو جرأة ، ولهذا قال النبي ﷺ: رُبَّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب، ذو طمرين؛ لو أقسم على الله لأبره يعني ليس له مكاناً أشعث شعره لا يدهنه و لا يكده لا يُسَّرح الشعر أغبر ثيابه ليست نظيفة لِفقره مدفوع بالأبواب لا يُقبل وليس له مكان في المجتمع ولكنه له مكانة عند الله بسبب عمله الصالح لو أقسم على الله لأبرَّ الله قَسَمَه هذه حاله عند الناس لا قيمة له لكن له قيمة عند الله لو أقسم على الله لأبر الله قسمه لكرامته ولمنزلته عند الله ، وإخلاصه ، وتوحيده ،وصدقه مع الله واستقامته على أمر الله ،ووقوفه عند حدود الله ، ولهذا لو أقسم على الله لأبره.

و من ذلك قصة أنس لما أقسم على الله أن لا تكسر ثنية الربيع فأبر الله قسمه فعفى أهلها جعل الله في قلوبهم أن يعفوا وفرق بين الإقسام على الله وفيه تحجر وجرأة على الله وسوء ظن به ، و الإقسام على الله من باب الثقة بالله وحسن الظن ، ومع ذلك ينبغي للإنسان أن يتأنى حتى لو كان يرى أنه أهل لذلك فلا ينبغي أن يتسرع قبل القسم حتى لو كان  يرى نفسه أهلا لذلك من باب أن يُقسم على الله في أمرٍ بعد التأمل  والتروي والتأكد حتى لا تزل فيه القدم .

( سؤال )

( 32:26 )

( جواب )

و لذلك قال أبو هريرة تعليقا عليه أوبقت دنياه و آخرته حبط عمله و هو كافر كما قال تعالى وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ، وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ و لهذا قيل أن ترك الصلاة كفر أخذا من حديث البخاري الذي رواه ابن حصين من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله ومن يحبط عمله كافر فهذه من أقوى الأدلة على أن ترك الصلاة كفر و لو لم يكن جحدا لوجوبها .

( سؤال )

( 33:10 )

( جواب )

نعم تخصيص السنة بالكتاب و تخصيص الكتاب بالسنة هذا ثابت و هذا ثابت هذا له أدلة و هذا له أدلة و السنة تخصص الكتاب و الكتاب يخصص السنة .

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد